আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৯৬১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا قَامَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ مَعَ الْحَنَابِلَةِ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى الْمُفْسِدِينَ، وَالَّذِينَ يَبِيعُونَ الْخُمُورَ، وَفِي إِبْطَالِ الْمُؤَاجِرَاتِ وَهُنَّ الْبَغَايَا وَكُوتِبَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ فَجَاءَتْ كُتُبُهُ بِالْإِنْكَارِ، وَفِيهَا كَانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بِبَغْدَادَ ارْتَجَّتْ لَهَا الْأَرْضُ سِتَّ مَرَّاتٍ. وَفِيهَا كَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ وَمَوَتَانٌ ذَرِيعٌ فِي الْحَيَوَانَاتِ، بِحَيْثُ إِنَّ بَعْضَ الرُّعَاةِ بِخُرَاسَانَ قَامَ وَقْتَ الصَّبَاحِ لِيَسْرَحَ بِغَنَمِهِ، فَإِذَا هُنَّ قَدْ مِتْنَ كُلُّهُنَّ. وَجَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ وَبَرَدٌ كِبَارٌ أَتْلَفَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ بِخُرَاسَانَ. وَفِيهَا تَزَوَّجَ الْأَمِيرُ عُدَّةُ الدِّينِ وَلَدُ الْخَلِيفَةِ بِابْنَةِ السُّلْطَانِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ مِنْ سِفْرَى خَاتُونَ وَذَلِكَ بِنَيْسَابُورَ، وَكَانَ وَكِيلُ السُّلْطَانِ نِظَامَ الْمُلْكِ وَوَكِيلُ الزَّوْجِ عَمِيدَ الدَّوْلَةِ ابْنَ جَهِيرٍ وَحِينَ عُقِدَ الْعَقْدُ نُثِرَ عَلَى النَّاسِ جَوَاهِرُ نَفِيسَةٌ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا زُيِّنَتِ الْأَفْيِلَةُ وَالْخُيُولُ، وَضُرِبَتِ الدَّبَادِبُ وَالْبُوقَاتُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حِيدٍ، أَبُو مَنْصُورٍ النَّيْسَابُورِيُّ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ
পৃষ্ঠা - ৯৯৬২
سُلَالَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُذْهِبِ، وَكَانَ ثِقَةً تُوُفِّيَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ أَبُو الْحَسَنِ الْهَاشِمِيُّ خَطِيبُ جَامِعِ الْمَنْصُورِ كَانَ مِمَّنْ يَلْبَسُ الْقَلَانِسَ الطِّوَالَ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ رِزْقَوَيْهِ وَغَيْرِهِ، وَرَوَى عَنْهُ الْخَطِيبُ وَكَانَ ثِقَةً عَدْلًا، شَهِدَ عِنْدَ ابْنِ مَاكُولَا وَابْنِ الدَّامَغَانِيِّ فَقَبِلَاهُ، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانِينَ سَنَةً وَدُفِنَ بِقُرْبِ قَبْرِ بِشْرٍ الْحَافِي، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَادَهْ بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِيُّ، وَلِيَ الْقَضَاءَ بِدُجَيْلٍ، وَكَانَ شَافِعِيًّا، وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ مَهْدِيِّ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبَغْدَادَ وَنُقِلَ إِلَى دُجَيْلٍ.
পৃষ্ঠা - ৯৯৬৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ حَادِي عَشَرَ الْمُحَرَّمِ حَضَرَ إِلَى الدِّيوَانِ أَبُو الْوَفَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ الْعَقِيلِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، وَقَدْ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ كِتَابًا يَتَضَمَّنُ تَوْبَتَهُ مِنَ الِاعْتِزَالِ وَمُخَالَطَةِ أَهْلِهِ، وَأَنَّهُ رَجَعَ عَنِ اعْتِقَادِ كَوْنِ الْحَلَّاجِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَقَدْ رَجَعَ عَنِ الْجُزْءِ الَّذِي عَمِلَهُ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ قَدْ قُتِلَ بِإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ أَهْلِ عَصْرِهِ، وَقَدْ كَانُوا مُصِيبِينَ وَهُوَ مُخْطِئٌ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فِي الْكِتَابِ، وَرَجَعَ مِنَ الدِّيوَانِ إِلَى دَارِ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَصَالَحَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، وَعَظَّمَهُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. [وَفَاةُ السُّلْطَانِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ وَمُلْكُ وَلَدِهِ مَلِكْشَاهْ] كَانَ السُّلْطَانُ قَدْ سَارَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ فِي مِائَتَيْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ يُرِيدُ غَزَاةَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَاتَّفَقَ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ أَنَّهُ غَضِبَ عَلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: يُوسُفُ الْخُوَارَزْمِيُّ، فَأُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَشَرَعَ يُعَاتِبُهُ فِي أَشْيَاءَ صَدَرَتْ مِنْهُ، ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُضْرَبَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْتَادٍ وَيُصْلَبَ بَيْنَهَا، فَقَالَ لِلسُّلْطَانِ: يَا مُخَنَّثٌ أَمِثْلِي يُقْتَلُ هَكَذَا؟ فَاحْتَدَّ السُّلْطَانُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِإِرْسَالِهِ، وَأَخَذَ الْقَوْسَ فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَخْطَأَهُ، وَأَقْبَلَ يُوسُفُ نَحْوَ السُّلْطَانِ فَنَهَضَ السُّلْطَانُ عَنِ السَّرِيرِ، فَنَزَلَ فَعَثَرَ، فَوَقَعَ فَأَدْرَكَهُ يُوسُفُ فَضَرَبَهُ بِخَنْجَرٍ كَانَ فِي يَدِهِ فِي خَاصِرَتِهِ، وَأَدْرَكَهُ الْجَيْشُ فَقَتَلُوهُ، وَقَدْ جُرِحَ السُّلْطَانُ جُرْحًا مُنْكَرًا، فَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ عَاشِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَيُقَالُ إِنَّ أَهْلَ بُخَارَا
পৃষ্ঠা - ৯৯৬৪
لَمَّا اجْتَازَ بِهِمْ، وَنَهَبَ عَسْكَرُهُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً لَهُمْ دَعَوْا عَلَيْهِ فَهَلَكَ. وَلَمَّا تُوُفِّيَ جَلَسَ وَلَدُهُ مَلِكْشَاهْ عَلَى سَرِيرِ الْمُلْكِ وَقَامَ الْأُمَرَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْوَزِيرُ نِظَامُ الْمُلْكِ: تَكَلَّمْ أَيُّهَا السُّلْطَانُ فَقَالَ: الْأَكْبَرُ مِنْكُمْ أَبِي وَالْأَوْسَطُ أَخِي، وَالْأَصْغَرُ ابْنِي وَسَأَفْعَلُ مَعَكُمْ مَا لَمْ أُسْبَقْ إِلَيْهِ فَأَمْسَكُوا، فَأَعَادَ الْقَوْلَ فَأَجَابُوهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَقَامَ بِأَعْبَاءِ أَمْرِهِ الْوَزِيرُ لِأَبِيهِ نِظَامُ الْمُلْكِ، فَزَادَ فِي أَرْزَاقِ الْجُنْدِ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَسَارُوا إِلَى مَرْوَ فَدَفَنُوا بِهَا السُّلْطَانَ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ تَرْجَمَتِهِ فِي الْوَفِيَّاتِ. وَلَمَّا بَلَغَ مَوْتُهُ أَهْلَ بَغْدَادَ أَقَامَ النَّاسُ لَهُ الْعَزَاءَ، وَغُلِّقَتِ الْأَسْوَاقُ وَأَظْهَرَ الْخَلِيفَةُ الْجَزَعَ عَلَيْهِ، وَتَسَلَّبَتِ ابْنَتُهُ الْخَاتُونُ زَوْجَةُ الْخَلِيفَةِ ثِيَابَهَا وَجَلَسَتْ عَلَى التُّرَابِ. وَجَاءَتِ الْكُتُبُ مِنَ السُّلْطَانِ فِي رَجَبٍ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَتَأَسَّفُ فِيهَا عَلَى وَالِدِهِ وَيَسْأَلُ أَنْ تُقَامَ لَهُ الْخُطْبَةُ فَفَعَلَ ذَلِكَ. وَخَلَعَ مَلِكْشَاهْ عَلَى الْوَزِيرِ نِظَامِ الْمُلْكِ خِلَعًا سِنِيَّةً وَأَعْطَاهُ تُحَفًا كَثِيرَةً، مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ عِشْرُونَ أَلْفَ دِينَارٍ وَلَقَّبَهُ أَتَابِكَ، وَمَعْنَاهُ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ الْوَالِدُ، فَسَارَ سِيرَةً حَسَنَةً وَلَمَّا بَلَغَ قَاوُرْتَ بَكَ مَوْتُ أَخِيهِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ رَكِبَ فِي جُيُوشٍ كَثِيرَةٍ قَاصِدًا قِتَالَ ابْنِ أَخِيهِ مَلِكْشَاهْ فَالْتَقَيَا فَاقْتَتَلَا، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ قَاوُرْتَ وَأُسِرَ هُوَ فَأَنَّبَهُ ابْنُ أَخِيهِ ثُمَّ اعْتَقَلَهُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَنْ قَتَلَهُ. وَفِيهَا جَرَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ أَهْلِ الْكَرْخِ وَبَابِ الْبَصْرَةِ وَالْقَلَّائِينَ فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَاحْتَرَقَ جَانِبٌ كَبِيرٌ مِنَ الْكَرْخِ فَانْتَقَمَ الْمُتَوَلِّي لِأَهْلِ الْكَرْخِ مِنْ أَهْلِ بَابِ الْبَصْرَةِ فَأَخَذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا كَثِيرًا جِنَايَةً لَهُمْ عَلَى مَا
পৃষ্ঠা - ৯৯৬৫
صَنَعُوا. وَفِيهَا أُقِيمَتِ الدَّعْوَةُ الْعَبَّاسِيَّةُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَفِيهَا مَلَكَ صَاحِبُ سَمَرْقَنْدَ وَهُوَ أَلْتِكِينُ مَدِينَةَ تِرْمِذْ، وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ أَبُو الْغَنَائِمِ الْعَلَوِيُّ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: السُّلْطَانُ أَلْبُ أَرْسَلَانَ الْمُلَقَّبُ بِسُلْطَانِ الْعَالَمِ، ابْنُ جَغْرِي بَكَ دَاوُدَ بْنِ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ بْنِ تُقَاقَ التُّرْكِيُّ صَاحِبُ الْمَمَالِكِ الْمُتَّسِعَةِ، وَقَدْ مَلَكَ بَعْدَ عَمِّهِ طُغْرُلْبَكَ سَبْعَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامًا، وَكَانَ عَادِلًا يَسِيرُ فِي النَّاسِ سِيرَةً حَسَنَةً كَرِيمًا رَحِيمًا شَفُوقًا عَلَى الرَّعِيَّةِ، رَفِيقًا عَلَى الْفُقَرَاءِ بَارًّا بِأَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَمَالِيكِهِ كَثِيرَ الدُّعَاءِ بِدَوَامِ مَا أُنْعِمَ بِهِ عَلَيْهِ، كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ، يَتَصَدَّقُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَلَا يُعْرَفُ فِي زَمَانِهِ جِنَايَةٌ وَلَا مُصَادَرَةٌ بَلْ يَقْنَعُ مِنَ الرَّعَايَا بِالْخَرَاجِ فِي قِسْطَيْنِ ; رِفْقًا بِهِمْ. كَتَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ السُّعَاةِ فِي نِظَامِ الْمُلْكِ فَاسْتَدْعَاهُ وَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا، فَهَذِّبْ أَخْلَاقَكَ وَأَصْلِحْ أَحْوَالَكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فَاغْفِرْ لَهُمْ زَلَّتَهُمْ بِمُهِمٍّ يَشْغَلُهُمْ عَنِ السِّعَايَةِ بِالنَّاسِ. وَكَانَ شَدِيدَ الْحِرْصِ عَلَى حِفْظِ مَالِ الرَّعَايَا، بَلَغَهُ أَنَّ غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِهِ أَخَذَ إِزَارًا لِبَعْضِ التُّجَّارِ فَصَلَبَهُ، فَارْتَدَعَ سَائِرُ الْمَمَالِيكِ بِهِ خَوْفًا مِنْ سَطْوَتِهِ. وَتَرَكَ مِنَ الْأَوْلَادِ مَلِكْشَاهْ الَّذِي قَامَ مِنْ بَعْدِهِ وَإِيَازَ وَتَكِشَ وَبُورِي بَرَسَ
পৃষ্ঠা - ৯৯৬৬
وَأَرْسَلَانَ أَرْغُونَ وَسَارَّةَ وَعَائِشَةَ وَبِنْتًا أُخْرَى. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَدُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ بِالرَّيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هَوَازِنَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ طَلْحَةَ وَأُمُّهُ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَهُوَ طِفْلٌ فَقَرَأَ الْأَدَبَ وَالْعَرَبِيَّةَ، وَصَحِبَ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ وَأَخَذَ الْفِقْهَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيِّ وَالْكَلَامَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ فُورَكَ، وَصَنَّفَ الْكَثِيرَ فَلَهُ " التَّفْسِيرُ الْكَبِيرُ "، و " الرِّسَالَةُ " الَّتِي تَرْجَمَ فِيهَا جَمَاعَةً مِنَ الْمَشَايِخِ وَالصَّالِحِينَ وَحَجَّ صُحْبَةَ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَأَبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيِّ وَكَانَ يَعِظُ النَّاسَ. تُوُفِّيَ بِنَيْسَابُورَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سَبْعِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ شَيْخِهِ أَبِي عَلِيٍّ الدَّقَّاقِ، وَلَمْ يَدْخُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ بَيْتَ كُتُبِهِ إِلَّا بَعْدَ سِنِينَ احْتِرَامًا لَهُ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ يَرْكَبُهَا قَدْ أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ لَمْ تَأْكُلْ عَلَفًا حَتَّى نَفَقَتْ بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ فِي " الْوَفِيَّاتِ " ثَنَاءً كَثِيرًا وَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ شِعْرِهِ الرَّائِقِ. فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
পৃষ্ঠা - ৯৯৬৭
سَقَى اللَّهُ وَقْتًا كُنْتُ أَخْلُو بِوَجْهِكُمُ ... وَثَغْرُ الْهَوَى فِي رَوْضَةِ الْأُنْسِ ضَاحِكُ أَقَمْنَا زَمَانًا وَالْعُيُونُ قَرِيرَةٌ ... وَأَصْبَحْتُ يَوْمًا وَالْجُفُونُ سَوَافِكُ وَقَوْلُهُ أَيْضًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَوْ كُنْتَ سَاعَةَ بَيْنِنَا مَا بَيْنَنَا ... وَشَهِدْتَ حِينَ نُكَرِّرُ التَّوْدِيعَا أَيْقَنْتَ أَنَّ مِنَ الدُّمُوعِ مُحَدِّثًا ... وَعَلِمْتَ أَنَّ مِنَ الْحَدِيثِ دُمُوعَا وَقَوْلُهُ أَيْضًا: وَمَنْ كَانَ فِي طُولِ الْهَوَى ذَاقَ سَلْوَةً ... فَإِنِّيَ مِنْ لَيْلَى لَهَا غَيْرُ ذَائِقِ وَأَكْثَرُ شَيْءٍ نِلْتُهُ مِنْ وِصَالِهَا ... أَمَانِيُّ لَمْ تَصْدُقْ كَخَطْفَةِ بَارِقِ ابْنُ صُرَّبَعْرَ الشَّاعِرُ اسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْفَضْلِ أَبُو مَنْصُورٍ الْكَاتِبُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ صُرَّبَعْرُ، وَكَانَ نِظَامُ الْمُلْكِ يَقُولُ لَهُ: أَنْتَ صُرَّدُرُّ لَا صُرَّبَعْرُ وَقَدْ هَجَاهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: لَئِنْ نَبَزَ النَّاسُ قِدَمًا أَبَاكَ ... وَسَمَّوْهُ مِنْ شُحِّهِ صُرَّبَعْرَا فَإِنَّكَ تَنْثُرُ مَا صَرَّهُ ... عُقُوقًا لَهُ وَتُسَمِّيهِ شِعْرًا
পৃষ্ঠা - ৯৯৬৮
