পৃষ্ঠা - ৯৬০৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا تُوُفِّيَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ رُكْنِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ وَرُتِّبَ وَلَدُهُ رُسْتُمُ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ، وَكَانَ عُمُرُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَقَامَ خَوَاصُّ أَبِيهِ بِتَدْبِيرِ الْمَمَالِكِ وَالرَّعَايَا.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ اللُّغَوِيُّ
الْعَلَّامَةُ فِي فَنِّهِ وَتَصَانِيفِهِ الْمُفِيدُ فِي اللُّغَةِ وَغَيْرِهَا، يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يَمِيلُ إِلَى الْمُعْتَزِلَةِ، وَلَمَّا قَدِمَ الصَّاحِبُ بْنُ عَبَّادٍ هُوَ وَفَخْرُ الدَّوْلَةِ الْبَلْدَةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ - وَقَدْ كَبُرَ وَأَسَنَّ - بَعَثَ إِلَيْهِ الصَّاحِبُ بْنُ عَبَّادٍ بِرُقْعَةٍ فِيهَا هَذِهِ الْأَبْيَاتِ:
وَلَمَّا أَبَيْتُمْ أَنْ تَزُورُوا وَقُلْتُمُ ... ضَعُفْنَا فَمَا نَقْوَى عَلَى الْوَخَدَانِ
أَتَيْنَاكُمُ مِنْ بَعْدِ أَرْضٍ نَزُورُكُمُ ... فَكَمْ مِنْ مَنْزِلٍ بِكْرٍ لَنَا وَعَوَانِ
نُنَاشِدْكُمُ هَلْ مِنْ قِرًى لِنَزِيلِكُمْ ... بَطُولِ جِوَارٍ لَا بِمِلْءِ جِفَانِ
পৃষ্ঠা - ৯৬০৭
فَكَتَبَ الْعَسْكَرِيُّ الْجَوَابَ فِي ظَهْرِهَا:
أَرُومُ نَهُوضًا ثُمَّ يَثْنِي عَزِيمَتِي ... تَعَوُّذُ أَعْضَائِي مِنَ الرَّجَفَانِي
فَضَمَّنْتُ بَيْتَ ابْنِ الشَّرِيدِ كَأَنَّمَا ... تَعَمَّدَ تَشْبِيهِي بِهِ وَعَنَانِي
أَهُمُّ بِأَمْرِ الْحَزْمِ لَوْ أَسْتَطِيعُهُ ... وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الْعَيْرِ وَالنَّزَوَانِ
ثُمَّ تَحَامَلَ وَرَكِبَ بَغْلَتَهُ، وَصَارَ إِلَى الصَّاحِبِ، فَوَجَدَهُ مَشْغُولًا فِي خَيْمَتِهِ بِأُبَّهَةِ الْوِزَارَةِ، فَصَعِدَ أَكَمَةً، ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ أَبِي تَمَّامٍ:
مَا لِي أَرَى الْقُبَّةَ الْفَيْحَاءَ مُقْفَلَةً ... دُونِي وَقَدْ طَالَ مَا اسْتَفْتَحْتُ مُقْفَلَهَا
كَأَنَّهَا جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مُعْرِضَةً ... وَلَيْسَ لِي عَمَلٌ زَاكٍ فَأَدْخُلُهَا
فَلَمَّا سَمِعَ الصَّاحِبُ صَوْتَهُ نَادَاهُ: ادْخُلْهَا يَا أَبَا أَحْمَدَ، فَلَكَ السَّابِقَةُ الْأُولَى، فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهِ وَقَدِمْ عَلَيْهِ أَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ.
تُوُفِّيَ الْعَسْكَرِيُّ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَتُوَفِّيَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ.
পৃষ্ঠা - ৯৬০৮
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادِ بْنِ مِهْرَانَ، أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاهِدُ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الثَّلَّاجِ
لِأَنَّ جَدَّهُ أَهْدَى لِبَعْضِ الْخُلَفَاءِ ثَلْجًا، فَوَقَعَ مِنْهُ مَوْقِعًا، فَعُرِفَ عِنْدَ الْخَلِيفَةِ بِالثَّلَّاجِ، وَقَدْ سَمِعَ أَبُو الْقَاسِمِ هَذَا مِنَ الْبَغَوِيِّ وَابْنِ صَاعِدٍ وَابْنِ أَبِي دَاوُدَ، وَحَدَّثَ عَنِ التَّنُوخِيِّ وَالْأَزْهَرِيِّ وَالْعَتِيقِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْحُفَّاظِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدِ اتَّهَمَهُ الْمُحَدِّثُونَ، مِنْهُمُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَنَسَبُوهُ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يُرَكِّبُ الْإِسْنَادَ، وَيَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى الرِّجَالِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَجْأَةً.
