আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৯৩৪৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا مَلَكَتِ الرُّومُ سَرُوجَ وَقَتَلُوا أَهْلَهَا وَخَرَّبُوا مَسَاجِدَهَا. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَفِيهَا قَصَدَ صَاحِبُ عُمَانَ الْبَصْرَةَ فَمَنَعَهُ مِنْهَا الْمُهَلَّبِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ: وَفِيهَا نَقِمَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ عَلَى وَزِيرِهِ، فَضَرَبَهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ مِقْرَعَةً وَلَمْ يَعْزِلْهُ، بَلْ رَسَمَ عَلَيْهِ. وَفِيهَا اخْتَصَمَ الْمِصْرِيُّونَ وَالْعِرَاقِيُّونَ بِمَكَّةَ، فَخُطِبَ لِصَاحِبِ مِصْرَ، ثُمَّ غَلَبَهُمُ الْعِرَاقِيُّونَ، فَخَطَبُوا لِرُكْنِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ. وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمَنْصُورِ الْفَاطِمِيِّ وَهُوَ أَبُو طَاهِرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي الْقَاسِمِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَهْدِيِّ صَاحِبِ الْمَغْرِبِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ سَبْعَ سِنِينَ وَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَكَانَ عَاقِلًا شُجَاعًا فَاتِكًا، قَهَرَ أَبَا يَزِيدَ الْخَارِجِيَّ الَّذِي كَانَ لَا يُطَاقُ شَجَاعَةً وَإِقْدَامًا وَصَبْرًا، وَكَانَ
পৃষ্ঠা - ৯৩৪৯
فَصِيحًا بَلِيغًا، يَرْتَجِلُ الْخُطْبَةَ عَلَى الْبَدِيهَةِ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ. وَكَانَ سَبَبَ مَوْتِهِ ضَعْفُ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ، كَمَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " كَامِلِهِ "، فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ الْأَطِبَّاءُ، وَقَدْ عُهِدَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ، وَهُوَ بَانِي الْقَاهِرَةِ الْمُعِزِّيَةِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ وَاسْمُهُ مَعَدٌّ، وَكَانَ عُمُرُهُ إِذْ ذَلِكَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ شُجَاعًا عَاقِلًا أَيْضًا، حَازِمَ الرَّأْيِ، أَطَاعَهُ مِنَ الْبَرْبَرِ وَأَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَبَعَثَ مَوْلَاهُ جَوْهَرًا الْقَائِدَ فَبَنَى لَهُ الْقَاهِرَةَ الْمُتَاخِمَةَ لِمِصْرَ، وَاتَّخَذَ لَهُ فِيهَا دَارَ الْمُلْكِ، وَهُمَا الْقَصْرَانِ اللَّذَانِ هُنَالِكَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ بِشْرِ بْنِ دِرْهَمٍ، أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ الْبَصَرِيُّ سَكَنَ مَكَّةَ وَصَارَ شَيْخَ الْحَرَمِ، وَصَحِبَ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَالنُّورِيَّ وَغَيْرَهُمَا، وَأَسْنَدَ الْحَدِيثَ وَصَنَّفَ كُتُبًا لِلصُّوفِيَّةِ. إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ صَالِحٍ، أَبُو عَلِيٍّ الصَّفَّارُ النَّحْوِيُّ أَحَدُ الْمُحَدِّثِينَ، لَقِيَ الْمُبَرِّدَ وَاشْتَهَرَ بِصُحْبَتِهِ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ
পৃষ্ঠা - ৯৩৫০
وَمِائَتَيْنِ، وَسَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ عَرَفَةَ وَعَبَّاسًا الدُّورِيَّ وَغَيْرَهُمَا، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ: صَامَ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ رَمَضَانًا، وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْقَائِمِ بْنِ الْمَهْدِيِّ، الْمُلَقَّبِ بِالْمَنْصُورِ الْعُبَيْدِيِّ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ فَاطِمِيٌّ، صَاحِبُ بِلَادِ الْمَغْرِبِ، وَهُوَ وَالِدُ الْمُعِزِّ بَانِي الْقَاهِرَةِ وَهُوَ بَانِي الْمَنْصُورِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ. كَانَ شُجَاعًا فَصِيحًا بَلِيغًا، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَرْوَرُّوذِيُّ: خَرَجْتُ مَعَهُ لَمَّا كَسَرَ أَبَا يَزِيدَ الْخَارِجِيَّ، فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ مَعَهُ إِذْ سَقَطَ رُمْحُهُ، فَنَزَلْتُ فَنَاوَلْتُهُ إِيَّاهُ، وَذَهَبْتُ أُفَاكِهُهُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ: فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْنًا بَالْإِيَابِ الْمُسَافِرُ فَقَالَ: هَلَّا قُلْتَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} [الأعراف: 117] قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ ابْنُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتَ كَمَا عَلِمْتَ، وَأَنَا قُلْتُ بِمَا بَلَغَ إِلَيْهِ عِلْمِي. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَهَذَا كَمَا جَرَى لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ حِينَ أَمَرَ الْحَجَّاجَ
পৃষ্ঠা - ৯৩৫১
أَنْ يَبْنِيَ بَابًا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَيَكْتُبَ عَلَيْهِ اسْمَهُ، فَبَنَى لَهُ بَابًا، وَبَنَى لِنَفْسِهِ بَابًا آخَرَ، فَوَقَعَتْ صَاعِقَةٌ عَلَى بَابِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَحْرَقَتْهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ مِنَ الْعِرَاقِ يُسَلِّيهِ عَمَّا أَهَمَّهُ مِنْ ذَلِكَ ; يَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَنَا وَأَنْتَ إِلَّا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ} [المائدة: 27] قَالَ: فَسُرِّيَ عَنِ الْخَلِيفَةِ. كَانَتْ وَفَاةُ الْمَنْصُورِ هَذَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَمَّا أَصَابَهُ بَرْدٌ شَدِيدٌ فَمَاتَ بِهِ.
পৃষ্ঠা - ৯৩৫২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا دَخَلَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ صَاحِبُ حَلَبَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَسَرَ آخَرِينَ، وَغَنِمَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَرَجَعَ سَالِمًا غَانِمًا. وَفِيهَا اخْتَلَفَ الْحَجِيجُ بِمَكَّةَ، وَوَقَعَتْ حَرْبٌ بَيْنَ أَصْحَابِ ابْنِ طُغْجٍ وَأَصْحَابِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، فَغَلَبَهُمُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَخَطَبُوا لِمُعِزِّ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَجِّ اخْتَلَفُوا، فَغَلَبَهُمُ الْعِرَاقِيُّونَ أَيْضًا، وَجَرَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ وَخُطُوبٌ كَبِيرَةٌ بَيْنَ الْخُرَاسَانِيَّةِ والسَّامَانِيَّةِ، تَقَصَّى ذِكْرَهَا ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " كَامِلِهِ ". وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَهْمِ، أَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ جَدُّ الْقَاضِي أَبِي الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ شَيْخُ الْخَطِيبِ، وُلِدَ بِأَنْطَاكِيَّةَ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ فَتَفَقَّهَ بِهَا عَلَى
পৃষ্ঠা - ৯৩৫৩
مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَانَ يَعْرِفُ الْكَلَامَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَيَعَرِفُ النُّجُومَ، وَيَقُولُ الشِّعْرَ، وَلِيَ الْقَضَاءَ بِالْأَهْوَازِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ فَهِمًا ذَكِيًّا، حَفِظَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةٍ قَصِيدَةً لِدِعْبِلٍ الشَّاعِرِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ سِتُّمِائَةِ بَيْتٍ، وَعَرَضَهَا عَلَى أَبِيهِ صَبِيحَتَهَا، فَقَامَ إِلَيْهِ وَضَمَّهُ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: يَا بُنَيَّ، لَا تُخْبِرْ بِهَذَا أَحَدًا لِئَلَّا تُصِيبَكَ الْعَيْنُ. وَذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّهُ كَانَ نَدِيمًا لِلْوَزِيرِ الْمُهَلَّبِيِّ، وَوَفَدَ عَلَى سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَأَكْرَمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَأَوْرَدَ لَهُ مِنْ شِعْرِهِ أَشْيَاءَ حَسَنَةً، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْخَمْرِ: وَرَاحٍ مِنَ الشَّمْسِ مَخْلُوقَةٌ ... بَدَتْ لَكَ فِي قَدَحٍ مِنْ نَهَارِ هَوَاءٌ وَلَكِنَّهُ جَامِدٌ ... وَمَاءٌ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ جَارِ كَأَنَّ الْمُدِيرَ لَهُ بِالْيَمِينِ ... إِذَا مَالَ لِلسَّقْيِ أَوْ بِالْيَسَارِ تَدَرَّعَ ثَوْبًا مِنَ الْيَاسَمِينِ ... لَهُ فَرْدُ كُمٍّ مِنَ الْجُلَّنَارِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ، أَبُو الْفَرَجِ الْبَغْدَادِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، يُعْرَفُ بِابْنِ سُكَّرَةَ، سَكَنَ مِصْرَ وَحَدَّثَ بِهَا، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ مَسْرُورٍ، وَذَكَرَ أَنَّ فِيهِ لِينًا.
পৃষ্ঠা - ৯৩৫৪
مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ الْمَأْمُونِ بْنِ الرَّشِيدِ هَارُونَ، أَبُو بَكْرٍ وَلِيَ إِمْرَةَ مَكَّةَ فِي سِنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وَقِدِمَ مِصْرَ، فَحَدَّثَ بِهَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيِّ بِمُوَطَّأِ مَالِكٍ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا. تُوُفِّيَ بِمِصْرَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৩৫৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ وَبَيْنَ الدُّمُسْتُقِ، فَقَتَلَ خَلْقًا مِنْ أَصْحَابِ الدُّمُسْتُقِ، وَأَسَرَ جَمَاعَةً مِنْ رُؤَسَاءِ بِطَارِقَتِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ قُتِلَ قُسْطَنْطِينُ بْنُ الدُّمُسْتُقِ، وَسَبَى خَلْقًا كَثِيرًا وَأَسَرَ آخَرِينَ، وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ جَمَعَ الدُّمُسْتُقُ خَلْقًا كَثِيرًا، فَالْتَقَوْا مَعَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ فِي شَعْبَانَ، فَجَرَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ عَظِيمَةٌ وَقِتَالٌ شَدِيدٌ، فَكَانَتِ الدَّائِرَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَخَذَلَ اللَّهُ الْكَافِرِينَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّءُوسِ، وَكَانَ مِنْهُمْ صِهْرُ الدُّمُسْتُقِ وَابْنُ بِنْتِهِ أَيْضًا. وَفِيهَا حَصَلَ لِلنَّاسِ أَمْرَاضٌ كَثِيرَةٌ وَحُمَّيَاتٌ وَأَوْجَاعٌ فِي الْحَلْقِ. وَفِيهَا مَاتَ الْأَمِيرُ الْحَمِيدُ نُوحُ بْنُ نَصْرٍ السَّامَانِيُّ، صَاحِبُ خُرَاسَانَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَبُو عَلِيٍّ الْكَاتِبُ الْمِصْرِيُّ، صَحِبَ أَبَا عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيَّ وَغَيْرَهُ، وَكَانَ أَبُو عُثْمَانَ الْمَغْرِبِيُّ يُعَظِّمُ أَمْرَهُ، وَيَقُولُ: أَبُو عَلِيٍّ الْكَاتِبُ
পৃষ্ঠা - ৯৩৫৬
مِنَ السَّالِكِينَ. وَمِنْ كَلَامِهِ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَوْلُهُ: رَوَائِحُ نَسِيمِ الْمَحَبَّةِ تَفُوحُ مِنَ الْمُحِبِّينَ وَإِنْ كَتَمُوهَا، وَتَظْهَرُ عَلَيْهِمْ دَلَائِلُهَا وَإِنْ أَخْفَوْهَا، وَتَبْدُو عَلَيْهِمْ وَإِنْ سَتَرُوهَا. وَأَنْشَدَ: إِذَا مَا أَسَرَّتْ أَنْفُسُ النَّاسِ ذِكْرَهُ ... تَبَيَّنْتَهُ فِيهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا تَطِيبُ بِهِ أَنْفَاسُهُمْ فَيُذِيعُهَا ... وَهَلْ سِرُّ مِسْكٍ أُودِعَ الرِّيحَ يُكْتَمُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ هَمَّامٍ، أَبُو الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ الْكُوفِيُّ قَدِمَ بَغْدَادَ فَحَدَّثَ بِهَا عَنْ جَمَاعَةٍ، وَرَوَى عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَكَانَ ثِقَةً عَدْلًا، كَثِيرَ التِّلَاوَةِ فَقِيهًا، وَمَكَثَ يَشْهَدُ عَلَى الْحُكَّامِ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ سَنَةً، مَقْبُولًا عِنْدَهُمْ، وَأَذَّنَ فِي مَسْجِدِ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ نَيِّفًا وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَكَذَلِكَ أَبَوْهُ مِنْ قَبْلِهِ. مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْكَرْخِيُّ الْأَدِيبُ كَانَ عَالِمًا زَاهِدًا
পৃষ্ঠা - ৯৩৫৭
وَرِعًا، يَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ، وَيُدِيمُ الصَّوْمَ، سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ عَبْدَانَ وَأَقْرَانِهِ. أَبُو الْخَيْرِ التِّينَاتِيُّ الْعَابِدُ الزَّاهِدُ، أَصِلُهُ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَكَانَ مُقِيمًا بِقَرْيَةٍ، يُقَالُ لَهَا: تِينَاتُ. مِنْ عَمَلِ أَنْطَاكِيَةَ وَيُعَرَفُ بِالْأَقْطَعِ ; لِأَنَّهُ كَانَ مَقْطُوعَ الْيَدِ، كَانَ قَدْ عَاهَدَ اللَّهَ عَهْدًا، ثُمَّ نَكَثَهُ، فَاتَّفَقَ أَنْ مُسِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ اللُّصُوصِ فِي الصَّحْرَاءِ وَهُوَ هُنَاكَ، فَأُخِذَ مَعَهُمْ فَقُطِعَتْ يَدُهُ مَعَهُمْ، وَكَانَتْ لَهُ أَحْوَالٌ وَكَرَامَاتٌ، وَكَانَ يَنْسِجُ الْخُوصَ بِيَدِهِ الْوَاحِدَةِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَشَاهَدَ مِنْهُ ذَلِكَ، فَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يُخْبِرَ بِهِ أَحَدًا مَا دَامَ حَيًّا، فَوَفَّى لَهُ بِذَلِكَ.
পৃষ্ঠা - ৯৩৫৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِيهَا شَمِلَ النَّاسَ، بِبَغْدَادَ وَوَاسِطٍ وَأَصْبَهَانَ وَالْأَهْوَازِ، دَاءٌ مُرَكَّبٌ مِنْ دَمٍ وَصَفْرَاءَ وَوَبَاءٍ، مَاتَ بِسَبَبِ ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، بِحَيْثُ كَانَ يَمُوتُ فِي كُلِّ يَوْمٍ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفِ نَفْسٍ، وَجَاءَ فِيهَا جَرَادٌ عَظِيمٌ أَكَلَ الْخُضْرَاوَاتِ وَالْأَشْجَارَ وَالثِّمَارَ. وَفِي الْمُحَرَّمِ عَقَدَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ لِابْنِهِ أَبِي مَنْصُورٍ بَخْتِيَارَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ بِإِمْرَةِ الْأُمَرَاءِ. وَفِيهَا خَرَجَ رَجُلٌ بِأَذْرَبِيجَانَ ادَّعَى أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ، وَكَانَ يُحَرِّمُ اللَّحْمَ وَمَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، فَأَضَافَهُ مَرَّةً رَجُلٌ، فَجَاءَهُ بِطَعَامٍ كَشْكِيَّةٍ بِشَحْمٍ فَأَكَلَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ بِحَضْرَةِ مَنْ مَعَهُ: إِنَّكَ تَدَّعِي أَنَّكَ تَعْلَمُ الْغَيْبَ، وَهَذَا طَعَامٌ فِيهِ شَحْمٌ، وَأَنْتَ تُحَرِّمُهُ فَلِمَ لَا عَلِمْتَهُ؟! قَالَ: فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ. وَفِيهَا جَرَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ بَيْنَ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْأَنْدَلُسِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّاصِرِ الْأُمَوِيِّ، اسْتَقْصَاهَا ابْنُ الْأَثِيرِ.
পৃষ্ঠা - ৯৩৫৯
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، أَبُو عَمْرٍو الدَّقَّاقُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السَّمَّاكِ، رَوَى عَنْ حَنْبَلِ بْنِ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتًا، كَتَبَ الْمُصَنَّفَاتِ الْكَثِيرَةَ بِخَطِّهِ، تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ التِّبْنِ، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ خَمْسُونَ أَلْفًا. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو جَعْفَرٍ الْقَاضِي السَّمَنَانِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وَسَكَنَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا، وَكَانَ ثِقَةً عَالِمًا سَخِيًّا حَسَنَ الْكَلَامِ، عِرَاقِيَّ الْمَذْهَبِ، وَكَانَتْ دَارُهُ مَجْمَعًا لِلْعُلَمَاءِ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ الْمَوْصِلِ وَتُوُفِّيَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بُطَّةَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَكَنَ نَيْسَابُورَ ثُمَّ عَادَ إِلَى أَصْبَهَانَ وَلَيْسَ هَذَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ
পৃষ্ঠা - ৯৩৬০
الْعُكْبَرِيِّ، وَهَذَا بِضَمِّ الْبَاءِ مِنْ بَطَّةَ، وَالْفَقِيهُ الْحَنْبَلِيُّ بِفَتْحِهَا. وَقَدْ كَانَ جَدُّ هَذَا، وَهُوَ بُطَّةُ بْنُ إِسْحَاقَ أَبُو سَعِيدٍ، مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَيْضًا. ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ ". مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ الْحَجَّاجِ أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ الطُّوسِيُّ كَانَ فَقِيهًا عَالِمًا ثِقَةً عَابِدًا، يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَاضِلِ مِنْ قُوتِهِ، وَيَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَدْ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ إِلَى الْأَقَالِيمِ النَّائِيَةِ وَالْبُلْدَانِ الْمُتَبَايِنَةِ، وَكَانَ قَدْ جَزَّأَ اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَثُلُثٌ لِلنَّوْمِ، وَثُلُثٌ لِلتَّصْنِيفِ، وَثُلُثٌ لِلْقِرَاءَةِ. وَقَدْ رَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: وَصَلْتَ إِلَى مَا طَلَبْتَهُ؟ فَقَالَ: إِي وَاللَّهِ، نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ عَرَضْتُ مُصَنَّفَاتِي فِي الْحَدِيثِ عَلَيْهِ، فَقَبِلَهَا. أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَدَّادِ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَدَّادِ أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، رَوَى عَنِ النَّسَائِيِّ، وَقَالَ: رَضِيتُ بِهِ حُجَّةً بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْحَدَّادِ فَقِيهًا فُرُوعِيًّا، وَمُحَدِّثًا وَنَحْوِيًّا، وَفَصِيحًا فِي الْعِبَارَةِ،
পৃষ্ঠা - ৯৩৬১
دَقِيقَ النَّظَرِ فِي الْفُرُوعِ، لَهُ كِتَابٌ فِي ذَلِكَ غَرِيبُ الشَّكْلِ، وَقَدْ وَلِيَ الْقَضَاءَ بِمِصْرَ نِيَابَةً عَنْ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ حَرْبُوَيْهِ، وَذَكَرْنَاهُ فِي " طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ ". أَبُو يَعْقُوبَ الْأَذْرَعِيُّ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ النَّهْدِيُّ قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: مِنْ أَهْلِ أَذْرِعَاتٍ ; مَدِينَةٍ بِالْبَلْقَاءِ، أَحَدُ الثِّقَاتِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، رَحَلَ وَحَدَّثَ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَعَنْهُ آخَرُونَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مِنْ أَجِلَّةِ أَهْلِ دِمَشْقَ وَعُبَّادِهَا وَعُلَمَائِهَا. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَسَاكِرَ أَشْيَاءَ تَدُلُّ عَلَى صَلَاحِهِ وَخَرْقِ الْعَادَةِ لَهُ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَقْبِضَ بَصَرِي فَعَمِيتُ، فَلَمَّا اسْتَضْرَرْتُ بِالطَّهَارَةِ سَأَلْتُ اللَّهَ عَوْدَهُ، فَرَدَّهُ عَلَيَّ. تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِينَ.
পৃষ্ঠা - ৯৩৬২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا عَصَى الرُّوزْبَهَانُ عَلَى مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، وَانْحَازَ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَلَحِقَ بِهِ عَامَّةُ مَنْ كَانَ مَعَ الْمُهَلَّبِيِّ الَّذِي كَانَ يُحَارِبُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ لَمْ يُصَدِّقْ ; لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَرَفَعَ مِنْ قَدْرِهِ بَعْدَ الضَّعَةِ وَالْخُمُولِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَيْهِ لِقِتَالِهِ، فَاتَّبَعَهُ الْخَلِيفَةُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ خَوْفًا مِنْ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَإِنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ قَدْ جَهَّزَ جَيْشًا مَعَ وَلَدِهِ أَبِي الْمُرَجَّى جَابِرٍ إِلَى بَغْدَادَ لِيَأْخُذَهَا حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ قَدْ خَرَجَ مِنْهَا، فَأَرْسَلَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ حَاجِبَهُ سُبُكْتِكِينَ إِلَى بَغْدَادَ لِيَحْفَظَهَا، وَقَصَدَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى الرُّوزْبَهَانِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا عَظِيمًا، فَهَزَمَهُ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ، وَفَرَّقَ أَصْحَابَهُ، وَأَخَذَهُ أَسِيرًا إِلَى بَغْدَادَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ فَسَجَنَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ لَيْلًا وَغَرَّقَهُ ; لِأَنَّ الدَّيْلَمَ أَرَادُوا إِخْرَاجَهُ مِنَ السَّجْنِ قَهْرًا، وَانْطَوَى ذِكْرُ رُوزْبَهَانَ وَإِخْوَتِهِ، وَكَانَ قَدِ اشْتَعَلَ اشْتِعَالَ النَّارِ، وَحَظِيَتِ الْأَتْرَاكُ عِنْدَ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، وَانْحَطَّتِ الدَّيْلَمُ عِنْدَهُ ; لِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ خِيَانَتُهُمْ فِي أَمْرِ الرُّوزْبَهَانِ وَإِخْوَتِهِ. وَفِيهَا دَخَلَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَقَتَلَ وَسَبَى، وَرَجَعَ إِلَى أَذَنَةَ ثُمَّ عَادَ إِلَى حَلَبَ فَحَمِيَتِ الرُّومُ، فَجَمَعُوا وَأَقْبَلُوا إِلَى مَيَّافَارِقِينَ فَقَتَلُوا وَسَبَوْا وَحَرَقُوا وَرَجَعُوا، وَرَكِبُوا فِي الْبَحْرِ إِلَى طَرَسُوسَ فَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِهَا أَلْفًا وَثَمَانِمِائَةٍ،
পৃষ্ঠা - ৯৩৬৩
وَسَبَوْا وَحَرَقُوا قُرًى كَثِيرَةً. وَفِيهَا زُلْزِلَتْ هَمَذَانُ زِلْزَالًا شَدِيدًا، انْهَدَمَتِ الْبُيُوتُ، وَانْشَقَّ قَصْرُ شِيرِينَ بِصَاعِقَةٍ، وَمَاتَ تَحْتَ الْهَدْمِ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَوَقَعَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ أَهْلِ أَصْبَهَانَ وَأَهْلِ قُمَّ بِسَبَبِ سَبِّ الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ قُمَّ فَثَارَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ أَصْبَهَانَ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَنَهَبُوا أَمْوَالَ التُّجَّارِ، فَغَضِبَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ لِأَهْلِ قُمَّ ; لِأَنَّهُ كَانَ شِيعِيًّا، فَصَادَرَ أَهْلَ أَصْبَهَانَ بِأَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: غُلَامُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ غُلَامُ ثَعْلَبٍ رَوَى عَنِ الْكُدَيْمِيِّ وَمُوسَى بْنِ سَهْلٍ الْوَشَّاءِ وَغَيْرِهِمَا، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ. وَكَانَ كَثِيرَ الْعِلْمِ وَالزُّهْدِ، حَافِظًا مُطَبِّقًا، يُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ شَيْئًا كَثِيرًا، ضَابِطًا لِمَا يَحْفَظُهُ. وَلِكَثْرَةِ إِغْرَابِهِ اتَّهَمَهُ بَعْضُهُمْ وَرَمَاهُ بِالْكَذِبِ، وَقَدِ اتَّفَقَ لَهُ مَعَ الْقَاضِي أَبِي عُمَرَ - وَكَانَ يُؤَدِّبُ وَلَدَهُ - أَنَّهُ أَمْلَى مِنْ حِفْظِهِ ثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً بِشَوَاهِدِهَا وَأَدِلَّتِهَا
পৃষ্ঠা - ৯৩৬৪
مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ، وَاسْتُشْهِدَ عَلَى بَعْضِهَا بِبَيْتَيْنِ غَرِيبَيْنِ جِدَّا، فَعَرَضَهَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ عَلَى ابْنِ دُرَيْدٍ وَابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَابْنِ مِقْسَمٍ، فَلَمْ يَعْرِفُوا مِنْهَا شَيْئًا، حَتَّى قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ هَذَا مَا وَضَعَهُ أَبُو عُمَرَ مِنْ عِنْدِهِ. فَلَمَّا جَاءَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ لَهُ الْقَاضِي مَا قَالَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْهُ، فَطَلَبَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الْقَاضِي أَنْ يُحْضِرَ لَهُ مِنْ كُتُبِهِ دَوَاوِينَ الْعَرَبِ. فَلَمْ يَزَلْ يَأْتِيهِ بِشَاهِدٍ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ شَاهِدٍ، حَتَّى خَرَجَ مِنَ الثَّلَاثِينَ مَسْأَلَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْبَيْتَانِ فَإِنَّ ثَعْلَبًا أَنْشَدَنَاهُمَا وَأَنْتَ حَاضِرٌ، فَكَتَبْتَهُمَا فِي دَفْتَرِكَ. فَطَلَبَ الْقَاضِي دَفْتَرَهُ، فَإِذَا هُمَا فِيهِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ دُرَيْدٍ كَفَّ لِسَانَهُ عَنْ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ، فَلَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى مَاتَ. وَتُوُفِّيَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَوْمَ الْأَحَدِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَدُفِنَ فِي الصُّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ لِقَبْرِ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ بِبَغْدَادَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رُسْتُمَ أَبُو بَكْرٍ الْمَادَرَائِيُّ الْكَاتِبُ كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ صَارَ إِلَى مِصْرَ هُوَ وَأَخُوهُ أَحْمَدُ مَعَ أَبِيهِمَا، وَكَانَ عَلَى الْخَرَاجِ لِخُمَارَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ ثُمَّ صَارَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ رُؤَسَاءِ النَّاسِ وَأَكَابِرِهِمْ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَطَبَقَتِهِ.
পৃষ্ঠা - ৯৩৬৫
وَقَدْ رَوَى الْخَطِيبُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ بِبَابَيْ شَيْخٌ كَبِيرٌ مِنَ الْكُتَّابِ قَدْ بَطَلَ عَنْ وَظِيفَتِهِ، فَرَأَيْتُ وَالِدِي فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ، أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ؟ أَنْتَ مَشْغُولٌ بِلَذَّاتِكَ، وَالنَّاسُ بِبَابِكَ يَهْلَكُونَ مِنَ الْعُرْيِ وَالْجُوعِ، هَذَا فُلَانٌ قَدْ تَقَطَّعَ سَرَاوِيلُهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إِبْدَالِهِ، فَلَا تُهْمِلْ أَمْرَهُ. فَاسْتَيْقَظْتُ مَذْعُورًا، وَأَنَا نَاوٍ لَهُ الْإِحْسَانَ، فَنِمْتُ ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ وَقَدْ أُنْسِيتُ الْمَنَامَ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِلَى دَارِ الْمَلِكِ، إِذَا بِذَلِكَ الشَّيْخِ عَلَى دَابَّةٍ ضَعِيفَةٍ، فَلَمَّا رَآنِي أَرَادَ أَنْ يَتَرَجَّلَ فَبَدَا لِي فَخِذُهُ، وَقَدْ لَبِسَ الْخُفَّ بِلَا سَرَاوِيلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الْمَنَامَ. فَاسْتَدْعَى بِهِ عِنْدَ ذَلِكَ، وَأَطْلَقَ لَهُ أَلْفَ دِينَارٍ وَثِيَابًا، وَرَتَّبَ لَهُ عَلَى وَظِيفَتِهِ مِائَتَيْ دِينَارٍ كُلَّ شَهْرٍ، وَوَعَدَهُ بِخَيْرٍ فِي الْآجِلِ أَيْضًا. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ طَبَاطَبَا بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الشَّرِيفُ الْحَسَنِيُّ الرَّسِّيُّ - قَبِيلَةٌ مِنَ الْأَشْرَافِ - أَبُو الْقَاسِمِ الْمِصْرِيُّ الشَّاعِرُ، كَانَ نَقِيبَ الطَّالِبِيِّينَ بِمِصْرَ. وَمِنْ شَعْرِهِ قَوْلُهُ: قَالَتْ لِطَيْفِ خَيَالٍ زَارَنِي وَمَضَى ... بِاللَّهِ صِفْهُ وَلَا تَنْقُصْ وَلَا تَزِدِ فَقَالَ أَبْصَرْتُهُ لَوْ مَاتَ مِنْ ظَمَأٍ ... وَقُلْتُ قِفْ لَا تَرِدْ لِلْمَاءِ لَمْ يَرِدِ
পৃষ্ঠা - ৯৩৬৬
قَالَتْ صَدَقْتَ وَفَاءُ الْحُبِّ عَادَتُهُ ... يَا بَرْدَ ذَاكَ الَّذِي قَالَتْ عَلَى كَبِدِي قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯৩৬৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ أَهْلِ الْكَرْخِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْمَذْهَبِ، بِسَبَبِ السَّبِّ، فَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَفِيهَا نَقَصَ الْبَحْرُ ثَمَانِينَ ذِرَاعًا، وَيُقَالُ: بَاعًا. فَبَدَتْ فِيهِ جِبَالٌ وَجَزَائِرُ لَمْ تَكُنْ تُرَى قَبْلَ ذَلِكَ. وَفِيهَا كَانَتْ بِالْعِرَاقِ وَبِلَادِ الرَّيِّ وَالْجَبَلِ وَقُمَّ وَنَحْوِهَا زَلَازِلُ كَثِيرَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ، نَحْوَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، تَسْكُنُ ثُمَّ تَعُودُ، فَتَهَدَّمَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَبْنِيَةٌ كَثِيرَةٌ، وَغَارَتْ مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ، وَمَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِيهَا تَجَهَّزَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ لِقِتَالِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ الَّذِي بِالْمَوْصِلِ، فَرَاسَلَهُ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ، وَالْتَزَمَ لَهُ بِأَمْوَالٍ يَحْمِلُهَا إِلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُ مَنَعَ حَمْلَ مَا اشْتَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ، فَقَصَدَهُ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي. وَفِيهَا فِي تِشْرِينَ مِنْهَا كَثُرَتْ فِي النَّاسِ أَوْجَاعٌ فِي الْحَلْقِ، وَالْمَاشَرَا، وَكَثُرَ مَوْتُ الْفَجْأَةِ، حَتَّى إِنَّ لِصًّا نَقَبَ دَارًا لِيَدْخُلَهَا، فَمَاتَ وَهُوَ فِي النَّقْبِ، وَلَبِسَ
পৃষ্ঠা - ৯৩৬৮
الْقَاضِي خِلْعَةَ الْقَضَاءِ ; لِيَخْرُجَ لِلْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ، فَلَبِسَ إِحْدَى خُفَّيْهِ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَلْبَسَ الْأُخْرَى. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ أَبُو هُرَيْرَةَ الْعَدَوِيُّ الْمُسْتَمْلِي عَلَى الْمَشَايِخِ، كَتَبَ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ ثِقَةً. تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْهَا. الْحَسَنُ بْنُ خَلَفِ بْنِ شَاذَانَ، أَبُو عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ رَوَى عَنْ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَغَيْرِهِمَا، وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ ". تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. هَكَذَا رَأَيْتُ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ " الْمُنْتَظَمِ " لِأَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