আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৮৫৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا تَجَدَّدَ الشَّرُّ وَالْقِتَالُ وَالْحَرِيقُ بَيْنَ الرَّوَافِضِ وَالسُّنَّةِ، وَقَوِيَ، وَتَفَاقَمَ الْحَالُ. وَوَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ الْغُزَّ عَلَى قَصْدِ الْعِرَاقِ. وَفِيهَا نُقِلَ إِلَى الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيَّ يَقُولُ بِكَذَا وَكَذَا، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي أَنْكَرَهَا الْمَلِكُ، فَأَمَرَ بِلَعْنِهِ، وَصَرَّحَ أَهْلُ نَيْسَابُورَ بِتَكْفِيرِ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ، فَضَجَّ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هَوَازِنَ، وَصَنَّفَ رِسَالَةً سَمَّاهَا " شِكَايَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ لِمَا نَالَهُمْ مِنَ الْمِحْنَةِ "، وَاسْتَدْعَى السُّلْطَانُ جَمَاعَةً مِنْ رُءُوسِ الْأَشَاعِرَةِ، مِنْهُمُ الْقُشَيْرِيُّ، فَسَأَلَهُمْ عَمَّا أُنْهِي إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، فَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ ذَلِكَ، فَقَالَ: نَحْنُ إِنَّمَا لَعَنَّا مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ. وَجَرَتْ فِتَنٌ طَوِيلَةٌ. وَفِيهَا اسْتَوْلَى فُولَاسْتُونُ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ عَلَى شِيرَازَ وَخَرَجَ مِنْهَا أَخُوهُ أَبُو سَعْدٍ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৫৯
وَفِي شَوَّالٍ سَارَ الْبَسَاسِيرِيُّ إِلَى أَكْرَادٍ وَأَعْرَابٍ أَفْسَدُوا بِالْبَوَازِيجِ، فَهَزَمَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ. وَلَمْ يَحُجَّ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَيْضًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَوْحٍ، أَبُو الْحُسَيْنِ النَّهْرَوَانِيُّ، كَانَ يَنْظُرُ فِي الْعِيَارِ بِدَارِ الضَّرْبِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ. قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا عَلَى شَطِّ النَّهْرَوَانِ فَسَمِعْتُ رَجُلًا يَتَغَنَّى فِي سَفِينَةٍ مُنْحَدِرَةٍ: وَمَا طَلَبُوا سِوَى قَتْلِي ... فَهَانَ عَلَيَّ مَا طَلَبُوا فَاسْتَوْقَفْتُهُ وَقُلْتُ: أَضِفْ إِلَيْهِ أَيْضًا: عَلَى قَتْلِي الْأَحِبَّةُ بَالتَّمَ ... ادِي فِي الْجَفَا غَلَبُوا وَبِالْهُجْرَانِ طِيبُ النَّوْ ... مِ مِنْ عَيْنَيَّ قَدْ سَلَبُوا وَمَا طَلَبُوا سِوَى قَتْلِي ... فَهَانَ عَلَيَّ مَا طَلَبُوا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ، أَبُو سَعْدٍ الرَّازِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالسَّمَّانِ، شَيْخُ الْمُعْتَزِلَةِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَكَتَبَ عَنْ أَرْبَعَةِ آلَافِ شَيْخٍ، وَكَانَ عَالِمًا بَارِعًا فَاضِلًا مَعَ اعْتِزَالِهِ، وَمِنْ كَلَامِهِ: مَنْ لَمْ يَكْتُبِ الْحَدِيثَ لَمْ يَتَغَرْغَرْ بِحَلَاوَةِ الْإِسْلَامِ. وَكَانَ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ، عَالِمًا بِالْخِلَافِ وَالْفَرَائِضِ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬০
وَالْحِسَابِ وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ، وَقَدْ تَرْجَمَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِهِ " فَأَطْنَبَ فِي شُكْرِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. عُمَرُ بْنُ الشَّيْخِ أَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ، سَمِعَ أَبَاهُ وَابْنَ شَاهِينَ، وَكَانَ صَدُوقًا، يُكَنَّى بِأَبِي حَفْصٍ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْفَرَجِ بْنِ الْأَزْهَرِ، أَبُو طَالِبٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السَّوَادِيِّ، وَهُوَ أَخُو أَبِي الْقَاسِمِ الْأَزْهَرِيِّ، تُوُفِّيَ عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي تَمَّامٍ، أَبُو تَمَّامٍ الزَّيْنَبِيُّ نَقِيبُ النُّقَبَاءِ، قَامَ ابْنُهُ مَكَانَهُ فِي النِّقَابَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৬১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا غَزَا السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَكُ بِلَادَ الرُّومِ بَعْدَ أَخْذِهِ بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ فَغَنِمَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ وَسَبَى، وَعَمِلَ أَشْيَاءَ حَسَنَةً، ثُمَّ عَادَ سَالِمًا إِلَى أَذْرَبِيجَانَ فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً. وَفِيهَا أَخَذَ قُرَيْشُ بْنُ بَدْرَانَ الْأَنْبَارَ وَخَطَبَ بِهَا وَبِالْمَوْصِلِ لِلسُّلْطَانِ طُغْرُلْبَكَ وَأَخْرَجَ مِنْهَا نُوَّابَ الْبَسَاسِيرِيِّ. وَفِيهَا دَخَلَ أَبُو الْحَارِثِ الْمُظَفَّرُ الْبَسَاسِيرِيُّ إِلَى بَغْدَادَ مَعَ بَنِي خَفَاجَةَ مُنْصَرَفَهُ مِنَ الْوَقْعَةِ، وَظَهَرَتْ مِنْهُ آثَارُ النَّفْرَةِ لِلْخِلَافَةِ، فَرَاسَلَهُ الْخَلِيفَةُ لِتَطِيبَ نَفْسُهُ، وَخَرَجَ فِي ذِي الْحِجَّةِ إِلَى الْأَنْبَارِ فَأَخَذَهَا، وَكَانَ مَعَهُ دُبَيْسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ، وَخَرَّبَ أَمَاكِنَ، وَحَرَّقَ غَيْرَهَا، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ إِلَى بَيْتِ النُّوبَةِ لِيَخْلَعَ عَلَيْهِ، فَجَاءَ إِلَى أَنْ حَاذَى بَيْتَ النُّوبَةِ فَخَدَمَ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَعْبُرْ، فَقَوِيَتِ الْوَحْشَةُ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ دَاوُدَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬২
السَّلَمَاسِيُّ، سَمِعَ ابْنَ شَاهِينَ وَابْنَ حَيَّوَيْهِ وَالدَّارَقُطْنِيَّ، وَكَانَ ثِقَةً أَمِينًا، مَشْهُورًا بِاصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ، وَفِعْلِ الْخَيْرِ، وَافْتِقَادِ الْفُقَرَاءِ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ، وَكَانَ قَدْ أُرِيدَ عَلَى الشَّهَادَةِ، فَأَبَى مِنْ ذَلِكَ. فِي كُلِّ شَهْرٍ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ نَفَقَةً لِأَهْلِهِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ اللَّبَّانِ، أَحَدُ تَلَامِذَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَلِيَ قَضَاءَ إِيذَجَ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ التَّرَاوِيحَ، ثُمَّ يَقُومُ بَعْدَهُمْ إِلَى الْفَجْرِ، فَرُبَّمَا انْقَضَى الشَّهْرُ عَنْهُ، وَلَمْ يَضْطَجِعْ إِلَى الْأَرْضِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا مَلَكَ طُغْرُلْبَكَ بَغْدَادَ وَهُوَ أَوَّلُ مُلُوكِ السَّلْجُوقِيَّةِ لِبِلَادِ الْعِرَاقِ وَآخَرُ مُلْكِ بَنِي بُوَيْهِ. وَفِيهَا تَأَكَّدَتِ الْوَحْشَةُ بَيْنَ الْبَسَاسِيرِيِّ وَبَيْنَ الْخَلِيفَةِ، وَاشْتَكَتِ الْأَتْرَاكُ مِنْهُ، وَأَطْلَقَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ عِبَارَتَهُ فِيهِ، وَذَكَرَ قَبِيحَ أَفْعَالِهِ، وَأَنَّهُ كَاتَبَ الْمِصْرِيِّينَ بِالطَّاعَةِ، وَخَلَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعَةِ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَقَالَ الْخَلِيفَةُ: وَلَيْسَ إِلَّا إِهْلَاكُهُ. وَفِيهَا غَلَتِ الْأَسْعَارُ بِنُوَاحِي الْأَهْوَازِ، حَتَّى بِيعَ الْكُرُّ فِي مَدِينَةِ شِيرَازَ بِأَلْفِ دِينَارٍ. وَفِيهَا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالرَّافِضَةِ عَلَى الْعَادَةِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا مُسْتَمِرًّا، وَلَا تَمَكَّنَ الدَّوْلَةُ أَنْ يَحْجِزُوا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَفِيهَا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْأَشَاعِرَةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَكَانَ جَانِبُ الْحَنَابِلَةِ قَوِيًّا بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنَ الْأَشَاعِرَةِ شُهُودَ الْجَمَاعَاتِ. قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৪
فِي " الْمُنْتَظَمِ ". قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ أَرْسَلَانُ التُّرْكِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْبَسَاسِيرِيِّ قَدْ عَظُمَ أَمْرُهُ وَاسْتَفْحَلَ ; لِعَدَمِ أَقْرَانِهِ مِنْ مُتَقَدِّمِي الْأَتْرَاكِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلَادِ وَطَارَ اسْمُهُ وَتَهَيَّبَتْهُ أُمَرَاءُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَدُعِيَ لَهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمَنَابِرِ الْعِرَاقِيَّةِ وَالْأَهْوَازِ وَنَوَاحِيهَا، وَلَمْ يَكُنِ الْخَلِيفَةُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ، ثُمَّ صَحَّ عِنْدَ الْخَلِيفَةِ سُوءُ عَقِيدَتِهِ، وَشَهِدَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ عَرَّفَهُمْ وَهُوَ بِوَاسِطٍ عَزْمَهُ عَلَى نَهْبِ دَارِ الْخِلَافَةِ وَالْقَبْضِ عَلَى الْخَلِيفَةِ، فَكَاتَبَ الْخَلِيفَةُ أَبَا طَالِبٍ مُحَمَّدَ بْنَ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ الْمُلَقَّبَ طُغْرُلْبَكَ يَسْتَنْهِضُهُ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ، فَانْفَضَّ أَكْثَرُ مَنْ كَانَ مَعَ الْبَسَاسِيرِيِّ، وَعَادُوا إِلَى بَغْدَادَ سَرِيعًا، ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى قَصْدِ دَارِ الْبَسَاسِيرِيِّ وَهِيَ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ فَأَحْرَقُوهَا، وَهَدَمُوا أَبْنِيَتَهَا. وَوَصَلَ طُغْرُلْبَكُ إِلَى بَغْدَادَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَقَدْ تَلَقَّاهُ إِلَى أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ الْأُمَرَاءُ وَالْوُزَرَاءُ وَالْحُجَّابُ، وَدَخَلَ بَغْدَادَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ جِدًّا، وَخُطِبَ لَهُ بِهَا، ثُمَّ بَعْدَهُ لِلْمَلِكِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ قُطِعَتْ خُطْبَةُ الْمَلِكِ الرَّحِيمِ فِي أَوَاخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَرُفِعَ إِلَى الْقَلْعَةِ مُعْتَقَلًا، وَكَانَ آخِرَ مُلُوكِ بَنِي بُوَيْهِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلَايَتِهِ لِبَغْدَادَ سِتَّ سِنِينَ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَطُغْرُلْبَكُ أَوَّلُ مُلُوكِ السَّلْجُوقِيَّةِ، وَنَزَلَ طُغْرُلْبَكُ دَارَ الْمَمْلَكَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عِمَارَتِهَا، وَنَزَلَ أَصْحَابُهُ دُورَ الْأَتْرَاكِ، وَكَانَ مَعَهُ ثَمَانِيَةُ أَفْيِلَةٍ، وَوَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْأَتْرَاكِ وَالْعَامَّةِ، وَنُهِبَ الْجَانِبُ الشَّرْقِيُّ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৫
بِكَمَالِهِ، وَجَرَتْ خُطُوبٌ وَخَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ. وَأَمَّا الْبَسَاسِيرِيُّ فَإِنَّهُ فَرَّ مِنَ الْخَلِيفَةِ إِلَى نَاحِيَةِ بِلَادِ الرَّحْبَةِ، وَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِ مِصْرَ بِأَنَّهُ عَلَى إِقَامَةِ الدَّعْوَةِ لَهُ بِالْعِرَاقِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِوِلَايَةِ الرَّحْبَةِ وَنِيَابَتِهِ بِهَا ; لِيَكُونَ عَلَى أُهْبَةِ التَّمَكُّنِ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي يُحَاوِلُهُ، قَبَّحَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ عَاشِرِ ذِي الْقَعْدَةِ قُلِّدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّامَغَانِيُّ قَضَاءَ الْقُضَاةِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَاكُولَا، ثُمَّ خُلِعَ عَلَى الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ بَعْدَ دُخُولِهِ بَغْدَادَ بِيَوْمٍ، وَرَجَعَ إِلَى دَارِهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الدَّبَادِبُ وَالْبُوقَاتُ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ تُوُفِّيَ ذَخِيرَةُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَهُوَ وَلِيُّ عَهْدِ أَبِيهِ، فَعَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ بِهِ، وَجَلَسَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ لِلْعَزَاءِ، وَجَاءَ النَّاسُ، وَقَدْ أُمِرُوا بِتَخْرِيقِ ثِيَابِهِمْ وَنَشْرِ عَمَائِمِهِمْ وَالتَّحَفِّي، وَقُطِعَتِ الدَّبَادِبُ أَيَّامَ الْعَزَاءِ بِدَارِ الْخِلَافَةِ وَدَارِ الْمُلْكِ حُزْنًا عَلَى وَلِيِّ عَهْدِ الْخِلَافَةِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَوْلَى أَبُو كَامِلٍ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّلَيْحِيُّ الْهَمْدَانِيُّ عَلَى أَكْثَرِ أَعْمَالِ الْيَمَنِ، وَخَطَبَ فِيهَا لِلْفَاطِمِيِّينَ، وَقَطَعَ خُطْبَةَ الْعَبَّاسِيِّينَ. وَفِيهَا كَثُرَ فَسَادُ الْغُزِّ وَنَهْبُهُمْ، فَثَاوَرَهُمُ الْعَوَامُّ وَاقْتَتَلُوا، وَنَهَبُوا الْعَامَّةَ حَتَّى أُبِيعَ الثَّوْرَ بِخَمْسَةِ قَرَارِيطَ، وَالْحِمَارُ بِقِيرَاطَيْنِ إِلَى خَمْسَةِ قَرَارِيطَ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৬
وَفِيهَا اشْتَدَّ الْغَلَاءُ بِمَكَّةَ، وَعُدِمَتِ الْأَقْوَاتُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ جَرَادًا مِلْءَ الْأَرْضِ، فَتَعَوَّضُوا بِهِ عَنِ الطَّعَامِ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَلَّكَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دُلَفَ بْنِ أَبِي دُلَفَ الْعِجْلِيُّ قَاضِي الْقُضَاةِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ مَاكُولَا الشَّافِعِيُّ، أَصْلُهُ مِنْ أَهْلِ جَرْبَاذَقَانَ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِالْبَصْرَةِ، ثُمَّ وَلَّاهُ الْقَادِرُ بِاللَّهِ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَأَقَرَّهُ ابْنُهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، مِنْهَا فِي الْقَضَاءِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَكَانَ صِيِّنَا دَيِّنًا، لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ هَدِيَّةً وَلَا مِنَ الْخَلِيفَةِ، وَكَانَ يُذْكَرُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، فَمِنْهُ: تَصَابَى بُرْهَةً مِنْ بَعْدِ شَيْبٍ ... فَمَا أَغْنَى مَعَ الشَّيْبِ التَّصَابِي وَسَوَّدَ عَارِضَيْهِ بِلَوْنِ خَضْبٍ ... فَلَمْ يَنْفَعْهُ تَسْوِيدُ الْخِضَابِ وَأَبْدَى لِلْأَحِبَّةِ كُلَّ لُطْفٍ ... فَمَا زَادُوا سِوَى فَرْطِ اجْتِنَابِ سَلَامُ اللَّهِ عَوْدًا بَعْدَ بِدْءٍ ... عَلَى أَيَّامِ رَيَعَانِ الشَّبَابِ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৭
