আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১৯১২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ، وَالشَّامِيَّةِ، وَالْحَرَمَيْنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ - الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ أَمِيرُ حَاجِّي ابْنُ الْمَلِكِ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بْنِ قَلَاوُونَ، وَنَائِبُهُ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَرُقْطَايُ، وَقُضَاةُ مِصْرَ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْمَاضِيَةِ بِأَعْيَانِهِمْ، وَنَائِبُهُ بِالشَّامِ الْمَحْرُوسَةِ سَيْفُ الدِّينِ يَلْبُغَا النَّاصِرِيُّ، وَقُضَاةُ الشَّامِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا بِأَعْيَانِهِمْ، غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ عِمَادَ الدِّينِ الْحَنَفِيَّ نَزَلَ لِوَلَدِهِ قَاضِي الْقُضَاةِ نَجْمِ الدِّينِ، فَبَاشَرَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَحَاجِبُ الْحُجَّابِ فَخْرُ الدِّينِ أَيَاسُ. وَاسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَنَائِبُ السَّلْطَنَةِ فِي هِمَّةٍ عَالِيَةٍ فِي عِمَارَةِ الْجَامِعِ الَّذِي قَدْ شَرَعَ فِي بِنَائِهِ غَرْبِيَّ سُوقِ الْخَيْلِ، بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ يُعْرَفُ بِتَلِّ الْمُشْنِقِينَ. وَفِي ثَالِثِ الْمُحَرَّمِ تُوُفِّيَ قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْهَمْدَانِيُّ الْمَالِكِيُّ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِمَيْدَانِ الْحَصَا، وَتَأَسَّفَ النَّاسُ عَلَيْهِ لِرِيَاسَتِهِ وَدِيَاثَةِ أَخْلَاقِهِ، وَإِحْسَانِهِ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَصَلَ تَقْلِيدُ قَضَاءِ الْمَالِكِيَّةِ لِلْقَاضِي
পৃষ্ঠা - ১১৯১৩
جَمَالِ الدِّينِ الْمِسَلَّاتِيِّ الَّذِي كَانَ نَائِبًا لِلْقَاضِي شَرَفِ الدِّينِ قَبْلَهُ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ. وَفِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَخَذُوا لِبِنَاءِ الْجَامِعِ الْمُجَدَّدِ بِسُوقِ الْخَيْلِ أَعْمِدَةً كَثِيرَةً مِنَ الْبَلَدِ وَظَاهِرِ الْبَلَدِ، يُعَلِّقُونَ مَا فَوْقَهُ مِنَ الْبِنَاءِ وَيَأْخُذُونَهُ ثُمَّ يُقِيمُونَ بَدَلَهُ دِعَامَةً، وَأَخَذُوا مِنْ دَرْبِ الصَّيْقَلِ، وَأَخَذُوا الْعَمُودَ الَّذِي كَانَ بِسُوقِ الْعِلْبِيِّينَ الَّذِي فِي تِلْكَ الدَّخْلَةِ عَلَى رَأْسِهِ مِثْلُ الْكُرَةِ فِيهَا حَدِيدٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ طَلْسَمٌ لِعُسْرِ بَوْلِ الْحَيَوَانِ إِذَا دَارُوا حَوْلَهُ بِالدَّابَّةِ يَنْحَلُّ أَرَاقِيهَا. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ خَلَعُوهُ مِنْ مَوْضِعِهِ، بَعْدَ مَا كَانَ لَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَهُوَ مَمْدُودٌ فِي سُوقِ الْعِلْبِيِّينَ عَلَى الْأَخْشَابِ لِيَجُرُّوهُ إِلَى الْجَامِعِ الْمَذْكُورِ مِنَ السُّوقِ الْكَبِيرِ، وَيَخْرُجُوا بِهِ مِنْ بَابِ الْجَابِيَةِ الْكَبِيرِ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَفِي أَوَاخِرِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ ارْتَفَعَ بِنَاءُ الْجَامِعِ الَّذِي أَنْشَأَهُ النَّائِبُ، وَجَفَّتِ الْعَيْنُ الَّتِي كَانَتْ تَحْتَ جِدَارِهِ حِينَ أَسَّسُوهُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَفِي سَلْخِ رَبِيعٍ الْآخِرِ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِمِسْكِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْأُمَرَاءِ; كَالْحِجَازِيِّ، وَآقْ سُنْقُرُ النَّاصِرِيُّ، وَمَنْ لَفَّ لَفَّهُمَا، فَتَحَرَّكَ الْجُنْدُ بِالشَّامِ، وَوَقَعَتْ خَبْطَةٌ. ثُمَّ اسْتَهَلَّ شَهْرُ جُمَادَى الْأُولَى وَالْجُنْدُ فِي حَرَكَةٍ
পৃষ্ঠা - ১১৯১৪
شَدِيدَةٍ، وَنَائِبُ السَّلْطَنَةِ يَسْتَدْعِي الْأُمَرَاءَ إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَتَعَاهَدَ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنْ لَا يُؤْذِيَ أَحَدًا أَبَدًا، وَأَنْ يَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ تَحَوَّلَ مَلِكُ الْأُمَرَاءِ مِنْ دَارِ السَّعَادَةِ إِلَى الْقَصْرِ الْأَبْلَقِ، وَاحْتَرَزَ لِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ حَاشِيَتُهُ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْهُ قَدِمَ أَمِيرٌ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى الْبَرِيدِ، وَمَعَهُ كِتَابٌ مِنَ السُّلْطَانِ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِعَزْلِ مَلِكِ الْأُمَرَاءِ يَلْبُغَا نَائِبِ الشَّامِ، فَقُرِئَ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ الْأُمَرَاءِ بِالْقَصْرِ الْأَبْلَقِ، فَتَغَمَّمَ لِذَلِكَ وَسَاءَهُ، وَفِيهِ طَلَبُهُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى الْبَرِيدِ لِيُوَلَّى نِيَابَةَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ خَدِيعَةً لَهُ، فَأَظْهَرَ الِامْتِنَاعَ، وَأَنَّهُ لَا يَذْهَبُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَبَدًا، وَقَالَ: إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ قَدِ اسْتَكْثَرَ عَلَيَّ وِلَايَةَ دِمَشْقَ، فَيُوَلِّينِي