আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৬১৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي هَذِهِ السَّنَةِ، قَصَدَ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ خُرَاسَانَ فَاسْتَلَبَ مُلْكَهَا مِنْ أَيْدِي السَّامَانِيَّةِ، وَوَاقَعَهُمْ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةً فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَمَا قَبْلَهَا، حَتَّى أَزَالَ اسْمَهُمْ وَرَسْمَهُمْ عَنِ الْبِلَادِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَانْقَرَضَتْ دَوْلَتُهُمْ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ صَمَدَ لِقِتَالِهِمْ إِيلَكُ مَلِكُ التُّرْكِ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ - وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الْخَانِ الْكَبِيرِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: فَائِقٌ - وَجَرَتْ لَهُ مَعَهُمْ حُرُوبٌ وَخُطُوبٌ. وَفِيهَا اسْتَوْلَى بَهَاءُ الدَّوْلَةِ عَلَى بِلَادِ فَارِسٍ وَخُوزِسْتَانَ. وَفِيهَا أَرَادَتِ الشِّيعَةُ أَنْ تَعْمَلَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَهُ مِنَ الزِّينَةِ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فِيمَا يَزْعُمُونَهُ، فَقَاتَلَهُمْ جَهَلَةٌ آخَرُونَ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ لِلسُّنَّةِ، فَادَّعَوْا أَنَّ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ حُصِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْغَارِ، فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا أَيْضًا جَهْلٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا كَانَ فِي أَوَائِلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ أَوَّلِ سِنِي الْهِجْرَةِ، فَإِنَّهُمَا أَقَامَا فِيهِ ثَلَاثًا، وَحِينَ خَرَجَا مِنْهُ قَصَدَا الْمَدِينَةَ فَدَخَلَاهَا بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَكَانَ دُخُولُهُمَا الْمَدِينَةَ فِي
পৃষ্ঠা - ৯৬১৯
الْيَوْمِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَهَذَا أَمَرٌ مَعْلُومٌ مُقَرَّرٌ، وَلَمَّا كَانَتِ الشِّيعَةُ يَصْنَعُونَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَأْتَمًا يُظْهِرُونَ فِيهِ الْحُزْنَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَابَلَتْهُمْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ جَهَلَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَادَّعَوْا أَنَّ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَعَمِلُوا لَهُ مَأْتَمًا كَمَا تَعْمَلُ الشِّيعَةُ لِلْحُسَيْنِ، وَزَارُوا قَبْرَهُ كَمَا يُزَارُ قَبْرُ الْحُسَيْنِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ مُقَابَلَةِ الْبِدْعَةِ بِبِدْعَةٍ مِثْلِهَا، وَلَا يَرْفَعُ الْبِدْعَةَ إِلَّا السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. وَفِيهَا وَقَعَ بَرْدٌ شَدِيدٌ مَعَ غَيْمٍ مُطْبِقٍ وَرِيحٍ قَوِيَّةٍ جِدًّا، بِحَيْثُ أَتْلَفَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ النَّخِيلِ بِبَغْدَادَ، فَلَمْ يَتَرَاجَعْ حَمْلُهَا إِلَى عَادَتِهَا إِلَّا بَعْدَ سِنِينَ. وَحَجَّ بِرَكْبِ الْعِرَاقِ الشَّرِيفَانِ الرَّضِيُّ وَالْمُرْتَضِي، فَاعْتَقَلَهُمَا أَمِيرُ الْأَعْرَابِ ابْنُ الْجَرَّاحِ، فَافْتَدَيَا مِنْهُ بِتِسْعَةِ آلَافِ دِينَارٍ مِنْ أَمْوَالِهِمَا فَأَطْلَقَهُمَا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السَّرَخْسِيُّ الْمُقْرِئُ الْفَقِيهُ الْمُحَدِّثُ شَيْخُ عَصْرِهِ بِخُرَاسَانَ، قَرَأَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ وَتَفَقَّهَ بِأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إِمَامِ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَخَذَ عِلْمَ اللُّغَةِ وَالْأَدَبِ وَالنَّحْوِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ
পৃষ্ঠা - ৯৬২০
