আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৩৮৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] دُخُولُ الرُّومِ إِلَى حَلَبَ فِيهَا دَخَلَ الدُّمُسْتُقُ مَلِكُ الرُّومِ - لَعَنَهُ اللَّهُ - إِلَى حَلَبَ فِي مِائَتَيْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهَا بَغْتَةً، فَنَهَضَ إِلَيْهِ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ بِمَنْ حَضَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَاتَلَهُ فَلَمْ يَقْوَ بِهِ لِكَثْرَةِ جُنُودِهِ، وَقَتَلَ مِنْ أَصْحَابِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ خَلْقًا كَثِيرًا، وَكَانَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ قَلِيلَ الصَّبْرِ، فَفَرَّ مُنْهَزِمًا فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا اسْتَفْتَحَ بِهِ أَنِ اسْتَحْوَذَ عَلَى دَارِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ ظَاهِرَ الْبَلَدِ، فَأَخَذَ مِنْهَا أَمْوَالًا عَظِيمَةً وَحَوَاصِلَ، وَعُدَدًا لِلْحَرْبِ لَا تُحْصَى كَثْرَةً، ثُمَّ تَدَنَّى فَحَاصَرَ السُّورَ، فَقَاتَلَ أَهْلَ الْبَلَدِ دُونَهُ قِتَالًا عَظِيمًا، وَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنَ الرُّومِ، وَثَلَمَتِ الرُّومُ فِي السُّورِ ثُلْمَةً عَظِيمَةً، فَوَقَفَ فِيهَا الرُّومُ، فَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ، فَأَزَاحُوهُمْ عَنْهَا، فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ جَدَّ الْمُسْلِمُونَ فِي عِمَارَتِهَا، فَمَا أَصْبَحَ الصَّبَاحُ إِلَّا وَهِيَ كَمَا كَانَتْ، وَحَفِظُوا السُّورَ حِفْظًا عَظِيمًا، ثُمَّ بَلَغَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ رَجَّالَةَ الشُّرَطِ قَدْ عَاثُوا فِي الْبَلَدِ يَنْهَبُونَ الدُّورَ، فَرَجَعَ النَّاسُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ يَمْنَعُونَهَا مِنْهُمْ، وَغَلَبَتِ الرُّومُ عَلَى السُّورِ، فَعَلَوْهُ وَدَخَلُوا الْبَلَدَ يَقْتُلُونَ مَنْ لَقُوهُ، فَقَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلْقًا كَثِيرًا، وَانْتَهَبُوا الْأَمْوَالَ وَالْأَوْلَادَ وَالنِّسَاءَ، وَخَلَّصُوا مَنْ كَانَ
পৃষ্ঠা - ৯৩৯০
بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ أُسَارَى الرُّومِ، وَكَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، فَأَخَذُوا السُّيُوفَ فَقَاتَلُوا مَعَ قَوْمِهِمْ، وَكَانُوا أَضْرَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَسَرُوا نَحْوًا مِنْ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا مَا بَيْنَ صَبِيٍّ وَصَبِيَّةٍ، وَمِنَ النِّسَاءِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَمِنَ الرِّجَالِ أَلْفَيْنِ، وَخَرَّبُوا الْمَسَاجِدَ وَأَحْرَقُوهَا، وَصَبُّوا فِي جِبَابِ الزَّيْتِ الْمَاءَ حَتَّى فَاضَ الزَّيْتُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهَلَكَ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى حَمْلِهِ أَحْرَقُوهُ، وَأَقَامُوا فِي الْبَلَدِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ يَفْعَلُونَ هَذِهِ الْمَفَاسِدَ الْعَظِيمَةَ، ثُمَّ عَزَمَ الدُّمُسْتُقُ عَلَى الِانْصِرَافِ خَوْفًا مِنْ رُجُوعِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أُخْتِهِ: أَتَذْهَبُ وَتَتْرُكُ الْقَلْعَةَ وَرَاءَكَ؟ فَقَالَ لَهُ: إِنَّا قَدْ بَلَغْنَا فَوْقَ مَا كُنَّا نُؤَمِّلُهُ، وَإِنَّ بِهَا مُقَاتِلَةً وَرِجَالًا غُزَاةً، فَقَالَ: لَا بُدَّ لَنَا مِنْهَا. فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَيْهَا. فَصَمَدَ إِلَيْهَا لِيُحَاصِرَهَا فَرَمَوْهُ بِحَجَرٍ، فَقَتَلَهُ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ مِنْ بَيْنِ الْجَيْشِ كُلِّهِ، فَغَضِبَ الدُّمُسْتُقُ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِإِحْضَارِ مَنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ أَلْفَيْنِ، فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ كَرَّ رَاجِعًا، قَبَّحَهُ اللَّهُ وَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَقَدْ دَخَلُوا عَيْنَ زَرْبَةَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَاسْتَأْمَنَهُمْ أَهْلُهَا فَأَمَّنَهُمُ الْمَلِكُ، وَأَمَرَ بِأَنْ يَدْخُلُوا كُلُّهُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَمَنْ بَقِيَ فِي مَنْزِلِهِ قُتِلَ، فَصَارَ أَهْلُهَا كُلُّهُمْ فِي الْمَسْجِدِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ مِنْهُمْ قُتِلَ، ثُمَّ قَالَ: لَا يَبْقَيْنَ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْيَوْمَ إِلَّا ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ، وَمَنْ تَأَخَّرَ قُتِلَ، فَازْدَحَمُوا فِي خُرُوجِهِمْ مِنَ
পৃষ্ঠা - ৯৩৯১
الْمَسْجِدِ، فَمَاتَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَخَرَجُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ لَا يَدْرُونَ أَيْنَ يَذْهَبُونَ، فَمَاتَ فِي الطُّرُقَاتِ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ هَدَمَ الْجَامِعَ، وَكَسَرَ الْمِنْبَرَ، وَقَطَعَ مِنْ حَوْلِ الْبَلَدِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ نَخْلَةٍ، وَهَدَمَ سُورَ الْبَلَدِ وَالْمَنَازِلَ الْمُشَارَ إِلَيْهَا مِنْهَا، وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً، وَفَتَحَ حَوْلَهَا أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ حِصْنًا، بَعْضُهَا بِالسَّيْفِ وَبَعْضُهَا بِالْأَمَانِ، وَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَسَرَتِ الرُّومُ أَبَا فِرَاسِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ نَائِبَ مَنْبِجَ مِنْ جِهَةِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ شَاعِرًا مُطْبِقًا، لَهُ دِيوَانٌ حَسَنٌ. وَكَانَ مُدَّةُ مُقَامِهِ بِعَيْنِ زَرْبَةَ أَحَدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ سَارَ إِلَى قَيْسَارِيَّةَ فَلَقِيَهُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ مِنْ أَهْلِ طَرَسُوسَ مَعَ نَائِبِهَا ابْنِ الزَّيَّاتِ فَقَتَلَ أَكْثَرَهُمْ، وَأَدْرَكَهُ صَوْمُ النَّصَارَى فَاشْتَغَلَ بِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُ، ثُمَّ هَجَمَ عَلَى حَلَبَ بَغْتَةً، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَتَبَتِ الْعَامَّةُ مِنَ الرَّوَافِضِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ بِبَغْدَادَ: لَعَنَ اللَّهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَلَعَنَ مَنْ غَصَبَ فَاطِمَةَ فَدَكَ - يَعْنُونَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ أَخْرَجَ الْعَبَّاسَ مِنَ الشُّورَى - يَعْنُونَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ نَفَى أَبَا ذَرٍّ - يَعْنُونَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ مَنَعَ دَفْنَ الْحَسَنِ عِنْدَ جَدِّهِ - يَعْنُونَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ -، وَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ، ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ مَحَوْا ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِأَنْ يُكْتَبَ: لَعَنَ اللَّهُ الظَّالِمِينَ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، وَالتَّصْرِيحِ بِاسْمِ مُعَاوِيَةَ فِي اللَّعْنِ، فَكُتِبَ ذَلِكَ. قَبَّحَ اللَّهُ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ وَشِيعَتَهُ مِنَ الرَّوَافِضِ، وَكَذَلِكَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ بِحَلَبَ فِيهِ تَشَيُّعٌ وَمَيْلٌ إِلَى الرَّوَافِضِ، وَلَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَنْصُرُ أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ، وَيُدِيلُ عَلَيْهِمْ أَعْدَاءَهُمْ ; لِمُتَابَعَتِهِمْ أَهْوَاءَهُمْ، وَتَقْلِيدِهِمْ سَادَتَهُمْ وَكُبَرَاءَهُمْ وَآبَاءَهُمْ، وَتَرْكِ
পৃষ্ঠা - ৯৩৯২
مُتَابَعَتِهِمْ أَنْبِيَاءَهُمْ وَعُلَمَاءَهُمْ، وَلِهَذَا لَمَّا مَلَكَتِ الْفَاطِمِيَّةُ بِلَادَ الشَّامِ ; اسْتَحْوَذَ عَلَى سَوَاحِلِهَا كُلِّهَا حَتَّى بَيْتِ الْمَقْدِسِ الْفِرِنْجُ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ سِوَى حَلَبَ وَحِمْصَ وَحَمَاةَ وَدِمَشْقَ وَبَعْضِ أَعْمَالِهَا، وَجَمِيعُ السَّوَاحِلِ مَعَ الْفِرِنْجِ وَالنَّوَاقِيسُ النَّصْرَانِيَّةُ وَالْقُسُوسُ الْإِنْجِيلِيَّةُ تَنْعَرُ فِي الشَّوَاهِقِ مِنَ الْحُصُونِ وَالْقِلَاعِ، وَتَكْنُو فِي أَمَاكِنِ الْمَسَاجِدِ وَشَرِيفِ الْبِقَاعِ. وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِسَبَبِ الْمَذَاهِبِ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ. وَفِيهَا أَعَادَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بِنَاءَ عَيْنِ زَرْبَةَ وَبَعَثَ مَوْلَاهُ نَجَا، فَدَخَلَ بِلَادَ الرُّومِ، فَقَتَلَ مِنْهَا خَلْقًا كَثِيرًا وَسَبَى جَمًّا غَفِيرًا، وَغَنِمَ وَسَلِمَ، وَبَعَثَ حَاجِبَهُ مَعَ جَيْشِ طَرَسُوسَ فَدَخَلُوا بِلَادَ الرُّومِ فَغَنِمُوا وَسَبَوْا وَرَجَعُوا سَالِمِينَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِيهَا فَتَحَ الْمُعِزُّ الْفَاطِمِيُّ حِصْنَ طَبَرْمِينَ مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ - وَكَانَ مِنْ أَحْصَنِ بِلَادِ الْفِرِنْجِ - افْتَتَحَهُ قَسْرًا بَعْدَ مُحَاصَرَةٍ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفَ شَهْرٍ. وَقَصَدَتِ الْفِرِنْجُ جَزِيرَةَ أَقْرِيطِشَ فَاسْتَنْجَدَ أَهْلُهَا بِالْمُعِزِّ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا، فَانْتَصَرُوا عَلَى الْفِرِنْجِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
পৃষ্ঠা - ৯৩৯৩
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيُّ الْوَزِيرُ لِمُعِزِّ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، مَكَثَ وَزِيرًا فِي وِزَارَتِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ فِيهِ حِلْمٌ وَكَرَمٌ وَأَنَاةٌ. حَكَى أَبُو إِسْحَاقَ الصَّابِئُ قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَهُ وَقَدْ جِيءَ بِدَوَاةٍ قَدْ صُنِعَتْ لَهُ وَمِرْفَعٍ قَدْ حُلِّيَا بِحِلْيَةٍ كَثِيرَةٍ، فَقَالَ لِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيرَازِيُّ - سِرًّا بَيْنِي وَبَيْنَهُ -: مَا كَانَ أَحْوَجَنِي إِلَيْهَا لِأَبِيعَهَا وَأَنْتَفِعَ بِهَا، فَقُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يَفْعَلُ الْوَزِيرُ؟ فَقَالَ: يَدْخُلُ فِي حِرِ أُمِّهِ، فَسَمِعَهَا الْوَزِيرُ وَهُوَ مُصْغٍ إِلَيْنَا وَلَا نَشْعُرُ، فَلَمَّا أَمْسَى بَعَثَ بِالدَّوَاةِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الشِّيرَازِيِّ وَمِرْفَعِهَا وَعَشْرَةِ ثِيَابٍ وَخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَاصْطَنَعَ لَهُ غَيْرَهَا، فَاجْتَمَعْنَا يَوْمًا آخَرَ عِنْدَهُ، وَهُوَ يُوَقِّعُ مِنْ تِلْكَ الدَّوَاةِ الْجَدِيدَةِ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: هِيهِ، مَنْ مِنْكُمَا يُرِيدُهَا مَعَ الْإِعْفَاءِ مِنَ الدُّخُولِ؟ قَالَ: فَاسْتَحْيَيْنَا، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ كَانَ سَمِعَ كَلَامَنَا يَوْمَئِذٍ، وَقُلْنَا: بَلْ يُمَتِّعُ اللَّهُ الْوَزِيرَ بِهَا، وَيُبْقِيهِ لِيَهَبَ أَلْفًا مِثْلَهَا.
পৃষ্ঠা - ৯৩৯৪
تُوُفِّيَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ السِّجِسْتَانِيُّ الْمُعَدِّلُ، سَمِعَ بِخُرَاسَانَ وَحُلْوَانَ وَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَمَكَّةَ، وَكَانَ مِنْ ذَوِي الْيَسَارِ وَالْمَشْهُورِينَ بِالْبِرِّ وَالْإِفْضَالِ، وَلَهُ صَدَقَاتٌ جَارِيَةٌ، وَأَوْقَافٌ دَارَّةٌ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ بِبَغْدَادَ وَمَكَّةَ وَسِجِسْتَانَ. وَكَانَتْ لَهُ دَارٌ عَظِيمَةٌ بِبَغْدَادَ، فَكَانَ يَقُولُ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِثْلُهَا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِثْلُ بَغْدَادَ وَلَا فِي بَغْدَادَ مِثْلُ الْقَطِيعَةِ، وَلَا فِي الْقَطِيعَةِ مِثْلُ دَرْبِ أَبِي خَلَفٍ، وَلَيْسَ فِي دَرْبِ أَبِي خَلَفٍ مَثَلُ دَارِي. وَصَنَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَهُ مُسْنَدًا، وَكَانَ إِذَا شَكَّ فِي حَدِيثٍ تَرَكَهُ، فَكَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ يَقُولُ: لَمْ أَرَ فِي مَشَايِخِنَا أَثْبَتَ مِنْهُ. وَقَدْ أَنْفَقَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَذَوِي الْحَاجَاتِ أَمْوَالًا جَزِيلَةً كَثِيرَةً جِدًّا، اقْتَرَضَ مِنْهُ بَعْضُ التُّجَّارِ عَشْرَةَ آلَافِ دِينَارٍ فَضَمِنَ بِهَا ضِيَاعًا، فَرَبَحَ فِي مُدَّةِ ثَلَاثِ سِنِينَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَعَزَلَ مِنْهَا عَشْرَةَ آلَافِ دِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِهَا، فَأَضَافَهُ دَعْلَجُ ضِيَافَةً حَسَنَةً، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ شَأْنِهَا قَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ لَهُ: هَذِهِ الدَّنَانِيرُ الَّتِي تَفَضَّلْتَ بِهَا قَدْ حَضَرَتْ. فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَرُدَّهَا،
পৃষ্ঠা - ৯৩৯৫
فَحَلِّ بِهَا الْأَهْلَ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ رَبِحْتُ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَهَذِهِ مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ دَعْلَجُ: اذْهَبْ بِهَا، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ. فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ يَتَّسِعُ مَالُكَ لِهَذَا؟ وَمِنْ أَيْنَ أَفَدْتَ هَذَا الْمَالَ؟ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ فِي حَدَاثَةِ سِنِّي أَطْلُبُ الْحَدِيثَ، فَجَاءَنِي رِجُلٌ تَاجِرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرِ، فَدَفَعَ إِلَيَّ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: اتَّجِرْ فِي هَذِهِ، فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَبَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَمَا كَانَ مِنْ خَسَارَةٍ فَعَلَيَّ دُونَكَ، وَعَلَيْكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ إِنْ وَجَدْتَ حَاجَةً أَوْ خَلَّةً فَسُدَّهَا مِنْ مَالِي هَذَا. ثُمَّ جَاءَنِي فَقَالَ: إِنِّي سَأَرْكَبُ فِي الْبَحْرِ، فَإِنْ هَلَكْتُ، فَالْمَالُ فِي يَدِكَ عَلَى مَا شَرَطْتُ عَلَيْكَ. فَهُوَ فِي يَدِي عَلَى مَا قَالَ. ثُمَّ قَالَ لِي: لَا تُخْبِرْ بِهَذَا أَحَدًا مُدَّةَ حَيَاتِي. فَلَمْ أُخْبِرْ بِهِ أَحَدًا حَتَّى مَاتَ. وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعِ بْنِ مَرْزُوقٍ أَبُو الْحُسَيْنِ الْأُمَوِيُّ مَوْلَاهُمْ، سَمِعَ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَعَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ وَالْحِفْظِ، وَلَكِنَّهُ تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ يُخْطِئُ وَيُصِرُّ عَلَى الْخَطَأِ. تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ مِنْهَا. أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ الْمُفَسِّرُ، مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ هَارُونَ
পৃষ্ঠা - ৯৩৯৬
بْنِ جَعْفَرٍ، أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ الْمُفَسِّرُ الْمُقْرِئُ، مَوْلَى أَبِي دُجَانَةَ سِمَاكِ بْنِ خَرَشَةَ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْمَوْصِلِ وَكَانَ عَالِمًا بِالتَّفْسِيرِ وَالْقِرَاءَاتِ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ فِي بُلْدَانٍ شَتَّى عَنْ خَلْقٍ مِنَ الْمَشَايِخِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ وَالْخُلْدِيُّ وَابْنُ شَاهِينَ وَابْنُ رِزْقَوَيْهِ وَخَلْقٌ، وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، وَتَفَرَّدَ بِأَشْيَاءَ مُنْكَرَةٍ، وَقَدْ وَقَفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَخْطَائِهِ، فَرَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِتَكْذِيبِهِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَهُ كِتَابُ التَّفْسِيرِ الَّذِي سَمَّاهُ " شِفَاءَ الصُّدُورِ " فَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ إِشْفَاءُ الصُّدُورِ. وَقَدْ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا فِي نَفْسِهِ، عَابِدًا نَاسِكًا، حَكَى مَنْ حَضَرَهُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ يَدْعُو بِدُعَاءٍ، ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ يَقُولُ: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات: 61] يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ خَرَجَتْ رُوحُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ الثَّانِي مِنْ شَوَّالٍ مِنْهَا، وَدُفِنَ فِي دَارِهِ بِدَارِ الْقُطْنِ. مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو بَكْرٍ الْحَرْبِيُّ الزَّاهِدُ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الضَّرِيرِ، كَانَ ثِقَةً عَابِدًا. وَمِنْ قَوْلِهِ: دَافَعْتُ الشَّهَوَاتِ حَتَّى صَارَتْ شَهْوَتِي الْمُدَافَعَةُ.
পৃষ্ঠা - ৯৩৯৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ أَمَرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ - قَبَّحَهُ اللَّهُ - أَنْ تُغْلَقَ الْأَسْوَاقُ وَأَنْ يَلْبَسَ النَّاسُ الْمُسُوحَ مِنَ الشَّعْرِ، وَأَنْ تَخْرُجَ النِّسَاءُ حَاسِرَاتٍ عَنْ وُجُوهِهِنَّ، نَاشِرَاتٍ شُعُورَهُنَّ فِي الْأَسْوَاقِ، يَلْطُمْنَ وُجُوهَهُنَّ، يَنُحْنَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَفُعِلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُمْكِنْ أَهْلَ السُّنَّةِ مَنْعُ ذَلِكَ ; لِكَثْرَةِ الشِّيعَةِ، وَكَوْنِ السُّلْطَانِ مَعَهُمْ. وَفِي ثَامِنَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا أَمَرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بِإِظْهَارِ الزِّينَةِ بِبَغْدَادَ وَأَنْ تُفْتَحَ الْأَسْوَاقُ بِاللَّيْلِ كَمَا فِي الْأَعْيَادِ، وَأَنْ تُضْرَبَ الدَّبَادِبُ وَالْبُوقَاتُ، وَأَنْ تُشْعَلَ النِّيرَانُ بِأَبْوَابِ الْأُمَرَاءِ وَعِنْدَ الشُّرَطِ ; فَرَحًا بَعِيدِ الْغَدِيرِ - غَدِيرِ خُمٍّ - فَكَانَ وَقْتًا عَجِيبًا وَيَوْمًا مَشْهُودًا، وَبِدْعَةً ظَاهِرَةً مُنْكَرَةً. وَفِيهَا أَغَارَتِ الْأَرْمَنُ عَلَى الرُّهَا فَقَتَلُوا وَأَسَرُوا، وَرَجَعُوا مُوقَرِينَ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - وَثَارَتِ الرُّومُ بِمَلِكِهِمْ فَقَتَلُوهُ، وَوَلَّوْا غَيْرَهُ، وَمَاتَ الدُّمُسْتُقُ مَلِكُ الْأَرْمَنِ، وَاسْمُهُ النِّقْفُورُ، وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ حَلَبَ وَلِتُكْتَبَ تَرْجَمَتُهُ فِي آخِرِ الْجُزْءِ.
পৃষ্ঠা - ৯৩৯৮
وَفِيهَا عُزِلَ ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ عَنِ الْقَضَاءِ، وَنُقِضَتْ سِجِلَّاتُهُ، وَأُبْطِلَتْ أَحْكَامُهُ مُدَّةَ أَيَّامِهِ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ أَبُو بِشْرٍ عُمَرُ بْنُ أَكْثَمَ بِلَا رِزْقٍ، وَرُفِعَ عَنْهُ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ اسْتَسْقَى النَّاسُ لِتَأَخُّرِ الْمَطَرِ وَذَلِكَ فِي كَانُونَ الثَّانِي. وَحَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ " عَنْ ثَابِتِ بْنِ سِنَانٍ الْمُؤَرِّخِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِمْ أَنَّ بَعْضَ بَطَارِقَةِ الْأَرْمَنِ أَنْفَذَ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ إِلَى نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْأَرْمَنِ مُلْتَصِقَيْنِ، سِنُّهُمَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، مُلْتَحِمَيْنِ وَمَعَهُمَا أَبُوهُمَا، وَلَهُمَا سُرَّتَانِ وَبِطَنَّانِ وَمَعِدَتَانِ، وَجُوعُهُمَا يَخْتَلِفُ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَمِيلُ إِلَى النِّسَاءِ، وَالْآخَرُ يَمِيلُ إِلَى الْغِلْمَانِ، وَكَانَ يَقَعُ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ وَتَشَاجُرٌ، وَرُبَّمَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا لَا يُكَلِّمُ الْآخَرَ، فَيَمْكُثُ كَذَلِكَ أَيَّامًا، ثُمَّ يَصْطَلِحَانِ، فَوَهَبَهُمَا نَاصِرُ الدَّوْلَةِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمَا، وَدَعَاهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمَا أَسْلَمَا. وَأَرَادَ أَنْ يَبْعَثَهُمَا إِلَى بَغْدَادَ لِيَرَاهُمَا النَّاسُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّهُمَا رَجَعَا إِلَى بَلَدِهِمَا
পৃষ্ঠা - ৯৩৯৯
مَعَ أَبِيهِمَا، فَاعْتَلَّ أَحَدُهُمَا، وَمَاتَ وَأَنْتَنَ رِيحُهُ، وَبَقِيَ الْآخَرُ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ، وَقَدْ كَانَ اتِّصَالُ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْخَاصِرَتَيْنِ، وَقَدْ كَانَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ أَرَادَ فَصْلَ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ، وَجَمَعَ الْأَطِبَّاءَ لِذَلِكَ فَلَمْ يُمْكِنْ، فَلَمَّا مَاتَ أَحَدُهُمَا حَارَ أَبُوهُمَا فِي فَصْلِهِ عَنْ أَخِيهِ، فَاتَّفَقَ اعْتِلَالُ الْآخَرِ مِنْ غَمِّهِ وَنَتْنِ رَائِحَةِ أَخِيهِ، فَمَاتَ غَمًّا، فَدُفِنَا جَمِيعًا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عُمَرُ بْنُ أَكْثَمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَيَّانَ بْنِ بِشْرٍ، أَبُو بِشْرٍ الْأَسَدِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ فِي زَمَنِ الْمُطِيعِ نِيَابَةً عَنْ أَبِي السَّائِبِ عُتْبَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ سِوَى أَبِي السَّائِبِ، وَكَانَ مَحْمُودَ السِّيرَةِ فِي الْقَضَاءِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৪০০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا عَمِلَتِ الرَّافِضَةُ عَزَاءَ الْحُسَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، فَاقْتَتَلَ الرَّوَافِضُ وَأَهْلُ السُّنَّةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ قِتَالًا شَدِيدًا، وَانْتُهِبَتِ الْأَمْوَالُ. وَفِيهَا عَصَى نَجَا غُلَامُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي قَدْ صَادَرَ أَهْلَ حَرَّانِ وَأَخَذَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَتَمَرَّدَ بِهَا، وَذَهَبَ إِلَى بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ فَأَخَذَ طَائِفَةً مِنْهَا مِنْ يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْأَعْرَابِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الْوَرْدِ، فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ مِنْ أَمْوَالِهِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَسَارَ إِلَيْهِ سَيْفُ الدَّوْلَةِ فَأَخَذَهُ وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَقُتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأُلْقِيَتْ جِيفَتُهُ فِي الْأَقْذَارِ وَمَحَلِّ الْجِيَفِ وَالنَّتَنِ. وَفِيهَا جَاءَ الدُّمُسْتُقُ إِلَى الْمِصِّيصَةِ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ فَحَاصَرَهَا وَنَقَبَ سُورَهَا، فَدَافَعَهُ أَهْلُهَا، فَأَحْرَقَ رُسْتَاقَهَا، وَقَتَلَ مِمَّنْ حَوْلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ
পৃষ্ঠা - ৯৪০১
إِنْسَانٍ، وَعَاثُوا فَسَادًا فِي بِلَادِ أَذَنَةَ وَطَرَسُوسَ، وَكَرُّوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ. وَفِيهَا قَصَدَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ الْمَوْصِلَ وَجَزِيرَةَ ابْنِ عُمَرَ فَأَخْذَهَا مِنْ يَدِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، ثُمَّ سَارَ فِي طَلَبِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ، فَكَرَّ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ فِي جَيْشٍ قَدْ هَيَّأَهُ، فَاسْتَرْجَعَ الْمُلْكَ مِنْ يَدِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، فَعَادَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ فَأَخَذَ الْمَوْصِلَ وَأَقَامَ بِهَا، فَرَاسَلَهُ فِي الصُّلْحِ صَاحِبُهَا، فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْحِمْلُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ أَبُو تَغْلِبَ بْنُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ وَلِيَّ عَهْدِ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَجَابَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى ذَلِكَ، وَكَرَّ رَاجِعًا إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَ مَا جَرَتْ لَهُ خُطُوبٌ عَظِيمَةٌ طَوِيلَةٌ قَدِ اسْتَقْصَاهَا ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " كَامِلِهِ " وَبَسَطَهَا. وَفِيهَا ظَهَرَ رَجُلٌ بِبِلَادِ الدَّيْلَمِ، وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ مِنْ أَوْلَادِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَيُعْرَفُ بِابْنِ الدَّاعِي، فَالْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَتَسَمَّى بِالْمَهْدِيِّ، وَكَانَ أَصْلُهُ مِنْ بَغْدَادَ وَعَظُمَ شَأْنُهُ بِتِلْكَ الْبِلَادِ، وَهَرَبَ مِنْهُ ابْنُ النَّاصِرِ الْعَلَوِيُّ. وَفِيهَا قَصَدَ مَلِكُ الرُّومِ، وَفِي صُحْبَتِهِ الدُّمُسْتُقُ مَلِكُ الْأَرْمَنِ بِلَادَ طَرَسُوسَ فَحَاصَرُوهَا مُدَّةً، ثُمَّ غَلَتْ عَلَيْهِمُ الْأَسْعَارُ، وَأَخَذَ فِيهِمُ الْوَبَاءُ، فَمَاتَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، فَكَّرُوا رَاجِعِينَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
পৃষ্ঠা - ৯৪০২
{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25] . وَكَانَ مِنْ عَزْمِهِمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَسْتَحْوِذُونَ عَلَى الْبِلَادِ كُلِّهَا، فَرَجَعُوا خَاسِئِينَ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ الْمَجَازِ بِبِلَادِ صِقِلِّيَّةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنَ الرُّومِ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَمِنَ الْفِرِنْجِ مَا يُقَارِبُ الْمِائَةَ أَلْفٍ، فَبَعَثَ أَهْلُ صِقِلِّيَّةَ إِلَى الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ يَسْتَنْجِدُونَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِجُيُوشٍ كَثِيرَةٍ فِي الْأُسْطُولِ، فَكَانَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ صَبَرَ فِيهَا الْفَرِيقَانِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ قُتِلَ أَمِيرُ الرُّومِ مَنْوِيلُ وَفَّرَتِ الرُّومُ وَانْهَزَمُوا هَزِيمَةً قَبِيحَةً، فَقَتَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَسَقَطَ الْفِرِنْجُ فِي وَادٍ مِنَ الْمَاءِ عَمِيقٍ فَغَرِقَ أَكْثَرُهُمْ، وَرَكِبَ الْبَاقُونَ فِي الْمَرَاكِبِ، فَبَعَثَ الْأَمِيرُ أَحْمَدُ صَاحِبُ صِقِلِّيَّةَ فِي آثَارِهِمْ مَرَاكِبَ أُخَرَ، فَقَتَلُوا أَكْثَرَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ شَيْئًا كَثِيرًا، مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْأَسْلِحَةِ، فَكَانَ فِي جُمْلَةِ ذَلِكَ سَيْفٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: هَذَا سَيْفٌ هِنْدِيٌّ زِنَتُهُ مِائَةٌ وَسَبْعُونَ مِثْقَالًا، طَالَمَا قُوتِلَ بِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبُعِثَ فِي جُمْلَةِ تُحَفٍ إِلَى الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ. وَفِيهَا قَصَدَتِ الْقَرَامِطَةُ مَدِينَةَ طَبَرِيَّةَ لِيَأْخُذُوهَا مِنْ يَدِ الْإِخْشِيدِ صَاحِبِ مِصْرَ وَالشَّامِ، وَطَلَبُوا مِنْ سَيْفِ الدَّوْلَةِ أَنْ يَمُدَّهُمْ بِحَدِيدٍ يَتَّخِذُونَ مِنْهُ سِلَاحًا، فَقَلَعَ لَهُمْ أَبْوَابَ الرَّقَّةِ - وَكَانَتْ مِنْ حَدِيدٍ - حَتَّى أَخَذَ أَوَاقِيَّ الْبَاعَةِ، وَأَرْسَلَ
পৃষ্ঠা - ৯৪০৩
بِذَلِكَ كُلِّهِ إِلَيْهِمْ حَتَّى قَالُوا: اكْتَفَيْنَا. وَفِيهَا طَلَبَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ مِنَ الْخَلِيفَةِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي دُخُولِ دَارِ الْخِلَافَةِ لِيَتَفَرَّجَ فِيهَا، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَهَا، فَبَعَثَ خَادِمَهُ وَحَاجِبَهُ مَعَهُ، فَطَافُوا مَعَهُ فِيهَا، وَهُوَ مُسْرِعٌ خَائِفٌ، ثُمَّ خَرَجَ وَقَدْ خَافَ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ، وَخَشِيَ أَنْ يُقْتَلَ فِي بَعْضِ الدَّهَالِيزِ، فَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ لَمَّا خَرَجَ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى سَلَامَتِهِ، وَازْدَادَ حُبًّا فِي الْخَلِيفَةِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَا رَأَى مِنَ الْعَجَائِبِ بِهَا صَنَمٌ مِنْ نُحَاسٍ عَلَى صُورَةِ امْرَأَةٍ حَسْنَاءَ جِدًّا، وَحَوْلَهَا أَصْنَامٌ صِغَارٌ فِي هَيْئَةِ الْخَدَمِ لَهَا، كَانَ قَدْ أُتِيَ بِهِ فِي زَمَنِ الْمُقْتَدِرِ، فَأُقِيمَ هُنَاكَ لِيَتَفَرَّجَ عَلَيْهِ الْجَوَارِي وَالنِّسَاءُ، فَهَمَّ الْمُعِزُّ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنَ الْخَلِيفَةِ، ثُمَّ ارْتَأَى فَتَرَكَ ذَلِكَ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا خَرَجَ رَجُلٌ بِالْكُوفَةِ، فَادَّعَى أَنَّهُ عَلَوِيٌّ، وَكَانَ يَتَبَرْقَعُ فَسُمِّي الْمُبَرْقَعَ، وَغَلُظَتْ قَضِيَّتُهُ وَبَعُدَ صِيتُهُ، وَذَلِكَ فِي غَيْبَةِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ عَنْ بَغْدَادَ وَاشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ الْمَوْصِلِ وَنَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَلَمَّا تَوَطَّدَتِ الْأُمُورُ وَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ اخْتَفَى الْمُبَرْقَعُ، وَذَهَبَ فِي الْبِلَادِ، فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ أَمْرٌ بَعْدَ ذَلِكَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: بَكَّارُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَكَّارِ بْنِ بُنَانِ بْنِ بَكَّارِ بْنِ زِيَادِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ،
পৃষ্ঠা - ৯৪০৪
أَبُو عِيسَى الْمُقْرِئُ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، وَعَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ الْحَمَّامِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً، أَقْرَأَ الْقُرْآنَ أَزْيَدَ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ وَقَارَبَ الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْخَيْزُرَانِ عِنْدَ قَبْرِ أَبِي حَنِيفَةَ. أَبُو إِسْحَاقَ الْهُجَيْمِيُّ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ إِذَا سُئِلَ أَنْ يُحَدِّثَ يُقْسِمُ أَنْ لَا يُحَدِّثَ حَتَّى يُجَاوِزَ الْمِائَةَ، فَأَبِرَّ اللَّهُ قَسَمَهُ، وَجَاوَزَهَا فَأَسْمَعَ. تُوُفِّيَ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَثَلَاثِ سِنِينَ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ৯৪০৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا عَمِلَتِ الشِّيعَةُ الْمَآتِمَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي السَّنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَغُلِّقَتِ الْأَسْوَاقُ وَعُلِّقَتِ الْمُسُوحُ، وَخَرَجَتِ النِّسَاءُ سَافِرَاتٍ نَاشِرَاتٍ، يَنُحْنَ وَيَلْطُمْنَ وُجُوهَهُنَّ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْأَزِقَّةِ، وَهَذَا تَكَلُّفٌ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ فِي الدِّينِ وَلَا فِي الدُّنْيَا، وَلَوْ كَانَ هَذَا أَمْرًا مَحْمُودًا لَكَانَ صَدْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَخِيرَتُهَا أَوْلَى بِهِ ; إِذْ لَوْ كَانَ خَيْرًا لَسَبَقُونَا إِلَيْهِ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَقْتَدُونَ وَلَا يَبْتَدِعُونَ، وَتَسَلَّطَتْ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى الرَّوَافِضِ، فَكَبَسُوا مَسْجِدَ بَرَاثَا الَّذِي هُوَ عُشُّ الرَّوَافِضِ، وَقَتَلُوا بَعْضَ مَنْ كَانَ فِيهِ مِنَ الْقَوَمَةِ. وَفِيهَا فِي رَجَبٍ مِنْهَا جَاءَ مَلِكُ الرُّومِ بِجُيُوشٍ كَثِيفَةٍ إِلَى الْمِصِّيصَةِ فَفَتَحَهَا قَسْرًا، وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِهَا خَلْقًا، وَاسْتَاقَ بَقِيَّتَهُمْ مَعَهُ أُسَارَى، وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ أَلْفِ إِنْسَانٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَجَاءَ إِلَى طَرَسُوسَ فَسَأَلَ أَهْلُهَا مِنْهُ الْأَمَانَ، فَأَمَّنَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالْجَلَاءِ عَنْهَا وَالِانْتِقَالِ مِنْهَا، فَاتَّخَذَ الْجَامِعَ إِسْطَبْلًا لِخُيُولِهِ، وَحَرَّقَ الْمِنْبَرَ، وَنَقَلَ قَنَادِيلَهُ إِلَى كَنَائِسِ بَلَدِهِ، وَتَنَصَّرَ بَعْضُ أَهْلِهَا مَعَهُ، لَعَنَهُ اللَّهُ. وَكَانَ أَهْلُ طَرَسُوسَ وَالْمِصِّيصَةِ قَدْ أَصَابَهُمْ قَبْلَ هَذَا الْبَلَاءِ غَلَاءٌ عَظِيمٌ وَوَبَاءٌ
পৃষ্ঠা - ৯৪০৬
شَدِيدٌ بِحَيْثُ كَانَ يَمُوتُ مِنْهُمْ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثُمِائَةِ نَفَرٍ، ثُمَّ دَهَمَهُمْ هَذَا الْأَمْرُ الشَّدِيدُ، فَانْتَقَلُوا مِنْ شَهَادَةٍ إِلَى شَهَادَةٍ أَعْظَمَ مِنْهَا. وَعَزَمَ مَلِكُ الرُّومِ عَلَى الْمُقَامِ بِطَرَسُوسَ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ، فَسَارَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَفِي خِدْمَتِهِ الدُّمُسْتُقُ مَلِكُ الْأَرْمَنِ، لَعَنَهُمَا اللَّهُ. وَفِيهَا جُعِلَ أَمْرُ تَسْفِيرِ الْحَجِيجِ إِلَى نَقِيبِ الطَّالِبِيِّينَ، وَكُتِبَ لَهُ مَنْشُورٌ بِالنِّقَابَةِ وَالْحَجِيجِ، وَهُوَ أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى الْمُوسَوِيُّ وَهُوَ وَالِدُ الرَّضِيِّ وَالْمُرْتَضَى. وَفِيهَا تُوُفِّيَتْ أُخْتُ مُعَزِّ الدَّوْلَةِ، فَرَكِبَ الْخَلِيفَةُ فِي طَيَّارَةٍ، وَجَاءَ إِلَيْهِ فَعَزَّاهُ، فَقَبَّلَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَشَكَرَ لَهُ سَعْيَهُ إِلَيْهِ، وَصَدَقَاتِهِ عَلَيْهِ. وَفِي ثَامِنِ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ عَمِلَتِ الرَّوَافِضُ عِيدَ غَدِيرِ خُمٍّ عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وَفِيهَا تَغَلَّبَ عَلَى أَنْطَاكِيَةَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: رَشِيقٌ النُّسَيْمِيُّ، بِمُسَاعَدَةِ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْأَهْوَازِيِّ. وَكَانَ يَضْمَنُ الطَّوَاحِينَ، فَأَعْطَاهُ أَمْوَالًا، وَأَطْمَعَهُ فِي أَخْذِ أَنْطَاكِيَةَ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ سَيْفَ الدَّوْلَةِ قَدِ اشْتَغَلَ بِمَيَّافَارِقِينَ، وَعَجَزَ عَنِ الرُّجُوعِ إِلَى حَلَبَ فَتَمَّ لَهُمَا مَا رَامَاهُ مِنْ أَخْذِ أَنْطَاكِيَةَ ثُمَّ رَكِبَا مِنْهَا فِي جُيُوشٍ إِلَى حَلَبَ فَجَرَتْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ نَائِبِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ حُرُوبٌ عَظِيمَةٌ، ثُمَّ أَخَذَ الْبَلَدَ،
পৃষ্ঠা - ৯৪০৭
وَتَحَصَّنَ النَّائِبُ بِالْقَلْعَةِ، وَجَاءَتِ النَّجْدَةُ مِنْ سَيْفِ الدَّوْلَةِ إِلَى حَلَبَ مَعَ غُلَامٍ لَهُ اسْمُهُ بِشَارَةُ، فَانْهَزَمَ رَشِيقٌ، فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَابْتَدَرَهُ بَعْضُ الْأَعْرَابِ، فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ رَأْسَهُ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى حَلَبَ وَاسْتَقَلَّ ابْنُ الْأَهْوَازِيِّ سَائِرًا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ فَأَقَامَ رَجُلًا مِنَ الرُّومِ اسْمُهُ دَزْبَرُ، فَسَمَّاهُ الْأَمِيرَ، وَأَقَامَ آخَرَ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ لِيَجْعَلَهُ خَلِيفَةً، وَسَمَّاهُ الْأُسْتَاذَ، فَقَصَدَهُ نَائِبُ حَلَبَ وَهُوَ قَرْعُوَيْهِ، فَاقْتَتَلَا قِتَالًا شَدِيدًا، فَهَزَمَهُ ابْنُ الْأَهْوَازِيِّ وَاسْتَقَرَّ بِأَنْطَاكِيَةَ، فَلَمَّا عَادَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ إِلَى حَلَبَ لَمْ يَبِتْ بِهَا إِلَّا لَيْلَةً وَاحِدَةً حَتَّى سَارَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا عَظِيمًا، ثُمَّ انْهَزَمَ دَزْبَرُ وَابْنُ الْأَهْوَازِيِّ وَأُسِرَا، فَقَتَلَهُمَا سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ. وَفِيهَا ثَارَ رَجُلٌ مِنَ الْقَرَامِطَةِ اسْمُهُ مَرْوَانُ، كَانَ يَحْفَظُ الطُّرُقَاتِ لِسَيْفِ الدَّوْلَةِ بِحِمْصَ، فَمَلَكَهَا وَمَا حَوْلَهَا، فَقَصَدَهُ جَيْشٌ مِنْ حَلَبَ مَعَ الْأَمِيرِ بَدْرٍ فَاقْتَتَلُوا مَعَهُ، فَرَمَاهُ بَدْرٌ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ فَأَصَابَهُ، وَاتَّفَقَ أَنْ أَسَرَ أَصْحَابُ مَرْوَانَ بَدْرًا، فَقَتَلَهُ مَرْوَانُ بَيْنَ يَدَيْهِ صَبْرًا، وَمَاتَ مَرْوَانُ بَعْدَ أَيَّامٍ، وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ. وَفِيهَا عَصَى أَهْلُ سِجِسْتَانَ أَمِيرَهُمْ خَلَفَ بْنَ أَحْمَدَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ حَجَّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ طَاهِرَ بْنَ الْحُسَيْنِ فَطَمِعَ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ، وَاسْتَمَالَ أَهْلَ الْبَلَدِ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنَ الْحَجِّ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْبَلَدَ، وَعَصَى عَلَيْهِ، فَذَهَبَ
পৃষ্ঠা - ৯৪০৮
إِلَى بُخَارَى إِلَى الْأَمِيرِ مَنْصُورِ بْنِ نُوحٍ السَّامَانِيِّ فَاسْتَنْجَدَهُ، فَبَعَثَ مَعَهُ جَيْشًا، فَاسْتَنْقَذَ الْبَلَدَ مِنْ طَاهِرٍ، وَسَلَّمَهَا إِلَى الْأَمِيرِ خَلَفِ بْنِ أَحْمَدَ - وَقَدْ كَانَ خَلَفٌ عَالِمًا مُحِبًّا لِلْعُلَمَاءِ - فَذَهَبَ طَاهِرٌ، فَجَمَعَ جُمُوعًا، ثُمَّ جَاءَ فَحَاصَرَ خَلَفًا، وَأَخَذَ مِنْهُ الْبَلَدَ، فَرَجَعَ خَلَفٌ إِلَى الْأَمِيرِ مَنْصُورٍ السَّامَانِيِّ فَبَعَثَ مَعَهُ مَنِ اسْتَرْجَعَ لَهُ الْبَلَدَ ثَانِيَةً، وَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ خَلَفٌ بِهَا وَتَمَكَّنَ مِنْهَا، مَنَعَ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ مِنَ الْهَدَايَا وَالتُّحَفِ وَالْخِلَعِ إِلَى الْأَمِيرِ مَنْصُورٍ السَّامَانِيِّ بِبُخَارَى، فَبَعَثَ إِلَيْهِ جَيْشًا، فَتَحَصَّنَ خَلْفٌ فِي حِصْنٍ يُقَالُ لَهُ: حِصْنُ أَرْكَ. فَنَازَلَهُ الْجَيْشُ فِيهِ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِمَنَاعَةِ هَذَا الْحِصْنِ وَصُعُوبَتِهِ وَعُمْقِ خَنْدَقِهِ وَارْتِفَاعِهِ، وَسَيَأْتِي مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَفِيهَا قَصَدَتْ طَائِفَةٌ مِنَ التُّرْكِ بِلَادَ الْخَزَرِ، فَاسْتَنْجَدَ الْخَزَرُ بِأَهْلِ خُوَارِزْمَ فَقَالُوا: لَوْ أَسْلَمْتُمْ لَنَصَرْنَاكُمْ. فَأَسْلَمُوا إِلَّا مَلِكُهُمْ، فَقَاتَلُوا مَعَهُمُ التُّرْكَ، فَأَجْلَوْهُمْ عَنْهُمْ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَلِكُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْمُتَنَبِّي الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ أَبُو الطَّيِّبِ الْجُعْفِيُّ الشَّاعِرُ الْمَعْرُوفُ بِالْمُتَنَبِّي، كَانَ أَبُوهُ يُعَرَفُ بِعِيدَانَ السَّقَّاءِ،
পৃষ্ঠা - ৯৪০৯
وَكَانَ يَسْتَقِي الْمَاءَ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ. وَعِيدَانُ هَذَا، قَالَ ابْنُ مَاكُولَا وَالْخَطِيبُ: هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ. وَقِيلَ: بِفَتْحِ الْعَيْنِ لَا كَسْرِهَا. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. كَانَ مَوْلِدُ الْمُتَنَبِّي بِالْكُوفَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَنَشَأَ بِالشَّامِ بِالْبَادِيَةِ، وَطَلَبَ الْأَدَبَ، فَفَاقَ أَهْلَ زَمَانِهِ فِيهِ، وَلَزِمَ جَنَابَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ وَامْتَدَحَهُ وَحَظِيَ عِنْدَهُ، ثُمَّ صَارَ إِلَى مِصْرَ، فَامْتَدَحَ كَافُورًا الْإِخْشِيدِيَّ ثُمَّ هَجَاهُ، وَهَرَبَ مِنْهُ، وَوَرَدَ بَغْدَادَ فَامْتَدَحَ بَعْضَ أَهْلِهَا، وَقُرِئَ عَلَيْهِ دِيوَانُهُ فِيهَا. وَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَامْتَدَحَ ابْنَ الْعَمِيدِ، فَوَصَلَهُ مِنْ جِهَتِهِ ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى فَارِسَ فَامْتَدَحَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ بْنَ بُوَيْهِ، فَأَطْلَقَ لَهُ أَمْوَالًا جَزِيلَةً تُقَارِبُ مِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقِيلَ: بَلْ حَصَلَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ دَسَّ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ: أَيُّمَا أَحْسَنُ ; عَطَايَا عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، أَوْ عَطَايَا سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ؟ فَقَالَ: هَذِهِ أَجْزَلُ وَلَكِنَّ فِيهَا تَكَلُّفٌ، وَتِلْكَ أَقَلُّ وَلَكِنْ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْ مُعْطِيهَا ; لِأَنَّهَا عَنْ طَبِيعَةٍ وَهَذِهِ عَنْ تَكَلُّفٍ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَضُدِ الدَّوْلَةِ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَدَسَّ إِلَيْهِ طَائِفَةً مِنَ الْأَعْرَابِ، فَوَقَفُوا لَهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى بَغْدَادَ وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ هَجَا مُقَدِّمَهُمُ ابْنَ فَاتَكٍ الْأَسَدِيَّ - وَقَدْ كَانُوا يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ - فَلِهَذَا أَوْعَزَ إِلَيْهِمْ عَضُدُ الدَّوْلَةِ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فَيَقْتُلُوهُ، وَيَأْخُذُوا مَا مَعَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَانْتَهَوْا إِلَيْهِ وَهُمْ سِتُّونَ رَاكِبًا فِي يَوْمِ