আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৮৩৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَالْمُوتَانُ كَثِيرٌ فِي الدَّوَابِّ جِدًّا حَتَّى جَافَتْ بَغْدَادَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَرُبَّمَا أَحْضَرَ بَعْضُ النَّاسِ الْأَطِبَّاءَ إِلَى دَوَابِّهِمْ فَيَسْقُونَهَا مَاءَ الشَّعِيرِ وَيُطَبِّبُونَهَا. وَفِيهَا حَاصَرَ السُّلْطَانُ ابْنُ طُغْرُلْبَكَ أَصْبَهَانَ فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا عَلَى مَالٍ يَحْمِلُونَهُ إِلَيْهِ، وَأَنْ يُخْطَبَ لَهُ بِهَا، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ. وَفِيهَا مَلَكَ مُهَلْهِلٌ قَرْمَيْسِينَ وَالدِّينَوَرَ. وَفِيهَا تَأَمَّرَ عَلَى بَنِي خَفَاجَةَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: رَجَبُ بْنُ أَبِي مَنِيعِ بْنِ ثُمَالٍ. بَعْدَ وَفَاةِ بَدْرَانَ بْنِ سُلْطَانَ بْنِ ثُمَالٍ، وَهَؤُلَاءِ الْأَعْرَابُ هُمْ أَكْثَرُ مَنْ يَصُدُّ الْحَجِيجَ عَنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَلَا جَزَاهُمُ اللَّهُ خَيْرًا، وَقَبَّحَهُمْ يَوْمَ يقومُ الْأَشْهَادُ {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر: 52] . [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ
পৃষ্ঠা - ৯৮৩৫
ابْنِ حَيَّوَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ إِمَامُ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، وَهُوَ وَالِدُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَبِي الْمَعَالِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَأَصْلُهُ مِنْ قَبِيلَةٍ يُقَالُ لَهَا: سِنْبِسُ. وَجُوَيْنُ مِنْ نَوَاحِي نَيْسَابُورَ سَمِعَ الْحَدِيثِ مِنْ بِلَادٍ شَتَّى عَلَى جَمَاعَةٍ، وَقَرَأَ الْأَدَبَ عَلَى أَبِيهِ، وَتَفَقَّهَ بِأَبِي الطَّيِّبِ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصُّعْلُوكِيِّ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَرْوَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَفَّالِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى نَيْسَابُورَ وَعَقَدَ مَجْلِسَ الْمُنَاظَرَةِ، وَكَانَ مَهِيبًا لَا يَجْرِي بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَّا الْجِدُّ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيفَ الْكَثِيرَةَ فِي أَنْوَاعٍ مِنَ الْعُلُومِ، وَكَانَ وَرِعًا زَاهِدًا شَدِيدَ الِاحْتِيَاطِ، رُبَّمَا أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مَرَّتَيْنِ. وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي " طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ " وَمَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ فِي مَدْحِهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا. قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ صَنَّفَ " التَّفْسِيرَ الْكَبِيرَ " الْمُشْتَمِلَ عَلَى أَنْوَاعٍ الْعُلُومِ وَلَهُ فِي الْفِقْهِ " التَّبْصِرَةُ " وَ " التَّذْكِرَةُ " وَ " مُخْتَصَرُ الْمُخْتَصَرِ " وَ " الْفَرْقُ وَالْجَمْعُ " وَ " السِّلْسِلَةُ " وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكَانَ إِمَامًا فِي الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَالْأَدَبِ وَالْعَرَبِيَّةِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ - وَقِيلَ: سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، قَالَهُ السَّمْعَانِيُّ فِي " الْأَنْسَابِ " - وَهُوَ فِي سِنِّ الْكُهُولَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৩৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا اصْطَلَحَ الْمَلِكُ طُغْرُلْبَكُ السَّلْجُوقِيُّ وَأَبُو كَالِيجَارَ صَاحِبُ بَغْدَادَ وَتَزَوَّجَ طُغْرُلْبَكُ بِابْنَةِ أَبِي كَالِيجَارَ، وَتَزَوَّجَ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ كَالِيجَارَ بِابْنَةِ الْمَلِكِ دَاوُدَ أَخِي طُغْرُلْبَكَ. وَفِيهَا أَسَرَتِ الْأَكْرَادُ سُرْخَابَ أَخَا أَبِي الشَّوْكِ، وَأَحْضَرُوهُ بَيْنَ يَدَيْ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ، فَأَمَرَ بِقَلْعِ إِحْدَى عَيْنَيْهِ. وَفِيهَا اسْتَوْلَى أَبُو كَالِيجَارَ عَلَى بِلَادِ الْبَطِيحَةِ، وَنَجَا صَاحِبُهَا أَبُو نَصْرٍ بِنَفْسِهِ. وَفِيهَا ظَهَرَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْأَصْفَرُ التَّغْلِبِيُّ، وَادَّعَى أَنَّهُ مِنَ الْمَذْكُورِينَ فِي الْكُتُبِ، فَاسْتَغْوَى خَلْقًا مِنَ النَّاسِ، وَقَصَدَ بِلَادَ الرُّومِ، فَغَنِمَ مِنْهَا أَمْوَالًا، فَقَوِيَ بِهَا، وَعَظُمَ أَمْرُهُ، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ أُسِرَ وَحُمِلَ إِلَى نَصْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ مَرْوَانَ صَاحِبِ دِيَارِ بَكْرٍ فَاعْتَقَلَهُ، وَسَدَّ عَلَيْهِ بَابَ السِّجْنِ. وَفِيهَا كَانَ وَبَاءٌ شَدِيدٌ بِالْعِرَاقِ وَالْجَزِيرَةِ وَبَغْدَادَ فَمَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، حَتَّى خَلَتِ الْأَسْوَاقُ، وَغَلَتِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْمَرْضَى، وَوَرَدَ كِتَابٌ مِنَ الْمَوْصِلِ بِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَّا نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةٍ، وَأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا نَحْوُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ نَفْسًا.
পৃষ্ঠা - ৯৮৩৭
وَفِيهَا وَقَعَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ أَيْضًا، وَجَرَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالرَّوَافِضِ بِبَغْدَادَ، قُتِلَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ رَكْبِ الْعِرَاقِ فِي هَذَا الْعَامِ. فَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو الْفَضْلِ الْقَاضِي الْهَاشِمِيُّ الرَّشِيدِيُّ مِنْ وَلَدِ الرَّشِيدِ، وَلِيَ الْقَضَاءَ بِسِجِسْتَانَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْغِطْرِيفِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ: قَالُوا اقْتَصِدْ فِي الْجُودِ إِنَّكَ مُنْصِفٌ ... عَدْلٌ وَذُو الْإِنْصَافِ لَيْسَ يَجُورَ فَأَجَبْتُهُمْ إِنِّي سُلَالَةُ مَعْشَرٍ ... لَهُمْ لِوَاءٌ فِي النَّدَى مَنْشُورُ تَاللَّهِ إِنِّي شَائِدٌ مَا قَدْ بَنَى ... جَدِّي الرَّشِيدُ وَقَبْلَهُ الْمَنْصُورُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاعِرُ الْمَعْرُوفُ بِالْمُطَرَّزِ، وَمِنْ شِعْرِهِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ الْخَطِيبُ قَوْلُهُ: يَا عَبْدُ كَمْ لَكَ مِنْ ذَنْبٍ وَمَعْصِيَةٍ ... إِنْ كُنْتَ نَاسِيَهَا فَاللَّهُ أَحْصَاهَا لَا بُدَّ يَا عَبْدُ مِنْ يَوْمٍ تَقُومُ لَهُ ... وَوَقْفَةٍ لَكَ يُدْمِي الْقَلْبَ ذِكْرَاهَا إِذَا عَرَضْتُ عَلَى قَلْبِي تَذَكُّرَهَا ... وَسَاءَ ظَنِّي فَقُلْتُ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَبُو سَعْدٍ الْوَزِيرُ
পৃষ্ঠা - ৯৮৩৮
وَزَرَ لِلْمَلِكِ أَبِي طَاهِرٍ سِتَّ مَرَّاتٍ، ثُمَّ كَانَ مَوْتُهُ بِجَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ سِتٍّ وَخَمْسِينَ سَنَةً. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْوَاعِظُ الشِّيرَازِيُّ قَالَ الْخَطِيبُ: قَدِمَ بَغْدَادَ وَأَظْهَرَ الزُّهْدَ وَالتَّقَشُّفَ وَالْوَرَعَ وَعُزُوفَ النَّفْسِ عَنِ الدُّنْيَا، فَافْتَتَنَ النَّاسُ بِهِ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ إِنَّهُ قَبْلَ مَا كَانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ فَيَأْبَى قَبُولَهُ، فَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُ، وَلَبِسَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُورٌ، وَكَثُرَتْ أَتْبَاعُهُ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يُرِيدُ الْغَزْوَ، فَاتَّبَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَبَرَزَ ظَاهِرَ الْبَلَدِ نَاحِيَةً مِنْهَا، وَكَانَ يُضْرَبُ لَهُ الطَّبْلُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، وَسَارَ إِلَى نَاحِيَةِ بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ فَالْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَضَاهَى أَمِيرَ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ هُنَالِكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَقَدْ حَدَّثَ بِبَغْدَادَ، وَكَتَبْتُ عَنْهُ أَحَادِيثَ يَسِيرَةً، وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ فِي الْحَدِيثِ، وَأَنْشَدَنِي هُوَ لِبَعْضِهِمْ: إِذَا مَا أَطَعْتَ النَّفْسَ فِي كُلِّ لَذَّةٍ ... نُسِبَتْ إِلَى غَيْرِ الْحِجَا وَالتَّكَرُّمِ إِذَا مَا أَجَبْتَ النَّفْسَ فِي كُلِّ دَعْوَةٍ ... دَعَتْكَ إِلَى الْأَمْرِ الْقَبِيحِ الْمُحَرَّمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ بُرْهَانَ، أَبُو الْحَسَنِ الْغَزَّالُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُظَفَّرِ وَغَيْرَهُ، وَكَانَ صَدُوقًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৮৩৯
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو الْخَطَّابِ الْجَبَلِيُّ الشَّاعِرُ، فَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: مَا حَكَمَ الْحُبُّ فَهْوَ مُمْتَثَلُ ... وَمَا جَنَاهُ الْحَبِيبُ مُحْتَمَلُ يَهْوَى وَيَشْكُو الضَّنَى وَكُلُّ هَوًى ... لَا يُنْحِلُ الْجِسْمَ فَهْوَ مُنْتَحَلُ وَقَدْ سَافَرَ إِلَى الشَّامِ فَاجْتَازَ بِمَعَرَّةِ النُّعْمَانِ، فَامْتَدَحَ أَبَا الْعَلَاءِ بْنَ سُلَيْمَانَ بِأَبْيَاتٍ، فَأَجَابَهُ عَنْهَا. وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الْعَيْنَيْنِ حِينَ سَافَرَ، فَمَا عَادَ إِلَّا وَهُوَ أَعْمَى. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ شَدِيدَ الرَّفْضِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ، الْحُسَيْنُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدٍ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، أَخَذَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ، وَشَرَحَ " الْفُرُوعَ " لِابْنِ الْحَدَّادِ، وَقَدْ شَرَحَهَا قَبْلَهُ شَيْخُهُ، وَبَعْدَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَشَرَحَ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ كِتَابَ " التَّلْخِيصِ " لِابْنِ الْقَاصِّ شَرْحًا كَبِيرًا، وَلَهُ كِتَابُ " الْمَجْمُوعِ " وَأَخَذَ مِنْهُ الْغَزَّالِيُّ فِي " الْوَسِيطِ ". قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ طَرِيقَتَيِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৮৪০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا مَرِضَ الْمَلِكُ أَبُو كَالِيجَارَ صَاحِبُ بَغْدَادَ وَهُوَ فِي بَرِّيَّةٍ، فَفُصِدَ فِي يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتِ، وَحُمِلَ فِي مَحَفَّةٍ، مَاتَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ، وَانْتَهَبَتِ الْغِلْمَانُ الْخَزَائِنَ، وَأَحْرَقَ الْجَوَارِي الْخِيَامَ، سِوَى الْخَيْمَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَالْخَرْكَاهِ الَّتِي كَانَ بِهَا، وَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو نَصْرٍ، وَسَمَّوْهُ الْمَلِكَ الرَّحِيمَ، وَدَخَلَ دَارَ الْخِلَافَةِ فِي يَوْمٍ مَشْهُودٍ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ سَبْعَ خِلَعٍ، وَسَوَّرَهُ وَطَوَّقَهُ، وَجَعَلَ عَلَى رَأْسِهِ التَّاجَ وَالْعِمَامَةَ السَّوْدَاءَ الرُّصَافِيَّةَ، وَوَصَّاهُ الْخَلِيفَةُ، وَرَجَعَ إِلَى دَارِهِ، وَجَاءَ النَّاسُ لِتَهْنِئَتِهِ. وَفِيهَا دَارَ السُّورُ عَلَى شِيرَازَ وَكَانَ دَوْرُهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ ذِرَاعٍ، وَارْتِفَاعُهُ ثَمَانِيَةَ أَذْرُعٍ، وَعَرْضُهُ سِتَّةَ أَذْرُعٍ، وَفِيهِ أَحَدَ عَشَرَ بَابًا. وَفِيهَا غَزَا إِبْرَاهِيمُ يَنَّالَ بِلَادَ الرُّومِ، فَغَنِمَ مِائَةَ أَلْفِ رَأْسٍ، وَأَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْعٍ، وَقِيلَ: تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْعٍ. وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ إِلَّا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَحَمَلَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الْمَغَانِمِ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ عَجَلَةٍ. وَفِيهَا خُطِبَ لِذَخِيرَةِ الدِّينِ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ عَلَى الْمَنَابِرِ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ بَعْدَ أَبِيهِ، وَحُيِّيَ بِذَلِكَ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৪১
وَفِيهَا اقْتَتَلَ الرَّوَافِضُ وَالسُّنَّةُ، وَجَرَتْ بِبَغْدَادَ فِتَنٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي هَذَا الْعَامِ أَيْضًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: السَّيِّدُ الْكَبِيرُ الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَبَّاسِيُّ وُلِدَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَسَمِعَ مِنْ مُؤَدِّبِهِ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الْيَشْكُرِيِّ، وَأَبِي الْأَزْهَرِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَاتِبِ، وَكَانَ فَاضِلًا دَيِّنًا حَافِظًا لِأَخْبَارِ الْخُلَفَاءِ، عَالِمًا بِأَيَّامِ النَّاسِ، صَالِحًا، أَعْرَضَ عَنْ وِلَايَةِ الْخِلَافَةِ عَنْ قُدْرَةٍ، وَآثَرَ بِهَا الْقَادِرَ بِاللَّهِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ بِبَابِ حَرْبٍ بِغَيْرِ تَابُوتٍ، فَدُفِنَ قَرِيبًا مِنْ قَبْرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَكَانَ يَوْمُ جِنَازَتِهِ مَشْهُودًا ; مَشَى الْأُمَرَاءُ وَالْوُزَرَاءُ وَالْبَسَاسِيرِيُّ إِلَى الْمَقْبَرَةِ، وَجَلَسَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْمُسْلِمَةِ لِلْعَزَاءِ مِنَ الْغَدِ. عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ، أَبُو الْقَاسِمِ الْوَاعِظُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ شَاهِينَ سَمِعَ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ مَاسِيٍّ وَأَبِي بَحْرٍ الْبَرْبَهَارِيِّ وَابْنِ الْمُظَفَّرِ. قَالَ الْخَطِيبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوقًا. وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ
পৃষ্ঠা - ৯৮৪২
بِبَابِ حَرْبٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَابِ، أَبُو الْقَاسِمِ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي عُثْمَانَ الدَّقَّاقُ قَالَ الْخَطِيبُ: سَمِعَ الْقَطِيعِيَّ وَغَيْرَهُ، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا، صَدُوقًا دَيِّنًا، حَسَنَ الْمَذْهَبِ. مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ فَسَانْجِسَ الْوَزِيرُ، أَبُو الْفَرَجِ الْمُلَقَّبُ بِذِي السَّعَادَاتِ وَزَرَ لِأَبِي كَالِيجَارَ بِفَارِسَ وَبَغْدَادَ، وَكَانَ ذَا مُرُوءَةٍ غَزِيرَةٍ، مَلِيحَ الشِّعْرِ وَالتَّرَسُّلِ، وَمِنْ مَحَاسِنِهِ أَنَّهُ كُتِبَ إِلَيْهِ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ، وَلَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يُقَارِبُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، فَإِنْ رَأَى الْوَزِيرُ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنَ الْعَيْنِ إِلَى حِينِ بُلُوغِ الطِّفْلِ، فَكَتَبَ عَلَى ظَهْرِ الْوَرَقَةِ: الْمُتَوَفَّى رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالطِّفْلُ جَبَرَهُ اللَّهُ، وَالْمَالُ ثَمَّرَهُ اللَّهُ، وَالسَّاعِي لَعَنَهُ اللَّهُ، وَلَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى مَالِ الْأَيْتَامِ. اعْتُقِلَ، ثُمَّ قُتِلَ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ إِحْدَى وَخَمْسِينَ سَنَةً. مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غَيْلَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَيْلَانَ بْنِ حَكِيمِ بْنِ غِيلَانَ، أَبُو طَالِبٍ الْبَزَّارُ رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ
পৃষ্ঠা - ৯৮৪৩
الشَّافِعِيِّ، كَانَ صَدُوقًا دَيِّنًا صَالِحًا، قَوِيَّ النَّفْسِ عَلَى كِبَرِ السِّنِّ، كَانَ يَمْلِكُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَكَانَ يَصُبُّهَا كُلَّ يَوْمٍ فِي حِجْرِهِ فَيُقَبِّلُهَا، ثُمَّ يَرُدُّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا، وَقَدْ خَرَّجَ لَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ الْأَجْزَاءَ الْغَيْلَانِيَّاتِ، وَهِيَ سَمَاعُنَا. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ سَادِسِ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَيُقَالُ: إِنَّهُ بَلَغَ مِائَةً وَخَمْسَ سِنِينَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَلِكُ أَبُو كَالِيجَارَ، وَاسْمُهُ الْمَرْزُبَانُ بْنُ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ بْنِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَشْهُرٍ، وَقَدْ وَلِيَ الْعِرَاقَ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَنُهِبَتْ لَهُ قَلْعَةٌ كَانَ فِيهَا مَا يَزِيدُ عَلَى أَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُهُ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ أَبُو نَصْرٍ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৪৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ تُقُدِّمَ إِلَى أَهْلِ الْكَرْخِ أَنْ لَا يَعْمَلُوا بِدَعَةَ النَّوْحِ، فَجَرَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ بَابِ الْبَصْرَةِ مَا يَزِيدُ عَلَى الْحَدِّ ; مِنَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ. وَفِيهَا بَنَى أَهْلُ الْكَرْخِ سُورًا عَلَيْهِ، وَبَنَى أَهْلُ السُّنَّةِ سُورًا عَلَى سُوقِ الْقَلَّائِينَ، وَنَقَضَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ أَبْنِيَتَهُ، وَحَمَلُوا الْآجُرَّ إِلَى مَوَاضِعَ بِالطُّبُولِ وَالْمَزَامِيرِ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ مُفَاخَرَاتٌ فِي ذَلِكَ وَسُخْفٌ لَا تَنْحَصِرُ وَلَا تَنْضَبِطُ، ثُمَّ وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ فِتَنٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَأَحْرَقُوا دُورًا كَثِيرَةً جِدًّا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِيهَا وَقَعَتْ وَحْشَةٌ بَيْنَ الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ وَأَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ، فَأَمَرَ طُغْرُلْبَكُ بِضَرْبِهِ وَسَمْلِ إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَقَطْعِ شَفَتَيْهِ، فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ، فَجَمَعَ جُمُوعًا كَثِيرَةً، فَاقْتَتَلَ هُوَ وَأَخُوهُ، فَهَزَمَهُ طُغْرُلْبَكُ ثُمَّ أَسَرَهُ مِنْ قَلْعَةٍ قَدْ تَحَصَّنَ بِهَا، بَعْدَ مُحَاصَرَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَاسْتَنْزَلَهُ مَقْهُورًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَأَكْرَمَهُ، وَأَقَامَ عِنْدَ أَخِيهِ مُكَرَّمًا. وَكَتَبَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَى طُغْرُلْبَكَ فِي فِدَاءِ بَعْضِ مُلُوكِهِمْ مِمَّنْ كَانَ أَسَرَهُ إِبْرَاهِيمُ يَنَّالَ، وَيَبْذُلُ لَهُ فِيهِ قِطْعَةً كَثِيرَةً مِنَ الْمَالِ، فَبَعَثَهُ إِلَيْهِ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ اشْتَرَطَهُ عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ مَلِكُ الرُّومِ هَدَايَا كَثِيرَةً وَتُحَفًا غَزِيرَةً، وَأَمَرَ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَأُقِيمَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ وَالْجُمُعَةُ، وَخُطِبَ فِيهِ لِلْمَلِكِ
পৃষ্ঠা - ৯৮৪৫
طُغْرُلْبَكَ فَبَلَغَ هَذَا الْأَمْرُ الْعَجِيبُ سَائِرَ الْمُلُوكِ، فَعَظَّمُوا الْمَلِكَ طُغْرُلْبَكَ تَعْظِيمًا زَائِدًا، وَخَطَبَ لَهُ نَصْرُ الدَّوْلَةِ بْنُ مَرْوَانَ بِالْجَزِيرَةِ. وَفِيهَا وَلِيَ مَسْعُودُ بْنُ مَوْدُودِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ الْمُلْكَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ، وَكَانَ صَغِيرًا، فَمَكَثَ أَيَّامًا، ثُمَّ عَدَلَ عَنْهُ إِلَى عَمِّهِ عَلِيِّ بْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ نَازَعَهُ عَمُّهُ عَبْدُ الرَّشِيدِ بْنُ مَحْمُودٍ، فَاسْتَقَرَّ الْمُلْكُ بِيَدِهِ وَانْعَزَلَ عَلِيُّ بْنُ مَسْعُودٍ، وَهَذَا أَمْرٌ غَرِيبٌ جِدًّا، فَلِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ. وَفِيهَا مَلَكَ الْمِصْرِيُّونَ مَدِينَةَ حَلَبَ وَأَجْلَوْا عَنْهَا صَاحِبَهَا ثُمَالَ بْنَ صَالِحِ بْنِ مِرْدَاسٍ. وَفِيهَا كَانَ بَيْنَ الْبَسَاسِيرِيِّ وَبَيْنَ بَنِي عُقَيْلٍ حَرْبٌ. وَفِيهَا مَلَكَ الْبَسَاسِيرِيُّ الْأَنْبَارَ مِنْ يَدِ قِرْوَاشٍ، فَأَصْلَحَ أُمُورَهَا. وَفِي شَعْبَانَ مِنْهَا سَارَ الْبَسَاسِيرِيُّ إِلَى طَرِيقِ خُرَاسَانَ وَقَصَدَ نَاحِيَةَ الدَّزْدَارِ وَمَلَكَهَا، وَغَنِمَ مَالًا كَثِيرًا كَانَ فِيهَا، وَكَانَ سُعْدَى بْنُ أَبِي الشَّوْكِ قَدْ حَصَّنَهَا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي ذِي الْحِجَّةِ ارْتَفَعَتْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ لَيْلًا، فَزَادَتْ عَلَى ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَظَهَرَ فِي جَوَانِبِ السَّمَاءِ كَالنَّارِ الْمُضْرَمَةِ، فَانْزَعَجَ النَّاسُ لِذَلِكَ، وَخَافُوا وَأَخَذُوا فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ، فَانْكَشَفَ فِي بَاقِي اللَّيْلِ بَعْدَ سَاعَةٍ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৪৬
وَكَانَتْ قَدْ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ جِدًّا قَبْلَ ذَلِكَ، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَشْجَارِ، وَهَدَمَتْ رَوَاشِنَ كَثِيرَةً مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ وَدَارِ الْمَمْلَكَةِ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ أَبُو الْحَسَنِ الْمَعْرُوفُ بِالْعَتِيقِيِّ، نِسْبَةً إِلَى جَدٍّ لَهُ كَانَ يُسَمَّى عَتِيقًا، سَمِعَ مِنِ ابْنِ شَاهِينَ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ صَدُوقًا. تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ مِنْهَا وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ. عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَبُو الْقَاسِمِ الْعَلَوِيُّ وَيُعْرَفُ بِابْنِ الشَّبِيهِ. قَالَ الْخَطِيبُ: سَمِعَ مِنِ ابْنِ مُظَفَّرٍ وَكَتَبَ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوقًا دَيِّنًا، حَسَنَ الِاعْتِقَادِ، يُوَرِّقُ بِالْأُجْرَةِ وَيَأْكُلُ مِنْهُ وَيَتَصَدَّقُ. تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ مِنْهَا وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ. عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَقَضَى الْقُضَاةِ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيِّ يُكَنَّى أَبَا الْفَائِزِ،
পৃষ্ঠা - ৯৮৪৭
شَهِدَ عِنْدَ ابْنِ مَاكُولَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ، فَأَجَازَ شَهَادَتَهُ احْتِرَامًا لِأَبِيهِ، تُوُفِّيَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصُّورِيُّ الْحَافِظُ طَلَبَ الْحَدِيثَ بِنَفْسِهِ بَعْدَ مَا كَبُرَ وَأَسَنَّ، فَرَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ إِلَى الْآفَاقِ، وَكَتَبَ الْكَثِيرَ، وَصَنَّفَ وَاسْتَفَادَ عَلَى الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْمِصْرِيِّ، وَكَتَبَ عَنْهُ شَيْخُهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ شَيْئًا فِي تَصَانِيفِهِ، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ أَهْلِ الْحَدِيثِ هِمَّةً فِي الطَّلَبِ وَهُوَ شَابٌّ، ثُمَّ كَانَ مَنْ أَقْوَى النَّاسِ عَزِيمَةً عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَّا يَوْمَيِ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ حَسَنَ الْخُلُقِ جَمِيلَ الْمُعَاشَرَةِ، وَقَدْ ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ، فَكَانَ يَكْتُبُ بِالْأُخْرَى الْمُجَلَّدَ فِي جُزْءٍ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنِ الطُّيُورِيِّ: يُقَالُ: إِنَّ عَامَّةَ كُتُبِ الْخَطِيبِ سِوَى " التَّارِيخِ " مُسْتَفَادَةٌ مِنْ كُتُبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيِّ. كَانَ قَدْ مَاتَ الصُّورِيُّ وَتَرَكَ كُتُبَهُ اثْنَيْ عَشَرَ عِدْلًا عِنْدَ أَخِيهِ، فَلَمَّا صَارَ الْخَطِيبُ إِلَى الشَّامِ أَعْطَى أَخَاهُ شَيْئًا، وَأَخَذَ بَعْضَ تِلْكَ الْكُتُبَ، فَحَوَّلَهَا فِي كُتُبِهِ. وَمِنْ شَعْرِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيِّ: تَوَلَّى الشَّبَابُ بِرَيَعَانِهِ ... وَجَاءَ الْمَشِيبُ بِأَحْزَانِهِ فَقَلْبِي لِفُقْدَانِ ذَا مُؤْلَمٌ ... كَئِيبٌ بِهَذَا وَوِجْدَانِهِ
পৃষ্ঠা - ৯৮৪৮
وَإِنْ كَانَ مَا جَارَ فِي سَيْرِهِ. وَلَا جَاءَ فِي غَيْرِ إِبَّانِهِ ... وَلَكِنْ أَتَى مُؤْذِنًا بِالرَّحِيلِ فَوَيْلِي مِنْ قُرْبِ إِيذَانِهِ ... وَلَوْلَا ذُنُوبٌ تَحَمَّلْتُهَا لَمَا رَاعَنِي حَالَ إِتْيَانِهِ ... وَلَكِنَّ ظَهْرِي ثَقِيلٌ بِمَا جَنَاهُ شَبَابِي بِطُغْيَانِهِ ... فَمَنْ كَانَ يَبْكِي شَبَابًا مَضَى وَيَنْدُبُ طَيِّبَ أَزْمَانِهِ ... فَلَيْسَ بُكَائِي وَمَا قَدْ تَرَوْ نَ مِنِّي لِوَحْشَةِ فُقْدَانِهِ ... وَلَكِنْ لِمَا كَانَ قَدْ جَرَّهُ عَلَيَّ بِوَثْبَاتِ شَيْطَانِهِ ... فَوَيْلِي وَعَوْلِي إِنْ لَمْ يَجُدْ عَلَيَّ مَلِيكِي بِرِضْوَانِهِ ... وَلَمْ يَتَغَمَّدْ ذُنُوبِي وَمَا جَنَيْتُ بِوَاسِعِ غُفْرَانِهِ ... وَيَجْعَلْ مَصِيرِي إِلَى جَنَّةٍ يَحِلُّ بِهَا أَهْلَ قُرْبَانِهِ ... وَإِنْ كُنْتُ مَا لِي مِنْ قُرْبَةٍ سِوَى حُسْنِ ظَنِّي بِإِحْسَانِهِ ... وَأَنِّي مُقِرٌّ بِتَوْحِيدِهِ عَلِيمٌ بِعِزَّةِ سُلْطَانِهِ ... أُخَالِفُ فِي ذَاكَ أَهْلَ الْجُحُودِ وَأَهْلَ الْفُسُوقِ وَعُدْوَانِهِ ... وَأَرْجُو بِهِ الْفَوْزَ فِي مَنْزِلٍ مُقِرٍّ لِأَعْيُنِ سُكَّانِهِ ... وَلَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ أَهْلَ الْجَحُودِ وَمَنْ قَدْ أَقَرَّ بِإِيمَانِهِ ... فَهَذَا يُنَجِّيهِ إِيمَانُهُ وَهَذَا يَبُوءُ بِخُسْرَانِهِ ...
পৃষ্ঠা - ৯৮৪৯
وَهَذَا يُنَعَّمُ فِي جَنَّةٍ وَذَلِكَ فِي قَعْرِ نِيرَانِهِ وَمِنْ شَعْرِهِ أَيْضًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ لِمَنْ عَانَدَ الْحَدِيثَ وَأَضْحَى ... عَائِبًا أَهْلَهُ وَمَنْ يَدَّعِيهِ أَبِعِلْمٍ تَقُولُ هَذَا أَبِنْ لِي ... أَمْ بِجَهْلٍ فَالْجَهْلُ خُلْقُ السَّفِيهِ أَيُعَابُ الَّذِينَ هُمْ حَفِظُوا الدِّي ... نَ مِنَ التُّرَّهَاتِ وَالتَّمْوِيهِ وَإِلَى قَوْلِهِمْ وَمَا قَدْ رَوَوْهُ ... رَاجِعٌ كُلُّ عَالِمٍ وَفَقِيهِ وَكَانَ سَبَبُ وَفَاتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ افْتَصَدَ، فَوَرِمَتْ يَدُهُ ; لِأَنَّهُ - عَلَى مَا ذُكِرَ - كَانَتْ رِيشَةُ الْحَاجِمِ مَسْمُومَةً لِغَيْرِهِ، فَغَلِطَ، فَفَصَدَهُ بِهَا، فَكَانَتْ فِيهَا مَنِيَّتُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، فَحُمِلَ إِلَى الْمَارَسْتَانِ، فَمَاتَ بِهِ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَلْخِ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ جَامِعِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى السِّتِّينَ سَنَةً، أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُ وَإِيَّانَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ، آمِينَ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৫০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا فَتَحَ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَكُ أَصْبَهَانَ بَعْدَ حِصَارِ سَنَةٍ، فَنَقَلَ إِلَيْهَا حَوَاصِلَهُ مِنَ الرَّيِّ وَجَعَلَهَا دَارَ إِقَامَتِهِ، وَخَرَّبَ قِطْعَةً مِنْ سُورِهَا، وَقَالَ: إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى السُّورِ مَنْ تَضْعُفُ قُوَّتُهُ، وَإِنَّمَا حِصْنِي عَسَاكِرِي وَسَيْفِي. وَقَدْ كَانَ فِيهَا أَبُو مَنْصُورٍ قَرَامِرْزُ بْنُ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ كَاكَوَيْهِ، فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا وَأَقْطَعَهُ بَعْضَ بِلَادِهَا. وَفِيهَا سَارَ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَأَطَاعَهُ عَسْكَرُ فَارِسَ وَمَلَكَ عَسْكَرَ مُكْرَمٍ. وَفِيهَا اسْتَوْلَتِ الْخَوَارِجُ عَلَى عُمَانَ أَخْرَبُوا دَارَ الْإِمَارَةِ فِيهَا، وَأَسَرُوا أَبَا الْمُظَفَّرِ بْنَ أَبِي كَالِيجَارَ. وَفِيهَا دَخَلَتِ الْعَرَبُ بِإِذْنِ الْمُسْتَنْصِرِ الْفَاطِمِيِّ بِلَادَ إِفْرِيقِيَّةَ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ حُرُوبٌ طَوِيلَةٌ، وَعَاثُوا فِي الْأَرْضِ فَسَادًا عِدَّةَ سِنِينَ. وَفِيهَا اصْطَلَحَ الرَّوَافِضُ وَالسُّنَّةُ بِبَغْدَادَ، وَذَهَبُوا كُلُّهُمْ لِزِيَارَةِ مَشْهَدِ عَلَيٍّ
পৃষ্ঠা - ৯৮৫১
وَمَشْهَدِ الْحُسَيْنِ، وَتَرَضَّوْا فِي الْكَرْخِ عَنِ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ، وَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِمْ، وَهَذَا عَجِيبٌ جِدًّا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّقِيَّةِ. وَرَخُصَتِ الْأَسْعَارُ بِبَغْدَادَ جَدًّا. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْحَسَنِ، أَبُو الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْقَزْوِينِيِّ، وُلِدَ فِي مُسْتَهَلِّ الْمُحَرَّمِ فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي تُوَفِّيَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ، وَسَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ وَأَبَا حَفْصِ بْنَ الزَّيَّاتِ وَابْنَ حَيَّوَيْهِ، وَكَانَ وَافِرَ الْعَقْلِ، مِنْ كِبَارِ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، لَهُ كَرَامَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَكَانَ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ وَيَرْوِي الْحَدِيثَ، وَلَا يَخْرُجُ إِلَّا لِلصَّلَاةِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَغُلِّقَتْ بَغْدَادُ يَوْمَئِذٍ، وَحَضَرَ النَّاسُ جِنَازَتَهُ وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، رَحِمَهُ اللَّهُ. عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ الثَّمَانِينِيُّ النَّحْوِيُّ الضَّرِيرُ، شَارِحُ " اللَّمْعِ " كَانَ فِي غَايَةِ الْعِلْمِ بِالنَّحْوِ، وَكَانَ يَأْتَجِرُ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّهُ اشْتَغَلَ عَلَى ابْنِ جِنِّيٍّ وَشَرَحَ كَلَامَهُ، وَكَانَ مَاهِرًا فِي صَنَاعَةِ النَّحْوِ، قَالَ: وهَذِهِ النِّسْبَةُ إِلَى قَرْيَةٍ مِنْ نَوَاحِي جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْجَبَلِ الْجُودِيِّ، يُقَالُ لَهَا: ثَمَانِينَ، بِاسْمِ الثَّمَانِينَ
পৃষ্ঠা - ৯৮৫২
الَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّفِينَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قِرْوَاشُ بْنُ مُقَلَّدٍ، أَبُو الْمَنِيعِ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ وَالْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمَا، كَانَ مِنَ الْجَبَّارِينَ، وَقَدْ كَاتَبَهُ الْحَاكِمُ صَاحِبُ مِصْرَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، فَاسْتَمَالَهُ إِلَيْهِ، فَخَطَبَ لَهُ بِبِلَادِهِ، ثُمَّ تَرَكَهُ، وَاعْتَذَرَ إِلَى الْقَادِرِ فَعَذَرَهُ. وَقَدْ جَمَعَ هَذَا الْجَبَّارُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ فِي النِّكَاحِ، فَلَامَتْهُ الْعَرَبُ، فَقَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ نَعْمَلُهُ مِمَّا هُوَ مُبَاحٌ فِي الشَّرِيعَةِ؟! وَقَدْ نُكِبَ فِي أَيَّامِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ، وَنُهِبَتْ حَوَاصِلُهُ، وَحِينَ تُوُفِّيَ قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ ابْنُ أَخِيهِ قُرَيْشُ بْنُ بَدْرَانَ بْنِ مُقَلَّدٍ. مَوْدُودُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ صَاحِبُ غَزْنَةَ، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ عَمُّهُ عَبْدُ الرَّشِيدِ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ.
পৃষ্ঠা - ৯৮৫৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي صَفَرٍ مِنْهَا وَقَعَ الْحَرْبُ بَيْنَ الرَّوَافِضِ وَالسُّنَّةِ، فَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّوَافِضَ نَصَبُوا أَبْرَاجًا، وَكَتَبُوا عَلَيْهَا بِالذَّهَبِ: مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ، فَمَنْ رَضِيَ فَقَدْ شَكَرَ، وَمَنْ أَبَى فَقَدْ كَفَرَ. فَأَنْكَرَتِ السُّنَّةُ اقْتِرَانَ عَلَيٍّ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا، فَنَشِبَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ، وَاسْتَمَرَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ إِلَى رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَقُتِلَ رَجُلٌ هَاشِمِيٌّ، فَدُفِنَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَرَجَعَ السُّنَّةُ مِنْ دَفْنِهِ، فَنَهَبُوا مَشْهَدَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَأَحْرَقُوهُ، وَأَحْرَقُوا ضَرِيحَ مُوسَى وَمُحَمَّدٍ الْجَوَادِ، وَقُبُورَ مُلُوكِ بَنِي بُوَيْهِ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْوُزَرَاءِ، وَأُحْرِقَ قَبْرُ جَعْفَرِ بْنِ الْمَنْصُورِ، وَمُحَمَّدٍ الْأَمِينِ، وَأُمِّهِ زُبَيْدَةَ، وَقُبُورٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَانْتَشَرَتِ الْفِتْنَةُ وَتَجَاوَزَتِ الْحَدَّ، وَقَدْ قَابَلَهُمْ أُولَئِكَ أَيْضًا بِمَفَاسِدَ كَثِيرَةٍ، فَأَحْرَقُوا مَحَالَّ كَثِيرَةً، وَبَعْثَرُوا قُبُورًا قَدِيمَةً، وَأَحْرَقُوا مَنْ فِيهَا مِنَ الصَّالِحِينَ، حَتَّى هَمُّوا بِقَبْرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَمَنَعَهُمُ النَّقِيبُ، وَخَافَ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ، وَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّافِضَةِ عَيَّارٌ يُقَالُ لَهُ: الطَّقَيطِقِيُّ، وَكَانَ يَتَتَبَّعُ رُءُوسَهُمْ وَكِبَارَهُمْ فَيَقْتُلُهُمْ جِهَارًا غِيلَةً، وَعَظُمَتِ الْمِحْنَةُ بِسَبَبِهِ جِدًّا، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَكَانَ فِي غَايَةِ الشَّجَاعَةِ وَالْبَأْسِ وَالْمَكْرِ، وَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ دُبَيْسَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ، وَكَانَ رَافِضِيًّا،
পৃষ্ঠা - ৯৮৫৪
قَطَعَ خُطْبَةَ الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِاللَّهِ، ثُمَّ رُوسِلَ فَأَعَادَهَا. وَفِي رَمَضَانَ جَاءَتِ الْهَدَايَا مِنَ الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ إِلَى الْخَلِيفَةِ شُكْرًا لَهُ عَلَى إِنْعَامِهِ إِلَيْهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ بِمَا كَانَ بَعَثَهُ لَهُ مِنَ الْخِلَعِ وَالتَّقْلِيدِ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَإِلَى الْحَاشِيَةِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ، وَإِلَى رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ، وَقَدْ كَانَ طُغْرُلْبَكُ حِينَ عَمَّرَ الرَّيَّ وَخَرَّبَ فِيهَا أَمَاكِنَ لِيُصْلِحَهَا وَجَدَ فِيهَا دَفَائِنَ كَثِيرَةً مِنَ الذَّهَبِ وَالْجَوْهَرِ، فَعَظُمَ شَأْنُهُ بِذَلِكَ، وَقَوِيَ مُلْكُهُ بِسَبَبِهِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو الْحَسَنِ الشَّاعِرُ الْبَصْرَوِيُّ نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ دُونَ عُكْبَرَا يُقَالُ لَهَا: بُصْرَى، بِاسْمِ الْمَدِينَةِ الَّتِي هِيَ أُمُّ حَوْرَانَ، وَقَدْ سَكَنَ بَغْدَادَ وَكَانَ مُتَكَلِّمًا مَطْبُوعًا، لَهُ نَوَادِرُ، وَمِنْ شِعْرِهِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ الْخَطِيبُ: تَرَى الدُّنْيَا وَزَهْرَتَهَا فَتَصْبُو ... وَمَا يَخْلُو مِنَ الشَّهَوَاتِ قَلْبُ فُضُولُ الْعَيْشِ أَكْثَرُهَا هُمُومٌ ... وَأَكْثَرُ مَا يَضُرُّكَ مَا تُحِبُّ فَلَا يَغْرُرْكَ زُخْرُفُ مَا تَرَاهُ ... وَعَيْشٌ لَيِّنُ الْأَعْطَافِ رَطْبُ إِذَا مَا بُلْغَةٌ جَاءَتْكَ عَفْوًا ... فَخُذْهَا فَالْغِنَى مَرْعَى وَشُرْبُ إِذَا اتَّفَقَ الْقَلِيلُ وَفِيهِ سِلْمٌ ... فَلَا تُرِدِ الْكَثِيرَ وَفِيهِ حَرْبُ