আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১৪৫৬
وَأَحْسَنِهِمْ تَقِيَّةً، وَدُفِنَ بِتُرْبَةٍ لَهُمْ تَحْتَ الْكَهْفِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَتَأَسَّفَ النَّاسُ عَلَيْهِ لِإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ، رَحِمَهُ اللَّهُ. الْمَلِكُ الْعَادِلُ زَيْنُ الدِّينِ كَتْبُغَا، تُوُفِّيَ بِحَمَاةَ نَائِبًا عَلَيْهَا بَعْدَ صَرْخَدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدِ الْأَضْحَى، وَنُقِلَ إِلَى تُرْبَتِهٍ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ غَرْبِيَّ الرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ، يُقَالُ لَهَا: الْعَادِلِيَّةُ، وَهِيَ تُرْبَةٌ مَلِيحَةٌ ذَاتُ شَبَابِيكَ، وَبَوَّابَةٍ، وَمِئْذَنَةٍ، وَلَهُ عَلَيْهَا أَوْقَافٌ دَارَّةٌ عَلَى وَظَائِفَ، مِنْ قِرَاءَةٍ، وَأَذَانٍ، وَإِمَامَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْأُمَرَاءِ الْمَنْصُورِيَّةِ، وَقَدْ مَلَكَ الْبِلَادَ بَعْدَ مَقْتَلِ الْأَشْرَفِ خَلِيلِ بْنِ الْمَنْصُورِ، ثُمَّ انْتَزَعَ الْمُلْكَ لَاجِينُ، وَجَلَسَ فِي قَلْعَةِ دِمَشْقَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى صَرْخَدَ، فَكَانَ بِهَا حَتَّى قُتِلَ لَاجِينُ، وَأَخَذَ الْمُلْكَ النَّاصِرُ بْنُ قَلَاوُونَ فَاسْتَنَابَهُ بِحَمَاةَ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ، وَأَعْدَلِهِمْ، وَأَكْثَرِهِمْ بِرًّا، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ وَالنُّوَّابِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. [ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِمِائَةٍ اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَفِي صَفَرٍ تَوَلَّى الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّرِيشِيِّ نَظَرَ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ، وَبَاشَرَهُ مُبَاشَرَةً مَشْكُورَةً، وَسَاوَى بَيْنَ النَّاسِ، وَعَزَلَ نَفْسَهُ فِي رَجَبٍ مِنْهَا. وَفِي شَهْرِ صَفَرٍ تَوَلَّى الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ الذَّهَبِيُّ خَطَابَةَ كَفْرِ بَطْنَا، وَأَقَامَ بِهَا. وَلَمَّا تُوُفِّيَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْفَارِقِيُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، كَانَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ فِي نَوَاحِي الْبَلْقَاءِ يَكْشِفُ بَعْضَ الْأُمُورِ، فَلَمَّا قَدِمَ تَكَلَّمُوا مَعَهُ فِي وَظَائِفِ الْفَارِقِيِّ، فَعَيَّنَ الْخَطَابَةَ لِشَرَفِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ، وَعَيَّنَ الشَّامِيَّةَ الْبَرَّانِيَّةَ وَدَارَ الْحَدِيثِ لِلشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الشَّرِيشِيِّ، وَذَلِكَ بِإِشَارَةِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَأَخَذَ مِنْهُ النَّاصِرِيَّةَ لِلشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ، وَرَسَمَ بِكِتَابَةِ التَّوَاقِيعِ بِذَلِكَ، وَبَاشَرَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الْإِمَامَةَ وَالْخَطَابَةَ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِهِ لِحُسْنِ قِرَاءَتِهِ، وَطِيبِ صَوْتِهِ، وَجَوْدَةِ سِيرَتِهِ، فَلَمَّا كَانَ بُكْرَةُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَانِي عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَصَلَ الْبَرِيدُ مِنْ مِصْرَ صُحْبَةَ الشَّيْخِ صَدْرِ الدِّينِ بْنِ الْوَكِيلِ، وَقَدْ سَبَقَهُ مَرْسُومُ السُّلْطَانِ لَهُ بِجَمِيعِ جِهَاتِ الْفَارِقِيِّ مُضَافًا إِلَى مَا بِيَدِهِ مِنَ التَّدْرِيسَيْنِ، فَاجْتَمَعَ بِنَائِبِ السَّلْطَنَةِ بِالْقَصْرِ، وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى الْجَامِعِ، فَفُتِحَ لَهُ بَابُ دَارِ الْخَطَابَةِ فَنَزَلَهَا،
পৃষ্ঠা - ১১৪৫৭
وَجَاءَهُ النَّاسُ يُهَنِّئُونَهُ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُرَّاءُ وَالْمُؤَذِّنُونَ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ الْعَصْرَ، وَبَاشَرَ الْإِمَامَةَ يَوْمَيْنِ، فَأَظْهَرَ النَّاسُ التَّأَلُّمَ مِنْ صَلَاتِهِ وَخَطَابَتِهِ، وَسَعَوْا فِيهِ إِلَى نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، فَمَنَعَهُ مِنَ الْخَطَابَةِ، وَأَقَرَّهُ عَلَى التَّدَارِيسِ وَدَارِ الْحَدِيثِ، وَجَاءَ تَوْقِيعٌ سُلْطَانِيٌّ لِلشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ بِالْخَطَابَةِ، فَخَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى، وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِطَرْحَةٍ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِهِ، وَأَخَذَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ تَدْرِيسَ الشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ مِنْ يَدِ ابْنِ الْوَكِيلِ، وَبَاشَرَهَا فِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى، وَاسْتَقَرَّتْ دَارُ الْحَدِيثِ بِيَدِ ابْنِ الْوَكِيلِ مَعَ مَدْرَسَتَيْهِ الْأُولَيَيْنِ، وَأَظُنُّهُمَا الْعَذْرَاوِيَّةَ، وَالشَّامِيَّةَ الْجَوَّانِيَّةَ. وَوَصَلَ الْبَرِيدُ فِي ثَانِيَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى بِإِعَادَةِ السِّنْجِرِيِّ إِلَى نِيَابَةِ الْقَلْعَةِ، وَتَوْلِيَةِ نَائِبِهَا الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ الْجُوكَنْدَارِ نِيَابَةَ حِمْصَ عِوَضًا عَنْ عِزِّ الدِّينِ الْحَمَوِيِّ، تُوُفِّيَ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَانِيَ عَشَرَ رَمَضَانَ قَدِمَتْ ثَلَاثَةُ آلَافِ فَارِسٍ مِنْ مِصْرَ، وَأُضِيفَ إِلَيْهَا أَلْفَانِ مِنْ دِمَشْقَ، وَسَارُوا، فَأَخَذُوا مَعَهُمْ نَائِبَ حِمْصَ الْجُوكَنْدَارَ، وَوَصَلُوا إِلَى حَمَاةَ، فَصَحِبَهُمْ نَائِبُهَا الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قَبْجَقُ، وَجَاءَ إِلَيْهِمْ أَسَنْدَمُرُ نَائِبُ طَرَابُلُسَ، وَانْضَافَ إِلَيْهِمْ قَرَاسُنْقُرُ نَائِبُ حَلَبَ، وَانْفَصَلُوا كُلُّهُمْ عَنْهَا فَانْفَرَقُوا فِرْقَتَيْنِ، سَارَتْ طَائِفَةٌ صُحْبَةَ قَبْجَقَ إِلَى نَاحِيَةِ مَلَطْيَةَ وَقَلْعَةِ
