আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১৫৪২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَفِي خَامِسِ الْمُحَرَّمِ تَوَجَّهَ الْأَمِيرُ عِزُّ الدِّينِ أَيْدَمُرُ الزَّرَدْكَاشُ وَأَمِيرَانِ مَعَهُ إِلَى الْأَفْرَمِ، وَسَارُوا بِأَجْمَعِهِمْ حَتَّى لَحِقُوا بِقَرَاسُنْقُرَ وَهُوَ عِنْدَ مُهَنَّا، وَكَاتَبُوا السُّلْطَانَ، ثُمَّ سَارُوا نَحْوَ التَّتَارِ، فَكَانُوا كَالْمُسْتَجِيرِينَ مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ، وَجَاءَ الْبَرِيدُ فِي صَفَرٍ بِالِاحْتِيَاطِ عَلَى حَوَاصِلِ الْأَفْرَمِ وَقَرَاسُنْقُرَ وَالزَّرَدْكَاشِ وَجَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ، وَقَطْعِ خُبْزِ مُهَنَّا، وَجَعْلِ مَكَانَهُ فِي الْإِمْرَةِ أَخَاهُ مُحَمَّدًا، وَعَادَتِ الْعَسَاكِرُ صُحْبَةَ أَرْغُوَنَ مِنَ الْبِلَادِ الشَّمَالِيَّةِ، وَقَدْ حَصَلَ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ قَرَاسُنْقُرَ وَأَصْحَابِهِ هَمٌّ وَغَمٌّ وَحُزْنٌ. وَقَدِمَ سَوْدِي مِنْ مِصْرَ عَلَى نِيَابَةِ حَلَبَ، فَاجْتَازَ بِدِمَشْقَ، فَخَرَجَ النَّاسُ وَالْجَيْشُ لِتَلَقِّيهِ، وَحَضَرَ السِّمَاطُ، وَقُرِئَ مَرْسُومُ السُّلْطَانِ بِطَلَبِ الْأَمِيرِ جَمَالِ الدِّينِ نَائِبِ دِمَشْقَ إِلَى مِصْرَ، فَرَكِبَ مِنْ سَاعَتِهِ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى مِصْرَ، وَتَكَلَّمَ فِي نِيَابَةِ الْغَيْبَةِ قَرَالَاجِينُ نِيَابَتِهِ لِغَيْبَةِ لَاجِينَ، وَطُلِبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ قُطْبُ الدِّينِ مُوسَى بْنُ
পৃষ্ঠা - ১১৫৪৩
شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ نَاظِرُ الْجَيْشِ إِلَى مِصْرَ، فَرَكِبَ مِنْ آخَرِ النَّهَارِ وَسَارَ إِلَيْهَا، فَتَوَلَّى بِهَا نَظَرَ الْجُيُوشِ عِوَضًا عَنْ فَخْرِ الدِّينِ الْكَاتِبِ كَاتِبِ الْمَمَالِيكِ، بِحُكْمِ عَزْلِهِ، وَمُصَادَرَتِهِ، وَأَخْذِ أَمْوَالِهِ الْكَثِيرَةِ مِنْهُ فِي عَاشِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. وَفِي الْحَادِي عَشَرَ مِنْهُ بَاشَرَ الْحُكْمَ لِلْحَنَابِلَةِ بِمِصْرَ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعِزِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَوَضٍ الْمَقْدِسِيُّ، وَهُوَ ابْنُ بِنْتِ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الْعِمَادِ أَوَّلِ قُضَاةِ الْحَنَابِلَةِ. وَقَدِمَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ تَمُرُ عَلَى نِيَابَةِ طَرَابُلُسَ عِوَضًا عَنِ الْأَفْرَمِ، بِحُكْمِ هَرَبِهِ إِلَى التَّتَرِ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مُسِكَ بَيْبَرْسُ الْعَلَائِيُّ نَائِبُ حِمْصَ، وَبَيْبَرْسُ الْمَجْنُونُ، وَطُوغَانُ، وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ مِنَ الْأُمَرَاءِ، سِتَّةٌ فِي نَهَارٍ وَاحِدٍ، وَسُيِّرُوا إِلَى الْكَرَكِ مُعْتَقَلِينَ بِهَا. وَفِيهِ مُسِكَ نَائِبُ مِصْرَ الْأَمِيرُ رُكْنُ الدِّينِ بَيْبَرْسُ الدَّوَادَارُ الْمَنْصُورِيُّ، وَوَلِيَ بَعْدَهُ أَرْغُوَنُ الدَّوَادَارُ، وَمُسِكَ نَائِبُ الشَّامِ جَمَالُ الدِّينِ نَائِبُ الْكَرَكِ، وَشَمْسُ الدِّينِ سُنْقُرُ الْكَمَالِيُّ حَاجِبُ الْحُجَّابِ بِمِصْرَ، وَخَمْسَةُ أُمَرَاءَ آخَرُونَ، وَحُبِسُوا كُلُّهُمْ بِقَلْعَةِ الْكَرَكِ فِي بُرْجٍ هُنَاكَ. وَفِيهِ وَقَعَ حَرِيقٌ دَاخِلَ بَابِ السَّلَامَةِ، احْتَرَقَ فِيهِ دُورٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا دَارُ ابْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ، وَدَارُ الشَّرِيفِ الْقَبَّانِيِّ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৪৪
[نِيَابَةُ تَنْكِزَ عَلَى الشَّامِ] فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ دَخَلَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ تَنْكِزُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ النَّاصِرِيُّ نَائِبًا عَلَى دِمَشْقَ، بَعْدَ مَسْكِ نَائِبِ الْكَرَكِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مَمَالِيكِ السُّلْطَانِ مِنْهُمُ الْحَاجُّ أَرُقْطَايْ، عَلَى خُبْزِ بَيْبَرْسَ الْعَلَائِيِّ، وَخَرَجَ النَّاسُ لِتَلَقِّيهِ، وَفَرِحُوا بِهِ كَثِيرًا، وَنَزَلَ بِدَارِ السَّعَادَةِ، وَوَقَعَ عِنْدَ قُدُومِهِ مَطَرٌ عَظِيمٌ، وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ آبٍ، وَحَضَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْخُطْبَةَ بِالْمَقْصُورَةِ، وَأُشْعِلَتْ لَهُ الشُّمُوعُ فِي طَرِيقِهِ، وَجَاءَ تَوْقِيعٌ لِابْنِ صَصْرَى بِإِعَادَةِ قَضَاءِ الْعَسْكَرِ إِلَيْهِ، وَأَنْ يَنْظُرَ الْأَوْقَافَ فَلَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِي الِاسْتِنَابَةِ فِي الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ عَلَى عَادَةِ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ قُضَاةِ الشَّافِعِيَّةِ، وَجَاءَ مَرْسُومٌ لِشَمْسِ الدِّينِ أَبِي طَالِبِ بْنِ حُمَيْدٍ بِنَظَرِ الْجَيْشِ عِوَضًا عَنَ ابْنِ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ بِحُكْمِ إِقَامَتِهِ بِمِصْرَ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ وَصَلَ الصَّدْرُ مُعِينُ الدِّينِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ حَشِيشٍ نَاظِرُ الْجَيْشِ، وَجُعِلَ ابْنُ حُمَيْدٍ فِي وَظِيفَةِ ابْنِ الْبَدْرِ، وَسَافَرَ ابْنُ الْبَدْرِ عَلَى نَظَرِ جَيْشِ طَرَابُلُسَ، وَتَوَلَّى أَرْغُوَنُ نِيَابَةَ مِصْرَ، وَعَادَ فَخْرُ الدِّينِ كَاتِبُ الْمَمَالِيكِ إِلَى وَظِيفَتِهِ مَعَ اسْتِمْرَارِ قُطْبِ الدِّينِ بْنِ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ أَيْضًا مُبَاشِرًا مَعَهُ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৪৫
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ قَامَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ قَوَامٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّالِحِينَ عَلَى ابْنِ زُهْرَةَ الْمَغْرِبِيِّ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلَّاسَةِ، وَكَتَبُوا عَلَيْهِ مَحَاضِرَ تَتَضَمَّنُ اسْتِهَانَتَهُ بِالْمُصْحَفِ، وَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأُحْضِرَ إِلَى دَارِ الْعَدْلِ، فَاسْتَسْلَمَ وَحُقِنَ دَمُهُ، وَعُزِّرَ تَعْزِيرًا بَلِيغًا عَنِيفًا، وَطِيفَ بِهِ فِي الْبَلَدِ بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ وَهُوَ مَكْشُوفُ الرَّأْسِ، وَوَجْهُهُ مَقْلُوبٌ، وَظَهْرُهُ مَضْرُوبٌ، يُنَادَى عَلَيْهِ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي الْعِلْمِ بِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ. ثُمَّ حُبِسَ وَأُطْلِقَ، فَهَرَبَ إِلَى الْقَاهِرَةِ، ثُمَّ عَادَ عَلَى الْبَرِيدِ فِي شَعْبَانَ، وَرَجَعَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. وَفِيهِ قَدِمَ بَهَادُرُآصْ مِنْ نِيَابَةِ صَفَدَ إِلَى دِمَشْقَ وَهَنَّأَهُ النَّاسُ. وَفِيهِ قَدِمَ كِتَابٌ مِنَ السُّلْطَانِ إِلَى دِمَشْقَ أَنْ لَا يُوَلَّى أَحَدٌ بِمَالٍ وَلَا بِرِشْوَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى وِلَايَةِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْوِلَايَةِ، وَإِلَى وِلَايَةِ غَيْرِ الْأَهْلِ، فَقَرَأَهُ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ عَلَى السُّدَّةِ، وَبَلَّغَهُ عَنْهُ ابْنُ صَبِيحٍ الْمُؤَذِّنُ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ حَصَلَ لِلنَّاسِ خَوْفٌ بِدِمَشْقَ بِسَبَبِ أَنَّ التَّتَرَ قَدْ تَحَرَّكُوا لِلْمَجِيءِ إِلَى الشَّامِ، فَانْزَعَجَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ وَخَافُوا، وَتَحَوَّلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى الْبَلَدِ، وَازْدَحَمُوا فِي الْأَبْوَابِ، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكَثُرَتِ الْأَرَاجِيفُ بِأَنَّهُمْ قَدْ وَصَلُوا إِلَى الرَّحْبَةِ، وَكَذَلِكَ جَرَى، وَاشْتَهَرَ بِأَنَّ ذَلِكَ بِإِشَارَةِ قَرَاسُنْقُرَ وَذَوِيهِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৪৬
وَفِي رَمَضَانَ جَاءَ كِتَابُ السُّلْطَانِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَيْهِ، بَلْ يُتَبَّعُ الْقَاتِلُ حَتَّى يُقْتَصَّ مِنْهُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ، فَقَرَأَهُ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ عَلَى السُّدَّةِ بِحَضْرَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ تَنْكِزَ، وَسَبَبُهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، هُوَ أَمَرَ بِذَلِكَ وَبِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ قَبْلَهُ. وَفِي أَوَّلِ رَمَضَانَ وَصَلَ التَّتَرُ إِلَى الرَّحْبَةِ فَحَاصَرُوهَا عِشْرِينَ يَوْمًا، وَقَاتَلَهُمْ نَائِبُهَا الْأَمِيرُ بَدْرُ الدِّينِ مُوسَى الْأُزْكُشِيُّ خَمْسَةَ أَيَّامٍ قِتَالًا عَظِيمًا، وَمَنْعَهُمْ مِنْهَا، فَأَشَارَ رَشِيدُ الدَّوْلَةِ بِأَنْ يَنْزِلُوا إِلَى خِدْمَةِ السُّلْطَانِ خَرْبَنْدَا، وَيُهْدُوا لَهُ هَدِيَّةً، وَيَطْلُبُونَ مِنْهُ الْعَفْوَ، فَنَزَلَ الْقَاضِي نَجْمُ الدِّينِ إِسْحَاقُ وَجَمَاعَةٌ، وَأَهْدَوْا لَهُ خَمْسَةَ رُءُوسِ خَيْلٍ وَعَشَرَةَ أَبَالِيجَ سُكَّرٍ، فَقَبِلَ ذَلِكَ وَرَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ، وَكَانَتْ بِلَادُ حَلَبَ وَحَمَاةَ وَحِمْصَ قَدْ أُجْلُوْا مِنْهَا، وَخَرِبَ أَكْثَرُهَا، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْهَا لَمَّا تَحَقَّقُوا رُجُوعَ التَّتَرِ عَنِ الرَّحْبَةِ، وَطَابَتِ الْأَخْبَارُ، وَسَكَنَتِ النُّفُوسُ، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ، وَتَرَكَتِ الْأَئِمَّةُ الْقُنُوتَ، وَخَطَبَ الْخَطِيبُ يَوْمَ الْعِيدِ، وَذَكَّرَ النَّاسَ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ. وَكَانَ سَبَبُ رُجُوعِ التَّتَرِ قِلَّةَ الْعَلَفِ، وَغَلَاءَ الْأَسْعَارِ، وَمَوْتَ كَثِيرٍ مِنْهُمْ، وَأَشَارَ عَلَى سُلْطَانِهِمْ بِالرُّجُوعِ: الرَّشِيدُ وَجُوبَانُ. وَفِي ثَامِنِ شَوَّالٍ دَقَّتِ الْبَشَائِرُ بِدِمَشْقَ بِسَبَبِ خُرُوجِ السُّلْطَانِ مِنْ مِصْرَ لِأَجْلِ مُلَاقَاةِ التَّتَرِ، وَخَرَجَ الرَّكْبُ فِي نِصْفِ شَوَّالٍ وَأَمِيرُهُمْ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ الصَّغِيرُ، الَّذِي كَانَ وَالِيَ الْبَرِّ، وَقَدِمَتِ الْعَسَاكِرُ الْمَنْصُورَةُ الْمِصْرِيَّةُ أَرْسَالًا، وَكَانَ قُدُومُ السُّلْطَانِ وَدُخُولُهُ دِمَشْقَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ثَالِثِ عِشْرِينَ شَوَّالٍ
পৃষ্ঠা - ১১৫৪৭
وَاحْتَفَلَ النَّاسُ لِدُخُولِهِ، فَنَزَلَ بِالْقَلْعَةِ وَقَدْ زُيِّنَ الْبَلَدُ، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ، ثُمَّ انْتَقَلَ بَعْدَ لَيْلَتِئِذٍ إِلَى الْقَصْرِ، وَصَلَّى الْجُمُعَةَ بِالْجَامِعِ بِالْمَقْصُورَةِ، وَخَلَعَ عَلَى الْخَطِيبِ، وَجَلَسَ فِي دَارِ الْعَدْلِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَقَدِمَ وَزِيرُهُ أَمِينُ الْمُلْكِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ عِشْرِينَ الشَّهْرِ، وَقَدِمَ صُحْبَةَ السُّلْطَانِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ إِلَى دِمَشْقَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ مُسْتَهَلِّ ذِي الْقَعْدَةِ، وَكَانَتْ غَيْبَتُهُ عَنْهَا سَبْعَ سِنِينَ كَوَامِلَ، وَمَعَهُ أَخَوَاهُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَخَرَجَ خَلْقٌ كَثِيرٌ لِتَلَقِّيهِ، وَسُرُّوا بِقُدُومِهِ وَعَافِيَتِهِ وَرُؤْيَتِهِ، وَاسْتَبْشَرُوا بِهِ حَتَّى خَرَجَ خَلْقٌ مِنَ النِّسَاءِ أَيْضًا لِرُؤْيَتِهِ، وَقَدْ كَانَ السُّلْطَانُ صَحِبَهُ مَعَهُ مِنْ مِصْرَ، فَخَرَجَ مَعَهُ بِنِيَّةِ الْغَزَاةِ، فَلَمَّا تَحَقَّقَ عَدَمَ الْغَزَاةِ وَأَنَّ التَّتَرَ رَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ فَارَقَ الْجَيْشَ مِنْ غَزَّةَ، وَزَارَ الْقُدْسَ، وَأَقَامَ بِهِ أَيَّامًا، ثُمَّ سَافَرَ عَلَى عَجْلُونَ وَبِلَادِ السَّوَادِ وَزُرَعَ، وَوَصَلَ دِمَشْقَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، فَدَخَلَهَا فَوَجَدَ السُّلْطَانَ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَى الْحِجَازِ الشَّرِيفِ فِي أَرْبَعِينَ أَمِيرًا مِنْ خَوَاصِّهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَانِي ذِي الْقَعْدَةِ، ثُمَّ إِنَّ الشَّيْخَ بَعْدَ وُصُولِهِ إِلَى دِمَشْقَ وَاسْتِقْرَارِهِ بِهَا لَمْ يَزَلْ مُلَازِمًا لِاشْتِغَالِ النَّاسِ فِي سَائِرِ الْعُلُومِ، وَنَشْرِ الْعِلْمِ، وَتَصْنِيفِ الْكُتُبِ، وَإِفْتَاءِ النَّاسِ بِالْكَلَامِ وَالْكِتَابَةِ الْمُطَوِّلَةِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَفِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ يُفْتِي بِمَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ مِنْ مُوَافَقَةِ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَفِي بَعْضِهَا يُفْتِي بِخِلَافِهِمْ وَبِخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِي مَذَاهِبِهِمْ، وَلَهُ اخْتِيَارَاتٌ كَثِيرَةٌ مُجَلَّدَاتٌ عَدِيدَةٌ، أَفْتَى فِيهَا بِمَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ. فَلَمَّا سَارَ السُّلْطَانُ إِلَى الْحَجِّ فَرَّقَ الْعَسَاكِرَ وَالْجُيُوشَ بِالشَّامِ، وَتَرَكَ أَرْغُوَنَ بِدِمَشْقَ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৪৮