ابْنُ زُولَاقٍ، الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ خَلَفِ بْنِ رَاشِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زُولَاقٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ الْحَافِظُ
صَنَّفَ كِتَابًا فِي قُضَاةِ مِصْرَ، ذَيَّلَ بِهِ عَلَى كِتَابِ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْكِنْدِيِّ فِي ذَلِكَ، انْتَهَى الْكِنْدِيُّ إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَذَيَّلَ ابْنُ زُولَاقٍ مِنَ الْقَاضِي بَكَّارٍ إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، مُبَلِّغًا بِهِ أَيَّامَ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ قَاضِي الْعُبَيْدِيِّينَ، وَأَظُنُّهُ مُصَنِّفَ كِتَابِ " الْبَلَاغِ " الَّذِي انْتَصَبَ فِيهِ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيُّ، أَوْ هُوَ مُصَنِّفُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ النُّعْمَانِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَتْ وَفَاةُ ابْنِ زُولَاقٍ فِي أَوَاخِرِ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ إِحْدَى
পৃষ্ঠা - ৯৬০৯
وَثَمَانِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
ابْنُ بَطَّةَ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعُكْبَرِيُّ
الْمَعْرُوفُ بِابْنِ بَطَّةَ، أَحَدُ عُلَمَاءِ الْحَنَابِلَةِ، وَلَهُ الْكُتُبُ وَالتَّصَانِيفُ الْكَثِيرَةُ الْحَافِلَةُ فِي فُنُونٍ مِنَ الْعِلْمِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْبَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ وَابْنِ صَاعِدٍ وَخَلْقٍ فِي أَقَالِيمَ مُتَعَدِّدَةٍ، وَعَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ ; مِنْهُمْ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ وَالْأَزَجِيُّ وَالْبَرْمَكِيُّ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ.
وَكَانَ مِمَّنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَدْ رَأَى بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدِ اخْتَلَفَتْ عَلَيَّ الْمَذَاهِبُ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَهَبَ إِلَيْهِ لِيُبَشِّرَهُ بِالْمَنَامِ فَحِينَ رَآهُ ابْنُ بَطَّةَ تَبَسَّمَ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُخَاطِبَهُ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وَقَدْ تَصَدَّى الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ لِلْكَلَامِ فِي ابْنِ بَطَّةَ وَالطَّعْنِ فِيهِ ; بِسَبَبِ ادِّعَائِهِ سَمَاعَ " السُّنَنِ " لِرَجَاءَ بْنِ مُرَجَّى وَ " مُعْجَمِ الْبَغَوِيِّ "، وَأَسْنَدَ بَعْضَ الْجَرْحِ فِيهِ إِلَى شَيْخِهِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَسَدِيِّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ بُرْهَانَ اللُّغَوِيِّ، فَانْتُدِبَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لِلرَّدِّ عَلَى الْخَطِيبِ، وَالطَّعْنِ عَلَيْهِ أَيْضًا، بِسَبَبِ بَعْضِ مَشَايِخِهِ، وَالِانْتِصَارِ لِابْنِ بَطَّةَ، فَحَكَى عَنْ أَبِي الْوَفَاءِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّ ابْنَ بُرْهَانَ كَانَ يَرَى مَذْهَبَ مُرْجِئَةِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ، وَقَالُوا: لِأَنَّ دَوَامَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا يَتَشَفَّى لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا، مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، ثُمَّ شَرَعَ ابْنُ عَقِيلٍ
পৃষ্ঠা - ৯৬১০
يَرُدُّ عَلَى ابْنِ بُرْهَانَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَكَيْفَ يُقْبَلُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ مِنْ مِثْلِ هَذَا؟ !
ثُمَّ رَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ بَطَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ " الْمُعْجَمَ " مِنَ الْبَغَوِيِّ، قَالَ: وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي، قَالَ الْخَطِيبُ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بُرْهَانَ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ: رَوَى ابْنُ بَطَّةَ عَنِ الْبَغَوِيِّ، عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» . قَالَ الْخَطِيبُ: وَهَذَا بَاطِلٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَالْحَمْلُ فِيهِ عَلَى ابْنِ بَطَّةَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَجَوَابُ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ وُجِدَ بِخَطِّ ابْنِ بُرْهَانَ أَنَّ مَا حَكَاهُ عَنْهُ الْخَطِيبُ مِنَ الْقَدْحِ فِي ابْنِ بَطَّةَ بَاطِلٌ، وَهُوَ شَيْخِي أَخَذْتُ عَنْهُ الْعِلْمَ فِي الْبِدَايَةِ، الثَّانِي: أَنَّ ابْنَ بُرْهَانَ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَدْحُ فِيهِ بِمَا خَالَفَ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، فَكَيْفَ قَبِلْتَ الْقَوْلَ فِي رَجُلٍ قَدْ حَكَيْتَ عَنْ مَشَايِخِ الْعُلَمَاءِ، أَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ مُجَابُ الدَّعْوَةِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْهَوَى.