পৃষ্ঠা - ১১৪৫৮
الرُّومِ، وَالْفِرْقَةُ الْأُخْرَى صُحْبَةَ قَرَاسُنْقُرَ حَتَّى دَخَلُوا الدَّرْبَنْدَاتِ، وَحَاصَرُوا تَلَّ حَمْدُونَ، فَتَسَلَّمُوهُ عَنْوَةً فِي ثَالِثَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ بَعْدَ حِصَارٍ طَوِيلٍ، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ بِدِمَشْقَ لِذَلِكَ، وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ مَعَ صَاحِبِ سِيسَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ نَهْرِ جَيْهَانَ إِلَى حَلَبَ، وَبِلَادِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ إِلَى نَاحِيَتِهِمْ لَهُمْ، وَأَنْ يُعَجِّلُوا حَمْلَ سَنَتَيْنِ، وَوَقَعَتِ الْهُدْنَةُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَا قُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ الْأَرْمَنِ وَرُؤَسَائِهِمْ، وَعَادَتِ الْعَسَاكِرُ إِلَى دِمَشْقَ مُؤَيَّدِينَ مَنْصُورِينَ، ثُمَّ تَوَجَّهَتِ الْعَسَاكِرُ الْمِصْرِيَّةُ صُحْبَةَ مُقَدَّمِهِمْ أَمِيرِ سِلَاحٍ إِلَى مِصْرَ. وَفِي أَوَاخِرِ السَّنَةِ كَانَ مَوْتُ قَازَانَ وَتَوْلِيَةُ أَخِيهِ خَرْبَنْدَا، وَهُوَ مَلِكُ التَّتَرِ قَازَانُ، وَاسْمُهُ مَحْمُودُ بْنُ أَرْغُوَنَ بْنِ أَبْغَا، فِي رَابِعِهِ، أَوْ حَادِيَ عَشَرَهُ، بِالْقُرْبِ مِنْ هَمَذَانَ، وَنُقِلَ إِلَى تُرْبَتِهِ بِتِبْرِيزَ بِمَكَانٍ يُسَمَّى الشَّامَ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ مَاتَ مَسْمُومًا، وَقَامَ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ أَخُوهُ خَرْبَنْدَا مُحَمَّدُ بْنُ أَرْغُوَنَ، وَلَقَّبُوهُ الْمَلِكَ غِيَاثَ الدِّينِ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى مَنَابِرِ الْعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَتِلْكَ النَّوَاحِي وَالْبِلَادِ. وَحَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ سَلَّارُ نَائِبُ مِصْرَ، وَفِي صُحْبَتِهِ
পৃষ্ঠা - ১১৪৫৯
أَرْبَعُونَ أَمِيرًا، وَجَمِيعُ أَوْلَادِ الْأُمَرَاءِ، وَحَجَّ مَعَهُمْ وَزِيرُ مِصْرَ الْأَمِيرُ عِزُّ الدِّينِ الْبَغْدَادِيُّ، وَتَوَلَّى مَكَانَهُ بِالْبِرْكَةِ الْأَمِيرُ نَاصِرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ الشَّيْخِيُّ، وَخَرَجَ سَلَّارُ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ جِدًّا، وَأَمِيرُ رَكْبِ الْمِصْرِيِّينَ الْحَاجُّ أَنَاقُ الْحُسَامِيُّ. وَتَرَكَ الشَّيْخُ صَفِيُّ الدِّينِ مَشْيَخَةَ الشُّيُوخِ، فَوَلِيَهَا الْقَاضِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ الزَّكِيِّ، وَحَضَرَ الْخَانَقَاهْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَادِي عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ ابْنُ صَصْرَى، وَعِزُّ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ، وَالصَّاحِبُ ابْنُ مُيَسَّرٍ، وَالْمُحْتَسِبُ، وَجَمَاعَةٌ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ وَصَلَ مِنَ التَّتَرِ مَقْدِمٌ كَبِيرٌ قَدْ هَرَبَ مِنْهُمْ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ الْأَمِيرُ بَدْرُ الدِّينِ جَنْكَلِي بْنُ الْبَابَا، وَفِي صُحْبَتِهِ نَحْوٌ مَنْ عَشَرَةٍ، فَحَضَرُوا الْجُمُعَةَ فِي الْجَامِعِ، وَتَوَجَّهُوا إِلَى مِصْرَ، فَأُكْرِمَ، وَأُعْطِيَ إِمْرَةَ أَلْفٍ، وَكَانَ مُقَامُهُ بِبِلَادِ آمِدَ، وَكَانَ يُنَاصِحُ السُّلْطَانَ، وَيُكَاتِبُهُ، وَيُطْلِعُهُ عَلَى عَوْرَاتِ التَّتَرِ، فَلِهَذَا عَظُمَ شَأْنُهُ فِي الدَّوْلَةِ النَّاصِرِيَّةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: مَلِكُ التَّتَرِ قَازَانُ بْنُ أَرْغُوَنَ بْنِ أَبْغَا، تَقَدَّمَ. الشَّيْخُ الْقُدْوَةُ الْعَابِدُ الزَّاهِدُ الْوَرِعُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعَالِي بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الرَّقِّيُّ الْحَنْبَلِيُّ، كَانَ أَصْلُهُ مِنْ بِلَادِ الشَّرْقِ، وَمَوْلِدُهُ بِالرَّقَّةِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَاشْتَغَلَ، وَحَصَّلَ، وَسَمِعَ شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ، وَقَدِمَ دِمَشْقَ، فَسَكَنَ بِالْمِئْذَنَةِ الشَّرْقِيَّةِ فِي أَسْفَلِهَا بِأَهْلِهِ إِلَى جَانِبِ الطَّهَارَةِ بِالْجَامِعِ، وَكَانَ مُعَظَّمًا عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، فَصِيحَ الْعِبَارَةِ، كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، خَشِنَ الْعَيْشِ، حَسَنَ الْمُجَالَسَةِ، لِطَيْفَ الْمُفَاكَهَةِ، كَثِيرَ التِّلَاوَةِ، قَوِيَّ التَّوَجُّهِ، مِنْ أَفْرَادِ الْعَالَمِ، عَارِفًا بِالتَّفْسِيرِ، وَالْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ، وَالْأَصْلَيْنِ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ وَخُطَبٌ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، تُوُفِّيَ بِمَنْزِلِهِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ خَامِسَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ عُقَيْبَ الْجُمُعَةِ، وَنُقِلَ إِلَى تُرْبَةِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ بِالسَّفْحِ وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ حَافِلَةً رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ تُوُفِّيَ الْأَمِيرُ زَيْنُ الدِّينِ قَرَاجَا أُسْتَدَارُ الْأَفْرَمِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِمَيْدَانِ الْحَصَا عِنْدَ النَّهْرِ.