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَبِسَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ خِلْعَةَ وَكَالَةِ بَيْتِ الْمَالِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ الشَّرِيشِيِّ، وَحَضَرَ بِهَا الشُّبَّاكَ، وَتَكَلَّمَ الْوَزِيرُ أَمِينُ الْمُلْكِ فِي الْبَلَدِ، وَطَلَبَ مِنَ النَّاسِ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، وَصَادَرَ، وَضَرَبَ، بِالْمَقَارِعِ، وَأَهَانَ جَمَاعَةً مِنَ الرُّؤَسَاءِ، مِنْهُمُ الصَّدْرُ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ فَضْلِ اللَّهِ. وَفِيهِ عُيِّنَ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ جَهْبَلٍ لِتَدْرِيسِ الصَّلَاحِيَّةِ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ عِوَضًا عَنْ نَجْمِ الدِّينِ دَاوُدَ الْكُرْدِيِّ، تُوُفِّيَ، وَقَدْ كَانَ مُدَرِّسًا بِهَا مِنْ نَحْوِ ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَسَافَرَ ابْنُ جَهْبَلٍ إِلَى الْقُدْسِ بَعْدَ عِيدِ الْأَضْحَى. وَفِيهَا مَاتَ مَلِكُ دَسْتِ الْقَفْجَاقِ الْمُسَمَّى طُقْطَايْ خَانْ، وَكَانَ لَهُ فِي الْمُلْكِ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ مَاتَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَانَ شَهْمًا شُجَاعًا، عَلَى دِينِ التَّتَرِ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْكَوَاكِبِ، يُعَظِّمُ الْمُجَسِّمَةَ، وَالْحُكَمَاءَ، وَالْأَطِبَّاءَ، وَيُكْرِمُ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ، كَانَ جَيْشُهُ هَائِلًا، لَا يَجْسُرُ أَحَدٌ عَلَى قِتَالِهِ لِكَثْرَةِ جَيْشِهِ، وَقُوَّتِهِمْ، وَعَدَدِهِمْ،
পৃষ্ঠা - ১১৫৪৯
وَيُقَالُ: إِنَّهُ جَرَّدَ مَرَّةً تَجْرِيدَةً مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ مِنْ جَيْشِهِ وَاحِدًا، فَبَلَغَتِ التَّجْرِيدَةُ مِائَتَيْ أَلْفٍ وَخَمْسِينَ أَلْفًا، تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَامَ فِي الْمُلْكِ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُ أَخِيهِ أُزْبَكْ خَانْ، وَكَانَ مُسْلِمًا، فَأَظْهَرَ دِينَ الْإِسْلَامِ بِبِلَادِهِ، وَقَتَلَ خَلْقًا مِنْ أُمَرَاءِ الْكَفَرَةِ، وَعَلَتِ الشَّرِيعَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ عَلَى سَائِرِ الشَّرَائِعِ هُنَاكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ صَاحِبُ مَارِدِينَ، وَهُوَ نَجْمُ الدِّينِ أَبُو الْفَتْحِ غَازِي بْنُ الْمُظَفَّرِ قَرَا أَرْسَلَانَ بْنِ الْمَلِكِ السَّعِيدِ نَجْمِ الدِّينِ غَازِيِ بْنِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ نَاصِرِ الدِّينِ أُرْتُقَ بْنِ غَازِي بْنِ أَلْبِي بْنِ تَمُرْتَاشَ بْنِ غَازِي بْنِ أُرْتُقَ الْأَرْتَقِيُّ صَاحِبُ مَارِدِينَ مِنْ عِدَّةِ سِنِينَ، كَانَ شَيْخًا حَسَنًا مَهِيبًا، كَامِلَ الْخِلْقَةِ، بَدِينًا سَمِينًا، إِذَا رَكِبَ يَكُونُ خَلْفَهُ مِحَفَّةٌ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَمَسَّهُ لُغُوبٌ فَيَرْكَبَ فِيهَا، تُوُفِّيَ فِي تَاسِعِ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَدُفِنَ فِي مَدْرَسَتِهِ تَحْتَ الْقَلْعَةِ، وَقَدْ بَلَغَ مِنَ الْعُمْرِ فَوْقَ السَّبْعِينَ، وَمَكَثَ فِي الْمُلْكِ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ فِي الْمُلْكِ وَلَدُهُ الْعَادِلُ عَلِيٌّ، فَمَكَثَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ مَلَكَ أَخُوهُ الصَّالِحُ بْنُ الْمَنْصُورِ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৫০
وَفِيهَا مَاتَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قُطْلُوبَكُ الشَّيْخِيُّ، كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ دِمَشْقَ الْكِبَارِ. الشَّيْخُ الصَّالِحُ نُورُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُمَيْدٍ الثَّعْلَبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، قَارِئُ الْحَدِيثِ بِالْقَاهِرَةِ وَمُسْنِدُهَا، رَوَى عَنِ ابْنِ الزَّبِيدِيِّ، وَابْنِ اللَّتِّيِّ، وَجَعْفَرٍ الْهَمَذَانِيِّ، وَابْنِ الشِّيرَازِيِّ، وَخَلْقٍ، وَقَدْ خَرَّجَ لَهُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مَشْيَخَةً، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، تُوُفِّيَ بُكْرَةَ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ هَائِلَةً حَافِلَةً. الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ شِهَابُ الدِّينِ غَازِي بْنُ الْمَلِكِ النَّاصِرِ دَاوُدَ بْنِ الْمُعَظَّمِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ رَجُلًا مُتَوَاضِعًا، تُوُفِّيَ بِمِصْرَ ثَانِيَ عَشَرَ رَجَبٍ، وَدُفِنَ بِالْقَاهِرَةِ. قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ حَازِمٍ الْأَذْرَعِيُّ الْحَنَفِيُّ، كَانَ بَارِعًا فَاضِلًا، دَرَّسَ وَأَفْتَى، وَوَلِيَ
পৃষ্ঠা - ১১৫৫১