تَوَلَّى غَيْرَ مَذْمُومٍ وَأَبْقَى ... بِقَلْبِي حَسْرَةً تَحْتَ الْحِجَابِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَهْمِ، أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَتَنُوخُ اسْمٌ لِعِدَّةِ قَبَائِلَ اجْتَمَعُوا بِالْبَحْرَيْنِ، وَتَحَالَفُوا عَلَى التَّنَاصُرِ وَالتَّآزُرِ، فَسُمُّوا تَنُوخًا. وُلِدَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ سَنَةَ سَبْعِينَ، وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عِنْدَ الْحُكَّامِ فِي حَدَاثَتِهِ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِالْمَدَائِنِ وَغَيْرِهَا، وَكَانَ صَدُوقًا مُحْتَاطًا، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَمِيلُ إِلَى الِاعْتِزَالِ وَالرَّفْضِ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ عُقِدَ عَقْدُ الْخَلِيفَةِ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ أَخِي السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَكَ وَقِيلَ: ابْنَةُ أَخِيهِ دَاوُدَ، وَاسْمُهَا خَدِيجَةُ، الْمُلَقَّبَةُ أَرْسَلَانَ خَاتُونَ، عَلَى صَدَاقِ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَحَضَرَ هَذَا الْعَقْدَ عَمِيدُ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيُّ وَزِيرُ طُغْرُلْبَكَ، وَنَقِيبُ الْعَلَوِيِّينَ، وَنَقِيبُ الْهَاشِمِيِّينَ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ الدَّامَغَانِيُّ، وَأَقْضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَرَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ ابْنُ الْمُسْلِمَةِ وَهُوَ الَّذِي خَطَبَ الْخُطْبَةَ، وَقَبِلَ الْخَلِيفَةُ الْعَقْدَ، فَلَمَّا كَانَ شَعْبَانُ ذَهَبَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ إِلَى الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ وَقَالَ: يَقُولُ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] . وَقَدْ أَذِنَ فِي نَقْلِ الْوَدِيعَةِ الْكَرِيمَةِ إِلَى دَارِهِ الْعَزِيزَةِ. فَقَالَ: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ. فَذَهَبَتْ أُّمُّ الْخَلِيفَةِ إِلَى دَارِ الْمَمْلَكَةِ لِاسْتِدْعَاءِ الْعَرُوسِ، فَجَاءَتْ مَعَهَا، وَفِي خِدْمَتِهَا الْوَزِيرُ عَمِيدُ الْمُلْكِ وَالْحَشَمُ، فَدَخَلُوا دَارَهُ، وَشَافَهَ الْخَلِيفَةَ ابْنُ عَمِّهَا يَسْأَلُ مُعَامَلَتَهَا بِاللُّطْفِ وَالْإِحْسَانِ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَبَّلَتِ الْأَرْضُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِرَارًا، فَأَدْنَاهَا إِلَيْهِ، وَأَجْلَسَهَا إِلَى جَانِبِهِ، وَأَفَاضَ عَلَيْهَا خِلْعَةً سَنِيَّةً وَتَاجًا مِنْ جَوْهَرٍ، وَأَعْطَاهَا مِنَ
পৃষ্ঠা - ৯৮৬৯
الْغَدِ مِائَةَ ثَوْبٍ دِيبَاجًا، وَقَصَبَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَطَاسَةَ ذَهَبٍ قَدْ نَبَتَ فِيهَا الْجَوْهَرُ وَالْيَاقُوتُ وَالْفَيْرُوزَجُ، وَأَقْطَعَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ عَمَلِ الْفُرَاتِ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَمَرَ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَكُ بِبِنَاءِ دَارِ الْمُلْكِ الْعَضُدِيَّةِ، فَخَرِبَتْ مَحَالٌّ كَثِيرَةٌ فِي عِمَارَتِهَا، وَنَهَبَتِ الْعَامَّةُ أَخْشَابًا كَثِيرَةً بِسَبَبِهَا مِنْ دُورِ الْأَتْرَاكِ وَالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، وَبَاعُوهُ عَلَى الْخَبَّازِينَ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ وَخَوْفٌ وَنَهْبٌ كَثِيرٌ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ عَقِبَ ذَلِكَ فَنَاءٌ عَظِيمٌ بِحَيْثُ دُفِنَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِغَيْرِ غَسْلٍ وَلَا تَكْفِينٍ، وَغَلَتِ الْأَشْرِبَةُ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمَرْضَى كَثِيرًا، وَاغْبَرَّ الْجَوُّ، وَفَسَدَ الْهَوَاءُ، وَكَثُرَ الذُّبَابُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ ": وَعَمَّ هَذَا الْوَبَاءُ وَالْغَلَاءُ مَكَّةَ وَالْحِجَازَ وَدِيَارَ بَكْرٍ وَالْمَوْصِلَ وَبِلَادَ الرُّومِ وَخُرَاسَانَ وَالْجِبَالَ وَالدُّنْيَا كُلَّهَا. هَذَا لَفَظُهُ فِي " الْمُنْتَظَمِ ". قَالَ: وَوَرَدَ كِتَابٌ مِنْ مِصْرَ أَنَّ ثَلَاثَةً مِنَ اللُّصُوصِ نَقَبُوا بَعْضَ الدُّورِ، فَوُجِدُوا عِنْدَ الصَّبَاحِ مَوْتَى ; أَحَدُهُمْ عَلَى بَابِ النَّقْبِ، وَالثَّانِي عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ، وَالثَّالِثُ عَلَى الثِّيَابِ الْمُكَوَّرَةِ. وَفِيهَا أَمَرَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ بِأَنْ تُنْصَبُ أَعْلَامٌ سُودٌ فِي الْكَرْخِ، فَانْزَعَجَ أَهْلُهُ لِذَلِكَ، وَكَانَ كَثِيرَ الْأَذِيَّةِ لِلرَّافِضَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُدَافِعُ عَنْهُمْ عَمِيدُ الْمُلْكِ
পৃষ্ঠা - ৯৮৭০
