পৃষ্ঠা - ৯৫৩২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا تُوُفِّيَ الْأَمِيرُ عِمْرَانُ بْنُ شَاهِينَ صَاحِبُ بِلَادِ الْبَطِيحَةِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، تَغَلَّبَ عَلَيْهَا، وَعَجَزَ عَنْهُ الْأُمَرَاءُ وَالْمُلُوكُ وَالْخُلَفَاءُ، وَبُعِثَتْ إِلَيْهِ الْجُنُودُ وَالسَّرَايَا وَالْجُيُوشُ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَكُلُّ ذَلِكَ يَفُلُّهَا وَيَكْسِرُهَا، وَكُلُّ مَا لَهُ فِي تَمَكُّنٍ وَقُوَّةٍ، وَمَكَثَ كَذَلِكَ هَذِهِ الْمُدَّةَ كُلَّهَا، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ حَتْفَ أَنْفِهِ - فَلَا نَامَتْ أَعْيُنُ الْجُبَنَاءِ - وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الْحَسَنُ، فَرَامَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ أَنْ يَنْتَزِعَ الْمُلْكَ مِنْ يَدِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ سَرِيَّةً فِيهَا خَلْقٌ مِنَ الْجُنُودِ، فَكَسَرَهُمُ الْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ وَرَدَّهُمْ خَائِبِينَ، وَكَادَ أَنْ يُتْلِفَهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ عَضُدُ الدَّوْلَةِ، فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ يُرْسِلُهُ إِلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ، وَأَخَذُوهَا مِنْ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَهَذَا مِنَ الْعَجَائِبِ الْغَرِيبَةٍ.
وَفِي صَفَرٍ قُبِضَ عَلَى الشَّرِيفِ أَبِي أَحْمَدَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى الْمُوسَوِيِّ نَقِيبِ الطَّالِبِيِّينَ، وَاتُّهِمَ بِأَنَّهُ يُفْشِي الْأَسْرَارَ، وَأَنَّ عِزَّ الدَّوْلَةِ أَوْدَعَ عِنْدَهُ عِقْدًا ثَمِينًا، وَأُتِيَ بِكِتَابٍ أَنَّهُ خَطَّهُ فِي إِفْشَاءِ الْأَسْرَارِ، فَأَنْكَرَ أَنَّهُ خَطُّهُ، وَكَانَ مُزَوَّرًا عَلَيْهِ،
পৃষ্ঠা - ৯৫৩৩
وَاعْتَرَفَ بِالْعِقْدِ، فَأُخِذَ مِنْهُ، وَعُزِلَ عَنِ النِّقَابَةِ، وَوُلِّيَ غَيْرُهُ فِيهَا، وَكَانَ مَظْلُومًا فِي ذَلِكَ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أَيْضًا عَزَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ قَاضِيَ الْقُضَاةِ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ مَعْرُوفٍ، وَوَلَّى غَيْرَهُ.
وَفِي شَعْبَانَ وَرَدَ الْبَرِيدُ مِنْ مِصْرَ إِلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ بِمُرَاسَلَاتٍ كَثِيرَةٍ، فَرَدَّ الْجَوَابَ بِمَا مَضْمُونُهُ صِدْقُ النِّيَّةِ وَحُسْنُ الطَّوِيَّةِ، ثُمَّ سَأَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ مِنَ الطَّائِعِ أَنْ يُجَدِّدَ عَلَيْهِ الْخِلَعَ وَالْجَوَاهِرَ، وَأَنْ يَزِيدَ فِي أَلْقَابِهِ تَاجَ الدَّوْلَةِ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَلَابِسِ مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَقْبِيلِ الْأَرْضِ مِنْ كَثْرَتِهَا، وَفَوَّضَ إِلَيْهِ مَا وَرَاءَ دَارِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَحَضَرَ ذَلِكَ الرُّؤَسَاءُ وَالْأُمَرَاءُ وَأَعْيَانُ النَّاسِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
وَأَرْسَلَ فِي رَمَضَانَ إِلَى الذُّعَّارِ مِنَ الْأَعْرَابِ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ وَغَيْرِهِمْ، فَعَقَرَهُمْ وَكَسَرَهُمْ وَقَهَرَهَمْ، وَكَانَ أَمِيرُهُمْ ضَبَّةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ مُتَحَصِّنًا بِعَيْنِ التَّمْرِ نَيِّفًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، فَأُخِذَتْ دِيَارُهُمْ، وَأُخِذَتْ أَمْوَالُهُمْ، وَحَالَتْ أَحْوَالُهُمْ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ لِتِسْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ تَزَوَّجَ الْخَلِيفَةُ الطَّائِعُ لِلَّهِ بِنْتَ عَضُدِ الدَّوْلَةِ الْكُبْرَى، وَعُقِدَ الْعَقْدُ بِحَضْرَةِ الْأَعْيَانِ وَالرُّؤَسَاءِ، وَكَانَ عَقْدًا هَائِلًا حَافِلًا، عَلَى صَدَاقٍ مَبْلَغُهُ مِائَةُ أَلْفِ دِينَارٍ، وَيُقَالُ: مِائَتَا أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَانَ وَكِيلَ عَضُدِ الدَّوْلَةِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارِسِيُّ النَّحْوِيُّ، صَاحِبُ
পৃষ্ঠা - ৯৫৩৪
" الْإِيضَاحِ وَالتَّكْمِلَةِ "، وَكَانَ الَّذِي خَطَبَ خُطْبَةَ الْعَقْدِ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الْمُحَسِّنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
وَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ أَبِي تَغْلِبَ بْنِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ بِالشَّامِ، قَرِيبًا مِنْ نَوَى وَأَعْمَالِهَا، وَكَانَتْ مَعَهُ أُخْتُهُ جَمِيلَةُ وَزَوْجَتُهُ بِنْتُ عَمِّهِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، فَرُدَّتَا إِلَى ابْنِ عَمِّهِ سَعْدِ الدَّوْلَةِ بْنِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ صَاحِبِ حَلَبَ.