قَضَاءَ الْحَنَفِيَّةِ بِدِمَشْقَ سَنَةً ثُمَّ عُزِلَ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَدْرِيسِ الشِّبْلِيَّةِ مُدَّةً، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى مِصْرَ، فَأَقَامَ بِسَعِيدِ السُّعَدَاءِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي عِشْرِينَ رَجَبٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৫২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمْ هُمْ، وَالسُّلْطَانُ فِي الْحِجَازِ لَمْ يَقْدَمْ بَعْدُ، وَقَدْ قَدِمَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قِجْلِيسُ يَوْمَ السَّبْتِ مُسْتَهَلِّ الْمُحَرَّمِ مِنَ الْحِجَازِ، وَأَخْبَرَ بِسَلَامَةِ السُّلْطَانِ، وَأَنَّهُ فَارَقَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَنَّهُ قَدْ قَارَبَ الْبِلَادَ، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ فَرَحًا بِسَلَامَتِهِ، ثُمَّ جَاءَ الْبَرِيدُ فَأَخْبَرَ بِدُخُولِهِ إِلَى الْكَرَكِ ثَانِيَ الْمُحَرَّمِ يَوْمَ الْأَحَدِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ حَادِيَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ دَخَلَ دِمَشْقَ، وَخَرَجَ النَّاسُ لِتَلَقِّيهِ عَلَى الْعَادَةِ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ مَرْجِعَهُ مِنْ هَذِهِ الْحُجَّةِ عَلَى شَفَتِهِ وَرَقَةٌ قَدْ أَلْصَقَهَا عَلَيْهَا، فَنَزَلَ بِالْقَصْرِ، وَصَلَّى الْجُمُعَةَ رَابِعَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ بِمَقْصُورَةِ الْخَطَابَةِ، وَكَذَلِكَ الْجُمُعَةُ الَّتِي تَلِيهَا، وَلَعِبَ فِي الْمَيْدَانِ بِالْكُرَةِ يَوْمَ السَّبْتِ النِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَوَلَّى نَظَرَ الدَّوَاوِينِ لِلصَّاحِبِ شَمْسِ الدِّينِ غِبْرِيَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ سَادِسَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ، وَشَدَّ الدَّوَاوِينِ لِفَخْرِ الدِّينِ أَيَاسٍ الْأَعْسَرِيِّ عِوَضًا عَنِ الْقَرَمَانِيِّ، وَسَافَرَ الْقَرَمَانِيُّ إِلَى نِيَابَةِ الرَّحْبَةِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمَا وَعَلَى وَزِيرِهِ، وَخَلَعَ عَلَى ابْنِ صَصْرَى، وَعَلَى الْفَخْرِ كَاتِبِ الْمَمَالِيكِ، وَكَانَ مَعَ السُّلْطَانِ فِي الْحَجِّ، وَوَلَّى شَرَفَ الدِّينِ بْنَ
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৩
صَصْرَى حِجَابَةَ الدِّيوَانِ، وَبَاشَرَ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ نَظَرَ الْجَامِعِ، وَبَاشَرَ بَهَاءُ الدِّينِ بْنُ عُلَيْمَةَ نَظَرَ الْأَوْقَافِ، وَالْمَنْكُورَسِيُّ شَدَّ الْأَوْقَافِ. وَتَوَجَّهَ السُّلْطَانُ رَاجِعًا إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بُكْرَةَ الْخَمِيسِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَتَقَدَّمَتِ الْجُيُوشُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَعَهُ. وَفِي أَوَاخِرِ صَفَرٍ اجْتَازَ عَلَى الْبَرِيدِ فِي الرُّسْلِيَّةِ إِلَى مُهَنَّا الشَّيْخُ صَدَرُ الدِّينِ بْنُ الْوَكِيلِ، وَمُوسَى بْنُ مُهَنَّا، وَالْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ أَلْطُنْبُغَا، فَاجْتَمَعُوا بِهِ فِي تَدْمُرَ، ثُمَّ عَادَ أَلْطُنْبُغَا وَابْنُ الْوَكِيلِ إِلَى الْقَاهِرَةِ، ثُمَّ عَادَ صَدْرُ الدِّينِ إِلَى مُهَنَّا، وَرَجَعَ مِنْ عِنْدِهِ فِي رَجَبٍ إِلَى الْقَاهِرَةِ. وَفِي أَوَاخِرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ مُسِكَ أَمِينُ الْمُلْكِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْكُتَّابِ مَعَهُ، وَصُودِرُوا بِأَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ، وَأُقِيمُ عِوَضَهُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ التُّرْكُمَانِيِّ الَّذِي كَانَ وَالِيَ الْبَحَرِيَّةِ. وَفِي رَجَبٍ كَمَلَتْ أَرْبَعَةُ مَجَانِيقَ، وَاحِدٌ لِقَلْعَةِ دِمَشْقَ، وَثَلَاثَةٌ تُحْمَلُ إِلَى الْكَرَكِ، وَرُمِيَ بِاثْنَيْنِ عَلَى بَابِ الْمَيْدَانِ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ تَنْكِزُ وَالْعَامَّةُ. وَفِي شَعْبَانَ تَكَامَلَ حَفْرُ النَّهْرِ الَّذِي عَمِلَهُ سَوْدِي نَائِبُ حَلَبَ بِهَا، وَكَانَ طُولُهُ مِنْ نَهْرِ السَّاجُورِ إِلَى نَهْرِ قُوَيْقٍ أَرْبَعِينَ أَلْفَ ذِرَاعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَعُمْقِ ذِرَاعَيْنِ، وَغُرِمَ عَلَيْهِ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَعَمِلَ بِالْعَدْلِ وَلَمْ يَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا.