الْأَنْبَارِيِّ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِينَ سَنَةً. عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُخَلَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْوَانَ، أَبُو الْقَاسِمِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ حَبَابَةَ رَوَى عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ وَطَبَقَتِهِمَا، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا مُسْنِدًا، وُلِدَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعِينَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، وَدُفِنَ فِي مُقَابِلِ جَامِعِ الْمَنْصُورِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৬২১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ بِأَرْضِ سِجِسْتَانَ مَعْدِنٌ مِنْ ذَهَبٍ كَانُوا يَحْفِرُونَ فِيهِ مِثْلَ الْآبَارِ، وَيُخْرِجُونَ مِنْهُ ذَهَبًا أَحْمَرَ. وَفِيهَا قُتِلَ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرِ بْنُ بَخْتِيَارَ صَاحِبُ بِلَادِ فَارِسٍ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا بَهَاءُ الدَّوْلَةِ. وَفِيهَا قَلَّدَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ الْقَضَاءَ بِوَاسِطٍ وَأَعْمَالِهَا لِأَبِي خَازِمٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْوَاسِطِيِّ، وَقُرِئَ عَهْدُهُ بِدَارِ الْخِلَافَةِ، وَكَتَبَ لَهُ الْقَادِرُ وَصِيَّةً حَسَنَةً طَوِيلَةً، أَوْرَدَهَا بِحُرُوفِهَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ "، وَفِيهَا مَوَاعِظُ وَأَوَامِرُ وَنَوَاهٍ حَسَنَةٌ جَيِّدَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، أَبُو بَكْرٍ الْهَاشِمِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ، الْقَاضِي بِالْمَدَائِنِ وَغَيْرِهَا، وَخَطَبَ بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَرَوَى عَنْهُ
পৃষ্ঠা - ৯৬২২
الْجَمُّ الْغَفِيرُ بِانْتِخَابِ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ الْحَافِظِ الْكَبِيرِ، وَكَانَ عَفِيفًا نَزِهًا ثِقَةً دَيِّنًا. تُوَفِّيَ فِي مُحَرَّمِ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى، أَبُو الْقَاسِمِ الدَّقَّاقُ وَيُعْرَفُ بِابْنِ جَنِيقَا. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ - وَهَذَا جَدُّهُ -: وَالصَّوَابُ جَلِيقَا بِاللَّامِ، لَا بِالنُّونِ. وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ سَمَاعًا صَحِيحًا، وَرَوَى عَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْعَتِيقِيُّ، قَالَ ابْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ: وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا حَسَنَ الْخُلُقِ، مَا رَأَيْنَا مِثْلَهُ فِي مَعْنَاهُ. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ الْفَرَّاءِ وَالِدُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَكَانَ صَالِحًا فَقِيهًا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَسْنَدَ الْحَدِيثَ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ أَبُو خَازِمٍ
পৃষ্ঠা - ৯৬২৩
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْبَغْدَادِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ، حَدَّثَ بِهَا، فَسَمِعَ مِنْهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ. عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو حَفْصٍ، الْمَعْرُوفُ بِالْكَتَّانِيِّ الْمُقْرِئُ وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثِمِائَةٍ. رَوَى عَنِ الْبَغَوِيِّ وَابْنِ مُجَاهِدٍ وَابْنِ صَاعِدٍ، وَعَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحًا. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ، أَبُو الْحُسَيْنِ الدَّقَّاقُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَخِي مِيمِي، سَمِعَ الْبَغَوِيَّ وَغَيْرَهُ، وَعَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى كِبَرِ سِنِّهِ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا دَيِّنًا فَاضِلًا، حَسَنَ الْأَخْلَاقِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৬২৪
