আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৬৯০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا مَنَعَ الْحَاكِمُ صَاحِبُ مِصْرَ النِّسَاءَ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَنَازِلِ، أَوْ أَنْ يَطَّلِعْنَ مِنَ الْأَسْطُحَةِ أَوِ الطَّاقَاتِ، وَمَنَعَ الْخَفَّافِينَ مِنْ عَمَلِ الْأَخْفَافِ لَهُنَّ، وَمَنَعَهُنَّ مِنْ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَمَّامَاتِ، وَقَتَلَ خَلْقًا مِنَ النِّسَاءِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ فِي ذَلِكَ، وَهَدَمَ بَعْضَ الْحَمَّامَاتِ عَلَيْهِنَّ، وَجَهَّزَ عَجَائِزَ كَثِيرَةً يَطُفْنَ فِي الْبُيُوتِ ; يَسْتَعْلِمْنَ أَحْوَالَ النِّسَاءِ مَنْ مِنْهُنَّ تَعْشَقُ أَوْ تُعْشَقُ، بِأَسْمَائِهِنَّ وَأَسْمَاءِ مَنْ يَتَعَرَّضُ لَهُنَّ، فَمَنْ وُجِدَ مِنْهُنَّ كَذَلِكَ أَطْفَاهَا، وَأَكْثَرَ مِنَ الدَّوَرَانِ فِي اللَّيْلِ فِي الْبَلَدِ فِي طَلَبِ ذَلِكَ، وَغَرَّقَ خَلْقًا مِمَّنْ يَطَّلِعُ عَلَى فِسْقِهِمْ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَضَاقَ النِّطَاقُ عَلَى النِّسَاءِ وَالْفُسَّاقِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ أَنْ يَصِلَ إِلَى أَحَدٍ إِلَّا نَادِرًا، حَتَّى إِنَّ امْرَأَةً نَادَتْ قَاضِيَ الْقُضَاةِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ - وَهُوَ مَالِكُ بْنُ سَعِيدٍ الْفَارِقِيُّ - وَحَلَفَتْ بِحَقِّ الْحَاكِمِ لَمَا وَقَفَ لَهَا وَاسْتَمَعَ كَلَامَهَا، فَوَقَفَ لَهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، وَقَالَتْ: إِنَّ لِي أَخًا لَيْسَ لِي غَيْرُهُ وَهُوَ فِي السِّيَاقِ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ لَمَا وَصَّلْتَنِي إِلَيْهِ ; لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَرَقَّ لَهَا الْقَاضِي رِقَّةً شَدِيدَةً، وَأَمَرَ رَجُلَيْنِ مَعَهُ أَنْ يَكُونَا مَعَهَا حَتَّى يُبَلِّغَاهَا إِلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي تُرِيدُهُ، فَأَغْلَقَتْ بَابَهَا، وَأَعْطَتِ الْمِفْتَاحَ جَارَتَهَا، وَذَهَبَتْ حَتَّى وَصَلَتْ مَعَ الرَّجُلَيْنِ إِلَى مَنْزِلٍ، فَطَرَقَتْ وَدَخَلَتْ، وَقَالَتْ لَهُمَا: اذْهَبَا رَاشِدَيْنِ. فَإِذَا هُوَ مَنْزِلُ رَجُلٍ تَهْوَاهُ وَيَهْوَاهَا، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا احْتَالَتْ بِهِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৯১
مِنَ الْحِيلَةِ عَلَى الْقَاضِي، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، وَجَاءَ زَوْجُهَا مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، فَوَجَدَ بَابَهُ مُغْلَقًا، فَسَأَلَ عَنْ أَمْرِهَا، فَذُكِرَ لَهُ مَا صَنَعَتْ، فَاسْتَغَاثَ عَلَى الْقَاضِي وَذَهَبَ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: مَا أُرِيدُ امْرَأَتِي إِلَّا مِنْكَ، فَإِنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَخٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا ذَهَبَتْ إِلَى عَشِيقِهَا. فَخَافَ الْقَاضِي مِنْ مَعَرَّةِ هَذَا الْأَمْرِ، فَرَكِبَ إِلَى الْحَاكِمِ وَبَكَى لَدَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَأْنِهِ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا اتَّفَقَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ، فَأَرْسَلَ الْحَاكِمُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ سَارَا بِهَا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي مَنْ يُحْضِرُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ جَمِيعًا عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَا عَلَيْهِ، فَوَجَدَهُمَا مُتَعَانِقَيْنِ سُكَارَى، فَسَأَلَهُمَا الْحَاكِمُ عَنْ أَمْرِهِمَا، فَأَخَذَا يَعْتَذِرَانِ بِمَا لَا يُجْدِي شَيْئًا، فَأَمَرَ بِتَحْرِيقِ الْمَرْأَةِ فِي بَارِيَّةٍ، وَضَرَبَ الرَّجُلَ بِالسِّيَاطِ ضَرْبًا مُبَرِّحًا. وَازْدَادَ احْتِيَاطُ الْحَاكِمِ عَلَى النِّسَاءِ حَتَّى مَاتَ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَفِي رَجَبٍ مِنْهَا وَلِيَ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ قَضَاءَ الْحَضْرَةِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْأَكْفَانِيِّ. وَفِيهَا عَمَّرَ فَخْرُ الْمُلْكِ مَسْجِدَ الشَّرْقِيَّةِ، وَنَصَبَ عَلَيْهِ شَبَابِيكَ مِنْ حَدِيدٍ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: بَكْرُ بْنُ شَاذَانَ بْنِ بَكْرٍ، أَبُو الْقَاسِمِ الْمُقْرِئُ الْوَاعِظُ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيَّ،
পৃষ্ঠা - ৯৬৯২