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُدْرَكٍ، أَبُو الْحَسَنِ الْبَرْذَعِيُّ
رَوَى عَنْ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ، فَتَرَكَ الدُّنْيَا، وَأَقْبَلَ عَلَى الِاعْتِكَافِ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَثْرَةِ الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ.
فَخْرُ الدَّوْلَةِ عَلِيُّ بْنُ رُكْنِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ
مَلِكُ بِلَادِ الرَّيِّ وَنَوَاحِيهَا، وَحِينَ مَاتَ أَخُوهُ مُؤَيِّدُ الدَّوْلَةِ، كَتَبَ الصَّاحِبُ بْنُ عَبَّادٍ بِالْإِسْرَاعِ إِلَيْهِ،
পৃষ্ঠা - ৯৬১১
فَوَلَّاهُ الْمَلِكُ بَعْدَ أَخِيهِ، وَاسْتَوْزَرَ ابْنَ عَبَّادٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ أَخِيهِ مُؤَيِّدِ الدَّوْلَةِ. تُوُفِّيَ عَنْ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، مِنْهَا مُدَّةَ مُلْكِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَعَشَرَةُ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَتَرَكَ مِنَ الْأَمْوَالِ شَيْئًا كَثِيرًا ; مِنْ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَبِ مَا يُقَارِبُ ثَلَاثَةَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَمِنَ الْجَوَاهِرِ نَحْوًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ قِطْعَةٍ، يُقَارِبُ قِيمَتُهَا ثَلَاثَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَوَانِي الذَّهَبِ زِنَتُهُ أَلْفُ أَلْفِ دِينَارٍ، وَمِنَ الْفِضَّةِ زِنَتُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَمِنَ الثِّيَابِ ثَلَاثَةُ آلَافِ حِمْلٍ، وَخِزَانَةُ السِّلَاحِ أَلْفَا حِمْلٍ، وَمِنَ الْفُرُشِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ حِمْلٍ، وَمِنَ الْأَمْتِعَةِ مَا يَلِيقُ بِالْمُلُوكِ، وَمَعَ هَذَا لَيْلَةَ تُوُفِّيَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَصُولٌ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْمَالِ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ كَفَنٌ إِلَّا ثَوْبُ رَجُلٍ مِنَ الْمُجَاوِرِينَ فِي الْمَسْجِدِ، وَاشْتَغَلُوا عَنْهُ بِالْمُلْكِ حَتَّى تَمَّ لِوَلَدِهِ رُسْتُمَ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَنْتَنَ الْمَلِكُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، فَرَبَطُوهُ فِي حِبَالٍ وَجَرُّوهُ عَلَى دَرَجِ الْقَلْعَةِ، فَتَقَطَّعَ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
ابْنُ سَمْعُونَ الْوَاعِظُ، مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ سَمْعُونَ الْوَاعِظُ
أَحَدُ الصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: النَّاطِقُ بِالْحِكْمَةِ، رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ وَطَبَقَتِهِ، وَكَانَ لَهُ يَدٌ طُولَى فِي الْوَعْظِ وَالتَّدْقِيقِ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَكَانَتْ لَهُ كَرَامَاتٌ وَمُكَاشَفَاتٌ، كَانَ يَوْمًا يَعِظُ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَتَحْتَهُ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْقَوَّاسِ، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ الْمَشْهُورِينَ، فَنَعَسَ ابْنُ الْقَوَّاسِ، فَأَمْسَكَ ابْنُ سَمْعُونَ عَنِ الْوَعْظِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ، فَحِينَ اسْتَيْقَظَ
পৃষ্ঠা - ৯৬১২
قَالَ ابْنُ سَمْعُونَ: رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِكَ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَلِهَذَا أَمْسَكْتُ عَنِ الْوَعْظِ حَتَّى لَا أُزْعِجَكَ عَمَّا كُنْتَ فِيهِ.
وَكَانَ لِرَجُلٍ ابْنَةٌ مَرِيضَةٌ مُدْنِفَةٌ، فَرَأَى أَبُوهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى ابْنِ سَمْعُونَ لِيَأْتِيَ مَنْزِلَكَ فَيَدْعُوَ لِابْنَتِكَ وَهِيَ تَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَهَبَ إِلَى ابْنِ سَمْعُونَ لِيَأْتِيَ، فَلَمَّا رَآهُ، نَهَضَ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَخَرَجَ مَعَهُ، فَظَنَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى مَجْلِسِ وَعْظِهِ، فَقَالَ: أَقُولُ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَلَمَّا مَرَّ بِدَارِ الرَّجُلِ دَخَلَ إِلَيْهَا الشَّيْخُ، فَأَحْضَرَ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ، فَدَعَا لَهَا وَانْصَرَفَ، فَبَرِأَتْ مِنْ سَاعَتِهَا.
وَبَعَثَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ الطَّائِعُ لِلَّهِ مَنْ أَحْضَرَهُ وَهُوَ مُغْضَبٌ، فَخِيفَ عَلَى ابْنِ سَمْعُونَ مِنْهُ، فَلَمَّا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَخَذَ فِي الْوَعْظِ، وَكَانَ أَكْثَرَ مَا أَوْرَدَهُ مِنْ كَلَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَبَكَى الْخَلِيفَةُ حَتَّى سُمِعَ شَهِيقُهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَهُوَ مُكْرَمٌ، فَقِيلَ لِلْخَلِيفَةِ: رَأَيْنَاكَ طَلَبْتَهُ وَأَنْتَ غَضْبَانُ، فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ يَتَنَقَّصُ عَلِيًّا، فَأَرَدْتُ أَنْ أُعَاقِبَهُ، فَلَمَّا حَضَرَ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ عَلَيٍّ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ مُوَفَّقٌ، قَدْ كُوشِفَ بِمَا كَانَ فِي خَاطِرِي عَلَيْهِ.
وَرَأَى بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى جَانِبِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ يَقُولُ: أَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي الْأَحْبَارُ؟ أَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي الرُّهْبَانُ؟ أَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي أَصْحَابُ الصَّوَامِعِ؟ فَبَيْنَا هُمَا كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ ابْنُ سَمْعُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفِي أُمَّتِكَ مِثْلُ هَذَا؟ فَسَكَتَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.
كَانَ مَوْلِدُ ابْنِ سَمْعُونَ فِي سَنَةِ ثَلَاثِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْخَمِيسِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ
পৃষ্ঠা - ৯৬১৩
ذِي الْقَعْدَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِدَارِهِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: ثُمَّ أُخْرِجَ بَعْدَ سِنِينَ إِلَى مَقْبَرَةِ أَحْمَدَ، وَأَكْفَانُهُ لَمْ تَبْلَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
آخِرُ مُلُوكِ السَّامَانِيَّةِ نُوحُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ نُوحِ بْنِ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَبُو الْقَاسِمِ السَّامَانِيُّ
مَلِكُ خُرَاسَانَ وَغَزْنَةَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَلِيَ الْمُلْكَ وَلَهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَاسْتَمَرَّ فِي الْمُلْكِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ قَبَضَ عَلَيْهِ خَوَاصُّهُ، وَأَجْلَسُوا أَخَاهُ عَبْدَ الْمَلِكِ مَكَانَهُ، فَقَصَدَهُمْ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ، فَانْتَزَعَ الْمُلْكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَقَدْ كَانَ لَهُمْ فِي الْمُلْكِ مِائَةُ سَنَةٍ وَسَنَتَيْنِ وَشُهُورًا، فَبَادَ مُلْكُهُمْ فِي هَذَا الْعَامِ، وَلِلَّهِ النَّقْضُ وَالْإِبْرَامُ.
أَبُو الطِّيبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الصُّعْلُوكِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ
إِمَامُ أَهْلِ نَيْسَابُورَ وَشَيْخُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، كَانَ يَحْضُرُ فِي مَجْلِسِهِ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِمِائَةِ مَحْبَرَةٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ فِي " الْإِرْشَادِ ": إِنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ৯৬১৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ سَقَطَ فِي بَغْدَادَ بَرَدٌ شَدِيدٌ، بِحَيْثُ جَمَّدَ الْمَاءَ فِي الْحَمَّامَاتِ وَبَوْلِ الدَّوَابِّ فِي الطُّرُقَاتِ.
وَفِيهَا جَاءَتْ رُسُلُ أَبِي طَالِبٍ رُسْتُمَ بْنِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ فَبَايَعَهُ الْخَلِيفَةُ، وَأَقَرَّهُ عَلَى مُعَامَلَتِهِ بِبِلَادِ الرَّيِّ وَلَقَّبَهُ مَجْدَ الدَّوْلَةِ وَكَهْفَ الْأُمَّةِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالْخِلَعِ وَالْوِلَايَةِ، وَكَذَلِكَ لِبَدْرِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ، وَلَقَّبَهُ نَاصِرَ الدِّينِ وَالدَّوْلَةِ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ.