أَيَّ الْبِلَادِ شَاءَ، فَأَنَا رَاضٍ بِهَا. وَرَدَّ الْجَوَابَ بِذَلِكَ. وَلَمَّا أَصْبَحَ مِنَ الْغَدِ وَهُوَ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَهُوَ خَامِسَ عَشَرَهُ، رَكِبَ فَخَيَّمَ قَرِيبًا مِنَ الْجُسُورَةِ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي خَيَّمَ فِيهِ عَامَ أَوَّلٍ، وَفِي الشَّهْرِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ، فَبَاتَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَأَمَرَ الْأُمَرَاءَ بِنَصْبِ الْخِيَامِ هُنَالِكَ عَلَى عَادَتِهِمْ عَامَ أَوَّلٍ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَادِسَ عَشَرَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ مَا شَعَرَ النَّاسُ إِلَّا وَالْأُمَرَاءُ قَدِ اجْتَمَعُوا تَحْتَ الْقَلْعَةِ، وَأَحْضَرُوا مِنَ الْقَلْعَةِ سَنْجَقَيْنِ سُلْطَانِيَّيْنِ أَصْفَرَيْنِ، وَضَرَبُوا الطُّبُولَ حَرْبِيًّا، فَاجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ تَحْتَ السَّنْجَقِ السُّلْطَانِيِّ، وَلَمْ يَتَأَخَّرْ مِنْهُمْ سِوَى النَّائِبِ وَذَوِيهِ; كَابْنَيْهِ، وَإِخْوَتِهِ، وَحَاشِيَتِهِ، وَالْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ
পৃষ্ঠা - ১১৯১৫
قَلَاوُونَ أَحَدِ مُقَدَّمِي الْأُلُوفِ، وَخُبْزُهُ أَكْبَرُ أَخْبَازِ الْأُمَرَاءِ بَعْدَ النِّيَابَةِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْأُمَرَاءُ أَنْ هَلُمَّ إِلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلسُّلْطَانِ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَكَرَّرَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ، فَسَارُوا إِلَيْهِ فِي الطَّبْلَخَانَاهِ وَالْبُوقَاتِ مَلْبِسِينَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَيْهِ، وَجَدُوهُ قَدْ رَكِبَ خُيُولَهُ مُلْبِسًا وَاسْتَعَدَّ لِلْهَرَبِ، فَلَمَّا وَاجَهَهُمْ هَرَبَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَفَرُّوا فِرَارَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَسَاقَ الْجُنْدَ وَرَاءَهُ فَلَمْ يَكْتَنِفُوا لَهُ غُبَارًا، وَأَقْبَلَ الْعَامَّةُ وَتَرْكُمَانُ الْقُبَيْبَاتِ، فَانْتَهَبُوا مَا بَقِيَ فِي مُعَسْكَرِهِ مِنَ الشَّعِيرِ، وَالْأَغْنَامِ، وَالْخِيَامِ، حَتَّى جَعَلُوا يُقَطِّعُونَ الْخِيَامَ وَالْأَطْنَابَ قِطَعًا قِطَعًا، فَعُدِمَ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ مِنَ الْأَمْتِعَةِ مَا يُسَاوِي أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَانْتُدِبَ لِطَلَبِهِ وَالْمَسِيرِ وَرَاءَهُ الْحَاجِبُ الْكَبِيرُ الَّذِي قَدِمَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ قَرِيبًا، وَالْأَمِيرُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ صُبْحٍ أَحَدُ مُقَدَّمِي الْأُلُوفِ، فَسَارَ عَلَى طَرِيقِ الْأَشْرَفِيَّةِ ثُمَّ عَدَلَ إِلَى نَاحِيَةِ الْقَرْيَتَيْنِ. وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ قَدِمَ الْأَمِيرُ فَخْرُ الدِّينِ إِيَاسُ نَائِبُ صَفَدَ مِنْهَا، فَتَلَقَّاهُ الْأُمَرَاءُ وَالْمُقَدَّمُونَ، ثُمَّ جَاءَ فَنَزَلَ الْقَصْرَ، وَرَكِبَ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فِي الْجَحَافِلِ، وَلَمْ يَتْرُكْ بِدِمَشْقَ أَحَدًا مِنَ الْجُنْدِ إِلَّا رَكِبَ مَعَهُ، وَسَاقَ وَرَاءَ يَلْبُغَا وَمَنْ مَعَهُ، وَأَتْبَعَهُمُ الْأَزْوَادَ وَالْأَثْقَالَ، وَسَاقَ يَلْبُغَا فَابْتَدَأَ نَحْوَ الْبَرِّيَّةِ، فَجَعَلَتِ الْأَعْرَابُ يَعْتَرِضُونَهُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَمَا زَالُوا يَكُفُّونَهُ حَتَّى سَارَ نَحْوَ حَمَاةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ نَائِبُهَا وَقَدْ ضَعُفَ أَمْرُهُ جِدًّا، وَكَلَّ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ كَثْرَةِ السَّوْقِ وَمُصَاوَلَةِ الْأَعْدَاءِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَأَلْقَى بِيَدِهِ، وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَسُيُوفَ مَنْ مَعَهُ، وَاعْتُقِلُوا بِحَمَاةَ، وَبُعِثَ بِالسُّيُوفِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى دِمَشْقَ صَبِيحَةَ يَوْمِ
পৃষ্ঠা - ১১৯১৬
الْأَرْبِعَاءِ رَابِعَ عَشَرَ هَذَا الشَّهْرِ، فَضُرِبَتِ الْبَشَائِرُ بِالْقَلْعَةِ وَعَلَى بَابِ الْمَيَادِينِ عَلَى الْعَادَةِ، وَأَحْدَقَتِ الْعَسَاكِرُ بِحَمَاةَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ يَنْتَظِرُونَ مَا رَسَمَ بِهِ السُّلْطَانُ مِنْ شَأْنِهِ، وَقَامَ إِيَاسُ بِجَيْشِ دِمَشْقَ عَلَى حِمْصَ، وَكَذَلِكَ جَيْشُ طَرَابُلُسَ، ثُمَّ دَخَلَتِ الْعَسَاكِرُ رَاجِعَةً إِلَى دِمَشْقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ، وَقَدِمَ يَلْبُغَا مُقَيَّدًا عَلَى كَدِيشٍ هُوَ وَأَبُوهُ، وَحَوْلَهُ الْأُمَرَاءُ الْمُوَكَّلُونَ بِهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُنُودِ، فَدَخَلُوا بِهِ بَعْدَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَاجْتَازُوا بِهِ فِي سُوقِ السَّبْقَةِ بَعْدَ مَا غُلِّقَتِ الْأَسْوَاقُ، وَطُفِئَتِ السُّرُجُ، وَغُلِّقَتِ الطَّاقَاتُ، ثُمَّ مَرُّوا عَلَى الشَّيْخِ رَسْلَانَ وَالْبَابِ الشَّرْقِيِّ عَلَى بَابِ الصَّغِيرِ، ثُمَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ الذَّبَانِ عَلَى الْمُصَلَّى، وَاسْتَمَرُّوا ذَاهِبِينَ نَحْوَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَتَوَاتَرَتِ الْبَرِيدِيَّةُ مِنَ السُّلْطَانِ بِمَا رَسَمَ بِهِ فِي أَمْرِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَهُ; مِنَ الِاحْتِيَاطِ عَلَى حَوَاصِلِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَأَمْلَاكِهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدِمَ الْبَرِيدُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ رَابِعَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، فَأَخْبَرَ بِقَتْلِ يَلْبُغَا فِيمَا بَيْنَ قَاقُونَ وَغَزَّةَ، وَأُخِذَتْ رُءُوسُهُمَا إِلَى السُّلْطَانِ، وَكَذَلِكَ قُتِلَ بِغَزَّةَ الْأُمَرَاءُ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ مِصْرَ، وَهُمُ الْوَزِيرُ ابْنُ سَرْدِ بْنِ الْبَغْدَادِيِّ، وَالدَّوَادَارُ طُغَيْتَمُرَ، وَبَيْدَمُرُ الْبَدْرِيُّ أَحَدُ الْمُقَدَّمِينَ، كَانَ قَدْ نَقَمَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ مُمَالَأَةَ يَلْبُغَا، فَأَخْرَجَهُمْ مِنْ مِصْرَ مَسْلُوبِينَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِمْ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا كَانُوا بِغَزَّةَ لَحِقَهُمُ الْبَرِيدُ بِقَتْلِهِمْ حَيْثُ وَجَدَهُمْ،
পৃষ্ঠা - ১১৯১৭
وَكَذَلِكَ رُسِمَ بِقَتْلِ يَلْبُغَا حَيْثُ الْتَقَاهُ مِنَ الطَّرِيقِ، فَلَمَّا انْفَصَلَ الْبَرِيدُ مِنْ غَزَّةَ، الْتَقَى يَلْبُغَا فِي طَرِيقِ وَادِي فَحْمَةَ، فَخَنَقَهُ ثُمَّ احْتَزَّ رَأْسَهُ وَذَهَبَ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ، وَقَدِمَ أَمِيرَانِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِالْحَوْطَةِ عَلَى حَوَاصِلِ يَلْبُغَا وَطَوَاشِيٍّ مِنْ بَيْتِ الْمَمْلَكَةِ، فَتَسَلَّمَ مَصَاغًا وَجَوَاهِرَ نَفِيسَةً جِدًّا، وَرُسِمَ بِبَيْعِ أَمْلَاكِهِ وَمَا كَانَ وَقَفَهُ عَلَى الْجَامِعِ الَّذِي كَانَ قَدْ شَرَعَ بِعِمَارَتِهِ بِسُوقِ الْخَيْلِ، وَكَانَ قَدِ اشْتَهَرَ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِ الْقَيْسَارِيَّةَ الَّتِي كَانَ أَنْشَأَهَا ظَاهِرَ بَابِ الْفَرَجِ، وَالْحَمَّامَيْنِ الْمُتَجَاوِرَيْنِ ظَاهِرَ بَابِ الْجَابِيَةِ غَرْبِيَّ خَانِ السُّلْطَانِ الْعَتِيقِ، وَخُصَصًا فِي قَرَايَا أُخَرَ كَانَ قَدِ اسْتَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ طُلِبَ بَقِيَّةُ أَصْحَابِهِ مِنْ حَمَاةَ، فَحُمِلُوا إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَعُدِمَ خَبَرُهُمْ، فَلَا يُدْرَى عَلَى أَيِّ صِفَةٍ هَلَكُوا. وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَرْغُونُ شَاهْ دِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةَ نَائِبًا عَلَيْهَا، وَكَانَ قُدُومُهُ مِنْ حَلَبَ، انْفَصَلَ عَنْهَا، وَتَوَجَّهَ إِلَيْهَا الْأَمِيرُ فَخْرُ الدِّينِ إِيَاسُ الْحَاجِبُ، فَدَخَلَهَا أَرْغُونُ شَاهْ فِي أُبَّهَةِ النِّيَابَةِ، وَعَلَيْهِ خِلْعَةٌ وَعِمَامَةٌ بِطَرَفَيْنِ، وَهُوَ قَرِيبُ الشَّكْلِ مِنْ تَنْكِزَ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَنَزَلَ دَارَ السَّعَادَةِ وَحَكَمَ بِهَا، وَفِيهِ صَرَامَةٌ وَشَهَامَةٌ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الْآخِرِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ صُلِّيَ عَلَى الْأَمِيرِ عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ قَرَاسُنْقُرَ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ وَظَاهِرَ بَابِ النَّصْرِ، وَحَضَرَ الْقُضَاةُ، وَالْأَعْيَانُ،
পৃষ্ঠা - ১১৯১৮
وَالْأُمَرَاءُ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِمَيْدَانِ الْحَصَا بِالْقُرْبِ مِنَ الْجَامِعِ الْكَرِيمِيِّ. وَعُمِلَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ إِشْعَالِ الْقَنَادِيلِ، وَلَمْ يَشْتَغِلِ النَّاسُ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْغَلَاءِ، وَتَأَخُّرِ الْمَطَرِ، وَقِلَّةِ الْغَلَّةِ، وَغَلَاءِ السِّعْرِ، كُلُّ رَطْلٍ إِلَّا وُقِيَّةً بِدِرْهَمٍ، وَهُوَ مُتَغَيِّرٌ، وَسَائِرُ الْأَشْيَاءِ غَالِيَةٌ، وَالزَّيْتُ كُلُّ رَطْلٍ بِأَرْبَعَةٍ وَنِصْفٍ، وَمَثْلُهُ الشَّيْرَجُ، وَالصَّابُونُ، وَالْأُرْزُ، وَالْعَنْبَرِيسُ، كُلُّ رَطْلٍ بِثَلَاثَةٍ، وَسَائِرُ الْأَطْعِمَاتِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ قَرِيبَ الْحَالِ سِوَى اللَّحْمِ بِدِرْهَمَيْنِ وَرُبْعٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَغَالِبُ أَهْلِ حَوْرَانَ يَرِدُونَ مِنَ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ، وَيَجْلِبُونَ الْقَمْحَ لِلْمُؤْنَةِ وَالْبِدَارِ مِنْ دِمَشْقَ، وَبِيعَ عِنْدَهُمُ الْقَمْحُ الْمُغَرْبَلُ كُلُّ مُدٍّ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، وَهُمْ فِي جَهْدٍ شَدِيدٍ، وَاللَّهُ هُوَ الْمَأْمُولُ الْمَسْئُولُ، وَإِذَا سَافَرَ أَحَدٌ شَقَّ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ الْمَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِفَرَسِهِ وَدَابَّتِهِ; لِأَنَّ الْمِيَاهَ الَّتِي فِي الدَّرْبِ كُلَّهَا نَفِدَتْ، وَأَمَّا الْقُدْسُ فَأَشَدُّ حَالًا وَأَبْلَغُ فِي ذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ مَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ عَلَى عِبَادِهِ بِإِرْسَالِ الْغَيْثِ الْمُتَدَارَكِ الَّذِي أَحْيَا الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ، وَتَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى أَوْطَانِهِمْ; لِوُجُودِ الْمَاءِ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْغُدْرَانِ، وَامْتَلَأَتْ بِرْكَةُ زُرَعَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قَطْرَةٌ، وَجَاءَتْ بِذَلِكَ الْبَشَائِرُ إِلَى نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، وَذُكِرَ أَنَّ الْمَاءَ عَمَّ الْبِلَادَ كُلَّهَا، وَأَنَّ الثَّلْجَ عَلَى جَبَلِ بَنِي هِلَالٍ كَثِيرٌ، وَأَمَّا الْجِبَالُ الَّتِي حَوْلَ
পৃষ্ঠা - ১১৯১৯
دِمَشْقَ فَعَلَيْهَا ثُلُوجٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَاطْمَأَنَّتِ الْقُلُوبُ، وَحَصَلَ فَرَحٌ شَدِيدٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ يَوْمٍ بَقِيَ مِنْ تِشْرِينَ الثَّانِي. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ مُحَمَّدٌ الْحَنْبَلِيُّ بِالصَّالِحِيَّةِ، وَهُوَ خَطِيبُ الْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ الْمَشْهُورِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ كَثِيرًا مَا يُلَقِّنُ الْأَمْوَاتَ بَعْدَ دَفْنِهِمْ، فَلَقَّنَهُ اللَّهُ حُجَّتَهُ، وَثَبَّتَهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ. [مَقْتَلُ الْمُظَفَّرِ وَتَوْلِيَةُ النَّاصِرِ حَسَنِ بْنِ النَّاصِرِ] وَفِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ جَاءَ الْبَرِيدُ مِنْ نَائِبِ غَزَّةَ إِلَى نَائِبِ دِمَشْقَ بِقَتْلِ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْمُظَفَّرِ حَاجِّي بْنِ النَّاصِرِ مُحَمَّدٍ، وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمَرَاءِ فَتَحَيَّزُوا عَنْهُ إِلَى قُبَّةِ النَّسْرِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فِي طَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ فَقُتِلَ فِي الْحَالِ، وَسُحِبَ إِلَى مَقْبَرَةٍ هُنَاكَ، وَيُقَالُ: قُطِّعَ قِطَعًا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ آخِرَ النَّهَارِ وَرَدَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَمِيرٌ لِلْبَيْعَةِ لِأَخِيهِ السُّلْطَانِ النَّاصِرِ حَسَنٍ ابْنِ السُّلْطَانِ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بْنِ قَلَاوُونَ، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ فِي الْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ، وَزَيَّنَ الْبَلَدَ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ مَنْ أَمْكَنَ مِنَ النَّاسِ، وَمَا أَصْبَحَ الصَّبَاحُ يَوْمَ السَّبْتِ حَتَّى زُيِّنَ الْبَلَدُ بِكَمَالِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى انْتِظَامِ الْكَلِمَةِ، وَاجْتِمَاعِ الْأُلْفَةِ.
পৃষ্ঠা - ১১৯২০
وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ قَدِمَ الْأَمِيرُ فَخْرُ الدِّينِ إِيَاسُ نَائِبُ حَلَبَ مُحْتَاطًا عَلَيْهِ، فَاجْتَمَعَ بِالنَّائِبِ فِي دَارِ السَّعَادَةِ، ثُمَّ أُدْخِلَ الْقَلْعَةَ مُضَيَّقًا عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَدْ فُوِّضَ أَمْرُهُ إِلَى نَائِبِ دِمَشْقَ، فَمَهْمَا فَعَلَ فِيهِ فَقَدْ أُمْضِيَ لَهُ. فَأَقَامَ بِالْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ نَحْوًا مِنْ جُمُعَةٍ، ثُمَّ أُرْكِبَ عَلَى الْبَرِيدِ لِيُسَارَ بِهِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَلَمْ يُدْرَ مَا فُعِلَ بِهِ. وَفِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ ثَالِثِ شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ، مُؤَرِّخُ الْإِسْلَامِ، وَشَيْخُ الْمُحَدِّثِينَ، شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الذَّهَبِيُّ، بِتُرْبَةِ أُمِّ الصَّالِحِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي جَامِعِ دِمَشْقَ، وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَقَدْ خُتِمَ بِهِ شُيُوخُ الْحَدِيثِ وَحُفَّاظُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ سَادِسَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ حَضَرْتُ تُرْبَةَ أُمِّ الصَّالِحِ - رَحِمَ اللَّهُ وَاقِفَهَا - عِوَضًا عَنِ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ الذَّهَبِيِّ، وَحَضَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ وَبَعْضُ الْقُضَاةِ، وَكَانَ دَرْسًا مَشْهُودًا - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ - أَوْرَدْتُ فِيهِ حَدِيثَ أَحْمَدَ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلَقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ» .
পৃষ্ঠা - ১১৯২১
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ تَاسِعَ عَشَرَهُ أَمَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِجَمَاعَةٍ انْتَهَبُوا شَيْئًا مِنَ الْبَاعَةِ، فَقَطَعَ أَيْدِي أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمْ، وَسَمَّرَ سَبْعَةَ عَشَرَ تَسْمِيرًا; تَعْزِيرًا وَتَأْدِيبًا.
পৃষ্ঠা - ১১৯২২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ] اسْتَهَلَّتْ وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ الْمَلِكُ النَّاصِرُ نَاصِرُ الدِّينِ حَسَنُ بْنُ النَّاصِرِ بْنِ الْمَنْصُورِ، وَنَائِبُهُ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بَيْبُغَا، وَوَزِيرُهُ مَنْجَكْ، وَقُضَاتُهُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ، وَتَقِيُّ الدِّينِ الْأَخْنَائِيُّ الْمَالِكِيُّ، وَعَلَاءُ الدِّينِ بْنُ التُّرْكُمَانِيِّ الْحَنَفِيُّ، وَمُوَفَّقُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، وَكَاتِبُ سِرِّهِ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ فَضْلِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ، وَنَائِبُ الشَّامِ الْمَحْرُوسِ بِدِمَشْقَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَرْغُونُ شَاهْ النَّاصِرِيُّ، وَحَاجِبُ الْحُجَّابِ الْأَمِيرُ طَيْدَمُرُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَالْقُضَاةُ بِدِمَشْقَ; قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ نَجْمُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالُ الدِّينِ الْمَسَلَّاتِيُّ الْمَالِكِيُّ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ مُنَجَّا الْحَنْبَلِيُّ، وَكَاتِبُ سِرِّهِ الْقَاضِي نَاصِرُ الدِّينِ الْحَلَبِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ قَاضِي الْعَسَاكِرِ بِحَلَبَ، وَمُدَرِّسُ الْأَسَدِيَّةِ بِهَا أَيْضًا، مَعَ إِقَامَتِهِ بِدِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ. وَتَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ بِوُقُوعِ الْوَبَاءِ فِي أَطْرَافِ الْبِلَادِ، فَذُكِرَ عَنْ بِلَادِ الْقِرْمِ أَمْرٌ هَائِلٌ، وَمَوْتَانٌ فِيهِمْ كَثِيرٌ، ثُمَّ ذُكِرَ أَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى بِلَادِ الْفِرَنْجِ حَتَّى قِيلَ: إِنَّ أَهْلَ
পৃষ্ঠা - ১১৯২৩
قُبْرُصَ مَاتَ أَكْثَرُهُمْ أَوْ مَا يُقَارِبُ ذَلِكَ، وَكَذَا وَقَعَ بِغَزَّةَ أَمْرٌ عَظِيمٌ فِي أَوَائِلِ هَذِهِ السَّنَةِ. وَقَدْ جَاءَتْ مُطَالَعَةُ نَائِبِ غَزَّةَ إِلَى نَائِبِ دِمَشْقَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ يَوْمِ عَاشُورَاءَ إِلَى مِثْلِهِ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ نَحْوٌ مِنْ بِضْعَةِ عَشَرَ أَلْفًا، وَقُرِئَ " الْبُخَارِيُّ " فِي رَبْعَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ سَابِعَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَحَضَرَ الْقُضَاةُ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَقَرَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُقْرِئُونَ، وَدَعَا النَّاسُ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ عَنِ الْبِلَادِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ لِمَا بَلَغَهُمْ مِنْ حُلُولِ هَذَا الْمَرَضِ فِي السَّوَاحِلِ، وَغَيْرِهَا مِنْ أَرْجَاءِ الْبِلَادِ - يَتَوَهَّمُونَ وَيَخَافُونَ مِنْ وُقُوعِهِ بِمَدِينَةِ دِمَشْقَ حَمَاهَا اللَّهُ وَسَلَّمَهَا، مَعَ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَهُمْ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهَا بِهَذَا الدَّاءِ. وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَحَدِ تَاسِعِهِ اجْتَمَعَ النَّاسُ بِمِحْرَابِ الصَّحَابَةِ، وَقَرَءُوا مُتَوَزِّعِينَ " سُورَةَ نُوحٍ " ثَلَاثَةَ آلَافِ مَرَّةٍ، وَثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَسِتِّينَ مَرَّةً، عَنْ رُؤْيَا رَجُلٍ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرْشِدُهُ إِلَى قِرَاءَةِ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أَيْضًا كَثُرَ الْمَوْتُ فِي النَّاسِ بِأَمْرَاضِ الطَّوَاعِينِ، وَزَادَ الْأَمْوَاتُ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَلَى الْمِائَةِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَإِذَا وَقَعَ فِي أَهْلِ بَيْتٍ لَا يَكَادُ يَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى يَمُوتَ أَكْثَرُهُمْ، وَلَكِنَّهُ بِالنَّظَرِ إِلَى كَثْرَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ قَلِيلٌ، وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَجَمٌّ غَفِيرٌ، وَلَا سِيَّمَا مِنَ النِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَوْتَ فِيهِنَّ أَكْثَرُ مِنَ الرِّجَالِ بِكَثِيرٍ كَثِيرٍ، وَشَرَعَ الْخَطِيبُ فِي الْقُنُوتِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَالدُّعَاءِ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ مِنَ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ سَادِسَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَحَصَلَ لِلنَّاسِ بِذَلِكَ خُضُوعٌ، وَخُشُوعٌ، وَتَضَرُّعٌ، وَإِنَابَةٌ، وَكَثُرَتِ
পৃষ্ঠা - ১১৯২৪
الْأَمْوَاتُ فِي هَذَا الشَّهْرِ جِدًّا، وَزَادُوا عَلَى الْمِائَتَيْنِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَتَضَاعَفَ عَدَدُ الْمَوْتَى مِنْهُمْ، وَتَعَطَّلَتْ مَصَالِحُ النَّاسِ، وَتَأَخَّرَتِ الْمَوْتَى عَنْ إِخْرَاجِهِمْ، وَزَادَ ضَمَانُ الْمَوْتَى جِدًّا، فَتَضَرَّرَ النَّاسُ وَلَا سِيَّمَا الصَّعَالِيكُ; فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ عَلَى الْمَيِّتِ شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا، فَرَسَمَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِإِبْطَالِ ضَمَانِ النُّعُوشِ، وَالْمُغَسِّلِينَ، وَالْحَمَّالِينَ، وَنُودِيَ بِإِبْطَالِ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَادِسَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَوُقِفَتْ نُعُوشٌ كَثِيرَةٌ فِي أَرْجَاءِ الْبَلَدِ، وَاتَّسَعَ النَّاسَ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ كَثُرَتِ الْمَوْتَى، فَاللَّهُ الْمُتْسِعَانُ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ نُودِيَ فِي الْبَلَدِ أَنْ يَصُومَ النَّاسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَنْ يَخْرُجُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ إِلَى عِنْدِ مَسْجِدِ الْقَدْمِ يَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللَّهِ، وَيَسْأَلُونَهُ فِي رَفْعِ الْوَبَاءِ عَنْهُمْ، فَصَامَ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَنَامَ النَّاسُ فِي الْجَامِعِ، وَأَحْيَوُا اللَّيْلَ كَمَا يَفْعَلُونَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ السَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ، خَرَجَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ إِلَى الصَّحْرَاءِ، وَالْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى، وَالسَّامِرَةُ، وَالشُّيُوخُ، وَالْعَجَائِزُ، وَالصِّبْيَانُ، وَالْفُقَرَاءُ، وَالْأُمَرَاءُ، وَالْكُبَرَاءُ، وَالْقُضَاةُ، مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَمَا زَالُوا هُنَالِكَ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى تَعَالَى النَّهَارُ جِدًّا، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ عَاشِرِ جُمَادَى الْأُولَى صَلَّى الْخَطِيبُ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ مَيِّتًا جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَتَهَوَّلَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ، وَانْذَعَرُوا، وَكَانَ الْمَوْتُ يَوْمَئِذٍ كَثِيرًا، رُبَّمَا يُقَارِبُ الثَّلَاثَمِائَةٍ بِالْبَلَدِ وَحَوَاضِرِهِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَصُلِّيَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ مَيِّتًا بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَصُلِّيَ بِجَامِعِ الْخَيْلِ عَلَى إِحْدَى عَشَرَةَ نَفْسًا، رَحِمَهُمُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১১৯২৫
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ رَسَمَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ مِنَ الْبَلَدِ، وَقَدْ كَانَتْ كَثِيرَةً بِأَرْجَاءِ الْبَلَدِ، وَرُبَّمَا ضَرَّتِ النَّاسَ، وَقَطَعَتْ عَلَيْهِمُ الطُّرُقَاتِ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ، أَمَّا تَنْجِيسُهَا الْأَمَاكِنَ فَكَثِيرٌ قَدْ عَمَّ الِابْتِلَاءُ بِهِ، وَشَقَّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، وَقَدْ جَمَعْتُ جُزْءًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي قَتْلِهِمْ، وَاخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي نَسْخِ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَأْمُرُ فِي خُطْبَتِهِ بِذَبْحِ الْحَمَامِ، وَقَتْلِ الْكِلَابِ. وَنَصَّ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ كِلَابِ بَلْدَةٍ بِعَيْنِهَا، إِذَا أَذِنَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ تُوُفِّيَ زَيْنُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ شَيْخِنَا الْحَافِظِ الْمُزِّيِّ، بِدَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ، وَهُوَ شَيْخُهَا، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ مَعَ وَالِدِهِ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي مُنْتَصَفِ شَهْرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ قَوِيَ الْمَوْتُ وَتَزَايَدَ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ، وَمَاتَ خَلَائِقُ مِنَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ مِمَّنْ نَعْرِفُهُمْ، وَغَيْرِهِمْ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَأَدْخَلَهُمْ جَنَّتَهُ، وَكَانَ يُصَلَّى فِي أَكْثَرِ الْأَيَّامِ فِي الْجَامِعِ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ مِائَةِ مَيِّتٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَبَعْضُ الْمَوْتَى لَا يُؤْتَى بِهِمْ إِلَى الْجَامِعِ، وَأَمَّا حَوْلَ الْبَلَدِ وَأَرْجَائِهَا فَلَا يَعْلَمُ عَدَدَ مَنْ يَمُوتُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ تُوُفِّيَ الصَّدْرُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الصَّبَابِ التَّاجِرُ السَّفَّارُ، بَانِي الْمَدْرَسَةِ الصَّابِيَّةِ الَّتِي هِيَ دَارُ قُرْآنٍ بِالْقُرْبِ مِنَ الْمَدْرَسَةِ الظَّاهِرِيَّةِ، وَهِيَ قِبْلِيُّ الْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْبُقْعَةُ بُرْهَةً مِنَ الزَّمَانِ خَرِبَةً
পৃষ্ঠা - ১১৯২৬
شَنِيعَةً، فَعَمَرَهَا هَذَا الرَّجُلُ، وَجَعَلَهَا دَارَ قُرْآنٍ وَدَارَ حَدِيثٍ لِلْحَنَابِلَةِ، وَوَقَفَ هُوَ وَغَيْرُهُ عَلَيْهَا أَوْقَافًا جَيِّدَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثَانِي شَهْرِ رَجَبٍ صُلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ عَلَى غَائِبٍ; وَهُوَ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ، ثُمَّ صُلِّي عَلَى إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ نَفْسًا جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَلَمْ يَتَّسِعْ دَاخِلُ الْجَامِعِ لِصَفِّهِمْ بَلْ خَرَجُوا بِبَعْضِ الْمَوْتَى إِلَى ظَاهِرِ بَابِ السِّرِّ، وَخَرَجَ الْخَطِيبُ وَالنَّقِيبُ فَصَلَّى عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ هُنَاكَ، وَكَانَ وَقْتًا مَشْهُودًا، وَعِبْرَةً عَظِيمَةً، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ تُوُفِّيَ التَّاجِرُ الْمُسَمَّى بِأَفْرِيدُونَ، الَّذِي بَنَى الْمَدْرَسَةَ الَّتِي بِظَاهِرِ بَابِ الْجَابِيَةِ تُجَاهَ تُرْبَةِ بَهَادُرَآصْ، حَائِطُهَا مِنْ حِجَارَةٍ مُلَوَّنَهٍ، وَجَعَلَهَا دَارًا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا أَوْقَافًا جَيِّدَةً، وَكَانَ مَشْهُورًا مَشْكُورًا، رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَالِثِ رَجَبٍ صُلِّيَ عَلَى الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمَغْرِبِيِّ، أَحَدِ أَصْحَابِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ بِالْجَامِعِ الْأَفْرِمِيِّ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَدُفِنَ بِالسَّفْحِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَتْ لَهُ عِبَادَةٌ، وَزَهَادَةٌ، وَتَقَشُّفٌ، وَوَرَعٌ، وَلَمْ يَتَوَلَّ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَظِيفَةً بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، بَلْ كَانَ يُؤْتَى بِشَيْءٍ مِنَ الْفُتُوحِ يَسْتَنْفِقُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَكَانَ يُعَانِي التَّصَوُّفَ، وَتَرَكَ زَوْجَةً وَثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَابِعِ رَجَبٍ صُلِّيَ عَلَى الْقَاضِي زَيْنِ الدِّينِ بْنِ النَّجِيحِ نَائِبِ الْقَاضِي الْحَنْبَلِيِّ - بِالْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ،
পৃষ্ঠা - ১১৯২৭
وَكَانَ مَشْكُورًا فِي الْقَضَاءِ، لَدَيْهِ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ، وَدِيَانَةٌ، وَعِبَادَةٌ، وَكَانَ مِنَ اصْحَابِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَكَانَ قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ مُشَاجَرَاتٌ بِسَبَبِ أُمُورٍ، ثُمَّ اصْطَلَحَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَانِيَ عَشَرَهُ بَعْدَ أَذَانِ الظُّهْرِ حَصَلَ بِدِمَشْقَ، وَمَا حَوْلَهَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ أَثَارَتْ غُبَارًا شَدِيدًا اصْفَرَّ الْجَوُّ مِنْهُ، ثُمَّ اسْوَدَّ حَتَّى أَظْلَمَتِ الدُّنْيَا، وَبَقِيَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ نَحْوًا مِنْ رُبْعِ سَاعَةٍ يَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَسْتَغْفِرُونَ، وَيَبْكُونَ، مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْمَوْتِ الذَّرِيعِ، وَرَجَا النَّاسُ أَنَّ هَذَا الْحَالَ يَكُونُ خِتَامَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الطَّاعُونِ، فَلَمْ يَزْدَدِ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ. وَبَلَغَ الْمُصَلَّى عَلَيْهِمْ فِي الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ إِلَى نَحْوِ الْمِائَةِ وَخَمْسِينَ، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، خَارِجًا عَمَّنْ لَا يُؤْتَى بِهِمْ إِلَيْهِ مِنْ أَرْجَاءِ الْبَلَدِ وَمِمَّنْ يَمُوتُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَأَمَّا حَوَاضِرُ الْبَلَدِ وَمَا حَوْلَهَا فَأَمْرٌ كَثِيرٌ، يُقَالُ: إِنَّهُ بَلَغَ أَلْفًا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَيَّامِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَصَلَّى بَعْدَ الظُّهْرِ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ بِالْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ عَلَى الشَّيْخِ إِبْرَاهِيمِ بْنِ الْمُحِبِّ، الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُ فِي الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ وَجَامِعِ تَنْكِزَ، وَكَانَ مَجْلِسُهُ كَثِيرَ الْجَمْعِ; لِصَلَاحِهِ، وَحُسْنِ مَا كَانَ يُؤَدِّيهِ مِنَ الْمَوَاعِيدِ النَّافِعَةِ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ حَافِلَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَعُمِلَتِ الْمَوَاعِيدُ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، يَقُولُونَ: لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَلَمْ يَجْتَمِعِ النَّاسُ فِيهِ عَلَى الْعَادَةِ; لِكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ; وَلِشُغْلِ
পৃষ্ঠা - ১১৯২৮
كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بِمَرْضَاهُمْ وَمَوْتَاهُمْ. وَاتَّفَقَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ أَنَّهُ تَأَخَّرَ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ فِي الْخِيَمِ ظَاهِرَ الْبَلَدِ، فَجَاءُوا لِيَدْخُلُوا مِنْ بَابِ النَّصْرِ عَلَى عَادَتِهِمْ فِي ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ اجْتَمَعَ خَلْقٌ مِنْهُمْ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، فَهَلَكَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ كَنَحْوِ مَا يَهْلَكُ النَّاسُ فِي هَذَا الْحِينِ عَلَى الْجَنَائِزِ، فَانْزَعَجَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ، فَخَرَجَ فَوَجَدَهُمْ، فَأَمَرَ بِجَمْعِهِمْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ أَمَرَ بِتَسْمِيرِهِمْ ثُمَّ عَفَا عَنْهُمْ، وَضَرَبَ مُتَوَلِّيَ الْبَلَدِ ضَرْبًا شَدِيدًا، وَسَمَّرَ نَائِبَهُ فِي اللَّيْلِ، وَسَمَّرَ الْبَوَّابَ بِبَابِ النَّصْرِ، وَأَمَرَ أَنْ لَا يَمْشِيَ أَحَدٌ بَعْدَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ، ثُمَّ سَمَحَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ. وَاسْتَهَلَّ شَهْرُ شَعْبَانَ وَالْفَنَاءُ فِي النَّاسِ كَثِيرٌ جِدًّا، وَرُبَّمَا أَنْتَنَتِ الْبَلَدُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَتُوُفِّيَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الصَّلَاحِ مُدَرِّسُ الْقَيْمَرِيَّةِ الْكَبِيرَةِ بِالْمُطْرَزِيِّينَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَالِثَ عَشَرَ شَعْبَانَ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ رَابِعَ عَشَرَ شَعْبَانَ صُلِّي بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ; مِنْهُمُ الْقَاضِي عِمَادُ الدِّينِ بْنُ الشِّيرَازِيِّ مُحْتَسِبُ الْبَلَدِ، وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ رُؤَسَاءِ دِمَشْقَ، وَوَلِيَ نَظَرَ الْجَامِعِ مُدَّةً، وَفِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ نَظَرَ الْأَوْقَافِ، وَجُمِعَ لَهُ فِي وَقْتٍ بَيْنَهُمَا، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ. وَفِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ شَوَّالٍ تُوُفِّيَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قَرَابُغَا دُوَادَارَ النَّائِبُ بِدَارِهِ غَرْبِيَّ حِكْرِ السُّمَاقِ، وَقَدْ أَنْشَأَ لَهُ إِلَى جَانِبِهَا تُرْبَةً وَمَسْجِدًا،
পৃষ্ঠা - ১১৯২৯
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ السَّوِيقَةَ الْمُجَدَّدَةَ عِنْدَ دَارِهِ، وَعَمِلَ لَهَا بَابَيْنِ شَرْقِيًّا وَغَرْبِيًّا، وَضُمِّنَتْ بِقِيمَةٍ كَثِيرَةٍ بِسَبَبِ جَاهِهِ، ثُمَّ بَارَتْ وَهُجِرَتْ; لِقِلَّةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَحَضَرَ الْأُمَرَاءُ، وَالْقُضَاةُ، وَالْأَكَابِرُ جَنَازَتَهُ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ هُنَاكَ، وَتَرَكَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَحَوَاصِلَ كَثِيرَةً جِدًّا، أَخَذَهَا مَخْدُومُهُ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ سَابِعِ شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ تُوُفِّيَ خَطِيبُ الْجَامِعِ، الْخَطِيبُ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ ابْنِ الْقَاضِي جَلَالِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَزْوِينِيِّ، بِدَارِ الْخَطَابَةِ، مَرِضَ يَوْمَيْنِ، وَأَصَابَهُ مَا أَصَابَ النَّاسُ مِنَ الطَّاعُونِ، وَكَذَلِكَ عَامَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ جَوَارِيهِ، وَأَوْلَادِهِ، وَتَبِعَهُ أَخُوهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ صَدْرُ الدِّينِ عَبْدُ الْكَرِيمِ، وَصُلِّي عَلَى الْخَطِيبِ تَاجِ الدِّينِ بَعْدَ الظُّهْرِ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ بَابِ الْخَطَابَةِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِمْ بِالصُّوفِيَّةِ عِنْدَ أَبِيهِ، وَأَخَوَيْهِ بَدْرِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ، وَجَمَالِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ تَاسِعِهِ اجْتَمَعَ الْقُضَاةُ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمُفْتِينَ عِنْدَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ بِسَبَبِ الْخَطَابَةِ، فَطُلِبَ إِلَى الْمَجْلِسِ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ جُمْلَةَ، فَوَلَّاهُ إِيَّاهَا نَائِبُ السَّلْطَنَةِ، وَانْتُزِعَتْ مِنْ يَدِهِ وَظَائِفُ كَانَ يُبَاشِرُهَا، فَفُرِّقَتْ عَلَى النَّاسِ، فَوَلِيَ الْقَاضِي بَهَاءُ الدِّينِ أَبُو الْبَقَاءِ تَدْرِيسَ الظَّاهِرِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، وَتَوَزَّعَ النَّاسُ بَقِيَّةَ جِهَاتِهِ، وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ سِوَى الْخَطَابَةِ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ يَوْمَئِذٍ الظُّهْرَ، ثُمَّ خُلِعَ عَلَيْهِ فِي بُكْرَةِ نَهَارِ الْجُمُعَةِ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ يَوْمَئِذٍ وَخَطَبَهُمْ
পৃষ্ঠা - ১১৯৩০
عَلَى قَاعِدَةِ الْخُطَبَاءِ. وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ - وَكَانَ يَوْمَ السَّبْتِ - تُوُفِّيَ الْقَاضِي شِهَابُ الدِّينِ بْنُ فَضْلِ اللَّهِ، كَاتِبُ الْأَسْرَارِ الشَّرِيفَةِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ، ثُمَّ عُزِلَ عَنْ ذَلِكَ، وَمَاتَ، وَلَيْسَ يُبَاشِرُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِنْ رِيَاسَةٍ، وَسَعَادَةٍ، وَأَمْوَالٍ جَزِيلَةٍ، وَأَمْلَاكٍ، وَمُرَتَّبَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَعَمَرَ دَارًا هَائِلَةً بِسَفْحِ قَاسِيُونَ بِالْقُرْبِ مِنَ الرُّكْنِيَّةِ شَرْقِيَّهَا، لَيْسَ بِالسَّفْحِ مِثْلُهَا، وَقَدِ انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْإِنْشَاءِ، وَكَانَ يُشَبَّهُ بِالْقَاضِي الْفَاضِلِ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ عَدِيدَةٌ بِعِبَارَاتٍ سَعِيدَةٍ، وَكَانَ حَسَنَ الْمُذَاكَرَةِ، سَرِيعَ الِاسْتِحْضَارِ، جَيِّدَ الْحِفْظِ، فَصِيحَ اللِّسَانِ، جَمِيلَ الْأَخْلَاقِ، يُحِبُّ الْعُلَمَاءَ وَالْفُقَرَاءَ، وَلَمْ يُجَاوِزِ الْخَمْسِينَ، تُوفِي بِدَارِهِمْ دَاخِلَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَدُفِنَ بِالسَّفْحِ مَعَ أَبِيهِ وَأَخِيهِ بِالْقُرْبِ مِنَ الْيَغْمُورِيَّةِ سَامَحَهُ اللَّهُ، وَغَفَرَ لَهُ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ رَشِيقٍ الْمَغْرِبِيُّ، كَاتِبُ مُصَنَّفَاتِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، كَانَ أَبْصَرَ بِخَطِّ الشَّيْخِ مِنْهُ، إِذَا عَزَبَ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى الشَّيْخِ اسْتَخْرَجَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا، وَكَانَ سَرِيعَ الْكِتَابَةِ لَا بَأْسَ بِهِ، دَيِّنًا عَابِدًا، كَثِيرَ التِّلَاوَةِ، حَسَنَ الصَّلَاةِ، لَهُ عِيَالٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ، آمِينَ.
পৃষ্ঠা - ১১৯৩১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةْ خَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السُّنَةُ وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ، وَالشَّامِيَّةِ، وَالْحَرَمَيْنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْبِلَادِ - الْمَلِكُ النَّاصِرُ حَسَنُ بْنُ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بْنِ قَلَاوُونَ، وَنَائِبُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَمُدَبِّرُ مَمَالِكِهِ وَالْأَتَابِكُ - سَيْفُ الدِّينِ يَلْبُغَا، وَقُضَاةُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبِلَهَا، وَنَائِبُ الشَّامِ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَرْغُونَ شَاهْ النَّاصِرِيُّ، وَقُضَاةُ دِمَشْقَ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَكَذَلِكَ أَرْبَابُ الْوَظَائِفِ - سِوَى الْخَطِيبِ، وَسِوَى الْمُحْتَسِبِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - تَقَاصَرَ أَمْرُ الطَّاعُونِ جِدًّا، وَنَزَلَ دِيوَانُ الْمَوَارِيثِ إِلَى الْعِشْرِينَ وَمَا حَوْلَهَا بَعْدَ أَنْ بَلَغَ الْخَمْسَمِائَةٍ فِي أَثْنَاءِ سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَكِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ بِالْكُلِّيَّةِ; فَإِنَّ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ رَابِعِ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ تُوُفِّيَ الْفَقِيهُ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ الثِّقَةِ، هُوَ وَابْنُهُ وَأَخُوهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ بِهَذَا الْمَرَضِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، وَدُفِنُوا فِي قَبْرٍ، وَاحِدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ تُوُفِّيَ صَاحِبُنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَابِدُ الزَّاهِدُ النَّاسِكُ الْخَاشِعُ نَاصِرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ
পৃষ্ঠা - ১১৯৩২
بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ الصَّائِغِ الشَّافِعِيُّ، مُدَرِّسُ الْعِمَادِيَّةِ، كَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَدَيْهِ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَفِيهِ عِبَادَةٌ كَثِيرَةٌ، وَتِلَاوَةٌ، وَقِيَامُ لَيْلٍ، وَسُكُونٌ حَسَنٌ، وَخُلُقٌ حَسَنٌ، جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ بِنَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثِ صَفَرٍ بَاشَرَ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ رَافِعٍ الْمُحَدِّثُ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ، وَالْقُضَاةِ، وَالْأَعْيَانِ. [مَسْكُ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ أَرْغُونَ شَاهْ] وَفِي لَيْلَةِ الْخَمِيسِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مُسِكَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِدِمَشْقَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَرْغُونُ شَاهْ، وَكَانَ قَدِ انْتَقَلَ إِلَى الْقَصْرِ الْأَبْلَقِ بِأَهْلِهِ، فَمَا شَعَرَ وَسَطَ اللَّيْلِ إِلَّا وَنَائِبُ طَرَابُلُسَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أُلْجَيْبُغَا الْمُظَفَّرِيُّ النَّاصِرِيُّ رَكِبَ إِلَيْهِ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ الْأُلُوفِ وَغَيْرِهِمْ، فَأَحَاطُوا بِهِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ مَنْ دَخَلَ وَهُوَ مَعَ جَوَارِيهِ نَائِمٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَبَضُوا عَلَيْهِ وَقَيَّدُوهُ، وَرَسَمُوا عَلَيْهِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ أَكْثَرُهُمْ لَا يَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِمَّا وَقَعَ، فَتَحَدَّثَ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَاجْتَمَعَتِ الْأَتْرَاكُ إِلَى الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ أُلْجَيْبُغَا الْمَذْكُورِ، وَنَزَلَ بِظَاهِرِ