الْكُنْدُرِيُّ وَزِيرُ طُغْرُلْبَكَ. وَفِيهَا هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، وَارْتَفَعَتْ سَحَابَةٌ تُرَابِيَّةٌ، فَأَظْلَمَتِ الدُّنْيَا، وَاحْتَاجَ النَّاسُ فِي الْأَسْوَاقِ إِلَى السُّرُجِ فِي النَّهَارِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ " وَفِيهَا فِي الْعَشْرِ الثَّانِي مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ ظَهَرَ وَقْتَ السَّحَرِ نَجْمٌ لَهُ ذُؤَابَةٌ طُولُهَا فِي رَأْيِ الْعَيْنِ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ، وَفِي عَرْضِ نَحْوِ الذِّرَاعِ، وَلَبِثَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ إِلَى النِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ ثُمَّ اضْمَحَلَّ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّهُ طَلَعَ مِثْلُ هَذَا بِمِصْرَ فَمُلِكَتْ. وَكَذَلِكَ بَغْدَادُ لَمَّا طَلَعَ فِيهَا هَذَا مُلِكَتْ وَخُطِبَ بِهَا لِلْمِصْرِيِّينَ. وَفِيهَا أُلْزِمَ الرَّوَافِضُ بِتَرْكِ الْأَذَانِ بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، وَأُمِرُوا أَنْ يُنَادِيَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي الصُّبْحِ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ: الصَّلَاةُ خَيْرُ مِنَ النَّوْمِ، مَرَّتَيْنِ، وَأُزِيلَ مَا كَانَ عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِهِمْ وَمَشَاهِدِهِمْ وَأَبْوَابِهِمْ مِنْ كِتَابَةِ: مُحَمَّدٌ وَعْلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ. وَدَخَلَ الْمُنْشِدُونَ مِنْ بَابِ الْبَصْرَةِ إِلَى الْكَرْخِ، فَأَنْشَدُوا بِفَضَائِلِ الصَّحَابَةِ فِي مَدَائِحَ لَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّوْءَ الْأَوَّلَ اضْمَحَلَّ ; كَانَتْ بَنُو بُوَيْهِ تُقَوِّيهِمْ وَتَنْصُرُهُمْ، فَزَالُوا وَبَادُوا، وَأَذْهَبَ اللَّهُ دَوْلَتَهُمْ، وَجَاءَ اللَّهُ بِقَوْمٍ آخَرِينَ مِنَ الْأَتْرَاكِ السَّلْجُوقِيَّةِ يُحِبُّونَ السُّنَّةَ وَيُوَالُونَ أَهْلَهَا، وَيَعْتَرِفُونَ بِرِفْعَةِ قَدْرِهَا، وَيَرْفَعُونَ مَحَلَّهَا، وَاللَّهُ الْمَحْمُودُ أَبَدًا عَلَى طُولِ الْمَدَى. وَأَمَرَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ وَزِيرَ الْخِلَافَةِ لِلْوَالِي بِقَتْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَلَّابِ شَيْخِ الْبَزَّازِينَ بِبَابِ الطَّاقِ ; لِمَا كَانَ يَتَظَاهَرُ بِهِ مِنَ الْغُلُوِّ فِي الرَّفْضِ، فَقُتِلَ وَصُلِبَ عَلَى بَابِ دُكَّانِهِ، وَهَرَبَ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ وَنُهِبَتْ دَارُهُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৭১
وَفِيهَا جَاءَ الْبَسَاسِيرِيُّ - قَبَّحَهُ اللَّهُ - إِلَى الْمَوْصِلِ وَمَعَهُ نُورُ الدَّوْلَةِ دُبَيْسُ، فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ، فَاقْتَتَلَ مَعَ صَاحِبِهَا قُرَيْشٍ وَنَصَرَهُ قُتُلْمِشُ ابْنُ عَمِّ طُغْرُلْبَكَ وَهُوَ جَدُّ مُلُوكِ الرُّومِ، فَهَزَمَهُمَا الْبَسَاسِيرِيُّ، وَأَخَذَ الْبَلَدَ قَهْرًا، فَخَطَبَ بِهَا لِلْمِصْرِيِّينَ الْفَاطِمِيِّينَ، وَأَخْرَجَ كَاتِبَهُ مِنَ السِّجْنِ - وَكَانَ قَدْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ، فَقُتِلَ - وَكَذَلِكَ خُطِبَ لِلْمِصْرِيِّينَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِالْكُوفَةِ وَوَاسِطٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبِلَادِ، وَعَزَمَ طُغْرُلْبَكُ الْمَلِكُ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْمَوْصِلِ لِمُنَاجَزَةِ الْبَسَاسِيرِيِّ، فَنَهَاهُ الْخَلِيفَةُ عَنِ الْخُرُوجِ، ذَلِكَ لِضِيقِ الْحَالِ وَغَلَاءِ الْأَسْعَارِ، فَلَمْ يَقْبَلْ، فَخَرَجَ بِجَيْشِهِ قَاصِدًا الْمَوْصِلَ فِي جَحْفَلٍ عَظِيمَةٍ، وَمَعَهُ الْفِيَلَةُ وَالْمَنْجَنِيقَاتُ، وَكَانَ جَيْشُهُ لِكَثْرَتِهِمْ يَنْهَبُونَ الْقُرَى، وَرُبَّمَا سَطَوْا عَلَى بَعْضِ الْحَرِيمِ، فَكَتَبَ الْخَلِيفَةُ إِلَى السُّلْطَانِ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَبَعَثَ يَعْتَذِرُ بِكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَأَعْرَضُ عَنْهُ، وَقَالَ لَهُ: يُحَكِّمُكَ اللَّهُ فِي الْبِلَادِ، ثُمَّ لَا تَرْفُقُ بِخَلْقِهِ وَلَا تَخَافُ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟! فَاسْتَيْقَظَ مَذْعُورًا، وَأَمَرَ وَزِيرَهُ أَنْ يُنَادِيَ فِي الْجَيْشِ بِالْعَدْلِ، وَأَنْ لَا يَظْلِمَ أَحَدٌ أَحَدًا. وَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنَ الْمَوْصِلِ فَتَحَ دُونَهَا بِلَادًا، ثُمَّ فَتَحَهَا وَسَلَّمَهَا إِلَى أَخِيهِ دَاوُدَ، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى بِلَادِ بَكْرٍ، فَفَتَحَ أَمَاكِنَ كَثِيرَةً هُنَالِكَ. وَفِيهَا ظَهَرَتْ دَوْلَةُ الْمُلَثَّمِينَ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ، وَأَظْهَرُوا إِعْزَازَ الدِّينِ وَكَلِمَةِ الْحَقِّ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى بِلَادٍ كَثِيرَةٍ بِالْمَغْرِبِ، مِنْهَا سِجِلْمَاسَةُ وَأَعْمَالُهَا وَالسُّوسُ، وَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِهَا، وَأَوَّلُ مُلُوكِ الْمُلَثَّمِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ. وَقَدْ أَقَامَ بِسِجِلْمَاسَةُ إِلَى أَنْ تُوَفِّيَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَوَلِيَ
পৃষ্ঠা - ৯৮৭২
بُعْدَهُ أَبُو نَصْرٍ يُوسُفُ بْنُ تَاشِفِينَ وَتَلَقَّبَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَوِيَ أَمْرُهُ، وَعَلَا قَدْرُهُ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ. وَفِيهَا أُلْزِمَ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِلُبْسِ الْغِيَارَ بِبَغْدَادَ عَنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَكَ، بَيَّضَ اللَّهُ وَجْهَهُ. وَفِيهَا وُلِدَ لِذَخِيرَةِ الدِّينِ - بَعْدَ مَوْتِهِ، مِنْ جَارِيَةٍ لَهُ - وَلَدٌ ذَكَرٌ، وَهُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ. وَفِيهَا كَانَ الْغَلَاءُ وَالْفَنَاءُ مُسْتَمِرَّيْنِ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَلْكٍ، أَبُو الْحَسَنِ الْمُؤَدَّبُ الْمَعْرُوفُ بِالْفَالِيِّ، صَاحِبُ " الْأَمَالِي "، وَفَالَةُ قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ إِيذَجَ، أَقَامَ بِالْبَصْرَةِ مُدَّةً، وَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ فَاسْتَوْطَنَهَا، وَكَانَ ثِقَةً فِي نَفْسِهِ، كَثِيرَ الْفَضَائِلِ. وَمِنْ شِعْرِهِ: لَمَّا تَبَدَّلَتِ الْمَجَالِسُ أَوْجُهًا ... غَيْرَ الَّذِينَ عَهِدْتُ مِنْ عُلَمَائِهَا وَرَأَيْتُهَا مَحْفُوفَةً بِسِوَى الْأُولَى ... كَانُوا وُلَاةَ صُدُورِهَا وَفَنَائِهَا أَنْشَدْتُ بَيْتًا سَائِرًا مُتَقَدِّمًا ... وَالْعَيْنُ قَدْ شَرِقَتْ بِجَارِي مَائِهَا أَمَّا الْخِيَامُ فَإِنَّهَا كَخِيَامِهِمْ ... وَأَرَى نِسَاءَ الْحَيِّ غَيْرَ نِسَائِهَا وَمِنْ شَعْرِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: تَصَدَّرَ لِلتَّدْرِيسِ كُلُّ مُهَوَّسٍ ... بَلِيدٍ تَسَمَّى بِالْفَقِيهِ الْمُدَرِّسِ فَحَقٌّ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَتَمَثَّلُوا ... بِبَيْتٍ قَدِيمٍ شَاعَ فِي كُلِّ مَجْلِسِ لَقَدْ هُزِلَتْ حَتَّى بَدَا مِنْ هُزَالِهَا ... كُلَاهَا وَحَتَّى سَامَهَا كُلُّ مُفْلِسِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّبَّاغُ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، وَلَيْسَ هَذَا بِصَاحِبِ " الشَّامِلِ "، ذَاكَ مُتَأَخِّرٌ، وَهَذَا كَانَ مِنْ تَلَامِذَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ لِلْفَتْوَى بِجَامِعِ الْمَدِينَةِ وَشَهِدَ عِنْدَ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيِّ الْحَنَفِيِّ فَقَبِلَهُ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنِ ابْنِ شَاهِينَ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ ثِقَةً جَلِيلَ الْمِقْدَارِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. هِلَالُ بْنُ الْمُحْسِنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِلَالٍ أَبُو الْخَيْرِ الْكَاتِبُ الصَّابِئُ، صَاحِبُ " التَّارِيخِ "، وَجَدُّهُ أَبُو إِسْحَاقَ الصَّابِئُ صَاحِبُ الرَّسَائِلِ، وَأَبُوهُ كَانَ
পৃষ্ঠা - ৯৮৭৩
صَابِئِيًا أَيْضًا، وَأَسْلَمَ هِلَالٌ هَذَا مُتَأَخِّرًا، وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَقَدْ كَانَ سَمِعَ فِي حَالِ كَفْرِهِ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَشَايِخِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِمْ يَطْلُبُ الْأَدَبَ، فَلَمَّا أَسْلَمْ نَفَعَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ سَبَبَ إِسْلَامِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ " بِسَنَدِهِ مُطَوَّلًا: أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ مِرَارًا يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَأْمُرُهُ بِالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، وَيَقُولُ لَهُ: أَنْتَ رَجُلٌ عَاقِلٌ، فَلِمَ تَدَعُ دِينَ الْإِسْلَامِ الَّذِي قَامَتْ عَلَيْهِ الدَّلَائِلُ. وَأَرَاهُ آيَاتٍ فِي الْمَنَامِ شَاهَدَهَا فِي الْيَقَظَةِ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: إِنَّ امْرَأَتَكَ حَامِلٌ بِذَكَرٍ، فَسَمِّهِ مُحَمَّدًا، فَوَلَدَتْ ذَكَرًا، فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا، وَكَنَّاهُ أَبَا الْحَسَنِ. وَفِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ سَرَدَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ مُطَوَّلَةً، فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ صَدُوقًا. تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً، فِي الْإِسْلَامِ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৭৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] ٍ فِيهَا كَانَ الْغَلَاءُ وَالْفَنَاءُ مُسْتَمِرَّيْنِ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ بِحَيْثُ خَلَتْ أَكْثَرُ الدُّورِ وَسُدَّتْ عَلَى أَهْلِهَا أَبْوَابُهَا بِمَا فِيهَا، وَأَهْلُهَا فِيهَا مَوْتَى، وَصَارَ الْمَارُّ فِي الطَّرِيقِ لَا يَلْقَى إِلَّا الْوَاحِدَ بَعْدَ الْوَاحِدِ، وَأَكَلَ النَّاسُ الْجِيَفَ وَالْمِيَاتَ مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ، وَوُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ فَخْذُ كَلْبٍ قَدِ اخْضَرَّ وَأَرْوَحَ، وَشَوَى رَجُلٌ صَبِيَّةً فِي الْأَتُونِ وَأَكَلَهَا فَقُتِلَ، وَسَقَطَ طَائِرٌ مَيِّتٌ مِنْ سَطْحٍ، فَاحْتَوَشَهُ خَمْسَةُ أَنْفُسٍ، فَاقْتَسَمُوهُ وَأَكَلُوهُ. وَوَرَدَ كِتَابٌ مِنْ بُخَارَى أَنَّهُ مَاتَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَمِنْ مُعَامَلَتِهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ إِنْسَانٍ، وَأُحْصِيَ مَنْ مَاتَ فِي هَذَا الْوَبَاءِ إِلَى أَنْ كُتِبَ هَذَا الْكِتَابُ - يَعْنِي الْوَارِدَ مِنْ بُخَارَى - بِأَلْفِ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ وَخَمْسِينَ أَلْفَ إِنْسَانٍ، وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ، فَلَا يَرَوْنَ إِلَّا أَسْوَاقًا فَارِغَةً وَطُرُقَاتٍ خَالِيَةً، وَأَبْوَابًا مُغْلَقَةً، حَكَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. قَالَ: وَجَاءَ الْخَبَرُ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ وَتِلْكَ الْبِلَادِ بِالْوَبَاءِ الْعَظِيمِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ إِلَّا الْعَدَدُ الْقَلِيلُ: وَوَقَعَ وَبَاءٌ بِالْأَهْوَازِ وَأَعْمَالِهَا وَبِوَاسِطٍ
পৃষ্ঠা - ৯৮৭৫
وَالنِّيلِ وَالْكُوفَةِ وَطَبَّقَ الْأَرْضَ، وَكَانَ أَكْثَرَ سَبَبِ ذَلِكَ الْجُوعُ، حَتَّى كَانَ الْفُقَرَاءُ يَشْوُونَ الْكِلَابَ، وَيَنْبُشُونَ الْقُبُورَ، وَيَشْوُونَ الْمَوْتَى وَيَأْكُلُونَهُمْ، وَلَيْسَ لِلنَّاسِ شُغْلٌ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَّا غَسْلُ الْأَمْوَاتِ وَتَجْهِيزُهُمْ وَدَفْنُهُمْ، وَقَدْ كَانَتْ تُحْفَرُ الْحُفَيْرَةُ، فَيُدْفَنُ فِيهَا الْعِشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ، وَكَانَ الْإِنْسَانُ يَكُونُ قَاعِدًا فَيَنْشَقُّ قَلْبُهُ عَنْ دَمِ الْمُهْجَةِ، فَيَخْرُجُ إِلَى الْفَمِ مِنْهُ قَطْرَةٌ، فَيَمُوتُ الْإِنْسَانُ مِنْ وَقْتِهِ، وَتَابَ النَّاسُ، وَتَصَدَّقُوا بِأَكْثَرِ أَمْوَالِهِمْ، وَأَرَاقُوا الْخُمُورَ وَكَسَرُوا الْمَعَازِفَ وَتَصَالَحُوا، وَلَزِمُوا الْمَسَاجِدَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَقَلَّ دَارٌ يَكُونُ فِيهَا خَمْرٌ إِلَّا مَاتَ أَهْلُهَا كُلُّهُمْ. وَدُخِلَ عَلَى مَرِيضٍ لَهُ سَبْعَةُ أَيَّامٍ فِي النَّزْعِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى مَكَانٍ فَوَجَدُوا فِيهِ خَابِيَةً مِنْ خَمْرٍ، فَأَرَاقُوهَا فَمَاتَ مِنْ فَوْرِهِ بِسُهُولَةٍ. وَمَاتَ رَجُلٌ بِمَسْجِدٍ، فَوُجِدَ مَعَهُ خَمْسُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا أَحَدٌ، فَتُرِكَتْ فِي الْمَسْجِدِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ لَا يُرِيدُهَا أَحَدٌ، فَدَخَلَ أَرْبَعَةٌ فَأَخَذُوهَا، فَمَاتُوا عَلَيْهَا. وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَشْتَغِلُ عَلَيْهِ سَبْعُمِائَةِ مُتَفَقِّهٍ، فَمَاتَ وَمَاتُوا كُلُّهُمْ إِلَّا اثْنَىْ عَشَرَ نَفَرًا مِنْهُمْ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَمَّا اصْطَلَحَ دُبَيْسُ بْنُ عَلِيٍّ مَعَ الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ، فَوَجَدَهَا خَرَابًا لِقِلَّةِ أَهْلِهَا، فَأَرْسَلَ رَسُولًا مِنْهُ إِلَى بَعْضِ النَّوَاحِي، فَتَلَقَّاهُ طَائِفَةٌ، فَقَتَلُوهُ وَأَكَلُوهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৭৬
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ احْتَرَقَتْ قَطِيعَةُ عِيسَى، وَسُوقُ الطَّعَامِ، وَالْكَنِيسُ، وَأَصْحَابُ السَّقْطِ، وَبَابُ الشَّعِيرِ، وَسُوقُ الْعَطَّارِينَ، وَسُوقُ الْعَرُوسِ، وَالْأَنْمَاطِ، وَالْخَشَّابِينَ، وَالْجَزَّارِينَ، وَالتَّمَّارِينَ، وَالْقَطِيعَةِ، وَسُوقُ مُحَوَّلٍ، وَنَهْرُ الدَّجَاجِ، وَسُوَيْقَةُ غَالِبٍ وَالصَّفَّارِينَ وَالصَّبَّاغِينَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ، وَهَذِهِ مُصِيبَةٌ أُخْرَى مَا بِالنَّاسِ مِنَ الْغَلَاءِ وَالْفَنَاءِ. وَفِيهَا كَثُرَ الْعَيَّارُونَ بِبَغْدَادَ، وَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ جِهَارًا، وَكَبَسُوا الدُّورَ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَكُبِسَتْ دَارُ أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ مُتَكَلِّمِ الشِّيعَةِ، وَأُحْرِقَتْ كُتُبُهُ وَمَنَابِرُهُ وَدَفَاتِرُهُ الَّتِي كَانَ يَسْتَعْمِلُهَا فِي بِدْعَتِهِ، وَيَدْعُو إِلَيْهَا أَهْلَ نِحْلَتِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَفِيهَا دَخَلَ الْمَلِكُ طُغْرُلْبَكُ بَغْدَادَ عَائِدًا إِلَيْهَا مِنَ الْمَوْصِلِ وَقَدْ تَسَلَّمَهَا وَاسْتَعَادَهَا مِنَ الْبَسَاسِيرِيِّ وَسَلَّمَهَا إِلَى أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ، فَأَحْسَنَ فِيهِمُ السِّيرَةَ، وَحَسُنَتْ مِنْهُ الْعَلَانِيَةُ وَالسَّرِيرَةُ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ، فَتَلَقَّاهُ الْأُمَرَاءُ وَالْوُزَرَاءُ إِلَى أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، وَأَحْضَرَ لَهُ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ خِلْعَةً مِنَ الْخَلِيفَةِ فَرَجِيَّةً مُجَوْهَرَةً فَلَبِسَهَا،
পৃষ্ঠা - ৯৮৭৭
وَقَبَّلَ الْأَرْضَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ دَخَلَ دَارَ الْخِلَافَةِ، وَقَدْ رَكِبَ إِلَيْهَا فَرَسًا مِنْ مَرَاكِبِ الْخَلِيفَةِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الْخَلِيفَةِ إِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ طُولُهُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ، وَعَلَى كَتِفَيْهِ الْبُرْدَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَبِيَدِهِ الْقَضِيبُ، فَقَبَّلَ الْأَرْضَ، ثُمَّ أُجْلِسَ عَلَى سَرِيرٍ دُونَ سَرِيرِ الْخَلِيفَةِ، ثُمَّ قَالَ الْخَلِيفَةُ لِرَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ: قُلْ لَهُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَامِدٌ لِسَعْيِكَ، شَاكِرٌ لِفِعْلِكَ، آنِسٌ بِقُرْبِكَ، وَقَدْ وَلَّاكَ جَمِيعَ مَا وَلَّاهُ اللَّهُ مِنْ بِلَادِهِ، فَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا وَلَّاكَ، وَاجْتَهِدْ فِي عِمَارَةِ الْبِلَادِ، وَإِصْلَاحِ الْعِبَادِ، وَنَشْرِ الْعَدْلِ، وَكَفِّ الظُّلْمِ. فَفَسَّرَ لَهُ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ مَا قَالَهُ، فَقَامَ وَقَبَّلَ الْأَرْضَ وَقَالَ: أَنَا خَادِمُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَعَبْدُهُ، وَمُتَصَرِّفٌ عَنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَمُتَشَرِّفٌ بِمَا أَهَّلَنِي لَهُ، وَاسْتَخْدَمَنِي فِيهِ، وَمِنَ اللَّهِ أَسْتَمِدُّ الْمَعُونَةَ وَالتَّوْفِيقَ. ثُمَّ أَذِنَ الْخَلِيفَةُ فِي أَنْ يَنْهَضَ لِلُبْسِ الْخِلْعَةَ، فَقَامَ إِلَى بَيْتٍ فِي ذَلِكَ الْبَهْوِ، فَأُفِيضَ عَلَيْهِ سَبْعُ خِلَعٍ وَتَاجٌ، ثُمَّ عَادَ فَجَلَسَ عَلَى السَّرِيرِ بَعْدَ مَا قَبَّلَ يَدَ الْخَلِيفَةِ، وَرَامَ تَقْبِيلَ الْأَرْضِ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ التَّاجِ، فَأَخْرَجَ الْخَلِيفَةُ سَيْفًا فَقَلَّدَهُ إِيَّاهُ وَخَاطَبَهُ بِمَلِكِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، وَأُحْضِرَتْ ثَلَاثَةُ أَلْوِيَةٍ، فَعَقَدَ مِنْهَا الْخَلِيفَةُ بِيَدِهِ لِوَاءً يُقَالُ لَهُ: لِوَاءُ الْحَمْدِ، وَأُحْضِرَ الْعَهْدُ فَسُلِّمَ إِلَى الْمَلِكِ، وَأَوْصَاهُ الْخَلِيفَةُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْقِيَامِ بِالْحَقِّ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ، وَقُرِئَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ بِحَضْرَةِ الْمَلِكِ، ثُمَّ نَهَضَ فَقَبَّلَ يَدَ الْخَلِيفَةِ، وَوَضَعَهَا عَلَى عَيْنَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْحِجَابُ وَالْجَيْشُ بِكَمَالِهِ، وَجَاءَ النَّاسُ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ وَالتَّهْنِئَةِ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ بِتُحَفٍ عَظِيمَةٍ ; مِنْهَا خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَخَمْسُونَ غُلَامًا أَتْرَاكًا بِمَرَاكِبِهِمْ
পৃষ্ঠা - ৯৮৭৮
وَسِلَاحِهِمْ وَمَنَاطِقِهِمْ، وَخَمْسُمِائَةِ ثَوْبٍ أَنْوَاعًا، وَأَعْطَى رَئِيسَ الرُّؤَسَاءِ خَمْسَةَ آلَافِ دِينَارٍ، وَخَمْسِينَ قِطْعَةَ قُمَاشٍ. وَفِيهَا قَبَضَ صَاحِبُ مِصْرَ عَلَى وَزِيرِهِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَازُورِيِّ، وَأَخَذَ خَطَّهُ بِثَلَاثَةِ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأُحِيطَ عَلَى ثَمَانِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ كَانَ هَذَا الْوَزِيرُ فَقِيهًا حَنَفِيًّا، يُحْسِنُ إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ، وَقَدْ كَانَ الشَّيْخُ أَبُو يُوسُفَ الْقَزْوِينِيُّ يُثْنِي عَلَيْهِ وَيَمْدَحُهُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنَ الْمُطَهِّرِ بْنِ زِيَادِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ أَنْوَرَ بْنِ أَسْحَمَ بْنِ أَرْقَمَ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَطَفَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ بَرِيحِ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ أَسَدِ بْنِ وَبَرَةَ بْنِ تَغْلِبَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ، أَبُو الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيُّ التَّنُوخِيُّ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ بِالزَّنْدَقَةِ، اللُّغَوِيُّ، صَاحِبُ الدَّوَاوِينِ وَالْمُصَنَّفَاتِ فِي الشِّعْرِ وَاللُّغَةِ، وُلِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