আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৫৫৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا غَلَتِ الْأَسْعَارُ بِبَغْدَادَ حَتَّى بَلَغَ الْكَرُّ مِنَ الطَّعَامِ إِلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَثَمَانِمِائَةٍ، وَمَاتَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مِنَ الضَّعْفِ فِي الطُّرُقَاتِ جُوعًا، ثُمَّ تَسَاهَلَ الْحَالُ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا. وَجَاءَ الْخَبَرُ بِمَوْتِ مُؤَيِّدِ الدَّوْلَةِ بْنِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ، وَأَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ بْنَ عَبَّادٍ الْوَزِيرَ بَعَثَ إِلَى أَخِيهِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ، فَوَلَّاهُ الْمُلْكَ مَكَانَ أَخِيهِ، فَاسْتَوْزَرَ ابْنَ عَبَّادٍ أَيْضًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَلَمَّا بَلَغَ الْقَرَامِطَةَ مَوْتُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ قَصَدُوا الْبَصْرَةَ لِيَأْخُذُوهَا مَعَ الْكُوفَةِ فَلَمْ يَتِمَّ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ صُولِحُوا عَلَى مَالٍ كَثِيرٍ، فَأَخَذُوهُ وَانْصَرَفُوا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: بُوَيْهِ مُؤَيِّدُ الدَّوْلَةِ بْنُ رُكْنِ الدَّوْلَةِ كَانَ مَلِكًا عَلَى بَعْضِ مَا كَانَ أَبُوهُ يَمْلِكُهُ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَانَ الصَّاحِبُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَبَّادٍ وَزِيرَهُ، وَقَدْ تَزَوَّجَ مُؤَيِّدُ الدَّوْلَةِ هَذَا بِزُبَيْدَةَ بِنْتِ عَمِّهِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، فَغَرِمَ عَلَى عُرْسِهِ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَهَذَا سَرَفٌ عَظِيمٌ. بُلُكِّينُ بْنُ زِيرِي بْنِ مُنَادٍ الْحِمْيَرِيُّ الصِّنْهَاجِيُّ وَيُسَمَّى أَيْضًا يُوسُفَ،
পৃষ্ঠা - ৯৫৫৪
وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ أُمَرَاءِ الْمُعِزِّ، وَقَدِ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى بِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ حِينَ سَارَ إِلَى الْقَاهِرَةِ وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ، لَهُ أَرْبَعُمِائَةِ حَظِيَّةٍ، وَقَدْ بُشِّرَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِسَبْعَةَ عَشَرَ وَلَدًا، وَهُوَ جَدُّ بَادِيسَ الْمَغْرِبِيِّ. سَعِيدُ بْنُ سَلَّامٍ، أَبُو عُثْمَانَ الْمَغْرِبِيُّ أَصْلُهُ مِنْ بِلَادِ الْقَيْرَوَانِ وَدَخَلَ الشَّامَ وَصَحِبَ أَبَا الْخَيْرِ الْأَقْطَعَ، وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ مُدَّةَ سِنِينَ، وَكَانَ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَوَاسِمِ، وَكَانَتْ لَهُ كَرَامَاتٌ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ، وَرُوِيَ لَهُ أَحْوَالٌ صَالِحَةٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْمُخْتَارِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ الْوَاسِطِيُّ يُعْرَفُ بِابْنِ السَّقَّا، سَمِعَ عَبْدَانَ وَأَبَا يَعْلَى الْمَوْصِلِيَّ وَابْنَ أَبِي دَاوُدَ وَالْبَغَوِيَّ، وَكَانَ فَهِمًا حَافِظًا، دَخَلَ بَغْدَادَ فَحَدَّثَ بِهَا مَجَالِسَ كَثِيرَةً مِنْ حِفْظِهِ، وَكَانَ يَحْضُرُهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ، فَلَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ حَدَّثَ مَرَّةً عَنْ أَبِي يَعْلَى بِحَدِيثٍ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي أَصْلِهِ بِخَطِّ الصِّبَا، كَمَا حَدَّثَ بِهِ سَوَاءً، فَبَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৫৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] فِيهَا جَرَى الصُّلْحُ بَيْنَ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ الْمُلَقَّبِ بِشَمْسِ الدَّوْلَةِ وَبَيْنَ عَمِّهِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، فَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ لِفَخْرِ الدَّوْلَةِ خِلَعًا سَنِيَّةً وَتُحَفًا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي رَجَبٍ مِنْهَا عُمِلَ عُرْسٌ فِي دَرْبِ رَبَاحٍ، فَسَقَطَتِ الدَّارُ عَلَى مَنْ فِيهَا، فَهَلَكَ أَكْثَرُ النِّسَاءِ بِهَا، وَنُبِشَ مِنْ تَحْتِ الرَّدْمِ، فَكَانَتِ الْمُصِيبَةُ عَامَّةً. وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةٌ: الْحَافِظِ أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ الْمَوْصِلِيُّ الْمُصَنَّفُ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي يَعْلَى وَطَبَقَتِهِ، وَضَعَّفَهُ كَثِيرٌ مِنْ حُفَّاظِ زَمَانِهِ، وَاتَّهَمَهُ بَعْضُهُمْ بِوَضْعِ حَدِيثٍ رَوَاهُ لِابْنِ بُوَيْهِ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ بَغْدَادَ فَسَاقَهُ بِإِسْنَادٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ
পৃষ্ঠা - ৯৫৫৬
يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ صُورَةِ ذَلِكَ الْأَمِيرِ» . فَأَجَازَهُ وَأَعْطَاهُ دَرَاهِمَ كَثِيرَةً وَالْعَجَبُ - إِنْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا - كَيْفَ رَاجَ هَذَا عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ لَهُ أَدْنَى فَهْمٍ وَعَقْلٍ، وَقَدْ أَرَّخَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَفَاتَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْخَطِيبُ أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ نُبَاتَةَ الْحَذَّاءُ - بَطْنٌ مِنْ قُضَاعَةَ، وَقِيلَ: مِنْ إِيَادٍ - الْفَارِقِيُّ خَطِيبُ حَلَبَ أَيَّامَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، وَلِهَذَا أَكْثَرُ دِيوَانِهِ الْخُطَبُ الْجِهَادِيَّةُ، وَلَمْ يُسْبَقْ إِلَى مَثَلِ دِيوَانِهِ هَذَا، وَلَا يُلْحَقُ فِيهِ - إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ - لِأَنَّهُ كَانَ فَصِيحًا بَلِيغًا ذَكِيًّا دَيِّنًا وَرِعًا. رَوَى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْكِنْدِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ بِخُطْبَةِ الْمَنَامِ، ثُمَّ رَأَى لَيْلَةَ السَّبْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بَيْنَ الْمَقَابِرِ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: مَرْحَبًا بِخَطِيبِ الْخُطَبَاءِ. ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى الْقُبُورِ، فَقَالَ لِابْنِ نُبَاتَةَ: كَيْفَ تَقُولُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِلْعُيُونِ قُرَّةً، وَلَمْ يُعَدُّوا فِي الْأَحْيَاءِ مَرَّةً، فَتَمَّمَ الْكَلَامَ ابْنُ نُبَاتَةَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: يَوْمَ تَكُونُونَ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ - وَأَشَارَ إِلَى الصَّحَابَةِ - وَيَكُونُ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا، وَأَشَارَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَحْسَنْتَ أَحْسَنْتَ، ادْنُهِ ادْنُهْ، فَقَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهَهُ، وَتَفَلَ فِي فِيهِ، وَقَالَ: وَفَّقَكَ اللَّهُ، فَاسْتَيْقَظَ، وَبِهِ مِنَ السُّرُورِ أَمْرٌ كَبِيرٌ، وَعَلَى وَجْهِهِ نُورٌ وَبَهَاءٌ، وَلَمْ يَعِشْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، لَمْ يَسْتَطْعِمْ فِيهَا بِطَعَامٍ،
পৃষ্ঠা - ৯৫৫৭
وَيُوجَدُ مِنْ فِيهِ مِثْلُ رَائِحَةِ الْمِسْكِ حَتَّى مَاتَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ ابْنُ الْأَزْرَقِ الْفَارِقِيُّ: وُلِدَ ابْنُ نُبَاتَةَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَهِيَ هَذِهِ السَّنَةُ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِيَّانَا. حَكَاهُ ابْنُ خَلِّكَانَ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৫৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا خَلَعَ الْخَلِيفَةُ عَلَى صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ وَسَوَّرَهُ وَطَوَّقَهُ، وَأُرْكِبَ عَلَى فَرَسٍ بِسَرْجٍ ذَهَبٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَنِيبٌ مِثْلُهُ. وَفِيهَا وَرَدَ الْخَبَرُ بِأَنَّ اثْنَيْنِ مِنْ سَادَةِ الْقَرَامِطَةِ - وَهُمَا إِسْحَاقُ وَجَعْفَرٌ - دَخَلَا الْكُوفَةَ فِي جَحْفَلٍ عَظِيمٍ، فَانْزَعَجَتِ النُّفُوسُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِصَرَامَتِهِمْ وَشَهَامَتِهِمْ، وَلِأَنَّ عَضُدَ الدَّوْلَةِ مَعَ شَجَاعَتِهِ قَدْ كَانَ يُصَانِعُهُمْ، وَأَقْطَعَهُمْ أَرَاضِيَ مِنْ وَاسِطٍ وَكَذَلِكَ عِزُّ الدَّوْلَةِ مِنْ قَبْلِهِ أَيْضًا، فَجُهِّزَ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ بَغْدَادَ فَطَرَدُوهُمْ عَنْ تِلْكَ النَّوَاحِي الَّتِي قَدْ أَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ، وَبَطَلَ مَا كَانَ فِي النُّفُوسِ مِنْهُمْ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِيهَا عَزَمَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ عَلَى أَنْ يَضَعَ مَكْسًا عَلَى الثِّيَابِ الْإِبْرَيْسَمِيَّاتِ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ، وَهَمُّوا بِتَبْطِيلِ الْجُمُعَةِ، وَكَادَتِ الْفِتْنَةُ تَقَعُ بَيْنَهُمْ، فَأُعْفُوا مِنْ ذَلِكَ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ وَرَدَ الْخَبَرُ بِمَوْتِ ابْنِ مُؤَيِّدِ الدَّوْلَةِ، فَجَلَسَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ لِلْعَزَاءِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ الطَّائِعُ فِي ثِيَابِ السَّوَادِ وَالْقُرَّاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَامَ
পৃষ্ঠা - ৯৫৫৯
إِلَيْهِ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ وَقَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَتَخَاطَبَا فِي الْعَزَاءِ بِأَلْفَاظٍ حَسَنَةٍ، وَانْصَرَفَ الْخَلِيفَةُ رَاجِعًا إِلَى دَارِهِ، وَكَانَ وَقْتًا مَشْهُودًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ: الشَّيْخُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاسْمُهُ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَحَدُ مَشَايِخِ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَهُ اخْتِيَارَاتٌ كَثِيرَةٌ غَرِيبَةٌ، وَقَدْ تَرْجَمْنَاهُ فِي " الطَّبَقَاتِ " بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أَبُو أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِحُسَيْنَكْ كَانَتْ تَرْبِيَتُهُ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَتِلْمِيذًا لَهُ، وَكَانَ يُقَدِّمُهُ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَيَقْرَأُ لَهُ مَا لَا يَقْرَأُهُ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا تَخَلَّفَ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ مَجَالِسِ السُّلْطَانِ بَعَثَ حُسَيْنَكْ مَكَانَهُ. وَلَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ خُزَيْمَةَ كَانَ عُمُرُ حُسَيْنَكْ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ عَمَّرَ بَعْدَهُ دَهْرًا طَوِيلًا، وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ عِبَادَةً وَقِرَاءَةً، لَا يَتْرُكُ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي حَضَرٍ وَلَا سِفَرٍ، وَلَا صَيْفٍ وَلَا شِتَاءٍ، كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ وَالْبِرِّ وَالصِّلَاتِ، وَكَانَ يَحْكِي وُضُوءَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَصَلَاتَهُ، وَلَمْ يُرَ فِي الْأَغْنِيَاءِ أَحْسَنُ صَلَاةً مِنْهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ. أَبُو الْقَاسِمِ الدَّارَكِيُّ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الْقَاسِمِ
পৃষ্ঠা - ৯৫৬০
الدَّارَكِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، نَزَلَ نَيْسَابُورَ ثُمَّ سَكَنَ بَغْدَادَ إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنْهُ، وَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسْأَلُ عَنِ الْفَتْوَى، فَيُجِيبُ بَعْدَ تَفَكُّرٍ طَوِيلٍ، فَرُبَّمَا كَانَتْ فَتْوَاهُ مُخَالِفَةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، فَيُقَالُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَيَقُولُ: وَيَلَكُمُ! رَوَى فَلَانٌ عَنْ فُلَانٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا، فَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمُخَالَفَتُهُمَا أَسْهَلُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: وَلَهُ فِي الْمَذْهَبِ وُجُوهٌ جَيِّدَةٌ دَالَّةٌ عَلَى مَتَانَةِ عِلْمِهِ، وَكَانَ يُتَّهَمُ بِالِاعْتِزَالِ، وَكَانَ قَدْ أَخَذَ الْفِقْهَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَالْحَدِيثَ عَنْ جَدِّهِ لِأُمِّهِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّارَكِيِّ، وَهُوَ أَحَدُ مَشَايِخِ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ وَأَخَذَ عَنْهُ عَامَّةُ شُيُوخِ بَغْدَادَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ - وَقِيلَ: فِي ذِي الْقَعْدَةِ - مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى السَّبْعِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ، أَبُو سَهْلٍ النَّيْسَابُورِيُّ وَيُعْرَفُ بِالْحَسْنَوِيِّ، كَانَ فَقِيهًا شَافِعِيًّا أَدِيبًا مُحَدِّثًا، مُشْتَغِلًا بِنَفْسِهِ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৫৬১
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ، أَبُو بَكْرٍ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ سَمِعَ مِنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَالْبَاغَنْدِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ الْبَرْقَانِيُّ، وَلَهُ تَصَانِيفُ فِي شَرْحِ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَعُرِضَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَأَبَاهُ، وَأَشَارَ بِأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ الْحَنَفِيِّ، فَلَمْ يَقْبَلِ الْآخَرُ أَيْضًا، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ مِنْهَا عَنْ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৫৬২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا كَثُرَتِ الْحُمِّيَّاتُ فِي بَغْدَادَ فَهَلَكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَلِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ - وَهُوَ الْعِشْرُونَ مِنْ تَمُّوزَ - وَقَعَ مَطَرٌ كَثِيرٌ بِبَرْقٍ وَرَعْدٍ، وَفِي رَجَبٍ غَلَتِ الْأَسْعَارُ جِدًّا بِبَغْدَادَ، وَوَرَدَ الْخَبَرُ فِيهِ بِأَنَّهُ وَقَعَ بِالْمَوْصِلِ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ سَقَطَ مِنْهَا عُمْرَانٌ كَثِيرٌ، وَمَاتَ مِنْ أَهْلِهَا أُمَّةٌ عَظِيمَةٌ. وَفِيهَا وَقَعَ بَيْنَ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، فَاقْتَتَلَا، فَغَلَبَهُ شَرَفُ الدَّوْلَةِ، وَأَسَرَهُ وَدَخَلَ بَغْدَادَ فَتَلَقَّاهُ الْخَلِيفَةُ وَهَنَّأَهُ بِالسَّلَامَةِ، ثُمَّ اسْتَدْعَى شَرَفُ الدَّوْلَةِ بِفَرَّاشٍ لِيُكَحِّلَ صَمْصَامَ الدَّوْلَةِ فَاتَّفَقَ مَوْتُهُ، فَكُحِّلَ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَهَذَا مِنْ غَرِيبِ مَا وَقَعَ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ قَبِلَ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ مَعْرُوفٍ شَهَادَةَ الْحَافِظِ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَذُكِرَ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ: كَانَ يُقْبَلُ قَوْلِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدِي، فَصَارَ لَا يُقْبَلُ قَوْلِي عَلَى نَقْلِي إِلَّا مَعَ غَيْرِي، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৬৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي صَفَرٍ مِنْهَا عُقِدَ مَجْلِسٌ بِحَضْرَةِ الْخَلِيفَةِ، فِيهِ الْقُضَاةُ وَأَعْيَانُ الدَّوْلَةِ، وَجُدِّدَتِ الْبَيْعَةُ بَيْنَ الطَّائِعِ لِلَّهِ وَبَيْنَ شَرَفِ الدَّوْلَةِ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. ثُمَّ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا رَكِبَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ مِنْ دَارِهِ فِي طَيَّارٍ إِلَى دَارِ الْخَلِيفَةِ، وَزُيِّنَتِ الْبَلَدُ، وَضُرِبَتِ الطُّبُولُ وَالدَّبَادِبُ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ وَطَوَّقَهُ وَسَوَّرَهُ، وَأَعْطَاهُ لِوَاءَيْنِ، وَعَقَدَ لَهُ عَلَى مَا وَرَاءَ دَارِهِ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ قَدِمَ مَعَ شَرَفِ الدَّوْلَةِ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْرُوفٍ، فَلَمَّا رَآهُ الْخَلِيفَةُ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَحِبَّةِ الْقَادِمِينَا ... أَوْحَشُونَا وَطَالَمَا آنَسُونَا فَقَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ، وَلَمَّا قُضِيَتِ الْبَيْعَةُ، دَخَلَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ إِلَى عِنْدِ أُخْتِهِ امْرَأَةِ الْخَلِيفَةِ، فَمَكَثَ عِنْدَهَا إِلَى الْعَصْرِ، وَالنَّاسُ يَنْتَظِرُونَهُ، ثُمَّ خَرَجَ وَسَارَ إِلَى دَارِهِ لِلتَّهْنِئَةِ، وَجَاءَ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ يُهَنِّئُونَهُ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اشْتَدَّ الْغَلَاءُ جِدًّا، ثُمَّ لَحِقَهُ فَنَاءٌ كَثِيرٌ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৬৪