পৃষ্ঠা - ১১৪৬০
وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، عُرِفَ بِابْنِ الْحُبُلِيِّ، كَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، يَتَرَدَّدُ إِلَى عَكَّا أَيَّامَ كَانَتِ الْفِرَنْجُ فِي فِكَاكِ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، وَعَتَقَهُ مِنَ النَّارِ، وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ. الْخَطِيبُ ضِيَاءُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْخَطِيبِ جَمَالِ الدِّينِ أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَقِيلٍ السُّلَمِيُّ، خَطِيبُ بَعْلَبَكَّ نَحْوًا مِنْ سِتِّينَ سَنَةً بَعْدَ وَالِدِهِ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَتَفَرَّدَ عَنِ الْقَزْوِينِيِّ، وَكَانَ رَجُلًا جَيِّدًا، حَسَنَ الْقِرَاءَةِ، مِنْ كِبَارِ الْعُدُولِ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ ثَالِثِ صَفَرٍ، وَدُفِنَ بِبَابِ سَطْحَا. الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْفَارِقِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فِهْرِ بْنِ الْحَسَنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَارِقِيُّ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَاشْتَغَلَ وَدَرَّسَ فِي عِدَّةِ مَدَارِسَ، وَأَفْتَى مُدَّةً طَوِيلَةً، وَكَانَتْ لَهُ هِمَّةٌ، وَشَهَامَةٌ، وَصَرَامَةٌ، وَكَانَ يُبَاشِرُ الْأَوْقَافَ جَيِّدًا، وَهُوَ الَّذِي عَمَّرَ دَارَ الْحَدِيثِ بَعْدَ خَرَابِهَا زَمَنَ قَازَانَ، وَقَدْ بَاشَرَهَا سَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً مِنْ بَعْدِ
পৃষ্ঠা - ১১৪৬১
النَّوَوِيِّ إِلَى حِينِ وَفَاتِهِ، وَكَانَتْ مَعَهُ الشَّامِيَّةُ الْبَرَّانِيَّةُ، وَخَطَابَةُ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، بَاشَرَ بِهِ الْخَطَابَةَ قَبْلَ وَفَاتِهِ، وَقَدِ انْتَقَلَ إِلَى دَارِ الْخَطَابَةِ، وَتُوُفِّيَ بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ضَحْوَةَ السَّبْتِ ابْنُ صَصْرَى عِنْدَ بَابِ الْخَطَابَةِ، وَبِسُوقِ الْخَيْلِ قَاضِي الْحَنَفِيَّةِ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْحَرِيرِيِّ، وَعِنْدَ جَامِعِ الصَّالِحِيَّةِ قَاضِي الْحَنَابِلَةِ تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ، وَدُفِنَ بِتُرْبَةِ أَهْلِهِ شَمَالِيَّ تُرْبَةِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَبَاشَرَ بَعْدَهُ الْخَطَابَةَ شَرَفُ الدِّينِ الْفَزَارِيُّ، وَمَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ ابْنُ الْوَكِيلِ، وَالشَّامِيَّةَ الْبَرَّانِيَّةَ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ. الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ عِزُّ الدِّينِ أَيْبَكَ الْحَمَوِيُّ، نَابَ بِدِمَشْقَ مُدَّةً، ثُمَّ عُزِلَ عَنْهَا إِلَى صَرْخَدَ، ثُمَّ نُقِلَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ إِلَى نِيَابَةِ حِمْصَ، وَتُوُفِّيَ بِهَا يَوْمَ الْأَحَدِ الْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَنُقِلَ إِلَى تُرْبَتِهِ بِالسَّفْحِ غَرْبِيَّ زَاوِيَةِ ابْنِ قَوَامٍ، وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ الْحَمَّامُ بِمَسْجِدِ الْقَصَبِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: حَمَّامُ الْحَمَوِيِّ، عَمَرَهُ فِي أَيَّامِ نِيَابَتِهِ. الْوَزِيرُ فَتْحُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ صَغِيرٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ، ابْنُ الْقَيْسَرَانِيِّ، كَانَ شَيْخًا جَلِيلًا، أَدِيبًا شَاعِرًا مُجِيدًا، مِنْ بَيْتِ الرِّيَاسَةِ وَالْوِزَارَةِ، وَقَدْ وَلِيَ وِزَارَةِ دِمَشْقَ مُدَّةً، ثُمَّ أَقَامَ بِمِصْرَ مُوَقِّعًا مُدَّةً، وَكَانَ لَهُ اعْتِنَاءٌ بِعُلُومِ الْحَدِيثِ وَسَمَاعِهِ
পৃষ্ঠা - ১১৪৬২
وَإِسْمَاعِهِ، وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ خُرِّجَ لَهُمْ فِي " الصَّحِيحَيْنِ "، وَأَوْرَدَ شَيْئًا مِنْ أَحَادِيثِهِمْ فِي مُجَلَّدَيْنِ كَبِيرَيْنِ مَوْقُوفَيْنِ بِالْمَدْرَسَةِ النَّاصِرِيَّةِ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ لَهُ مُذَاكَرَةٌ جَيِّدَةٌ مُحَرَّرَةٌ بِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَقَدْ خَرَّجَ عَنْهُ الْحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ شُيُوخِهِ، تُوُفِّيَ بِالْقَاهِرَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَأَصْلُهُمْ مِنْ قَيْسَارِيَّةِ الشَّامِ، وَكَانَ جَدُّهُ مُوَفَّقُ الدِّينِ أَبُو الْبَقَاءِ خَالِدٌ وَزِيرًا لِنُورِ الدِّينِ الشَّهِيدِ، وَكَانَ مِنَ الْكُتَّابِ الْمُجِيدِينَ الْمُتْقِنِينَ، لَهُ كِتَابَةٌ جَيِّدَةٌ مُحَرَّرَةٌ جِدًّا، تُوُفِّيَ فِي أَيَّامِ صَلَاحِ الدِّينِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَأَبُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ صَغِيرٍ، وُلِدَ بَعَكَّا قَبْلَ أَخْذِ الْفِرَنْجِ لَهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَلَمَّا أُخِذَتْ بَعْدَ التِّسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ انْتَقَلَ أَهْلُهُمْ إِلَى حَلَبَ فَكَانُوا بِهَا، وَكَانَ شَاعِرًا مُطْبِقًا، لَهُ دِيوَانٌ مَشْهُورٌ، وَكَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ جَيِّدَةٌ بِالنُّجُومِ وَالْهَيْئَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْوَالِدُ، وَهُوَ الْخَطِيبُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ ضَوْءِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ ضَوْءِ بْنِ دِرْعٍ الْقُرَشِيُّ، مِنْ بَنِي حَصْلَةَ، وَهَمْ يَنْتَسِبُونَ إِلَى الشَّرَفِ، وَبِأَيْدِيهِمْ نَسَبٌ، وَقَفَ عَلَى بَعْضِهَا شَيْخُنَا الْمِزِّيُّ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، وَابْتَهَجَ بِهِ، فَصَارَ يَكْتُبُ فِي نَسَبِي بِسَبَبِ ذَلِكَ: الْقُرَشِيُّ - مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا:
পৃষ্ঠা - ১১৪৬৩
الشَّرْكُوِينُ، غَرْبِيَّ بُصْرَى، بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَذْرِعَاتٍ، وُلِدَ بِهَا فِي حُدُودِ سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَاشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ عِنْدَ أَخْوَالِهِ بَنِي عُقْبَةَ بِبُصْرَى، فَقَرَأَ " الْبِدَايَةَ " فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَحَفِظَ " جَمُلَ الزَّجَّاجِيِّ "، وَعُنِيَ بِالنَّحْوِ، وَالْعَرَبِيَّةِ، وَاللُّغَةِ، وَحِفْظِ أَشْعَارِ الْعَرَبِ، حَتَّى كَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ الْجَيِّدَ الْفَائِقَ الرَّائِقَ فِي الْمَدِيحِ، وَالْمَرَاثِي، وَقَلِيلٍ مِنَ الْهِجَاءِ، وَقُرِّرَ فِي مَدَارِسِ بُصْرَى بِمَبْرَكِ النَّاقَةِ شَمَالِيَّ الْبَلَدِ حَيْثُ يُزَارُ، وَهُوَ الْمَبْرَكُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ النَّاسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى خَطَابَةِ الْقَرْيَةِ شَرْقِيَّ بُصْرَى، وَتَمَذْهَبَ لِلشَّافِعِيِّ، وَأَخَذَ عَنِ النَّوَاوِيِّ، وَالشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ، وَكَانَ يُكْرِمُهُ، وَيَحْتَرِمُهُ فِيمَا أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ، فَأَقَامَ بِهَا نَحَوًا مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى خَطَابَةِ مُجَيْدِلِ الْقَرْيَةِ الَّتِي مِنْهَا الْوَالِدَةُ، فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً فِي خَيْرٍ، وَكِفَايَةٍ، وَتِلَاوَةٍ كَثِيرَةٍ، وَكَانَ يَخْطُبُ جَيِّدًا، وَلَهُ قَبُولٌ عِنْدَ النَّاسِ، وَلِكَلَامِهِ وَقْعٌ لِدِيَانَتِهِ، وَفَصَاحَتِهِ، وَحَلَاوَتِهِ، وَكَانَ يُؤْثِرُ الْإِقَامَةَ فِي الْبِلَادِ لِمَا يَرَى فِيهَا مِنَ الرِّفْقِ وَوُجُودِ الْحَلَالِ لَهُ وَلِعِيَالِهِ، وَقَدْ وُلِدَ لَهُ عِدَّةُ أَوْلَادٍ مِنَ الْوَالِدَةِ، وَمِنْ أُخْرَى قَبْلَهَا، أَكْبَرُهُمْ إِسْمَاعِيلُ، ثُمَّ يُونُسُ وَإِدْرِيسُ، ثُمَّ مِنَ الْوَالِدَةِ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَخَوَاتٌ عِدَّةٌ، ثُمَّ أَنَا أَصْغُرُهُمْ، وَسُمِّيتُ بِاسْمِ الْأَخِ إِسْمَاعِيلَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ قَدِمَ دِمَشْقَ فَاشْتَغَلَ بِهَا بَعْدَ أَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ عَلَى وَالِدِهِ، وَقَرَأَ مُقَدِّمَةً فِي النَّحْوِ، وَحَفِظَ " التَّنْبِيهَ "، وَ " شَرْحَهُ " عَلَى الْعَلَّامَةِ تَاجِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ، وَحَصَّلَ " الْمُنْتَخَبَ " فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، قَالَهُ لِي شَيْخُنَا ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ،، ثُمَّ إِنَّهُ سَقَطَ مِنْ
পৃষ্ঠা - ১১৪৬৪
سَطْحِ الشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، فَمَكَثَ أَيَّامًا وَمَاتَ، فَوَجَدَ الْوَالِدُ عَلَيْهِ وَجْدًا كَثِيرًا، وَرَثَاهُ بِأَبْيَاتٍ كَثِيرَةٍ، فَلَمَّا وُلِدْتُ أَنَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ سَمَّانِي بِاسْمِهِ، فَأَكْبَرُ أَوْلَادِهِ إِسْمَاعِيلُ، وَآخِرُهُمْ وَأَصْغَرُهُمْ إِسْمَاعِيلُ، فَرَحِمَ اللَّهُ مَنْ سَلَفَ، وَخَتَمَ بِخَيْرٍ لِمَنْ بَقِيَ، وَكَانَتْ وَفَاةُ الْوَالِدِ فِي شَهْرِ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِمِائَةٍ، فِي قَرْيَةِ مُجَيْدِلِ الْقَرْيَةِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَتِهَا الشَّمَالِيَّةِ عِنْدَ الزَّيْتُونَةِ، وَكُنْتُ إِذْ ذَاكَ صَغِيرًا ابْنَ ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ نَحْوِهَا، لَا أُدْرِكُهُ إِلَّا كَالْحُلْمِ، ثُمَّ تَحَوَّلْنَا مِنْ بَعْدِهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِمِائَةٍ إِلَى دِمَشْقَ صُحْبَةَ الْأَخِ كَمَالِ الدِّينِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَقَدْ كَانَ لَنَا شَقِيقًا، وَبِنَا رَفِيقَا شَفُوقَا، وَقَدْ تَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُ إِلَى سَنَةِ خَمْسِينَ، فَاشْتَغَلْتُ عَلَى يَدَيْهِ فِي الْعِلْمِ، فَيَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ مَا يَسَّرَ، وَسَهَّلَ مِنْهُ مَا تَعَسَّرَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ عَلَمُ الدِّينِ الْبِرْزَالِيُّ فِي " مُعْجَمِهِ " فِيمَا أَخْبَرَنِي عَنْهُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْمَقْدِسِيُّ مُخَرِّجُهٌ لَهُ، وَمِنْ خَطِّ الْمُحَدِّثِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ سَعْدٍ هَذَا نَقَلْتُ، وَكَذَلِكَ وَقَفْتُ عَلَى خَطِّ الْحَافِظِ الْبِرْزَالِيِّ مِثْلَهُ فِي السَّفِينَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ السُّفُنِ الْكِبَارِ، قَالَ: عُمَرُ بْنُ كَثِيرٍ الْقُرَشِيُّ، خَطِيبُ الْقَرْيَةِ، وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ أَعْمَالِ بُصْرَى، رَجُلٌ فَاضِلٌ، لَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ، وَيَحْفَظُ كَثِيرًا مِنَ اللُّغْزِ، وَلَهُ هِمَّةٌ وَقُوَّةٌ، كَتَبْتُ عَنْهُ مِنْ شِعْرِهِ بِحُضُورِ شَيْخِنَا تَاجِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِمِائَةٍ بِمُجِيْدِلِ الْقَرْيَةِ مِنْ عَمَلِ بُصْرَى، أَنْشَدَنَا الْخَطِيبُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ كَثِيرٍ الْقُرَشِيُّ خَطِيبُ الْقَرْيَةِ بِهَا لِنَفْسِهِ فِي مُنْتَصَفِ شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ:
পৃষ্ঠা - ১১৪৬৫
نَأَى النَّوْمُ عَنْ جَفْنِي فَبِتُّ مُسَهَّدَا ... أَخَا كَلَفٍ حِلْفَ الصَّبَابَةِ مُوجِدَا سَمِيرَ الثُّرَيَّا وَالنُّجُومِ مُدَلَّهًا ... فَمِنْ وَلَهِي خِلْتُ الْكَوَاكَبَ رُكَّدَا طَرِيحًا عَلَى فُرُشِ الصَّبَابَةِ وَالْأَسَى ... فَمَا ضَرَّكُمْ لَوْ كُنْتُمُ لِي عُوَّدَا تُقَلِّبُنِي أَيْدِي الْغَرَامِ بِلَوْعَةٍ ... أَرَى النَّارَ مِنْ تِلْقَائِهَا لِي أَبْرَدَا وَمَزَّقَ صَبْرِي بَعْدَ جِيرَانِ حَاجِزٍ ... سَعِيرُ غَرَامٍ بَاتَ فِي الْقَلْبِ مُوقَدَا فَأَمْطَرْتُهُ دَمْعِي لَعَلَّ زَفِيرَهُ ... يَقِلُّ فَزَادَتْهُ الدُّمُوعُ تَوَقُّدَا فَبِتُّ بِلَيْلٍ نَابِغِيٍّ وَلَا أَرَى ... عَلَى النَّأْيِ مَنْ بَعْدَ الْأَحِبَّةِ مُسْعِدَا فَيَا لَكَ مِنْ لَيْلٍ تَبَاعَدَ فَجْرُهُ ... عَلَيَّ إِلَى أَنْ خِلْتُهُ قَدْ تَخَلَّدَا غَرَامًا وَوَجْدًا لَا يُحَدُّ أَقَلُّهُ ... بِأَهْيَفَ مَعْسُولِ الْمَرَاشِفِ أَغْيَدَا لَهُ طَلْعَةٌ كَالْبَدْرِ زَانَ جَمَالَهَا ... بِطُرَّةِ شَعْرٍ حَالِكُ اللَّوْنِ أَسْوَدَا يَهُزُّ مِنَ الْقَدِّ الرَّشِيقِ مُثَقَّفًا ... وَيُشْهِرُ مِنْ جَفْنَيْهِ سَيْفًا مُهَنَّدَا وَفِي وَرْدِ خَدَّيْهِ وَآسِ عِذَارِهِ ... وَضَوْءِ ثَنَايَاهُ فَنِيتُ تَجَلُّدَا غَدَا كُلُّ حُسْنٍ دُونَهُ مُتَقَاصِرًا ... وَأَضْحَى لَهُ رَبُّ الْجَمَالِ مُوَحِّدَا إِذَا مَا رَنَا وَاهْتَزَّ عِنْدَ لِقَائِهِ ... سَبَاكَ فَلَمْ تَمْلِكْ لِسَانًا وَلَا يَدَا وَتَسْجُدُ إِجْلَالًا لَهُ وَكَرَامَةً ... وَتُقْسِمُ قَدْ أَمْسَيْتَ فِي الْحُسْنِ أَوْحَدَا
পৃষ্ঠা - ১১৪৬৬
وَرُبَّ أَخِي كُفْرٍ تَأَمَّلَ حُسْنَهُ فَأَسْلَمَ مِنْ إِجْلَالِهِ وَتَشَهَّدَا ... وَأَنْكَرَ عِيسَى وَالصَّلِيبَ وَمَرْيَمًا وَأَصْبَحَ يَهْوَى بَعْدَ بُغْضٍ مُحَمَّدَا ... أَيَا كَعْبَةَ الْحُسْنِ الَّتِي طَافَ حَوْلَهَا فُؤَادِي أَمَا لِلصَّدِ عِنْدَكَ مِنْ فِدَا؟ ... قَنِعْتُ بِطَيْفٍ مِنْ خَيَالِكِ طَارِقٍ وَقَدْ كُنْتُ لَا أَرْضَى بِوَصْلِكِ سَرْمَدَا ... فَقَدْ شَفَّنِي شَوْقٌ تَجَاوَزَ حَدَّهُ وَحَسْبُكَ مِنْ شَوْقٍ تَجَاوَزَ وَاعْتَدَا ... سَأَلْتُكَ إِلَّا مَا مَرَرْتَ بِحَيِّنَا بِفَضْلِكَ يَا رَبَّ الْمَلَاحَةِ وَالنَّدَا ... لَعَلَّ جُفُونِي أَنْ تَغِيضَ دُمُوعُهَا وَيَسْكُنَ قَلْبٌ مُذْ هَجَرْتَ فَمَا هَدَا ... غَلِطْتَ بِهِجْرَانِي وَلَوْ كُنْتَ صَابِيًا لَمَا صَدَّكَ الْوَاشُونَ عَنِّي وَلَا الْعِدَا وَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ بَيْتًا، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ مَا صَنَعَ مِنَ الشِّعْرِ.
পৃষ্ঠা - ১১৪৬৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَالْخَلِيفَةُ، وَالسُّلْطَانُ، وَالْحُكَّامُ، وَالْمُبَاشِرُونَ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ ثَالِثِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ حَضَّرْتُ الدُّرُوسَ وَالْوَظَائِفَ الَّتِي أَنْشَأَهَا الْأَمِيرُ بَيْبَرْسُ الْجَاشْنَكِيرُ الْمَنْصُورِيُّ بِجَامِعِ الْحَاكِمِ، بَعْدَ أَنْ جَدَّدَهُ مِنْ خَرَابِهِ بِالزَّلْزَلَةِ الَّتِي طَرَقَتْ دِيَارَ مِصْرَ فِي آخِرِ سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَجَعَلَ الْقُضَاةَ الْأَرْبَعَةَ هُمُ الْمُدَرِّسِينَ لِلْمَذَاهِبِ، وَشَيْخَ الْحَدِيثِ سَعْدَ الدِّينِ الْحَارِثِيَّ، وَشَيْخَ النَّحْوِ أَثِيرَ الدِّينِ أَبَا حَيَّانَ، وَشَيْخَ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ نُورَ الدِّينِ الشَّطَّنَوْفِيَّ، وَشَيْخَ إِفَادَةِ الْعُلُومِ عَلَاءَ الدِّينِ الْقُونَوِيَّ. وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ بَاشَرَ الْأَمِيرُ رُكْنُ الدِّينِ بَيْبَرْسُ الْحُجُوبِيَّةَ مَعَ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ بَكْتَمُرَ، وَصَارَا حَاجِبَيْنِ كَبِيرَيْنِ فِي دِمَشْقَ. وَفِي رَجَبٍ مِنْهَا أُحْضِرَ إِلَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ شَيْخٌ كَانَ يَلْبَسُ
পৃষ্ঠা - ১১৪৬৮
دِلْقًا كَبِيرًا مُتَّسِعًا جِدًّا، يُسَمَّى الْمُجَاهِدَ إِبْرَاهِيمَ الْقَطَّانَ، فَأَمَرَ الشَّيْخُ بِتَقْطِيعِ ذَلِكَ الدِّلْقِ، فَتَنَاهَبَهُ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَقَطَعُوهُ حَتَّى لَمْ يَدَعُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَأَمَرَ بِحَلْقِ رَأْسِهِ، وَكَانَ ذَا شَعْرٍ، وَقَلْمِ أَظْفَارِهِ، وَكَانُوا طِوَالًا جِدًّا، وَحَفِّ شَارِبِهِ الْمُسْبَلِ عَلَى فَمِهِ، الْمُخَالِفِ لِلسُّنَّةِ، وَاسْتَتَابَهُ مِنْ كَلَامِ الْفُحْشِ، وَأَكْلِ مَا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَمِمَّا يُغَيِّرُ الْعَقْلَ مِنَ الْحَشِيشَةِ وَغَيْرِهَا. وَبَعْدَهُ اسْتُحْضِرَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْخَبَّازُ الْبَلَاسِيُّ، فَاسْتَتَابَهُ أَيْضًا عَنْ أَكْلِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَمُخَالَطَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَكْتُوبًا أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي تَعْبِيرِ الْمَنَامَاتِ وَلَا فِي غَيْرِهَا مِمَّا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ بِعَيْنِهِ رَاحَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ إِلَى مَسْجِدِ النَّارَنْجِ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ وَمَعَهُمْ حَجَّارُونَ بِقَطْعِ صَخْرَةٍ كَانَتْ هُنَاكَ بِنَهْرِ قَلُوطٍ - تُزَارُ وَيُنْذَرُ لَهَا - فَقَطَعَهَا، وَأَرَاحَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا وَمِنَ الشِّرْكِ بِهَا، فَأَزَاحَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ شُبْهَةً كَانَ شَرُّهَا عَظِيمًا، وَبِهَذَا وَأَمْثَالِهِ حَسَدُوهُ وَأَبْرَزُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ، وَكَذَلِكَ بِكَلَامِهِ فِي ابْنِ عَرَبِيٍّ وَأَتْبَاعِهِ، فَحُسِدَ عَلَى ذَلِكَ وَعُودِيَ، وَمَعَ هَذَا لَمْ تَأْخُذْهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَلَا بَالَى، وَلَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ بِمَكْرُوهٍ، وَأَكْثَرُ مَا نَالُوا مِنْهُ
পৃষ্ঠা - ১১৪৬৯
الْحَبْسُ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَنْقَطِعْ فِي بَحْثٍ لَا بِمِصْرَ وَلَا بِالشَّامِ، وَلَمْ يَتَوَجَّهْ لَهُمْ عَلَيْهِ مَا يَشِينُ، وَإِنَّمَا أَخَذُوهُ، وَحَبَسُوهُ بِالْجَاهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِلَى اللَّهِ إِيَابُ الْخَلْقِ، وَعَلَيْهِ حِسَابُهُمْ. وَفِي رَجَبٍ جَلَسَ قَاضِي الْقُضَاةِ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ صَصْرَى بِالْمَدْرَسَةِ الْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ، وَعُمِلَتِ التُّخُوتُ بَعْدَمَا جُدِّدَتْ عِمَارَةُ الْمَدْرَسَةِ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَحْكُمُ بِهَا بَعْدَ وَقْعَةِ قَازَانَ بِسَبَبِ خَرَابِهَا، وَجَاءَ الْمَرْسُومُ لِلشَّيْخِ بُرْهَانِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ بِوَكَالَةِ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَلِلشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ بِنَظَرِ الْخِزَانَةِ، فَقَبِلَ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِطَرْحَةٍ، وَحَضَرَ بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهَاتَانِ الْوَظِيفَتَانِ كَانَتَا مَعَ نَجْمِ الدِّينِ بْنِ أَبِي الطَّيِّبِ، تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي شَعْبَانَ سَعَى جَمَاعَةٌ فِي تَبْطِيلِ الْوَقِيدِ لَيْلَةَ النِّصْفِ، وَأَخَذُوا خُطُوطَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ، وَتَكَلَّمُوا مَعَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، فَلَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ، بَلْ أَشْعَلُوا، وَصُلِّيَتْ صَلَاةُ لَيْلَةِ النِّصْفِ أَيْضًا. وَفِي خَامِسِ رَمَضَانَ وَصَلَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّرِيشِيِّ مِنْ مِصْرَ بِوَكَالَةِ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَبِسَ الْخِلْعَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَابِعِ رَمَضَانَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ ابْنُ صَصْرَى بِالشُّبَّاكِ الْكَمَالِيِّ. وَفِي سَابِعِ شَوَّالٍ عُزِلَ وَزِيرُ مِصْرَ نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِيِّ، وَقُطِعَ إِقْطَاعُهُ، وَرُسِمَ عَلَيْهِ، وَعُوقِبَ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَتَوَلَّى الْوِزَارَةَ سَعْدُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَايَا، وَخُلِعَ عَلَيْهِ.
পৃষ্ঠা - ১১৪৭০
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، حَكَمَ قَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالُ الدِّينِ الزَّوَاوِيُّ بِقَتْلِ الشَّمْسِ مُحَمَّدِ بْنِ جَمَالِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَاجُرْبَقِيِّ، وَإِرَاقَةِ دَمِهِ، وَإِنْ تَابَ وَإِنْ أَسْلَمَ، بَعْدَ إِثْبَاتِ مَحْضَرٍ عَلَيْهِ يَتَضَمَّنُ كُفْرَ الْبَاجُرْبَقِيِّ الْمَذْكُورِ، وَمِمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فِيهِ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ التُّونِسِيُّ النَّحْوِيُّ الشَّافِعِيُّ، فَهَرَبَ الْبَاجُرْبَقِيُّ إِلَى بِلَادِ الشَّرْقِ، فَمَكَثَ بِهَا مُدَّةَ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ مَوْتِ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ كَمَا سَيَأْتِي. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ كَانَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ فِي الصَّيْدِ، فَقَصَدَهُمْ فِي اللَّيْلِ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَعْرَابِ، فَقَاتَلَهُمُ الْأُمَرَاءُ، فَقَتَلُوا مِنَ الْعَرَبِ نَحْوَ النِّصْفِ، وَتَوَغَّلَ فِي الْعَرَبِ أَمِيرٌ يُقَالُ لَهُ: سَيْفُ الدِّينِ بَهَادُرُ سَمِزِ احْتِقَارًا بِالْعَرَبِ، فَضَرَبَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِرُمْحٍ فَقَتَلَهُ، فَكَرَّتِ الْأُمَرَاءُ عَلَيْهِمْ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا أَيْضًا، وَأَخَذُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، فَصُلِبَ تَحْتَ الْقَلْعَةِ، وَدُفِنَ الْأَمِيرُ الْمَذْكُورُ بِقَبْرِ السِّتِّ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ تَكَلَّمَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ النَّقِيبِ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْفَتَاوَى الصَّادِرَةِ مِنَ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ الْعَطَّارِ شَيْخِ دَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ وَالْقُوصِيَّةِ، وَأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَفِيهَا تَخْبِيطٌ كَثِيرٌ، فَتَوَهَّمَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَاحَ إِلَى الْحَنَفِيِّ، فَحَقِنَ دَمَهُ، وَأَبْقَاهُ عَلَى وَظَائِفِهِ، ثُمَّ بَلَغَ ذَلِكَ نَائِبَ السَّلْطَنَةِ، فَأَنْكَرَ عَلَى الْمُنْكِرِينَ عَلَيْهِ، وَرَسَمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا، وَرَسَمَ
পৃষ্ঠা - ১১৪৭১
نَائِبُ السَّلْطَنَةِ أَنْ لَا تُثَارَ الْفِتَنُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. وَفِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْحِجَّةِ رَكِبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى جَبَلِ الْجُرْدِ وَالْكَسْرَوَانِيِّينَ، وَمَعَهُ نَقِيبُ الْأَشْرَافِ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ عَدْنَانَ، فَاسْتَتَابُوا خَلْقًا مِنْهُمْ، وَأَلْزَمُوهُمْ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، وَرَجَعَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بْنُ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الرِّفَاعِيِّ، شَيْخُ الْأَحْمَدِيَّةِ بِأُمِّ عُبَيْدَةَ مِنْ مُدَّةٍ عَدِيدَةٍ، وَعَنْهُ تُكْتَبُ إِجَازَاتُ الْفُقَرَاءِ، وَدُفِنَ هُنَاكَ عِنْدَ سِلَفِهِ بِالْبَطَائِحِ. الصَّدْرُ نَجْمُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْكَتَائِبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الطَّيِّبِ، وَكَيْلُ بَيْتِ الْمَالِ، وَنَاظِرُ الْخِزَانَةِ، وَقَدْ وَلِيَ فِي وَقْتٍ نَظَرَ الْمَارَسْتَانِ النُّورِيِّ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَكَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ رَجُلًا جَيِّدًا، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَرَوَى أَيْضًا، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِمْ بِبَابِ الصَّغِيرِ.
পৃষ্ঠা - ১১৪৭২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسَبْعِمِائَةٍ] [مِحْنَةُ ابْنِ تَيْمِيَةَ] [خُرُوجُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ لِغَزْوِ التَّتَرِ مَعَ الْجَيْشِ] اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِيمَا مَضَى. وَجَاءَ الْخَبَرُ فِي أَوَّلِهَا أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ التَّتَرِ كَمَنُوا لِجَيْشِ حَلَبَ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا مِنَ الْأَعْيَانِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَثُرَ النَّوْحُ بِبِلَادِ حَلَبَ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَفِي مُسْتَهَلِّ الْمُحَرَّمِ حَكَمَ جَلَالُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ أَخُو قَاضِي الْقُضَاةِ إِمَامِ الدِّينِ نِيَابَةً عَنِ ابْنِ صَصْرَى. وَفِي ثَانِيهِ خَرَجَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِمَنْ بَقِيَ مَعَهُ مِنَ الْجُيُوشِ الشَّامِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي ثَانِي الْمُحَرَّمِ، فَسَارُوا إِلَى بِلَادِ الْجُرْدِ، وَالرَّفْضِ، وَالتَّيَامِنَةِ، فَخَرَجَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ الْأَفْرَمُ بِنَفْسِهِ بَعْدَ خُرُوجِ الشَّيْخِ لِغَزْوِهِمْ، فَنَصَرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَأَبَادُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنْهُمْ وَمِنْ فِرْقَتِهِمُ الضَّالَّةِ، وَوَطِئُوا أَرَاضِيَ كَثِيرَةً مِنْ مَنِيعِ بِلَادِهِمْ، وَعَادَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ إِلَى دِمَشْقَ فِي صُحْبَةِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَالْجَيْشِ، وَقَدْ حَصَلَ بِسَبَبِ شُهُودِ الشَّيْخِ هَذِهِ الْغَزْوَةِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، وَأَبَانَ الشَّيْخُ عِلْمًا وَشَجَاعَةً فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ، وَقَدِ امْتَلَأَتْ قُلُوبُ أَعْدَائِهِ حَسَدًا لَهُ وَغَمًّا.
পৃষ্ঠা - ১১৪৭৩
وَفِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى قَدِمَ الْقَاضِي أَمِينُ الدِّينِ أَبُو بَكْرِ ابْنُ الْقَاضِي وَجِيهِ الدِّينِ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ الرُّقَاقِيِّ الْمِصْرِيُّ مِنَ الْقَاهِرَةِ عَلَى نَظَرِ الدَّوَاوِينِ بِدِمَشْقَ، عِوَضًا عَنْ عِزِّ الدِّينِ بْنِ مُيَسَّرٍ. [مَا جَرَى لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ مَعَ الْأَحْمَدِيَّةِ] ذِكْرُ مَا جَرَى لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ مَعَ الْأَحْمَدِيَّةِ، وَكَيْفَ عُقِدَتْ لَهُ الْمَجَالِسُ الثَّلَاثَةُ وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ تَاسِعِ جُمَادَى الْأُولَى حَضَرَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْفُقَرَاءِ الْأَحْمَدِيَّةِ إِلَى نَائِبِ السَّلْطَنَةِ بِالْقَصْرِ الْأَبْلَقِ، وَحَضَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، فَسَأَلُوا مِنْ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ بِحَضْرَةِ الْأُمَرَاءِ أَنْ يَكُفَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِنْكَارَهُ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يُسَلِّمَ لَهُمْ حَالَهُمْ، فَقَالَ لَهُمُ الشَّيْخُ: هَذَا مَا يُمْكِنُ، وَلَا بُدَّ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَوْلًا وَفِعْلًا، وَمَنْ خَرَجَ عَنْهُمَا وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، فَأَرَادُوا أَنْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِهِمُ الشَّيْطَانِيَّةِ الَّتِي يَتَعَاطَوْنَهَا فِي سَمَاعَاتِهِمْ، فَقَالَ الشَّيْخُ: تِلْكَ أَحْوَالٌ شَيْطَانِيَّةٌ بَاطِلَةٌ، وَأَكْثَرُ أَحْوَالِكُمْ مِنْ بَابِ الْحِيَلِ وَالْبُهْتَانِ، وَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ فَلْيَدْخُلْ أَوَّلًا إِلَى الْحَمَّامِ، وَلْيَغْسِلْ جَسَدَهُ غَسْلًا جَيِّدًا، وَيَدْلِكْهُ بِالْخَلِّ وَالْأُشْنَانِ، ثُمَّ يَدْخُلْ بَعْدَ
পৃষ্ঠা - ১১৪৭৪
ذَلِكَ إِلَى النَّارِ إِنْ كَانَ صَادِقًا، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ دَخَلَ النَّارَ بَعْدَ أَنْ يَغْتَسِلَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى صَلَاحِهِ، وَلَا عَلَى كَرَامَتِهِ، بَلْ حَالُهُ مِنْ أَحْوَالِ الدَّجَاجِلَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، إِذَا كَانَ صَاحِبُهَا عَلَى السُّنَّةِ، فَمَا الظَّنُّ بِخِلَافِ ذَلِكَ! فَابْتَدَرَ شَيْخُ الْمُنَيْبِعِ الشَّيْخُ صَالِحٌ، وَقَالَ: نَحْنُ أَحْوَالُنَا إِنَّمَا تَنْفَقُ عِنْدَ التَّتَرِ، لَيْسَتْ تَنْفَقُ عِنْدَ الشَّرْعِ. فَضَبَطَ الْحَاضِرُونَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْكَلِمَةَ، وَكَثُرَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ الْحَالُ عَلَى أَنَّهُمْ يَخْلَعُونَ الْأَطْوَاقَ الْحَدِيدَ مِنْ رِقَابِهِمْ، وَأَنَّ مَنْ خَرَجَ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَصَنَّفَ الشَّيْخُ جُزْءًا فِي طَرِيقَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ، وَبَيَّنَ فِيهِ فَسَادَ أَحْوَالِهِمْ، وَمَسَالِكِهِمْ، وَتَخَيُّلَاتِهِمْ، وَمَا فِي طَرِيقَتِهِمْ مِنْ مَقْبُولٍ وَمَرْدُودٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَظْهَرَ اللَّهُ السُّنَّةَ عَلَى يَدَيْهِ، وَأَخْمَدَ بِدْعَتَهُمْ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ خُلِعَ عَلَى عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ مَعْبَدٍ، وَعِزِّ الدِّينِ خَطَّابٍ، وَسَيْفِ الدِّينِ بَكْتَمُرَ مَمْلُوكِ بَكْتَاشَ الْحُسَامِيِّ بِالْإِمْرَةِ، وَلَبِسُوا التَّشَارِيفَ، وَرَكِبُوا بِهَا، وَسَلَّمُوا إِلَيْهِمْ جَبَلَ الْجُرْدِ، وَالْكَسْرَوَانِ، وَالْبِقَاعِ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَالِثِ رَجَبٍ خَرَجَ النَّاسُ لِلِاسْتِسْقَاءِ إِلَى سَطْحِ الْمِزَّةِ، وَنَصَبُوا هُنَاكَ مِنْبَرًا، وَخَرَجَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ، وَجَمِيعُ النَّاسِ مِنَ الْقُضَاةِ، وَالْعُلَمَاءِ، وَالْفُقَرَاءِ، وَكَانَ مَشْهَدًا هَائِلًا، وَخُطْبَةً عَظِيمَةً فَصِيحَةً، فَاسْتَسْقَوْا فَلَمْ يُسْقَوْا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ.