وَجَعْفَرًا الْخُلْدِيَّ، وَعَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْخَلَّالُ، وَكَانَ ثِقَةً أَمِينًا صَالِحًا عَابِدًا زَاهِدًا، لَهُ قِيَامُ لَيْلٍ، وَكَرِيمُ أَخْلَاقٍ. مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْبٍ. بَدْرُ بْنُ حَسْنَوَيْهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَبُو النَّجْمِ الْكُرْدِيُّ، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ بِنَاحِيَةِ الدِّينَوَرِ وَهَمَذَانَ، لَهُ سِيَاسَةٌ وَصَدَقَةٌ كَثِيرَةٌ، كَنَّاهُ الْقَادِرُ بِاللَّهِ أَبَا النَّجْمِ، وَلَقَّبَهُ نَاصِرَ الدَّوْلَةِ، وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً وَأَنْفَذَهُ إِلَيْهِ، وَكَانَتْ أَعْمَالُهُ فِي غَايَةِ الْأَمْنِ، بِحَيْثُ إِذَا أَعْيَا جَمَلُ أَحَدٍ مِنَ الْمُسَافِرِينَ فَتَرَكَهُ بِمَا عَلَيْهِ فِي الْبَرِّيَّةِ، رُدَّ إِلَيْهِ - وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ - بِمَا كَانَ عَلَيْهِ لَا يُنْقَصُ مِنْهُ شَيْءٌ. وَلَمَّا عَاثَتْ أُمَرَاؤُهُ فِي الْبِلَادِ فَسَادًا عَمِلَ لَهُمْ ضِيَافَةً حَسَنَةً، فَقَدَّمَهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَأْتِهِمْ بِخُبْزٍ، فَجَلَسُوا يَنْتَظِرُونَ الْخُبْزَ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ سَأَلُوا عَنْهُ، فَقَالَ: إِذَا كُنْتُمْ تُهْلِكُونَ الْحَرْثَ، فَمِنْ أَيْنَ تُؤْتَوْنَ بِخُبْزٍ؟ ! ثُمَّ قَالَ: لَا أَسْمَعُ بِأَحَدٍ أَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ إِلَّا أَرَقْتَ دَمَهُ. وَاجْتَازَ مَرَّةً فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بِرَجُلٍ قَدْ حَمَلَ حُزْمَةَ حَطَبٍ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي كَانَ مَعِي رَغِيفَانِ أُرِيدُ أَنْ أَتَقَوَّتَ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا مِنِّي بَعْضُ الْجُنْدِ. فَقَالَ لَهُ: أَتَعْرِفُهُ إِذَا رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَوَقَفَ بِهِ فِي مَضِيقٍ حَتَّى مَرَّ عَلَيْهِ الْجُنْدُ، فَلَمَّا اجْتَازَ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الرَّغِيفَيْنِ، قَالَ: هَذَا هُوَ. فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يَنْزِلَ عَنْ فَرَسِهِ، وَأَنْ يَحْمِلَ هَذِهِ الْحُزْمَةَ مِنَ الْحَطَّابِ حَتَّى يَبْلُغَ بِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَرَادَ أَنْ يَفْتَدِيَ مِنْ ذَلِكَ بِمَالٍ جَزِيلٍ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، حَتَّى تَأَدَّبَ بِهِ الْجَيْشُ كُلُّهُمْ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৯৩
وَكَانَ يَصْرِفُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْأَرَامِلِ وَالْأَيْتَامِ، وَفِي كُلِّ شَهْرٍ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي تَكْفِينِ الْمَوْتَى، وَيَصْرِفُ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَ دِينَارٍ إِلَى عِشْرِينَ نَفْسًا يَحُجُّونَ عَنْ وَالِدَيْهِ وَعَنْ عَضُدِ الدَّوْلَةِ ; لِأَنَّهُ كَانَ السَّبَبَ فِي تَمْلِيكِهِ، وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِينَارٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ إِلَى الْحَدَّادِينَ وَالْحَذَّائِينَ لِلْمُنْقَطِعِينَ بَيْنَ هَمَذَانَ وَبَغْدَادَ، يُصْلِحُونَ لَهُمُ الْأَحْذِيَةَ وَنِعَالَ دَوَابِّهِمْ، وَيَصْرِفُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ إِلَى الْحَرَمَيْنِ صَدَقَةً عَلَى الْمُجَاوِرِينَ، وَعِمَارَةِ الْمَصَانِعِ، وَإِصْلَاحِ الْمِيَاهِ فِي طَرِيقِ الْحِجَازِ، وَإِطْلَاقًا لِأَهْلِ الْمَنَازِلِ، وَحَفْرِ الْآبَارِ وَإِصْلَاحِهَا، وَمَا اجْتَازَ فِي طَرِيقِهِ بِمَاءٍ جَارٍ إِلَّا بَنَي عِنْدَهُ قَرْيَةً، وَعُمِّرَ فِي أَيَّامِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالْخَانَاتِ مَا يُنَيِّفُ عَلَى أَلْفَيْ مَسْجِدٍ وَخَانٍ، هَذَا كُلُّهُ خَارِجًا عَمَّا يَصْرِفُ مِنْ دِيوَانِهِ مِنَ الْجِرَايَاتِ، وَالنَّفَقَاتِ وَالصَّدَقَاتِ، وَالْبِرِّ وَالصِّلَاتِ، عَلَى أَصْنَافِ النَّاسِ، مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَالْقُضَاةِ، وَالْمُؤَذِّنِينَ، وَالْأَشْرَافِ، وَالشُّهُودِ، وَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْأَيْتَامِ، وَالضُّعَفَاءِ. وَكَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الدَّوَابِّ الْمُرْتَبِطَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي الْجَشْرِ مَا يُنَيِّفُ عَنْ عِشْرِينَ أَلْفًا. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَمُدَّةُ إِمَارَتِهِ اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِمَشْهَدِ عَلَيٍّ، وَتَرَكَ مِنَ الْأَمْوَالِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ بَدْرَةٍ، وَنَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ بَدْرَةً، الْبَدْرَةُ عَشَرَةُ آلَافٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمَكَانَ، أَبُو عَلِيٍّ الْهَمَذَانِيُّ
পৃষ্ঠা - ৯৬৯৪