وَفِيهَا هَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ - الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْوَثَّابِ، الْمُنْتَسِبُ إِلَى جَدِّهِ الطَّائِعِ - مِنَ السِّجْنِ بِدَارِ الْخِلَافَةِ إِلَى الْبَطِيحَةِ، فَآوَاهُ صَاحِبُهَا مُهَذَّبُ الدَّوْلَةِ ثُمَّ أَرْسَلَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ فَجِيءَ بِهِ مُضَيَّقًا عَلَيْهِ فَاعْتَقَلَهُ، ثُمَّ هَرَبَ مِنَ الِاعْتِقَالِ أَيْضًا، فَذَهَبَ إِلَى بِلَادِ كِيلَانَ، فَادَّعَى أَنَّهُ الطَّائِعُ لِلَّهِ فَصَدَّقُوهُ
পৃষ্ঠা - ৯৬১৫
وَبَايَعُوهُ، وَأَدُّوا إِلَيْهِ الْعُشْرَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْحُقُوقِ، ثُمَّ اتَّفَقَ مَجِيءُ بَعْضِهِمْ إِلَى بَغْدَادَ فَسَأَلُوا عَنِ الْأَمْرِ، فَإِذَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ وَلَا حَقِيقَةٌ، فَرَجَعُوا عَنْهُ، وَاضْمَحَلَّ أَمْرُهُ، وَفَسَدَ حَالُهُ، فَانْهَزَمَ عَنْهُمْ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَمِيرُ الْمِصْرِيِّينَ، وَالْخُطْبَةُ بِالْحَرَمَيْنِ لِلْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ، قَبَّحَهُ اللَّهُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَبُو سُلَيْمَانَ حَمْدُ - وَيُقَالُ: أَحْمَدُ - بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْخَطَّابِ الْخَطَّابِيُّ الْبُسْتِيُّ
أَحَدُ الْمَشَاهِيرِ الْأَعْيَانِ، وَالْفُقَهَاءِ الْمُحَدِّثِينَ الْمُكْثِرِينَ، لَهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ " مَعَالِمُ السُّنَنِ " وَ " شَرْحُ الْبُخَارِيِّ " وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّصَانِيفِ النَّافِعَةِ الْمُفِيدَةِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ:
مَا دُمْتَ حَيًّا فَدَارِ النَّاسَ كُلَّهُمُ ... فَإِنَّمَا أَنْتَ فِي دَارِ الْمُدَارَاةِ
مَنْ يَدْرِ دَارَى وَمَنْ لَمْ يَدْرِ سَوْفَ يُرَى ... عَمَّا قَلِيلٍ نَدِيمًا لِلنَّدَامَاتِ
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِمَدِينَةِ بُسْتَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. قَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ.
الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُكَيْرٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
পৃষ্ঠা - ৯৬১৬
الصَّيْرَفِيُّ الْحَافِظُ الْمُطَبِّقُ
سَمِعَ إِسْمَاعِيلَ الصَّفَّارَ وَابْنَ السَّمَّاكِ وَالنَّجَّادَ وَالْخُلْدِيَّ وَأَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيَّ، وَعَنْهُ ابْنُ شَاهِينَ وَالْأَزْهَرِيُّ وَالتَّنُوخِيُّ، وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ أَجْزَاءٌ كِبَارٌ، فَجَعَلَ إِذَا سَاقَ إِسْنَادًا أَوْرَدَ مَتْنَهُ مِنْ حِفْظِهِ، وَإِذَا سَرَدَ مَتْنًا سَاقَ إِسْنَادَهُ، قَالَ: وَفَعَلْتُ هَذَا مَعَهُ مِرَارًا، كُلُّ ذَلِكَ يُورِدُ الْحَدِيثَ إِسْنَادًا وَمَتْنًا كَمَا فِي كِتَابِهِ. قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، فَحَسَدُوهُ وَتَكَلَّمُوا فِيهِ. وَحَكَى الْخَطِيبُ أَنَّ ابْنَ أَبِي الْفَوَارِسِ اتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي سَمَاعِ الشُّيُوخِ وَيُلْحِقُ رِجَالًا فِي الْأَسَانِيدِ، وَيَصِلُ الْمَقَاطِيعَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْهَا عَنْ إِحْدَى وَسِتِّينَ سَنَةً.
صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ بْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ
صَاحِبُ بِلَادِ فَارِسَ خَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ أَبُو نَصْرِ بْنُ بَخْتِيَارَ، فَهَرَبَ مِنْهُ، وَلَجَأَ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَكْرَادِ، فَلَمَّا وَغَلُوا بِهِ فِي بِلَادِهِمْ نَهَبُوا خَزَائِنَهُ وَحَوَاصِلَهُ، وَلَحِقَهُ أَصْحَابُ ابْنِ بَخْتِيَارَ، فَقَتَلُوهُ وَحَمَلُوا رَأْسَهُ فِي طَسْتٍ، فَلَمَّا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ بَخْتِيَارَ قَالَ: هَذِهِ سُنَّةٌ سَنَّهَا أَبُوكَ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ قُتِلَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَمُدَّةُ مُلْكِهِ مِنْهَا تِسْعُ سِنِينَ وَأَشْهَرٌ.