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الشَّرِيفُ أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ الْكُوفِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ عُقْدَةَ وَغَيْرِهِ، وَسَكَنَ بَغْدَادَ وَكَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ وَضَيَاعٌ، وَدَخْلٌ عَظِيمٌ، وَحِشْمَةٌ وَافِرَةٌ، وَهِمَّةٌ عَالِيَةٌ، وَكَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الطَّالِبِيِّينَ فِي وَقْتِهِ، وَقَدْ صَادَرَهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ فِي وَقْتٍ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى جُمْهُورِ أَمْوَالِهِ وَسَجَنَهُ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ شَرَفُ الدَّوْلَةِ بْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ صَادَرَهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ بِأَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ، ثُمَّ سَجَنَهُ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ وَاسْتَنَابَهُ عَلَى بَغْدَادَ وَيُقَالُ: إِنَّ غِلَالَهُ كَانَتْ تُسَاوِي فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَلَهُ وَجَاهَةٌ كَبِيرَةٌ جِدًّا وَرِيَاسَةٌ بَاذِخَةٌ. الْأُسْتَاذُ أَبُو الْفُتُوحِ بَرْجَوَانُ النَّاظِرُ فِي الْأُمُورِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي الدَّوْلَةِ الْحَاكِمِيَّةِ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ حَارَةُ بَرْجَوَانَ بِالْقَاهِرَةِ الْمُعِزِّيَّةِ، كَانَ أَوَّلًا مِنْ غِلْمَانِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُعِزِّ، ثُمَّ صَارَ عِنْدَ الْحَاكِمِ نَافِذَ الْأَمْرِ مُطَاعًا كَبِيرًا فِي الدَّوْلَةِ، ثُمَّ أَمَرَ بِقَتْلِهِ فِي الْقَصْرِ، فَضَرَبَهُ الْأَمِيرُ رَيْدَانُ - الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الرَّيْدَانِيَّةُ خَارِجَ بَابِ الْفُتُوحِ - بِسِكِّينٍ فِي بَطْنِهِ فَقَتَلَهُ، وَقَدْ تَرَكَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَثَاثِ وَالثِّيَابِ، مِنْ ذَلِكَ أَلْفُ
পৃষ্ঠা - ৯৬২৫
سَرَاوِيلَ دَبِيقِيٍّ بِأَلْفِ تِكَّةٍ مِنْ حَرِيرٍ، قَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ فِي كِتَابِهِ. وَوَلَّى الْحَاكِمُ بَعْدَهُ فِي مَنْصِبِهِ الْأَمِيرَ حُسَيْنَ بْنَ الْقَائِدِ جَوْهَرٍ. الْجَرِيرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ طَرَارَا اسْمُهُ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى بْنِ حُمَيْدِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ دَاوُدَ، أَبُو الْفَرَجِ النَّهْرَوَانِيُّ الْقَاضِي ; لِأَنَّهُ نَابَ فِي الْحُكْمِ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ طَرَارَا الْجَرِيرِيُّ ; لِاشْتِغَالِهِ عَلَى ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وَسُلُوكُهُ وَرَاءَهُ فِي مَذْهَبِهِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْبَغَوِيِّ وَابْنِ صَاعِدٍ وَخَلْقٍ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَكَانَ ثِقَةً عَالِمًا فَاضِلًا، كَثِيرَ الْآدَابِ وَالتَّفَنُّنِ فِي أَصْنَافِ الْعُلُومِ، وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْكَثِيرَةُ، مِنْهَا كِتَابُهُ الْمُسَمَّى بِ " الْجَلِيسِ وَالْأَنِيسِ " فِيهِ فَوَائِدُ جَمَّةٌ كَثِيرَةٌ. وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَافِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، يَقُولُ: إِذَا حَضَرَ الْمُعَافَى فَقَدْ حَضَرَتِ الْعُلُومُ كُلُّهَا، وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَعْلَمِ النَّاسِ لَوَجَبَ
পৃষ্ঠা - ৯৬২৬
أَنْ يُصْرَفَ إِلَيْهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ فِي دَارِ بَعْضِ الرُّؤَسَاءِ، وَفِيهِمُ الْمُعَافَى فَقَالُوا: هَلُمَّ نَتَذَاكَرْ فِي فَنٍّ مِنَ الْعُلُومِ، فَقَالَ الْمُعَافَى لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ - وَكَانَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ فِي خِزَانَةٍ عَظِيمَةٍ -: مُرْ غُلَامَكَ أَنْ يَأْتِيَ بِكِتَابٍ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ أَيِّ كِتَابٍ، فَنَتَذَاكَرَ فِيهِ، فَتَعَجَّبَ الْحَاضِرُونَ مِنْ هَذَا التَّمَكُّنِ وَالتَّبَحُّرِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: أَنْشَدَنَا الشَّيْخُ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا لِنَفْسِهِ: أَلَا قُلْ لِمَنْ كَانَ لِي حَاسِدًا ... أَتَدْرِي عَلَى مَنْ أَسَأْتَ الْأَدَبْ أَسَأْتَ عَلَى اللَّهِ فِي فِعْلِهِ ... لِأَنَّكَ لَمْ تَرْضَ لِي مَا وَهَبْ فَجَازَاكَ عَنِّي بِأَنْ زَادَنِي ... وَسَدَّ عَلَيْكَ وُجُوهَ الطَّلَبْ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. ابْنُ فَارِسٍ صَاحِبُ " الْمُجْمَلِ "، وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، كَمَا سَيَأْتِي.