পৃষ্ঠা - ১১৪৭৫
[أَوَّلُ الْمَجَالِسِ الثَّلَاثَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ] وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَامِنِ رَجَبٍ حَضَرَ الْقُضَاةُ وَالْعُلَمَاءُ، وَفِيهِمُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عِنْدَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ بِالْقَصْرِ، وَقُرِئَتْ عَقِيدَةُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ " الْوَاسِطِيَّةُ "، وَحَصَلَ بَحْثٌ فِي أَمَاكِنَ مِنْهَا، وَأُخِّرَتْ مَوَاضِعُ إِلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي، فَاجْتَمَعُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ثَانِيَ عَشَرَ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ، وَحَضَرَ الشَّيْخُ صَفِيُّ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ، وَتَكَلَّمَ مَعَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ كَلَامَا كَثِيرًا، وَلَكِنَّ سَاقِيَتَهُ لَاطَمَتْ بَحْرًا، ثُمَّ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَكُونَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ هُوَ الَّذِي يُحَاقِقُهُ مِنْ غَيْرِ مُسَامَحَةٍ، فَتَنَاظَرَا فِي ذَلِكَ، وَشَكَرَ النَّاسُ مِنْ فَضَائِلِ الشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ، وَجَوْدَةِ ذِهْنِهِ، وَحُسْنِ بَحْثِهِ، حَيْثُ قَاوَمَ ابْنَ تَيْمِيَّةَ فِي الْبَحْثِ، وَتَكَلَّمَ مَعَهُ، ثُمَّ انْفَصَلَ الْحَالُ عَلَى قَبُولِ الْعَقِيدَةِ، وَعَادَ الشَّيْخُ إِلَى مَنْزِلِهِ مُعَظَّمًا مُكَرَّمًا، وَبَلَغَنِي أَنَّ الْعَامَّةَ حَمَلُوا لَهُ الشَّمْعَ مِنْ بَابِ النَّصْرِ إِلَى الْقَصَّاعِينَ عَلَى جَارِي عَادَتِهِمْ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَكَانَ الْحَامِلَ عَلَى هَذِهِ الِاجْتِمَاعَاتِ كِتَابٌ وَرَدَ مِنَ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ، كَانَ الْبَاعِثَ عَلَى إِرْسَالِهِ قَاضِي الْمَالِكِيَّةِ ابْنُ مَخْلُوفٍ، وَالشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَنْبِجِيُّ شَيْخُ الْجَاشْنَكِيرِ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَعْدَائِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي الْمَنْبِجِيِّ، وَيَنْسِبُهُ إِلَى اعْتِقَادِ ابْنِ عَرَبِيٍّ، وَكَانَ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ مِنَ الْفُقَهَاءِ جَمَاعَةٌ يَحْسُدُونَهُ لِتَقَدُّمِهِ عِنْدَ الدَّوْلَةِ، وَانْفِرَادِهِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَطَاعَةِ النَّاسِ لَهُ، وَمَحَبَّتِهِمْ لَهُ، وَكَثْرَةِ أَتْبَاعِهِ، وَقِيَامِهِ فِي الْحَقِّ، وَعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ،
পৃষ্ঠা - ১১৪৭৬
ثُمَّ وَقَعَ بِدِمَشْقَ خَبْطٌ كَثِيرٌ وَتَشْوِيشٌ بِسَبَبِ غَيْبَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ فِي الصَّيْدِ، وَطَلَبَ الْقَاضِي جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الشَّيْخِ وَعَزَّرَ بَعْضَهُمْ، ثُمَّ اتَّفَقَ أَنَّ الشَّيْخَ جَمَالَ الدِّينِ الْمِزِّيَّ الْحَافِظَ قَرَأَ فَصْلًا فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مِنْ كِتَابِ " خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ " لِلْبُخَارِيِّ - تَحْتَ قُبَّةِ النَّسْرِ، بَعْدَ قِرَاءَةِ مِيعَادِ " الْبُخَارِيِّ " بِسَبَبِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَغَضِبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْحَاضِرِينَ، وَشَكَاهُ إِلَى الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ ابْنِ صَصْرَى، وَكَانَ عَدُوَّ الشَّيْخِ، فَسَجَنَ الْمِزِّيَّ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ، فَتَأَلَّمَ لِذَلِكَ، وَذَهَبَ إِلَى السِّجْنِ فَأَخْرَجَهُ مِنْهُ بِنَفْسِهِ، وَرَاحَ إِلَى الْقَصْرِ فَوَجَدَ الْقَاضِيَ هُنَاكَ، فَتَقَاوَلَا بِسَبَبِ. الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ الْمِزِّيِّ، فَحَلَفَ ابْنُ صَصْرَى وَلَا بُدَّ أَنْ يُعِيدَهُ إِلَى السِّجْنِ، وَإِلَّا عَزَلَ نَفْسَهُ، فَأَمَرَ النَّائِبُ بِإِعَادَتِهِ تَطْيِيبًا لِقَلْبِ الْقَاضِي، فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ فِي الْقُوصِيَّةِ أَيَّامًا ثُمَّ أَطْلَقَهُ، وَلَمَّا قَدِمَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ ذَكَرَ لَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مَا جَرَى فِي حَقِّهِ وَحَقِّ أَصْحَابِهِ فِي غَيْبَتِهِ، فَتَأَلَّمَ النَّائِبُ لِذَلِكَ، وَنَادَى فِي الْبَلَدِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ أَحَدٌ فِي الْعَقَائِدِ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ حَلَّ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَنُهِبَتْ دَارُهُ وَحَانُوتُهُ، فَسَكَنَتِ الْأُمُورُ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ فَصْلًا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فِي كَيْفِيَّةِ مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْمَجَالِسِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْمُنَاظَرَاتِ. ثُمَّ عُقِدَ الْمَجْلِسُ الثَّالِثُ سَابِعَ شَعْبَانَ بِالْقَصْرِ، وَاجْتَمَعَ الْجَمَاعَةُ عَلَى الرِّضَا بِالْعَقِيدَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ عَزَلَ ابْنُ صَصْرَى نَفْسَهُ عَنِ الْحُكْمِ بِسَبَبِ كَلَامٍ سَمِعَهُ مِنْ بَعْضِ الْحَاضِرِينَ، وَهُوَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ، فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ جَاءَ كِتَابُ السُّلْطَانِ فِي السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ فِيهِ