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يُوسُفَ الْجَكَّارُ أَبُو الْقَاسِمِ
كَاتِبُ الْإِنْشَاءِ لِعَضُدِ الدَّوْلَةِ
পৃষ্ঠা - ৯৬১৭
ثُمَّ وَزَرَ لِابْنِهِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ. تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو الْفَرَجِ
الْمَعْرُوفُ بِغُلَامِ الشَّنَبُوذِيِّ، كَانَ عَالِمًا بِالْقِرَاءَاتِ وَتَفْسِيرِهَا، يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ خَمْسِينَ أَلْفَ بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ، شَوَاهِدَ لِلْقُرْآنِ. وَمَعَ هَذَا تَكَلَّمُوا فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ شَنَبُوذَ، وَأَسَاءَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْقَوْلَ فِيهِ. تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلَاثِمِائَةٍ.
পৃষ্ঠা - ৯৬১৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، قَصَدَ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ خُرَاسَانَ فَاسْتَلَبَ مُلْكَهَا مِنْ أَيْدِي السَّامَانِيَّةِ، وَوَاقَعَهُمْ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةً فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَمَا قَبْلَهَا، حَتَّى أَزَالَ اسْمَهُمْ وَرَسْمَهُمْ عَنِ الْبِلَادِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَانْقَرَضَتْ دَوْلَتُهُمْ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ صَمَدَ لِقِتَالِهِمْ إِيلَكُ مَلِكُ التُّرْكِ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ - وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الْخَانِ الْكَبِيرِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: فَائِقٌ - وَجَرَتْ لَهُ مَعَهُمْ حُرُوبٌ وَخُطُوبٌ.
وَفِيهَا اسْتَوْلَى بَهَاءُ الدَّوْلَةِ عَلَى بِلَادِ فَارِسٍ وَخُوزِسْتَانَ.
وَفِيهَا أَرَادَتِ الشِّيعَةُ أَنْ تَعْمَلَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَهُ مِنَ الزِّينَةِ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فِيمَا يَزْعُمُونَهُ، فَقَاتَلَهُمْ جَهَلَةٌ آخَرُونَ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ لِلسُّنَّةِ، فَادَّعَوْا أَنَّ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ حُصِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْغَارِ، فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا أَيْضًا جَهْلٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا كَانَ فِي أَوَائِلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ أَوَّلِ سِنِي الْهِجْرَةِ، فَإِنَّهُمَا أَقَامَا فِيهِ ثَلَاثًا، وَحِينَ خَرَجَا مِنْهُ قَصَدَا الْمَدِينَةَ فَدَخَلَاهَا بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَكَانَ دُخُولُهُمَا الْمَدِينَةَ فِي
পৃষ্ঠা - ৯৬১৯
الْيَوْمِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَهَذَا أَمَرٌ مَعْلُومٌ مُقَرَّرٌ، وَلَمَّا كَانَتِ الشِّيعَةُ يَصْنَعُونَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَأْتَمًا يُظْهِرُونَ فِيهِ الْحُزْنَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَابَلَتْهُمْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ جَهَلَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَادَّعَوْا أَنَّ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَعَمِلُوا لَهُ مَأْتَمًا كَمَا تَعْمَلُ الشِّيعَةُ لِلْحُسَيْنِ، وَزَارُوا قَبْرَهُ كَمَا يُزَارُ قَبْرُ الْحُسَيْنِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ مُقَابَلَةِ الْبِدْعَةِ بِبِدْعَةٍ مِثْلِهَا، وَلَا يَرْفَعُ الْبِدْعَةَ إِلَّا السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَفِيهَا وَقَعَ بَرْدٌ شَدِيدٌ مَعَ غَيْمٍ مُطْبِقٍ وَرِيحٍ قَوِيَّةٍ جِدًّا، بِحَيْثُ أَتْلَفَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ النَّخِيلِ بِبَغْدَادَ، فَلَمْ يَتَرَاجَعْ حَمْلُهَا إِلَى عَادَتِهَا إِلَّا بَعْدَ سِنِينَ.
وَحَجَّ بِرَكْبِ الْعِرَاقِ الشَّرِيفَانِ الرَّضِيُّ وَالْمُرْتَضِي، فَاعْتَقَلَهُمَا أَمِيرُ الْأَعْرَابِ ابْنُ الْجَرَّاحِ، فَافْتَدَيَا مِنْهُ بِتِسْعَةِ آلَافِ دِينَارٍ مِنْ أَمْوَالِهِمَا فَأَطْلَقَهُمَا.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السَّرَخْسِيُّ الْمُقْرِئُ الْفَقِيهُ الْمُحَدِّثُ
شَيْخُ عَصْرِهِ بِخُرَاسَانَ، قَرَأَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ وَتَفَقَّهَ بِأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إِمَامِ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَخَذَ عِلْمَ اللُّغَةِ وَالْأَدَبِ وَالنَّحْوِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ
পৃষ্ঠা - ৯৬২০
الْأَنْبَارِيِّ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِينَ سَنَةً.
