আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১৫৫২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمْ هُمْ، وَالسُّلْطَانُ فِي الْحِجَازِ لَمْ يَقْدَمْ بَعْدُ، وَقَدْ قَدِمَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قِجْلِيسُ يَوْمَ السَّبْتِ مُسْتَهَلِّ الْمُحَرَّمِ مِنَ الْحِجَازِ، وَأَخْبَرَ بِسَلَامَةِ السُّلْطَانِ، وَأَنَّهُ فَارَقَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَنَّهُ قَدْ قَارَبَ الْبِلَادَ، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ فَرَحًا بِسَلَامَتِهِ، ثُمَّ جَاءَ الْبَرِيدُ فَأَخْبَرَ بِدُخُولِهِ إِلَى الْكَرَكِ ثَانِيَ الْمُحَرَّمِ يَوْمَ الْأَحَدِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ حَادِيَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ دَخَلَ دِمَشْقَ، وَخَرَجَ النَّاسُ لِتَلَقِّيهِ عَلَى الْعَادَةِ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ مَرْجِعَهُ مِنْ هَذِهِ الْحُجَّةِ عَلَى شَفَتِهِ وَرَقَةٌ قَدْ أَلْصَقَهَا عَلَيْهَا، فَنَزَلَ بِالْقَصْرِ، وَصَلَّى الْجُمُعَةَ رَابِعَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ بِمَقْصُورَةِ الْخَطَابَةِ، وَكَذَلِكَ الْجُمُعَةُ الَّتِي تَلِيهَا، وَلَعِبَ فِي الْمَيْدَانِ بِالْكُرَةِ يَوْمَ السَّبْتِ النِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَوَلَّى نَظَرَ الدَّوَاوِينِ لِلصَّاحِبِ شَمْسِ الدِّينِ غِبْرِيَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ سَادِسَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ، وَشَدَّ الدَّوَاوِينِ لِفَخْرِ الدِّينِ أَيَاسٍ الْأَعْسَرِيِّ عِوَضًا عَنِ الْقَرَمَانِيِّ، وَسَافَرَ الْقَرَمَانِيُّ إِلَى نِيَابَةِ الرَّحْبَةِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمَا وَعَلَى وَزِيرِهِ، وَخَلَعَ عَلَى ابْنِ صَصْرَى، وَعَلَى الْفَخْرِ كَاتِبِ الْمَمَالِيكِ، وَكَانَ مَعَ السُّلْطَانِ فِي الْحَجِّ، وَوَلَّى شَرَفَ الدِّينِ بْنَ
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৩
صَصْرَى حِجَابَةَ الدِّيوَانِ، وَبَاشَرَ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ نَظَرَ الْجَامِعِ، وَبَاشَرَ بَهَاءُ الدِّينِ بْنُ عُلَيْمَةَ نَظَرَ الْأَوْقَافِ، وَالْمَنْكُورَسِيُّ شَدَّ الْأَوْقَافِ. وَتَوَجَّهَ السُّلْطَانُ رَاجِعًا إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بُكْرَةَ الْخَمِيسِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَتَقَدَّمَتِ الْجُيُوشُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَعَهُ. وَفِي أَوَاخِرِ صَفَرٍ اجْتَازَ عَلَى الْبَرِيدِ فِي الرُّسْلِيَّةِ إِلَى مُهَنَّا الشَّيْخُ صَدَرُ الدِّينِ بْنُ الْوَكِيلِ، وَمُوسَى بْنُ مُهَنَّا، وَالْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ أَلْطُنْبُغَا، فَاجْتَمَعُوا بِهِ فِي تَدْمُرَ، ثُمَّ عَادَ أَلْطُنْبُغَا وَابْنُ الْوَكِيلِ إِلَى الْقَاهِرَةِ، ثُمَّ عَادَ صَدْرُ الدِّينِ إِلَى مُهَنَّا، وَرَجَعَ مِنْ عِنْدِهِ فِي رَجَبٍ إِلَى الْقَاهِرَةِ. وَفِي أَوَاخِرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ مُسِكَ أَمِينُ الْمُلْكِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْكُتَّابِ مَعَهُ، وَصُودِرُوا بِأَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ، وَأُقِيمُ عِوَضَهُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ التُّرْكُمَانِيِّ الَّذِي كَانَ وَالِيَ الْبَحَرِيَّةِ. وَفِي رَجَبٍ كَمَلَتْ أَرْبَعَةُ مَجَانِيقَ، وَاحِدٌ لِقَلْعَةِ دِمَشْقَ، وَثَلَاثَةٌ تُحْمَلُ إِلَى الْكَرَكِ، وَرُمِيَ بِاثْنَيْنِ عَلَى بَابِ الْمَيْدَانِ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ تَنْكِزُ وَالْعَامَّةُ. وَفِي شَعْبَانَ تَكَامَلَ حَفْرُ النَّهْرِ الَّذِي عَمِلَهُ سَوْدِي نَائِبُ حَلَبَ بِهَا، وَكَانَ طُولُهُ مِنْ نَهْرِ السَّاجُورِ إِلَى نَهْرِ قُوَيْقٍ أَرْبَعِينَ أَلْفَ ذِرَاعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَعُمْقِ ذِرَاعَيْنِ، وَغُرِمَ عَلَيْهِ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَعَمِلَ بِالْعَدْلِ وَلَمْ يَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا.
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৪
وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَامِنِ شَوَّالٍ خَرَجَ الرَّكْبُ مِنْ دِمَشْقَ وَأَمِيرُهُ سَيْفُ الدِّينِ بَلَبَانُ التَّتَرِيُّ، وَحَجَّ صَاحِبُ حَمَاةَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَخَلْقٌ مِنَ الرُّومِ وَالْغُرَبَاءِ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَصَلَ الْقَاضِيَ قُطْبُ الدِّينِ مُوسَى بْنُ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ مِنْ مِصْرَ عَلَى نَظَرِ الْجُيُوشِ الشَّامِيَّةِ كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَاحَ مُعِينُ الدِّينِ بْنُ الْحَشِيشِ إِلَى مِصْرَ فِي رَمَضَانَ صُحْبَةَ الصَّاحِبِ شَمْسِ الدِّينِ غِبْرِيَالَ، وَبَعْدَ وُصُولِ نَاظِرِ الْجُيُوشِ بِيَوْمَيْنِ وَصَلَتِ الْمَنَاشِيرُ بِمُقْتَضَى إِرَاكَةِ الْإِقْطَاعَاتِ الشَّامِيَّةِ عَلَى مَا رَآهُ السُّلْطَانُ بَعْدَ نَظَرِهِ فِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمُحَدِّثُ فَخْرُ الدِّينِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ التَّوْزَرِيُّ، بِمَكَّةَ يَوْمَ الْأَحَدِ حَادِيَ عَشَرَ
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৫
رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَقَدْ سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَأَجَازَهُ خَلْقٌ يَزِيدُونَ عَلَى أَلْفِ شَيْخٍ، وَقَرَأَ الْكُتُبَ الْكِبَارَ وَغَيْرَهَا، وَقَرَأَ " صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ " أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ مَرَّةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. عِزُّ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَدْلِ شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ إِلْيَاسَ الرَّهَاوِيُّ، كَانَ يُبَاشِرُ اسْتِيفَاءَ الْأَوْقَافِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَكَانَ مِنْ أَخِصَّاءِ أَمِينِ الْمُلْكِ، فَلَمَّا مُسِكَ بِمِصْرَ، أُرْسِلَ إِلَى هَذَا وَهُوَ مُعْتَقَلٌ بِالْعَذْرَاوِيَّةِ لِيَحْضُرَ عَلَى الْبَرِيدِ، فَمَرِضَ، فَمَاتَ بِالْمَدْرَسَةِ الْعَذْرَاوِيَّةِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ طَبَرْزَدَ وَالْكِنْدِيِّ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَتَرَكَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ: جَمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ، وَعِزُّ الدِّينِ. الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الْمُقْرِئُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمِقَصَّاتِيُّ، هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْمُشَيِّعُ الْجَزَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْمِقَصَّاتِيِّ، نَائِبُ الْخَطَابَةِ، وَكَانَ يُقْرِئُ النَّاسَ
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৬
الْقِرَاءَاتِ مِنْ نَحْوِ خَمْسِينَ سَنَةً بِالْعِرَاقِ وَالشَّامِ، وَكَانَ شَيْخًا عَارِفًا بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ وَغَيْرِهَا مِنَ الشَّوَاذِّ، وَلَهُ إِلْمَامٌ بِالنَّحْوِ، وَفِيهِ وَرَعٌ وَاجْتِهَادٌ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّبْتِ حَادِي عِشْرِينَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ تُجَاهَ الرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ، وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمْ هُمْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، إِلَّا الْوَزِيرَ أَمِينَ الْمُلْكِ، فَمَكَانَهَ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ التُّرْكُمَانِيِّ. وَفِي رَابِعِ الْمُحَرَّمِ عَادَ الصَّاحِبُ شَمْسُ الدِّينِ غِبْرِيَالُ مِنْ مِصْرَ عَلَى نَظَرِ الدَّوَاوِينِ، وَتَلَقَّاهُ أَصْحَابُهُ. وَفِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قُرِئَ كِتَابُ السُّلْطَانِ عَلَى السُّدَّةِ بِحَضْرَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ وَالْقُضَاةِ وَالْأُمَرَاءِ، يَتَضَمَّنُ إِطْلَاقَ الْبَوَاقِي مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ إِلَى آخِرِ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ، فَتَضَاعَفَتِ الْأَدْعِيَةُ لِلسُّلْطَانِ، وَكَانَ الْقَارِئُ جَمَالَ الدِّينِ بْنَ الْقَلَانِسِيِّ، وَمُبَلِّغُهُ بَدْرَ الدِّينِ بْنَ صَبِيحٍ الْمُؤَذِّنُ، ثُمَّ قُرِئَ فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى مَرْسُومٌ آخَرُ، فِيهِ الْإِفْرَاجُ عَنِ الْمَسْجُونِينَ، وَأَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ سِوَى نِصْفِ دِرْهَمٍ، وَمَرْسُومٌ آخَرُ فِيهِ إِطْلَاقُ السُّخَّرِ وَالْقَصَبِ وَغَيْرِهِ عَنِ الْفَلَّاحِينَ، قَرَأَهُ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ، وَبَلَّغَهُ عَنْهُ أَمِينُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مُؤَذِّنِ النَّجِيبِيِّ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৮
وَفِي الْمُحَرَّمِ اسْتَحْضَرَ السُّلْطَانُ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ الْفَقِيهَ نُورَ الدِّينِ عَلِيًّا الْبَكْرِيَّ، وَهَمَّ بِقَتْلِهِ، فَشَفَعَ فِيهِ الْأُمَرَاءُ، فَنَفَاهُ وَمَنَعَهُ مِنَ الْكَلَامِ فِي الْفَتْوَى وَالْعِلْمِ، وَكَانَ قَدْ هَرَبَ لَمَّا طُلِبَ مِنْ جِهَةِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، فَهَرَبَ وَاخْتَفَى، وَشَفَعَ فِيهِ أَيْضًا، ثُمَّ لَمَّا ظَفِرَ بِهِ السُّلْطَانُ الْآنَ وَأَرَادَ قَتْلَهُ شَفَعَ فِيهِ الْأُمَرَاءُ، فَنَفَاهُ وَمَنَعَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَالْفَتْوَى، وَذَلِكَ لِاجْتِرَائِهِ وَتَسَرُّعِهِ عَلَى التَّكْفِيرِ وَالْقَتْلِ، وَالْجَهْلِ الْحَامِلِ لَهُ عَلَى هَذَا وَغَيْرِهِ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ قَرَأَ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ كِتَابًا سُلْطَانِيًّا عَلَى السُّدَّةِ بِحَضْرَةِ نَائِبِ السُّلْطَانِ الْقَاضِي، وَفِيهِ الْأَمْرُ بِإِطْلَاقِ ضَمَانِ الْقَوَّاسِينَ، وَضَمَانِ النَّبِيذِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَدَعَا النَّاسُ لِلسُّلْطَانِ. وَفِي أَوَاخِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ اجْتَمَعَ الْقُضَاةُ بِالْجَامِعِ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِ الشُّهُودِ، وَنَهَوْهُمْ عَنِ الْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي مَرْكَزَيْنِ، وَأَنْ لَا يَتَوَلَّوْا ثَبَاتَ الْكُتُبِ، وَلَا يَأْخُذُوا أَجْرًا عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَأَنْ لَا يَغْتَابُوا أَحَدًا، وَأَنْ يَتَنَاصَفُوا فِي الْمَعِيشَةِ، ثُمَّ جَلَسُوا مَرَّةً ثَانِيَةً لِذَلِكَ، وَتَوَاعَدُوا ثَالِثَةً، فَلَمْ يَتَّفِقِ اجْتِمَاعُهُمْ، وَلَمْ يُقْطَعْ أَحَدٌ مِنْ مَرْكَزِهِ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ عُقِدَ مَجْلِسٌ فِي دَارِ ابْنِ صَصْرَى لِبَدْرِ الدِّينِ بْنِ بَصْخَانَ، وَأُنْكِرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْقِرَاءَاتِ، فَالْتَزَمَ بِتَرْكِ الْإِقْرَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ بَعْدَ أَيَّامٍ فِي الْإِقْرَاءِ، فَأُذِنَ لَهُ، فَجَلَسَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالْجَامِعِ، وَصَارَتْ لَهُ حَلْقَةٌ عَلَى الْعَادَةِ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৯
وَفِي مُنْتَصَفِ رَجَبٍ تُوُفِّيَ نَائِبُ حَلَبَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ سَوْدِي، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ، وَوَلِيَ مَكَانَهُ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ أَلْطُنْبُغَا الصَّالِحِيُّ الْحَاجِبُ بِمِصْرَ قَبْلَ هَذِهِ النِّيَابَةِ. وَفِي تَاسِعِ شَعْبَانَ خُلِعَ عَلَى الشَّرِيفِ شَرَفِ الدِّينِ عَدْنَانَ بِنِقَابَةِ الْأَشْرَافِ، بَعْدَ وَالِدِهِ أَمِينِ الدِّينِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَدْنَانَ الْحُسَيْنِيِّ، بِحُكْمِ وَفَاةِ أَبِيهِ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي، وَقَدْ كَانَ رَئِيسًا كَبِيرًا. وَفِي خَامِسِ شَوَّالٍ دُفِنَ الْمَلِكُ شَمْسُ الدِّينِ دُوبَاجُ بْنُ مَلِكْشَاهْ بْنِ رُسْتَمَ صَاحِبُ كَيْلَانَ بِتُرْبَتِهِ الْمَشْهُورَةِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَكَانَ قَدْ قَصَدَ الْحَجَّ فِي هَذَا الْعَامِ، فَلَمَّا كَانَ بِغَبَاغِبَ أَدْرَكَتْهُ مَنِيَّتُهُ يَوْمَ السَّبْتِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، فَحُمِلَ إِلَى دِمَشْقَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَدُفِنَ فِي هَذِهِ التُّرْبَةِ، اشْتُرِيَتْ لَهُ وَتُمِّمَتْ، وَجَاءَتْ حَسَنَةً، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ الْمُكَارِيَّةِ شَرْقِيَّ الْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَكَانَ لَهُ فِي مَمْلَكَةِ كَيْلَانَ خَمْسٌ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَعُمِّرَ أَرْبَعًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَأَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، فَفُعِلَ ذَلِكَ. وَخَرَجَ الرَّكْبُ فِي ثَالِثِ شَوَّالٍ، وَأَمِيرُهُ سَيْفُ الدِّينِ سُنْقُرُ الْإِبْرَاهِيمِيُّ، وَقَاضِيهِ مُحْيِي الدِّينِ قَاضِي الزَّبَدَانِيِّ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعِ ذِي الْقَعْدَةِ قَدِمَ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الْحَدَّادِ مِنَ الْقَاهِرَةِ مُتَوَلِّيًا حِسْبَةَ دِمَشْقَ، فَخُلِعَ عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ فَخْرِ الدِّينِ
পৃষ্ঠা - ১১৫৬০
سُلَيْمَانَ الْبُصْرَاوِيِّ، عُزِلَ، فَسَافَرَ سَرِيعًا إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِيَشْتَرِيَ خَيْلًا لِلسُّلْطَانِ يُقَدِّمُهَا رِشْوَةً عَلَى الْمَنْصِبِ الْمَذْكُورِ، فَاتَّفَقَ مَوْتُهُ فِي الْبَرِّيَّةِ فِي سَابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ، وَحُمِلَ إِلَى بُصْرَى، فَدُفِنَ بِهَا عِنْدَ أَجْدَادِهِ فِي ثَامِنِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَكَانَ شَابًّا كَرِيمَ الْأَخْلَاقِ، حَسَنَ الشَّكْلِ. وَفِي أَوَاخِرِهِ مُسِكَ نَائِبُ صَفَدَ بَلَبَانُ طُرْنَا الْمَنْصُورِيُّ وَسُجِنَ، وَتَوَلَّى مَكَانَهُ سَيْفُ الدِّينِ بَلَبَانُ الْبَدْرِيُّ. وَفِي سَادِسِ ذِي الْحِجَّةِ بَاشَرَ وِلَايَةَ الْبَرِّ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مَعْبَدٍ الْبَعْلَبَكِّيُّ عِوَضًا عَنْ شَرَفِ الدِّينِ عِيسَى بْنِ الْبُرْطَاسِيِّ. وَفِي يَوْمِ عِيدِ الْأَضْحَى وَصَلَ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ صُبْحٍ مِنْ مِصْرَ، وَقَدْ أُفْرِجَ عَنْهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءُ، وَفَرِحُوا بِهِ، وَهَنَّئُوهُ بِالسَّلَامَةِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أُعِيدَ أَمِينُ الْمُلْكِ إِلَى نَظَرِ النُّظَّارِ بِمِصْرَ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ وَعَلَى الصَّاحِبِ ضِيَاءِ الدِّينِ النَّشَائِيِّ بِنَظَرِ الْخِزَانَةِ عِوَضًا عَنْ سَعْدِ الدِّينِ حَسَنِ بْنِ الْأَقْفَهْسِيِّ. وَفِيهِ وَرَدَتِ الْبَرِيدِيَّةُ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ لِلْجُيُوشِ الشَّامِيَّةِ بِالْمَسِيرِ إِلَى حَلَبَ، وَأَنْ يَكُونَ مُقَدَّمُ الْعَسَاكِرِ كُلِّهَا تَنْكِزَ نَائِبَ الشَّامِ، وَقَدِمَ مِنْ مِصْرَ سِتَّةُ آلَافِ
পৃষ্ঠা - ১১৫৬১
مُقَاتِلٍ، عَلَيْهِمُ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بَكْتَمُرُ الْأَبُوبَكْرِيُّ، وَفِيهِمْ قِجْلِيسُ، وَبَدْرُ الدِّينِ الْوَزِيرِيُّ، وَكِشْلِي، وَابْنُ طَيْبَرْسَ، وَسَاطِي، وَابْنُ سَلَّارَ، وَغَيْرُهُمْ، فَتَقَدَّمُوا إِلَى الْبِلَادِ الْحَلَبِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْ نَائِبِ الشَّامِ تَنْكِزَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: سَوْدِي، نَائِبُ حَلَبَ، فِي رَجَبٍ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي أَجْرَى فِيهَا نَهْرًا غَرِمَ عَلَيْهِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ، حَمِيدَ الطَّرِيقَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي شَعْبَانَ تُوُفِّيَ الصَّاحِبُ شَرَفُ الدِّينِ يَعْقُوبُ بْنُ مُزْهِرٍ، وَكَانَ بَارًّا بِأَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَالشَّيْخُ رَشِيدُ الدِّينِ أَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ الْحَنَفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمُعَلِّمِ، كَانَ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفْتِينَ، وَلَدَيْهِ عُلُومٌ شَتَّى، وَفَوَائِدُ،
পৃষ্ঠা - ১১৫৬২
وَفَرَائِدُ، وَعِنْدَهُ زُهْدٌ وَانْقِطَاعٌ عَنِ النَّاسِ، وَقَدْ دَرَّسَ بِالْبَلْخِيَّةِ مُدَّةً ثُمَّ تَرَكَهَا لِوَلَدِهِ، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، فَأَقَامَ بِهَا، وَقَدْ عُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ دِمَشْقَ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ مِنَ الْعُمْرِ، تُوُفِّيَ سَحَرَ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ خَامِسِ رَجَبٍ، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي شَوَّالٍ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ التُّرْكُمَانِيُّ الْمُوَلَّهُ، الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ عَلَى مِصْطَبَةٍ بِالْعَلَبِيِّينَ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُقِيمًا بِطَهَّارَةِ بَابِ الْبَرِيدِ، وَكَانَ لَا يَتَحَاشَى مِنَ النَّجَاسَاتِ وَلَا يَتَّقِيهَا، وَلَا يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ وَلَا يَأْتِيهَا، وَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ مِنَ الْهَمَجِ لَهُ فِيهِ عَقِيدَةٌ، وَهَذِهِ قَاعِدَةُ الْهَمَجِ الرَّعَاعِ الَّذِينَ هُمْ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ مِنَ الْمُوَلَّهِينَ وَالْمَجَانِينِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ يُكَاشِفُ، وَأَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ فِي يَوْمٍ كَثِيرِ الثَّلْجِ. وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ تُوُفِّيَتِ الشَّيْخَةُ الصَّالِحَةُ الْعَابِدَةُ النَّاسِكَةُ أُمُّ زَيْنَبَ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبَّاسِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيَّةُ، بِظَاهِرِ الْقَاهِرَةِ، وَشَهِدَهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَانَتْ مِنَ الْعَالِمَاتِ الْفَاضِلَاتِ، تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَقُومُ
পৃষ্ঠা - ১১৫৬৩
عَلَى الْأَحْمَدِيَّةِ فِي مُؤَاخَاتِهِمُ النِّسَاءَ وَالْمُرْدَانَ، وَتُنْكِرُ أَحْوَالَهُمْ وَأَحْوَالَ أَهْلِ الْبِدَعِ وَغَيْرِهِمْ، وَتَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، وَقَدْ كَانَتْ تَحْضُرُ مَجْلِسَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، فَاسْتَفَادَتْ مِنْهُ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ، وَقَدْ سَمِعْتُ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ يُثْنِي عَلَيْهَا، وَيَصِفُهَا بِالْفَضِيلَةِ وَالْعِلْمِ، وَيَذْكُرُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَحْضِرُ كَثِيرًا مِنَ " الْمُغْنِي " أَوْ أَكْثَرَهُ، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْتَعِدُّ لَهَا مِنْ كَثْرَةِ مَسَائِلِهَا، وَحُسْنِ سُؤَالَاتِهَا، وَسُرْعَةِ فَهْمِهَا، وَهِيَ الَّتِي خَتَّمَتْ نِسَاءً كَثِيرًا الْقُرْآنَ، مِنْهُنَّ أُمُّ زَوْجَتِي عَائِشَةُ بِنْتُ صِدِّيقٍ، زَوْجَةُ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ الْمِزِّيِّ، وَهِيَ الَّتِي أَقَرَأَتِ ابْنَتَهَا زَوْجَتِي أَمَةَ الرَّحِيمِ زَيْنَبَ، رَحِمَهُنَّ اللَّهُ، وَأَكْرَمَهُنَّ بِرَحْمَتِهِ وَجَنَّتِهِ، آمِينَ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৬৪
[سَنَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [فَتْحُ مَلَطْيَةَ] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ فِي الْبِلَادِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. فَتْحُ مَلَطْيَةَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ مُسْتَهَلِّ الْمُحَرَّمِ خَرَجَ سَيْفُ الدِّينِ تَنْكِزُ بِالْجُيُوشِ قَاصِدًا مَلَطْيَةَ، وَخَرَجَتِ الْأَطْلَابُ عَلَى رَايَاتِهَا، وَأَبْرَزُوا مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعُدَدِ وَآلَاتِ الْحَرْبِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَخَرَجَ مَعَ الْجَيْشِ ابْنُ صَصْرَى؛ لِأَنَّهُ قَاضِي الْعَسَاكِرِ وَقَاضِي قُضَاةِ الشَّافِعِيَّةِ، فَسَارُوا حَتَّى دَخَلُوا حَلَبَ فِي الْحَادِي عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ، وَمِنْهَا وَصَلُوا فِي السَّادِسَ عَشَرَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، إِلَى مَلَطْيَةَ فَشَرَعُوا فِي مُحَاصَرَتِهَا فِي الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَقَدْ حُصِّنَتْ وَمُنِّعَتْ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُهَا، فَلَمَّا رَأَوْا كَثْرَةَ الْجَيْشِ، نَزَلَ مُتَوَلِّيهَا وَقَاضِيهَا وَطَلَبُوا الْأَمَانَ، فَأَمَّنُوا الْمُسْلِمِينَ وَدَخَلُوهَا، فَقَتَلُوا مِنَ الْأَرْمَنِ خَلْقًا وَمِنَ النَّصَارَى، وَأَسَرُوا ذُرِّيَّةً كَثِيرَةً، وَتَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ، وَغَنِمُوا شَيْئًا كَثِيرًا، وَأُخِذَتْ أَمْوَالُ كَثِيرٍ مِنَ
পৃষ্ঠা - ১১৫৬৫
الْمُسْلِمِينَ، وَرَجَعُوا عَنْهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ رَابِعِ عِشْرِينَ الْمُحَرَّمِ إِلَى عَيْنِ تَابٍ، إِلَى مَرْجِ دَابِقٍ، وَزُيِّنَتْ دِمَشْقُ، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ. وَفِي أَوَّلِ صَفَرٍ رَحَلَ نَائِبُ مَلَطْيَةَ مُتَوَجِّهًا إِلَى السُّلْطَانِ. وَفِي نِصْفِ الشَّهْرِ وَصَلَ قَاضِيهَا الشَّرِيفُ شَمْسُ الدِّينِ وَمَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِهَا. وَفِي بُكْرَةِ نَهَارِ الْجُمُعَةِ سَادِسَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ نَائِبُهَا الْأَمِيرُ تَنْكِزُ النَّاصِرِيُّ، أَعَزَّهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي خِدْمَتِهِ الْجُيُوشُ الشَّامِيَّةُ وَالْمِصْرِيَّةُ، وَخَرَجَ النَّاسُ لِلْفُرْجَةِ عَلَيْهِمْ عَلَى الْعَادَةِ، وَأَقَامَ الْمِصْرِيُّونَ قَلِيلًا ثُمَّ تَرَحَّلُوا إِلَى الْقَاهِرَةِ، وَقَدْ كَانَتْ مَلَطْيَةُ إِقْطَاعًا لِلْجُوبَانِ، أَطْلَقَهَا لَهُ مَلِكُ التَّتَرِ، فَاسْتَنَابَ بِهَا رَجُلًا كُرْدِيًّا، فَتَعَدَّى وَأَسَاءَ، وَظَلَمَ، وَكَاتَبَ أَهْلُهَا السُّلْطَانَ النَّاصِرَ، وَأَحَبُّوا أَنْ يَكُونُوا مِنْ رَعِيَّتِهِ، فَلَمَّا سَارُوا إِلَيْهَا وَأَخَذُوهَا، وَفَعَلُوا مَا فَعَلُوا فِيهَا - جَاءَهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْجُوبَانُ، فَعَمَّرَهَا وَرَدَّ إِلَيْهَا خَلْقًا مِنَ الْأَرْمَنِ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ وَصَلَ إِلَيْنَا الْخَبَرُ بِمَسْكِ بَكْتَمُرَ الْحَاجِبِ، وَأَيْدُغْدِي شُقَيْرٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ مُسْتَهَلِّ هَذَا الشَّهْرِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى السُّلْطَانِ، فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ، فَمَسَكَهُمْ، وَاحْتِيطَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَحَوَاصِلِهِمْ، وَظَهَرَ لِبَكْتَمُرَ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ، وَأَمْتِعَةٌ، وَأَخْشَابٌ، وَحَوَاصِلُ
পৃষ্ঠা - ১১৫৬৬
كَثِيرَةٌ، وَقَدِمَ قِجْلِيسُ مَنَ الْقَاهِرَةِ، فَاجْتَازَ بِدِمَشْقَ إِلَى نَاحِيَةِ طَرَابُلُسَ، ثُمَّ قَدِمَ سَرِيعًا وَمَعَهُ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ تَمُرُ نَائِبُ طَرَابُلُسَ تَحْتَ الْحَوْطَةِ، وَمُسِكَ بِدِمَشْقَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بَهَادُرُ آصُ الْمَنْصُورِيُّ، فَحُمِلَ الْأَوَّلُ إِلَى الْقَاهِرَةِ، وَجُعِلَ مَكَانَهُ فِي نِيَابَةِ طَرَابُلُسَ كُسْتَايْ، وَحُمِلَ الثَّانِي إِلَى الْكَرَكِ، وَحَزِنَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَدَعَوْا لَهُ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ قَدِمَ عِزُّ الدِّينِ بْنُ مُيَسَّرٍ إِلَى دِمَشْقَ مُتَوَلِّيًا حِسْبَتَهَا، وَنَظَرَ الْأَوْقَافِ، وَانْصَرَفَ ابْنُ الْحَدَّادِ عَنِ الْحِسْبَةِ، وَبَهَاءُ الدِّينِ بْنُ عُلَيْمَةَ عَنْ نَظَرِ الْأَوْقَافِ. وَفِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ ثَالِثَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى وَقَعَ حَرِيقٌ قُبَالَةَ مَسْجِدِ الشِّنْبَاشِيِّ دَاخِلَ بَابِ الصَّغِيرِ، احْتَرَقَ فِيهِ دَكَاكِينُ كَثِيرَةٌ، وَدَوْرٌ، وَأَمْوَالٌ، وَأَمْتِعَةٌ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ دَرَّسُ قَاضِي مَلَطْيَةَ الشَّرِيفُ شَمْسُ الدِّينِ بِالْمَدْرَسَةِ الْخَاتُونِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ - عِوَضًا عَنْ قَاضِي الْقُضَاةِ الْحَنَفِيِّ الْبُصْرَوِيِّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْأَعْيَانُ، وَهُوَ رَجُلٌ لَهُ فَضِيلَةٌ، وَحُسْنُ خُلُقٍ، كَانَ قَاضِيًا بِمَلَطْيَةَ وَخَطِيبًا بِهَا نَحَوًا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ رَابِعِ جُمَادَى
পৃষ্ঠা - ১১৫৬৭
الْآخِرَةِ أُعِيدَ ابْنُ الْحَدَّادِ إِلَى الْحِسْبَةِ، وَاسْتَمَرَّ ابْنُ مُيَسَّرٍ نَاظِرَ الْأَوْقَافِ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ تَاسِعِ جُمَادَى الْآخِرَةِ دَرَّسَ ابْنُ صَصْرَى بِالْأَتَابِكِيَّةِ عِوَضًا عَنِ الشَّيْخِ صَفِيِّ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْآخِرِ حَضَرَ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ دَرْسَ الظَّاهِرِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ عِوَضًا عَنِ الْهِنْدِيِّ أَيْضًا، بِحُكْمِ وَفَاتِهِ، كَمَا سَتَأْتِي تَرْجَمَتُهُ. وَفِي أَوَاخِرِ رَجَبٍ أُخْرِجَ الْأَمِيرُ جَمَالُ الدِّينِ آقُوشُ نَائِبُ الْكَرَكِ مِنْ سِجْنِ الْقَاهِرَةِ، وَأُعِيدَ إِلَى الْإِمْرَةِ بِهَا. وَفِي شَعْبَانَ تَوَجَّهَ خَمْسَةُ آلَافٍ مِنْ بِلَادِ حَلَبَ، فَأَغَارُوا عَلَى بِلَادِ آمِدَ، وَفَتَحُوا بُلْدَانًا كَثِيرَةً، وَقَتَلُوا، وَسَبَوْا، وَعَادُوا، سَالِمِينَ، وَخَمَّسُوا مَا سَبَوْا، فَبَلَغَ سَهْمُ الْخُمْسِ أَرْبَعَةَ آلَافِ رَأْسٍ وَكُسُورًا. وَفِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ وَصَلَ قَرَاسُنْقُرُ الْمَنْصُورِيُّ إِلَى بَغْدَادَ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ الْخَاتُونُ بِنْتُ أَبْغَا مَلِكِ التَّتَرِ، وَجَاءَ فِي خِدْمَةِ خَرْبَنْدَا، وَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْغَارَةِ عَلَى أَطْرَافِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَوَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فِدَاوَيٌّ، مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ مِصْرَ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَقُتِلَ الْفِدَاوِيُّ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسِ عِشْرِينَ رَمَضَانَ دَرَّسَ بِالْعَادِلِيَّةِ الصَّغِيرَةِ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمِصْرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ كَاتِبِ قُطْلُوبَكْ، بِمُقْتَضَى نُزُولِ مُدَرِّسِهَا كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ لَهُ عَنْهَا، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ، وَالْأَعْيَانُ، وَالْخَطِيبُ، وَابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ أَيْضًا. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ كَمَلَتْ عِمَارَةُ الْقَيْسَارِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالدَّهْشَةِ عِنْدَ الْوَرَّاقِينَ
পৃষ্ঠা - ১১৫৬৮
وَاللَّبَّادِينَ، وَسَكَنَهَا التُّجَّارُ، فَتَمَيَّزَتْ بِذَلِكَ أَوْقَافُ الْجَامِعِ، وَذَلِكَ بِمُبَاشَرَةِ الصَّاحِبِ شَمْسِ الدِّينِ. وَفِي ثَامِنِ شَوَّالٍ قُتِلَ أَحْمَدُ الرُّوَيْسُ، شُهِدَ عَلَيْهِ بِالْعَظَائِمِ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ، وَاسْتِحْلَالِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَاسْتِهَانَتِهِ وَتَنَقُّصِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَحَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِإِرَاقَةِ دَمِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ، فَاعْتُقِلَ، ثُمَّ قُتِلَ، لَعَنَهُ اللَّهُ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ كَانَ خُرُوجُ الرَّكْبِ الشَّامِيِّ، وَأَمِيرُهُ سَيْفُ الدِّينِ طَقْتَمُرُ الْمُوسَاوِيُّ، وَقَاضِيهِ قَاضِي مَلَطْيَةَ، وَحَجَّ فِيهِ قَاضِي حَمَاةَ، وَحَلَبَ، وَمَارِدِينَ، وَمُحْيِي الدِّينِ كَاتِبُ مَلِكِ الْأُمَرَاءِ تَنْكِزَ، وَصِهْرُهُ فَخْرُ الدِّينِ الْمِصْرِيُّ، وَتَقِيُّ الدِّينِ الْفَاضِلِيُّ. وَفِي ثَامِنِ ذِي الْحِجَّةِ وُلِدَ لِلسُّلْطَانِ وَلَدٌ ذَكَرٌ، فَزُيِّنَتِ الْبِلَادُ لَهُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: شَرَفُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَدْلِ عِمَادِ الدِّينِ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ نَصْرِ اللَّهِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ الْقَلَانِسِيِّ، وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَبَاشَرَ نَظَرَ الْخَاصِّ، وَقَدْ شَهِدَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْقيمَةِ ثُمَّ تَرَكَهَا، وَقَدْ تَرَكَ أَوْلَادًا وَأَمْوَالًا جَمَّةً، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّبْتِ ثَانِيَ عَشَرَ صَفَرٍ، وَدُفِنَ بَقَاسِيُونَ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৬৯
الشَّيْخُ صَفِيُّ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأُرْمَوِيُّ الشَّافِعِيُّ الْمُتَكَلِّمُ، وُلِدَ بِالْهِنْدِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَاشْتَغَلَ عَلَى جَدِّهِ لِأُمِّهِ، وَكَانَ فَاضِلًا، وَخَرَجَ مِنْ دِهْلَى فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، فَحَجَّ وَجَاوَرَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ دَخَلَ الْيَمَنَ، فَأَعْطَاهُ مَلِكُهَا الْمُظَفَّرُ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، ثُمَّ دَخَلَ مِصْرَ فَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى الرُّومِ عَلَى طَرِيقِ أَنْطَاكِيَةَ، فَأَقَامَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً بِقُونِيَةَ، وَبِسِيوَاسَ خَمْسًا، وَبِقَيْسَارِيَّةَ سَنَةً، وَاجْتَمَعَ بِالْقَاضِي سِرَاجِ الدِّينِ فَأَكْرَمَهُ، ثُمَّ قَدِمَ إِلَى دِمَشْقَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ فَأَقَامَ بِهَا وَاسْتَوْطَنَهَا، وَدَرَّسَ فِي الرَّوَاحِيَّةِ، وَالدَّوْلَعِيَّةِ، وَالظَّاهِرِيَّةِ، وَالْأَتَابِكِيَّةِ، وَصَنَّفَ فِي الْأُصُولِ وَالْكَلَامِ، وَتَصَدَّرَ لِلِاشْتِغَالِ وَالْإِفْتَاءِ، وَوَقَفَ كُتُبَهُ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ، وَكَانَ فِيهِ بِرٌّ وَصِلَةٌ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعِ عِشْرِينَ صَفَرٍ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَقْتَ مَوْتِهِ سِوَى الظَّاهِرِيَّةِ وَبِهَا مَاتَ، فَدَرَّسَ بَعْدَهُ فِيهَا ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ، وَأَخَذَ ابْنُ صَصْرَى الْأَتَابِكِيَّةَ. الْقَاضِي الْمُسْنِدُ الْمُعَمَّرُ الرُّحْلَةُ، تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ
পৃষ্ঠা - ১১৫৭০
عُمَرَ بْنِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، الْحَاكِمُ بِدِمَشْقَ، وُلِدَ فِي نِصْفِ رَجَبٍ سِنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ وَتَفَقَّهَ وَبَرَعَ، وَوَلِيَ الْحُكْمَ، وَحَدَّثَ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، وَأَحْسَنِهِمْ خُلُقًا، وَأَكْثَرِهِمْ مُرُوءَةً، تُوُفِّيَ فَجْأَةً بَعْدَ مَرْجِعِهِ مِنَ الْبَلَدِ وَحُكْمِهِ بِالْجَوْزِيَّةِ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِالدَّيْرِ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ، وَمَاتَ عَقِيبَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ حَادِي عِشْرِينَ ذِي الْقَعْدَةِ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِتُرْبَةِ جَدِّهِ، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ. الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ الشَّيْخِ عَلِيِّ الْحَرِيرِيُّ، كَانَ مُقَدَّمًا فِي طَائِفَتِهِ، مَاتَ أَبُوهُ وَعُمْرُهُ سَنَتَانِ، تُوُفِّيَ فِي قَرْيَةِ بُسْرَ فِي جُمَادَى الْأُولَى. الْحَكِيمُ الْفَاضِلُ الْبَارِعُ بَهَاءُ الدِّينِ عَبْدُ السَّيِّدِ بْنُ الْمُهَذَّبِ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى، الطَّبِيبُ الْكَحَّالُ، الْمُتَشَرِّفُ بِالْإِسْلَامِ، ثُمَّ قَرَأَ الْقُرْآنَ جَمِيعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ قَوْمِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ مُبَارَكًا عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِمْ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ دَيَّانَ الْيَهُودِ، فَهَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَحَدِ سَادِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ لَمَّا بَيَّنَ لَهُ بُطْلَانَ دِينِهِمْ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ، وَمَا بَدَّلُوهُ مِنْ كِتَابِهِمْ وَحَرَّفُوهُ مِنَ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৭১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَحُكَّامُ الْبِلَادِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، غَيْرَ الْحَنْبَلِيِّ بِدِمَشْقَ، فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ. وَفِي الْمُحَرَّمِ تَكَمَّلَتْ تَفْرِقَةُ الْمِثَالَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ بِمِصْرَ بِمُقْتَضَى إِرَاكَةِ الْأَخْبَازِ، وَعَرْضِ الْجَيْشِ عَلَى السُّلْطَانِ، وَأَبْطَلَ السُّلْطَانُ الْمَكْسَ بِسَائِرِ الْبِلَادِ الْقِبْلِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ. وَفِيهِ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بِبَعْلَبَكَّ بِسَبَبِ الْعَقَائِدِ، وَتَرَافَعُوا إِلَى دِمَشْقَ، فَحَضَرُوا بِدَارِ السَّعَادَةِ عِنْدَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ تَنْكِزَ، فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، وَانْفَصَلَ الْحَالُ عَلَى خَيْرٍ مِنْ غَيْرِ مُحَاقَقَةٍ وَلَا تَشْوِيشٍ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سَادِسَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ سَادِسَ عَشَرَ صَفَرٍ قُرِئَ تَقْلِيدُ قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسِ الدِّينِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسَلَّمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مَزْرُوعٍ الْحَنْبَلِيِّ بِقَضَاءِ الْحَنَابِلَةِ وَالنَّظَرِ فِي أَوْقَافِهِمْ، عِوَضًا عَنِ التَّقِيِّ سُلَيْمَانَ بِحُكْمِ وَفَاتِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ،
পৃষ্ঠা - ১১৫৭২
وَتَارِيخُ التَّقْلِيدِ مِنْ سَادِسِ ذِي الْحِجَّةِ، وَقُرِئَ فِي الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ بِحُضُورِ الْقُضَاةِ، وَالصَّاحِبِ، وَالْأَعْيَانِ، ثُمَّ مَشَوْا مَعَهُ وَعَلَيْهِ الْخِلْعَةُ إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّائِبِ وَرَاحَ إِلَى الصَّالِحِيَّةِ، ثُمَّ نَزَلَ مِنَ الْغَدِ إِلَى الْجَوْزِيَّةِ فَحَكَمَ بِهَا عَلَى عَادَةِ مَنْ تَقَدَّمَهُ، وَاسْتَنَابَ بَعْدَ أَيَّامٍ الشَّيْخَ شَرَفَ الدِّينِ بْنَ الْحَافِظِ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ الْمَذْكُورِ وَصَلَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّرِيشِيِّ مِنْ مِصْرَ عَلَى الْبَرِيدِ، وَمَعَهُ تَوْقِيعٌ بِعَوْدِ الْوَكَالَةِ إِلَيْهِ، فَخُلِعَ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ عَلَى النَّائِبِ وَالْخِلْعَةُ عَلَيْهِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ مُسِكَ الْوَزِيرُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ، وَاعْتُقِلَ بِالْعَذْرَاوِيَّةِ، وَصُولِحَ بِخَمْسِينَ أَلْفًا، ثُمَّ أُطْلِقَ لَهُ مَا كَانَ أُخِذَ مِنْهُ، وَانْفَصَلَ مِنْ دِيوَانِ نَظَرِ الْخَاصِّ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ وَصَلَ مِنْ مِصْرَ الْأَمِيرُ فَضْلُ بْنُ عِيسَى وَمَعَهُ تَقْلِيدٌ بِإِمْرَةِ الْعَرَبِ عِوَضًا عَنْ أَخِيهِ مُهَنَّا بْنِ عِيسَى، وَأُجْرِيَ لَهُ وَلِابْنِ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ مُهَنَّا إِقْطَاعَاتٌ جَيِّدَةٌ وَذَلِكَ بِسَبَبِ دُخُولِ مُهَنَّا إِلَى بِلَادِ التَّتَرِ وَاجْتِمَاعِهِ بِمُلْكِهِمْ خَرْبَنْدَا. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ السَّادِسِ عِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى بَاشَرَ ابْنُ صَصْرَى مَشْيَخَةَ الشُّيُوخِ بِالسُّمَيْسَاطِيَّةِ بِسُؤَالِ الصُّوفِيَّةِ، وَطَلَبِهِمْ لَهُ مِنْ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، فَحَضَرَهَا، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْأَعْيَانُ فِي هَذَا الْيَوْمِ، عِوَضًا عَنِ الشَّرِيفِ