أَحَدُ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ بِبَغْدَادَ، عُنِيَ أَوَّلًا بِالْحَدِيثِ، فَسَمِعَ شَيْئًا كَثِيرًا، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ كَتَبَ بِالْبَصْرَةِ عَنْ نَحْوٍ مِنْ خَمْسِمِائَةِ شَيْخٍ. ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْفِقْهِ عَلَى أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَرُوذِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ: كَانَ ضَعِيفًا، لَيْسَ بِشَيْءٍ فِي الْحَدِيثِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْأَكْفَانِيِّ، قَاضِي قُضَاةِ بَغْدَادَ وُلِدَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَرَوَى عَنِ الْقَاضِي الْمَحَامِلِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُخَلَّدٍ وَابْنِ عُقْدَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ الْبَرْقَانِيُّ وَالتَّنُوخِيُّ، يُقَالُ: إِنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ. وَكَانَ عَفِيفًا نَزِهَا، صَيِّنَ الْعِرْضِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَلِيَ الْحُكْمَ مِنْهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً نِيَابَةً وَاسْتِقْلَالًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، أَبُو سَعْدٍ الْحَافِظُ الْإِسْتَرَابَاذِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْإِدْرِيسِيِّ، رَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَعُنِيَ بِهِ، وَسَمِعَ الْأَصَمَّ وَغَيْرَهُ، وَسَكَنَ سَمَرْقَنْدَ وَصَنَّفَ لَهَا تَارِيخًا، وَعَرَضَهُ عَلَى الدَّارَقُطْنِيِّ فَاسْتَحْسَنَهُ، وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ، فَسَمِعَ مِنْهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالتَّنُوخِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. أَبُو نَصْرٍ، عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نَبَاتَةَ السَّعْدِيُّ
পৃষ্ঠা - ৯৬৯৫
الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، امْتَدَحَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ وَغَيْرَهُ مِنَ الْأَكَابِرِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْوُزَرَاءِ، وَشِعْرُهُ الْمَشْهُورُ بِالْجَوْدَةِ وَالْإِحْسَانِ، وَهُوَ الْقَائِلُ الْبَيْتَ الْمَطْرُوقَ الْمَشْهُورَ: وَمَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ ... تَعَدَّدَتِ الْأَسْبَابُ وَالدَّاءُ وَاحِدُ وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَإِذَا عَجَزْتَ عَنِ الْعَدُوِّ فَدَارِهِ ... وَامْزَحْ لَهُ إِنَّ الْمِزَاحَ وِفَاقُ فَالْمَاءُ بِالنَّارِ الَّذِي هُوَ ضِدُّهَا ... تُعْطِي النِّضَاجَ وَطَبْعُهَا الْإِحْرَاقُ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَبُو بَكْرٍ الدَّيْنُورِيُّ الْفَقِيهُ السُّفْيَانِيُّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ كَانَ يُفْتِي عَلَى مَذْهَبِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِبَغْدَادَ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ، وَكَانَ إِلَيْهِ النَّظَرُ فِي الْجَامِعِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ خَلْفَ الْجَامِعِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. الْحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ صَاحِبُ " الْمُسْتَدْرَكِ " مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৯৬
بْنِ حَمْدَوَيْهِ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ الْحَكَمِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ الضَّبِّيُّ الْحَافِظُ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْبَيِّعِ، مِنْ أَهْلِ نَيْسَابُورَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحِفْظِ لِلْحَدِيثِ، وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَطَوَّفَ فِي الْآفَاقِ، وَصَنَّفَ الْكُتُبَ الْكِبَارَ وَالصِّغَارَ، فَمِنْ ذَلِكَ " الْمُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ " وَ " عُلُومُ الْحَدِيثِ " وَ " الْإِكْلِيلُ " وَ " تَارِيخُ نَيْسَابُورَ "، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مَشَايِخُهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحِفْظِ، وَالْأَمَانَةِ، وَالدِّيَانَةِ، وَالصِّيَانَةِ، وَالضَّبْطِ، وَالثِّقَةِ، وَالتَّحَرُّزِ، وَالْوَرَعِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، لَكِنْ قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: كَانَ ابْنُ الْبَيِّعِ يَمِيلُ إِلَى التَّشَيُّعِ، فَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأُرْمَوِيُّ: قَالَ: جَمَعَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحَادِيثَ زَعَمَ أَنَّهَا صِحَاحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، يُلْزِمُهُمَا إِخْرَاجَهَا فِي " صَحِيحَيْهِمَا "، فَمِنْهَا حَدِيثُ الطَّيْرِ، وَ " «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» "، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى قَوْلِهِ، وَلَا صَوَّبُوهُ فِي فِعْلِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ: قَالَ الْحَاكِمُ: حَدِيثُ الطَّيْرِ لَمْ يُخَرَّجْ فِي " الصَّحِيحِ "، وَهُوَ صَحِيحٌ. قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: بَلْ مَوْضُوعٌ، لَا يُرْوَى إِلَّا عَنْ سِقَاطِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنَ الْمَجَاهِيلِ، عَنْ أَنَسٍ، فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ لَا يَعْرِفُ هَذَا فَهُوَ جَاهِلٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مُعَانِدٌ كَذَّابٌ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى الْحَاكِمِ وَهُوَ مُخْتَفٍ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: لَوْ خَرَجْتَ فَأَمْلَيْتَ حَدِيثًا فِي