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُخَلَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْوَانَ، أَبُو الْقَاسِمِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ حَبَابَةَ
رَوَى عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ وَطَبَقَتِهِمَا، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا مُسْنِدًا، وُلِدَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعِينَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، وَدُفِنَ فِي مُقَابِلِ جَامِعِ الْمَنْصُورِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৬২১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ بِأَرْضِ سِجِسْتَانَ مَعْدِنٌ مِنْ ذَهَبٍ كَانُوا يَحْفِرُونَ فِيهِ مِثْلَ الْآبَارِ، وَيُخْرِجُونَ مِنْهُ ذَهَبًا أَحْمَرَ.
وَفِيهَا قُتِلَ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرِ بْنُ بَخْتِيَارَ صَاحِبُ بِلَادِ فَارِسٍ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا بَهَاءُ الدَّوْلَةِ.
وَفِيهَا قَلَّدَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ الْقَضَاءَ بِوَاسِطٍ وَأَعْمَالِهَا لِأَبِي خَازِمٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْوَاسِطِيِّ، وَقُرِئَ عَهْدُهُ بِدَارِ الْخِلَافَةِ، وَكَتَبَ لَهُ الْقَادِرُ وَصِيَّةً حَسَنَةً طَوِيلَةً، أَوْرَدَهَا بِحُرُوفِهَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ "، وَفِيهَا مَوَاعِظُ وَأَوَامِرُ وَنَوَاهٍ حَسَنَةٌ جَيِّدَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، أَبُو بَكْرٍ الْهَاشِمِيُّ
الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ، الْقَاضِي بِالْمَدَائِنِ وَغَيْرِهَا، وَخَطَبَ بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَرَوَى عَنْهُ
পৃষ্ঠা - ৯৬২২
الْجَمُّ الْغَفِيرُ بِانْتِخَابِ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ الْحَافِظِ الْكَبِيرِ، وَكَانَ عَفِيفًا نَزِهًا ثِقَةً دَيِّنًا. تُوَفِّيَ فِي مُحَرَّمِ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً.
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى، أَبُو الْقَاسِمِ الدَّقَّاقُ
وَيُعْرَفُ بِابْنِ جَنِيقَا. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ - وَهَذَا جَدُّهُ -: وَالصَّوَابُ جَلِيقَا بِاللَّامِ، لَا بِالنُّونِ. وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ سَمَاعًا صَحِيحًا، وَرَوَى عَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْعَتِيقِيُّ، قَالَ ابْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ: وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا حَسَنَ الْخُلُقِ، مَا رَأَيْنَا مِثْلَهُ فِي مَعْنَاهُ.
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ الْفَرَّاءِ
وَالِدُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَكَانَ صَالِحًا فَقِيهًا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَسْنَدَ الْحَدِيثَ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ أَبُو خَازِمٍ
পৃষ্ঠা - ৯৬২৩
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْبَغْدَادِيُّ
نَزِيلُ مِصْرَ، حَدَّثَ بِهَا، فَسَمِعَ مِنْهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ.
عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو حَفْصٍ، الْمَعْرُوفُ بِالْكَتَّانِيِّ الْمُقْرِئُ
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثِمِائَةٍ. رَوَى عَنِ الْبَغَوِيِّ وَابْنِ مُجَاهِدٍ وَابْنِ صَاعِدٍ، وَعَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحًا.
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ، أَبُو الْحُسَيْنِ الدَّقَّاقُ
الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَخِي مِيمِي، سَمِعَ الْبَغَوِيَّ وَغَيْرَهُ، وَعَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى كِبَرِ سِنِّهِ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا دَيِّنًا فَاضِلًا، حَسَنَ الْأَخْلَاقِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৬২৪
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الشَّرِيفُ أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ
الْكُوفِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ عُقْدَةَ وَغَيْرِهِ، وَسَكَنَ بَغْدَادَ وَكَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ وَضَيَاعٌ، وَدَخْلٌ عَظِيمٌ، وَحِشْمَةٌ وَافِرَةٌ، وَهِمَّةٌ عَالِيَةٌ، وَكَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الطَّالِبِيِّينَ فِي وَقْتِهِ، وَقَدْ صَادَرَهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ فِي وَقْتٍ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى جُمْهُورِ أَمْوَالِهِ وَسَجَنَهُ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ شَرَفُ الدَّوْلَةِ بْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ صَادَرَهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ بِأَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ، ثُمَّ سَجَنَهُ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ وَاسْتَنَابَهُ عَلَى بَغْدَادَ وَيُقَالُ: إِنَّ غِلَالَهُ كَانَتْ تُسَاوِي فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَلَهُ وَجَاهَةٌ كَبِيرَةٌ جِدًّا وَرِيَاسَةٌ بَاذِخَةٌ.
الْأُسْتَاذُ أَبُو الْفُتُوحِ بَرْجَوَانُ
النَّاظِرُ فِي الْأُمُورِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي الدَّوْلَةِ الْحَاكِمِيَّةِ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ حَارَةُ بَرْجَوَانَ بِالْقَاهِرَةِ الْمُعِزِّيَّةِ، كَانَ أَوَّلًا مِنْ غِلْمَانِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُعِزِّ، ثُمَّ صَارَ عِنْدَ الْحَاكِمِ نَافِذَ الْأَمْرِ مُطَاعًا كَبِيرًا فِي الدَّوْلَةِ، ثُمَّ أَمَرَ بِقَتْلِهِ فِي الْقَصْرِ، فَضَرَبَهُ الْأَمِيرُ رَيْدَانُ - الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الرَّيْدَانِيَّةُ خَارِجَ بَابِ الْفُتُوحِ - بِسِكِّينٍ فِي بَطْنِهِ فَقَتَلَهُ، وَقَدْ تَرَكَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَثَاثِ وَالثِّيَابِ، مِنْ ذَلِكَ أَلْفُ
পৃষ্ঠা - ৯৬২৫
سَرَاوِيلَ دَبِيقِيٍّ بِأَلْفِ تِكَّةٍ مِنْ حَرِيرٍ، قَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ فِي كِتَابِهِ. وَوَلَّى الْحَاكِمُ بَعْدَهُ فِي مَنْصِبِهِ الْأَمِيرَ حُسَيْنَ بْنَ الْقَائِدِ جَوْهَرٍ.
الْجَرِيرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ طَرَارَا
اسْمُهُ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى بْنِ حُمَيْدِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ دَاوُدَ، أَبُو الْفَرَجِ النَّهْرَوَانِيُّ الْقَاضِي ; لِأَنَّهُ نَابَ فِي الْحُكْمِ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ طَرَارَا الْجَرِيرِيُّ ; لِاشْتِغَالِهِ عَلَى ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وَسُلُوكُهُ وَرَاءَهُ فِي مَذْهَبِهِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْبَغَوِيِّ وَابْنِ صَاعِدٍ وَخَلْقٍ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَكَانَ ثِقَةً عَالِمًا فَاضِلًا، كَثِيرَ الْآدَابِ وَالتَّفَنُّنِ فِي أَصْنَافِ الْعُلُومِ، وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْكَثِيرَةُ، مِنْهَا كِتَابُهُ الْمُسَمَّى بِ " الْجَلِيسِ وَالْأَنِيسِ " فِيهِ فَوَائِدُ جَمَّةٌ كَثِيرَةٌ.
وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَافِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، يَقُولُ: إِذَا حَضَرَ الْمُعَافَى فَقَدْ حَضَرَتِ الْعُلُومُ كُلُّهَا، وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَعْلَمِ النَّاسِ لَوَجَبَ
পৃষ্ঠা - ৯৬২৬
أَنْ يُصْرَفَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ فِي دَارِ بَعْضِ الرُّؤَسَاءِ، وَفِيهِمُ الْمُعَافَى فَقَالُوا: هَلُمَّ نَتَذَاكَرْ فِي فَنٍّ مِنَ الْعُلُومِ، فَقَالَ الْمُعَافَى لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ - وَكَانَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ فِي خِزَانَةٍ عَظِيمَةٍ -: مُرْ غُلَامَكَ أَنْ يَأْتِيَ بِكِتَابٍ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ أَيِّ كِتَابٍ، فَنَتَذَاكَرَ فِيهِ، فَتَعَجَّبَ الْحَاضِرُونَ مِنْ هَذَا التَّمَكُّنِ وَالتَّبَحُّرِ.
وَقَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: أَنْشَدَنَا الشَّيْخُ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا لِنَفْسِهِ:
أَلَا قُلْ لِمَنْ كَانَ لِي حَاسِدًا ... أَتَدْرِي عَلَى مَنْ أَسَأْتَ الْأَدَبْ
أَسَأْتَ عَلَى اللَّهِ فِي فِعْلِهِ ... لِأَنَّكَ لَمْ تَرْضَ لِي مَا وَهَبْ
فَجَازَاكَ عَنِّي بِأَنْ زَادَنِي ... وَسَدَّ عَلَيْكَ وُجُوهَ الطَّلَبْ
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ.
ابْنُ فَارِسٍ
صَاحِبُ " الْمُجْمَلِ "، وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، كَمَا سَيَأْتِي.