পৃষ্ঠা - ৯৬২৭
أَمَةُ السَّلَامِ بِنْتُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلِ بْنِ خَلَفِ بْنِ شَجَرَةَ أُمُّ الْفَتْحِ سَمِعَتْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَصَلَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهَا الْأَزْهَرِيُّ وَالتَّنُوخِيُّ وَأَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ وَغَيْرُهُمْ، وَأَثْنَى عَلَيْهَا غَيْرُ وَاحِدٍ فِي دِينِهَا وَفَضْلِهَا وَسِيَادَتِهَا، وَكَانَ مَوْلِدُهَا فِي رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ، وَتُوُفِّيَتْ فِي رَجَبٍ أَيْضًا مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ سَنَةً، رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৬২৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا بَايَعَ الْخَلِيفَةُ الْقَادِرُ بِاللَّهِ لِوَلَدِهِ أَبِي الْفَضْلِ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ، وَخُطِبَ لَهُ، وَلُقِّبَ بِالْغَالِبِ بِاللَّهِ، وَكَانَ عُمُرُهُ حِينَئِذٍ ثَمَانِيَ سِنِينَ وَشُهُورًا، وَلَمْ يَتِمَّ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ سَبَبَ هَذِهِ الْعَجَلَةِ أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الْوَاثِقِيُّ، ذَهَبَ إِلَى بَعْضِ الْأَطْرَافِ مِنْ بِلَادِ التُّرْكِ، وَادَّعَى أَنَّ الْقَادِرَ بِاللَّهِ جَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَخَطَبُوا لَهُ هُنَالِكَ، فَلَمَّا بَلَغَ الْقَادِرَ أَمْرُهُ بَعَثَ يَتَطَلَّبُهُ، فَهَرَبَ مِنْهُ فِي الْآفَاقِ وَتَمَزَّقَ شَمْلُهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ بَعْضُ الْمُلُوكِ فَسَجَنَهُ فِي قَلْعَةٍ إِلَى أَنْ مَاتَ، فَلِهَذَا بَادَرَ الْقَادِرُ إِلَى هَذِهِ الْبَيْعَةِ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وُلِدَ الْأَمِيرُ أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْقَادِرِ بِاللَّهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَارَتْ إِلَيْهِ الْخِلَافَةُ، وَهُوَ الْقَائِمُ بِأَمَرِ اللَّهِ وَفِيهَا قُتِلَ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدَّوْلَةِ الْمُقَلَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْعُقَيْلِيُّ غِيلَةً بِبِلَادِ الْأَنْبَارِ، وَكَانَ قَدْ عَظُمَ شَأْنُهُ بِتِلْكَ الْبِلَادِ، وَرَامَ الْمَمْلَكَةَ، فَجَاءَهُ الْقَدَرُ الْمَحْتُومُ، فَقَتَلَهُ بَعْضُ غِلْمَانِهِ الْأَتْرَاكِ، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ قِرْوَاشٌ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْمِصْرِيُّونَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
পৃষ্ঠা - ৯৬২৯
جَعْفَرُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ، أَبُو الْفَضْلِ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ حِنْزَابَةَ الْوَزِيرُ وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ بِبَغْدَادَ، وَنَزَلَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ، وَوَزَرَ بِهَا لِأَمِيرِهَا كَافُورٍ الْإِخْشِيدِيِّ وَكَانَ أَبُوهُ وَزِيرًا لِلْمُقْتَدِرِ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْحَضْرَمِيِّ وَطَبَقَتِهِ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ، وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مَجْلِسًا مِنَ الْبَغَوِيِّ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، فَكَانَ يَقُولُ: مَنْ جَاءَنِي بِهِ أَغْنَيْتُهُ. وَكَانَ لَهُ مَجْلِسٌ لِإِمْلَاءِ الْحَدِيثِ بِدِيَارِ مِصْرَ، وَبِسَبَبِهِ رَحَلَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِلَى هُنَاكَ، فَنَزَلَ عِنْدَهُ وَخَرَّجَ لَهُ مُسْنَدًا، وَحَصَلَ لَهُ مِنْهُ مَالٌ جَزِيلٌ. وَحَدَّثَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَكَابِرِ. وَمِنْ مُسْتَجَادِ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: مَنْ أَخْمَلَ النَّفْسَ أَحْيَاهَا وَرَوَّحَهَا ... وَلَمْ يَبِتْ طَاوِيًا مِنْهَا عَلَى ضَجَرِ إِنَّ الرِّيَاحَ إِذَا اشْتَدَّتْ عَوَاصِفُهَا ... فَلَيْسَ تَرْمِي سِوَى الْعَالِي مِنَ الشَّجَرِ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي صَفَرٍ - وَقِيلَ: فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ - مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ، وَقِيلَ: بِدَارِهِ. قَالَ: وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ قَدِ اشْتَرَى دَارًا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَجَعَلَهَا تُرْبَةً لَهُ، فَلَمَّا نُقِلَ إِلَيْهَا تَلَقَّتْهُ الْأَشْرَافُ لِإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ، فَحَمَلُوهُ وَحَجُّوا بِهِ، وَأَوْقَفُوهُ بِعَرَفَاتٍ، ثُمَّ أَعَادُوهُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَدَفَنُوهُ بِتُرْبَتِهِ. ابْنُ الْحَجَّاجِ الشَّاعِرُ، الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَجَّاجِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৩০
الشَّاعِرُ الْمَاجِنُ الْمُقْذِعُ فِي نَظْمِهِ بِأَلْفَاظِ يَسْتَنْكِفُ اللِّسَانُ عَنِ التَّلَفُّظِ بِهَا، وَالْأُذُنَانِ عَنِ الِاسْتِمَاعِ إِلَيْهَا، وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ مِنْ كِبَارِ الْعُمَّالِ، وَوَلِيَ هُوَ حِسْبَةَ بَغْدَادَ فِي أَيَّامِ عِزِّ الدَّوْلَةِ بْنِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، فَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا نُوَّابًا سِتَّةً، وَتَشَاغَلَ هُوَ بِالشِّعْرِ السَّخِيفِ وَالرَّأْيِ الضَّعِيفِ، إِلَّا أَنَّ شِعْرَهُ جَيِّدٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ، وَفِيهِ قُوَّةٌ جَيِّدَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَمَكُّنٍ وَاقْتِدَارٍ عَلَى سَبْكِ الْمَعَانِي الْقَبِيحَةِ، الَّتِي هِيَ فِي غَايَةِ الْفَضِيحَةِ، فِي الْأَلْفَاظِ الْفَصِيحَةِ، وَلَهُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْعَارِ الْمُسْتَجَادَةِ. وَقَدِ امْتَدَحَ مَرَّةً صَاحِبَ مِصْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ. وَقَوْلُ الْقَاضِي ابْنِ خَلِّكَانَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ عُزِلَ عَنْ حِسْبَةِ بَغْدَادَ بِأَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ. قَوْلٌ ضَعِيفٌ لَا يُسَامَحُ بِمِثْلِهِ الْقَاضِي، فَإِنَّ أَبَا سَعِيدٍ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَكَيْفَ يُعْزَلُ بِهِ ابْنُ الْحَجَّاجِ؟! وَهُوَ لَا يُمْكِنُ عَادَةً أَنْ يَلِيَ الْحِسْبَةَ بَعْدَ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَلِكِبَرِ قَدْرِ ابْنِ خَلِّكَانَ فِي هَذِهِ الصَّنَاعَةِ نَاقَشْنَاهُ، فَإِنَّهُ أَرَّخَ وَفَاةَ هَذَا الشَّاعِرِ بِهَذِهِ السَّنَةِ، وَوَفَاةَ الْإِصْطَخْرِيِّ بِمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ جَمَعَ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ أَشْعَارَهُ الْجَيِّدَةَ عَلَى حِدَةٍ فِي دِيوَانٍ مُفْرَدٍ، وَرَثَاهُ حِينَ تُوُفِّيَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ. عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ، أَبُو الْحَسَنِ الْخَوْزِيُّ
পৃষ্ঠা - ৯৬৩১
الْقَاضِي بِالْمُخَرَّمِ وَحَرِيمِ دَارِ الْخِلَافَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْجِهَاتِ، وَكَانَ ظَاهِرِيًّا عَلَى مَذْهَبِ دَاوُدَ، وَكَانَ لَطِيفًا ظَرِيفًا، تَحَاكَمَ إِلَيْهِ وَكِيلَانِ، فَبَكَى أَحَدُهُمَا فِي أَثْنَاءِ الْخُصُومَةِ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: أَرِنِي وِكَالَتَكَ، فَنَاوَلَهُ فَقَرَأَهَا ثُمَّ قَالَ لَهُ: لَمْ يَجْعَلْ إِلَيْكَ أَنْ تَبْكِيَ عَنْهُ. فَاسْتَضْحَكَ النَّاسَ، وَنَهَضَ الْوَكِيلُ خَجِلًا. عِيسَى بْنُ الْوَزِيرِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ دَاوُدَ بْنِ الْجَرَّاحِ، أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغْدَادِيُّ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ كِبَارِ الْوُزَرَاءِ، وَكَتَبَ هُوَ لِلطَّائِعِ أَيْضًا، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ صَحِيحَ السَّمَاعِ، كَثِيرَ الْعُلُومِ، وَكَانَ عَارِفًا بِالْمَنْطِقِ وَعِلْمِ الْأَوَائِلِ، فَرَمَوْهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَذْهَبِ الْفَلَاسِفَةِ، وَمِنْ جَيِّدِ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: رُبَّ مَيِّتٍ قَدْ صَارَ بِالْعِلْمِ حَيًّا ... وَمُبَقًّى قَدْ مَاتَ جَهْلًا وَغَيًّا فَاقْتَنُوا الْعِلْمَ كَيْ تَنَالُوا خُلُودًا ... لَا تَعُدُّوا الْحَيَاةَ فِي الْجَهْلِ شَيًّا كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ فِي دَارِهِ بِبَغْدَادَ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৩২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا غَزَا يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، فَصَمَدَ مَلِكُهَا لَهُ جِيبَالُ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَفَتَحَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَانْهَزَمَتِ الْهُنُودُ، وَأُسِرَ مَلِكُهُمْ جِيبَالُ، وَأُخِذَ مِنْ عُنُقِهِ قِلَادَةٌ قِيمَتُهَا ثَمَانُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا عَظِيمَةً، وَفَتَحُوا بِلَادًا كَثِيرَةً، ثُمَّ أَطْلَقَ مَحْمُودٌ مَلِكَ الْهِنْدِ ; احْتِقَارًا لَهُ وَاسْتِهَانَةً بِهِ، لِيَرَاهُ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ فِي لِبَاسِ الْمَذَلَّةِ، فَحِينَ وَصَلَ جِيبَالُ - لَعَنَهُ اللَّهُ - إِلَى بِلَادِهِ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي النَّارِ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاحْتَرَقَ، لَعَنَهُ اللَّهُ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْهَا ثَارَتِ الْعَوَامُّ عَلَى النَّصَارَى بِبَغْدَادَ، فَنَهَبُوا كَنِيسَتَهُمُ الَّتِي بِقَطِيعَةِ الرَّقِيقِ وَأَحْرَقُوهَا، فَسَقَطَتْ عَلَى خَلْقٍ فَمَاتُوا، وَفِيهِمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ; رِجَالٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ. وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا قَوِيَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ، وَكَثُرَتِ الْعَمَلَاتُ وَالنَّهْبُ بِبَغْدَادَ، وَانْتَشَرَتِ الْفِتْنَةُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ ثَالِثِ ذِي الْقَعْدَةِ انْقَضَّ كَوْكَبٌ أَضَاءَ
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৩
كَضَوْءِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ التَّمَامِ، وَمَضَى الشُّعَاعُ وَبَقِيَ جِرْمُهُ يَتَمَوَّجُ نَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فِي ذِرَاعٍ بِرَأْيِ الْعَيْنِ، ثُمَّ تَوَارَى بَعْدَ سَاعَةٍ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ قَدِمَ الْحُجَّاجُ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى بَغْدَادَ لِيَسِيرُوا إِلَى الْحِجَازِ، فَبَلَغَهُمْ عَيْثُ الْأَعْرَابِ بِالْفَسَادِ، وَأَنَّهُ لَا قَاهِرَ لَهُمْ وَلَا نَاظِرَ يَنْظُرُ فِي أُمُورِهِمْ، فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَلَمْ يَحُجَّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ أَحَدٌ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ وُلِدَ لِبَهَاءِ الدَّوْلَةِ ابْنَانِ تَوْأَمَانِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ، وَبَقِيَ الْآخَرُ حَتَّى قَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ أَبِيهِ، وَلُقِّبَ مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ وَحَجَّ الْمِصْرِيُّونَ فِيهَا بِالنَّاسِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَبُو الْفَتْحِ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّيٍّ الْمَوْصِلِيُّ النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيفِ الْفَائِقَةِ الْمُتَدَاوَلَةِ فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَكَانَ أَبُوهُ جِنِّيٌّ عَبْدًا رُومِيًّا مَمْلُوكًا لِسُلَيْمَانَ بْنِ فَهْدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزْدِيِّ الْمَوْصِّلِيِّ. وَمِنْ شِعْرِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَإِنْ أُصْبِحْ بِلَا نَسَبٍ ... فَعِلْمِي فِي الْوَرَى نَسَبِي عَلَى أَنِّي أَؤُولُ إِلَى ... قُرُومٍ سَاَدَةٍ نُجُبِ قَيَاصِرَةٍ إِذَا نَطَقُوا ... أَرَمَّ الدَّهْرُ ذُو الْخُطُبِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৪
أُولَاكَ دَعَا النَّبِيُّ لَهُمْ ... كَفَى شَرَفًا دُعَاءُ نَبِي وَقَدْ أَقَامَ بِبَغْدَادَ، وَدَرَسَ بِهَا الْعِلْمَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مَنْ صَفَرٍ مِنْهَا، قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ أَعْوَرَ وَلَهُ فِي ذَلِكَ: صُدُودُكَ عَنِّي وَلَا ذَنْبَ لِي ... يَدُلُّ عَلَى نِيَّةٍ فَاسِدَهْ فَقَدْ وَحَيَاتِكَ مِمَّا بَكَيْتُ ... خَشِيتُ عَلَى عَيْنِيَ الْوَاحِدَهْ وَلَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ لَا أَرَاكَ ... لَمَا كَانَ فِي تَرْكِهَا فَائِدَهْ وَيُقَالُ: إِنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ لِغَيْرِهِ. وَلَهُ فِي مَمْلُوكٍ حَسَنِ الصُّورَةِ أَعْوَرَ: لَهُ عَيْنٌ أَصَابَتْ كُلَّ عَيْنٍ ... وَعَيْنٌ قَدْ أَصَابَتْهَا الْعُيُونُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجُرْجَانِيُّ، الْقَاضِي بِالرَّيِّ، الشَّاعِرُ الْمَاهِرُ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَرَقَّى فِي الْعُلُومِ حَتَّى أَقَرَّ لَهُ النَّاسُ بِالتَّفَرُّدِ، وَلَهُ أَشْعَارٌ حِسَانٌ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: يَقُولُونَ لِي فِيكَ انْقِبَاضٌ وَإِنَّمَا ... رَأَوْا رَجُلًا عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا أَرَى النَّاسَ مَنْ دَانَاهُمُ هَانَ عِنْدَهُمْ ... وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ الْعِلْمِ إِنْ كَانَ كُلَّمَا ... بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِي سُلَّمَا إِذَا قِيلَ هَذَا مَنْهَلٌ قُلْتُ قَدْ أَرَى ... وَلَكِنَّ نَفْسَ الْحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّمَا
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৫
وَلَمْ أَبْتَذِلْ فِي خِدْمَةِ الْعِلْمِ مُهْجَتِي ... لِأَخْدُمَ مَنْ لَاقَيْتُ لَكِنْ لِأُخْدَمَا أَأَشْقَى بِهِ غَرْسًا وَأَجْنِيهِ ذِلَّةً ... إِذًا فَاتِّبَاعُ الْجَهْلِ قَدْ كَانَ أَحْزَمَا وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ ... وَلَوْ عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا وَلَكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانَ وَدَنَّسُوا ... مُحَيَّاهُ بِالْأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا وَمِنْ مُسْتَجَادِ شِعْرِهِ أَيْضًا: مَا تَطَعَّمْتُ لَذَّةَ الْعَيْشِ حَتَّى ... صِرْتُ لِلْبَيْتِ وَالْكِتَابِ جَلِيسًا لَيْسَ شَيْءٌ أَعَزَّ عِنْدِي مِنَ الْعِلْ ... مِ فَمَا أَبْتَغِي سِوَاهُ أَنِيسَا إِنَّمَا الذُّلُّ فِي مُخَالَطَةِ النَّا ... سِ فَدَعْهُمْ وَعِشْ عَزِيزًا رَئِيسًا وَمِنْ شَعْرِهِ أَيْضًا: إِذَا شِئْتَ أَنْ تَسْتَقْرِضَ الْمَالَ مُنْفِقًا ... عَلَى شَهَوَاتِ النَّفْسِ فِي زَمَنِ الْعُسْرِ فَسَلْ نَفْسَكَ الْإِنْفَاقَ مِنْ كَنْزِ صَبْرِهَا ... عَلَيْكَ وَإِنْظَارًا إِلَى زَمَنِ الْيُسْرِ فَإِنْ فَعَلْتَ كُنْتَ الْغَنِيَّ وَإِنْ أَبَتْ ... فَكُلُّ مُنَوَّعٍ بَعْدَهَا وَاسِعُ الْعُذْرِ تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَحُمِلَ تَابُوتُهُ إِلَى جُرْجَانَ فَدُفِنَ بِهَا.
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الطَّائِعِ لِلَّهِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ. وَفِيهَا مُنِعَ عَمِيدُ الْجُيُوشِ الشِّيعَةِ مِنَ النَّوْحِ عَلَى الْحُسَيْنِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَمُنِعَ جَهَلَةُ السُّنَّةِ بِبَابِ الْبَصْرَةِ وَبَابِ الشَّعِيرِ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، فَامْتَنَعَ الْفَرِيقَانِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِي أَوَاخِرِ الْمُحَرَّمِ خَلَعَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ وَزِيرَهُ أَبَا غَالِبٍ مُحَمَّدَ بْنَ خَلَفٍ عَنِ الْوِزَارَةِ، وَصَادَرَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ قَاسَانِيَّةٍ. وَفِي أَوَائِلِ صَفَرٍ مِنْهَا غَلَتِ الْأَسْعَارُ بِبَغْدَادَ جِدًّا، وَعُدِمَتِ الْحِنْطَةُ حَتَّى بِيعَ الْكُرُّ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا. وَفِيهَا بَرَزَ عَمِيدُ الْجُيُوشِ إِلَى سُورَا، وَاسْتَدْعَى سَيِّدَ الدَّوْلَةِ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مَزْيَدٍ، وَقَرَّرَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَالْتَزَمَ ذَلِكَ وَقَرَّرَهُ عَلَى بِلَادِهِ.
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৭
وَفِيهَا هَرَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ الضَّبِّيُّ وَزِيرُ مَجْدِ الدَّوْلَةِ بْنِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ مِنَ الرَّيِّ إِلَى بَدْرِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ فَأَكْرَمَهُ، وَوَلِيَ بَعْدَ ذَلِكَ وِزَارَةَ مَجْدِ الدَّوْلَةِ أَبُو عَلِيٍّ الْخَطِيرُ. وَفِيهَا اسْتَنَابَ الْحَاكِمُ عَلَى دِمَشْقَ وَجُيُوشِ الشَّامِ أَبَا مُحَمَّدٍ الْأَسْوَدَ، ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّهُ عَزَّرَ رَجُلًا مَغْرِبِيًّا عَلَى حُبِّهِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَطَافَ بِهِ فِي الْبَلَدِ، فَخَافَ مِنْ مَعَرَّةِ ذَلِكَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَعَزَلَهُ مَكْرًا وَخَدِيعَةً. وَانْقَطَعَ الْحَجُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْعِرَاقِ بِسَبَبِ الْأَعْرَابِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو إِسْحَاقَ الطَّبَرِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ، مُقَدَّمُ الْمُعَدِّلِينَ بِبَغْدَادَ، وَشَيْخُ الْقِرَاءَاتِ، وَقَدْ سَمِعَ الْكَثِيرَ مِنَ الْحَدِيثِ، وَخَرَّجَ لَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ خَمْسَمِائَةِ جُزْءِ حَدِيثٍ، وَكَانَ كَرِيمًا مُفَضَّلًا عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الطَّائِعُ لِلَّهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْمُطِيعِ تَقَدَّمَ كَيْفَ خَلَعَهُ بِهَاءُ الدَّوْلَةِ أَبُو نَصْرِ بْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَأَنَّهُ أُودِعَ فِي غُرْفَةٍ بِدَارِ الْخِلَافَةِ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ أَرْزَاقٌ كَثِيرَةٌ وَأَلْطَافٌ غَزِيرَةٌ، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ عِيدِ الْفِطْرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ
পৃষ্ঠা - ৯৬৩৮
عَنْ سِتٍّ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَقَدْ بَاشَرَ الْخِلَافَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْقَادِرُ بِاللَّهِ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْسًا، وَشَهِدَ جِنَازَتَهُ الْأَكَابِرُ وَالْأَعْيَانُ، وَدُفِنَ بِالرُّصَافَةِ. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَكَرِيَّا، أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ شَيْخٌ كَبِيرٌ كَثِيرُ الرِّوَايَةِ، سَمِعَ الْبَغَوِيَّ وَابْنَ صَاعِدٍ وَخَلْقًا، وَعَنْهُ الْبَرْقَانِيُّ وَالْأَزْهَرِيُّ وَالْخَلَّالُ وَالتَّنُوخِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً مِنَ الصَّالِحِينَ، تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو الْحَسَنِ السَّلَامِيُّ الشَّاعِرُ الْمُجِيدُ، لَهُ شِعْرٌ مَشْهُورٌ، وَمَدَائِحُ فِي عَضُدِ الدَّوْلَةِ وَغَيْرِهِ. مَيْمُونَةُ بِنْتُ شَاقُولَةَ الْوَاعِظَةُ الَّتِي هِيَ لِلْقُرْآنِ حَافِظَةٌ، ذَكَرَتْ يَوْمًا فِي وَعْظِهَا أَنَّ ثَوْبَهَا الَّذِي عَلَيْهَا - وَأَشَارَتْ إِلَيْهِ - لَهُ فِي صُحْبَتِهَا تَلْبَسُهُ مُنْذُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَمَا تَغَيَّرَ، وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ غَزْلِ أُمِّهَا، قَالَتْ: وَالثَّوْبُ إِذَا لَمْ يُعْصَ اللَّهُ فِيهِ، لَا يَتَخَرَّقُ سَرِيعًا. وَقَالَ ابْنُهَا عَبْدُ الصَّمَدِ: كَانَ فِي دَارِنَا حَائِطٌ يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ، فَقُلْتُ لَهَا: أَلَا نَدْعُوَ الْبَنَّاءَ لِيُصْلِحَ هَذَا الْجِدَارَ؟ فَأَخَذَتْ رُقْعَةً، فَكَتَبَتْ