পৃষ্ঠা - ৯৭৮৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي الْمُحَرَّمِ كَثُرَ تَرَدُّدُ الْأَعْرَابِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ إِلَى حَوَاشِي بَغْدَادَ وَمَا حَوْلَهَا، بِحَيْثُ كَانُوا يَسْتَلِبُونَ مَا عَلَى النِّسَاءِ، وَمَنْ أَسَرُوهُ أَخَذُوا مَا مَعَهُ وَطَالَبُوهُ بِفِدَاءِ نَفْسِهِ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ بِبَغْدَادَ، وَكَثُرَتْ شُرُورُهُمْ وَإِفْسَادُهُمْ.
وَفِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ زَادَتْ دِجْلَةُ بِحَيْثُ ارْتَفَعَ الْمَاءُ عَلَى الضَّيَاعِ ذِرَاعَيْنِ، وَسَقَطَ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ نَحْوٌ مَنْ أَلْفَيْ دَارٍ.
وَفِي شَعْبَانَ مِنْهَا وَرَدَ كِتَابٌ مِنْ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ بِأَنَّهُ قَدْ فَتَحَ فَتْحًا عَظِيمًا فِي الْهِنْدِ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَمْسِينَ أَلْفًا، وَأَسَرَ تِسْعِينَ أَلْفًا، وَغَنِمَ شَيْئًا كَثِيرًا. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَوَقَعَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ أَهْلِ بَغْدَادَ وَالْعَيَّارِينَ، وَوَقَعَ حَرِيقٌ كَثِيرٌ فِي أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْهَا، وَاتَّسَعَ الْخَرْقُ عَلَى الرَّاقِعِ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَلَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ فِي هَذَا الْعَامِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
পৃষ্ঠা - ৯৭৮৮
أَحْمَدُ بْنُ كُلَيْبٍ الشَّاعِرُ
أَحَدُ مَنْ هَلَكَ بِالْعِشْقِ، رَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ " بِسَنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيِّ بِسَنَدِهِ: أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ كُلَيْبٍ هَذَا الْمِسْكِينَ الْعَثَرِيَّ تَعَشَّقَ شَابًّا يُقَالُ لَهُ: أَسْلَمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، مِنْ بَنِي خَالِدٍ، وَكَانَ فِيهِمْ وِزَارَةٌ وَحِجَابَةٌ، فَأَنْشَدَ فِيهِ أَشْعَارًا تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَا، وَكَانَ أَسْلَمُ هَذَا يَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي مَجَالِسِ الْمَشَايِخِ، فَاسْتَحْيَا مِنَ النَّاسِ وَانْقَطَعَ فِي دَارِهِ، فَلَا يَجْتَمِعُ بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَازْدَادَ غَرَامُ ابْنِ كُلَيْبٍ بِهِ حَتَّى مَرِضَ مِنْ ذَلِكَ مَرَضًا شَدِيدًا، عَادَهُ النَّاسُ مِنْهُ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ عَادَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ، فَسَأَلَهُ عَنْ مَرَضِهِ فَقَالَ: أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ دَائِي وَدَوَائِي، لَوْ زَارَنِي أَسْلَمُ، وَنَظَرَ إِلَيَّ نَظْرَةً، وَنَظَرْتُهُ نَظْرَةً وَاحِدَةً بَرِئْتُ، وَإِلَّا فَأَنَا هَالِكٌ. فَرَأَى ذَلِكَ الشَّيْخُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَنْ لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ أَنْ يَزُورَهُ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً مُخْتَفِيًا، وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى انْطَلَقَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَا دَرْبَهُ تَغَيَّرَ الْغُلَامُ وَاسْتَحْيَا مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ جِدًّا،
পৃষ্ঠা - ৯৭৮৯
وَرَجَعَ، فَحَرَصَ بِهِ الرَّجُلُ كُلَّ الْحِرْصِ لِيُدْخِلَهُ عَلَيْهِ، فَأَبَى وَانْصَرَفَ، فَدَخَلَ الرَّجُلُ عَلَى ابْنِ كُلَيْبٍ، فَذَكَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، وَقَدْ كَانَ غُلَامُهُ دَخَلَ إِلَيْهِ فَبَشَّرَهُ بِقُدُومِ أَسْلَمَ عَلَيْهِ، فَفَرِحَ جِدًّا، فَلَمَّا تَحَقَّقَ رُجُوعَهُ اخْتَلَطَ كَلَامُهُ وَاضْطَرَبَ فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: اسْمَعْ يَا أَبَا عَبْدَ اللَّهِ مِنِّي وَاحْفَظْ عَنِّي. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
أَسْلَمُ يَا رَاحَةَ الْعَلِيلِ ... رَفْقًا عَلَى الْهَائِمِ النَّحِيلِ
وَصْلُكَ أَشْهَى إِلَى فُؤَادِي ... مِنْ رَحْمَةِ الْخَالِقِ الْجَلِيلِ
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: اتَّقِ اللَّهَ، مَا هَذِهِ الْعَظِيمَةُ؟! فَقَالَ: قَدْ كَانَ. فَخَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ عِنْدِهِ، فَمَا تَوَسَّطَ الدَّرْبَ حَتَّى سَمِعَ الصُّرَاخَ عَلَيْهِ، وَقَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا.
وَهَذِهِ زَلَّةٌ شَنْعَاءُ، وَعَظِيمَةٌ صَلْعَاءُ، وَدَاهِيَةٌ دَهْيَاءُ، وَلَوْلَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةَ ذَكَرُوهَا مَا ذَكَرْتُهَا، وَلَكِنَّ فِيهَا عِبْرَةً لِأُولِي الْأَلْبَابِ، وَتَنْبِيهٌ لِذَوِي الْعُقُولِ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ رَحْمَتَهُ وَلُطْفَهُ بِهِمْ أَنْ يُثَبِّتَهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ عِنْدَ الْمَمَاتِ، إِنَّهُ كَرِيمٌ جَوَّادٌ.
قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَأَنْشَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ لِأَحْمَدَ بْنِ كُلَيْبٍ، وَقَدْ أَهْدَى إِلَى أَسْلَمَ كِتَابَ
পৃষ্ঠা - ৯৭৯০
" الْفَصِيحِ " لِثَعْلَبَ:
هَذَا كِتَابُ الُفَصِيحِ ... بَكُلِّ لَفْظٍ مَلِيحِ
وَهَبْتُهُ لَكَ طَوْعًا ... كَمَا وَهَبْتُكَ رُوحِي
الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ مِهْرَانَ، أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ الْبَزَّازُ
أَحَدُ مَشَايِخِ الْحَدِيثِ، سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ ثِقَةً صَدُوقًا، جَاءَهُ يَوْمًا شَابٌّ غَرِيبٌ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ إِلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ فَسَلْ عَلَيْهِ، وَأُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ. ثُمَّ انْصَرَفَ الشَّابُّ، فَبَكَى الشَّيْخُ، وَقَالَ: مَا أَعْلَمُ لِي عَمَلًا أَسْتَحِقُّ بِهِ هَذَا غَيْرَ صَبْرِي عَلَى إِسْمَاعِ الْحَدِيثِ، وَصَلَاتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا ذُكِرَ. ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنْ هَذِهِ الرُّؤْيَا، فِي مُحَرَّمِ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِبَابِ الدَّيْرِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَوْرَةَ، أَبُو عُمَرَ الْوَاعِظُ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْفَلْوِ
سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ جَمَاعَةٍ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ يَعِظُ، وَلَهُ بَلَاغَةٌ، وَفِيهِ كَرَمٌ، وَكَانَ ثِقَةً يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ،
পৃষ্ঠা - ৯৭৯১
وَمِنْ شَعْرِهِ:
دَخَلْتُ عَلَى السُّلْطَانِ فِي دَارِ عِزِّهِ ... بِفَقْرٍ وَلَمْ أُجْلِبْ بَخِيلٍ وَلَا رَجْلِ
وَقُلْتُ انْظُرُوا مَا بَيْنَ فَقْرِي وَمُلْكِكُمْ ... بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ الْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ
تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ حَرْبٍ إِلَى جَانِبِ ابْنِ السَّمَّاكِ
পৃষ্ঠা - ৯৭৯২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي الْمُحَرَّمِ تَكَامَلَتْ عِمَارَةُ قَنْطَرَةِ عِيسَى الَّتِي كَانَتْ قَدْ سَقَطَتْ، وَكَانَ الَّذِي يَلِي مُشَارَفَةَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْقُدُورِيُّ الْحَنَفِيُّ.
وَفِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ تَفَاقَمَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ، وَكَبَسُوا الدُّورَ، وَتَزَايَدَ شَرُّهُمْ وَعَمَلَاتُهُمْ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ مِصْرَ الظَّاهِرُ لِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَاكِمِ بْنِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَأَشْهَرٌ، وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلَايَتِهِ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَتْ سِيرَتُهُ جَيِّدَةً، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الْمُسْتَنْصِرُ، وَعُمُرُهُ سَبْعُ سِنِينَ، وَاسْمُهُ مَعَدٌّ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو تَمِيمٍ، وَتَكَفَّلَ
পৃষ্ঠা - ৯৭৯৩
بِأَعْبَاءِ الْمَمْلَكَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ الْأَفْضَلُ أَمِيرُ الْجُيُوشِ، وَاسْمُهُ بَدْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَمَالِيُّ، وَكَانَ الظَّاهِرُ الْمَذْكُورُ قَدِ اسْتَوْزَرَ الصَّاحِبَ أَبَا الْقَاسِمِ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ الْجَرْجَرَائِيَّ - وَكَانَ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِرْفِقَيْنِ - فِي سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، فَاسْتَمَرَّ فِي الْوِزَارَةِ مُدَّةَ وِلَايَةِ الظَّاهِرِ، ثُمَّ لِوَلَدِهِ الْمُسْتَنْصِرِ، حَتَّى تُوُفِّيَ الْوَزِيرُ الْجَرْجَرَائِيُّ الْمَذْكُورُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ قَدْ سَلَكَ فِي وِزَارَتِهِ الْعِفَّةَ الْعَظِيمَةَ، وَكَانَ الَّذِي يُعَلِّمُ عَنْهُ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُضَاعِيُّ صَاحِبُ كِتَابِ " الشِّهَابِ "، وَكَانَتْ عَلَامَتَهُ عَنْهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْرًا لِنِعْمَتِهِ. وَكَانَ الَّذِي قَطَعَ يَدَيْهِ مِنَ الْمِرْفِقَيْنِ الْحَاكِمُ ; لِخِيَانَةٍ ظَهَرَتْ مِنْهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَعْضِ الْأَعْمَالِ سَنَةَ تِسْعٍ، فَلَمَّا فُقِدَ الْحَاكِمُ - لَعَنَهُ اللَّهُ - فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، ثُمَّ تَمَلَّكَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الظَّاهِرُ الْمَذْكُورُ، تَنَقَّلَتْ بِالْجَرْجَرَائِيِّ الْمَذْكُورِ الْأَحْوَالُ حَتَّى اسْتَوْزَرَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ كَمَا ذَكَرْنَا.
وَقَدْ هَجَاهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ:
يَا أَحْمَقًا اسْمَعْ وَقُلْ ... وَدَعِ الرَّقَاعَةَ وَالتَّحَامُقْ
أَأَقَمْتَ نَفْسَكَ فِي الثِّقَا ... تِ وَهَبْكَ فِيمَا قُلْتَ صَادِقْ
فَمِنَ الْأَمَانَةِ وَالتُّقَى ... قُطِعَتْ يَدَاكَ مِنَ الْمَرَافِقْ
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعَالِبِيُّ
وَيُقَالُ: الثَّعْلَبِيُّ - وَهُوَ لَقَبٌ
পৃষ্ঠা - ৯৭৯৪
أَيْضًا وَلَيْسَ بِنِسْبَةٍ - النَّيْسَابُورِيُّ الْمُفَسِّرُ الْمَشْهُورُ، لَهُ " التَّفْسِيرُ الْكَبِيرُ "، وَلَهُ كِتَابُ " الْعَرَائِسِ " فِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ، وَاسِعَ السَّمَاعِ ; وَلِهَذَا يُوجَدُ فِي كُتُبِهِ مِنَ الْغَرَائِبِ شَيْءٌ كَثِيرٌ. ذَكَرَهُ عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَارِسِيُّ فِي " تَارِيخِ نَيْسَابُورَ " وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: هُوَ صَحِيحُ النَّقْلِ مَوْثُوقٌ بِهِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا، وَرُئِيَتْ لَهُ مَنَامَاتٌ صَالِحَةٌ، وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ: وَنَيْسَابُورُ كَانَتْ مَقْصَبَةً، فَأَمَرَ سَابُورُ الثَّانِي بِبِنَائِهَا مَدِينَةً، وَ " نَيْ " هُوَ الْقَصَبُ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ৯৭৯৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا خَلَعَ الْخَلِيفَةُ عَلَى أَبِي تَمَامٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيِّ، وَقَلَّدَهُ مَا كَانَ إِلَى أَبِيهِ مِنْ نِقَابَةِ الْعَبَّاسِيِّينَ وَالصَّلَاةِ.
وَفِيهَا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْجُنْدِ وَبَيْنَ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَقَطَعُوا خُطْبَتَةُ وَخُطْبَةَ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ، ثُمَّ أَعَادُوا الْخُطْبَةَ لَهُمَا وَصَلَحَتْ حَالُ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَحَلَفَ الْخَلِيفَةُ لَهُ وَعَزَلَ وَزِيرَهُ ابْنَ مَاكُولَا وَاسْتَوْزَرَ أَبَا الْمَعَالِي بْنَ عَبْدِ الرَّحِيمِ. وَكَانَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ قَدْ جَمَعَ خَلْقًا كَثِيرًا مَعَهُ، مِنْهُمُ الْبَسَاسِيرِيُّ، وَدُبَيْسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ، وَقِرْوَاشُ بْنُ مُقَلَّدٍ الْعُقَيْلِيُّ، وَنَازَلَ بَغْدَادَ مِنْ جَانِبِهَا الْغَرْبِيِّ حَتَّى أَخَذَهَا قَهْرَا، وَاصْطَلَحَ هُوَ وَأَبُو كَالِيجَارَ عَلَى يَدَيْ أَقَضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيِّ، وَتَزَوَّجَ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ أَبِي كَالِيجَارَ بِابْنَةِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ عَلَى صَدَاقِ خَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَاتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمَا، وَحَسُنَ حَالُ الدَّوْلَةِ.
وَفِيهَا نَزَلَ مَطَرٌ بِبِلَادِ فَمِ الصُّلْحِ وَمَعَهُ سَمَكٌ، وَزْنُ السَّمَكَةِ رَطْلٌ وَرَطْلَانِ.
পৃষ্ঠা - ৯৭৯৬
وَفِيهَا بَعَثَ صَاحِبُ مِصْرَ بِمَالٍ لِيُنْفَقَ عَلَى نَهْرٍ بِالْكُوفَةِ إِنْ أَذِنَ الْخَلِيفَةُ الْعَبَّاسِيُّ فِي ذَلِكَ، فَجَمَعَ الْقَائِمُ بِاللَّهِ الْفُقَهَاءَ، وَسَأَلَهُمُ عَنْ هَذَا الْمَالِ، فَأَفْتَوْا بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِمْ، فَأَذِنَ فِي صَرْفِهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
وَفِيهَا ثَارَ الْعَيَّارُونَ بِبَغْدَادَ، وَفَتَحُوا السِّجْنَ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَأَخَذُوا مِنْهُ رِجَالًا، وَقَتَلُوا مِنْ رِجَالَةِ الشُّرَطِ سَبْعَةَ عَشْرَ رَجُلًا، وَانْتَشَرَتِ الْفِتَنُ وَالشُّرُورُ فِي الْبَلَدِ جِدًّا.
وَفِيهَا وَلِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سَلَامَةَ إِمَارَةَ تِهَامَةَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَفِيهَا وَلِيَ عُمَانَ الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ أَيْضًا. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ; لِفَسَادِ الْبِلَادِ وَاخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْقُدُورِيُّ الْحَنَفِيُّ، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، أَبُو الْحُسَيْنِ الْقُدُورِيُّ
قَالَ الْخَطِيبُ: سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَوْشَبِيِّ، وَلَمْ
পৃষ্ঠা - ৯৭৯৭
يُحَدِّثْ إِلَّا بِشَيْءٍ يَسِيرٍ، كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوقًا، وَكَانَ مِمَّنْ أَنْجَبَ فِي الْفِقْهِ ; لِذَكَائِهِ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ فِي الْعِرَاقِ رِيَاسَةُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَارْتَفَعَ جَاهُهُ. وَكَانَ بَرَّزَ فِي الْقِرَاءَاتِ. تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَحَدِ الْخَامِسِ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سِتٍّ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِدَارِهِ فِي دَرْبِ خَلَفٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
الْحَسَنُ بْنُ شِهَابِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، أَبُو عَلِيٍّ الْعُكْبَرِيُّ، الْفَقِيهُ الْحَنْبَلِيُّ الشَّاعِرُ
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، سَمِعَ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ ثِقَةً أَمِينًا، كَمَا قَالَ الْبَرْقَانِيُّ، وَكَانَ يَسْتَرْزِقُ مِنَ الْوِرَاقَةِ - وَهُوَ النَّسْخُ - يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ دِيوَانَ الْمُتَنَبِّي فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَيَبِيعُهُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ أَخَذَ السُّلْطَانُ مِنْ تَرِكَتِهِ أَلْفَ دِينَارٍ سِوَى الْأَمْلَاكِ، وَكَانَ قَدْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فِي نَفَقَةِ الْحَنَابِلَةِ، فَلَمْ يُصْرَفْ ذَلِكَ.
لُطْفُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى، أَبُو الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ
وَلِيَ الْقَضَاءَ
পৃষ্ঠা - ৯৭৯৮
وَالْخَطَابَةَ بِدَرْزِيجَانَ، وَكَانَ ذَا لِسَانٍ، وَقَدْ أَضَرَّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَكَانَ يَرْوِي حِكَايَاتٍ وَأَنَاشِيدَ مِنْ حَفْظِهِ، وَتُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ مِنْهَا.
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عِيسَى بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمَطْلَبِ، أَبُو عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ
الْقَاضِي، أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَنَابِلَةِ.
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، أَبُو الْحَسَنِ الْأَهْوَازِيُّ
وَيُعْرَفُ بِابْنِ أَبِي عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيِّ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ وَخَرَّجَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ النُّعَيْمِيُّ أَجْزَاءَ مِنْ حَدِيثِهِ، فَسَمِعَ مِنْهُ الْبَرْقَانِيُّ، إِلَّا أَنَّهُ بَانَ كَذِبُهُ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يُسَمِّيهِ جِرَابَ الْكَذِبِ. أَقَامَ بِبَغْدَادَ سَبْعَ سِنِينَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْأَهْوَازِ، فَمَاتَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৭৯৯
مِهْيَارُ الدَّيْلَمِيُّ الشَّاعِرُ، مِهْيَارُ بْنُ مَرْزَوَيْهِ، أَبُو الْحَسَنِ
الْكَاتِبُ الْفَارِسِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ: الدَّيْلَمِيُّ. كَانَ مَجُوسِيًّا فَأَسْلَمَ، إِلَّا أَنَّهُ سَلَكَ سَبِيلَ الرَّافِضَةِ، فَكَانَ يُنَظِّمُ الشِّعْرَ الْقَوِيَّ الْفَحْلَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ مِنْ سَبِّ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ لَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بُرْهَانَ: يَا مِهْيَارُ، انْتَقَلْتَ مِنْ زَاوِيَةٍ فِي النَّارِ إِلَى زَاوِيَةٍ أُخْرَى ; كُنْتَ مَجُوسِيًّا، فَأَسْلَمْتَ، فَصِرْتَ تَسُبُّ الصَّحَابَةَ. وَقَدْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِدَرْبِ رَبَاحٍ مِنَ الْكَرْخٍ، وَلَهُ دِيوَانُ شِعْرٍ كَبِيرٌ مَشْهُورٌ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أَسْتَنْجِدُ الصَّبْرَ فِيكُمْ وَهْوَ مَغْلُوبُ ... وَأَسْأَلُ النَّوْمَ عَنْكُمْ وَهْوَ مَسْلُوبُ
وَأَبْتَغِي عِنْدَكُمْ قَلْبًا سَمَحْتُ بِهِ ... وَكَيْفَ يُرْجِعُ شَيْءٌ وَهْوَ مَوْهُوبُ
مَا كُنْتُ أَعْرِفُ مَا مِقْدَارُ وَصْلِكُمُ ... حَتَّى هَجَرْتُمْ وَبَعْضُ الْهَجْرِ تَأْدِيبُ
وَلِمِهْيَارَ أَيْضًا قَوْلُهُ:
أَجَارَتَنَا بِالْغَوْرِ وَالرَّكْبُ مُتَّهَمُ ... أَيَعْلَمُ خَالٍ كَيْفَ بَاتَ الْمُتَيَّمُ
رَحَلْتُمْ وَعُمْرُ اللَّيْلِ فِينَا وَفِيكُمُ ... سَوَاءٌ وَلَكِنْ سَاهِرُونَ وَنُوَّمُ
بِنَا أَنْتُمْ مِنْ ظَاعِنِينَ وَخَلَّفُوا ... قُلُوبًا أَبَتْ أَنْ تَعْرِفَ الصَّبْرَ عَنْهُمُ
وَلَمَّا جَلَا التَّوْدِيعُ عَمَّا حَذِرْتُهُ ... وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا نَظْرَةٌ تَتَغَنَّمُ
بَكَيْتُ عَلَى الْوَادِي فَحَرَّمْتُ مَاءَهُ ... وَكَيْفَ يَحِلُّ الْمَاءُ أَكْثَرُهُ دَمُ
পৃষ্ঠা - ৯৮০০
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَمَّا كَانَ شِعْرُهُ كُلُّهُ جَيِّدًا اقْتَصَرْتُ مِنْهُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ.
هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، أَبُو الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفُ بِالْحَاجِبِ
كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْأَدَبِ وَالتَّدَيُّنِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يَا لَيْلَةً سَلَكَ الْزَمَا ... نُ بِطِيبِهَا فِي كُلِّ مَسْلَكْ
إِذْ أَرْتَعِي رَوْضَ الْمَسَرَّ ... ةِ مُدْرِكًا مَا لَيْسَ يُدْرَكْ
وَالْبَدْرُ قَدْ فَضَحَ الظَّلَا ... مَ فَسِتْرُهُ فِيهِ مُهَتَّكْ
وَكَأَنَّمَا زُهْرُ النُّجُو ... مِ بِلَمْعِهَا شُعَلٌ تُحَرَّكْ
وَالْغَيْمُ أَحْيَانًا يَلُو ... حُ كَأَنَّهُ ثَوْبٌ مُمَسَّكْ
وَكَأَنَّ تَجْعِيدَ الرِّيَا ... حِ لِدِجْلَةٍ ثَوْبٌ مُفَرَّكْ
وَكَأَنَّ نَشْرَ الْمِسْكِ يَنْ ... فَحُ فِي النَّسِيمِ إِذَا تَحَرَّكْ
وَكَأَنَّمَا الْمَنْثُورُ مُصْ ... فَرَّ الذُّرَا ذَهَبٌ مُشَبَّكْ
وَالنُّورُ يَبْسِمُ فِي الرِّيَا ... ضِ فَإِنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ سَرَّكْ
شَارَطْتُ نَفْسِي أَنْ أَقُو ... مَ بِحَقِّهَا وَالشَّرْطُ أَمْلَكْ
حَتَّى تَوَلَّى اللَّيْلُ مُنْ ... هَزِمًا وَجَاءَ الصُّبْحُ يَضْحَكْ
পৃষ্ঠা - ৯৮০১
وَاهِ الْفَتَى لَوْ أَنَّهُ ... فِي ظِلِّ طِيبِ الْعَيْشِ يُتْرَكْ
وَالدَّهْرُ يَحْسُبُ عُمْرَهُ ... فَإِذَا أَتَاهُ الشَّيْبُ فَذْلَكْ
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
أَبُو عَلِيِّ بْنُ سِينَا، الطَّبِيبُ الْفَيْلَسُوفُ، الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِينَا
الشَّيْخُ الرَّئِيسُ، الَّذِي كَانَ نَادِرَةً فِي زَمَانِهِ، كَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَلْخَ وَانْتَقَلَ إِلَى بُخَارَى، وَاشْتَغَلَ بِهَا ابْنُ سِينَا فَقَرَأَ الْقُرْآنَ، وَأَتْقَنَ عُلُومَهُ وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ، وَأَتْقَنَ الْحِسَابَ وَالْجَبْرَ وَالْمُقَابَلَةَ وَ " إِقْلِيدِسَ " وَ " الْمَجَسْطِيَّ "، ثُمَّ اشْتَغَلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النَّاتِلِيِّ الْحَكِيمِ، فَبَرَعَ فِيهِ، وَفَاقَ أَهْلَ زَمَانِهِ، وَتَرَدَّدَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَاشْتَغَلُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدْ عَالَجَ بَعْضَ الْمُلُوكِ السَّامَانِيَّةِ، وَهُوَ الْأَمِيرُ نُوحُ بْنُ نَصْرٍ، فَأَعْطَاهُ جَائِزَةً سَنِيَّةً، وَحَكَّمَهُ فِي خِزَانَةِ كُتُبِهِ، فَرَأَى فِيهَا مِنَ الْعَجَائِبِ، فَيُقَالُ: إِنَّهُ عَزَا بَعْضَ تِلْكَ الْكُتُبِ إِلَى نَفْسِهِ. وَلَهُ فِي الْإِلَهِيَّاتِ وَالطَّبِيعِيَّاتِ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ.
পৃষ্ঠা - ৯৮০২
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ مِائَةِ مُصَنَّفٍ ; صِغَارٍ وَكِبَارٍ، مِنْهَا " الْقَانُونُ " وَ " الشِّفَاءُ " وَ " النَّجَاةُ " وَ " الْإِشَارَاتُ " وَ " سلَامَانُ وَإِبْسَالُ " وَ " حَيُّ بْنُ يَقْظَانَ " وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ: وَكَانَ مِنْ فَلَاسِفَةِ الْإِسْلَامِ. ثُمَّ أَوْرَدَ لَهُ مِنَ الْأَشْعَارِ قَصِيدَتَهُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا:
هَبَطَتْ إِلَيْكَ مِنَ الْمَحَلِّ الْأَرْفَعِ ... وَرْقَاءُ ذَاتُ تَعَزُّزٍ وَتَمَنُّعِ
مَحْجُوبَةٌ عَنْ كُلِّ مُقْلَةِ عَارِفٍ ... وَهْيَ الَّتِي سَفَرَتْ فَلَمْ تَتَبَرْقَعِ
وَصَلَتْ عَلَى كُرْهٍ إِلَيْكَ وَرْبَّمَا ... كَرِهَتْ فِرَاقَكَ وَهْيَ ذَاتُ تَفُجُّعِ
وَهِيَ طَوِيلَةٌ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا:
اجْعَلْ غِذَاءَكَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً ... وَاحْذَرْ طَعَامًا قَبْلَ هَضْمِ طَعَامِ
وَاحْفَظْ مَنِيَّكَ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّهُ ... مَاءُ الْحَيَاةِ يُرَاقُ فِي الْأَرْحَامِ
وَذَكَرَ أَنَّهُ مَاتَ بِالْقُولَنْجِ فِي هَمَذَانَ، وَقِيلَ: بِأَصْبَهَانَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، عَنْ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. قُلْتُ: وَقَدْ لَخَّصَ الْغَزَّالِيُّ كَلَامَهُ فِي " مَقَاصِدِ الْفَلَاسِفَةِ "، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ فِي " تَهَافُتِ الْفَلَاسِفَةِ " فِي عِشْرِينَ مَسْأَلَةً، كَفَّرَهُ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مِنْهُنَّ ; وَهِيَ قَوْلُهُ بِقِدَمِ الْعَالَمِ، وَعَدَمِ الْمَعَادِ الْجُسْمَانِيِّ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ، وَبَدَّعَهُ فِي الْبَوَاقِي، وَيُقَالُ: إِنَّهُ تَابَ عِنْدَ الْمَوْتِ. فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ৯৮০৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا بُدُوُّ مُلْكِ السَّلَاجِقَةِ.
وَفِيهَا اسْتَوْلَى رُكْنُ الدَّوْلَةِ أَبُو طَالِبٍ طُغْرُلْبَكُ مُحَمَّدُ بْنُ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ عَلَى نَيْسَابُورَ وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهَا، وَبَعَثَ أَخَاهُ دَاوُدَ إِلَى سَائِرِ بِلَادِ خُرَاسَانَ، فَمَلَكَهَا وَانْتَزَعَهَا مِنْ نُوَّابِ الْمَلِكِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ.
وَفِيهَا قَتْلُ جَيْشِ الْمِصْرِيِّينَ لِصَاحِبِ حَلَبَ وَهُوَ شِبْلُ الدَّوْلَةِ نَصْرُ بْنُ صَالِحِ بْنِ مِرْدَاسٍ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى حَلَبَ وَأَعْمَالِهَا.
وَفِيهَا سَأَلَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ الْخَلِيفَةَ أَنْ يُلَقَّبَ بِمُلْكِ الدَّوْلَةِ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ بَعْدَ تَمَنُّعٍ.
وَفِيهَا اسْتَدْعَى الْخَلِيفَةُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ الْقُضَاةَ وَالْفُقَهَاءَ، وَأَحْضَرَ جَاثَلِيقَ النَّصَارَى وَرَأَسَ جَالُوتِ الْيَهُودِ، وَأُلْزِمُوا بِالْغِيَارِ.
وَفِي رَمَضَانَ لُقِّبَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ شَاهِنْشَاهِ الْأَعْظَمَ مَلِكَ الْمُلُوكِ بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ، وَخُطِبَ بِذَلِكَ عَلَى الْمَنَابِرِ، فَنَفَرَتِ الْعَامَّةُ مِنْ ذَلِكَ، وَرَمَوُا الْخُطَبَاءَ بِالْآجُرِّ، وَوَقَعَتْ فِتْنَةٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَاسْتُفْتِيَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَأَفْتَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
পৃষ্ঠা - ৯৮০৪
الصَّيْمَرِيُّ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْقَصْدُ وَالنِّيَّةُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} [البقرة: 247] وَقَالَ: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: 79] وَإِذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ مُلُوكٌ جَازَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ ; لِتَفَاضُلِهِمْ فِي الْقُوَّةِ وَالْإِمْكَانِ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ أَعْظَمَ مِنْ بَعْضٍ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ التَّكَبُّرَ وَلَا الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِينَ. وَكَتَبَ الْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ الطَّبَرِيُّ: إِنَّ إِطْلَاقَ مَلِكِ الْمُلُوكِ جَائِزٌ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ مَلِكَ مُلُوكِ الْأَرْضِ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يُقَالَ: كَافِي الْكُفَاةِ وَقَاضِي الْقُضَاةِ، جَازَ مَلِكُ الْمُلُوكِ. وَإِذَا كَانَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُلُوكُ الْأَرْضِ زَالَتِ الشُّبْهَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: اللَّهُمَّ أَصْلِحِ الْمَلِكَ، فَيُصْرَفُ الْكَلَامُ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ، وَكَتَبَ التَّمِيمِيُّ الْحَنْبَلِيُّ نَحْوَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْقَاضِي الْمَاوَرْدِيُّ صَاحِبُ " الْحَاوِي الْكَبِيرِ " فَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ أَيْضًا، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ فِي " أَدَبِ الْمُفْتِي " أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَصَرَّ عَلَى الْمَنْعِ، مَعَ صُحْبَتِهِ لِلْمَلِكِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَكَثْرَةِ تَرْدَادِهِ إِلَيْهِ، وَوَجَاهَتِهِ عِنْدَهُ، وَأَنَّهُ امْتَنَعَ مِنَ الْحُضُورِ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى اسْتَدْعَاهُ جَلَالُ الدَّوْلَةِ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، دَخَلَ وَهُوَ وَجِلٌ خَائِفٌ أَنْ يُوقِعَ بِهِ مَكْرُوهًا، فَلَمَّا وَاجَهَهُ قَالَ لَهُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا مَنَعَكَ مِنْ مُوَافَقَةِ الَّذِينَ جَوَّزُوا ذَلِكَ، مَعَ صُحْبَتِكَ إِيَّايَ وَوَجَاهَتِكَ عِنْدِي، دِينُكَ وَاتِّبَاعُكَ الْحَقَّ، وَلَوْ حَابَيْتَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ لَحَابَيْتَنِي، وَقَدْ زَادَكَ ذَلِكَ
পৃষ্ঠা - ৯৮০৫
عِنْدِي مَحَبَّةً وَمَكَانَةً.
قُلْتُ: وَالَّذِي صَارَ إِلَيْهِ الْقَاضِي الْمَاوَرْدِيُّ مِنَ الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ هُوَ السُّنَّةُ الَّتِي وَرَدَتْ بِهَا الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ; قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي " مَسْنَدِهِ ": حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ» . قَالَ أَحْمَدُ: سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ عَنْ " أَخْنَعِ اسْمٍ " قَالَ: أَوْضَعُ. وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَخْبَثُهُ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ خِلَاسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ نَبِيُّهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ تَسَمَّى بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الثَّعَالِبِيُّ صَاحِبُ " يَتِيمَةِ الدَّهْرِ " أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
পৃষ্ঠা - ৯৮০৬
إِسْمَاعِيلَ الثَّعَالِبِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ
كَانَ إِمَامًا فِي اللُّغَةِ وَالْأَخْبَارِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، بَارِعًا مُفِيدًا، لَهُ التَّصَانِيفُ الْكِبَارُ فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ وَالْبَلَاغَةِ وَالْفَصَاحَةِ، وَأَكْبَرُ كُتُبِهِ " يَتِيمَةُ الدَّهْرِ فِي مَحَاسِنِ أَهْلِ الْعَصْرِ "، وَفِيهَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ:
أَبْيَاتُ أَشْعَارِ الْيَتِيمَهْ ... أَبْكَارُ أَفْكَارٍ قَدِيمَهْ
مَاتُوا وَعَاشَتْ بَعْدَهُمْ ... فَلِذَاكَ سُمِّيَتِ الْيَتِيمَهْ
وَإِنَّمَا سُمِّيَ الثَّعَالِبِيَّ ; لِأَنَّهُ كَانَ فَرَّاءً يَخِيطُ جُلُودَ الثَّعَالِبِ، وَلَهُ أَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ مَلِيحَةٌ. وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَمَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ
أَحَدُ الْأَئِمَّةِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَكَانَ مَاهِرًا فِي فُنُونٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا عِلْمُ الْحِسَابِ وَالْفَرَائِضِ، وَكَانَ ذَا مَالٍ وَثَرْوَةٍ، أَنْفَقَهُ كُلُّهُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، وَصَنَّفَ فِي الْعُلُومِ، وَدَرَّسَ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ عِلَمًا، وَكَانَ اشْتِغَالُهُ عَلَى الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَأَخَذَ عَنْهُ نَاصِرٌ الْمَرْوَزِيُّ وَغَيْرُهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৮০৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا الْتَقَى الْمَلِكُ مَسْعُودُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ وَالْمَلِكُ طُغْرُلْبَكُ السَّلْجُوقِيُّ وَمَعَهُ أَخُوهُ دَاوُدُ فِي شَعْبَانَ، فَهَزَمَهُمَا مَسْعُودٌ، وَقَتَلَ مِنْ أَصْحَابِهِمَا خَلْقًا كَثِيرًا.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَطَبَ شَبِيبُ بْنُ وَثَّابٍ لِلْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ بِحَرَّانَ وَالرَّقَّةِ وَقَطَعَ خُطْبَةَ الْمُسْتَنْصِرِ الْعُبَيْدِيِّ.
وَفِيهَا خُوطِبَ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ جَلَالِ الدَّوْلَةِ بِالْمَلِكِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ مُقِيمٌ بِوَاسِطٍ، وَهَذَا الْعَزِيزُ هُوَ الَّذِي كَانَ آخِرُ مَنْ تَمَلَّكَ مِنْ بَنِي بُوَيْهِ بِبَغْدَادَ، لَمَّا طَغَوْا وَبَغَوْا وَتَمَرَّدُوا وَتَسَمَّوْا بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ، وَهُوَ اسْمٌ يُبْغِضُهُ اللَّهُ، فَسَلَبَهُمُ اللَّهُ مَا كَانَ أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَجَعَلَ الْمُلْكَ إِلَى غَيْرِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمِ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: 11] .
وَفِيهَا خَلَعَ الْخَلِيفَةُ عَلَى قَاضِي الْقُضَاةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَاكُولَا خِلْعَةَ تَشْرِيفٍ.