পৃষ্ঠা - ৯৬৯৭
فَضَائِلِ مُعَاوِيَةَ لَاسْتَرَحْتَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ. فَقَالَ: لَا يَجِيءُ مِنْ قَلْبِي، لَا يَجِيءُ مِنْ قَلْبِي. تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَجٍّ، أَبُو الْقَاسِمِ الْقَاضِي أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَهُ وُجُوهٌ غَرِيبَةٌ يَحْكِيهَا فِي الْمَذْهَبِ، وَكَانَتْ لَهُ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِالدِّينَوَرِ لِبَدْرِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ، فَلَمَّا تَغَيَّرَتِ الْبِلَادُ بَعْدَ مَوْتِ بَدْرٍ وَثَبَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَيَّارِينَ فَقَتَلُوهُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৬৯৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ مُسْتَهَلِّ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالرَّوَافِضِ، فَسَكَّنَ الْفِتْنَةَ الْوَزِيرُ فَخْرُ الْمُلْكِ، عَلَى أَنْ تَعْمَلَ الرَّوَافِضُ بِدْعَتَهُمْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنْ تَعْلِيقِ الْمُسُوحِ وَالنَّوْحِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ وَرَدَ الْخَبَرُ بِوُقُوعِ وَبَاءٍ شَدِيدٍ فِي الْبَصْرَةِ أَعْجَزَ الْحَفَّارِينَ وَالنَّاسَ عَنْ دَفْنِ مَوْتَاهُمْ، وَأَنَّهُ أَظَلَّتِ الْبَلَدَ سَحَابَةٌ فِي حَزِيرَانَ، فَأَمْطَرَتْهُمْ مَطَرًا شَدِيدًا كَثِيرًا. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَالِثِ صَفَرٍ قُلِّدَ الْمُرْتَضَى أَبُو الْقَاسِمِ نِقَابَةَ الطَّالِبِيِّينَ وَالْمَظَالِمَ وَالْحَجَّ، وَجَمِيعَ مَا كَانَ يَتَوَلَّاهُ أَخُوهُ الرَّضِيُّ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ بِمَحْضَرٍ مِنَ الْوَزِيرِ فَخْرِ الْمُلْكِ وَالْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. وَفِيهَا وَرَدَ الْخَبَرُ عَنِ الْحَجِيجِ بِأَنَّهُ هَلَكَ مِنْهُمْ بِسَبَبِ الْعَطَشِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَسَلِمَ مِنْهُمْ سِتَّةُ آلَافٍ، وَأَنَّهُمْ شَرِبُوا أَبْوَالَ الْجِمَالِ مِنَ الْعَطَشِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، فَسَلَكَ بِهِ الْأَدِلَّاءُ عَلَى بِلَادٍ غَرِيبَةٍ، فَانْتَهَوْا إِلَى أَرْضٍ قَدْ غَمَرَهَا الْمَاءُ مِنَ الْبَحْرِ، فَخَاضَ بِنَفْسِهِ الْمَاءَ أَيَّامًا،
পৃষ্ঠা - ৯৬৯৯
حَتَّى خَلَصُوا بَعْدَ مَا غَرِقَ كَثِيرٌ مِنْ جَيْشِهِ، وَعَادَ إِلَى خُرَاسَانَ بَعْدَ جَهْدٍ جَهِيدٍ. وَلَمْ يَذْهَبِ الرَّكْبُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْعِرَاقِ ; لِفَسَادِ الْبِلَادِ مِنَ الْأَعْرَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، إِمَامُ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، وَمَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، قَدِمَ بَغْدَادَ وَهُوَ صَغِيرٌ، سَنَةَ ثَلَاثٍ - أَوْ أَرْبَعٍ - وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَدَرَسَ الْفِقْهَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ، ثُمَّ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الدَّارَكِيِّ، وَلَمْ يَزَلْ يَتَرَقَّى بِهِ الْحَالُ حَتَّى صَارَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الشَّافِعِيَّةِ، وَعَظُمَ جَاهُهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَالْعَوَامِّ، وَكَانَ ثِقَةً إِمَامًا فَقِيهًا جَلِيلًا نَبِيلًا، شَرَحَ الْمُزَنِيَّ فِي تَعْلِيقَةٍ حَافِلَةٍ نَحْوٍ مِنْ خَمْسِينَ مُجَلَّدًا، وَلَهُ تَعْلِيقَةٌ أُخْرَى فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: وَرَأَيْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَحَضَرْتُ تَدْرِيسَهُ بِمَسْجِدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، فِي صَدْرِ قَطِيعَةِ الرَّبِيعِ، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ الْأَزَجِيُّ وَالْخَلَّالُ، وَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ يَحْضُرُ تَدْرِيسَهُ سَبْعُمِائَةِ مُتَفَقِّهٍ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ: لَوْ رَآهُ الشَّافِعِيُّ لِفَرَحِ بِهِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقُدُورِيُّ: مَا رَأَيْتُ فِي الشَّافِعِيِّينَ أُفُقَهُ مِنْ أَبِي حَامِدٍ،
পৃষ্ঠা - ৯৭০০
رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَدْ ذَكَرْتُ تَرْجَمَتَهُ مُسْتَقْصَاةً فِي " طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ "، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ فِي الْوَفِيَّاتِ أَنَّ الْقُدُورِيَّ قَالَ: هُوَ أَفْقَهُ وَأَنْظَرُ مِنَ الشَّافِعِيِّ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَيْسَ هَذَا مُسَلَّمًا إِلَى الْقُدُورِيِّ ; فَإِنَّ أَبَا حَامِدٍ وَأَمْثَالَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الشَّافِعِيِّ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: نَزَلُوا بِمَكَّةَ فِي قَبَائِلِ نَوْفَلٍ ... وَنَزَلْتُ بِالْبَيْدَاءِ أَبْعَدَ مَنْزِلِ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَلَهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ " التَّعْلِيقَةُ الْكُبْرَى "، وَلَهُ كِتَابُ " الْبُسْتَانِ " وَهُوَ صَغِيرٌ، فِيهِ غَرَائِبُ. قَالَ: وَقَدِ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الْمُنَاظَرَاتِ، فَأَنْشَأَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يَقُولُ: جَفَاءٌ جَرَى جَهْرًا لَدَى النَّاسِ وَانْبَسَطْ ... وَعُذْرٌ أَتَى سِرًّا فَأَكَّدَ مَا فَرَطْ وَمَنْ ظَنَّ أَنْ يَمْحُو جَلِيَّ جَفَائِهِ ... خَفِيُّ اعْتِذَارٍ فَهْوَ فِي أَعْظَمِ الْغَلَطْ كَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ السَّبْتَ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيتْ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِدَارِهِ بَعْدَمَا صُلِّيَ عَلَيْهِ بِالصَّحْرَاءِ، وَكَانَ الْجَمْعُ كَثِيرًا وَالْبُكَاءُ غَزِيرًا، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى مَقْبَرَةِ بَابِ حَرْبٍ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَبَلَغَ مِنَ الْعُمُرِ إِحْدَى وَسِتِّينَ سَنَةً وَأَشْهُرًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৭০১
أَبُو أَحْمَدَ الْفَرْضِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مِهْرَانَ، أَبُو أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْفَرْضِيُّ الْمُقْرِئُ سَمِعَ الْمَحَامِلِيَّ وَيُوسُفَ بْنَ يَعْقُوبَ، وَحَضَرَ مَجْلِسَ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَنْبَارِيِّ، وَكَانَ إِمَامًا ثِقَةً، وَرِعًا، وَقُورًا، كَثِيرَ الْخَيْرِ، يُقْرِئُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ يَسْمَعُ الْحَدِيثَ، وَكَانَ مُعَظَّمًا جَلِيلًا ; إِذَا قَدِمَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، نَهَضَ إِلَيْهِ حَافِيًا، فَتَلَقَّاهُ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، تُوُفِّيَ وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ، لَقَّبَهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ بِالرَّضِيِّ ذِي الْحَسَبَيْنِ، وَلَقَّبَ أَخَاهُ بِالْمُرْتَضَى ذِي الْمَجْدَيْنَ، وَكَانَ نَقِيبَ الطَّالِبِيِّينَ بِبَغْدَادَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَكَانَ فَاضِلًا دَيِّنًا، قَرَأَ الْقُرْآنَ بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ، وَحَفِظَ طَرَفًا جَيِّدًا مِنَ الْفِقْهِ وَفُنُونِ الْعِلْمِ. وَكَانَ شَاعِرًا مُطَبِّقًا، سَخِيًّا جَوَّادًا وَرِعًا. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ فِي كَثْرَةِ شِعْرِهِ أَشْعَرَ قُرَيْشٍ. فَمِنْ شِعْرِهِ الْمُسْتَجَادِ قَوْلُهُ: اشْتَرِ الْعِزَّ بِمَا شِئْ ... تَ فَمَا الْعِزُّ بِغَالِ بِالْقِصَارِ الصُّفْرِ إِنْ شِئْ ... تَ أَوِ السُّمْرِ الطِّوَالِ لَيْسَ بِالْمَغْبُونِ عَقْلًا ... مَنْ شَرَى عِزًّا بِمَالِ إِنَّمَا يُدَّخَرُ الْمَا ... لِ لِحَاجَاتِ الرِّجَالِ وَالْفَتَى مَنْ جَعَلَ الْأَمْ ... وَالَ أَثْمَانَ الْمَعَالِي وَمِنْ شَعْرِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا طَائِرَ الْبَانِ غِرِّيدًا عَلَى فَنَنٍ ... مَا هَاجَ نَوْحُكَ لِي يَا طَائِرَ الْبَانِ هَلْ أَنْتَ مُبْلِغُ مَنْ هَامَ الْفُؤَادُ بِهِ ... إِنَّ الطَّلِيقَ يُؤَدِّي حَاجَةَ الْعَانِي جِنَايَةً مَا جَنَاهَا غَيْرُ مُقْلَتِهِ ... يَوْمَ الْوَدَاعِ وَوَاشَوْقِي إِلَى الْجَانِي لَوْلَا تَذَكُّرُ أَيَّامِي بِذِي سَلَمٍ ... وَعِنْدَ رَامَةَ أَوَطَارِي وَأَوْطَانِي لَمَّا قَدَحْتُ بِنَارِ الْوَجْدِ فِي كَبِدِي ... وَلَا بَلَلْتُ بِمَاءِ الدَّمْعِ أَجْفَانِي وَقَدْ نُسِبَ إِلَى الرَّضِيِّ قَصِيدَةٌ يَتَرَامَى فِيهَا عَلَى الْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ، وَيَوَدُّ أَنْ لَوْ كَانَ بِبَلَدِهِ وَفِي حَوْزَتِهِ، وَيَا لَيْتَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ، حَتَّى يَرَى كَيْفَ تَكُونُ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَهُ، وَلَوْ أَنَّ الْخَلِيفَةَ الْعَبَّاسِيَّ أَجَادَ السِّيَاسَةَ، لَسَيَّرَهُ إِلَيْهِ لِيَقْضِيَ مُرَادَهُ وَيَعْلَمَ النَّاسُ كَيْفَ حَالُهُ، لَكِنْ حِلْمُ الْعَبَّاسِيِّينَ غَزِيرٌ. يَقُولُ فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ: أَلْبَسُ الذُّلَّ فِي بِلَادِ الْأَعَادِي ... وَبِمِصْرَ الْخَلِيفَةُ الْعَلَوِيُّ
পৃষ্ঠা - ৯৭০২
