পৃষ্ঠা - ৯০৯১
[سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَلَ الْمُقْتَدِرُ بِاللَّهِ وَزِيرَهُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ الْجَرَّاحِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَقَعَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّ مُوسَى الْقَهْرَمَانَةِ نُفْرَةٌ شَدِيدَةٌ فَسَأَلَ الْوَزِيرُ أَنْ يُعْفَى مِنَ الْوِزَارَةِ فَعُزِلَ وَلَمْ يُتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ مِنْ أَمْلَاكِهِ.
وَطُلِبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ فَأُعِيدَ إِلَى الْوِزَارَةِ بَعْدَ عَزْلِهِ عَنْهَا خَمْسَ سِنِينَ وَخَلَعَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ سَبْعَ خِلَعٍ وَأَطْلَقَ إِلَيْهِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَشْرَةَ تُخُوتِ ثِيَابٍ وَمِنَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْجِمَالِ شَيْئًا كَثِيرًا وَأُقْطِعَ الدَّارَ الَّتِي بِالْمُخَرِّمِ فَسَكَنَهَا فَعَمِلَ فِيهَا ضِيَافَةً تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَسَقَى فِيهَا أَرْبَعِينَ أَلْفَ رِطْلٍ مِنَ الثَّلْجِ.
وَفِي الصَّيْفِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ اشْتُهِرَ بِبَغْدَادَ أَنَّ حَيَوَانًا عَجِيبًا يُقَالُ لَهُ الزَّبْزَبُ يَطُوفُ بِاللَّيْلِ يَأْكُلُ الْأَطْفَالَ مِنَ الْأَسِرَّةِ وَيَعْدُو عَلَى النَّائِمِ فَرُبَّمَا قَطَعَ يَدَ الرَّجُلِ وَثَدْيَ الْمَرْأَةِ وَهُوَ نَائِمٌ فَجَعَلَ النَّاسُ يَضْرِبُونَ عَلَى أَسْطِحَتِهِمْ بِالنُّحَاسِ مِنَ الْهَوَاوِينِ وَالطُّسُوتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ يُنَفِّرُونَهُ عَنْهُمْ حَتَّى كَانَتْ بَغْدَادُ
পৃষ্ঠা - ৯০৯২
تَرْتَجُّ مِنْ شَرْقِهَا وَغَرْبِهَا وَاصْطَنَعَ النَّاسُ لِأَوْلَادِهِمْ مِكَبَّاتٍ مِنَ السَّعَفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاغْتَنَمَتِ اللُّصُوصُ هَذِهِ الشَّوْشَةَ فَكَثُرَ النُّقُوبُ وَأَخْذُ الْأَمْوَالِ فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِأَنْ يُؤْخَذَ حَيَوَانٌ مِنْ كِلَابِ الْمَاءِ فَيُصْلَبَ عَلَى الْجِسْرِ لِيَسْكُنَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ فَفَعَلَ فَسَكَنَ النَّاسُ وَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ وَاسْتَرَاحَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ.
وَقُلِّدَ ثَابِتُ بْنُ سِنَانٍ الطَّبِيبُ الْمُؤَرِّخُ أَمْرَ الْمَارَسْتَانَاتِ بِبَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَكَانَتْ خَمْسَةً.
وَرَدَ كِتَابٌ مِنَ خُرَاسَانَ بِأَنَّهُمْ وَجَدُوا قُبُورَ شُهَدَاءَ قُتِلُوا فِي سَنَةِ سَبْعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ مَكْتُوبَةٌ أَسْمَاؤُهُمْ فِي رِقَاعٍ مَرْبُوطَةٍ بِآذَانِهِمْ وَأَجْسَادُهُمْ طَرِيَّةٌ كَمَا هِيَ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْهَيْثَمِ بْنِ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ لَبِيدِ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ عُطَارِدَ بْنِ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ الْمُلَقَّبُ فَرُّوْجَةَ قَدِمَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا.
يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ.
أَبُو يَعْقُوبَ الرَّازِيُّ سَمِعَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَصَحِبَ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ. رَوَى الْخَطِيبُ بِسَنَدِهِ
পৃষ্ঠা - ৯০৯৩
إِلَيْهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ ذَا النُّونِ يَحْفَظُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ فَقَصَدَهُ لِيُعَلِّمَهُ إِيَّاهُ.
قَالَ: فَلَمَّا وَرَدْتُ عَلَيْهِ اسْتَهَانَ بِي وَكَانَ لِي لِحْيَةٌ طَوِيلَةٌ وَمَعِي رِكْوَةٌ طَوِيلَةٌ فَجَاءَ رَجُلٌ يَوْمًا فَنَاظَرَ ذَا النُّونِ فَأَسْكَتَ ذَا النُّونِ، فَنَاظَرْتُ أَنَا الرَّجُلَ فَأَسْكَتُّهُ، فَقَامَ ذُو النُّونِ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيَّ وَهُوَ شَيْخٌ وَأَنَا شَابٌّ، وَاعْتَذَرَ إِلَيَّ فَخَدَمْتُهُ سَنَةً ثُمَّ سَأَلْتُهُ أَنْ يُعَلِّمَنِي الِاسْمَ الْأَعْظَمَ فَلَمْ يَبْعُدْ مِنِّي وَوَعَدَنِي، فَمَكَثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ أَخْرَجَ إِلَيَّ طَبَقًا عَلَيْهِ مِكَبَّةٌ مَشْدُودًا بِمَنْدِيلٍ، وَقَالَ لِيَ: اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى صَاحِبِنَا فَلَانٍ.
قَالَ: فَجَعَلْتُ أُفَكِّرُ فِي الطَّرِيقِ مَا هَذَا الَّذِي أَرْسَلَنِي بِهِ، فَلَمَّا وَصَلْتُ الْجِسْرَ فَتَحْتُهُ فَإِذَا فِيهِ فَأْرَةٌ فَقَفَزَتْ وَذَهَبَتْ، فَاغْتَظْتُ غَيْظًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: ذُو النُّونِ يَسْخَرُ بِي فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا حَنِقٌ، فَقَالَ لِي: وَيْحَكَ إِنَّمَا اخْتَبَرْتُكَ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ أَمِينًا عَلَى فَأْرَةٍ فَأَنْ لَا تَكُونُ أَمِينًا عَلَى الِاسْمِ الْأَعْظَمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، اذْهَبْ عَنِّي فَلَا أَرَاكَ بَعْدَهَا.
وَقَدْ رُئِيَ أَبُو الْحُسَيْنِ الرَّازِيُّ هَذَا فِي الْمَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقِيلَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِقَوْلِي عِنْدَ الْمَوْتِ: اللَّهُمَّ إِنِّي نَصَحْتُ لِلنَّاسَ قَوْلًا وَخُنْتُ نَفْسِي فِعْلًا فَهَبْ لِي خِيَانَةَ فِعْلِي لِنُصْحِ قَوْلِي.
يَمُوتُ بْنُ الْمُزَرَّعِ بْنِ يَمُوتَ.
أَبُو بَكْرٍ الْعَبْدِيُّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ وَهُوَ ثَوْرِيٌّ، كَانَ ابْنَ أُخْتِ الْجَاحِظِ قَدِمَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْمَازِنِيِّ وَأَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ وَأَبِي الْفَضْلِ الرِّيَاشِيِّ وَكَانَ صَاحِبَ أَخْبَارٍ وَآدَابٍ وَمُلَحٍ
পৃষ্ঠা - ৯০৯৪
وَقَدْ كَانَ غَيَّرَ اسْمَهُ بِمُحَمَّدٍ، فِلْمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ إِلَّا الْأَوَّلُ، وَكَانَ إِذَا ذَهَبَ يَعُودُ مَرِيضًا فَدَقَّ الْبَابَ، فَقِيلَ: مَنْ؟ فَيَقُولُ: ابْنُ الْمُزَرَّعِ وَلَا يَذْكُرُ اسْمَهُ لِئَلَّا يَتَفَاءَلُ أَهْلُ الْمَرِيضِ بِسَمَاعِ ذَلِكَ.
পৃষ্ঠা - ৯০৯৫
[سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ
فِيهَا قَدِمَ رَسُولُ مَلِكِ الرُّومِ فِي طَلَبِ الْمُفَادَاةِ وَالْهُدْنَةِ وَهُوَ شَابٌّ حَدَثُ السِّنِّ وَمَعَهُ شَيْخٌ مِنْهُمْ وَعِشْرُونَ غُلَامًا، فَلَمَّا وَرَدَ بَغْدَادَ شَاهَدَ أَمْرًا عَظِيمًا جِدًّا وَذَلِكَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ الْمُقْتَدِرَ بِاللَّهِ أَمَرَ بِالِاحْتِفَالِ بِذَلِكَ لِيُشَاهَدَ مَا فِيهِ إِرْهَابُ الْأَعْدَاءِ، فَرَكِبَ الْجَيْشُ بِكَمَالِهِ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ مِائَةَ أَلْفٍ وَسِتِّينَ أَلْفًا مَا بَيْنَ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ فِي الْأَسْلِحَةِ التَّامَّةِ، وَغِلْمَانُ الْخَلِيفَةِ سَبْعَةُ آلَافٍ، أَرْبَعَةُ آلَافٍ بِيضٌ وَثَلَاثَةُ آلَافٍ سُودٌ، وَهُمْ فِي غَايَةِ الْمَلَابِسِ وَالْعُدَدِ، وَالْحَجَبَةُ يَوْمَئِذٍ سَبْعُمِائَةِ حَاجِبٍ وَأَمَّا الطَّيَّارَاتُ الَّتِي بِدِجْلَةَ والزِّبَارِبُ وَالْسُّمَيْرِيَّاتُ فَشَيْءٌ كَثِيرٌ مُزَيَّنَةٌ، فَحِينَ دَخَلَ الرَّسُولُ دَارَ الْخِلَافَةِ شَاهَدَ أَمْرًا أَدْهَشَهُ وَرَأَى مِنَ الْحِشْمَةِ وَالزِّينَةِ وَالْحُرْمَةِ مَا يُبْهِرُ الْأَبْصَارَ وَحِينَ اجْتَازَ بِالْحَاجِبِ ظَنَّ أَنَّهُ الْخَلِيفَةُ فَقِيلَ لَهُ هَذَا الْحَاجِبُ الْكَبِيرُ، فَمَرَّ بِالْوَزِيرِ فِي أُبَّهَتِهِ فَظَنَّهُ الْخَلِيفَةُ، فَقِيلَ لَهُ هَذَا الْوَزِيرُ، وَقَدْ زُيِّنَتْ دَارُ الْخِلَافَةِ بِزِينَةٍ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا، كَانَ فِيهَا مِنَ السُّتُورِ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ سِتْرٍ، مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ سِتْرٍ وَخَمْسُمِائَةِ مُذَهَّبَةٍ، وَقَدْ بُسِطَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ أَلْفَ بِسَاطٍ، وَفِيهَا مِنَ الْوُحُوشِ قُطْعَانٌ مُتَآنِسَةٌ بِالنَّاسِ، بِحَيْثُ تَأْكُلُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَمِائَةُ سَبُعٍ مَعَ
পৃষ্ঠা - ৯০৯৬
السَّبَّاعَةِ ثُمَّ أُدْخِلَ إِلَى دَارِ الشَّجَرَةِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ بِرْكَةٍ فِيهَا مَاءٌ صَافٍ، وَفِي وَسَطِ ذَلِكَ الْمَاءِ شَجَرَةٌ مَنْ ذَهَبَ وَفِضَّةٍ لَهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ غُصْنًا أَكْثَرُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَفِيَ الشَّمَارِيخِ وَالْأَوْرَاقِ الْمُلَوَّنَةِ عَلَيْهَا طُيُورٌ مَصْبُوغَةٌ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاللَّآلِئِ، وَهِيَ تُصَوِّتُ بِأَنْوَاعِ الْأَصْوَاتِ مِنَ الْمَاءِ الْمُسَلَّطِ عَلَيْهَا، وَالشَّجَرَةُ بِكَمَالِهَا تَتَمَايَلُ كَمَا تَتَمَايَلُ الْأَشْجَارُ بِحَرَكَاتٍ عَجِيبَةٍ تُدْهِشُ مَنْ يَرَاهَا، ثُمَّ أُدْخِلَ إِلَى مَكَانٍ يُسَمُّونَهُ الْفِرْدَوْسَ، فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَفَارِشِ وَالْآلَاتِ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ كَثْرَةً وَحُسْنًا وَفِي دَهَالِيزِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ جَوْشَنٍ مُذَهَّبَةٍ، فَمَا زَالَ كُلَّمَا مَرَّ عَلَى مَكَانٍ أَدْهَشَهُ وَأَخَذَ بِبَصَرِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ آبِنُوسَ قَدْ فُرِشَ بالدَّيْبَقِيِّ الْمُطَرَّزِ بِالذَّهَبِ وَعَنْ يَمِينِ السَّرِيرِ تِسْعَةُ عُقُودٍ مُعَلَّقَةٍ وَعَنْ يَسَارِهِ تِسْعَةٌ أُخْرَى مِنْ أَفْخَرِ الْجَوَاهِرِ يَعْلُو ضَوْؤُهَا عَلَى ضَوْءِ النَّهَارِ، فَأُوقِفَ الرَّسُولُ وَالَّذِي مَعَهُ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ عَلَى نَحْوٍ مَنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ وَالْوَزِيرُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ وَالتُّرْجُمَانُ دُونَ الْوَزِيرِ، فَجَعَلَ الْخَلِيفَةُ يُخَاطِبُ الْوَزِيرَ، وَالْوَزِيرُ يُخَاطِبُ التُّرْجُمَانَ وَالتُّرْجُمَانُ يُخَاطِبُهُمَا، ثُمَّ خَلَعَ عَلَيْهِمَا وَأَطْلَقَ لَهُمَا خَمْسِينَ سَقْرَقًا فِي كُلِّ سَقْرَقٍ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَأُخْرِجَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَطِيفَ بِهِمَا فِي بَقِيَّةِ دَارِ الْخِلَافَةِ وَعَلَى حَافَّاتِ دِجْلَةَ الْفِيَلَةُ وَالزَّرَافَاتُ وَالسِّبَاعُ وَالْفُهُودُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذَا مِنْ أَغْرَبِ مَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا الْفَضْلُ الْهَاشِمِيُّ.
পৃষ্ঠা - ৯০৯৭
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
سُلَيْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ أَبُو مُوسَى.
النَّحْوِيُّ الْكُوفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْحَامِضِ، صَحِبَ ثَعْلَبًا أَرْبَعِينَ سَنَةً وَخَلَفَهُ فِي حَلْقَتِهِ وَصَنَّفَ " غَرِيبَ الْحَدِيثِ " وَ " خَلْقَ الْإِنْسَانِ " وَ " الْوُحُوشَ " وَ " النَّبَاتَ " وَكَانَ دَيِّنًا صَالِحًا رَوَى عَنْهُ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا وَدُفِنَ بِبَابِ التِّبْنِ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِيرَوَيْهِ الْحَافِظُ. وَعِمْرَانُ بْنُ مُجَاشِعٍ. وَأَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ. وَقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى الْمُطَرِّزُ الْمُقْرِئُ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ سَمِعَ أَبَا كُرَيْبٍ وَسُوَيْدَ بْنَ سَعِيدٍ، وَعَنْهُ الْخُلْدِيُّ وَابْنُ الْجَعَّابِيِّ، تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৯০৯৮
[سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِمِائَةٍ
فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ مُسْتَهَلُّ هَذِهِ السَّنَةِ - فُتِحَ الْمَارَسْتَانُ الَّذِي بَنَتْهُ السَّيِّدَةُ أُمُّ الْمُقْتَدِرِ، وَجَلَسَ فِيهِ سِنَانُ بْنُ ثَابِتٍ الطَّبِيبُ وَرُتِّبَتْ فِيهِ الْأَطِبَّاءُ وَالْخَدَمُ وَالْقَوْمَةُ وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ سِتَّمِائَةَ دِينَارٍ، وَأَشَارَ سِنَانُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى الْخَلِيفَةِ بِبِنَاءِ مَارَسْتَانَ فَقَبِلَ مِنْهُ وبُنِيَ وَسُمِّيَ الْمُقْتَدِرِيَّ.
وَفِيهَا وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ أُمَرَاءِ الصَّوَائِفِ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُصُونِ فِي بِلَادِ الرُّومِ.
وَفِيهَا شَغَبَ الْعَامَّةُ وَأَرْجَفُوا بِمَوْتِ الْمُقْتَدِرِ، فَرَكِبَ فِي الْجَحَافِلِ حَتَّى بَلَغَ الثُّرَيَّا وَرَجَعَ مِنْ بَابِ الْعَامَّةِ وَوَقَفَ طَوِيلًا لِيَرَاهُ النَّاسُ ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الشَّمَّاسِيَّةِ وَانْحَدَرَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ فِي دِجْلَةَ فَسَكَنَتِ الْفِتَنُ.
وَفِيهَا قَلَّدَ الْمُقْتَدِرُ حَامِدَ بْنَ الْعَبَّاسِ الْوِزَارَةَ وَخَلَعَ عَلَيْهِ وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَخَلْفَهُ أَرْبَعُمِائَةِ غُلَامٍ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ عَجْزُهُ، فَأَخْرَجَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى وَجَعَلَهُ مَعَهُ لِيُنْفِذَ الْأُمُورَ وَيَنْظُرَ مَعَهُ فِي الْأَعْمَالِ، وَكَانَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مُقْلَةَ مِمَّنْ يَكْتُبُ أَيْضًا بِحَضْرَةِ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْوَزِيرِ، ثُمَّ صَارَتِ الْمُنْزِلَةُ كُلُّهَا لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى وَاسْتَقَلَّ بِالْوِزَارَةِ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ.
وَفِيهَا أَمَرَتِ السَّيِّدَةُ أُمُّ الْمُقْتَدِرِ قَهْرَمَانَةً لَهَا تُعْرَفُ بِثَمِلَ أَنْ تَجْلِسَ فِي التُّرْبَةِ الَّتِي بَنَتْهَا بِالرُّصَافَةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمْعَةٍ، وَأَنْ تَنْظُرَ فِي الْمَظَالِمِ الَّتِي تُرْفَعُ إِلَيْهَا فِي الْقِصَصِ، وَحَضَرَ فِي مَجْلِسِهَا
পৃষ্ঠা - ৯০৯৯
الْقُضَاةُ وَالْفُقَهَاءُ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْهَاشِمِيُّ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ.
أَبُو الْقَاسِمِ الْكِلَابِيُّ الشَّافِعِيُّ سَمِعَ الْحَارِثَ بْنَ مِسْكِينٍ وَغَيْرَهُ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا ثِقَةً، عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ يُحِبُّ الْخَلْوَةَ وَالِانْقِبَاضَ، تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ مِنْهَا.
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ أَحَدُ مَشَايِخِ الْحَدِيثِ الْمُكْثِرِينَ الْمُعَمَّرِينَ.
أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سُرَيْجٍ.
أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَاضِي بِشِيرَازَ صَنَّفَ نَحْوَ أَرْبَعِمِائَةِ مُصَنَّفٍ وَكَانَ أَحَدَ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ وَكَانَ يُلَقَّبُ بِالْبَازِ الْأَشْهَبِ، وَكَانَ قَدْ أَخَذَ الْفِقْهَ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْأَنْمَاطِيِّ، وَعَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كَالْمُزَنِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ انْتَشَرَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْآفَاقِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَرْجَمَتَهُ فِي طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ بِمَا فِيهِ مَقْنَعٌ. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا عَنْ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ الْخَامِسَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَعُمُرُهُ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَقَبْرُهُ يُزَارُ.
أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى.
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَلَّاءُ بَغْدَادِيٌّ سَكَنَ الشَّامَ وَصَحِبَ أَبَا
পৃষ্ঠা - ৯১০০
التُّرَابِ النَّخْشَبِيَّ وَذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ بِسَنَدِهِ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبَوَيَّ وَأَنَا شَابٌّ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَهِبَانِي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَا: قَدْ وَهَبْنَاكَ لِلَّهِ، فَغِبْتُ عَنْهُمَا مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى بَلَدِنَا عِشَاءً فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْبَابِ فَدَقَقْتُهُ، فَقَالَا: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا وَلَدُكُمَا فُلَانٌ، فَقَالَا: إِنَّهُ قَدْ كَانَ لَنَا وَلَدٌ وَوَهَبْنَاهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَحْنُ مِنَ الْعَرَبِ لَا نَرْجِعُ فِيمَا وَهَبْنَا. وَلَمْ يَفْتَحَا لِيَ الْبَابَ.
الْحُسَيْنُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.
الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَهُوَ أَخُو الْقَاضِي أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ كَانَ إِلَيْهِ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ بِالْأُرْدُنِّ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ زِيَادٍ.
أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوَالِيقِيُّ الْقَاضِي الْمَعْرُوفُ بِعَبْدَانَ، الْأَهْوَازِيُّ وُلِدَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، كَانَ أَحَدَ الْحُفَّاظِ الْأَثْبَاتِ، يَحْفَظُ مِائَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ، جَمَعَ الْمَشَايِخَ وَالْأَبْوَابَ، رَوَى عَنْ هُدْبَةَ وَكَامِلِ بْنِ طَلْحَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ ابْنُ صَاعِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
مُحَمَّدُ بْنُ بَابْشَاذَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ.
سَكَنَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ
পৃষ্ঠা - ৯১০১
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيِّ وَبِشْرِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَقَدِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَفِي حَدِيثِهِ غَرَائِبُ وَمَنَاكِيرُ تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ مِنْهَا.
مُحْمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ شَهْرَيَارَ.
أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ الْبَلْخِيُّ الْأَصْلِ رَوَى عَنِ الْفَلَّاسِ وَبِشْرِ بْنِ مُعَاذٍ وَعَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْجِعَابِيِّ، كَذَّبَهُ ابْنُ نَاجِيَةَ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ صَدَقَةَ بْنِ زِيَادٍ.
أَبُو بَكْرٍ الضَّبِّيُّ الْقَاضِي الْمَعْرُوفُ بِوَكِيعٍ كَانَ عَالِمًا فَاضِلًا عَارِفًا بِأَيَّامِ النَّاسِ فَقِيهًا قَارِئًا نَحْوِيًّا لَهُ مُصَنَّفَاتٌ مِنْهَا كِتَابُ " الْعَدَدِ " وَلِيَ الْقَضَاءَ بِالْأَهْوَازِ وَحَدَّثَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ وَالزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَغَيْرِهِمَا، وَعَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الصَّوَّافُ وَغَيْرُهُمَا، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ:
إِذَا مَا غَدَتْ طَلَّابَةُ الْعِلْمِ تَبْتَغِي ... مِنَ الْعِلْمِ يَوْمًا مَا يُخَلَّدُ فِي الْكُتْبِ
غَدَوْتُ بِتَشْمِيرٍ وَجِدٍّ عَلَيْهِمْ ... وَمِحْبَرَتِي أُذْنِي وَدَفْتَرُهَا قَلْبِي
مَنْصُورُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْفَقِيهُ أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي الْمَذْهَبِ وَلَهُ الشِّعْرُ الْحَسَنُ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَيَظْهَرُ فِي
পৃষ্ঠা - ৯১০২
شِعْرِهِ التَّشَيُّعُ وَكَانَ جُنْدِيًّا كُفَّ بَصَرُهُ وَسَكَنَ الرَّمْلَةَ ثُمَّ قَدِمَ مِصْرَ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ بِهَا.
أَبُو نَصْرٍ الْمُحِبُّ.
أَحَدُ مَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ كَانَ لَهُ كَرَمٌ وَسَخَاءٌ وَمُرُوءَةٌ، وَمَرَّ بِسَائِلٍ سَأَلَ وَهُوَ يَقُولُ: شَفِيعِي إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَقَّ أَبُو نَصْرٍ إِزَارَهُ وَأَعْطَاهُ نِصْفَهُ ثُمَّ مَشَى خُطْوَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَأَعْطَاهُ النِّصْفَ الْآخَرَ، وَقَالَ: هَذَا نَذَالَةٌ.
পৃষ্ঠা - ৯১০৩
[سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ
فِي صَفَرٍ مِنْهَا وَقَعَ حَرِيقٌ بِالْكَرْخِ فِي الْبَاقِلَّانِيِّينَ هَلَكَ فِيهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.
وَفِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْهَا دُخِلَ بِأُسَارَى مِنَ الْكَرْخِ نَحْوٍ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ أَسِيرًا أَنْقَذَهُمُ الْأَمِيرُ بَدْرٌ الْحَمَامِيُّ.
وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ انْقَضَّ كَوْكَبٌ عَظِيمٌ غَالِبُ الضَّوْءِ وَتَقَطَّعَ ثَلَاثَ قِطَعٍ وَسُمِعَ بَعْدَ انْقِضَاضِهِ صَوْتُ رَعْدٍ شَدِيدٍ هَائِلٍ مِنْ غَيْرِ غَيْمٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.
وَفِيهَا دَخَلَتِ الْقَرَامِطَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ.
وَفِيهَا عُزِلَ حَامِدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنِ الْوِزَارَةِ وَأُعِيدَ إِلَيْهَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْفُرَاتِ الْمَرَّةَ الثَّالِثَةَ.
وَفِيهَا كَسَرَتِ الْعَامَّةُ أَبْوَابَ السُّجُونِ فَأَخْرَجُوا مَنْ كَانَ بِهَا، فَأَدْرَكَتِ الشُّرْطَةُ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنَ السِّجْنِ فَلَمْ يَفُتْهُمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ، بَلْ رُدُّوا إِلَى السُّجُونِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ أَخُو أُمِّ مُوسَى الْقَهْرَمَانَةِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى.
أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ صَاحِبُ " الْمُسْنَدِ " الْمَشْهُورِ، سَمِعَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَطَبَقَتَهُ وَكَانَ حَافِظًا خَيِّرًا حَسَنَ
পৃষ্ঠা - ৯১০৪
التَّصْنِيفِ عَدْلًا فِيمَا يَرْوِيهِ ضَابِطًا لِمَا يُحَدِّثُ بِهِ.
إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ.
أَبُو يَعْقُوبَ الْبَزَّازُ الْكُوفِيُّ، رَحَلَ إِلَى الشَّامِ وَمِصْرَ وَكَتَبَ الْكَثِيرَ وَصَنَّفَ " الْمُسْنَدَ " وَاسْتَوْطَنَ بَغْدَادَ وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ مِنْهَا.
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَعْرَجُ النَّيْسَابُورِيُّ الْحَافِظُ، قَدِمَ بَغْدَادَ وَرَوَى عَنْهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْأَزْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْحُفَّاظِ، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا عَارِفًا، تُوُفِّيَ بِحَلَبَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ.
الْفَقِيهُ الْمُحَدِّثُ شَيْخُ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ فِي السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ.
عَلِيُّ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْأَزْهَرِ أَبُو الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ، كَانَ أَوَّلًا مُتْرَفًا ثُمَّ كَانَ زَاهِدًا عَابِدًا يَبْقَى الْأَيَّامَ لَا يَأْكُلُ فِيهَا شَيْئًا، وَكَانَ يَقُولُ: أَلْهَانِي الشَّوْقُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا لَا أَمُوتُ بِمَا يَمُوتُونَ، بِالْأَعْلَالِ وَالْأَسْقَامِ إِنَّمَا هُوَ
পৃষ্ঠা - ৯১০৫
دُعَاءٌ وَإِجَابَةٌ، أُدْعَى فَأُجِيبُ، فَكَانَ كَمَا قَالَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي جَمَاعَةٍ إِذْ قَالَ: لَبَّيْكَ، وَوَقَعَ مَيِّتًا.
ومُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرُّويَانِيُّ صَاحِبُ " الْمُسْنَدِ " وَابْنُ ذَرِيحٍ الْعُكْبَرِيُّ وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ.
পৃষ্ঠা - ৯১০৬
[سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ
غَلَتِ الْأَسْعَارُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِبَغْدَادَ فَاضْطَرَبَتِ الْعَامَّةُ وَقَصَدُوا دَارَ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الَّذِي ضَمِنَ قَرَايَا مِنَ الْخَلِيفَةِ، فَغَلَتِ الْأَسْعَارُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَعَدَوْا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْخَطِيبِ، فَمَنَعُوهُ الْخُطْبَةَ وَكَسَرُوا الْمَنَابِرَ وَدِكَكَ الشُّرَطِ وَحَرَقُوا جُسُورًا كَثِيرَةً، وَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِقِتَالِ الْعَامَّةِ ثُمَّ نَقَضَ الضَّمَانَ الَّذِي كَانَ حَامِدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ضَمِنَهُ فَانْحَطَّتِ الْأَسْعَارُ وَبِيعَ الْكُرُّ بِنَاقِصِ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَطَابَتْ أَنْفُسُ النَّاسِ بِذَلِكَ وَسَكَنُوا.
وَفِي تَمُّوزَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَ بَرْدٌ شَدِيدٌ جِدًّا حَتَّى نَزَلَ النَّاسُ عَنِ الْأَسْطِحَةِ وَتَدَثَّرُوا بِاللُّحُفِ وَالْأَكْسِيَةِ وَوَقَعَ فِي شِتَاءِ هَذِهِ السَّنَةِ ثَلْجٌ عَظِيمٌ وَكَانَ فِيهَا بَرْدٌ شَدِيدٌ جِدًّا بِحَيْثُ أَضَرَّ ذَلِكَ بِبَعْضِ النَّخِيلِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ أَخُو الْقَهْرَمَانَةِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الْفَقِيهُ.
رَاوِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْهُ
পৃষ্ঠা - ৯১০৭
أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْتِ.
بْنِ الْمُغَلِّسِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْحِمَّانِيُّ أَحَدُ الْوَضَّاعِينَ لِلْأَحَادِيثِ رَوَى عَنْ خَالِهِ جُبَارَةَ بْنِ الْمُغَلِّسِ وَأَبِي نُعَيْمٍ وَمُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ وَغَيْرِهِمْ أَحَادِيثَ، كُلُّهَا وَضَعَهَا هُوَ فِي مَنَاقِبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَحَكَى عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَبِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ أَخْبَارًا كُلُّهَا كَذِبٌ.
قَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ: كَانَ أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْتِ يَضَعُ الْحَدِيثَ.
إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ وَالْمُفَضَّلُ الْجَنَدِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبٍ الدِّينَوَرِيُّ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ يَعْقُوبَ.
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئُ النَّحْوِيُّ التَّوَّزِيُّ سَكَنَ بَغْدَادَ وَرَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ، وَعَنْهُ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، وَمِنْ شِعْرِهِ:
পৃষ্ঠা - ৯১০৮
إِذَا لَمْ تَكُنْ حَافِظًا وَاعِيًا ... فَعِلْمُكَ فِي الْبَيْتِ لَا يَنْفَعُ
وَتَحْضُرُ بِالْجَهْلِ فِي مَجْلِسٍ ... وَعِلْمُكَ فِي الْكُتْبِ مُسْتَوْدَعُ
وَمَنْ يَكُ فِي دَهْرِهِ هَكَذَا ... يَكُنْ دَهْرَهُ الْقَهْقَرَى يَرْجِعُ
পৃষ্ঠা - ৯১০৯
[سَنَةُ تِسْعٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ
فِيهَا وَقَعَ حَرِيقٌ كَثِيرٌ فِي نُوَاحِي بَغْدَادَ بِسَبَبِ زِنْدِيقٍ قُتِلَ فَأَلْقَى مَنْ كَانَ مِنْ جِهَتِهِ الْحَرِيقَ فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ فَهَلَكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.
وَفِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا قَلَّدَ الْمُقْتَدِرُ مُؤْنِسًا الْخَادِمَ بِلَادَ مِصْرَ وَالشَّامِ وَلَقَبَّهُ الْمُظَفَّرَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ فِي الْمُرَاسَلَاتِ إِلَى الْآفَاقِ.
وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا أُحْضِرَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِلَى دَارِ الْوَزِيرِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ لِمُنَاظَرَةِ الْحَنَابِلَةِ فِي أَشْيَاءَ نَقَمُوهَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَحْضُرُوا وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ.
وَقَدَّمَ الْوَزِيرُ حَامِدُ بْنِ الْعَبَّاسِ لِلْخَلِيفَةِ بُسْتَانًا بَنَاهُ وَسَمَّاهُ النَّاعُورَةَ قِيمَتُهُ مِائَةُ أَلْفِ دِينَارٍ وَفَرَشَ مَسَاكِنَهُ بِأَنْوَاعِ الْمَفَارِشِ الْمُفْتَخِرَةِ.
وَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحَلَّاجِ وَلِنَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ تَرْجَمَتِهِ وَسِيرَتِهِ وَكَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ، عَلَى وَجْهِ الْإِيجَازِ وَبَيَانِ الْمَقْصُودِ بِطَرِيقِ الْإِنْصَافِ وَالْعَدْلِ.
[فِتْنَةُ الْحَلَّاجِ]
[تَرْجَمَةُ الْحَلَّاجِ]
وَهَذِهِ نُبْذَةٌ مِنْ سِيرَتِهِ وَأَحْوَالِهِ وَكَشْفِ سَرِيرَتِهِ وَأَقْوَالِهِ
الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ مَحْمِيٍّ الْحَلَّاجُ أَبُو مُغِيثٍ، وَيُقَالُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ،
পৃষ্ঠা - ৯১১০
كَانَ جَدُّهُ مَجُوسِيًّا اسْمُهُ مَحْمِيٌّ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ نَشَأَ بِوَاسِطَ، وَيُقَالُ بِتُسْتَرَ، وَدَخَلَ بَغْدَادَ وَتَرَدَّدَ إِلَى مَكَّةَ مِرَارًا لِلْحَجِّ وَجَاوَرَ بِهَا سَنَوَاتٍ مُتَفَرِّقَةً، وَكَانَ يُصَابِرُ نَفْسَهُ وَيُجَاهِدُهَا فَلَا يَجْلِسُ إِلَّا تَحْتَ السَّمَاءِ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا بَعْضَ قُرْصٍ وَيَشْرَبُ قَلِيلًا مِنَ الْمَاءِ مَعَهُ وَذَلِكَ وَقْتَ الْفُطُورِ مُدَّةَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ وَيَجْلِسُ عَلَى صَخْرَةٍ فِي قُبَالَةِ الْحَرَمِ فِي جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَقَدْ صَحِبَ جَمَاعَةً مِنْ سَادَاتِ مَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ كَالْجُنَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْمَكِّيِّ وَأَبِي الْحُسَيْنِ النُّورِيِّ.
قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ وَالصُّوفِيَّةُ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ فَأَكْثَرَهُمْ نَفَى أَنْ يَكُونَ الْحَلَّاجُ مِنْهُمْ وَأَبَى أَنْ يَعُدَّهُ فِيهِمْ، وَقَبِلَهُ مِنْ مُتَقَدِّمِيهِمْ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَطَاءٍ الْبَغْدَادِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ خَفِيفٍ الشِّيرَازِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّصْرَابَاذِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ وَصَحَّحُوا لَهُ حَالَهُ وَدَوَّنُوا كَلَامَهُ حَتَّى قَالَ ابْنُ خَفِيفٍ: الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ عَالِمٌ رَبَّانِيٌّ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّصْرَابَاذِيَّ وَعُوتِبَ فِي شَيْءٍ حُكِيَ عَنِ الْحَلَّاجِ فِي الرُّوحِ،
পৃষ্ঠা - ৯১১১
فَقَالَ لِمَنْ عَاتَبَهُ: إِنْ كَانَ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ مُوَحِّدٌ فَهُوَ الْحَلَّاجُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَسَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشِّبْلِيَّ، يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَالْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ شَيْئًا وَاحِدًا إِلَّا أَنَّهُ أَظْهَرَ وَكَتَمْتُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشِّبْلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ رَأَى الْحَلَّاجَ مَصْلُوبًا: أَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ؟
قَالَ الْخَطِيبُ: وَالَّذِينَ نَفَوْهُ مِنَ الصُّوفِيَّةِ نَسَبُوهُ إِلَى الشَّعْبَذَةِ فِي فِعْلِهِ وَإِلَى الزَّنْدَقَةِ فِي عَقْدِهِ.
قَالَ: وَلَهُ إِلَى الْآنِ أَصْحَابٌ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ وَيَغْلُونَ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ الْحَلَّاجُ حَسَنَ الْعِبَارَةِ حُلْوَ الْمَنْطِقِ وَلَهُ شِعْرٌ عَلَى طَرِيقَةِ التَّصَوُّفِ.
قُلْتُ: لَمْ يَزَلِ النَّاسُ مُنْذُ قُتِلَ الْحَلَّاجُ مُخْتَلِفِينَ فِي أَمْرِهِ. فَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَحُكِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ وَأَنَّهُ كَانَ كَافِرًا مُمَخْرِقًا مُمَوِّهًا مُشَعْبِذًا، وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَكْثَرِ الصُّوفِيَّةِ مِنْهُمْ. وَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَجْمَلُوا الْقَوْلَ فِيهِ وَغَرَّهُمْ ظَاهِرُهُ وَلَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى بَاطِنِهِ، وَقَدْ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ فِيهِ تَعْبُدٌ وَتَأَلُّهٌ وَسُلُوكٌ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ يَسْلُكُ بِهِ فِي عِبَادَتِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الدَّاخِلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ مَا يُفْسِدُهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُهُ. وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