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৪
وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَامِنِ شَوَّالٍ خَرَجَ الرَّكْبُ مِنْ دِمَشْقَ وَأَمِيرُهُ سَيْفُ الدِّينِ بَلَبَانُ التَّتَرِيُّ، وَحَجَّ صَاحِبُ حَمَاةَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَخَلْقٌ مِنَ الرُّومِ وَالْغُرَبَاءِ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَصَلَ الْقَاضِيَ قُطْبُ الدِّينِ مُوسَى بْنُ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ مِنْ مِصْرَ عَلَى نَظَرِ الْجُيُوشِ الشَّامِيَّةِ كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَاحَ مُعِينُ الدِّينِ بْنُ الْحَشِيشِ إِلَى مِصْرَ فِي رَمَضَانَ صُحْبَةَ الصَّاحِبِ شَمْسِ الدِّينِ غِبْرِيَالَ، وَبَعْدَ وُصُولِ نَاظِرِ الْجُيُوشِ بِيَوْمَيْنِ وَصَلَتِ الْمَنَاشِيرُ بِمُقْتَضَى إِرَاكَةِ الْإِقْطَاعَاتِ الشَّامِيَّةِ عَلَى مَا رَآهُ السُّلْطَانُ بَعْدَ نَظَرِهِ فِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمُحَدِّثُ فَخْرُ الدِّينِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ التَّوْزَرِيُّ، بِمَكَّةَ يَوْمَ الْأَحَدِ حَادِيَ عَشَرَ
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৫
رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَقَدْ سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَأَجَازَهُ خَلْقٌ يَزِيدُونَ عَلَى أَلْفِ شَيْخٍ، وَقَرَأَ الْكُتُبَ الْكِبَارَ وَغَيْرَهَا، وَقَرَأَ " صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ " أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ مَرَّةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. عِزُّ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَدْلِ شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ إِلْيَاسَ الرَّهَاوِيُّ، كَانَ يُبَاشِرُ اسْتِيفَاءَ الْأَوْقَافِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَكَانَ مِنْ أَخِصَّاءِ أَمِينِ الْمُلْكِ، فَلَمَّا مُسِكَ بِمِصْرَ، أُرْسِلَ إِلَى هَذَا وَهُوَ مُعْتَقَلٌ بِالْعَذْرَاوِيَّةِ لِيَحْضُرَ عَلَى الْبَرِيدِ، فَمَرِضَ، فَمَاتَ بِالْمَدْرَسَةِ الْعَذْرَاوِيَّةِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ طَبَرْزَدَ وَالْكِنْدِيِّ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَتَرَكَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ: جَمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ، وَعِزُّ الدِّينِ. الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الْمُقْرِئُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمِقَصَّاتِيُّ، هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْمُشَيِّعُ الْجَزَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْمِقَصَّاتِيِّ، نَائِبُ الْخَطَابَةِ، وَكَانَ يُقْرِئُ النَّاسَ
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৬
الْقِرَاءَاتِ مِنْ نَحْوِ خَمْسِينَ سَنَةً بِالْعِرَاقِ وَالشَّامِ، وَكَانَ شَيْخًا عَارِفًا بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ وَغَيْرِهَا مِنَ الشَّوَاذِّ، وَلَهُ إِلْمَامٌ بِالنَّحْوِ، وَفِيهِ وَرَعٌ وَاجْتِهَادٌ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّبْتِ حَادِي عِشْرِينَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ تُجَاهَ الرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ، وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمْ هُمْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، إِلَّا الْوَزِيرَ أَمِينَ الْمُلْكِ، فَمَكَانَهَ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ التُّرْكُمَانِيِّ. وَفِي رَابِعِ الْمُحَرَّمِ عَادَ الصَّاحِبُ شَمْسُ الدِّينِ غِبْرِيَالُ مِنْ مِصْرَ عَلَى نَظَرِ الدَّوَاوِينِ، وَتَلَقَّاهُ أَصْحَابُهُ. وَفِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قُرِئَ كِتَابُ السُّلْطَانِ عَلَى السُّدَّةِ بِحَضْرَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ وَالْقُضَاةِ وَالْأُمَرَاءِ، يَتَضَمَّنُ إِطْلَاقَ الْبَوَاقِي مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ إِلَى آخِرِ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ، فَتَضَاعَفَتِ الْأَدْعِيَةُ لِلسُّلْطَانِ، وَكَانَ الْقَارِئُ جَمَالَ الدِّينِ بْنَ الْقَلَانِسِيِّ، وَمُبَلِّغُهُ بَدْرَ الدِّينِ بْنَ صَبِيحٍ الْمُؤَذِّنُ، ثُمَّ قُرِئَ فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى مَرْسُومٌ آخَرُ، فِيهِ الْإِفْرَاجُ عَنِ الْمَسْجُونِينَ، وَأَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ سِوَى نِصْفِ دِرْهَمٍ، وَمَرْسُومٌ آخَرُ فِيهِ إِطْلَاقُ السُّخَّرِ وَالْقَصَبِ وَغَيْرِهِ عَنِ الْفَلَّاحِينَ، قَرَأَهُ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ، وَبَلَّغَهُ عَنْهُ أَمِينُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مُؤَذِّنِ النَّجِيبِيِّ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৮