مَنْ أَبُوهُ أَبِي وَمَوْلَاهُ مَوْلَا ... يَ إِذَا ضَامَنِي الْبَعِيدُ الْقَصِيُّ لَفَّ عِرْقِي بِعِرْقِهِ سَيِّدُ النَّا ... سِ جَمِيعًا مُحَمَّدٌ وَعْلَيُّ إِنَّ خَوْفِي بِذَلِكَ الرَّبْعِ أَمْنٌ ... وَأُوَامِي بِذَلِكَ الْوِرْدِ رِيُّ فَلَمَّا سَمِعَ الْخَلِيفَةُ الْقَادِرُ بِأَمْرِ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ انْزَعَجَ، وَبَعَثَ إِلَى أَبِيهِ الشَّرِيفِ الطَّاهِرِ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوسَوِيِّ يُعَاتِبُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِهِ الرَّضِيِّ، فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ بِمَرَّةٍ، وَالرَّوَافِضُ مِنْ شَأْنِهِمُ التَّقِيَّةُ. فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: فَإِذَا لَمْ تَكُنْ قُلْتَهَا فَقُلْ أَبْيَاتًا تَذْكُرُ فِيهَا أَنَّ الْحَاكِمَ بِمِصْرَ دَعِيٌّ لَا نَسَبَ لَهُ. فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ. وَأَصَرَّ عَلَى أَنْ لَا يَقُولَ مَا أَمَرَهُ بِهِ أَبُوهُ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ مِنَ الْخَلِيفَةِ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، وَهُمْ يُنْكِرُونَ، حَتَّى بَعَثَ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيَّ وَالْقَاضِيَ أَبَا بَكْرٍ إِلَيْهِمَا، فَأَحْلَفَاهُ بِاللَّهِ وَبِالْأَيْمَانِ الْمُؤَكَّدَةِ أَنَّهُ مَا قَالَهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ. تُوُفِّيَ فِي خَامِسِ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ الْوَزِيرُ وَالْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْوَزِيرُ فَخْرُ الْمُلْكِ، وَدُفِنَ بِدَارِهِ بِمَسْجِدِ الْأَنْبَارِ وَوَلِيَ أَخُوهُ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى مَا كَانَ يَلِيهِ، وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مَنَاصِبَ أُخَرَ، وَقَدْ رَثَاهُ أَخُوهُ رَحِمَهُ اللَّهُ، بِمَرْثَاةٍ حَسَنَةِ الْمَطْلَعِ. بَادِيسُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ بُلُكِّينَ بْنِ زِيرِي بْنِ مُنَادٍ الْحِمْيَرِيُّ أَبُو الْمُعِزِّ مُنَادِ بْنِ
পৃষ্ঠা - ৯৭০৩
بَادِيسَ، نَائِبُ الْحَاكِمِ عَلَى بِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ وَابْنُ نَائِبِهَا، وَلَقَّبَهُ الْحَاكِمُ نَصِيرَ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ ذَا هَيْبَةٍ وَسَطْوَةٍ وَحُرْمَةٍ وَافِرَةٍ، كَانَ إِذَا هَزَّ رُمْحًا كَسَرَهُ. كَانَتْ وَفَاتُهُ بَغْتَةً لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ سَلْخَ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَيُقَالُ: إِنَّ بَعْضَ الصَّالِحِينَ دَعَا عَلَيْهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الْمُعِزُّ.
পৃষ্ঠা - ৯৭০৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا، احْتَرَقَ مَشْهَدُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بِكَرْبَلَاءَ وَأَرْوِقَتُهُ، وَكَانَ سَبَبَهُ أَنَّ الْقَوْمَةَ أَشْعَلُوا شَمْعَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ، فَمَالَتَا فِي اللَّيْلِ عَلَى التَّأْزِيرِ فَاحْتَرَقَ، وَنَفَذَتِ النَّارُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ حَتَّى كَانَ مِنْهُ مَا كَانَ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أَيْضًا احْتَرَقَتْ دَارُ الْقُطْنِ بِبَغْدَادَ وَأَمَاكِنُ كَثِيرَةٌ بِبَابِ الْبَصْرَةِ وَاحْتَرَقَ جَامِعُ سَامَرَّا. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ وَرَدَ الْخَبَرُ بِتَشْعِيثِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَسُقُوطِ جِدَارٍ بَيْنَ يَدَيْ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ سَقَطَتِ الْقُبَّةُ الْكَبِيرَةُ عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهَذَا مِنْ أَغْرَبِ الِاتِّفَاقَاتِ وَأَعْجَبِهَا. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَتِ الشِّيعَةُ الَّذِينَ بِبِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ وَنُهِبَتْ أَمْوَالُهُمْ، وَلَمْ يُتْرَكْ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ لَا يُعْرَفُ. وَفِيهَا كَانَ امْتِدَادُ دَوْلَةِ الْعَلَوِيِّينَ بِالْأَنْدَلُسِ، وَلِيَهَا عَلِيُّ بْنُ حَمُّودِ بْنِ أَبِي الْعَيْشِ الْعَلَوِيُّ، فَدَخَلَ قُرْطُبَةَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَتَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ الْحَكَمِ الْأُمَوِيَّ، وَقَتَلَ أَبَاهُ أَيْضًا، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، وَتَلَقَّبَ بِالْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ، ثُمَّ قُتِلَ فِي الْحَمَّامِ فِي ثَامِنَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ
পৃষ্ঠা - ৯৭০৫
السَّنَةِ عَنْ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ أَخُوهُ الْقَاسِمُ بْنُ حَمُّودٍ وَتَلَقَّبَ بِالْمَأْمُونِ، فَأَقَامَ فِي الْمُلْكِ سِتَّ سِنِينَ، ثُمَّ كَانَ ابْنُ أَخِيهِ يَحْيَى، ثُمَّ إِدْرِيسُ أَخُو يَحْيَى، ثُمَّ مَلَكَ الْأُمَوِيُّونَ، ثُمَّ أَجَانِبُ، حَتَّى مَلَكَ أَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ بْنِ تَاشِفِينَ وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ بِلَادَ خُوَارِزْمَ بَعْدَ مَلِكِهَا خُوَارِزْمَ شَاهْ مَأْمُونٍ. وَفِيهَا اسْتَوْزَرَ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ أَبُو شُجَاعٍ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ الْفَضْلِ الرَّامَهُرْمُزِيَّ، عِوَضًا عَنْ فَخْرِ الْمُلْكِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ خِلَعِ الْوِزَارَةِ، وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ بِلَادِ الْعِرَاقِ لِفَسَادِ الْبِلَادِ وَالطُّرُقَاتِ، وَعَيْثِ الْأَعْرَابِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ دُوسْتَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ أَحَدُ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَكَانَ يُذَاكِرُ بِحَضْرَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَيَتَكَلَّمُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، فَيُقَالُ: إِنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ تَكَلَّمَ فِيهِ بِذَلِكَ السَّبَبِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي غَيْرِهِ بِمَا لَا يَقْدَحُ فِيهِ كَبِيرَ شَيْءٍ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: رَأَيْتُ كُتُبَهُ كُلَّهَا طَرِيَّةً، وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّ أُصُولَهُ الْعُتُقَ غَرِقَتْ. وَقَدْ أَمْلَى الْحَدِيثَ مِنْ حَفِظِهِ، وَالْمُخَلِّصُ وَابْنُ شَاهِينَ حَيَّانِ مَوْجُودَانِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَمَضَانَ عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
পৃষ্ঠা - ৯৭০৬
الْوَزِيرُ فَخْرُ الْمُلْكِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، أَبُو غَالِبٍ، كَانَ مِنْ أَهْلِ وَاسِطٍ وَكَانَ أَبُوهُ صَيْرَفِيًّا، فَتَنَقَّلَتْ بِهِ الْأَحْوَالُ إِلَى أَنْ وَزَرَ لِبَهَاءِ الدَّوْلَةِ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَاقْتَنَى أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَبَنَى دَارًا عَظِيمَةً تُعْرَفُ بِالْفَخْرِيَّةِ، وَكَانَتْ أَوَّلًا لِلْخَلِيفَةِ الْمُتَّقِي لِلَّهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا أَمْوَالًا كَثِيرَةً وَنَفَقَاتٍ غَزِيرَةً، وَكَانَ كَرِيمًا جَوَّادًا بَذَّالًا، كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ، كَسَا فِي يَوْمٍ أَلْفَ فَقِيرٍ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ أَيْضًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَرَّقَ الْحَلَاوَةَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَكَانَ فِيهِ مَيْلٌ إِلَى التَّشَيُّعِ، وَقَدْ قَتَلَهُ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِالْأَهْوَازِ، وَأَخَذَ مِنْ أَمْوَالِهِ شَيْئًا كَثِيرًا ; مِنْ ذَلِكَ أَزْيَدُ مِنْ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، خَارِجًا عَنِ الْأَمْلَاكِ وَالْأَثَاثِ وَالْمَتَاعِ، وَكَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ قُتِلَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَأَشْهُرًا، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ سَبَبَ هَلَاكِهِ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَهُ بَعْضُ غِلْمَانِهِ، فَاسْتَعْدَتِ امْرَأَةُ الرَّجُلِ عَلَيْهِ إِلَى الْوَزِيرِ، وَرَفَعَتْ إِلَيْهِ قِصَصًا، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: أَرَأَيْتَ الْقِصَصَ الَّتِي رَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَلَا تَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، قَدْ رَفَعْتُهَا إِلَى اللَّهِ، وَأَنَا أَنْتَظِرُ التَّوْقِيعَ عَلَيْهَا. فَلَمَّا مُسِكَ الْوَزِيرُ، قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ خَرَجَ تَوْقِيعُ الْمَرْأَةِ. فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ.
পৃষ্ঠা - ৯৭০৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالرَّوَافِضِ بِبَغْدَادَ، فَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَفِيهَا مَلَكَ أَبُو الْمُظَفَّرِ أَرْسَلَانُ خَانَ بِلَادَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَغَيْرَهَا. وَتَلَقَّبَ بِشَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ وَفَاةِ أَخِيهِ طُغَانَ خَانَ، وَقَدْ كَانَ طُغَانُ خَانَ هَذَا دَيِّنًا فَاضِلًا، يُحِبُّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَقَدْ غَزَا التُّرْكَ مَرَّةً، فَقَتَلَ مِنْهُمْ مِائَتَيْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَأَسَرَ مِنْهُمْ مِائَةَ أَلْفٍ، وَغَنِمَ مِنْ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَوَانِي الصِّينِ شَيْئًا لَمْ يُعْهَدُ لِأَحَدٍ مِثْلُهُ، فَلَمَّا مَاتَ ظَهَرَتْ مُلُوكُ التُّرْكِ فِي الْبِلَادِ الشَّرْقِيَّةِ. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا وَلِيَ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ بِلَادَ الْبَطَائِحِ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَاتَلَهُ ابْنُ عَمَّتِهِ، فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا، وَضَرَبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ، ثُمَّ لَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ فِيهَا حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ آلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ صَاحِبِ بَغْدَادَ.
পৃষ্ঠা - ৯৭০৮
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ضَعُفَ أَمْرُ الدَّيْلَمِ بِبَغْدَادَ، وَطَمِعَ فِيهِمُ الْعَامَّةُ، فَنَزَلُوا إِلَى وَاسِطٍ فَقَاتَلَهُمْ أَهْلُهَا مَعَ التُّرْكِ أَيْضًا. وَفِيهَا وَلِيَ نُورُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْأَغَرِّ دُبَيْسُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ. وَفِيهَا قَدِمَ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَادَ وَضُرِبَ الطَّبْلُ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ، وَلَمْ تَجْرِ بِذَلِكَ عَادَةٌ، وَعَقَدَ عَقْدَهُ عَلَى بِنْتِ قِرْوَاشٍ، عَلَى صَدَاقٍ مَبْلَغُهُ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ لِفَسَادِ الْبِلَادِ، وَعَيْثِ الْأَعْرَابِ، وَضَعْفِ الدَّوْلَةِ. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ ": أَخْبَرَنَا سَعْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْبَزَّازُ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ الطُّرَيْثِيثِيُّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ اسْتَتَابَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فُقَهَاءَ الْمُعْتَزِلَةِ الْحَنَفِيَّةَ، فَأَظْهَرُوا الرُّجُوعَ، وَتَبَرَّءُوا مِنَ الِاعْتِزَالِ وَالرَّفْضِ وَالْمَقَالَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلْإِسْلَامِ، وَأَخَذَ خُطُوطَهُمْ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُمْ مَتَى خَالَفُوهُ حَلَّ بِهِمْ مِنَ النَّكَالِ وَالْعُقُوبَةِ مَا يَتَّعِظُ بِهِ أَمْثَالُهُمْ، وَامْتَثَلَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ وَأَمِينُ الْمِلَّةِ أَبُو الْقَاسِمِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ أَمْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ فِي أَعْمَالِهِ الَّتِي اسْتَخْلَفَهُ عَلَيْهَا مِنْ خُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا، فِي قَتْلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَالْقَرَامِطَةِ وَالْجَهْمِيةِ وَالْمُشَبِّهَةِ، وَصَلَبَهُمْ
পৃষ্ঠা - ৯৭০৯
وَحَبَسَهُمْ وَنَفَاهُمْ، وَأَمَرَ بِلَعْنِهِمْ عَلَى مَنَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِبْعَادِ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَطَرْدِهِمْ عَنْ دِيَارِهِمْ، وَصَارَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي الْإِسْلَامِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَاجِبُ الْكَبِيرُ شَبَاشَى أَبُو طَاهِرٍ مَوْلَى شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَلَقَّبَهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ بِالسَّعِيدِ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالْأَوْقَافِ عَلَى وُجُوهِ الْقُرُبَاتِ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ وَقَفَ دَبَاهَا عَلَى الْمَارَسْتَانِ، وَكَانَتْ تُغِلُّ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالْخَرَاجِ، وَبَنَى قَنْطَرَةَ الْخَنْدَقِ وَالْيَاسِرِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلَمَّا دُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، أَوْصَى أَنْ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ فَخَالَفُوهُ، فَعَقَدُوا عَلَى قَبْرِهِ قُبَّةً فَسَقَطَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِنَحْوٍ مَنْ سَبْعِينَ سَنَةً، وَاجْتَمَعَ نِسْوَةٌ عِنْدَ قَبْرِهِ يَنُحْنَ وَيَبْكِينَ، فَلَمَّا رَجَعْنَ رَأَتْ عَجُوزٌ مِنْهُنَّ - كَانَتْ هِيَ الْمُقَدَّمَةَ فِيهِنَّ - فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ تُرْكِيًّا خَرَجَ إِلَيْهَا مِنْ قَبْرِهِ وَمَعَهُ دَبُّوسٌ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا وَزَجَرَهَا، فَإِذَا هُوَ الْحَاجِبُ السَّعِيدُ، فَانْتَبَهَتْ مَذْعُورَةً.
পৃষ্ঠা - ৯৭১০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الْمُحَرَّمِ قُرِئَ بِدَارِ الْخِلَافَةِ فِي الْمَوْكِبِ كِتَابٌ فِي مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَفِيهِ أَنَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ. وَفِي النِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فَاضَ مَاءُ الْبَحْرِ الْمَالِحِ وَوَافَى الْأُبُلَّةَ، وَدَخَلَ الْبَصْرَةَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ. وَفِيهَا غَزَا مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، وَتَوَاقَعَ هُوَ وَمَلِكُ مُلُوكِ الْهِنْدِ، فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا عَظِيمًا، ثُمَّ انْجَلَتْ عَنْ هَزِيمَةِ الْهِنْدِ، فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا عَظِيمَةً مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمِائَتَيْ فِيلٍ، وَاقْتَصُّوا آثَارَ الْمُنْهَزِمِينَ مِنْهُمْ، وَهَدَمُوا مَعَاقِلَ كَثِيرَةً جِدًّا، ثُمَّ عَادَ إِلَى غَزْنَةَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِيهَا اسْتَوْزَرَ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ ذَا السَّعَادَتَيْنِ أَبَا غَالِبٍ الْحَسَنَ بْنَ مَنْصُورٍ، وَلَمْ يَحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ; لِفَسَادِ الْبِلَادِ وَعَيْثِ الْأَعْرَابِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: