আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ৮৮৭০
[سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا اسْتَأْمَنَ جَعْفَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفُ بِالسَّجَّانِ - وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ أُمَرَاءِ صَاحِبِ الزَّنْجِ وَثِقَاتِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ - الْمُوَفَّقَ فَأَمَّنَهُ وَفَرِحَ بِهِ وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ فَرَكِبَ فِي سُمْرَتِهِ فَوَقَفَ تُجَاهَ قَصْرِ الْمَلِكِ، فَنَادَى فِي النَّاسِ وَأَعْلَمَهُمْ بِكَذِبِ صَاحِبِ الزَّنْجِ وَفُجُورِهِ، وَأَنَّهُ فِي غُرُورٍ هُوَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ، فَاسْتَأْمَنَ بِسَبَبِ ذَلِكَ بِشْرٌ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَبَرَدَ قِتَالُ الزَّنْجِ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى رَبِيعٍ الْآخَرِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ الْمُوَفَّقُ أَصْحَابَهُ بِمُحَاصَرَةِ السُّورِ، وَأَمَرَهُمْ إِذَا نَقَبُوا السُّورَ أَنْ لَا يَدْخُلُوا الْبَلَدَ حَتَّى يَأْمُرَهُمْ، فَنَقَبُوا السُّورَ حَتَّى انْثَلَمَ ثُمَّ عَجَّلُوا الدُّخُولَ فَدَخَلُوا، فَقَاتَلَهُمُ الزَّنْجُ فَهَزَمَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَتَقَدَّمُوا إِلَى وَسَطِ الْمَدِينَةِ فَجَاءَتْهُمُ الزَّنْجُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَخَرَجَتْ عَلَيْهِمُ الْكَمَائِنُ مِنْ أَمَاكِنَ لَا يَهْتَدُونَ إِلَيْهَا، فَقَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلْقًا كَثِيرًا وَاسْتَلَبُوهُمْ، وَفَرَّ الْبَاقُونَ، فَلَامَهُمْ أَبُو أَحْمَدَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ مِنَ الْعَجَلَةِ، وَأَجْرَى الْأَرْزَاقَ عَلَى ذُرِّيَّةِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، فَحَسُنَ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ جِدًّا، وَظَفِرَ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ الْمُوَفَّقِ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْأَعْرَابِ وَغَيْرِهِمْ، كَانُوا يَجْلِبُونَ الطَّعَامَ إِلَى الزَّنْجِ فَقَتَلَهُمْ، وَظَفِرَ بِبَهْبُوذَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ الْفَتْحِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْظَمِ الرَّزَايَا عِنْدَ الزَّنْجِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَبَعْثَ عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ إِلَى أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسِينَ مَنًّا مِنْ مِسْكٍ، وَخَمْسِينَ مَنًّا مِنْ عَنْبَرٍ، وَمِائَتَيْ مَنٍّ مِنْ عُودٍ، وَفِضَّةً بِقِيمَةِ مِائَةِ
পৃষ্ঠা - ৮৮৭১
أَلْفٍ، وَثِيَابًا مِنْ وَشْيٍ وَغِلْمَانًا كَثِيرَةً جِدًّا. وَفِيهَا خَرَجَ مَلِكُ الرُّومِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الصَّقْلَبِيَّةِ فَحَاصَرَ أَهْلَ مَلَطْيَةَ فَأَعَانَهُمْ أَهْلُ مَرْعَشَ فَفَرَّ الْخَبِيثُ خَاسِئًا. وَغَزَا الصَّائِفَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الثُّغُورِ عَامِلُ ابْنِ طُولُونَ فَقَتَلَ مِنَ الرُّومِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ الْمُتَقَدِّمُ. وَفِيهَا قُتِلَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُجُسْتَانِيُّ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ. وَأَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ. وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الضَّبِّيُّ، وَعِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ، وَقَدْ صَحِبَ الشَّافِعِيَّ وَرَوَى عَنْهُ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৭২
[سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ اجْتَهَدَ الْمُوَفَّقُ - وَفَّقَهُ اللَّهُ - فِي تَخْرِيبِ سُورِ مَدِينَةِ صَاحِبِ الزَّنْجِ فَخَرَّبَ مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا، وَتَمَكَّنَ الْجُيُوشُ مِنَ الْعُبُورِ إِلَى الْبَلَدِ، وَلَكِنْ جَاءَهُ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْحَالَةِ سَهْمٌ فِي صَدْرِهِ مِنْ يَدِ رَجُلٍ رُومِيٍّ يُقَالُ لَهُ: قِرْطَاسٌ. فَكَادَ يَقْتُلُهُ، فَاضْطَرَبَ الْحَالُ لِذَلِكَ وَهُوَ يَتَجَلَّدُ وَيَحُضُّ عَلَى الْقِتَالِ مَعَ ذَلِكَ. وَأَقَامَ بِبَلَدِهِ الْمُوَفَّقِيَّةِ أَيَّامًا يَتَدَاوَى، وَاضْطَرَبَتِ الْأَحْوَالُ، وَخَافَ النَّاسُ جِدًّا مِنْ صَاحِبِ الزَّنْجِ، وَأَشَارُوا عَلَى الْمُوَفَّقِ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَغْدَادَ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَقَوِيَتْ عِلَّتُهُ ثُمَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَافِيَةِ فِي شَعْبَانَ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، فَنَهَضَ مُسْرِعًا إِلَى الْحِصَارِ، فَوَجَدَ الْخَبِيثَ قَدْ رَمَّمَ كَثِيرًا مِمَّا كَانَ الْمُوَفَّقُ قَدْ خَرَّبَهُ وَهَدَمَهُ، فَأَمَرَ بِتَخْرِيبِهِ وَمَا حَوْلَهُ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ، ثُمَّ لَازَمَ الْحِصَارَ وَمَا انْفَكَّ حَتَّى فَتَحَ الْمَدِينَةَ الْغَرْبِيَّةَ، وَخَرَّبَ قُصُورَ صَاحِبِ الزَّنْجِ وَدُورَ أُمَرَائِهِ، وَاسْتَلَبَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَغَنِمَ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ كَثْرَةً، وَأَسَرَ خَلْقًا مِنْ نِسَاءِ الزَّنْجِ، وَاسْتَنْقَذَ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَصِبْيَانِهِمْ خَلْقًا كَثِيرًا، فَأَمَرَ بِرَدِّهِمْ إِلَى أَهْلِيهِمْ مُكَرَّمِينَ، وَقَدْ تَحَوَّلَ صَاحِبُ الزَّنْجِ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ وَعَمِلَ الْجُسُورَ وَالْقَنَاطِرَ الْحَائِلَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَصُولِ السُّمَيْرِيَّاتِ إِلَيْهِ، فَأَمَرَ الْمُوَفَّقُ بِتَخْرِيبِهَا وَقَطْعِ الْجُسُورِ، وَاسْتَمَرَّ الْحِصَارُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَمَا بَرِحَ حَتَّى تَسَلَّمَ الْجَانِبَ الشَّرْقِيَّ أَيْضًا وَاسْتَحْوَذَ
পৃষ্ঠা - ৮৮৭৩
عَلَى حَوَاصِلِهِ وَأَمْوَالِهِ، وَفَرَّ الْخَبِيثُ ذَاهِبًا وَكَرَّ هَارِبًا وَتَرَكَ حَلَائِلَهُ وَأَوْلَادَهُ وَحَوَاصِلَهُ، فَأَخَذَهَا الْمُوَفَّقُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَشَرْحُ ذَلِكَ كُلِّهِ يَطُولُ جِدًّا. وَقَدْ حَرَّرَهُ مَبْسُوطًا ابْنُ جَرِيرٍ وَلَخَّصَهُ مَبْسُوطًا ابْنُ الْأَثِيرِ، وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ. وَلَمَّا رَأَى الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَمِدُ أَنَّ أَخَاهُ أَبَا أَحْمَدَ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَى أُمُورِ الْخِلَافَةِ وَصَارَ هُوَ الْحَاكِمَ الْآمِرَ النَّاهِيَ الَّذِي إِلَيْهِ تُجْلَبُ الْأَمْوَالُ وَيُحْمَلُ الْخَرَاجُ، وهُوَ الَّذِي يُوَلِّي وَيَعْزِلُ، كَتَبَ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ يَشْكُو إِلَيْهِ ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ طُولُونَ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى عِنْدِهِ بِبِلَادِ مِصْرَ وَوَعَدَهُ النَّصْرَ وَالْقِيَامَ مَعَهُ، فَاسْتَغْنَمَ غَيْبَةَ أَخِيهِ الْمُوَفَّقِ وَرَكِبَ فِي جُمَادَى الْأُولَى وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُوَّادِ، وَقَدْ أَرْصَدَ لَهُ أَحْمَدُ بْنُ طُولُونَ جَيْشًا بِالرَّقَّةِ يَتَلَقَّوْنَهُ، فَلَمَّا اجْتَازَ الْخَلِيفَةُ بِإِسْحَاقَ بْنِ كِنْدَاجٍ نَائِبِ الْمَوْصِلِ وَعَامَّةِ الْجَزِيرَةِ اعْتَقَلَهُ عِنْدَهُ عَنِ الْمَسِيرِ إِلَى ابْنِ طُولُونَ، وَقَيَّدَ أَعْيَانَ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ مَعَهُ، وَعَاتَبَ الْخَلِيفَةَ وَلَامَهُ عَلَى هَذَا الصَّنِيعِ أَشَدَّ اللَّوْمِ، ثُمَّ أَلْزَمَهُ الْعَوْدَ إِلَى سَامَرَّا وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ، فَرَجَعُوا إِلَيْهَا فِي غَايَةِ الذُّلِّ وَالْإِهَانَةِ. وَلَمَّا بَلَغَ الْمُوَفَّقَ ذَلِكَ شَكَرَ سَعْيَ إِسْحَاقَ وَوَلَّاهُ جَمِيعَ أَعْمَالِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ إِلَى أَقْصَى بِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ، وَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ أَنْ يَلْعَنَ ابْنَ طُولُونَ فِي دَارِ الْعَامَّةِ، فَلَمْ يُمْكِنِ الْمُعْتَمِدَ إِلَّا إِجَابَتُهُ إِلَى ذَلِكَ، وَهُوَ كَارِهٌ، وَكَانَ ابْنُ طُولُونَ قَدْ قَطَعَ ذِكْرَ الْمُوَفَّقِ فِي الْخُطَبِ وَأَسْقَطَ اسْمَهُ عَنِ الطِّرَازَاتِ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৭৪
وَفِيهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بِمَكَّةَ بَيْنَ أَصْحَابِ الْمُوَفَّقِ وَأَصْحَابِ ابْنِ طُولُونَ، فَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ طُولُونَ مِائَتَانِ وَهَرَبَ بَقِيَّتُهُمْ، واسْتَلَبَهُمْ أَصْحَابُ الْمُوَفَّقِ شَيْئًا كَثِيرًا. وَفِيهَا قَطَعَتِ الْأَعْرَابُ عَلَى الْحَجِيجِ الطَّرِيقَ، وَأَخَذُوا مِنْهُمْ خَمْسَةَ آلَافِ بَعِيرٍ بِأَحْمَالِهَا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْقِذٍ الْخَوْلَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُخَالِدٍ مَوْلَى الْمُعْتَصِمِ، وَكَانَ مِنْ دُعَاةِ الْمُعْتَزِلَةِ، أَخَذَ الْكَلَامَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُبَشِّرٍ الْمُعْتَزِلِيِّ. وَسُلَيْمَانُ بْنِ حَفْصٍ الْمُعْتَزِلِيُّ صَاحِبُ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَأَبِي الْهُذَيْلِ الْعَلَّافِ. وَعِيسَى ابْنُ الشَّيْخِ ابْنِ السَّلِيلِ الشَّيْبَانِيُّ نَائِبُ أَرْمِينِيَّةَ وَدِيَارِ بَكْرٍ. وَأَبُو فَرْوَةَ يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرًّهَاوِيُّ، أَحَدُ الضُّعَفَاءِ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৭৫
[سَنَةُ سَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] فِيهَا كَانَ مَقْتَلُ صَاحِبِ الزَّنْجِ قَبَّحَهُ اللَّهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُوَفَّقَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ شَأْنِ مَدِينَةِ صَاحِبِ الزَّنْجِ وَهِيَ الْمُخْتَارَةُ وَاحْتَازَ مَا كَانَ بِهَا مِنَ الْأَمْوَالِ، وَقَتَلَ مَنْ كَانَ بِهَا مِنَ الرِّجَالِ، وَسَبَى مَنْ وَجَدَ فِيهَا مِنَ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ، وَقَدْ هَرَبَ صَاحِبُ الزَّنْجِ عَنْ حَوْمَةِ الْجِلَادِ وَالنِّزَالِ، وَسَارَ إِلَى بَعْضِ الْبِلَادِ طَرِيدًا شَرِيدًا بِشَرِّ حَالٍ، عَادَ الْمُوَفَّقُ - وَفَّقَهُ اللَّهُ - إِلَى مَدِينَتِهِ الْمُوَفَّقِيَّةِ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا، وَقَدِمَ عَلَيْهِ لُؤْلُؤَةُ غُلَامُ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ مُنَابِذًا لِسَيِّدِهِ سَمِيعًا مُطِيعًا لِلْمُوَفَّقِ، فَكَانَ وُرُودُهُ عَلَيْهِ فِي ثَالِثِ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ وَأَعْطَاهُ وَخَلَعَ عَلَيْهِ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَهُ طَلِيعَةً بَيْنَ يَدَيْهِ لِقِتَالِ صَاحِبِ الزَّنْجِ وَرَكِبَ الْمُوَفَّقُ فِي الْجُيُوشِ الْكَثِيفَةِ الْهَائِلَةِ وَرَاءَهُ، فَقَصَدُوا الْخَبِيثَ وَقَدْ تَحَصَّنَ بِبَلْدَةٍ أُخْرَى، فَلَمْ يَزَلْ مُحَاصِرًا لَهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْهَا ذَلِيلًا وَهُوَ صَاغِرٌ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى مَا كَانَ بِهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْمَغَانِمِ، ثُمَّ بَعَثَ السَّرَايَا وَالْجُيُوشَ وَرَاءَهُ، فَأَسَرُوا عَامَّةَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ خَاصَّتِهِ وَحُمَاتِهِ ; مِنْهُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ جَامِعٍ، فَاسْتَبْشَرَ النَّاسُ بِأَسْرِهِ وَكَبَّرُوا فَرَحًا بِالنَّصْرِ وَالْفَتْحِ، وَحَمَلَ الْمُوَفَّقُ بِمَنِّ مَعَهُ حَمْلَةً وَاحِدَةً عَلَى أَصْحَابِ الْخَبِيثِ فَاسْتَحَرَّ فِيهِمُ الْقَتْلُ، وَمَا انْجَلَتِ الْحَرْبُ حَتَّى جَاءَ الْبَشِيرُ بِقَتْلِ
পৃষ্ঠা - ৮৮৭৬
الْخَبِيثِ صَاحِبِ الزَّنْجِ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَأَتَى بِرَأْسِهِ مَعَ غُلَامِ لُؤْلُؤَةَ فَتَى أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ فَلَمَّا تَحَقَّقَ الْمُوَفَّقُ أَنَّهُ رَأَسُهُ بَعْدَ شَهَادَةِ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِذَلِكَ، خَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ثُمَّ انْكَفَأَ رَاجِعًا إِلَى الْمُوَفَّقِيَّةِ، وَرَأْسُ الْخَبِيثِ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَسُلَيْمَانَ مَعَهُ أَسِيرٌ، فَدَخَلَ الْبَلَدَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، ثُمَّ جِيءَ بِأَنْكَلَايَ وَلَدِ صَاحِبِ الزَّنْجِ وَأَبَانِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُهَلَّبِيِّ، مُسَعَّرِ حَرْبِهِمْ، مَأْسُورَيْنِ، وَمَعَهُمَا قَرِيبٌ مِنْ خَمْسَةِ آلَافِ أَسِيرٍ، فَتَمَّ السُّرُورُ، وَهَرَبَ قِرْطَاسٌ الَّذِي رَمَى الْمُوَفَّقَ فِي صَدْرِهِ بِذَلِكَ السَّهْمِ إِلَى رَامَهُرْمُزَ فَأُخِذَ وَبُعِثَ بِهِ إِلَى الْمُوَفَّقِ فَقَتَلَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ وَلَدُ الْمُوَفَّقِ. وَاسْتَأْمَنَ مَنْ بَقِيَ مِنْ جُيُوشِ الزَّنْجِ فَأَمَّنَهُمُ الْمُوَفَّقُ، وَنَادَى فِي النَّاسِ بِالْأَمَانِ، وَأَنْ يَرْجِعَ كُلُّ مَنْ كَانَ أُخْرِجَ مِنْ دِيَارِهِ بِسَبَبِ فِتْنَةِ الزَّنْجِ إِلَى أَوْطَانِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ، ثُمَّ قَدَّمَ وَلَدَهُ أَبَا الْعَبَّاسِ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى بَغْدَادَ وَمَعَهُ رَأْسُ الْخَبِيثِ يُحْمَلُ لِيَرَاهُ أَهْلُ بَغْدَادَ فَدَخَلَهَا لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيتْ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا بِبَغْدَادَ، وَانْتَهَتْ أَيَّامُ صَاحِبِ الزَّنْجِ الْمُدَّعِي الْكَذَّابِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ. وَقَدْ كَانَ ظُهُورُهُ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَقُتِلَ يَوْمَ السَّبْتِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৭৭
وَقَدْ قِيلَ فِي انْقِضَاءِ دَوْلَةِ الزَّنْجِ وَمَا كَانَ مِنَ النَّصْرِ عَلَيْهِمْ أَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ ; مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَسْلَمِيِّ: أَقُولُ وَقَدْ جَاءَ الْبَشِيرُ بِوَقْعِةٍ ... أَعَزَّتْ مِنَ الْإِسْلَامِ مَا كَانَ وَاهِيًا جَزَى اللَّهُ خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ بَعْدَمَا ... أُبِيحَ حِمَاهُمْ خَيْرَ مَا كَانَ جَازِيَا تَفَرَّدَ - إِذْ لَمْ يَنْصُرِ اللَّهُ نَاصِرٌ ... بِتَجْدِيدِ دِينٍ كَانَ أَصْبَحَ بَالِيَا وَتَجْدِيدِ مُلْكٍ قَدْ وَهَى بَعْدَ عِزِّهِ ... وَأَخْذٍ بِثَارَاتٍ تُبِيرُ الْأَعَادِيَا وَرَدِّ عِمَارَاتٍ أُزِيلَتْ وَأُخْرِبَتْ ... لِيَرْجِعَ فَيْءٌ قَدْ تَخَرَّمَ وَافِيَا وَتَرْجِعَ أَمْصَارٌ أُبِيحَتْ وَأُحْرِقَتْ ... مِرَارًا فَقَدْ أَمْسَتْ قَوَاءً عَوَافِيَا وَيَشْفِي صُدُورَ الْمُسْلِمِينَ بِوَقْعَةٍ ... يُقِرُّ بِهَا مِنَّا الْعُيُونَ الْبَوَاكِيَا وَيُتْلَى كِتَابُ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ ... وَيُلْقَى دُعَاءُ الطَّالِبِيِّينَ خَاسِيَا فَأَعْرَضَ عَنْ أَحْبَابِهِ وَنَعِيمِهِ ... وَعَنْ لَذَّةِ الدُّنْيَا وَأَصْبَحَ عَارِيَا وَهِيَ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ، هَذَا طَرَفٌ مِنْهَا. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَقْبَلَتِ الرُّومُ فِي مِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، فَنَزَلُوا قَرِيبًا مِنْ طَرَسُوسَ فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَبَيَّتُوهُمْ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى الصَّبَاحِ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَقُتِلَ الْمُقَدَّمُ الَّذِي عَلَيْهِمْ وَهُوَ بِطْرِيقُ الْبَطَارِقَةِ، وَجُرِحَ أَكْثَرُ الْبَاقِينَ، وَغَنِمَ
পৃষ্ঠা - ৮৮৭৮
الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ غَنِيمَةً عَظِيمَةً ; مِنْ ذَلِكَ سَبْعُ صُلْبَانٍ مَنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَصَلِيبُهُمُ الْأَعْظَمُ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ مٍنْ ذَهَبٍ صَامِتٍ مُكَلَّلٍ بِالْجَوَاهِرِ، وَأَرْبَعَةُ كَرَاسٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَمِائَتَا كُرْسِيٍّ مِنْ فِضَّةٍ، وَآنِيَةٌ كَثِيرَةٌ، وَعَشَرَةُ آلَافِ عَلَمٍ مِنْ دِيبَاجٍ، وَغَنِمُوا حَرِيرًا كَثِيرًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ دَابَّةٍ وَسُرُوجًا وَسِلَاحًا وَسُيُوفًا مُحَلَّاةً، وَشَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ أَوَّلًا وَآخِرًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ طُولُونَ. أَبُو الْعَبَّاسِ أَمِيرُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَبَانِي الْجَامِعِ بِهَا، الْمَنْسُوبُ إِلَيْهِ، وَقَدْ مَلَكَ دِمَشْقَ وَالْعَوَاصِمَ وَالثُّغُورَ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ طُولُونَ مِنَ الْأَتْرَاكِ الَّذِينَ أَهْدَاهُمْ نُوحُ بْنُ أَسَدِ بْنِ سَامَانَ السَّامَانِيُّ، عَامِلُ بُخَارَى إِلَى الْمَأْمُونِ فِي سَنَةِ مِائَتَيْنِ، وَيُقَالُ: إِلَى الرَّشِيدِ فِي سَنَةِ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. وُلِدَ أَحْمَدُ هَذَا فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৭৯
وَمَاتَ أَبُوهُ طُولُونَ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ، وَقِيلَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَحَكَى ابْنُ خِلِّكَانَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ ابْنَهُ وَإِنَّمَا تَبَنَّاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَحَكَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ مِنْ جَارِيَةٍ تُرْكِيَّةٍ اسْمُهَا هَاشِمُ. وَنَشَأَ أَحْمَدُ هَذَا فِي صِيَانَةٍ وَعَفَافٍ وَدِرَاسَةٍ لِلْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، مَعَ حُسْنِ الصَّوْتِ، وَكَانَ يَعِيبُ عَلَى أَوْلَادِ التُّرْكِ مَا يَرْتَكِبُونَهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُنْكَرَاتِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ جَارِيَةً اسْمُهَا هَاشِمُ. وَحَكَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِهِ " عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِ مِصْرَ أَنَّ طُولُونَ لَمْ يَكُنْ أَبَاهُ، وَإِنَّمَا كَانَ قَدْ تَبَنَّاهُ، وَأَنَّهُ كَانَ ظَاهِرَ النَّجَابَةِ مِنْ صِغَرِهِ، وَأَنَّهُ اتَّفَقَ أَنْ بَعَثَهُ طُولُونَ فِي حَاجَةٍ لِيَأْتِيَهُ بِهَا مِنْ قَصْرِ الْإِمَارَةِ، فَذَهَبَ، فَإِذَا حَظِيَّةٌ مِنْ حَظَايَا أَبِيهِ مَعَ بَعْضِ الْخَدَمِ فِي فَاحِشَةٍ، فَأَخَذَ حَاجَتَهُ الَّتِي أَمَرَهُ بِهَا، وَكَرَّ رَاجِعًا إِلَيْهِ سَرِيعًا، وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِشَيْءٍ مِمَّا رَأَى مِنْ ذَلِكَ، فَتَوَهَّمَتِ الْحَظِيَّةُ أَنْ يَكُونَ أَحْمَدُ قَدْ أَخْبَرَ طُولُونَ بِمَا رَأَى، فَجَاءَتْ إِلَى طُولُونَ فَقَالَتْ: إِنَّ أَحْمَدَ
পৃষ্ঠা - ৮৮৮০
جَاءَنِي الْآنَ إِلَى الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ وَرَاوَدَنِي عَنْ نَفْسِي، وَانْصَرَفَتْ إِلَى قَصْرِهَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا، فَاسْتَدْعَى أَحْمَدَ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا، وَخَتَمَهُ إِلَى بَعْضِ الْأُمَرَاءِ: أَنْ إِذَا وَصَلَ إِلَيْكَ حَامِلُ هَذَا الْكِتَابِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَابْعَثْ بِرَأْسِهِ سَرِيعًا إِلَيَّ. فَذَهَبَ أَحْمَدُ وَهُوَ لَا يَدْرِي مَا فِي الْكِتَابِ، فَاجْتَازَ فِي طَرِيقِهِ بِقَصْرِ تِلْكَ الْحَظِيَّةِ، فَاسْتَدْعَتْهُ إِلَيْهَا، فَقَالَ: إِنِّي مَشْغُولٌ بِهَذَا الْكِتَابِ لِأُوَصِّلَهُ إِلَى فُلَانٍ. فَقَالَتْ: هَلُمَّ، فَلِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ - وَأَرَادَتْ أَنْ تَحْبِسَهُ عِنْدَهَا ; لِيَكْتُبَ لَهَا كِتَابًا، لِتُحَقِّقَ فِي ذِهْنِ الْمَلِكِ مَا ذَكَرَتْهُ مِنْ أَمْرِهِ، وَأَرْسَلَتْ بِذَلِكَ الْكِتَابِ مَعَ الْخَادِمِ الَّذِي كَانَتْ هِيَ وَإِيَّاهُ عَلَى الْفَاحِشَةِ وَجَلَسَ أَحْمَدُ يَكْتُبُ لَهَا الْكِتَابَ، وَذَهَبَ ذَلِكَ الْخَادِمُ إِلَى ذَلِكَ الْأَمِيرِ بِالْكِتَابِ، فَلَمَّا قَرَأَهُ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، وَأَرْسَلَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمَلِكِ طُولُونَ، فَتَعَجَّبَ الْمَلِكُ وَقَالَ: أَيْنَ أَحْمَدُ؟ فَطُلَبَ لَهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، أَخْبِرْنِي كَيْفَ صَنَعْتَ مُنْذُ خَرَجْتَ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا جَرَى مِنَ الْأَمْرِ، وَلَمَّا سَمِعَتْ تِلْكَ الْحَظِيَّةُ بِأَنَّ رَأْسَ الْخَادِمِ قَدْ أُتِيَ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ سَقَطَ فِي يَدَيْهَا، وَتَوَهَّمَتْ أَنَّ الْمَلِكَ قَدْ تَحَقَّقَ الْحَالَ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ
পৃষ্ঠা - ৮৮৮১
تَعْتَذِرُ وَتَسْتَغْفِرُ مِمَّا وَقَعَ مِنْهَا مَعَ الْخَادِمِ، وَاعْتَرَفَتْ بِالْحِقِّ وَبَرَّأَتْ سَاحَةَ أَحْمَدَ، فَحَظِيَ عِنْدَهُ، وَأَوْصَى لَهُ بِالْمُلْكِ مِنْ بَعْدِهِ. ثُمَّ وَلِيَ نِيَابَةَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِلْمُعْتَزِّ، فَدَخَلَهَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَأَحْسَنَ إِلَى أَهْلِهَا إِحْسَانًا كَثِيرًا، وَأَنْفَقَ فِيهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْ صَدَقَاتِهِ، وَاسْتَغَلَّ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ فِي بَعْضِ السِّنِينَ أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَبَنَى بِهَا الْجَامِعَ، وَغَرِمَ عَلَيْهِ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَكَانَ فَرَاغُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ، وَقِيلَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ. وَكَانَتْ لَهُ مَائِدَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَحْضُرُهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ، وَكَانَ يَتَصَدَّقُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ. وَقَالَ لَهُ وَكِيلُهُ يَوْمًا: إِنَّهُ تَأْتِينِي الْمَرْأَةُ وَعَلَيْهَا الْإِزَارُ وَبِذْلَةٌ وَهَيْئَةٌ فَتَسْأَلُنِي أَفَأُعْطِيَهَا؟ فَقَالَ: مَنْ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْكَ فَأَعْطِهِ. وَكَانَ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ لِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَمِنْ أَطْيَبِهِمْ صَوْتًا بِهِ. وَقَدْ قِيلَ - فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ خَلِّكَانَ: إِنَّهُ قَتَلَ صَبْرًا نَحْوًا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ نَفْسٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَبَنَى الْبِيمَارِسْتَانَ، فَغَرِمَ عَلَيْهِ سِتِّينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى الْمَيْدَانِ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا، وَكَانَ لَهُ صَدَقَاتٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَإِحْسَانٌ زَائِدٌ، ثُمَّ مَلَكَ دِمَشْقَ بَعْدَ أَمِيرِهَا أَمَاجُورَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا.
পৃষ্ঠা - ৮৮৮২
وَاتَّفَقَ أَنَّهُ وَقَعَ بِهَا حَرِيقٌ عِنْدَ كَنِيسَةِ مَرْيَمَ، فَنَهَضَ بِنَفْسِهِ إِلَيْهِ وَمَعَهُ أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْحَافِظُ الدِّمَشْقِيُّ، وَكَاتِبُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ، ثُمَّ أَمَرَ كَاتِبَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِ الْأَمِيرِ سَبْعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ تُصْرَفُ إِلَى أَهْلِ الدُّورِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي أُحْرِقَتْ، فَصَرَفَ إِلَيْهِمْ جَمِيعَ قِيمَةِ مَا ذَكَرُوهُ، وَبَقِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُوَزَّعَ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَالٍ عَظِيمٍ يُفَرَّقُ عَلَى فُقَرَاءِ دِمَشْقَ وَغُوطَتِهَا، فَأَقَلُّ مَا حَصَلَ لِلْفَقِيرِ دِينَارٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ فَحَاصَرَ بِهَا صَاحِبَهَا سِيمَا حَتَّى قَتَلَهُ، وَتَسَلَّمَ الْبَلَدَ - كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ - ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ بِمِصْرَ فِي أَوَائِلِ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ عِلَّةٍ أَصَابَتْهُ مِنْ أَكْلِ لَبَنِ الْجَوَامِيسِ، فَأَصَابَهُ ذَرَبٌ، فَدَاوَاهُ الْأَطِبَّاءُ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ، فَكَانَ يَأْكُلُ مِنْهُ فِي الْخُفْيَةِ، فَمَاتَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَدْ تَرَكَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَثَاثِ وَالدَّوَابِّ شَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا ; مِنْ ذَلِكَ عَشَرَةُ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَانَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَلَدًا ; مِنْهُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ ذَكَرًا، فَقَامَ
পৃষ্ঠা - ৮৮৮৩
بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ خُمَارَوَيْهِ، وَسَيَأْتِي مَا كَانَ مَنْ أَمْرِهِ. وَكَانَ لَهُ مِنَ الْغِلْمَانِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ غُلَامٍ، وَمِنَ الْمُوَالَى سَبْعَةُ آلَافِ مَوْلًى، وَمِنَ الْبِغَالِ وَالْخَيْلِ وَالْجِمَالِ شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَإِنَّمَا تَغَلَّبَ عَلَى الْبِلَادِ لِاشْتِغَالِ الْمُوَفَّقِ طَلْحَةَ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْهُ بِحَرْبِ صَاحِبِ الزَّنْجِ وَقَدْ كَانَ الْمُوَفَّقُ نَائِبَ أَخِيهِ الْمُعْتَمِدِ عَلَى اللَّهِ - وَهُوَ وَالِدُ الْمُعْتَضِدِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ. وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ سَهْلٍ الْكَاتِبُ. صَاحِبُ كِتَابِ " الْخَرَاجِ "، قَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ. وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْبَرْقِيِّ. وَأُسِيدُ بْنُ عَاصِمٍ الْجَمَّالُ. وَبَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْمِصْرِيُّ. فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৮৪
وَالْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ الْعَلَوِيُّ. صَاحِبُ طَبَرِسْتَانَ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ أَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ كَرِيمًا جَوَادًا مُمَدَّحًا يَعْرِفُ الْفِقْهَ وَالْعَرَبِيَّةَ، قَالَ لَهُ شَاعِرٌ فِي جُمْلَةِ قَصِيدَةٍ مَدَحَهُ بِهَا: اللَّهُ فَرْدٌ وَابْنُ زَيْدٍ فَرْدُ فَقَالَ: وَيْلَكَ، لَا تَقُلْ، هَلَّا قُلْتَ: اللَّهُ فَرْدٌ وَابْنُ زَيْدٍ عَبْدُ ثُمَّ نَزَلَ عَنْ سَرِيرِهِ، وَخَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَأَلْصَقَ خَدَّهُ بِالتُّرَابِ، وَلَمْ يُعْطِ ذَلِكَ الشَّاعِرَ شَيْئًا. وَامْتَدَحَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ فِي أَوَّلِ قَصِيدَتِهِ: لَا تَقُلْ بُشْرَى وَلَكِنْ بُشْرَيَانِ ... عِزَّةُ الدَّاعِي وَيَوْمُ الْمِهْرَجَانِ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ: لَوِ ابْتَدَأَتْ بِالْمِصْرَاعِ الثَّانِي لَكَانَ أَحْسَنَ، وَأَبْعَدَ لَكَ أَنْ تَبْتَدِئَ شِعْرَكَ بِحَرْفِ " لَا ". فَقَالَ لَهُ الشَّاعِرُ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا كَلِمَةٌ أَجْلَّ مَنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَقَالَ: أَصَبْتَ. وَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ سَنِيَّةٍ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৮৫
وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ. وَدَاودُ بْنُ عَلِيٍّ. الْأَصْبَهَانِيُّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ الْفَقِيهُ الظَّاهِرِيُّ، إِمَامُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، رَوَى عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الْقَعْنَبِيِّ، وَمُسَدَّدِ بْنِ مُسَرْهَدٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُدَ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ فَقِيهًا زَاهِدًا وَفِي كُتُبِهِ حَدِيثٌ كَثِيرٌ، وَالرِّوَايَةُ عَنْهُ عَزِيزَةٌ جِدًّا، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ مِائَتَيْنِ، وَقِيلَ: فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي " طَبَقَاتِهِ " أَنَّ أَصْلَهُ مِنْ أَصْبَهَانَ وَوُلِدَ بِالْكُوفَةِ، وَنَشَأَ بِبَغْدَادَ وَأَنَّهُ انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْعِلْمِ بِهَا، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ أَرْبَعُمِائَةِ صَاحِبِ
পৃষ্ঠা - ৮৮৮৬
طَيْلَسَانٍ أَخْضَرَ، وَكَانَ مِنَ الْمُتَعَصِّبِينَ لِلشَّافِعِيِّ، وَصَنَّفَ مَنَاقِبَهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ حَسَنَ الصَّلَاةِ وَالتَّوَاضُعِ. وَقَدْ قَالَ الْأَزْدِيُّ: تُرِكَ حَدِيثُهُ. وَلَمْ يُتَابَعِ الْأَزْدِيُّ عَلَى ذَلِكَ. لَكِنْ رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهِ بِسَبَبِ كَلَامِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَأَنَّ لَفْظَهُ بِهِ مَخْلُوقٌ، كَمَا نُسِبَ إِلَى الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ. قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ، وَلَكِنْ حَصَرَ نَفْسَهُ بِنَفْيِهِ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ، فَضَاقَ بِذَلِكَ ذَرْعُهُ فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ مِنَ الْفِقْهِ، فَلَزِمَهُ الْقَوْلُ بِأَشْيَاءَ قَطْعِيَّةٍ صَارَ إِلَيْهَا بِسَبَبِ اتِّبَاعِهِ الظَّاهِرَ الْمُجَرَّدَ مِنْ غَيْرِ تَفَهُّمٍ لِمَعْنَى النَّصِّ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ الْقِيَاسِيُّونَ بَعْدَهُ فِي الِاعْتِدَادِ بِخِلَافِهِ، وَأَنَّهُ هَلْ يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِدُونِهِ مَعَ خِلَافِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى أَقْوَالٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهَا. وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا: الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ. صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ تَرْجَمْنَاهُ فِي " طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ " وَالْقَاضِي بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ. الْحَاكِمُ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ
পৃষ্ঠা - ৮৮৮৭
وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ مَسْجُونًا فِي حَبْسِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ ; لِكَوْنِهِ لَمْ يَخْلَعِ الْمُوَفَّقَ فِي سَنَةِ سَبْعِينَ، وَكَانَ عَالِمًا عَابِدًا زَاهِدًا كَثِيرَ التِّلَاوَةِ وَالْمُحَاسَبَةِ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ شَغَرَ مَنْصِبُ الْقَضَاءِ بَعْدَهُ بِمِصْرَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَقَدْ بَسَطَ ابْنُ خَلِّكَانَ تَرْجَمَتَهُ فِي الْوَفَيَاتِ. ابْنُ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ قَاضِيهَا، النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ صَاحِبُ الْمُصَنَّفَاتِ الْبَدِيعَةِ الْمُفِيدَةِ الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى عُلُومٍ جَمَّةٍ نَافِعَةٍ، اشْتَغَلَ بِبَغْدَادَ، وَسَمِعَ بِهَا الْحَدِيثَ عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَطَبَقَتِهِ، وَأَخَذَ اللُّغَةَ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ وَذَوِيهِ، وَصَنَّفَ وَجَمَعَ وَأَلَّفَ الْكُتُبَ الْكَثِيرَةَ ; فَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُ " الْمَعَارِفِ " " وَأَدَبُ الْكَاتِبِ " الَّذِي شَرَحَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ السَّيِّدِ الْبَطْلَيُوسِيُّ، وَكِتَابُ " مُشْكِلِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ "، " وَغَرِيبُ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ "، " وَعُيُونُ الْأَخْبَارِ "، " وَإِصْلَاحُ الْغَلَطِ "، وَكِتَابُ " الْخَيْلِ "، وَكِتَابُ " الْأَنْوَاءِ "، وَكِتَابُ " الْمَسَائِلِ وَالْجَوَابَاتِ "، وَكِتَابُ " الْمَيْسِرِ وَالْقِدَاحِ "، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ: فِي الَّتِي بَعْدَهَا. وَمَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، وَلَمْ يُجَاوِزِ السِّتِّينَ، وَرَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ أَحْمَدُ جَمِيعَ
পৃষ্ঠা - ৮৮৮৮
مُصَنَّفَاتِهِ. وَقَدْ وَلِيَ وَلَدُهُ أَحْمَدُ قَضَاءَ مِصْرَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ. وَتُوُفِّيَ بِهَا بَعْدَ سَنَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّاغَانِيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ وَارَةَ. وَمُصَعَبُ بْنُ أَحْمَدَ أَبُو أَحْمَدَ الصُّوفِيُّ. وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِ الْجُنَيْدِ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ مَلِكُ الرُّومِ ابْنُ الصَّقْلَبِيَّةِ، لَعَنَهُ اللَّهُ. وَفِيهَا ابْتَدَأَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى بِبِنَاءِ مَدِينَةِ لَارِدَةَ مِنْ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ.
পৃষ্ঠা - ৮৮৮৯
[سَنَةُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ فِيهَا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ عَمْرَو بْنَ اللَّيْثِ عَنْ وِلَايَةِ خُرَاسَانَ وَأَمَرَ بِلَعْنِهِ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَفَوَّضَ أَمْرَ خُرَاسَانَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ، وَبَعَثَ جَيْشًا إِلَى عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ فَهُزِمَ عَمْرٌو. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمُعْتَضِدِ ابْنِ الْمُوَفَّقِ أَبِي أَحْمَدَ وَبَيْنَ خُمَارَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ ; وَذَلِكَ أَنَّ خُمَارَوَيْهِ لَمَّا مَلَكَ بَعْدَ أَبِيهِ بِلَادَ مِصْرَ وَالشَّامِ جَاءَهُ جَيْشٌ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ، عَلَيْهِمْ إِسْحَاقُ بْنُ كِنْدَاجَ نَائِبُ الْجَزِيرَةِ وَابْنُ أَبِي السَّاجِ فَقَاتَلُوهُ بِأَرْضِ شَيْرَزَ، فَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِ الشَّامِ إِلَيْهِمْ، فَاسْتَنْجَدُوا بِأَبِي الْعَبَّاسِ ابْنِ الْمُوَفَّقِ، فَقَدِمَ إِلَيْهِمْ فَكَسَرَ جَيْشَ خُمَارَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ، وَتَسَلَّمَ دِمَشْقَ وَاحْتَازَهَا، ثُمَّ سَارَ نَحْوَ خُمَارَوَيْهِ إِلَى بِلَادِ الرَّمْلَةِ عِنْدَ مَاءٍ عَلَيْهِ طَوَاحِينُ، فَاقْتَتَلُوا هُنَالِكَ، فَبِذَلِكَ تُسَمَّى هَذِهِ وَقْعَةَ الطَّوَاحِينِ، ثُمَّ كَانَتِ النَّوْبَةُ أَوَّلًا لِأَبِي الْعَبَّاسِ عَلَى خُمَارَوَيْهِ، فَهَزَمَهُ حَتَّى هَرَبَ خُمَارَوَيْهِ، لَا يَلْوِي عَلَى شَيْءٍ، فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى دَخَلَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ، فَأَقْبَلَ أَبُو الْعَبَّاسِ وَأَصْحَابُهُ عَلَى نَهْبِ مُعَسْكَرِهِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ كَمِينٌ لِجَيْشِ خُمَارَوَيْهِ وَهُمْ مَشْغُولُونَ بِالْغَنِيمَةِ فَوَضَعَتِ الْمِصْرِيُّونَ فِيهِمُ السُّيُوفَ، فَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَانْهَزَمَ
পৃষ্ঠা - ৮৮৯০
الْجَيْشُ، وَهَرَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُعْتَضِدُ، فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى وَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ فَلَمْ يَفْتَحْ لَهُ أَهْلُهَا بَابَهَا، فَانْصَرَفَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى طَرَسُوسَ وَبَقِيَ الْجَيْشَانِ الْمِصْرِيُّ وَالْعِرَاقِيُّ يَقْتَتِلَانِ، وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمِيرٌ. ثُمَّ كَانَ الظَّفَرُ لِلْمِصْرِيِّينَ ; لِأَنَّهُمْ أَقَامُوا أَبَا الْعَشَائِرِ أَخَا خُمَارَوَيْهِ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا، فَغَلَبُوا بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَاسْتَقَرَّتْ أَيْدِيهِمْ عَلَى دِمَشْقَ وَسَائِرِ الشَّامِ وَهَذِهِ مِنْ أَعْجَبِ الْوَقَعَاتِ. وَفِيهَا جَرَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ بِأَرْضِ الْأَنْدَلُسِ مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ. وَفِيهَا دَخَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ ابْنَا الْحُسَيْنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَتَلَا خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِهَا، وَأَخَذَا أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَتَعَطَّلَتِ الصَّلَوَاتُ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ أَرْبَعَ جُمَعٍ لَمْ يَحْضُرِ النَّاسُ فِيهَا جُمْعَةً وَلَا جَمَاعَةً، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَجَرَتْ بِمَكَّةَ فِتْنَةٌ أُخْرَى وَاقْتَتَلَ النَّاسُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَيْضًا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْعَبَّاسِيُّ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ. تِلْمِيذُ ابْنِ مَعِينٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