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَفِيهَا جَدَّدَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ عِمَارَةَ بَغْدَادَ وَمَحَاسِنَهَا، وَجَدَّدَ الْمَسَاجِدَ وَالْمَشَاهِدَ، وَأَجْرَى عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْزَاقَ وَالْجِرَايَاتِ، مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْأَطِبَّاءِ وَالْحُسَّابِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَ الصِّلَاتِ لِأَرْبَابِ الْبُيُوتَاتِ وَالشَّرَفِ، وَأَلْزَمَ أَصْحَابَ الْأَمْلَاكِ بِبَغْدَادَ بِعِمَارَةِ بُيُوتِهِمْ وَدُورِهِمْ، وَمَهَّدَ الطُّرُقَاتِ، وَأَطْلَقَ الْمُكُوسَ، وَأَصْلَحَ طَرِيقَ الْحُجَّاجِ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى مَكَّةَ وَأَرْسَلَ الصَّدَقَاتِ لِلْمُجَاوِرِينَ بِالْحَرَمَيْنِ، قَالَ: فَأَذِنَ لِوَزِيرِهِ نَصْرِ بْنِ هَارُونَ - وَكَانَ نَصْرَانِيًّا - بِعِمَارَةِ الْبِيَعِ وَالدِّيَرَةِ، وَإِطْلَاقِ الْأَمْوَالِ لِفُقَرَائِهِمْ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ حَسْنَوَيْهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكُرْدِيُّ، وَكَانَ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَى نَوَاحِي بِلَادِ الدِّينَوَرِ وَهَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ مُدَّةَ خَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ بِالْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ اخْتَلَفَ أَوْلَادُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَتَمَزَّقَ شَمْلُهُمْ، وَتَمَكَّنَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ مِنْ أَكْثَرِ بِلَادِهِ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ فِي الْأَرْضِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ رَكِبَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ فِي جُيُوشٍ كَثِيفَةٍ إِلَى بِلَادِ أَخِيهِ فَخْرِ
পৃষ্ঠা - ৯৫৩৫
الدَّوْلَةِ، وَذَلِكَ لِمَا كَانَ بَلَغَهُ مِنْ مُمَالَآتِ عِزِّ الدَّوْلَةِ وَاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا تَفَرَّغَ مِنْ أَعْدَائِهِ، رَكِبَ، فَتَسَلَّمَ بِلَادَ أَخِيهِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ ; هَمَذَانَ وَالرَّيَّ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْبِلَادِ، وَسَلَّمَ ذَلِكَ إِلَى أَخِيهِ مُؤَيِّدِ الدَّوْلَةِ بُوَيْهِ بْنِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ ; لِيَكُونَ نَائِبَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ سَارَ إِلَى بِلَادِ حَسْنَوَيْهِ الْكُرْدِيِّ، فَتَسَلَّمَ بِلَادَهُ وَأَخَذَ حَوَاصِلَهُ وَذَخَائِرَهُ، وَكَانَتْ جَلِيلَةً كَثِيرَةً جِدًّا، وَحَبَسَ بَعْضَ أَوْلَادِهِ، وَأَمَّرَ بَعْضَهُمْ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْأَكْرَادِ الْهَكَّارِيَّةِ، فَأَخَذَ مِنْهُمْ بَعْضَ بِلَادِهِمْ، وَعَظُمَ شَأْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ وَارْتَفَعَ صِيتُهُ وَذِكْرُهُ إِلَّا أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي هَذِهِ السَّفْرَةِ دَاءُ الصَّرْعِ، وَقَدْ كَانَ تَقَدَّمَ لَهُ مِثْلُهُ فِي الْمَوْصِلِ فَكَانَ يَكْتُمُهُ، وَلَكِنَّهُ غَلَبَ بِهِ كَثْرَةُ النِّسْيَانِ، فَلَا يَذْكُرُ الشَّيْءَ إِلَّا بَعْدَ جَهْدٍ جَهِيدٍ، وَالدُّنْيَا لَا تَسُرُّ بِقَدْرِ مَا تَضُرُّ:
دَارٌ إِذَا مَا أَضْحَكَتْ فِي يَوْمِهَا ... أَبْكَتْ غَدًا بُعْدًا لَهَا مَنْ دَارِ
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَحْمَدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرُّوذَبَارِيُّ
ابْنُ أُخْتِ أَبِي عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَسْنَدَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَذْهَبِ الصُّوفِيَّةِ، وَقَدِ انْتَقَلَ مِنْ بَغْدَادَ فَأَقَامَ بِصُورَ، فَتُوفِّيَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৩৬
أَحْمَدُ بْنُ فَارِسِ بْنِ زَكَرِيَّا، أَبُو الْحُسَيْنِ اللُّغَوِيُّ
صَاحِبُ كِتَابِ " الْمُجْمَلِ " فِي اللُّغَةِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْ شِعْرِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِيَوْمَيْنِ:
يَا رَبِّ إِنَّ ذُنُوبِي قَدْ أَحَطْتَ بِهَا ... عِلْمًا وَبِي وَبِإِعْلَانِي وَإِسْرَارِي
أَنَا الْمُوَحِّدُ لَكِنِّي الْمُقِرُّ بِهَا ... فَهَبْ ذُنُوبِي لِتَوْحِيدِي وَإِقْرَارِي
ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ.
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ
أَحَدُ مَشَايِخِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَيُعْرَفُ بِالْجُعَلِ، سَكَنَ بَغْدَادَ وَانْتَحَلَ مَذْهَبَ الْعِرَاقِيِّينَ، فَصَنَّفَ لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَكَانَ اشْتِغَالُهُ فِي الْفُرُوعِ عَلَى أَبِي الْحُسَيْنِ الْكَرْخِيِّ وَعِنْدَهُ دُفِنَ، وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ.
ثَابِتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ الصَّابِئُ
الْمُتَطَبِّبُ، الْحَاذِقُ فِي فَنِّهِ. تُوُفِّيَ وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৩৭
حَسْنَوَيْهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكُرْدِيُّ
أَمِيرُ تِلْكَ الْبِلَادِ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ كَمَا قَدَّمْنَا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ مَاسِيٍّ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ
أَسْنَدَ الْكَثِيرَ، وَبَلَغَ خَمْسًا وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتًا، تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى، أَبُو الْحَسَنِ الْهَاشِمِيُّ
قَاضِي بَغْدَادَ وَيُعْرَفُ بِابْنِ أُمِّ شَيْبَانَ، وَكَانَ عَالِمًا فَاضِلًا، لَهُ تَصَانِيفُ، وَقَدْ وَلِيَ الْحُكْمَ بِبَغْدَادَ قَدِيمًا، وَكَانَ جَيِّدَ السِّيرَةِ، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ وَقَارَبَ الثَّمَانِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِيَّانَا بِمَنِّهِ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৩৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا وَرَدَ الصَّاحِبُ بْنُ عَبَّادٍ مِنْ جِهَةِ مُؤَيِّدِ الدَّوْلَةِ إِلَى أَخِيهِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، فَتَلَقَّاهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ، وَأَكْرَمَهُ، وَأَمَرَ الدَّوْلَةَ بِاحْتِرَامِهِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ وَزَادَهُ فِي أَقْطَاعِهِ، وَرَدَّ مَعَهُ هَدَايَا كَثِيرَةً جِدًّا.
وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْهَا رَجَعَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَادَ فَتَلَقَّاهُ الْخَلِيفَةُ الطَّائِعُ، وَضُرِبَتْ لَهُ الْقِبَابُ، وَزُيِّنَتِ الْأَسْوَاقُ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ دَخَلَ الْخَلِيفَةُ بِزَوْجَتِهِ بِنْتِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ وَحُمِلَ مَعَهَا مِنَ الْجِهَازِ شَيْءٌ عَظِيمٌ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أَيْضًا وَصَلَتْ هَدَايَا مِنْ صَاحِبِ الْيَمَنِ إِلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ وَفِيهَا أَشْيَاءُ حَسَنَةٌ، وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ بِالْحَرَمَيْنِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لِصَاحِبِ مِصْرَ، وَهُوَ الْعَزِيزُ بْنُ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَبُو بَكْرٍ الْفَقِيهُ الْحَنَفِيُّ الرَّازِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ،
পৃষ্ঠা - ৯৫৩৯
وَلَهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ الْمُفِيدَةِ كِتَابُ " أَحْكَامِ الْقُرْآنِ "، وَهُوَ تِلْمِيذُ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ، وَكَانَ عَابِدًا زَاهِدًا وَرِعًا، انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْحَنَفِيَّةِ فِي وَقْتِهِ، وَرَحَلِ إِلَيْهِ الطَّلَبَةُ مِنَ الْآفَاقِ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَصَمِّ وَأَبِي الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ أَرَادَهُ الطَّائِعُ لِلَّهِ عَلَى أَنْ يُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ، فَلَمْ يَقْبَلْ.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذَا الْعَامِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْخُوَارِزْمِيُّ.
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا، أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ
وَيُلَقَّبُ بِغُنْدَرٍ أَيْضًا، كَانَ جَوَّالًا رَحَّالًا، سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ بِبِلَادِ فَارِسَ وَخُرَاسَانَ، وَسَمِعَ الْبَاغَنْدِيَّ وَابْنَ صَاعِدٍ وَابْنَ دُرَيْدٍ وَغَيْرَهُمْ، وَعَنْهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
ابْنُ خَالَوَيْهِ: الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَالَوَيْهِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ
صَاحِبُ الْمُصَنَّفَاتِ، أَصْلُهُ مِنْ هَمَذَانَ ثُمَّ دَخَلَ بَغْدَادَ فَأَدْرَكَ بِهَا مَشَايِخَ هَذَا الشَّأْنِ، كَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَابْنِ دُرَيْدٍ وَابْنِ مُجَاهِدٍ، وَأَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ، وَاشْتَغَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ السِّيرَافِيِّ، ثُمَّ صَارَ إِلَى حَلَبَ فَعَظُمَتْ مَكَانَتُهُ عِنْدَ آلِ حَمْدَانَ، وَكَانَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ يُكْرِمُهُ وَهُوَ أَحَدُ جُلَسَائِهِ، وَلَهُ مَعَ الْمُتَنَبِّي مُنَاظَرَاتٌ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৪০
وَقَدْ سَرَدَ لَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ مُصَنَّفَاتٍ كَثِيرَةً مِنْهَا " كِتَابُ لَيْسَ " ; لِأَنَّهُ كَانَ يَكْثُرُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَذَا وَكَذَا، وَ " كِتَابُ الْآلِ " تَكَلَّمَ فِيهِ عَلَى أَقْسَامِهِ وَتَرْجَمَ الْأَئِمَّةَ الِاثْنَىْ عَشَرَ، وَإِعْرَابَ ثَلَاثِينَ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، وَشَرَحَ الدُّرَيْدِيَّةَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، وَكَانَ فَرْدًا فِي زَمَانِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ৯৫৪১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ بِالْكَرْخِ مِنْ بَغْدَادَ.
وَفِيهَا سُرِقَ شَيْءٌ نَفِيسٌ لِعَضُدِ الدَّوْلَةِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ ; لِشِدَّةِ هَيْبَةِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ مَعَ هَذَا اجْتَهَدُوا كُلَّ الِاجْتِهَادِ، فَلَمْ يُعْرَفْ مَنْ أَخَذَهُ. وَيُقَالُ: إِنَّ صَاحِبَ مِصْرَ بَعَثَ مَنْ فَعَلَ هَذَا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْعَبَّاسِ، أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْجُرْجَانِيُّ
الْحَافِظُ الْكَبِيرُ الرَّحَّالُ الْجَوَّالُ سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَحَدَّثَ وَخَرَّجَ وَصَنَّفَ، فَأَفَادَ وَأَجَادَ، وَأَحْسَنَ الِانْتِقَادَ وَالِاعْتِقَادَ، صَنَّفَ كِتَابًا عَلَى " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " فِيهِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ وَعُلُومٌ غَزِيرَةٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كُنْتُ عَزَمْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَلَى الرِّحْلَةِ إِلَيْهِ، فَلَمْ أُرْزَقْ.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ السَّبْتَ عَاشِرَ رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَهُوَ
পৃষ্ঠা - ৯৫৪২
ابْنُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ.
الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ السَّبِيعِيُّ
سَمِعَ ابْنَ جَرِيرٍ وَقَاسِمًا الْمُطَرِّزَ وَغَيْرَهُمَا، وَعَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَرْقَانِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا مُكْثِرًا، وَكَانَ عَسِرَ الرِّوَايَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْهَيْثَمِ بْنِ طَهْمَانَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّاهِدُ، الْمَعْرُوفُ بِالْبَادِي
سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ ثِقَةً، عُمِّرَ سَبْعًا وَتِسْعِينَ سَنَةً، مِنْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مُقْعَدًا أَعْمَى، رَحِمَهُ اللَّهُ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو بَكْرٍ الضَّبِّيُّ الْقَاضِي
وَلِيَ الْحُكْمَ بِعِدَّةِ بِلَادٍ كَثِيرَةٍ، وَكَانَ عَفِيفًا نَزِهًا صَيِّنًا دَيِّنًا.
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ اللَّيْثِ، أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ
الْفَقِيهُ الْحَنْبَلِيُّ، لَهُ كَلَامٌ وَمُصَنَّفٌ فِي الْخِلَافِ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَرَوَى عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّهُ وَضَعَ حَدِيثًا، وَرَدَّ ذَلِكَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقَالَ: مَا زَالَ هَذَا دَأْبَ الْخَطِيبِ فِي أَصْحَابِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:
পৃষ্ঠা - ৯৫৪৩
وَشَيْخُ الْخَطِيبِ الَّذِي حُكِيَ عَنْهُ هَذَا هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَسَدٍ الْعُكْبَرِيُّ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى قَوْلِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ مُعْتَزِلِيًّا، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَكَانَ يَقُولُ بِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَخْلُدُونَ فِي النَّارِ.
قُلْتُ: وَهَذَا غَرِيبٌ، فَإِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ يَقُولُونَ بِوُجُوبِ تَخْلِيدِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ، فَكَيْفَ لَا يَقُولُ هَذَا بِتَخْلِيدِ الْكُفَّارِ! قَالَ: وَعَنْهُ حُكِيَ الْكَلَامُ فِي ابْنِ بَطَّةَ أَيْضًا.
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْحَسَنِ الْحُصَرِيُّ الصُّوفِيُّ الْوَاعِظُ
شَيْخُ الْمُتَصَوِّفَةِ بِبَغْدَادَ، أَصْلُهُ مِنَ الْبَصْرَةِ صَحِبَ الشِّبْلِيَّ وَغَيْرَهُ، وَكَانَ يَعِظُ النَّاسَ بِالْجَامِعِ، ثُمَّ لَمَّا كَبُرَتْ سِنُّهُ بُنِيَ لَهُ الرِّبَاطُ الْمُقَابِلُ لِجَامِعِ الْمَنْصُورِ، ثُمَّ عُرِفَ بِصَاحِبِهِ الزَّوْزَنِيِّ، وَكَانَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَلَهُ كَلَامٌ جَيِّدٌ فِي التَّصَوُّفِ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ.
وَمِمَّا نَقَلَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا عَلَيَّ مِنِّي؟ وَأَيُّ شَيْءٍ لِي فِيَّ حَتَّى أَخَافَ وَأَرْجُوَ، إِنْ رَحِمَ رَحِمَ مَا لَهُ، وَإِنَّ عَذَّبَ عَذَّبَ مَا لَهُ.
تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ حَرْبٍ مِنْ بَغْدَادَ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৪৪
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَحْدَبُ الْمُزَوِّرُ
كَانَ قَوِيَّ الْخَطِّ، لَهُ مَلَكَةٌ عَلَى التَّزْوِيرِ، لَا يَشَاءُ يَكْتُبُ عَلَى كِتَابَةِ أَحَدٍ إِلَّا فَعَلَ، فَلَا يَشُكُّ ذَلِكَ الْمُزَوَّرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّهُ، وَبَلَا النَّاسَ بِبَلَاءٍ عَظِيمٍ، وَخَتَمَ السُّلْطَانُ عَلَى يَدِهِ مِرَارًا فَلَمْ يَفِدْ، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ الشَّافِعِيُّ
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، وَإِمَامُ أَهْلِ عَصْرِهِ فِي الْفِقْهِ وَالزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْوَرَعِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَدَخَلَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا، فَسَمِعَ مِنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: عَادَلْتُ الشَّيْخَ أَبَا زَيْدٍ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ فَمَا أَعْلَمُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ كَتَبَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةً.
وَقَدْ ذَكَرْتُ تَرْجَمَتَهُ بِكَمَالِهَا فِي " طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ ". قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ بِمَرْوَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ.
مُحَمَّدُ بْنُ خَفِيفٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ
أَحَدُ مَشَاهِيرِ
পৃষ্ঠা - ৯৫৪৫
الصُّوفِيَّةِ، صَحِبَ الْجَرِيرِيَّ وَابْنَ عَطَاءِ وَغَيْرَهُمَا.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي كِتَابِي الْمُسَمَّى بِ " تَلْبِيسِ إِبْلِيسَ " عَنْهُ حِكَايَاتٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ مَذْهَبَ الْإِبَاحِيَّةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৫৪৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي الْمُحَرَّمِ جَرَى الْمَاءُ الَّذِي سَاقَهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ إِلَى دَارِهِ وَبُسْتَانِهِ.
وَفِي صَفَرٍ فُتِحَ الْمَارَسْتَانُ الَّذِي أَنْشَأَهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ وَقَدْ رَتَّبَ فِيهِ الْأَطِبَّاءَ وَالْخَدَمَ، وَنُقِلَ إِلَيْهِ مِنَ الْأَدْوِيَةِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْعَقَاقِيرِ شَيْءٌ كَثِيرٌ.
وَقَالَ: وَفِيهَا تُوُفِّيَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ، فَكَتَمَ أَصْحَابُهُ وَفَاتَهُ، حَتَّى أَحْضَرُوا وَلَدَهُ صَمْصَامَ الدَّوْلَةِ فَوَلَّوْهُ الْأَمْرَ، وَرَاسَلُوا الْخَلِيفَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالْخِلَعِ وَالْوِلَايَةِ.
ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ
أَبُو شُجَاعِ بْنُ رُكْنِ الدَّوْلَةِ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ، صَاحِبُ الْعِرَاقِ، وَمَلِكُ بَغْدَادَ وَغَيْرِهَا.
পৃষ্ঠা - ৯৫৪৭
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَسَمَّى " شَاهِنْشَاهْ "، وَمَعْنَاهُ مَلِكُ الْمُلُوكِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «أَوْضَعُ اسْمٍ - وَفِي رِوَايَةٍ: أَخْنَعُ اسْمٍ - عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» .
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضُرِبَتْ لَهُ الدَّبَادِبُ بِبَغْدَادَ، وَأَوَّلُ مَنْ خُطِبَ لَهُ بِهَا مَعَ الْخَلِيفَةِ.
وَذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّهُ امْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ بِمَدَائِحَ هَائِلَةٍ كَالْمُتَنَبِّي وَغَيْرِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَامِيِّ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ:
إِلَيْكَ طَوَى عَرْضَ الْبَسِيطَةِ جَاعِلٌ ... قُصَارَى الْمَطَايَا أَنْ يَلُوحَ لَهَا الْقَصْرُ
فَكُنْتُ وَعَزْمِي فِي الظَّلَامِ وَصَارِمِي ... ثَلَاثَةَ أَشْيَاءٍ كَمَا اجْتَمَعَ النَّسْرُ
وَبَشَّرْتُ آمَالِي بِمَلْكٍ هُوَ الْوَرَى ... وَدَارٍ هِيَ الدُّنْيَا وَيَوْمٍ هُوَ الدَّهْرُ
ثُمَّ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَهَذَا هُوَ السِّحْرُ الْحَلَالُ.
وَقَالَ الْمُتَنَبِّي أَيْضًا:
هِيَ الْغَرَضُ الْأَقْصَى وَرُؤْيَتُكَ الْمُنَى ... وَمَنْزِلُكَ الدُّنْيَا وَأَنْتَ الْخَلَائِقُ
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَلَيْسَ فِي الطِّلَاوَةِ كَقَوْلِ السَّلَامِيِّ، وَلَا اسْتَوْفَى الْمَعْنَى كُلَّهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الدَّهْرَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ الْأَرَّجَانِيُّ الْقَاضِي فِي قَصِيدَةٍ لَهُ بَيْتًا، فَلَمْ يَلْحَقِ السَّلَامِيَّ
পৃষ্ঠা - ৯৫৪৮
أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُهُ:
لَقِيتُهُ فَرَأَيْتُ النَّاسَ فِي رَجُلٍ ... وَالدَّهْرَ فِي سَاعَةٍ وَالْأَرْضَ فِي دَارِ
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَفْتِكِينُ مَوْلَى أَخِيهِ صَاحِبِ دِمَشْقَ يَسْتَمِدُّهُ بِجَيْشٍ يُقَاتِلُ بِهِ الْفَاطِمِيِّينَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَضُدُ الدَّوْلَةِ: غَرَّكَ عِزُّكَ، فَصَارَ قُصَارُ ذَلِكَ ذُلَّكَ، فَاخْشَ فَاحِشَ فِعْلِكَ، فِعَلَّكَ بِهَذَا تُهْدَا. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَلَقَدْ أَبْدَعَ فِيهَا كُلَّ الْإِبْدَاعِ.
وَقَدْ جَرَى لَهُ مِنَ التَّعْظِيمِ مِنَ الْخَلِيفَةِ مَا لَمْ يَقَعْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ كَانَ ذَا هِمَّةٍ وَصَرَامَةٍ وَعَزْمٍ، اجْتَهَدَ فِي عِمَارَةِ بَغْدَادَ وَالطُّرُقَاتِ، وَأَجْرَى النَّفَقَاتِ وَالصَّدَقَاتِ عَلَى الْمُجَاوِرِينَ بِالْحَرَمَيْنِ وَأَهْلِ الْبُيُوتَاتِ، وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ، وَبَنَى الْمَارَسْتَانَ الْعَضُدِيَّ، وَأَدَارَ السُّورَ عَلَى مَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي مُدَّةِ مُلْكِهِ عَلَى الْعِرَاقِ، وَكَانَتْ خَمْسَ سِنِينَ.
وَقَدْ كَانَ عَاقِلًا فَاضِلًا، حَسَنَ السِّيَاسَةِ، شَدِيدَ الْهَيْبَةِ، بَعِيدَ الْهِمَّةِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَتَجَاوَزُ فِي سِيَاسَتِهِ الْأُمُورَ الشَّرْعِيَّةَ، كَانَ يُحِبُّ جَارِيَةً، فَأَلْهَتْهُ عَنْ تَدْبِيرِ الْمَمْلَكَةِ، فَأَمَرَ بِتَغْرِيقِهَا، وَبَلَغَهُ أَنَّ غُلَامًا لَهُ أَخَذَ لِرَجُلٍ بِطِّيخَةً، فَضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ فَقَطَعَهُ نِصْفَيْنِ، وَهَذِهِ مُبَالَغَةٌ.
وَكَانَ سَبَبَ مَوْتِهِ دَاءُ الصَّرْعِ، وَحِينَ أَخَذَتْهُ عِلَّةُ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلَامٌ سِوَى تِلَاوَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: 28]
[الْحَاقَّةِ: 28، 29] .
পৃষ্ঠা - ৯৫৪৯
وَحَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْعِلْمَ وَالْفَضِيلَةَ، وَكَانَ يُقْرَأُ عِنْدَهُ " كِتَابُ إِقْلِيدِسَ " وَكِتَابُ النَّحْوِ لِأَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ، وَهُوَ " الْإِيضَاحُ وَالتَّكْمِلَةُ " الَّذِي صَنَّفَهُ لَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ لَهُ شِعْرًا، فَمِنْهُ قَوْلُهُ، وَقَدْ خَرَجَ مَرَّةً إِلَى بُسْتَانٍ لَهُ فَقَالَ: أَوَدُّ لَوْ جَاءَ الْمَطَرُ، فَنَزَلَ الْمَطَرُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
لَيْسَ شُرْبُ الْكَأْسِ إِلَّا فِي الْمَطَرْ ... وَغِنَاءٌ مِنْ جِوَارٍ فِي السَّحَرْ
غَانِيَاتٍ سَالِبَاتٍ لِلنُّهَى ... نَاغِمَاتٍ فِي تَضَاعِيفِ الْوَتَرْ
رَاقِصَاتٍ زَاهِرَاتٍ نُجَّلٍ ... رَافِلَاتٍ فِي أَفَانِينِ الْحِبَرْ
مُطْرِبَاتٍ مُحْسِنَاتٍ مُجَّنٍ ... رَافِضَاتِ الْهَمِّ إِبَّانَ الْفِكَرْ
مُبْرِزَاتِ الْكَأْسِ مِنْ مَخْزَنِهَا ... مُسَقَّيَاتِ الْخَمْرِ مَنْ فَاقَ الْبَشَرْ
عَضُدُ الدَّوْلَةِ وَابْنُ رُكْنِهَا ... مَالِكُ الْأَمْلَاكِ غَلَّابُ الْقَدَرْ
سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بُغْيَتَهُ ... فِي مُلُوكِ الْأَرْضِ مَا دَارَ الْقَمَرْ
وَأَرَاهُ الْخَيْرَ فِي أَوْلَادِهِ ... لِيُسَاسَ الْمُلْكُ فِيهِمْ بِالْغُرَرْ
قَالَ: فَيُقَالُ: إِنَّهُ مُنْذُ قَالَ: غَلَّابُ الْقَدَرْ، لَمْ يُفْلِحْ بَعْدَهَا. وَذَكَرَ غَيْرُهُ:
পৃষ্ঠা - ৯৫৫০
أَنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ آخِرُ مَا أُنْشِدَتْ فِيهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ عَقِبَ ذَلِكَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَحُمِلَ إِلَى مَشْهَدِ عَلِيٍّ، فَدُفِنَ فِيهِ.
وَقَدْ كُتِبَ عَلَى قَبْرِهِ فِي التُّرْبَةِ الَّتِي بُنِيَتْ لَهُ عِنْدَ مَشْهَدِ عَلِيٍّ: هَذَا قَبْرُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ وَتَاجِ الْمَمْلَكَةِ أَبِي شُجَاعِ بْنِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ، أَحَبَّ مُجَاوَرَةَ هَذَا الْإِمَامِ الْمُتَّقِي لِطَمَعِهِ فِي الْخَلَاصِ {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} [النحل: 111] وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَصَلَوَاتُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ الطَّاهِرَةِ.
وَقَدْ تَمَثَّلَ عِنْدَ مَوْتِهِ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ، وَهِيَ لِلْقَاسِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ:
قَتَلْتُ صَنَادِيدَ الرِّجَالِ فَلَمْ أَدَعْ ... عَدُوًّا وَلَمْ أُمْهِلْ عَلَى ظَنِّهِ خَلْقَا
وَأَخْلَيْتُ دُورَ الْمُلْكِ مِنْ كُلِّ نَازِلٍ ... فَشَرَّدْتُهُمْ غَرْبًا وَشَرَّدْتُهُمْ شَرْقَا
فَلَمَّا بَلَغْتُ النَّجْمَ عِزًّا وَرِفْعَةً ... وَصَارَتْ رِقَابُ الْخَلْقِ أَجْمَعُ لِي رِقَّا
رَمَانِي الرَّدَى سَهْمًا فَأَخْمَدَ جَمْرَتِي ... فَهَا أَنَا ذَا فِي حُفْرَتِي عَاطِلًا مُلْقَى
فَأَذْهَبْتُ دُنْيَايَ وَدِينِي سَفَاهَةً ... فَمَنْ ذَا الَّذِي مِنِّي بِمَصْرَعِهِ أَشْقَى
ثُمَّ جَعَلَ يُكَرِّرُ هَذِهِ الْآيَةَ {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: 28] إِلَى أَنْ مَاتَ كَمَا ذَكَرْنَا.
وَأُجْلِسَ ابْنُهُ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ عَلَى الْأَرْضِ، وَعَلَيْهِ ثِيَابُ السَّوَادِ، وَجَاءَهُ الْخَلِيفَةُ الطَّائِعُ مُعَزِّيًا، وَنَاحَ النِّسَاءُ عَلَيْهِ فِي الْأَسْوَاقِ أَيَّامًا كَثِيرَةً، وَلَمَّا انْقَضَى الْعَزَاءُ
পৃষ্ঠা - ৯৫৫১
رَكِبَ صَمْصَامَةُ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ سَبْعَ خِلَعٍ، وَطُوِّقَ وَسُوِّرَ، وَأَلْبَسَهُ التَّاجَ، وَلَقَّبَهُ شَمْسَ الدَّوْلَةِ، وَوَلَّاهُ مَا كَانَ يَتَوَلَّاهُ أَبُوهُ مِنْ قَبْلِهِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ وَهْبٍ، أَبُو بَكْرٍ الْحَرِيرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِزَوْجِ الْحُرَّةِ
سَمِعَ ابْنَ جَرِيرٍ وَالْبَغَوِيَّ وَابْنَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرَهُمْ، وَعَنْهُ ابْنُ رَزْقَوَيْهِ وَابْنُ شَاذَانَ وَالْبَرْقَانِيُّ، وَقَالَ: كَانَ جَلِيلًا، أَحَدَ الْعُدُولِ الثِّقَاتِ.
قَالَ الْخَطِيبُ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: سَبَبُ تَسْمِيَتِهِ بِزَوْجِ الْحُرَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ إِلَى مَطْبَخِ ابْنَةِ بَدْرٍ مَوْلَى الْمُعْتَضِدِ، الَّتِي كَانَتْ زَوْجَةَ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الْمُقْتَدِرُ، وَبَقِيَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ سَالِمَةً مِنَ الْكُتَّابِ وَالْمُصَادَرَاتِ، كَثِيرَةَ الْأَمْوَالِ، وَكَانَ هَذَا وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ حَدَثُ السِّنِّ يَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ حَوَائِحِ الطَّعَامِ عَلَى رَأْسِهِ، فَيَدْخُلُ بِهِ إِلَى مَطْبَخِهَا مَعَ جُمْلَةِ الْخَدَمِ، وَكَانَ شَابًّا رَشِيقًا حَرِكَا، فَنَفَقَ عَلَى الْقَهْرَمَانَةِ فَقَدَّمَتْهُ حَتَّى جَعَلَتْهُ كَاتِبًا عَلَى الْمَطْبَخِ، ثُمَّ تَرَقَّتْ بِهِ الْحَالُ إِلَى أَنْ صَارَ وَكِيْلًا يَنْظُرُ فِي الضَّيَاعِ وَالْعَقَارِ، ثُمَّ آلَ بِهِ الْحَالُ حَتَّى صَارَتِ السِّتُّ تُحَدِّثُهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، فَعَلِقَتْ بِهِ وَأَحَبَّتْهُ، وَسَأَلَتْهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا، فَاسْتَصْغَرَ نَفْسَهُ، وَخَافَ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ، فَشَجَّعَتْهُ هِيَ وَأَعْطَتْهُ مَالًا جَزِيلًا لِيُظْهِرَ عَلَيْهِ مِنَ الْحِشْمَةِ وَالسَّعَادَةِ مَا يُنَاسِبُهَا ; لِيَتَأَهَّلَ لِذَلِكَ، ثُمَّ شَرَعَتْ تُهَادِي الْقُضَاةَ وَالْأَكَابِرَ، ثُمَّ عَزَمَتْ عَلَى
পৃষ্ঠা - ৯৫৫২
تَزْوِيجِهِ، وَرَضِيَتْ بِهِ عِنْدَ حُضُورِ الْقُضَاةِ، وَاعْتَرَضَ أَوْلِيَاؤُهَا عَلَيْهَا، فَغَلَبَتْهُمْ بِالْمُكَارَمَاتِ وَالْهَدَايَا، وَدَخَلَ عَلَيْهَا فَمَكَثَتْ مَعَهُ دَهْرًا طَوِيلًا، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ قَبْلَهُ، فَوَرِثَ مِنْهَا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَطَالَ عُمُرُهُ بَعْدَهَا حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّانَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.