আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ذكر عمره - صلى الله عليه وسلم - وقت بعثته

ذكر عمره - صلى الله عليه وسلم - وقت بعثته

পৃষ্ঠা - ১৭২০
[ذِكْرُ عُمُرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقْتَ بِعْثَتِهِ] ِ وَتَارِيخِهَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَقُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيلُ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَكَانَ يُعَلِّمُهُ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ، وَلَمْ يَنْزِلِ الْقُرْآنُ، فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاثُ سِنِينَ قُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيلُ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ عِشْرِينَ سَنَةً، عَشْرًا بِمَكَّةَ، وَعَشْرًا بِالْمَدِينَةِ، فَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. فَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى الشَّعْبِيِّ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ إِسْرَافِيلَ قُرِنَ مَعَهُ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ. وَأَمَّا الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ: وَحَدِيثُ عَائِشَةَ لَا يُنَافِي هَذَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ أَمْرِهِ الرُّؤْيَا، ثُمَّ وُكِّلَ بِهِ إِسْرَافِيلُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ يَخْلُو فِيهَا بِحِرَاءٍ، فَكَانَ يُلْقِي إِلَيْهِ الْكَلِمَةَ بِسُرْعَةٍ، وَلَا يُقِيمُ مَعَهُ ; تَدْرِيجًا لَهُ وَتَمْرِينًا إِلَى أَنْ جَاءَهُ جِبْرِيلُ، فَعَلَّمَهُ بَعْدَمَا غَطَّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَحَكَتْ عَائِشَةُ مَا جَرَى لَهُ مَعَ جِبْرِيلَ، وَلَمْ تَحْكِ مَا جَرَى لَهُ مَعَ إِسْرَافِيلَ اخْتِصَارًا لِلْحَدِيثِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ وَقَفَتْ عَلَى قِصَّةِ إِسْرَافِيلَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ
পৃষ্ঠা - ১৭২১
عَبَّاسٍ: أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرًا، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَهَكَذَا رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ثُمَّ رَوَى أَحْمَدُ عَنْ غُنْدَرٍ وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنْبَأَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، سَبْعَ سِنِينَ يَرَى الضَّوْءَ، وَيَسْمَعُ الصَّوْتَ، وَثَمَانِيَ سِنِينَ يُوحَى إِلَيْهِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ» قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرَى عَجَائِبَ قَبْلَ بِعْثَتِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ» انْتَهَى كَلَامُهُ. وَإِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ الْخَلَاءَ وَالِانْفِرَادَ عَنْ قَوْمِهِ؛ لِمَا يَرَاهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الضَّلَالِ الْمُبِينِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَالسُّجُودِ لِلْأَصْنَامِ، وَقَوِيَتْ مَحَبَّتُهُ
পৃষ্ঠা - ১৭২২
لِلْخَلْوَةِ عِنْدَ مُقَارَبَةِ إِيحَاءِ اللَّهِ إِلَيْهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ. وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ - قَالَ وَكَانَ وَاعِيَةً - عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ إِلَى حِرَاءٍ، فِي كُلِّ عَامٍ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ يَتَنَسَّكُ فِيهِ وَكَانَ مِنْ نُسُكِ قُرَيْشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُطْعِمُ مَنْ جَاءَهُ مِنَ الْمَسَاكِينِ، حَتَّى إِذَا انْصَرَفَ مِنْ مُجَاوَرَتِهِ، لَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهُ حَتَّى يَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ. وَهَكَذَا رَوَى عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ مِثْلَ ذَلِكَ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ مِنْ عَادَةِ الْمُتَعَبِّدِينَ فِي قُرَيْشٍ أَنَّهُمْ يُجَاوِرُونَ فِي حِرَاءٍ لِلْعِبَادَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو طَالِبٍ فِي قَصِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ: وَثَوْرٍ وَمَنْ أَرْسَى ثَبِيرًا مَكَانَهُ ... وَرَاقٍ لِبِرٍّ فِي حِرَاءٍ وَنَازِلِ هَكَذَا صَوَّبَهُ عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْبَيْتِ، كَمَا ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ وَأَبُو شَامَةَ
পৃষ্ঠা - ১৭২৩
وَشَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ. وَقَدْ تَصَحَّفَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَقَالَ فِيهِ: وَرَاقٍ لِيَرْقَى فِي حِرَاءٍ وَنَازِلِ وَهَذَا رَكِيكٌ وَمُخَالِفٌ لِلصَّوَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَحِرَاءٌ، يُقْصَرُ وَيُمَدُّ، وَيُصْرَفُ وَيُمْنَعُ، وَهُوَ جَبَلٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ عَلَى ثَلَاثِ أَمْيَالٍ مِنْهَا، عَنْ يَسَارِ الْمَارِّ إِلَى مِنًى، لَهُ قُلَّةٌ مُشْرِفَةٌ عَلَى الْكَعْبَةِ مُنْحَنِيَةٌ، وَالْغَارُ فِي تِلْكَ الْحَنْيَةِ. وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ فَلَا وَرَبِّ الْآمِنَاتِ الْقُطَّنِ ... وَرَبِّ رُكْنٍ مِنْ حِرَاءٍ مُنْحَنِي وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: وَالتَّحَنُّثُ التَّعَبُّدُ. تَفْسِيرٌ بِالْمَعْنَى، وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ التَّحَنُّثِ مِنْ حَيْثُ الْبِنْيَةِ، فِيمَا قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ: الدُّخُولُ فِي الْحِنْثِ، وَلَكِنْ سُمِعَتْ أَلْفَاظٌ قَلِيلَةٌ فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهَا الْخُرُوجُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَتَحَنَّثَ أَيْ خَرَجَ مِنَ الْحِنْثِ، وَتَحَوَّبَ، وَتَحَرَّجَ، وَتَأَثَّمَ، وَتَهَجَّدَ وَهُوَ تَرْكُ الْهُجُودِ، وَهُوَ النَّوْمُ
পৃষ্ঠা - ১৭২৪
لِلصَّلَاةِ، وَتَنَجَّسَ وَتَقَذَّرَ أَوْرَدَهَا أَبُو شَامَةَ. وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ عَنْ قَوْلِهِ: يَتَحَنَّثُ أَيْ يَتَعَبَّدُ. فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ هَذَا، إِنَّمَا هُوَ يَتَحَنَّفُ، مِنَ الْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: التَّحَنُّثُ، وَالتَّحَنُّفُ. يُبْدِلُونَ الْفَاءَ مِنَ الثَّاءِ، كَمَا قَالُوا: جَدَثَ، وَجَدَفَ. كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ: لَوْ كَانَ أَحْجَارِي مَعَ الْأَجْدَافِ يُرِيدُ الْأَجْدَاثَ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: " فُمَّ ". فِي مَوْضِعِ " ثُمَّ ". قُلْتُ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفُومِهَا} [البقرة: 61] أَنَّ الْمُرَادَ ثُومُهَا. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعَبُّدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَبْلَ الْبَعْثَةِ، هَلْ كَانَ عَلَى شَرْعٍ أَمْ لَا؟ وَمَا ذَلِكَ الشَّرْعُ؟ فَقِيلَ: شَرْعُ نُوحٍ. وَقِيلَ: شَرْعُ إِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ الْأَقْوَى. وَقِيلَ: مُوسَى. وَقِيلَ: عِيسَى. وَقِيلَ: كُلُّ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَرْعٌ عِنْدَهُ اتَّبَعَهُ وَعَمِلَ بِهِ. وَلِبَسْطِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَمُنَاسَبَاتِهَا مَوَاضِعُ أُخَرُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ بِغَارِ حِرَاءٍ. أَيْ جَاءَ بَغْتَةً عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ،
পৃষ্ঠা - ১৭২৫
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [القصص: 86] الْآيَةَ. [الْقَصَصِ: 86] وَقَدْ كَانَ نُزُولُ صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ، وَهِيَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1] وَهِيَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ كَمَا قَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي " التَّفْسِيرِ "، وَكَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، كَمَا ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، فَقَالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَنُبِّئَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ. وَهَكَذَا قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أُوحِيَ إِلَيْهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَهُمْ. ثُمَّ قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ أَنَّهُ وُلِدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَفِيهِ بُعِثَ، وَفِيهِ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ بُعِثَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ مُسْتَدِلًّا عَلَى ذَلِكَ بِمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
পৃষ্ঠা - ১৭২৬
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ} [البقرة: 185] فَقِيلَ: فِي ثَانِي عَشْرِهِ. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ ابْتِدَاءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ. وَقِيلَ: فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ أَبُو الْعَوَّامِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لَسْتٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ. وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي " تَفْسِيرِهِ " عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إِلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. وَأَمَّا قَوْلُ جِبْرِيلَ: اقْرَأْ. فَقَالَ: " مَا أَنَا بِقَارِئٍ ". فَالصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ: " مَا أَنَا بِقَارِئٍ " نَفْيٌ، أَيْ لَسْتُ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ. وَمِمَّنْ رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَقَبْلَهُ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ. فَقَوْلُهُ بَعِيدٌ ; لِأَنَّ الْبَاءَ لَا تُزَادُ فِي الْإِثْبَاتِ. وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ رِوَايَةُ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ
পৃষ্ঠা - ১৭২৭
أَبِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ خَائِفٌ يُرْعَدُ: " مَا قَرَأْتُ كِتَابًا قَطُّ، وَلَا أُحْسِنُهُ، وَمَا أَكْتُبُ، وَمَا أَقْرَأُ. فَأَخَذَهُ جِبْرِيلُ، فَغَتَّهُ غَتًّا شَدِيدًا، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا أَرَى شَيْئًا أَقْرَأُهُ، وَمَا أَكْتُبُ. يُرْوَى: " فَغَطَّنِي " كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ ". وَ " غَتَّنِي ". وَيُرْوَى " قَدْ غَتَّنِي " أَيْ خَنَقَنِي " حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ " يُرْوَى بِضَمِّ الْجِيمِ، وَفَتْحِهَا، وَبِالنَّصْبِ، وَبِالرَّفْعِ، وَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ ثَلَاثًا. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ ; لِيَبْلُوَ صَبْرَهُ، وَيُحْسِنَ تَأْدِيبَهُ، فَيَرْتَاضَ لِاحْتِمَالِ مَا كَلَّفَهُ بِهِ مِنْ أَعْبَاءِ النُّبُوَّةِ وَلِذَلِكَ كَانَ يَعْتَرِيهِ مِثْلُ حَالِ الْمَحْمُومِ وَتَأْخُذُهُ الرُّحَضَاءُ أَيِ الْبُهْرُ وَالْعَرَقُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأُمُورٍ مِنْهَا ; أَنْ يَسْتَيْقِظَ لِعَظَمَةِ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ، بَعْدَ هَذَا الصَّنِيعِ الْمُشِقِّ عَلَى النُّفُوسِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5] وَلِهَذَا كَانَ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، إِذَا جَاءَهُ الْوَحْيُ يَحْمَرُّ وَجْهُهُ، وَيَغِطُّ كَمَا يَغِطُّ الْبَكْرُ مِنَ الْإِبِلِ، وَيَتَفَصَّدُ جَبِينُهُ عَرَقًا فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ. وَقَوْلُهُ: فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى خَدِيجَةَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ. وَفِي
পৃষ্ঠা - ১৭২৮
رِوَايَةٍ: بَوَادِرُهُ، جَمْعُ بَادِرَةٍ. قَالَ أَبُو عَبِيدٍ: وَهِيَ لَحْمَةٌ بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ عُرُوقٌ تَضْطَّرِبُ عِنْدَ الْفَزَعِ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: تَرْجُفُ بَآدِلُهُ. وَاحِدَتُهَا بَادِلَةٌ. وَقِيلَ: بَادِلٌ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعُنُقِ وَالتَّرْقُوَةِ. وَقِيلَ: أَصِلُ الثَّدْيِ. وَقِيلَ: لَحْمُ الثَّدْيَيْنِ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. فَقَالَ: " زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي ". فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، قَالَ لِخَدِيجَةَ: " مَالِي؟ أَيُّ شَيْءٍ عَرَضَ لِي؟ " وَأَخْبَرَهَا مَا كَانَ مِنَ الْأَمْرِ، ثُمَّ قَالَ: " لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ". وَذَلِكَ لِأَنَّهُ شَاهَدَ أَمْرًا لَمْ يَعْهَدْهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَا كَانَ فِي خَلَدِهِ. وَلِهَذَا قَالَتْ خَدِيجَةُ: أَبْشِرْ، كَلَّا وَاللَّهِ، لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا. قِيلَ: مِنَ الْخِزْيِ. وَقِيلَ: مِنَ الْحُزْنِ. وَهَذَا لِعِلْمِهَا بِمَا أَجْرَى اللَّهُ بِهِ جَمِيلَ الْعَوَائِدِ فِي خُلُقِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِصِفَاتِ الْخَيْرِ لَا يُخْزَى فِي الدُّنْيَا، وَلَا فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ ذَكَرَتْ لَهُ مِنْ صِفَاتِهِ الْجَلِيلَةِ، مَا كَانَ مِنْ سَجَايَاهُ الْحَسَنَةِ، فَقَالَتْ: إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَقَدْ كَانَ مَشْهُورًا بِذَلِكَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُوَافِقِ وَالْمُفَارِقِ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ: أَيْ عَنْ غَيْرِكَ، تُعْطِي صَاحِبَ الْعَيْلَةِ مَا يُرِيحُهُ مِنْ ثِقَلِ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ. وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ. أَيْ تَسْبِقُ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ، فَتُبَادِرُ إِلَى إِعْطَاءِ الْفَقِيرِ، فَتَكْسِبُ حَسَنَتَهُ قَبْلَ غَيْرِكَ، وَيُسَمَّى الْفَقِيرُ
পৃষ্ঠা - ১৭২৯
مَعْدُومًا ; لِأَنَّ حَيَاتَهُ نَاقِصَةٌ، فَوُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ مَنْ مَاتَ فَاسْتَرَاحَ ... بِمَيْتٍ إِنَّمَا الْمَيْتُ مَيِّتُ الْأَحْيَاءِ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ التِّهَامِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي " شَرْحِ مُسْلِمٍ " عُدَّ ذَا الْفَقْرِ مَيِّتًا وَكِسَاهُ ... كَفَنًا بَالِيًا وَمَأْوَاهُ قَبْرَا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الصَّوَابُ: وَتُكْسِبُ الْمُعْدَمَ. أَيْ تَبْذُلُ إِلَيْهِ، أَوْ يَكُونُ: وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ. تُعْطِيهِ مَالًا يَعِيشُ بِهِ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْدُومِ هَاهُنَا الْمَالُ الْمُعْطَى، أَيْ يُعْطِي الْمَالَ لِمَنْ هُوَ عَادِمُهُ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُرَادَ أَنَّكَ تَكْسَبُ بِاتَّجَارِكَ الْمَالَ الْمَعْدُومَ أَوِ النَّفِيسَ الْقَلِيلَ النَّظِيرِ، فَقَدْ أَبْعَدَ النُّجْعَةَ، وَأَغْرَقَ فِي النَّزْعِ، وَتَكَلَّفَ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ ; فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُمْدَحُ بِهِ غَالِبًا، وَقَدْ ضَعَّفَ هَذَا الْقَوْلَ عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَقْرِي الضَّيْفَ أَيْ تُكْرِمُهُ فِي تَقْدِيمِ قِرَاهُ، وَإِحْسَانِ مَأْوَاهُ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. وَيُرْوَى: الْخَيْرِ. أَيْ إِذَا وَقَعَتْ نَائِبَةٌ لِأَحَدٍ فِي خَيْرٍ أَعَنْتَ فِيهَا، وَقُمْتَ مَعَ صَاحِبِهَا حَتَّى يَجِدَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَوَامًا مِنْ عَيْشٍ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أَخَذَتْهُ فَانْطَلَقَتْ بِهِ إِلَى ابْنِ عَمِّهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ وَكَانَ شَيْخًا
পৃষ্ঠা - ১৭৩০
كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ. وَقَدْ قَدَّمْنَا طَرَفًا مِنْ خَبَرِهِ مَعَ ذِكْرِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَأَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَفَارَقَهُمْ وَارْتَحَلَ إِلَى الشَّامِ، هُوَ وَزَيْدُ بْنُ عَمْرٍو وَعُثْمَانُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فَتَنَصَّرُوا كُلُّهُمْ ; لِأَنَّهُمْ وَجَدُوهُ أَقْرَبَ الْأَدْيَانِ - إِذْ ذَاكَ - إِلَى الْحَقِّ، إِلَّا زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَإِنَّهُ رَأَى فِيهِ دَخَلًا وَتَخْبِيطًا، وَتَبْدِيلًا، وَتَحْرِيفًا، وَتَأْوِيلًا، فَأَبَتْ فِطْرَتُهُ الدُّخُولَ فِيهِ أَيْضًا، وَبَشَّرُوهُ الْأَحْبَارُ وَالرُّهْبَانُ بِوُجُودِ نَبِيٍّ، قَدْ أَزِفَ زَمَانُهُ، وَاقْتَرَبَ أَوَانُهُ، فَرَجَعَ يَتَطَلَّبُ ذَلِكَ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى فِطْرَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، لَكِنِ اخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ الْبِعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، وَأَدْرَكَهَا وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَكَانَ يَتَوَسَّمُهَا فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَدَّمْنَا، بِمَا كَانَتْ خَدِيجَةُ تَنْعَتُهُ لَهُ وَتَصِفُهُ لَهُ، وَمَا هُوَ مُنْطَوٍ عَلَيْهِ مِنَ الصِّفَاتِ الطَّاهِرَةِ الْجَمِيلَةِ، وَمَا ظَهَرَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّلَائِلِ وَالْآيَاتِ، وَلِهَذَا لَمَّا وَقَعَ مَا وَقَعَ، أَخَذَتْ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَاءَتْ بِهِ إِلَيْهِ، فَوَقَفَتْ بِهِ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. فَلَمَّا قَصَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرَ مَا رَأَى، قَالَ وَرَقَةُ: سُبُّوحٌ سُبُّوحٌ، هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى وَلَمْ يَذْكُرْ عِيسَى، وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا بَعْدَ مُوسَى ; لِأَنَّهُ كَانَتْ شَرِيعَتُهُ مُتَمِّمَةً وَمُكَمِّلَةً لِشَرِيعَةِ مُوسَى، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَنَسَخَتْ بَعْضَهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، كَمَا قَالَ {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 50] وَقَوْلُ وَرَقَةَ هَذَا كَمَا قَالَتِ الْجِنُّ:
পৃষ্ঠা - ১৭৩১
{يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأحقاف: 30] ثُمَّ قَالَ وَرَقَةُ: يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، أَيْ يَا لَيْتَنِي أَكُونُ الْيَوْمَ شَابًّا، مُتَمَكِّنًا مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. يَعْنِي: حَتَّى أُخْرَجَ مَعَكَ، وَأَنْصُرَكَ، فَعِنْدَهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ» ؟ ! قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ فِرَاقَ الْوَطَنِ شَدِيدٌ عَلَى النُّفُوسِ. «فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. أَيْ ; أَنْصُرْكَ نَصْرًا عَزِيزًا أَبَدًا» . وَقَوْلُهُ: ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ. أَيْ: تُوُفِّيَ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِقَلِيلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا الَّذِي صَدَرَ عَنْهُ تَصْدِيقٌ بِمَا وَجَدَ، وَإِيمَانٌ بِمَا حَصَلَ مِنَ الْوَحْيِ، وَنِيَّةٌ صَالِحَةٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ خَدِيجَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فَقَالَ: «قَدْ رَأَيْتُهُ، فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَ بَيَاضٍ، فَأَحْسَبُهُ لَوْ كَانَ مِنْ،
পৃষ্ঠা - ১৭৩২
أَهْلِ النَّارِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثِيَابُ بَيَاضٍ» وَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ، لَكِنْ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ وَهِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى عَنْ سُرَيْجِ بْنِ يُونُسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فَقَالَ: أَبْصَرْتُهُ فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ، وَعَلَيْهِ السُّنْدُسُ وَسُئِلَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَقَالَ: يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ وَسُئِلَ عَنْ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ أَخْرَجْتُهُ مِنْ غَمْرَةٍ مِنْ جَهَنَّمَ إِلَى ضَحْضَاحٍ مِنْهَا وَسُئِلَ عَنْ خَدِيجَةَ ; لِأَنَّهَا مَاتَتْ قَبْلَ الْفَرَائِضِ وَأَحْكَامِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ أَبْصَرْتُهَا عَلَى نَهَرٍ فِي الْجَنَّةِ فِي بَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.» إِسْنَادٌ حَسَنٌ، وَلِبَعْضِهِ شَوَاهِدُ فِي " الصَّحِيحِ ". وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو
পৃষ্ঠা - ১৭৩৩
أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَسُبُّوا وَرَقَةَ ; فَإِنِّي رَأَيْتُ لَهُ جَنَّةً أَوْ جَنَّتَيْنِ» وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَرُوِي مُرْسَلًا، وَهُوَ أَشْبَهُ. وَرَوَى الْحَافِظَانِ الْبَيْهَقِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابَيْهِمَا " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ " مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِخَدِيجَةَ: " إِنِّي إِذَا خَلَوْتُ وَحْدِي سَمِعْتُ نِدَاءً، وَقَدْ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا أَمْرٌ ". قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ! مَا كَانَ اللَّهُ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتُؤَدِّيَ الْأَمَانَةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصَدُقُ الْحَدِيثَ. فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَلَيْسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَّ، ذَكَرَتْ لَهُ خَدِيجَةُ، فَقَالَتْ: يَا عَتِيقُ، اذْهَبْ مَعَ مُحَمَّدٍ إِلَى وَرَقَةَ. فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْذَ بِيَدِهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى وَرَقَةَ. قَالَ: " وَمَنْ أَخْبَرَكَ؟ " قَالَ: خَدِيجَةُ. فَانْطَلَقَا إِلَيْهِ، فَقَصَّا عَلَيْهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنِّي إِذَا خَلَوْتُ وَحْدِي سَمِعْتُ نِدَاءً خَلْفِي: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ. فَأَنْطَلِقُ هَارِبًا
পৃষ্ঠা - ১৭৩৪
فِي الْأَرْضِ ". فَقَالَ لَهُ: لَا تَفْعَلْ، إِذَا أَتَاكَ فَاثْبُتْ، حَتَّى تَسَمَعَ مَا يَقُولُ لَكَ، ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي. فَلَمَّا خَلَا نَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 1] حَتَّى بَلَغَ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] . قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَأَتَى وَرَقَةَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: أَبْشِرْ، ثُمَّ أَبْشِرْ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ الَّذِي بَشَّرَ بِكَ ابْنُ مَرْيَمَ، وَإِنَّكَ عَلَى مِثْلِ نَامُوسِ مُوسَى، وَإِنَّكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنَّكَ سَتُؤْمَرُ بِالْجِهَادِ بَعْدَ يَوْمِكَ هَذَا، وَلَئِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ لَأُجَاهِدَنَّ مَعَكَ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَقَدْ رَأَيْتُ الْقَسَّ فِي الْجَنَّةِ، عَلَيْهِ ثِيَابُ الْحَرِيرِ ; لِأَنَّهُ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي يَعْنِي وَرَقَةَ.» هَذَا لَفْظُ الْبَيْهَقِيِّ وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَفِيهِ غَرَابَةٌ، وَهُوَ كَوْنُ الْفَاتِحَةِ أَوَّلَ مَا نَزَلَ. وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ شِعْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِضْمَارِهِ الْإِيمَانَ، وَعَقْدِهِ عَلَيْهِ، وَتَأَكُّدِهِ عِنْدَهُ، وَذَلِكَ حِينَ أَخْبَرَتْهُ خَدِيجَةُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَعَ غُلَامِهَا مَيْسَرَةَ وَكَيْفَ كَانَتِ الْغَمَامَةُ تُظَلِّلُهُ فِي هَجِيرِ الْقَيْظِ، فَقَالَ وَرَقَةُ فِي ذَلِكَ أَشْعَارًا قَدَّمْنَاهَا قَبْلَ هَذَا مِنْهَا: قَوْلُهُ: لَجَجْتُ وَكُنْتُ فِي الذِّكْرَى ... لَجُوجًا لِأَمْرٍ طَالَمَا بَعَثَ النَّشِيجَا وَوَصْفٍ مِنْ خَدِيجَةَ بَعْدَ وَصْفٍ ... فَقَدْ طَالَ انْتِظَارِي يَا خَدِيجَا
পৃষ্ঠা - ১৭৩৫
بِبَطْنِ الْمَكَّتَيْنِ عَلَى رَجَائِي حَدِيثَكِ أَنْ أَرَى مِنْهُ خُرُوجًا ... بِمَا خَبَّرْتِنَا مِنْ قَوْلِ قَسٍّ مِنَ الرُّهْبَانِ أَكْرَهُ أَنْ يَعُوجَا ... بِأَنَّ مُحَمَّدًا سَيَسُودُ قَوْمًا وَيَخْصِمُ مَنْ يَكُونُ لَهُ حَجِيجَا ... وَيُظْهِرُ فِي الْبِلَادِ ضِيَاءَ نُورٍ يُقِيمُ بِهِ الْبَرِيَّةَ أَنْ تَمُوجَا ... فَيَلْقَى مَنْ يُحَارِبُهُ خَسَارًا وَيَلْقَى مَنْ يُسَالِمُهُ فُلُوجَا ... فَيَا لَيْتَنِي إِذَا مَا كَانَ ذَاكُمْ شَهِدْتُ وَكُنْتُ أَوَّلَهُمْ وُلُوجَا ... وُلُوجًا فِي الَّذِي كَرِهَتْ قُرَيْشٌ وَلَوْ عَجَّتْ بِمَكَّتِهَا عَجِيجَا ... أُرَجِّي بِالَّذِي كَرِهُوا جَمِيعًا إِلَى ذِي الْعَرْشِ إِذْ سَفَلُوا عُرُوجَا ... فَإِنْ يَبْقَوْا وَأَبْقَ يَكُنْ أُمُورٌ يَضِجُّ الْكَافِرُونَ لَهَا ضَجِيجَا وَقَالَ أَيْضًا فِي قَصِيدَتِهِ الْأُخْرَى وَأَخْبَارَ صِدْقٍ خَبَّرَتْ عَنْ مُحَمَّدٍ ... يُخَبِّرُهَا عَنْهُ إِذَا غَابَ نَاصِحُ بِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ مُرْسَلٌ ... إِلَى كُلِّ مَنْ ضُمَّتْ عَلَيْهِ الْأَبَاطِحُ
পৃষ্ঠা - ১৭৩৬
وَظَنِّي بِهِ أَنْ سَوْفَ يُبْعَثُ ... صَادِقًا كَمَا أُرْسِلَ الْعَبْدَانِ هُودٌ وَصَالِحُ وَمُوسَى وَإِبْرَاهِيمُ حَتَّى يُرَى ... لَهُ بِهَاءٌ وَمَنْشُورٌ مِنَ الذِّكْرِ وَاضِحُ وَيَتْبَعُهُ حَيًّا لُؤَيُّ بْنُ غَالِبٍ ... شَبَابُهُمْ وَالْأَشْيَبُونَ الْجَحَاجِحُ فَإِنْ أَبْقَ حَتَّى يُدْرِكُ النَّاسَ ... دَهْرُهُ فَإِنِّي بِهِ مُسْتَبْشِرُ الْوُدِّ فَارِحُ وَإِلَّا فَإِنِّي يَا خَدِيجَةُ فَاعْلَمِي ... عَنْ أَرْضِكِ فِي الْأَرْضِ الْعَرِيضَةِ سَائِحُ وَقَالَ يُونُسُ عَنْ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ وَرَقَةُ فَإِنْ يَكُ حَقًّا يَا خَدِيجَةُ فَاعْلِمِي ... حَدِيثَكِ إِيَّانَا فَأَحْمَدُ مُرْسَلُ وَجِبْرِيلُ يَأْتِيهِ وَمِيكَالُ مَعَهُمَا ... مِنَ اللَّهِ وَحْيٌ يَشْرَحُ الصَّدْرَ مُنْزَلُ يَفُوزُ بِهِ مَنْ فَازَ فِيهَا بِتَوْبَةٍ ... وَيَشْقَى بِهِ الْعَاتِي الْغَرِيرُ الْمُضَلَّلُ فَرِيقَانِ مِنْهُمْ فِرْقَةٌ فِي جِنَانِهِ ... وَأُخْرَى بِأَحْوَازِ الْجَحِيمِ تُعَلَّلُ إِذَا مَا دَعَوْا بِالْوَيْلِ فِيهَا تَتَابَعَتْ ... مَقَامِعُ فِي هَامَاتِهِمْ ثُمَّ تُشْعَلُ فَسُبْحَانَ مَنْ تَهْوِي الرِّيَاحُ ... بِأَمْرِهِ وَمَنْ هُوَ فِي الْأَيَّامِ مَا شَاءَ يَفْعَلُ وَمَنْ عَرْشُهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا ... وَأَقْضَاؤُهُ فِي خَلْقِهِ لَا تُبَدَّلُ
পৃষ্ঠা - ১৭৩৭
وَقَالَ وَرَقَةُ أَيْضًا: يَا لِلرِّجَالِ وَصَرْفِ الدَّهْرِ ... وَالْقَدَرِ وَمَا لِشَيْءٍ قَضَاهُ اللَّهُ مِنْ غِيَرِ حَتَّى خَدِيجَةُ تَدْعُونِي لِأُخْبِرَهَا ... وَمَا لَهَا بِخَفِيِّ الْغَيْبِ مِنْ خَبَرِ جَاءَتْ لِتَسْأَلَنِي عَنْهُ لِأُخْبِرَهَا ... أَمْرًا أُرَاهُ سَيَأْتِي النَّاسَ مِنْ أُخَرِ فَخَبَّرَتْنِي بِأَمْرٍ قَدْ سَمِعْتُ ... بِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ قَدِيمِ الدَّهْرِ وَالْعُصُرِ بِأَنَّ أَحْمَدَ يَأْتِيهِ فَيُخْبِرُهُ ... جِبْرِيلُ أَنَّكَ مَبْعُوثٌ إِلَى الْبَشَرِ فَقُلْتُ عَلَّ الَّذِي ... تَرْجِينَ يُنْجِزُهُ لَكِ الْإِلَهُ فَرَجِّي الْخَيْرَ وَانْتَظِرِي وَأَرْسِلِيهِ إِلَيْنَا كَيْ ... نُسَائِلَهُ عَنْ أَمْرِهِ مَا يَرَى فِي النَّوْمِ وَالسَّهَرِ فَقَالَ حِينَ أَتَانَا مَنْطِقًا عَجَبًا ... يَقِفُّ مِنْهُ أَعَالِي الْجِلْدِ وَالشَّعَرِ إِنِّي رَأَيْتُ أَمِينَ اللَّهِ وَاجَهَنِي ... فِي صُورَةٍ أُكْمِلَتْ مِنْ أَعْظَمِ الصُّوَرِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ فَكَادَ الْخَوْفُ يَذْعَرُنِي ... مِمَّا يُسَلِّمُ مِنْ حَوْلِي مِنَ الشَّجَرِ فَقُلْتُ ظَنِّي وَمَا أَدْرِي أَيَصْدُقُنِي ... أَنْ سَوْفَ يُبْعَثُ يَتْلُو مُنْزَلَ السُّوَرِ وَسَوْفَ أُبْلِيكَ إِنْ أَعْلَنْتَ دَعْوَتَهُمْ ... مِنَ الْجِهَادِ بِلَا مَنٍّ وَلَا كَدَرِ
পৃষ্ঠা - ১৭৩৮
هَكَذَا أَوْرَدَ ذَلِكَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنَ " الدَّلَائِلِ "، وَعِنْدِي فِي صِحَّتِهَا عَنْ وَرَقَةَ نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ وَكَانَ وَاعِيَةً، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَرَادَ اللَّهُ كَرَامَتَهُ وَابْتَدَأَهُ بِالنُّبُوَّةِ كَانَ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَبْعَدَ حَتَّى تَحَّسَرَ عَنْهُ الْبُيُوتُ، وَيُفْضِي إِلَى شِعَابِ مَكَّةَ وَبُطُونِ أَوْدِيَتِهَا، فَلَا يَمُرُّ بِحَجَرٍ، وَلَا شَجَرٍ، إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَيَلْتَفِتُ حَوْلَهُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، وَخَلْفَهُ، فَلَا يَرَى إِلَّا الشَّجَرَ وَالْحِجَارَةَ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ يَرَى وَيَسْمَعُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِمَا جَاءَ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ، وَهُوَ بِحِرَاءٍ فِي رَمَضَانَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَقُولُ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ قَتَادَةَ اللَّيْثِيِّ: حَدِّثْنَا يَا عُبَيْدُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ مَا ابْتُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ النُّبُوَّةِ حِينَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ. قَالَ: فَقَالَ عُبَيْدٌ وَأَنَا حَاضِرٌ يُحَدِّثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَمَنْ عِنْدَهُ
পৃষ্ঠা - ১৭৩৯
مِنَ النَّاسِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجَاوِرُ فِي حِرَاءٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَهْرًا. قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَحَنَّثُ بِهِ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَالتَّحَنُّثُ التَّبَرُّرُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجَاوِرُ ذَلِكَ الشَّهْرَ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ، يُطْعِمُ مَنْ جَاءَهُ مِنَ الْمَسَاكِينِ، فَإِذَا قَضَى جِوَارَهُ مِنْ شَهْرِهِ ذَلِكَ، كَانَ أَوَّلَ مَا يَبْدَأُ بِهِ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ جِوَارِهِ الْكَعْبَةَ، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ، فَيَطُوفُ بِهَا سَبْعًا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ بِهِ فِيهِ مَا أَرَادَ مِنْ كَرَامَتِهِ مِنَ السَّنَةِ الَّتِي بَعَثَهُ فِيهَا، وَذَلِكَ الشَّهْرُ رَمَضَانُ، خَرَجَ إِلَى حِرَاءٍ كَمَا كَانَ يَخْرُجُ لِجِوَارِهِ، وَمَعَهُ أَهْلُهُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَكْرَمَهُ اللَّهُ فِيهَا بِرِسَالَتِهِ، وَرَحِمَ الْعِبَادَ بِهِ، جَاءَهُ جِبْرِيلُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ، وَأَنَا نَائِمٌ بِنَمَطٍ مِنْ دِيبَاجٍ، فِيهِ كِتَابٌ فَقَالَ: اقْرَأْ. قُلْتُ: " مَا أَقْرَأُ " قَالَ: فَغَتَّنِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ الْمَوْتُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ. قُلْتُ: " مَا أَقْرَأُ " قَالَ: فَغَتَّنِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ الْمَوْتُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ. قُلْتُ: " مَا أَقْرَأُ ". قَالَ: فَغَتَّنِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ الْمَوْتُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ. قُلْتُ: " مَاذَا أَقْرَأُ؟ " مَا أَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا افْتِدَاءً مِنْهُ أَنْ يَعُودَ لِي بِمِثْلِ مَا صَنَعَ بِي فَقَالَ:
পৃষ্ঠা - ১৭৪০
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1] . قَالَ: " فَقَرَأْتُهَا، ثُمَّ انْتَهَى وَانْصَرَفَ عَنِّي، وَهَبَبْتُ مِنْ نَوْمِي، فَكَأَنَّمَا كَتَبَ فِي قَلْبِي كِتَابًا " قَالَ: " فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي وَسَطٍ مِنَ الْجَبَلِ، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ، قَالَ: فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ أَنْظُرُ، فَإِذَا جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ صَافٍّ قَدَمَيْهِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ. فَوَقَفْتُ أُنْظُرُ إِلَيْهِ، فَمَا أَتَقَدَّمُ وَمَا أَتَأَخَّرُ، وَجَعَلْتُ أَصْرِفُ وَجْهِي عَنْهُ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ، فَمَا أَنْظُرُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا إِلَّا رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ، فَمَا زِلْتُ وَاقِفًا مَا أَتَقَدَّمُ أَمَامِي وَمَا أَرْجِعُ وَرَائِي، حَتَّى بَعَثَتْ خَدِيجَةُ رُسُلَهَا فِي طَلَبِي، فَبَلَغُوا مَكَّةَ، وَرَجَعُوا إِلَيْهَا، وَأَنَا وَاقِفٌ فِي مَكَانِي ذَلِكَ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنِّي، وَانْصَرَفْتُ رَاجِعًا إِلَى أَهْلِي، حَتَّى أَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَجَلَسْتُ إِلَى فَخِذِهَا مُضِيفًا إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، أَيْنَ كُنْتَ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ بَعَثْتُ رُسُلِي فِي طَلَبِكَ حَتَّى بَلَغُوا مَكَّةَ، وَرَجَعُوا إِلَيَّ. ثُمَّ حَدَّثْتُهَا بِالَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: أَبْشِرْ يَا ابْنَ الْعَمِّ، وَاثْبُتْ فَوَالَّذِي نَفْسُ خَدِيجَةَ بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنَّ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ. ثُمَّ قَامَتْ فَجَمَعَتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، ثُمَّ انْطَلَقَتْ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ وَرَقَةُ: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، وَالَّذِي نَفْسُ وَرَقَةَ بِيَدِهِ، لَئِنْ كُنْتِ صَدَقْتِنِي، يَا خَدِيجَةُ، لِقَدْ جَاءَهُ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى، وَإِنَّهُ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقُولِي لَهُ: فَلْيَثْبُتْ. فَرَجَعَتْ خَدِيجَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِ وَرَقَةَ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جِوَارَهُ، وَانْصَرَفَ صَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ، بَدَأَ بِالْكَعْبَةِ فَطَافَ بِهَا
পৃষ্ঠা - ১৭৪১
فَلَقِيَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أَخْبِرْنِي بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكَ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَقَدْ جَاءَكَ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي جَاءَ مُوسَى، وَلَتُكَذَّبَنَّهْ، وَلَتُؤْذَيَنَّهْ، وَلَتُخْرَجَنَّهْ، وَلَتُقَاتَلَنَّهْ، وَلَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَأَنْصُرَنَّ اللَّهَ نَصْرًا يَعْلَمُهُ، ثُمَّ أَدْنَى رَأْسَهُ مِنْهُ، فَقَبَّلَ يَأْفُوخَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مَنْزِلِهِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ كَالتَّوْطِئَةِ لِمَا جَاءَ بَعْدَهُ مِنَ الْيَقَظَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْمَنَامَ كَانَ بَعْدَ مَا رَآهُ فِي الْيَقَظَةِ صَبِيحَةَ لَيْلَتَئِذٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ وَكَانَ فِيمَا بَلَغَنَا أَوَّلَ مَا رَأَى يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَاهُ رُؤْيَا فِي الْمَنَامِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَذَكَرَهَا لِامْرَأَتِهِ خَدِيجَةَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ عَنِ التَّكْذِيبِ، وَشَرَحَ صَدْرَهَا لِلتَّصْدِيقِ، فَقَالَتْ: أَبْشِرْ ; فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَصْنَعَ بِكَ إِلَّا خَيْرًا. ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا، فَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ رَأَى بَطْنَهُ شُقَّ، ثُمَّ غُسِلَ وَطُهِّرَ، ثُمَّ أُعِيدَ كَمَا كَانَ. قَالَتْ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ فَأَبْشِرْ. ثُمَّ اسْتَعْلَنَ لَهُ جِبْرِيلُ، وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَأَجْلَسَهُ عَلَى مَجْلِسٍ كَرِيمٍ مُعْجِبٍ، كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " أَجْلَسَنِي
পৃষ্ঠা - ১৭৪২
عَلَى بِسَاطٍ كَهَيْئَةِ الدُّرْنُوكِ فِيهِ الْيَاقُوتُ وَاللُّؤْلُؤُ ". فَبَشَّرَهُ بِرِسَالَةِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: اقْرَأْ. فَقَالَ: " كَيْفَ أَقْرَأُ " فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عِلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1] قَالَ: وَيَزْعُمُ نَاسٌ أَنَّ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَاتَّبَعَ مَا جَاءَهُ بِهِ جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مُنْقَلِبًا إِلَى بَيْتِهِ، جَعَلَ لَا يَمُرُّ عَلَى شَجَرٍ، وَلَا حَجَرٍ، إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا مُوقِنًا أَنَّهُ قَدْ رَأَى أَمْرًا عَظِيمًا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، قَالَ: " أَرَأَيْتُكِ الَّتِي كُنْتُ أُحَدِّثُكِ أَنِّي رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ؟ فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ اسْتَعْلَنَ إِلَيَّ، أَرْسَلَهُ إِلَيَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ". وَأَخْبَرَهَا بِالَّذِي جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا سَمِعَ مِنْهُ. فَقَالَتْ: أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِكَ إِلَّا خَيْرًا، وَاقْبَلِ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ; فَإِنَّهُ حَقٌّ، وَأَبْشِرْ ; فَإِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. ثُمَّ انْطَلَقَتْ مَكَانَهَا، فَأَتَتْ غُلَامًا لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ نَصْرَانِيًّا مِنْ أَهْلِ نِينَوَى، يُقَالُ لَهُ: عَدَّاسٌ. فَقَالَتْ لَهُ: يَا عَدَّاسُ أُذَكِّرُكَ بِاللَّهِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ مِنْ جِبْرِيلَ؟ فَقَالَ: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، مَا شَأْنُ جِبْرِيلَ يُذْكَرُ بِهَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي أَهْلُهَا أَهْلُ الْأَوْثَانِ! . فَقَالَتْ: أَخْبِرْنِي بِعِلْمِكَ فِيهِ. قَالَ: فَإِنَّهُ أَمِينُ اللَّهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّينَ، وَهُوَ صَاحِبُ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
পৃষ্ঠা - ১৭৪৩
فَرَجَعَتْ خَدِيجَةُ مِنْ عِنْدِهِ، فَجَاءَتْ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ فَذَكَرَتْ لَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا أَلْقَاهُ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ، فَقَالَ لَهَا وَرَقَةُ: يَا بُنَيَّةَ أَخِي، مَا أَدْرِي لَعَلَّ صَاحِبَكِ النَّبِيُّ الَّذِي يَنْتَظِرُ أَهْلُ الْكِتَابِ، الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ كَانَ إِيَّاهُ، ثُمَّ أَظْهَرَ دُعَاءَهُ وَأَنَا حَيٌّ، لَأُبْلِيَنَّ اللَّهَ فِي طَاعَةِ رَسُولِهِ، وَحُسْنِ مُؤَازَرَتِهِ لِلصَّبْرِ وَالنَّصْرِ. فَمَاتَ وَرَقَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَكَانَتْ خَدِيجَةُ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَصَدَّقَ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ إِيرَادِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ: وَالَّذِي ذُكِرَ فِيهِ مِنْ شَقِّ بَطْنِهِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِكَايَةً مِنْهُ لِمَا صُنِعَ بِهِ فِي صِبَاهُ يَعْنِي شَقَّ بَطْنِهِ عِنْدَ حَلِيمَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شُقَّ مَرَّةً أُخْرَى، ثُمَّ ثَالِثَةً حِينَ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ وَرَقَةَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ طَرْخَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ «بَلَغَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا رَسُولًا، عَلَى رَأْسِ خَمْسِينَ سَنَةً مِنْ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ اخْتَصَّهُ بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْكَرَامَةِ رُؤْيَا كَانَ يَرَاهَا، فَقَصَّ ذَلِكَ عَلَى زَوْجَتِهِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، فَقَالَتْ لَهُ: أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِكَ إِلَّا خَيْرًا. فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي حِرَاءٍ، وَكَانَ يَفِرُّ إِلَيْهِ مِنْ قَوْمِهِ، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ، فَدَنَا مِنْهُ، فَخَافَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَخَافَةً
পৃষ্ঠা - ১৭৪৪
شَدِيدَةً، فَوَضَعَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ احْطُطْ وِزْرَهُ، وَاشْرَحْ صَدْرَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، يَا مُحَمَّدُ، أَبْشِرْ ; فَإِنَّكَ نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، اقْرَأْ. فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ وَهُوَ خَائِفٌ يُرْعَدُ: " مَا قَرَأْتُ كِتَابًا قَطُّ، وَلَا أُحْسِنُهُ، وَمَا أَكْتُبُ، وَمَا أَقْرَأُ ". فَأَخَذَهُ جِبْرِيلُ، فَغَتَّهُ غَتًّا شَدِيدًا، ثُمَّ تَرَكَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اقْرَأْ. فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِثْلَهُ، فَأَجْلَسَهُ عَلَى بِسَاطٍ كَهَيْئَةِ الدُّرْنُوكِ، فَرَأَى فِيهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَحُسْنِهِ كَهَيْئَةِ اللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ، وَقَالَ لَهُ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] الْآيَاتِ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: لَا تَخَفْ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ انْصَرَفَ، وَأَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَمُّهُ، فَقَالَ: " كَيْفَ أَصْنَعُ وَكَيْفَ أَقُولُ لِقَوْمِي؟ ". ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ خَائِفٌ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ مِنْ أَمَامِهِ فِي صُورَةِ نَفْسِهِ، فَأَبْصَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرًا عَظِيمًا مَلَأَ صَدْرَهُ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: لَا تَخَفْ يَا مُحَمَّدُ، جِبْرِيلُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، فَأَيْقِنْ بِكَرَامَةِ اللَّهِ ; فَإِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمُرُّ عَلَى شَجَرٍ ; وَلَا حَجَرٍ ; إِلَّا هُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَاطْمَأَنَّتْ نَفْسُهُ، وَعَرَفَ كَرَامَةَ اللَّهِ إِيَّاهُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى زَوْجَتِهِ خَدِيجَةَ أَبْصَرَتْ مَا بِوَجْهِهِ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنِهِ، فَأَفْزَعَهَا ذَلِكَ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا دَنَتْ مِنْهُ جَعَلَتْ تَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ، وَتَقُولُ: لَعَلَّكَ لِبَعْضِ مَا كُنْتَ تَرَى وَتَسْمَعُ قَبْلَ الْيَوْمِ. فَقَالَ: " يَا خَدِيجَةُ، أَرَأَيْتِ الَّذِي كُنْتُ أَرَى فِي الْمَنَامِ، وَالصَّوْتَ الَّذِي كُنْتُ أَسْمَعُ فِي الْيَقَظَةِ وَأُهَالُ مِنْهُ؟ فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ قَدِ اسْتَعْلَنَ لِي، وَكَلَّمَنِي، وَأَقْرَأَنِي كَلَامًا فَزِعْتُ مِنْهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَيَّ
পৃষ্ঠা - ১৭৪৫
فَأَخْبَرَنِي أَنِّي نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَأَقْبَلْتُ رَاجِعًا، فَأَقْبَلْتُ عَلَى شَجَرٍ وَحِجَارَةٍ، فَقُلْنَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ". فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: أَبْشِرْ ; فَوَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَنْ يَفْعَلَ بِكَ إِلَّا خَيْرًا، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِي تَنْتَظِرُهُ الْيَهُودُ، قَدْ أَخْبَرَنِي بِهِ نَاصِحٌ ; غُلَامِي وَبَحِيرَى الرَّاهِبُ وَأَمَرَنِي أَنْ أَتَزَوَّجَكَ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً. فَلَمْ تَزَلْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى طَعِمَ وَشَرِبَ وَضَحِكَ، ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الرَّاهِبِ، وَكَانَ قَرِيبًا مِنْ مَكَّةَ، فَلَمَّا دَنَتْ مِنْهُ، وَعَرَفَهَا. قَالَ: مَا لَكِ يَا سَيِّدَةَ نِسَاءِ قُرَيْشٍ؟ فَقَالَتْ: أَقْبَلْتُ إِلَيْكَ لِتُخْبِرَنِي عَنْ جِبْرِيلَ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّنَا الْقُدُّوسِ! مَا بَالُ جِبْرِيلَ يُذْكَرُ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ الَّتِي يَعْبُدُ أَهْلُهَا الْأَوْثَانَ؟ ! جِبْرِيلُ أَمِينُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَهُوَ صَاحِبُ مُوسَى وَعِيسَى. فَعَرَفْتُ كَرَامَةَ اللَّهِ لِمُحَمَّدٍ، ثُمَّ أَتَتْ عَبْدًا لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ يُقَالُ لَهُ: عَدَّاسٌ. فَسَأَلَتْهُ فَأَخْبَرَهَا بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَهَا بِهِ الرَّاهِبُ وَأَزْيَدَ. قَالَ: جِبْرِيلُ كَانَ مَعَ مُوسَى حِينَ أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، وَكَانَ مَعَهُ حِينَ كَلَّمَهُ اللَّهُ عَلَى الطُّورِ، وَهُوَ صَاحِبُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ الَّذِي أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِ. ثُمَّ قَامَتْ مِنْ عِنْدِهِ فَأَتَتْ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ فَسَأَلَتْهُ عَنْ جِبْرِيلَ، فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَأَلَهَا: مَا الْخَبَرُ؟ فَأَحْلَفَتْهُ أَنْ يَكْتُمَ مَا تَقُولُ لَهُ، فَحَلَفَ لَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ ذَكَرَ لِي وَهُوَ صَادِقٌ أَحَلِفَ بِاللَّهِ مَا كَذَبَ وَلَا كُذِبَ أَنَّهُ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ بِحِرَاءٍ، وَأَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَقْرَأَهُ آيَاتٍ أُرْسِلَ بِهَا. قَالَ: فَذُعِرَ وَرَقَةُ لِذَلِكَ، وَقَالَ: لَئِنْ كَانَ جِبْرِيلُ قَدِ اسْتَقَرَّتْ قَدَمَاهُ عَلَى الْأَرْضِ لَقَدْ نَزَلَ عَلَى خَيْرِ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَمَا نَزَلَ إِلَّا عَلَى نَبِيٍّ، وَهُوَ صَاحِبُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، يُرْسِلُهُ اللَّهُ
পৃষ্ঠা - ১৭৪৬
إِلَيْهِمْ، وَقَدْ صَدَقْتُكِ عَنْهُ، فَأَرْسِلِي إِلَيَّ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَسْأَلُهُ، وَأَسْمَعُ مِنْ قَوْلِهِ وَأُحَدِّثُهُ ; فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ جِبْرِيلَ ; فَإِنَّ بَعْضَ الشَّيَاطِينِ يَتَشَبَّهُ بِهِ لِيُضِلَّ بِهِ بَعْضَ بَنِي آدَمَ، وَيُفْسِدُهُمْ حَتَّى يَصِيرَ الرَّجُلُ بَعْدَ الْعَقْلِ الرَّضِيِّ مُدَلَّهًا مَجْنُونًا. فَقَامَتْ مِنْ عِنْدِهِ وَهِيَ وَاثِقَةٌ بِاللَّهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ بِصَاحِبِهَا إِلَّا خَيْرًا، فَرَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا قَالَ وَرَقَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 1] [الْقَلَمِ: 1، 2] الْآيَاتِ. فَقَالَ لَهَا: " كَلَّا وَاللَّهِ، إِنَّهُ لَجِبْرِيلُ ". فَقَالَتْ لَهُ: أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَهُ فَتُخْبِرَهُ ; لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُ. فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا الَّذِي جَاءَكَ، جَاءَكَ فِي نُورٍ أَوْ ظُلْمَةٍ؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صِفَةِ جِبْرِيلَ، وَمَا رَآهُ مِنْ عَظَمَتِهِ، وَمَا أَوْحَاهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ وَرَقَةُ: أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا جِبْرِيلُ، وَأَنَّ هَذَا كَلَامُ اللَّهِ، فَقَدْ أَمَرَكَ بِشَيْءٍ تُبَلِّغُهُ قَوْمَكَ، وَإِنَّهُ لَأَمْرُ نُبُوَّةٍ، فَإِنْ أُدْرِكْ زَمَانَكَ أَتَّبِعْكَ. ثُمَّ قَالَ: أَبْشِرِ ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِمَا بَشَّرَكَ اللَّهُ بِهِ. قَالَ: وَذَاعَ قَوْلُ وَرَقَةَ وَتَصْدِيقُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَلَأِ مِنْ قَوْمِهِ. قَالَ: وَفَتَرَ الْوَحْيُ، فَقَالُوا: لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَتَتَابَعَ. وَلَكِنَّ اللَّهَ قَلَاهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى: 1] [الشَّرْحِ: 1] بِكَمَالِهِمَا» . وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا
পৃষ্ঠা - ১৭৪৭
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ مَوْلَى الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَدَّثَ «عَنْ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا بَيْنَهُ مِمَّا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ نُبُوَّتِهِ: يَا ابْنَ عَمِّ، تَسْتَطِيعُ أَنَّ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِكَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ إِذَا جَاءَكَ؟ فَقَالَ: " نَعَمْ ". فَقَالَتْ: إِذَا جَاءَكَ فَأَخْبِرْنِي. فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَهَا إِذْ جَاءَ جِبْرِيلُ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا خَدِيجَةُ هَذَا جِبْرِيلُ ". فَقَالَتْ: أَتَرَاهُ الْآنَ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". قَالَتْ: فَاجْلِسْ إِلَى شِقِّيَ الْأَيْمَنِ. فَتَحَوَّلَ فَجَلَسَ، فَقَالَتْ: أَتَرَاهُ الْآنَ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". قَالَتْ: فَتَحَوَّلْ فَاجْلِسْ فِي حِجْرِي. فَتَحَوَّلَ فَجَلَسَ فِي حِجْرِهَا، فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ الْآنَ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". فَتَحَسَّرَتْ رَأْسَهَا، فَشَالَتْ خِمَارَهَا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ فِي حِجْرِهَا، فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ الْآنَ؟ قَالَ: " لَا ". قَالَتْ: مَا هَذَا بِشَيْطَانٍ، إِنَّ هَذَا لَمَلَكٌ، يَا ابْنَ عَمِّ، فَاثْبُتْ وَأَبْشِرْ ثُمَّ آمَنَتْ بِهِ وَشَهِدَتْ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ» . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَثْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُ أُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ تُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ خَدِيجَةَ إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُهَا تَقُولُ: أَدْخَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهَا وَبَيْنَ دِرْعِهَا، فَذَهَبَ عِنْدَ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ مِنْ خَدِيجَةَ تَصْنَعُهُ تَسْتَثْبِتُ بِهِ الْأَمْرَ احْتِيَاطًا
পৃষ্ঠা - ১৭৪৮
لِدِينِهَا وَتَصْدِيقًا، فَأَمَّا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ كَانَ وَثِقَ بِمَا قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ وَأَرَاهُ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَمَا كَانَ مِنْ تَسْلِيمِ الشَّجَرِ وَالْحَجَرِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْلِيمًا. وَقَدْ قَالَ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ ": حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ» وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إِنَّ بِمَكَّةَ حَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ لَيَالِي بُعِثْتُ، إِنِّي لَأَعْرِفُهُ إِذَا مَرَرْتُ عَلَيْهِ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيِّ الْكَبِيرِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ، فَخَرَجَ فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا، فَمَا اسْتَقْبَلَهُ شَجَرٌ، وَلَا جَبَلٌ، إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَدْخُلُ مَعَهُ الْوَادِيَ فَلَا يَمُرُّ