وَفِيهَا تُوُفِّيَتْ أُمُّ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَتْ تُرْكِيَّةً أُمَّ وَلَدٍ، فَجَاءَهُ الْخَلِيفَةُ فَعَزَّاهُ فِيهَا. وَفِيهَا وُلِدَ لِشَرَفِ الدَّوْلَةِ ابْنَانِ تَوْأَمَانِ، فَهُنِّئَ بِهِمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيُّ وَيُعْرَفُ بِابْنِ الطَّبَرِيِّ، كَانَ حَافِظًا لِلْحَدِيثِ، مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ، مُتْقِنًا، بَصِيرًا بِالْأَثَرِ، مُتَفَنِّنًا، فَقِيهًا، حَنَفِيًّا، دَرَسَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ، وَصَنَّفَ كُتُبًا فِي الْفِقْهِ وَالتَّارِيخِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِخُرَاسَانَ، ثُمَّ دَخَلَ بَغْدَادَ وَقَدْ عَلَتْ سِنُّهُ، فَحَدَّثَ النَّاسَ، وَكَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ بِانْتِخَابِ الدَّارَقُطْنِيِّ. إِسْحَاقُ بْنُ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ كَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ عَنْ سِتِّينَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ الْقَادِرُ بِاللَّهِ وَهُوَ إِذْ ذَاكَ أَمِيرٌ، وَدُفِنَ فِي تُرْبَةِ جَدَّتِهِ شَغَبَ أُمِّ الْمُقْتَدِرِ، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ الْأُمَرَاءُ وَالْحُجَّابُ وَالْأَعْيَانُ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ، وَمِنْ جِهَةِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَأَرْسَلَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ مَنْ عَزَّى الْخَلِيفَةَ فِيهِ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الْحُضُورِ لِوَجَعٍ حَصَلَ لَهُ. جَعْفَرُ بْنُ الْمُكْتَفِي بِاللَّهِ وَكَانَ فَاضِلًا، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৫৬৫
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَبُو عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ، صَاحِبُ الْمُصَنَّفَاتِ ; مِنْهَا " الْإِيضَاحُ وَالتَّكْمِلَةُ " وُلِدَ بِبَلَدِهِ، ثُمَّ دَخَلَ بَغْدَادَ وَخَدَمَ الْمُلُوكَ، وَحَظِيَ عِنْدَ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، بِحَيْثُ إِنَّ عَضُدَ الدَّوْلَةِ كَانَ يَقُولُ: أَنَا غُلَامُ أَبِي عَلِيٍّ فِي النَّحْوِ. وَحَصَّلَ لَهُ الْأَمْوَالَ، وَقَدِ اتَّهَمَهُ قَوْمٌ بِالِاعْتِزَالِ، وَفَضَّلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى الْمُبَرِّدِ وَمِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو الْفَتْحِ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّيٍّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ بِضْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. سُتَيْتَةُ بِنْتُ الْقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيِّ وَتُكَنَّى أَمَةَ الْوَاحِدِ، قَرَأَتِ الْقُرْآنَ، وَحَفِظَتِ الْفِقْهَ وَالْفَرَائِضَ وَالْحِسَابَ وَالدَّوْرَ وَالنَّحْوَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَكَانَتْ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ فِي وَقْتِهَا بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَكَانَتْ تُفْتِي بِهِ مَعَ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَانَتْ فَاضِلَةً فِي نَفْسِهَا، كَثِيرَةَ الصَّدَقَةِ مُسَارِعَةً إِلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ، وَقَدْ سَمِعَتِ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَتْ أَيْضًا، وَكَانَتْ وَفَاتُهَا فِي رَمَضَانَ عَنْ بِضْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৫৬৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا، كَثُرَ الْغَلَاءُ وَالْفَنَاءُ بِبَغْدَادَ، وَفِي شَعْبَانَ كَثُرَتِ الرِّيَاحُ وَالْعَوَاصِفُ، بِحَيْثُ هَدَمَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَبْنِيَةِ، وَغَرَّقَتْ سُفُنًا كَثِيرَةً، وَاحْتَمَلَتْ بَعْضَ الزَّوَارِقِ فَأَلْقَتْهُ بِالْأَرْضِ مِنْ نَاحِيَةِ جُوخَى، وَهَذَا أَمَرٌ هَائِلٌ وَخَطْبٌ شَامِلٌ. وَفِي هَذَا الْوَقْتِ لَحِقَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ حَرٌّ شَدِيدٌ، بِحَيْثُ سَقَطَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي الطُّرُقَاتِ، وَمَاتُوا مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئُ الْحَافِظُ، وُلِدَ أَعْمَى، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ، فَيَحْفَظُ مَا يُمْلِيهِ كُلَّهُ، وَكَانَ ظَرِيفًا، حَسَنَ الزِّيِّ، وَقَدْ سَبَقَ الشَّاطِبِيَّ إِلَى قَصِيدَةٍ عَمِلَهَا فِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ، وَذَلِكَ فِي حَيَاةِ النَّقَّاشِ الْمُفَسِّرِ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ وَتُعْجِبُ شُيُوخَ زَمَانِهِ. الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي الْفِقْهِ
পৃষ্ঠা - ৯৫৬৭
وَالْحَدِيثِ سَمِعَ ابْنَ خُزَيْمَةَ وَالْبَغَوِيَّ وَابْنَ صَاعِدٍ وَغَيْرَهُمْ، وَهَذَا سُمِّيَ النَّحْوِيَّ الْمُتَقَدِّمَ. زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ الْهَيْثَمِ، أَبُو الْعَبَّاسِ الْخَرْخَانِيُّ بِخَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى قُومِسَ وَلَهُمُ الْجُرْجَانِيُّ بِجِيمَيْنِ، وَهُمْ جَمَاعَةٌ، وَلَهُمُ الُخَرْجَانِيُّ بِخَاءٍ ثُمَّ جِيمٍ، وَقَدْ حَرَّرَ هَذَا الْمَوْضِعَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ "، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৫৬৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ شَرَفِ الدَّوْلَةِ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيِّ، وَكَانَ قَدِ انْتَقَلَ إِلَى قَصْرِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ عَنْ إِشَارَةِ الْأَطِبَّاءِ لِصِحَّةِ الْهَوَاءِ ; وَذَلِكَ لِشِدَّةِ مَا كَانَ يَجِدُهُ مِنَ الدَّاءِ، فَلَمَّا كَانَ فِي جُمَادَى الْأُولَى تَزَايَدَ بِهِ، وَمَاتَ فِي هَذَا الشَّهْرِ، وَقَدْ عَهِدَ إِلَى ابْنِهِ أَبِي نَصْرٍ، وَجَاءَ الْخَلِيفَةُ فِي طَيَّارٍ لِتَعْزِيَةِ أَبِي نَصْرٍ فِي وَالِدِهِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، فَتَلَقَّاهُ أَبُو نَصْرٍ وَالتُّرْكُ وَالدَّيْلَمُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ، وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْعَسْكَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الطِّيَارِ، وَهُمْ يُقَبِّلُونَ الْأَرْضَ إِلَى نَاحِيَتِهِ، وَجَاءَ الرَّئِيسُ أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ عِنْدِ الْخَلِيفَةِ إِلَى أَبِي نَصْرٍ، فَبَلَّغَهُ تَعْزِيَةَ الْخَلِيفَةِ لَهُ، فَقَبَّلَ الْأَرْضَ ثَانِيَةً، وَعَادَ الرَّسُولُ أَيْضًا إِلَى الْخَلِيفَةِ، فَبَلَّغَهُ شُكْرَ أَبِي نَصْرٍ، ثُمَّ عَادَ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ لِتَوْدِيعِ أَبِي نَصْرٍ، فَقَبَّلَ الْأَرْضَ ثَالِثًا، وَرَجَعَ الْخَلِيفَةُ فِي طَيَّارِهِ إِلَى دَارِهِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ عَاشِرُ هَذَا الشَّهْرِ، رَكِبَ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرٍ إِلَى حَضْرَةِ الْخَلِيفَةِ الطَّائِعِ لِلَّهِ وَمَعَهُ الْأَشْرَافُ وَالْأَعْيَانُ وَالْقُضَاةُ وَالْأُمَرَاءُ، وَجَلَسَ الْخَلِيفَةُ فِي الرِّوَاقِ، فَلَمَّا وَصَلَ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرِ بْنُ شَرَفِ الدَّوْلَةِ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ رُكْنِ
পৃষ্ঠা - ৯৫৬৯
الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، خَلَعَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ سَبْعَ خِلَعٍ، أَعْلَاهُنَّ السَّوَادُ وَعِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَفِي عُنُقِهِ طَوْقٌ، وَفِي يَدِهِ سِوَارَانِ، وَمَشَى الْحُجَّابُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالسُّيُوفِ وَالْمَنَاطِقِ، فَلَمَّا حَصَلَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ قَبَّلَ الْأَرْضَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِالْجُلُوسِ، فَقَبَّلَ الْأَرْضَ ثَانِيَةً، وَوُضِعَ لَهُ كُرْسِيٌّ فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَقَرَأَ الرَّئِيسُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَهْدَهُ، وَقَدَّمَ إِلَى الطَّائِعِ لِوَاءَهُ، فَعَقَدَهُ بِيَدِهِ، وَلَقَّبَهُ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ وَضِيَاءَ الْمِلَّةِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَالْعَسْكَرُ مَعَهُ حَتَّى عَادَ إِلَى دَارِ الْمَمْلَكَةِ، وَأَقَرَّ الْوَزِيرَ أَبَا مَنْصُورِ بْنَ صَالِحَانَ عَلَى الْوِزَارَةِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ بُنِيَ جَامِعُ الْقَطِيعَةِ - قَطِيعَةُ أُمِّ جَعْفَرٍ - بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ وَكَانَ أَصْلُ بِنَائِهِ مَسْجِدًا أَنَّ امْرَأَةً رَأَتْ فِي الْمَنَامِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ يُصَلِّي، وَوَضَعَ يَدَهُ فِي جِدَارٍ هُنَاكَ، فَلَمَّا أَصْبَحَتْ، تَذَكَّرَتْ ذَلِكَ الْمَنَامَ، فَوَجَدُوا أَثَرَ الْكَفِّ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَبُنِيَ مَسْجِدًا، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، ثُمَّ إِنَّ الشَّرِيفَ أَبَا أَحْمَدَ الْمُوسَوِيَّ جَدَّدَ هَذَا الْمَسْجِدَ، فَوَسَّعَهُ وَجَعَلَهُ جَامِعًا، وَاسْتَأْذَنَ الْخَلِيفَةَ الطَّائِعَ لِلَّهِ فِي عَقْدِ جُمُعَةٍ فِيهِ، فَأَذِنَ لَهُ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ فِيهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: شَرَفُ الدَّوْلَةِ بْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ تَمَلَّكَ بَغْدَادَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَكَانَ يُحِبُّ الْخَيْرَ وَيَبْغَضُ الشَّرَّ، وَأَمَرَ بِتَرْكِ الْمُصَادَرَاتِ، وَكَانَ
পৃষ্ঠা - ৯৫৭০
مَرَضُهُ بِالِاسْتِسْقَاءِ، فَتَزَايَدَ بِهِ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ الثَّانِي مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ عَنْ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَكَانَتْ مُدَّةُ مُلْكِهِ سَنَتَيْنِ وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، وَحُمِلَ تَابُوتُهُ إِلَى تُرْبَةِ أَبِيهِ بِمَشْهَدِ عَلَيٍّ، وَكُلُّهُمْ فِيهِ تَشَيُّعٌ. مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَبُو بَكْرٍ النَّجَّارُ وَيُلَقَّبُ غُنْدَرًا أَيْضًا، رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ وَطَبَقَتِهِ، وَكَانَ فَهِمًا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ حِفْظًا حَسَنًا، وَمِنْ ثِقَاتِ النَّاسِ. مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ بُدَيْلٍ أَبُو الْفَضْلِ الْخُزَاعِيُّ الْجُرْجَانِيُّ قَدِمَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَتْ لَهُ عِنَايَةٌ بِالْقِرَاءَاتِ، وَصَنَّفَ أَسَانِيدَهَا، ثُمَّ ذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَخْلِطُ، وَلَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا عَلَى مَا يَرْوِيهِ، وَأَنَّهُ وَضَعَ كِتَابًا فِي الْحُرُوفِ، وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ، فَكَتَبَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَجَمَاعَةٌ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ مَوْضُوعٌ لَا أَصْلَ لَهُ، فَافْتَضَحَ، وَخَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْجَبَلِ فَاشْتَهَرَ أَمْرُهُ هُنَاكَ، وَحَبِطَتْ مَنْزِلَتُهُ، وَكَانَ يُسَمِّي نَفْسَهُ أَوَّلًا كُمَيْلًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ إِلَى مُحَمَّدٍ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৭১
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُوسَى بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ إِيَاسٍ، أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَزَّارُ الْحَافِظُ، وُلِدَ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَرَحَلَ إِلَى بِلَادٍ شَتَّى، وَرَوَى عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ وَالْبَغَوِيِّ وَخَلْقٍ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ - مِنْهُمُ الدَّارَقُطْنِيُّ - شَيْئًا كَثِيرًا، وَكَانَ يُعَظِّمُهُ وَيُجِلُّهُ وَلَا يَسْتَنِدُ بِحَضْرَتِهِ، وَكَانَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ ثِقَةً ثَبْتًا، وَكَانَ قَدِيمًا يَنْتَقِي عَلَى الْمَشَايِخِ، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَدُفِنَ يَوْمَ السَّبْتَ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى أَوِ الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৭২
[ثُمَّ اسْتَهَلَّتْ سَنَةُ ثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا قُلِّدَ الشَّرِيفُ أَبُو أَحْمَدَ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْمُوسَوِيُّ نِقَابَةَ الْأَشْرَافِ الطَّالِبِيِّينَ، وَالنَّظَرَ فِي الْمَظَالِمِ، وَإِمْرَةَ الْحَاجِّ، وَكُتِبَ عَهْدُهُ بِذَلِكَ، وَاسْتُخْلِفَ وَلَدَاهُ الْمُرْتَضَى أَبُو الْقَاسِمِ، وَالرَّضِيُّ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى النِّقَابَةِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِمَا مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ. وَفِيهَا تَفَاقَمَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ بِبَغْدَادَ، وَصَارَ النَّاسُ أَحْزَابًا، فِي كُلِّ مَحَلَّةٍ أَمِيرٌ مُقَدَّمٌ، وَاقْتَتَلَ النَّاسُ، وَأُخِذَتِ الْأَمْوَالُ، وَاتَّصَلَتِ الْكَبَسَاتُ، وَأُحْرِقَتِ الدُّورُ الْكِبَارُ، وَوَقَعَ حَرِيقٌ بِالنَّهَارِ فِي نَهْرِ الدَّجَاجِ، فَاحْتَرَقَ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ كَثِيرٌ لِلنَّاسِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ، أَبُو الْفَرَجِ بْنُ كِلِّسٍ وَزِيرُ صَاحِبِ مِصْرَ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ، وَكَانَ شَهْمًا فَهِمًا، ذَا هِمَّةٍ عَالِيَةٍ، وَتَدْبِيرٍ جَيِّدٍ، وَكَلِمَةٍ نَافِذَةٍ عِنْدَ مَخْدُومِهِ، وَقَدْ فَوَّضَ إِلَيْهِ أُمُورَهُ فِي سَائِرِ مَمْلَكَتِهِ، وَلَمَّا مَرِضَ عَادَهُ الْعَزِيزُ، وَوَصَّاهُ الْوَزِيرُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَمْلَكَتِهِ، وَلَمَّا مَاتَ دَفَنَهُ فِي قَصْرِهِ، وَتَوَلَّى دَفْنَهُ بِيَدِهِ، وَحَزِنَ عَلَيْهِ كَثِيرًا، وَأَغْلَقَ الدِّيوَانَ أَيَّامًا مِنْ شِدَّةِ حُزْنِهِ عَلَيْهِ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৭৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَ الْقَبْضُ عَلَى الْخَلِيفَةِ الطَّائِعِ لِلَّهِ وَخِلَافَةُ الْقَادِرِ بِاللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ الْأَمِيرِ إِسْحَاقَ بْنِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَسَ الْخَلِيفَةُ عَلَى عَادَتِهِ فِي الرِّوَاقِ، وَقَعَدَ الْمَلِكُ بِهَاءُ الدَّوْلَةِ عَلَى السَّرِيرِ، ثُمَّ أَرْسَلَ مَنِ اجْتَذَبَ الْخَلِيفَةَ بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ عَنِ السَّرِيرِ، وَلَفُّوهُ فِي كِسَاءٍ، وَحَمَلُوهُ إِلَى الْخِزَانَةِ بِدَارِ الْمَمْلَكَةِ، وَتَشَاغَلَ النَّاسُ بِالنَّهْبِ، وَلَمْ يَدْرِ أَكْثَرُ النَّاسِ مَا الْخَطْبُ وَلَا مَا الْخَبَرُ، حَتَّى إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ يَظُنُّ أَنَّ الْمَلِكَ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ هُوَ الَّذِي مُسِكَ، فَنُهِبَتِ الْخَزَائِنُ وَالْحَوَاصِلُ وَشَيْءٌ كَثِيرٌ مِنْ أَثَاثِ دَارِ الْخِلَافَةِ، حَتَّى أُخِذَتْ ثِيَابُ الْأَعْيَانِ وَالْقُضَاةِ وَالشُّهُودِ، وَجَرَتْ كَائِنَةٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا، وَرَجَعَ بِهَاءُ الدَّوْلَةِ إِلَى دَارِهِ، وَكَتَبَ عَلَى الطَّائِعِ كِتَابًا بِالْخَلْعِ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ الْأَشْرَافُ وَالْقُضَاةُ أَنَّهُ قَدْ خَلَعَ نَفْسَهُ عَنِ الْخِلَافَةِ وَسَلَّمَهَا إِلَى الْقَادِرِ بِاللَّهِ وَنُودِيَ بِذَلِكَ فِي الْأَسْوَاقِ، وَتَشَغَّبَتِ الدَّيْلَمُ وَالْأَتْرَاكُ، وَطَالَبُوا بِرَسْمِ الْبَيْعَةِ، وَرَاسَلُوا بَهَاءَ الدَّوْلَةِ فِي ذَلِكَ، وَتَطَاوَلَ الْأَمَرُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَلَمْ يُمَكَّنُوا