وَفِي الْمُحَرَّمِ اسْتَحْضَرَ السُّلْطَانُ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ الْفَقِيهَ نُورَ الدِّينِ عَلِيًّا الْبَكْرِيَّ، وَهَمَّ بِقَتْلِهِ، فَشَفَعَ فِيهِ الْأُمَرَاءُ، فَنَفَاهُ وَمَنَعَهُ مِنَ الْكَلَامِ فِي الْفَتْوَى وَالْعِلْمِ، وَكَانَ قَدْ هَرَبَ لَمَّا طُلِبَ مِنْ جِهَةِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، فَهَرَبَ وَاخْتَفَى، وَشَفَعَ فِيهِ أَيْضًا، ثُمَّ لَمَّا ظَفِرَ بِهِ السُّلْطَانُ الْآنَ وَأَرَادَ قَتْلَهُ شَفَعَ فِيهِ الْأُمَرَاءُ، فَنَفَاهُ وَمَنَعَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَالْفَتْوَى، وَذَلِكَ لِاجْتِرَائِهِ وَتَسَرُّعِهِ عَلَى التَّكْفِيرِ وَالْقَتْلِ، وَالْجَهْلِ الْحَامِلِ لَهُ عَلَى هَذَا وَغَيْرِهِ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ قَرَأَ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ كِتَابًا سُلْطَانِيًّا عَلَى السُّدَّةِ بِحَضْرَةِ نَائِبِ السُّلْطَانِ الْقَاضِي، وَفِيهِ الْأَمْرُ بِإِطْلَاقِ ضَمَانِ الْقَوَّاسِينَ، وَضَمَانِ النَّبِيذِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَدَعَا النَّاسُ لِلسُّلْطَانِ. وَفِي أَوَاخِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ اجْتَمَعَ الْقُضَاةُ بِالْجَامِعِ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِ الشُّهُودِ، وَنَهَوْهُمْ عَنِ الْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي مَرْكَزَيْنِ، وَأَنْ لَا يَتَوَلَّوْا ثَبَاتَ الْكُتُبِ، وَلَا يَأْخُذُوا أَجْرًا عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَأَنْ لَا يَغْتَابُوا أَحَدًا، وَأَنْ يَتَنَاصَفُوا فِي الْمَعِيشَةِ، ثُمَّ جَلَسُوا مَرَّةً ثَانِيَةً لِذَلِكَ، وَتَوَاعَدُوا ثَالِثَةً، فَلَمْ يَتَّفِقِ اجْتِمَاعُهُمْ، وَلَمْ يُقْطَعْ أَحَدٌ مِنْ مَرْكَزِهِ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ عُقِدَ مَجْلِسٌ فِي دَارِ ابْنِ صَصْرَى لِبَدْرِ الدِّينِ بْنِ بَصْخَانَ، وَأُنْكِرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْقِرَاءَاتِ، فَالْتَزَمَ بِتَرْكِ الْإِقْرَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ بَعْدَ أَيَّامٍ فِي الْإِقْرَاءِ، فَأُذِنَ لَهُ، فَجَلَسَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالْجَامِعِ، وَصَارَتْ لَهُ حَلْقَةٌ عَلَى الْعَادَةِ.
পৃষ্ঠা - ১১৫৫৯
وَفِي مُنْتَصَفِ رَجَبٍ تُوُفِّيَ نَائِبُ حَلَبَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ سَوْدِي، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ، وَوَلِيَ مَكَانَهُ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ أَلْطُنْبُغَا الصَّالِحِيُّ الْحَاجِبُ بِمِصْرَ قَبْلَ هَذِهِ النِّيَابَةِ. وَفِي تَاسِعِ شَعْبَانَ خُلِعَ عَلَى الشَّرِيفِ شَرَفِ الدِّينِ عَدْنَانَ بِنِقَابَةِ الْأَشْرَافِ، بَعْدَ وَالِدِهِ أَمِينِ الدِّينِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَدْنَانَ الْحُسَيْنِيِّ، بِحُكْمِ وَفَاةِ أَبِيهِ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي، وَقَدْ كَانَ رَئِيسًا كَبِيرًا. وَفِي خَامِسِ شَوَّالٍ دُفِنَ الْمَلِكُ شَمْسُ الدِّينِ دُوبَاجُ بْنُ مَلِكْشَاهْ بْنِ رُسْتَمَ صَاحِبُ كَيْلَانَ بِتُرْبَتِهِ الْمَشْهُورَةِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَكَانَ قَدْ قَصَدَ الْحَجَّ فِي هَذَا الْعَامِ، فَلَمَّا كَانَ بِغَبَاغِبَ أَدْرَكَتْهُ مَنِيَّتُهُ يَوْمَ السَّبْتِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، فَحُمِلَ إِلَى دِمَشْقَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَدُفِنَ فِي هَذِهِ التُّرْبَةِ، اشْتُرِيَتْ لَهُ وَتُمِّمَتْ، وَجَاءَتْ حَسَنَةً، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ الْمُكَارِيَّةِ شَرْقِيَّ الْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَكَانَ لَهُ فِي مَمْلَكَةِ كَيْلَانَ خَمْسٌ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَعُمِّرَ أَرْبَعًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَأَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، فَفُعِلَ ذَلِكَ. وَخَرَجَ الرَّكْبُ فِي ثَالِثِ شَوَّالٍ، وَأَمِيرُهُ سَيْفُ الدِّينِ سُنْقُرُ الْإِبْرَاهِيمِيُّ، وَقَاضِيهِ مُحْيِي الدِّينِ قَاضِي الزَّبَدَانِيِّ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعِ ذِي الْقَعْدَةِ قَدِمَ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الْحَدَّادِ مِنَ الْقَاهِرَةِ مُتَوَلِّيًا حِسْبَةَ دِمَشْقَ، فَخُلِعَ عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ فَخْرِ الدِّينِ
পৃষ্ঠা - ১১৫৬০