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهَذَا ظُلْمٌ فَاحِشٌ فَإِنَّ شِعْرَهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ ثُمَّ أَوْرَدَ لَهُ قِطَعًا حِسَانًا مِنْ شِعْرِهِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: إِيهِ أَحَادِيثَ نَعْمَانٍ وَسَاكِنِهِ ... إِنَّ الْحَدِيثَ عَنِ الْأَحْبَابِ أَسْمَارُ أُفَتِّشُ الرِّيحَ عَنْكُمُ كُلَّمَا نَفَحَتْ ... مِنْ نَحْوِ أَرْضِكُمُ نَكْبَاءُ مِعْطَارُ قَالَ: وَقَدْ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنِ ابْنِ بِشْرَانَ وَغَيْرِهِ وَحَدَّثَ كَثِيرًا، وَرَكِبَ يَوْمًا دَابَّةً فَتَرَدَّى هُوَ وَالدَّابَّةُ فِي بِئْرٍ فَمَاتَا وَدُفِنَ بِبَابِ أَبْرَزَ، وَذَلِكَ فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنِ عَقِيلٍ كَانَ صُرَّبَعْرُ خَازِنًا بِالرُّصَافَةِ وَكَانَ يُنْبَزُ بِالْإِلْحَادِ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ شَيْئًا مِنْ أَشْعَارِهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي فَنِّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ. مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ الْمُهْتَدِي
পৃষ্ঠা - ৯৯৬৯
بِاللَّهِ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْغَرِيقِ وُلِدَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَسَمِعَ الدَّارَقُطْنِيَّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَابْنَ شَاهِينَ، وَتَفَرَّدَ عَنْهُ وَسَمِعَ خَلْقًا آخَرِينَ وَكَانَ ثِقَةً دَيِّنًا كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ رَاهِبُ بَنِي هَاشِمٍ، وَكَانَ غَزِيرَ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ كَثِيرَ التِّلَاوَةِ رَقِيقَ الْقَلْبِ غَزِيرَ الدَّمْعَةِ، رَحَلَ إِلَيْهِ الطَّلَبَةُ مِنَ الْآفَاقِ، ثُمَّ ثَقُلَ سَمْعُهُ فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى النَّاسِ، وَذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ، وَخَطَبَ وَلَهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَشَهِدَ عِنْدَ الْحُكَّامِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَوَلِيَ الْحُكْمَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَأَقَامَ خَطِيبًا بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ وَجَامِعِ الرُّصَافَةِ سِتًّا وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَحَكَمَ سِتًّا وَخَمْسِينَ سَنَةً وَتُوُفِّيَ فِي سَلْخِ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ جَاوَزَ تِسْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ يَوْمُ جِنَازَتِهِ يَوْمًا مَشْهُودًا وَرُئِيَتْ لَهُ مَنَامَاتٌ صَالِحَةٌ.
পৃষ্ঠা - ৯৯৭০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي صَفَرٍ جَلَسَ الْخَلِيفَةُ جُلُوسًا عَامًّا وَعَلَى رَأْسِهِ حَفِيدُهُ الْأَمِيرُ عُدَّةُ الدِّينِ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ، وَعُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، وَحَضَرَ الْأُمَرَاءُ وَالْكُبَرَاءُ، فَعَقَدَ الْخَلِيفَةُ بِيَدِهِ لِوَاءَ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَكَثُرَ الزِّحَامُ يَوْمَهَا حَتَّى هَنَّأَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالسَّلَامَةِ. [غَرَقُ بَغْدَادَ] فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ جَاءَ مَطَرٌ عَظِيمٌ وَسَيْلٌ قَوِيٌّ كَثِيرٌ، وَزَادَتْ دِجْلَةُ حَتَّى غَرَّقَتْ جَانِبًا كَبِيرًا مِنْ بَغْدَادَ حَتَّى خَلَصَ ذَلِكَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ، فَخَرَجَ الْجَوَارِي حَاسِرَاتٍ حَتَّى صِرْنَ إِلَى الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ وَهَرَبَ الْخَلِيفَةُ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَلَمْ يَجِدْ طَرِيقًا يَسْلُكُهُ، فَحَمَلَهُ بَعْضُ الْخَدَمِ إِلَى التَّاجِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمًا عَظِيمًا وَأَمْرًا هَائِلًا وَهَلَكَ لِلنَّاسِ أَمْوَالٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا، وَمَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ تَحْتَ الرَّدْمِ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ وَالْقَرَايَا، وَجَاءَ عَلَى وَجْهِ السَّيْلِ مِنَ الْأَخْشَابِ وَالْوُحُوشِ وَالْحَيَّاتِ شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا، وَسَقَطَتْ دُورٌ كَثِيرَةٌ فِي الْجَانِبَيْنِ وَغَرِقَتْ قُبُورٌ كَثِيرَةٌ ; مِنْ ذَلِكَ قَبْرُ الْخَيْزُرَانِ، وَمَقْبَرَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَدَخَلَ الْمَاءُ مِنْ
পৃষ্ঠা - ৯৯৭১
شَبَابِيكِ الْمَارَسْتَانِ الْعَضُدِيِّ، وَأَتْلَفَ السَّيْلُ فِي الْمَوْصِلِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَصَدَمَ سُورَ سِنْجَارَ فَهَدَمَهُ، وَأَخَذَ بَابَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ إِلَى مَسِيرَةِ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا جَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ بِأَرْضِ الْبَصْرَةِ فَانْجَعَفَ مِنْهَا نَحْوٌ مِنْ خَمْسَةِ آلَافِ نَخْلَةٍ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ السِّمْنَانِيُّ الْحَنَفِيُّ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهَذَا مِنَ الْغَرِيبِ. تَزَوَّجَ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيُّ ابْنَتَهُ وَوَلَّاهُ نِيَابَةَ الْقَضَاءِ، وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلًا مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ. عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكَتَّانِيُّ الْحَافِظُ الدِّمَشْقِيُّ سَمِعَ الْكَثِيرَ وَكَتَبَ كَثِيرًا وَصَنَّفَ فَأَجَادَ وَأَفَادَ، وَلَهُ فِي الْفَضَائِلِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ غَرِيبَةٌ، وَبَعْضُ مَا يَرْوِيهِ مَوْضُوعٌ، وَلَا يُنَبَّهُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ ثِقَةً ضَابِطًا حَافِظًا صَدُوقًا مُسْتَقِيمَ الطَّرِيقَةِ وَالِاعْتِقَادِ،
পৃষ্ঠা - ৯৯৭২
سَلَفِيَّ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ كَتَبَ عَنْهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ. رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو بَكْرٍ الْعَطَّارُ الْأَصْبَهَانِيُّ الْحَافِظُ مُسْتَمْلِي أَبِي نُعَيْمٍ، سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ يُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ، وَكَتَبَ عَنْهُ الْخَطِيبُ حَدِيثًا وَاحِدًا، وَكَانَ عَظِيمًا فِي بَلَدِهِ ثِقَةً نَبِيلًا جَلِيلًا، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الْمَاوَرْدِيَّةُ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ عَجُوزًا صَالِحَةً مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ تَعِظُ النِّسَاءَ بِهَا، وَكَانَتْ تَكْتُبُ وَتَقْرَأُ وَمَكَثَتْ خَمْسِينَ سَنَةً مِنْ عُمْرِهَا لَا تُفْطِرُ نَهَارًا وَلَا تَنَامُ لَيْلًا، وَتَقْتَاتُ بِخُبْزِ الْبَاقِلَّاءِ، وَتَأْكُلُ مِنَ التِّينِ الْيَابِسِ لَا الرَّطْبِ، وَشَيْئًا يَسِيرًا مِنَ الْعِنَبِ وَالزَّيْتِ، وَرُبَّمَا أَكَلَتْ مِنَ اللَّحْمِ الْيَسِيرَ، وَحِينَ تُوُفِّيَتْ تَبِعَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْبَلَدِ جِنَازَتَهَا، وَدُفِنَتْ فِي مَقَابِرِ الصَّالِحِينَ.
পৃষ্ঠা - ৯৯৭৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي صَفَرٍ مِنْهَا مَرِضَ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ مَرَضًا شَدِيدًا انْتَفَخَ مِنْهُ حَلْقُهُ وَامْتَنَعَ مِنَ الْفَصْدِ، فَلَمْ يَزَلِ الْوَزِيرُ فَخْرُ الدَّوْلَةِ عَلَيْهِ حَتَّى افْتَصَدَ فَصَلَحَ الْحَالُ، وَكَانَ النَّاسُ قَدِ انْزَعَجُوا فَفَرِحُوا بِعَافِيَتِهِ. وَجَاءَ فِي هَذَا الشَّهْرِ سَيْلٌ عَظِيمٌ، قَاسَى النَّاسُ مِنْهُ شِدَّةً عَظِيمَةً، وَلَمْ تَكُنْ أَكْثَرُ أَبْنِيَةِ بَغْدَادَ تَكَامَلَتْ مِنَ الْغَرَقِ الْأَوَّلِ فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَى الصَّحْرَاءِ فَجَلَسُوا عَلَى رُءُوسِ التُّلُولِ تَحْتَ الْمَطَرِ. وَوَقَعَ وَبَاءٌ عَظِيمٌ بِالرَّحْبَةِ، فَمَاتَ مِنْ أَهْلِهَا قَرِيبٌ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ بِوَاسِطٍ وَالْبَصْرَةِ وَخُوزِسْتَانَ وَأَرْضِ خُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ [صِفَةُ مَوْتِ الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ] افْتَصَدَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ مَاشَرَا كَانَتْ تَعْتَادُهُ مِنْ عَامِ الْغَرَقِ، ثُمَّ نَامَ بَعْدَ ذَلِكَ فَانْفَجَرَ فِصَادُهُ، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ سَقَطَتْ قُوَّتُهُ وَحَصَلَ الْإِيَاسُ مِنْهُ، فَاسْتَدْعَي بِحَفِيدِهِ وَوَلِيِّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ عُدَّةِ الدِّينِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَائِمِ وَأَحْضَرَ إِلَيْهِ الْقَاضِيَ وَالنُّقَبَاءَ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَيْهِ ثَانِيًا بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ فَشَهِدُوا، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ
পৃষ্ঠা - ৯৯৭৪
الْخَمِيسِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ عَنْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، وَكَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ أَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ مِنَ الْعَبَّاسِيِّينَ قَبْلَهُ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَقَدْ جَاوَزَتْ خِلَافَةُ أَبِيهِ قَبْلَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَكَانَ مَجْمُوعُ أَيَّامِهِمَا خَمْسًا وَثَمَانِينَ سَنَةً وَأَشْهُرًا، وَذَلِكَ مُقَارِبٌ لِدَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ كُلِّهَا، وَقَدْ كَانَ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ جَمِيلًا مَلِيحَ الْوَجْهِ أَبْيَضَ مُشْرَبًا حُمْرَةً، فَصِيحًا وَرِعًا زَاهِدًا أَدِيبًا كَاتِبًا بَلِيغًا شَاعِرًا، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ شِعْرِهِ وَهُوَ بِحَدِيثَةِ عَانَةَ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَكَانَ عَادِلًا كَثِيرَ الْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَسَّلَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَبِي مُوسَى الْحَنْبَلِيُّ عَنْ وَصِيَّةِ الْخَلِيفَةِ بِذَلِكَ، فَعُرِضَ عَلَى الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ مَا هُنَالِكَ مِنَ الْأَثَاثِ وَالْأَمْوَالِ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ شَيْئًا، وَصُلِّيَ عَلَى الْخَلِيفَةِ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْخَمِيسِ الْمَذْكُورِ وَدُفِنَ عِنْدَ أَجْدَادِهِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الرُّصَافَةِ فَقَبْرُهُ يُزَارُ إِلَى الْآنِ، وَغُلِّقَتِ الْأَسْوَاقُ لِمَوْتِهِ، وَعُلِّقَتِ الْمُسُوحُ وَنَاحَتْ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْهَاشِمِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ، وَجَلَسَ الْوَزِيرُ ابْنُ جَهِيرٍ وَابْنُهُ لِلْعَزَاءِ عَلَى الْأَرْضِ، وَخَرَقَ النَّاسُ ثِيَابَهُمْ، وَكَانَ يَوْمًا عَصِيبًا، وَاسْتَمَرَّ الْحَالُ كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَدْ كَانَ مِنْ خِيَارِ بَنِي الْعَبَّاسِ دِينًا وَاعْتِقَادًا وَدَوْلَةً، وَقَدِ امْتُحِنَ مِنْ بَيْنِهِمْ بِفِتْنَةِ الْبَسَاسِيرِيِّ الَّتِي اقْتَضَتْ إِخْرَاجَهُ مِنْ دَارِهِ وَمُفَارَقَتَهُ أَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ وَوَطَنَهُ، فَأَقَامَ بِحَدِيثَةِ عَانَةَ سَنَةً كَامِلَةً، ثُمَّ أَعَادَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ نِعْمَتَهُ وَخِلَافَتَهُ. كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
পৃষ্ঠা - ৯৯৭৫
فَأَصْبَحُوا قَدْ أَعَادَ اللَّهُ نِعْمَتَهُمْ ... إِذْ هُمْ قُرَيْشٌ وَإِذْ مَا مِثْلُهُمْ بَشَرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي ذَلِكَ سَلَفٌ صَالِحٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34] وَقَدْ ذَكَرْنَا مُلَخَّصَ مَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي سُورَةِ " ص " وَبَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَبَّاسِيَّةِ وَالْفِتْنَةِ الْبَسَاسِيرِيَّةِ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَإِحْدَى وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. [خِلَافَةُ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ] وَهُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عُدَّةُ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَمِيرِ ذَخِيرَةِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ بْنِ الْقَادِرِ الْعَبَّاسِيُّ، وَأُمُّهُ أَرْمِنِيَّةٌ تُسَمَّى أُرْجُوانَ وَتُدْعَى قُرَّةَ الْعَيْنِ، وَأَدْرَكَتْ خِلَافَتَهُ وَخِلَافَةَ وَلَدَيْهِ الْمُسْتَظْهِرِ وَالْمُسْتَرْشِدِ. وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ حَمْلٌ، فَحِينَ وُلِدَ ذَكَرًا فَرِحَ بِهِ جَدُّهُ وَالْمُسْلِمُونَ فَرَحًا شَدِيدًا، إِذْ حَفِظَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَقَاءَ الْخِلَافَةِ فِي الْبَيْتِ الْقَادِرِيِّ ; لِأَنَّ مَنْ عَدَاهُمْ يَبْتَذِلُونَ فِي الْأَسْوَاقِ مَعَ الْعَوَامِّ وَكَانَتِ الْقُلُوبُ تَنْفِرُ مِنْ تَوْلِيَةِ مِثْلِ أُولَئِكَ الْخِلَافَةَ عَلَى النَّاسِ، وَنَشَأَ هَذَا فِي حِجْرِ جَدِّهِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ يُرَبِّيهِ بِمَا يَلِيقُ بِأَمْثَالِهِ، وَيُدَرِّبُهُ عَلَى أَحْسَنِ السَّجَايَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَكَانَ عُمْرُ الْمُقْتَدِي حِينَ وَلِيَ الْخِلَافَةَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْجَمَالِ خَلْقًا، وَخُلُقًا وَكَانَتْ بَيْعَتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَجَلَسَ فِي دَارِ الشَّجَرَةِ بِقَمِيصٍ أَبْيَضَ وَعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ لَطِيفَةٍ وَطَرْحَةِ قَصَبٍ دُرِّيَّةٍ، وَجَاءَ الْوُزَرَاءُ وَالْأُمَرَاءُ وَالْأَشْرَافُ وَوُجُوهُ النَّاسِ فَبَايَعُوهُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَبِي مُوسَى الْحَنْبَلِيُّ
পৃষ্ঠা - ৯৯৭৬
وَأَنْشَدَهُ قَوْلَ الشَّاعِرِ: إِذَا سَيِّدٌ مِنَّا مَضَى قَامَ سَيِّدٌ ثُمَّ أُرْتِجَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَدْرِ مَا بَعْدَهُ فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: قَئُولٌ لِمَا قَالَ الْكِرَامُ فَعُولُ وَبَايَعَهُ مِنْ شُيُوخِ الْعِلْمِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَالشَّيْخُ أَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ الشَّافِعِيَّانِ، وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، وَبَرَزَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْعَصْرَ ثُمَّ بَعْدَ سَاعَةٍ أُخْرِجَ تَابُوتُ جَدِّهِ بِسُكُونٍ وَوَقَارٍ مِنْ غَيْرِ صُرَاخٍ وَلَا نَوْحٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَحُمِلَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ كَانَ الْمُقْتَدِي بِاللَّهِ شَهْمًا شُجَاعًا، أَيَّامُهُ كُلُّهَا مُبَارَكَةٌ وَالرِّزْقُ دَارٌّ، وَالْخِلَافَةُ مُعَظَّمَةٌ جِدًّا، وَتَصَاغَرَتِ الْمُلُوكُ لَهُ وَتَضَاءَلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَخُطِبَ لَهُ بِالْحَرَمَيْنِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالشَّامَاتِ كُلِّهَا، وَاسْتَرْجَعَ الْمُسْلِمُونَ الرُّهَا وَأَنْطَاكِيَةَ مِنْ أَيْدِي الْعَدُوِّ، وَعُمِّرَتْ بَغْدَادُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْبِلَادِ وَاسْتَوْزَرَ ابْنَ جَهِيرٍ ثُمَّ أَبَا شُجَاعٍ ثُمَّ أَعَادَ ابْنَ جَهِيرٍ وَقَاضِيَهُ الدَّامَغَانِيُّ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ الشَّامِيُّ وَهَؤُلَاءِ مِنْ خِيَارِ الْقُضَاةِ وَالْوُزَرَاءِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَفِي شَعْبَانَ أَخْرَجَ الْمُفْسِدَاتِ مِنَ الْخَوَاطِئِ مِنْ بَغْدَادَ عَلَى حُمُرَاتٍ يُنَادِينَ عَلَى أَنْفُسِهِنَّ بِالْعَارِ وَالْفَضِيحَةِ، وَخَرَّبَ دُورَهُنَّ وَأَسْكَنَهُنَّ الْجَانِبَ الْغَرْبِيَّ، وَخَرَّبَ أَبْرِجَةَ الْحَمَامِ وَمَنَعَ مِنَ اللَّعِبِ بِهَا، وَأَلْزَمَ النَّاسَ بِالْمَآزِرِ فِي الْحَمَّامَاتِ،
পৃষ্ঠা - ৯৯৭৭
وَمَنَعَ أَصْحَابَ الْحَمَّامَاتِ أَنْ يَصْرِفُوا فَضَلَاتِهَا إِلَى دِجْلَةَ، وَأَلْزَمَهُمْ بِحَفْرِ آبَارٍ لِتِلْكَ الْمِيَاهِ الْقَذِرَةِ صِيَانَةً لِمَاءِ الشُّرْبِ. وَفِي شَوَّالٍ وَقَعَتْ نَارٌ فِي أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ فِي بَغْدَادَ، حَتَّى فِي دَارِ الْخِلَافَةِ فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الدُّورِ وَالدَّكَاكِينِ. وَوَقَعَ بِوَاسِطٍ حَرِيقٌ فِي تِسْعَةِ أَمَاكِنَ، وَاحْتَرَقَ فِيهَا أَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ دَارًا وَسِتَّةُ خَانَاتٍ، وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِيهَا عُمِلَ الرَّصْدُ لِلسُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْمُنَجِّمِينَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ أَمْوَالًا كَثِيرَةً وَبَقِيَ الرَّصْدُ دَائِرًا حَتَّى مَاتَ السُّلْطَانُ فَبَطَلَ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ أُعِيدَتِ الْخُطْبَةُ بِمَكَّةَ لِلْمِصْرِيِّينَ وَقُطِعَتْ خُطْبَةُ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَذَلِكَ لَمَّا قَوِيَ أَمْرُ صَاحِبِ مِصْرَ بَعْدَمَا كَانَ ضَعِيفًا بِسَبَبِ غَلَاءِ بَلَدِهِ، فَلَمَّا أَرْخَصَتْ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَيْهَا وَطَابَ الْعَيْشُ بِهَا، وَقَدْ كَانَتِ الْخُطْبَةُ الْعَبَّاسِيَّةُ بِمَكَّةَ أَرْبَعَ سِنِينَ وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ، وَسَتَعُودُ كَمَا كَانَتْ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ وَفِي هَذَا الشَّهْرِ انْجَفَلَ أَهْلُ السَّوَادِ مِنْ شِدَّةِ الْوَبَاءِ وَقِلَّةِ مَاءِ دِجْلَةَ وَنَقْصِهَا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ الشَّرِيفُ أَبُو طَالِبٍ الْحُسَيْنِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ وَأَخَذَ الْبَيْعَةَ لِلْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِي. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْخَلِيفَةُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا شَيْئًا مِنْ تَرْجَمَتِهِ عِنْدَ ذِكْرِ
পৃষ্ঠা - ৯৯৭৮
وَفَاتِهِ. رَحِمَهُ اللَّهُ. الدَّاوُدِيُّ رَاوِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الدَّاوُدِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، سَمِعَ الْكَثِيرَ وَتَفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ، وَصَحِبَ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، وَكَتَبَ الْكَثِيرَ وَدَرَّسَ وَأَفْتَى وَصَنَّفَ وَوَعَظَ النَّاسَ، وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ طُولَى فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ كَثِيرَ الذِّكْرِ لَا يَفْتُرُ لِسَانُهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، دَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا الْوَزِيرُ نِظَامُ الْمُلْكِ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَكَ عَلَى عِبَادِهِ فَانْظُرْ كَيْفَ تُجِيبُهُ إِذَا سَأَلَكَ عَنْهُمْ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبُوشَنْجَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ. وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: كَانَ فِي الِاجْتِمَاعِ بِالنَّاسِ نُورٌ ... فَمَضَى النُّورُ وَادْلَهَمَّ الظَّلَامُ فَسَدَ النَّاسُ وَالزَّمَانُ جَمِيعًا ... فَعَلَى النَّاسِ وَالزَّمَانِ السَّلَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الطَّيِّبِ الْبَاخَرْزِيُّ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، اشْتَغَلَ أَوَّلًا عَلَى الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ ثُمَّ عَدَلَ إِلَى الْكِتَابَةِ
পৃষ্ঠা - ৯৯৭৯
وَالشِّعْرِ فَفَاقَ أَقْرَانَهُ وَلَهُ دِيوَانٌ مَشْهُورٌ فِيهِ: وَإِنِّي لَأَشْكُو لَسْعَ أَصْدَاغِكِ الَّتِي ... عَقَارِبُهَا فِي وَجْنَتَيْكِ تَحُومُ وَأَبْكِي لِدُرِّ الثَّغْرِ مِنْكِ وَلِي أَبٌ ... فَكَيْفَ يُدِيمُ الضَّحِكَ وَهْوَ يَتِيمُ
পৃষ্ঠা - ৯৯৮০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: جَاءَ جَرَادٌ فِي شَعْبَانَ بِعَدَدِ الرَّمْلِ وَالْحَصَى فَأَكَلَ الْغَلَّاتِ وَأَكْدَى أَكْثَرُ النَّاسِ وَجَاعُوا فَطُحِنَ الْخَرُّوبُ بِدَقِيقِ الدُّخْنِ فَأَكَلُوهُ، وَوَقَعَ الْوَبَاءُ ثُمَّ مَنَعَ اللَّهُ الْجَرَادَ مِنَ الْفَسَادِ، وَكَانَ يَمُرُّ وَلَا يَضُرُّ، فَرَخُصَتِ الْأَسْعَارُ. قَالَ: وَوَقَعَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِدِمَشْقَ وَاسْتَمَرَّ ثَلَاثَ سِنِينَ. وَفِيهَا مَلَكَ نَصْرُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ صَالِحِ بْنِ مِرْدَاسٍ مَدِينَةَ مَنْبِجَ وَأَجْلَى عَنْهَا الرُّومَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ الْأَقْسِيسُ مَدِينَةَ دِمَشْقَ وَهُزِمَ عَنْهَا الْمُعَلَّى بْنُ حَيْدَرَةَ نَائِبُ الْمُسْتَنْصِرِ الْعُبَيْدِيُّ إِلَى مَدِينَةِ بَانْيَاسَ، وَخُطِبَ فِيهَا لِلْمُقْتَدِي وَقُطِعَتْ خُطْبَةُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْهَا إِلَى الْآنِ، فَاسْتَدْعَى الْمُسْتَنْصِرُ نَائِبَهُ فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي السِّجْنِ.
পৃষ্ঠা - ৯৯৮১
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مُقْطَعُ الْكُوفَةِ وَهُوَ الْأَمِيرُ خُتْلُغُ بْنُ كَنْتِكِينَ التُّرْكِيُّ وَيُعْرَفُ بِالطَّوِيلِ. وَكَانَ قَدْ شَرَّدَ خَفَاجَةَ فِي الْبِلَادِ وَقَهَرَهُمْ، وَلَمْ يَصْحَبْ مَعَهُ سِوَى سِتَّةَ عَشَرَ تُرْكِيًّا، فَوَصَلَ سَالِمًا إِلَى مَكَّةَ، وَلَمَّا نَزَلَ بِبَعْضِ دُورِهَا كَبَسَهُ بَعْضُ الْعَبِيدِ فَقَتَلَ فِيهِمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَهَزَمَهُمْ هَزِيمَةً شَنِيعَةً، ثُمَّ إِنَّمَا كَانَ يَنْزِلُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالزَّاهِرِ قَالَهُ ابْنُ السَّاعِي فِي " تَارِيخِهِ " وَأُعِيدَتِ الْخُطْبَةُ فِي ذِي الْحِجَّةِ بِمَكَّةَ لِلْعَبَّاسِيِّينَ، وَقُطِعَتْ خُطْبَةُ الْمِصْرِيِّينَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ أَبِي مُوسَى أَبُو تَمَّامِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ ابْنُ الْقَاضِي أَبِي عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ نَقِيبُ الْهَاشِمِيِّينَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الْفَقِيهِ الْحَنْبَلِيِّ، رَوَى الْحَدِيثَ وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْبٍ. مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدُوسٍ أَبُو بَكْرٍ الصَّفَّارُ مِنْ أَهْلِ