سُلَيْمَانَ الْبُصْرَاوِيِّ، عُزِلَ، فَسَافَرَ سَرِيعًا إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِيَشْتَرِيَ خَيْلًا لِلسُّلْطَانِ يُقَدِّمُهَا رِشْوَةً عَلَى الْمَنْصِبِ الْمَذْكُورِ، فَاتَّفَقَ مَوْتُهُ فِي الْبَرِّيَّةِ فِي سَابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ، وَحُمِلَ إِلَى بُصْرَى، فَدُفِنَ بِهَا عِنْدَ أَجْدَادِهِ فِي ثَامِنِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَكَانَ شَابًّا كَرِيمَ الْأَخْلَاقِ، حَسَنَ الشَّكْلِ. وَفِي أَوَاخِرِهِ مُسِكَ نَائِبُ صَفَدَ بَلَبَانُ طُرْنَا الْمَنْصُورِيُّ وَسُجِنَ، وَتَوَلَّى مَكَانَهُ سَيْفُ الدِّينِ بَلَبَانُ الْبَدْرِيُّ. وَفِي سَادِسِ ذِي الْحِجَّةِ بَاشَرَ وِلَايَةَ الْبَرِّ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مَعْبَدٍ الْبَعْلَبَكِّيُّ عِوَضًا عَنْ شَرَفِ الدِّينِ عِيسَى بْنِ الْبُرْطَاسِيِّ. وَفِي يَوْمِ عِيدِ الْأَضْحَى وَصَلَ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ صُبْحٍ مِنْ مِصْرَ، وَقَدْ أُفْرِجَ عَنْهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءُ، وَفَرِحُوا بِهِ، وَهَنَّئُوهُ بِالسَّلَامَةِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أُعِيدَ أَمِينُ الْمُلْكِ إِلَى نَظَرِ النُّظَّارِ بِمِصْرَ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ وَعَلَى الصَّاحِبِ ضِيَاءِ الدِّينِ النَّشَائِيِّ بِنَظَرِ الْخِزَانَةِ عِوَضًا عَنْ سَعْدِ الدِّينِ حَسَنِ بْنِ الْأَقْفَهْسِيِّ. وَفِيهِ وَرَدَتِ الْبَرِيدِيَّةُ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ لِلْجُيُوشِ الشَّامِيَّةِ بِالْمَسِيرِ إِلَى حَلَبَ، وَأَنْ يَكُونَ مُقَدَّمُ الْعَسَاكِرِ كُلِّهَا تَنْكِزَ نَائِبَ الشَّامِ، وَقَدِمَ مِنْ مِصْرَ سِتَّةُ آلَافِ
পৃষ্ঠা - ১১৫৬১
مُقَاتِلٍ، عَلَيْهِمُ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بَكْتَمُرُ الْأَبُوبَكْرِيُّ، وَفِيهِمْ قِجْلِيسُ، وَبَدْرُ الدِّينِ الْوَزِيرِيُّ، وَكِشْلِي، وَابْنُ طَيْبَرْسَ، وَسَاطِي، وَابْنُ سَلَّارَ، وَغَيْرُهُمْ، فَتَقَدَّمُوا إِلَى الْبِلَادِ الْحَلَبِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْ نَائِبِ الشَّامِ تَنْكِزَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: سَوْدِي، نَائِبُ حَلَبَ، فِي رَجَبٍ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي أَجْرَى فِيهَا نَهْرًا غَرِمَ عَلَيْهِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ، حَمِيدَ الطَّرِيقَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي شَعْبَانَ تُوُفِّيَ الصَّاحِبُ شَرَفُ الدِّينِ يَعْقُوبُ بْنُ مُزْهِرٍ، وَكَانَ بَارًّا بِأَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَالشَّيْخُ رَشِيدُ الدِّينِ أَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ الْحَنَفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمُعَلِّمِ، كَانَ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفْتِينَ، وَلَدَيْهِ عُلُومٌ شَتَّى، وَفَوَائِدُ،
পৃষ্ঠা - ১১৫৬২
وَفَرَائِدُ، وَعِنْدَهُ زُهْدٌ وَانْقِطَاعٌ عَنِ النَّاسِ، وَقَدْ دَرَّسَ بِالْبَلْخِيَّةِ مُدَّةً ثُمَّ تَرَكَهَا لِوَلَدِهِ، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، فَأَقَامَ بِهَا، وَقَدْ عُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ دِمَشْقَ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ مِنَ الْعُمْرِ، تُوُفِّيَ سَحَرَ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ خَامِسِ رَجَبٍ، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي شَوَّالٍ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ التُّرْكُمَانِيُّ الْمُوَلَّهُ، الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ عَلَى مِصْطَبَةٍ بِالْعَلَبِيِّينَ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُقِيمًا بِطَهَّارَةِ بَابِ الْبَرِيدِ، وَكَانَ لَا يَتَحَاشَى مِنَ النَّجَاسَاتِ وَلَا يَتَّقِيهَا، وَلَا يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ وَلَا يَأْتِيهَا، وَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ مِنَ الْهَمَجِ لَهُ فِيهِ عَقِيدَةٌ، وَهَذِهِ قَاعِدَةُ الْهَمَجِ الرَّعَاعِ الَّذِينَ هُمْ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ مِنَ الْمُوَلَّهِينَ وَالْمَجَانِينِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ يُكَاشِفُ، وَأَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ فِي يَوْمٍ كَثِيرِ الثَّلْجِ. وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ تُوُفِّيَتِ الشَّيْخَةُ الصَّالِحَةُ الْعَابِدَةُ النَّاسِكَةُ أُمُّ زَيْنَبَ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبَّاسِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيَّةُ، بِظَاهِرِ الْقَاهِرَةِ، وَشَهِدَهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَانَتْ مِنَ الْعَالِمَاتِ الْفَاضِلَاتِ، تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَقُومُ