আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১৩১৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا فُتِحَتْ عَكَّا وَبَقِيَّةُ السَّوَاحِلِ الَّتِي كَانَتْ بِأَيْدِي الْفِرِنْجِ مِنْ مُدَدٍ مُتَطَاوِلَةٍ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ فِيهَا حَجَرٌ وَاحِدٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَالْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْعَبَّاسِيُّ، وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ خَلِيلُ بْنُ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ، وَنَائِبُهُ بِمِصْرَ وَأَعْمَالِهَا بَدْرُ الدِّينِ بَيْدَرَا، وَوَزِيرُهُ ابْنُ السَّلْعُوسِ الصَّاحِبُ شَمْسُ الدِّينِ، وَنَائِبُهُ بِالشَّامِ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ السِّلَحْدَارُ الْمَنْصُورِيُّ، وَقُضَاةُ الشَّامِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَصَاحِبُ الْيَمَنِ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ شَمْسُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ الْمَنْصُورِ نُورِ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَسُولٍ، وَصَاحِبُ مَكَّةَ نَجْمُ الدِّينِ أَبُو نُمَيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ قَتَادَةَ الْحَسَنِيُّ، وَصَاحِبُ الْمَدِينَةِ عِزُّ الدِّينِ جَمَّازُ بْنُ شِيحَةَ الْحُسَيْنِيُّ، وَصَاحِبُ الرُّومِ غِيَاثُ الدِّينِ كَيْخُسرُو بْنُ رُكْنِ الدِّينِ قِلِيجَ أَرْسِلَانَ السَّلْجُوقِيُّ، وَصَاحِبُ حَمَاةَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ تَقِيُّ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ نَاصِرِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَلِكِ الْمُظَفَّرِ تَقِيِّ الدِّينِ مُحَمَّدٍ، وَسُلْطَانُ بِلَادِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَتِلْكَ
পৃষ্ঠা - ১১৩২০
النَّوَاحِي أَرْغُوَنَ بْنُ أَبْغَا بْنِ هُولَاكُوَ بْنِ تُولَى بْنِ جِنْكِزْخَانَ. وَكَانَ أَوَّلَ هَذِهِ السَّنَةِ يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَفِيهِ تُصُدِّقَ عَنِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ بِأَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأُنْزِلَ السُّلْطَانُ إِلَى تُرْبَتِهِ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، فَدُفِنَ بِهَا تَحْتَ الْقُبَّةِ، وَنَزَلَ فِي قَبْرِهِ بَدْرُ الدِّينِ بَيْدَرَا وَعَلَمُ الدِّينِ الشُّجَاعِيُّ، وَفُرِّقَتْ صَدَقَاتٌ كَثِيرَةٌ حِينَئِذٍ، وَلَمَّا قَدِمَ الصَّاحِبُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ السَّلْعُوسِ مِنَ الْحِجَازِ خُلِعَ عَلَيْهِ لِلْوِزَارَةِ، وَكَتَبَ تَقْلِيدَهُ بِهَا الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الظَّاهِرِ كَاتِبُ الْإِنْشَا بِيَدِهِ، وَرَكِبَ الْوَزِيرُ فِي أُبَّهَةِ الْوِزَارَةِ إِلَى دَارِهِ وَحَكَمَ. وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قُبِضَ عَلَى شَمْسِ الدِّينِ سُنْقُرَ الْأَشْقَرِ وَسَيْفِ الدِّينِ جُرْمَكَ النَّاصِرِيُّ، وَأُفْرِجَ عَنِ الْأَمِيرِ زَيْنِ الدِّينِ كَتُبْغَا، وَكَانَ قَدْ قُبِضَ عَلَيْهِ مَعَ طُرُنْطَايَ، وَرُدَّ عَلَيْهِ إِقْطَاعُهُ، وَأُعِيدَ التَّقِيُّ تَوْبَةُ إِلَى وِزَارَةِ دِمَشْقَ مَرَّةً أُخْرَى. وَفِيهَا أَثْبَتَ ابْنُ الْخُوَيِّيِّ مَحْضَرًا يَتَضَمَّنُ أَنْ يَكُونَ تَدْرِيسُ النَّاصِرِيَّةِ لِلْقَاضِي الشَّافِعِيِّ، وَانْتَزَعَهَا مِنْ زَيْنِ الدِّينِ الْفَارِقِيِّ. [ذِكْرُ فَتَحِ عَكَّا وَبَقِيَّةِ السَّوَاحِلِ] وَفِيهَا جَاءَ الْبَرِيدُ إِلَى دِمَشْقَ فِي مُسْتَهَلِّ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ لِتَجْهِيزِ آلَاتِ الْحِصَارِ
পৃষ্ঠা - ১১৩২১
لَعَكَّا، وَنُودِيَ فِي دِمَشْقَ: الْغُزَاةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَى عَكَّا. وَقَدْ كَانَ أَهْلُ عَكَّا فِي هَذَا الْحِينِ عَدَوْا عَلَى مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأُبْرِزَتِ الْمَجَانِيقُ إِلَى نَاحِيَةِ الْجَسُورَةِ، وَخَرَجَتِ الْعَامَّةُ وَالْمُطَّوِّعَةُ يَجُرُّونَ فِي الْعَجَلِ، حَتَّى الْفُقَهَاءُ وَالْمُدَرِّسُونَ وَالصُّلَحَاءُ، وَتَوَلَّى سِيَاقَتَهَا الْأَمِيرُ عَلَمُ الدِّينِ الدَّوَادَارِيُّ، وَخَرَجَتِ الْعَسَاكِرُ بَيْنَ يَدَيْ نَائِبِ الشَّامِ، وَخَرَجَ هُوَ فِي آخِرِهِمْ، وَلَحِقَهُ صَاحِبُ حَمَاةَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ، وَخَرَجَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ صَوْبٍ، وَاتَّصَلَ بِهِمْ عَسْكَرُ طَرَابُلُسَ، وَرَكِبَ الْأَشْرَفُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِعَسَاكِرِهِ قَاصِدًا عَكَّا، فَتَوَافَتِ الْجُيُوشُ هُنَالِكَ، فَنَازَلَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ رَابِعِ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَنُصِبَتْ عَلَيْهَا الْمَجَانِيقُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ يُمْكِنُ نَصْبُهَا عَلَيْهَا، وَاجْتَهَدُوا غَايَةَ الِاجْتِهَادِ فِي مُحَارَبَتِهَا وَالتَّضْيِيقِ عَلَى أَهْلِهَا، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ بِالْجَامِعِ لِقِرَاءَةِ " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ "، فَقَرَأَهُ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الْفَزَارِيُّ، وَحَضَرَ الْقُضَاةُ وَالْفُضَلَاءُ وَالْأَعْيَانُ، وَفِي أَثْنَاءِ مُحَاصَرَةِ عَكَّا وَقْعَ تَخْبِيطٌ مِنْ نَائِبِ الشَّامِ حُسَامِ الدِّينِ لَاجِينَ، فَتَوَهَّمَ أَنَّ السُّلْطَانَ يُرِيدُ مَسَكَهُ، وَكَانَ قَدْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ الْأَمِيرُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: أَبُو خُرْصٍ. فَرَكِبَ هَارِبًا فَرَدَّهُ عَلَمُ الدِّينِ الدَّوَادَارِيُّ بِالْمَسَابَهِ، وَجَاءَ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ، فَطَيَّبَ قَلْبَهُ وَخَلَعَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَبَعَثَهُ إِلَى قَلْعَةِ صَفَدَ، وَاحْتَاطَ عَلَى حَوَاصِلِهِ، وَرَسَمَ عَلَى أُسْتَدَارِهِ بَدْرِ الدِّينِ بَكَدَاشَ، وَجَرَى مَا لَا يَلِيقُ وُقُوعُهُ هُنَالِكَ، إِذِ الْوَقْتُ وَقْتُ عُسْرٍ وَضِيقٍ وَحِصَارٍ، وَصَمَّمَ السُّلْطَانُ عَلَى الْحِصَارِ، فَرَتَّبَ الْكُوسَاتِ ثَلَاثَمِائَةِ حِمْلٍ، ثُمَّ زَحَفَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَابِعَ عَشَرَ
পৃষ্ঠা - ১১৩২২
جُمَادَى الْأُولَى، وَدُقَّتِ الْكُوسَاتُ جُمْلَةً وَاحِدَةً عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَطَلَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْأَسْوَارِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَنُصِبَتِ السَّنَاجِقُ الْإِسْلَامِيَّةُ فَوْقَ أَسْوَارِ الْبَلَدِ، فَوَلَّتِ الْفِرِنْجُ عِنْدَ ذَلِكَ الْأَدْبَارَ، وَرَكِبُوا هَارِبِينَ فِي مَرَاكِبِ التُّجَّارِ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ عَدَدٌ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَغَنِمُوا مِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالرَّقِيقِ وَالْبَضَائِعِ شَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا، وَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِهَدْمِهَا وَتَخْرِيبِهَا، بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَسَّرَ اللَّهُ فَتَحَهَا نَهَارَ جُمُعَةٍ، كَمَا أَخَذَتْهَا الْفِرِنْجُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَسَلَّمَتْ صُورُ وَصِيدَا قِيَادَهُمَا إِلَى الْأَشْرَفِ، فَاسْتَوْثَقَ السَّاحِلُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَتَنَظَّفَ مِنَ الْكَافِرِينَ، وَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَجَاءَتِ الْبِطَاقَةُ إِلَى دِمَشْقَ بِذَلِكَ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ فِي جَمِيعِ الْحُصُونِ، وَزُيَّنَتِ الْبِلَادُ لِيَتَنَزَّهَ فِيهَا النَّاظِرُونَ وَالْمُتَفَرِّجُونَ، وَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ إِلَى صُورَ أَمِيرًا، فَهَدَمَ أَسْوَارَهَا، وَعَفَا آثَارَهَا، وَقَدْ كَانَ لَهَا فِي أَيْدِي الْفِرِنْجِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَأَمَّا عَكَّا فَقَدْ كَانَ الْمَلِكُ النَّاصِرُ يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ أَخَذَهَا مِنْ أَيْدِي الْفِرِنْجِ، ثُمَّ إِنَّ الْفِرِنْجَ جَاءُوا فَأَحَاطُوا بِهَا بِجُيُوشٍ كَثِيرَةٍ، ثُمَّ جَاءَ صَلَاحُ الدِّينِ لِيُمَانِعَهُمْ عَنْهَا مُدَّةَ سَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا، ثُمَّ فِي آخِرِ ذَلِكَ اسْتَمْلَكُوهَا، وَقَتَلُوا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ. ثُمَّ إِنَّ السُّلْطَانَ الْمَلِكَ الْأَشْرَفَ خَلِيلَ بْنَ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ سَارَ مِنْ عَكَّا قَاصِدًا دِمَشْقَ فِي أُبَّهَةِ الْمُلْكِ وَحُرْمَةٍ وَافِرَةٍ، وَفِي صُحْبَتِهِ وَزِيرِهِ ابْنُ السَّلْعُوسِ وَالْجُيُوشُ الْمَنْصُورَةُ، وَفِي هَذَا الْيَوْمِ اسْتَنَابَ بِالشَّامِ الْأَمِيرُ عَلَمُ الدِّينِ سَنْجَرُ الشُّجَاعِيُّ، وَسَكَنَ بِدَارِ السَّعَادَةِ، وَزِيدَ فِي إِقْطَاعِهِ حَرَسْتَا، وَلَمْ تُقْطَعْ لِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ
পৃষ্ঠা - ১১৩২৩
لِمَصَالِحِ حَوَاصِلِ الْقَلْعَةِ، وَجُعِلَ لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثُمِائَةٍ عَلَى دَارِ الطُّعْمِ، وَفُوِّضَ إِلَيْهِ أَنْ يُطْلِقَ مِنَ الْخِزَانَةِ مَا يُرِيدُ مِنْ غَيْرِ مُشَاوِرَةٍ وَلَا مُرَاجَعَةٍ، وَأَرْسَلَهُ السُّلْطَانُ إِلَى صَيْدَا; لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ بَقِيَ بِهَا بُرْجٌ عَاصٍ، فَفَتَحَهُ وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ بِسَبَبِهِ، ثُمَّ عَادَ سَرِيعًا إِلَى السُّلْطَانِ فَوَدَّعَهُ، وَسَارَ السُّلْطَانُ نَحْوَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي أَوَاخِرِ رَجَبٍ، وَبَعَثَهُ إِلَى بَيْرُوتَ لِيَفْتَحَهَا، فَسَارَ إِلَيْهَا فَفَتَحَهَا فِي أَقْرَبِ وَقْتٍ، وَسُلِّمَتْ عَثْلِيتُ وَأَنْطَرْطُوسُ وَجُبَيْلٌ. وَلَمْ يَبْقَ بِالسَّوَاحِلِ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - مَعْقِلٌ لِلْفِرِنْجِ إِلَّا بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، وَأَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُمُ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَدَخَلَ السُّلْطَانُ إِلَى الْقَاهِرَةِ فِي تَاسِعِ شَعْبَانَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ جِدًّا، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَأَفْرَجَ عَنْ بَدْرِ الدِّينِ بَيْسَرِي بَعْدَ سِجْنٍ تِسْعَ سِنِينَ، وَرَدَّ عَلَيْهِ إِقْطَاعَهُ، وَرَجَعَ عَلَمُ الدِّينِ سَنْجَرُ الشُّجَاعِيُّ نَائِبُ دِمَشْقَ إِلَى دِمَشْقَ فِي سَابِعِ وَعِشْرِينَ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ نَظَّفَ السَّوَاحِلَ مِنَ الْفِرِنْجِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ بِهَا حَجَرٌ. وَفِي رَابِعِ رَمَضَانَ أُفْرِجَ عَنْ حُسَامِ الدِّينِ لَاجِينَ مِنْ قَلْعَةِ صَفَدَ، وَمَعَهُ جَمَاعَةُ أُمَرَاءَ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ إِقْطَاعَاتِهِمْ إِلَيْهِمْ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ وَأَكْرَمَهُمْ. وَفِي أَوَائِلِ رَمَضَانَ طُلِبَ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ مِنَ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ - وَهُوَ حَاكِمٌ بِهِ وَخَطِيبٌ فِيهِ - عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَدَخَلَهَا فِي رَابِعَ عَشْرَةَ، وَأَفْطَرَ لَيْلَتَئِذٍ عِنْدَ الْوَزِيرِ ابْنِ السَّلْعُوسِ، وَأَكْرَمَهُ جِدًّا وَاحْتَرَمَهُ،
পৃষ্ঠা - ১১৩২৪
وَكَانَتْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَصَرَّحَ الْوَزِيرُ بِعَزْلِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ وَتَوْلِيَةِ ابْنِ جَمَاعَةَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ قَضَاءَ الْقُضَاةِ، وَجَاءَ الْقُضَاةُ إِلَى تَهْنِئَتِهِ، وَأَصْبَحَ الشُّهُودُ فِي خِدْمَتِهِ، وَمَعَ الْقَضَاءِ خَطَابَةُ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، وَتَدْرِيسُ الصَّالِحِيَّةِ، وَرَكِبَ فِي الْخِلْعَةِ وَالطَّرْحَةِ، وَرَسَمَ لِبَقِيَّةِ الْقُضَاةِ أَنْ يَسْتَمِرُّوا بِلُبْسِ الطَّرَحَاتِ، وَذَهَبَ فَخَطَبَ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، وَانْتَقَلَ إِلَى الْمَدْرَسَةِ الصَّالِحِيَّةِ، وَدَرَّسَ بِهَا فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، وَكَانَ دَرْسًا حَافِلًا، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ رَسَمَ السُّلْطَانُ لِلْحَاكِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ أَنْ يَخْطُبَ هُوَ بِنَفْسِهِ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ، وَأَنْ يَذْكُرَ فِي خُطْبَتِهِ أَنَّهُ قَدْ وَلَّى السَّلْطَنَةَ لِلْأَشْرَفِ خَلِيلِ بْنِ الْمَنْصُورِ، فَلَبِسَ خِلْعَةً سَوْدَاءَ، وَخَطَبَ النَّاسَ بِالْخُطْبَةِ الَّتِي كَانَ خَطَبَ بِهَا فِي الدَّوْلَةِ الظَّاهِرِيَّةِ، وَكَانَتْ مِنْ إِنْشَاءِ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ الْمَقْدِسِيِّ فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَيَكُونُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ أَزْيَدُ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَذَلِكَ بِجَامِعِ قَلْعَةِ الْجَبَلِ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ ابْنُ جَمَاعَةَ يَخْطُبُ بِالْقَلْعَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَكَانَ يَسْتَنِيبُ فِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ. وَأَمَّا ابْنُ بِنْتِ الْأَعَزِّ فَنَالَهُ مِنَ الْوَزِيرِ إِخْرَاقٌ وَمُصَادَرَةٌ وَإِهَانَةٌ بَالِغَةٌ، وَلَمْ يَتْرُكْ لَهُ مِنْ مَنَاصِبِهِ شَيْئًا، وَكَانَ بِيَدِهِ سَبْعَةَ عَشَرَ مَنْصِبًا; مِنْهَا الْقَضَاءُ، وَالْخَطَابَةُ، وَنَظَرُ الْأَحْبَاسِ، وَمَشْيَخَةُ الشُّيُوخِ، وَنَظَرُ الْخِزَانَةِ، وَتَدَارِيسُ كِبَارٌ، وَصَادَرَهَ بِنَحْوٍ مَنْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، غَيْرَ مَرَاكِبِهِ وَأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ اسْتِكَانَةٌ لَهُ وَلَا خُضُوعٌ، ثُمَّ عَادَ فَرْضِيَ عَنْهُ، وَوَلَّاهُ تَدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ. وَعُمِلَتْ خَتْمَةٌ عِنْدَ قَبْرِ الْمَنْصُورِ فِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ رَابِعِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَحَضَرَهَا الْقُضَاةُ وَالْأُمَرَاءُ، وَنَزَلَ السُّلْطَانُ وَمَعَهُ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهِمْ وَقْتَ السَّحَرِ، وَخَطَبَ الْخَلِيفَةُ بَعْدَ الْخَتْمَةِ خُطْبَةً بَلِيغَةً، حَرَّضَ النَّاسَ فِيهَا عَلَى غَزْوِ بِلَادِ الْعِرَاقِ، وَاسْتِنْقَاذِهَا مِنْ أَيْدِي التَّتَرِ، وَقَدْ كَانَ الْخَلِيفَةُ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْتَجِبًا، فَرَآهُ
পৃষ্ঠা - ১১৩২৫
النَّاسُ جَهْرَةً، وَرَكِبَ فِي الْأَسْوَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَعَمِلَ أَهْلُ دِمَشْقَ خَتْمَةً عَظِيمَةً بِالْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ إِلَى جَانِبِ الْقَصْرِ الْأَبْلَقِ، فَقُرِئَتْ خَتَمَاتٌ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ بَعْدَهَا الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ الْفَارُوثِيُّ، ثُمَّ ابْنُ الْبُزُورِيِّ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِالْكَلَامِ، وَجَاءَتِ الْبَرِيدِيَّةُ بِالتَّهَيُّؤِ لِغَزْوِ الْعِرَاقِ، وَنُودِيَ فِي النَّاسِ بِذَلِكَ، وَعُمِلَتْ سَلَاسِلُ عِظَامٌ بِسَبَبِ الْجَسُورَةِ عَلَى دِجْلَةَ بَغْدَادَ، وَحُصِّلَتِ الْأُجُورُ عَلَى الْمَقْصُودِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعِ الْمَقْصُودُ، وَحَصَلَ لِبَعْضِ النَّاسِ أَذَىً بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَفِيهَا نَادَى نَائِبُ الشَّامِ الشُّجَاعِيُّ أَنْ لَا تَلْبَسَ امْرَأَةٌ عِمَامَةً كَبِيرَةً، وَخَرَّبَ الْأَبْنِيَةَ الَّتِي عَلَى نَهْرِي بَانِيَاسَ وَالْجَدَاوِلَ كُلَّهَا وَالْمَسَالِحَ وَالسِّقَايَاتِ الَّتِي عَلَى الْأَنْهَارِ كُلِّهَا، وَأَخْرَبَ جِسْرَ الزَّلَابِيَّةِ وَمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّكَاكِينِ، وَنَادَى أَنْ لَا يَمْشِيَ أَحَدٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، ثُمَّ أَطْلَقَ لَهُمْ هَذِهِ فَقَطْ، وَأَخْرَبَ الْحَمَّامَ الَّذِي كَانَ بَنَاهُ الْمَلِكُ السَّعِيدُ ظَاهِرَ بَابِ النَّصْرِ، وَلَمْ يَكُنْ بِدِمَشْقَ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَوَسَّعَ الْمَيْدَانَ الْأَخْضَرَ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّمَالِ مِقْدَارَ سُدُسِهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّهْرِ إِلَّا مِقْدَارًا يَسِيرًا، وَعَمِلَ هُوَ بِنَفْسِهِ وَالْأُمَرَاءُ فِي حِيطَانِهِ. وَفِيهَا حُبِسَ الْأَمِيرُ جَمَالُ الدِّينِ آقُوشُ الْأَفْرَمُ الْمَنْصُورِيُّ وَأَمِيرٌ آخَرُ مَعَهُ فِي الْقَلْعَةِ. وَفِيهَا حُمِلَ الْأَمِيرُ عَلَمُ الدِّينِ الدَّوَادَارِيُّ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مُقَيَّدًا. وَقَدْ نَظَمَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ مَحْمُودٌ قَصِيدَةً فِي فَتْحِ عَكَّا:
পৃষ্ঠা - ১১৩২৬
الْحَمْدُ لِلَّهِ زَالَتْ دَوْلَةُ الصُّلْبِ ... وَعَزَّ بِالتُّرْكِ دِينُ الْمُصْطَفَى الْعَرَبِيِّ هذا الذي كَانَتِ الْآمَالُ لَوْ طَلَبَتْ ... رُؤْيَاهُ فِي النَّوْمِ لَاسْتَحْيَتْ مِنَ الطَّلَبِ مَا بَعْدَ عَكَّا وَقَدْ هُدَّتْ قَوَاعِدُهَا ... فِي الْبَحْرِ لِلشِّرْكِ عِنْدَ الْبَرِّ مِنْ أَرَبِ لَمْ يَبْقَ مِنْ بَعْدِهَا لِلْكُفْرِ إِذْ خَرِبَتْ ... فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ مَا يُنْجِي سِوَى الْهَرَبِ أُمُّ الْحُرُوبِ فَكَمْ قَدْ أَنْشَأَتْ فِتَنًا ... شَابَ الْوَلِيدُ بِهَا هَوْلًا وَلَمْ تَشُبِ يَا يَوْمَ عَكَّا لَقَدْ أَنْسَيْتَ مَا سَبَقَتْ ... بِهِ الْفُتُوحُ وَمَا قَدْ خُطَّ فِي الْكُتُبِ لَمْ يَبْلُغِ النُّطْقُ حَدَّ الشُّكْرِ فِيكَ فَمَا ... عَسَى يَقُومُ بِهِ ذُو الشِّعْرِ وَالْأَدَبِ أَغْضَبْتَ عُبَّادَ عِيسَى إِذْ أَبَدْتَهُمُ ... لِلَّهِ أَيُّ رِضًى فِي ذَلِكِ الْغَضَبِ وَأَشْرَفَ الْمُصْطَفَى الْهَادِي الْبَشِيرُ عَلَى ... ما أَسْلَفَ الْأَشْرَفُ السُّلْطَانُ مِنْ قُرَبِ فَقَرَّ عَيْنًا لِهَذَا الْفَتْحِ وَابْتَهَجَتْ ... بِبُشْرِهِ الْكَعْبَةُ الْغَرَّاءُ فِي الْحُجُبِ وَسَارَ فِي الْأَرْضِ سَيْرًا قَدْ سَمِعْتُ بِهِ ... فَالْبَرُّ فِي طَرَبٍ وَالْبَحْرُ فِي حَرَبِ وَهِيَ طَوِيلَةٌ جِدًّا، وَلَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي فَتْحِ عَكَّا أَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ. وَلَمَّا رَجَعَ الْبَرِيدُ أَخْبَرَ بِأَنَّ السُّلْطَانَ لَمَّا عَادَ إِلَى مِصْرَ خَلْعَ عَلَى وَزِيرِهِ ابْنِ السَّلْعُوسِ جَمِيعَ مَلَابِسِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ، وَمَرْكُوبَهُ الَّذِي كَانَ تَحْتَهُ، فَرَكِبَهُ وَرَسَمَ لَهُ بِثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ خِزَانَةِ دِمَشْقَ، لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا قَرْيَةَ قَرَحْتَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ انْتَهَتْ عِمَارَةُ قَلْعَةِ حَلَبَ بَعْدَ الْخَرَابِ الَّذِي أَصَابَهَا مِنْ هُولَاكُو وَأَصْحَابِهِ عَامَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ.
পৃষ্ঠা - ১১৩২৭
وَفِي شَوَّالٍ مِنْهَا شُرِعَ فِي عِمَارَةِ قَلْعَةِ دِمَشْقَ وَبِنَاءِ الدُّورِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالطَّارِمَةِ وَالْقُبَّةِ الزَّرْقَاءِ، حَسَبَ مَا رَسَمَ بِهِ السُّلْطَانُ الْأَشْرَفُ خَلِيلُ بْنُ قَلَاوُونَ لِنَائِبِهِ عَلَمِ الدِّينِ سَنْجَرَ الشُّجَاعِيِّ. وَفِيهَا فِي رَمَضَانَ أُعِيدَ إِلَى نِيَابَةِ الْقَلْعَةِ الْأَمِيرُ أَرْجُوَاشُ، وَأُعْطِيَ إِقْطَاعَاتٍ سَنِيَّةً. وَفِيهَا أُرْسِلَ الشَّيْخُ الرَّجِيحِيُّ مِنْ ذُرِّيَّةِ الشَّيْخِ يُونُسَ مُضَيَّقًا عَلَيْهِ مَحْصُورًا إِلَى الْقَاهِرَةِ. وَفِيهَا دَرَّسَ عِزُّ الدِّينِ الْفَارُوثِيُّ بِالْمَدْرَسَةِ النَّجِيبِيَّةِ عِوَضًا عَنْ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ خَلِّكَانَ، وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ دَرَّسَ نَجْمُ الدِّينِ مَكِّيٌّ بِالرَّوَاحِيَّةِ عِوَضًا عَنْ نَاصِرِ الدِّينِ بْنِ الْمَقْدِسِيِّ، وَفِيهِ دَرَّسَ كَمَالُ الدِّينِ الطَّبِيبُ بِالْمَدْرَسَةِ الدَّخْوَارِيَّةِ الطِّبِّيَّةِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ دَرَّسَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْخَبَّازِيُّ بِالْخَاتُونِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، وَجَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْبَاجُرْبَقِيِّ بِالْقِلَيْجَةِ، وَبُرْهَانُ الدِّينِ الْإِسْكَنْدَرِيُّ بِالْقُوصِيَّةِ الَّتِي بِالْجَامِعِ، وَالشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الدِّمَشْقِيُّ بِالشَّرِيفِيَّةِ عِنْدَ حَارَةِ الْغُرَبَاءِ. وَفِيهَا أُعِيدَتِ النَّاصِرِيَّةُ إِلَى الْفَارِقِيِّ، وَفِيهِ دَرَّسَ بِالْأَمِينِيَّةِ الْقَاضِي نَجْمُ الدِّينِ بْنُ صَصْرَى بَعْدَ ابْنِ الزَّمَلْكَانِيِّ، وَأُخِذَتْ مِنْهُ الْعَادِلِيَّةُ الصَّغِيرَةُ لِكَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمَلْكَانِيِّ.
পৃষ্ঠা - ১১৩২৮
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَرْغُوَنُ بْنُ أَبْغَا مَلِكُ التَّتَرِ كَانَ شَهْمًا شُجَاعًا سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ، قَتَلَ عَمَّهُ السُّلْطَانَ أَحْمَدَ بْنَ هُولَاكُو، فَعَظُمَ فِي أَعْيُنِ الْمَغُولِ، فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ مِنْ شَرَابٍ شَرِبَهُ فِيهِ سُمٌّ، فَاتَّهَمَتِ الْمَغُولُ الْيَهُودَ بِهِ - وَكَانَ وَزِيرُهُ سَعْدُ الدَّوْلَةِ بْنُ الصَّيْفِيِّ يَهُودِيًّا - فَقَتَلُوا مِنَ الْيَهُودِ خَلْقًا كَثِيرًا، وَنَهَبُوا مِنْهُمْ أَمْوَالًا عَظِيمَةً جِدًّا فِي جَمِيعِ مَدَائِنِ الْعِرَاقِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ يُقِيمُونَهُ بَعْدَهُ، فَمَالَتْ طَائِفَةٌ إِلَى كَيْخَتُو، فَأَجْلَسُوهُ عَلَى سَرِيرِ الْمَمْلَكَةِ، فَبَقِيَ مُدَّةً، قِيلَ: سَنَةً. وَقِيلَ: أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. ثُمَّ قَتَلُوهُ وَمَلَّكُوا بَعْدَهُ بَيْدَرَا، وَجَاءَ الْخَبَرُ بِوَفَاةِ أَرْغُوَنَ إِلَى الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ وَهُوَ مُحَاصِرٌ عَكَّا، فَفَرِحَ بِذَلِكَ كَثِيرًا، وَكَانَتْ مُدَّةُ مُلْكِ أَرْغُوَنَ ثَمَانِ سِنِينَ، وَقَدْ وَصَفَهُ بَعْضُ مُؤَرِّخِي الْعِرَاقِ بِالْعَدْلِ وَالسِّيَاسَةِ الْجَيِّدَةِ. الْمُسْنِدُ الْمُعَمَّرُ الرُّحَلَةُ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْبُخَارِيِّ، وُلِدَ فِي سَلْخِ سَنَةِ خَمْسٍ أَوْ مُسْتَهَلِّ سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَرَحَلَ مَعَ أَهْلِهِ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا عَابِدًا زَاهِدًا وَرِعًا نَاسِكًا، تَفَرَّدَ
পৃষ্ঠা - ১১৩২৯
بِرِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ لِطُولِ عُمْرِهِ، وَخَرَجَتْ لَهُ مَشْيَخَاتٌ وَسَمِعَ مِنْهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ وَالْجَمُّ الْغَفِيرُ، وَكَانَ مَنْصُوبًا لِذَلِكَ حَتَّى كَبُرَ وَأَسَنَّ وَضَعُفَ عَنِ الْحَرَكَةِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ مِنْهُ قَوْلُهُ: تَكَرَّرَتِ السِّنُونُ عَلَيَّ حَتَّى ... بَلِيتُ وَصِرْتُ مِنْ سَقَطِ الْمَتَاعِ وَقَلَّ النَّفْعُ عِنْدِي غَيْرَ أَنِّي ... أَعلِّلُ بِالرِّوَايَةِ وَالسَّمَاعِ فَإِنْ يَكُ خَالِصًا فَلَهُ جَزَاءٌ ... وَإِنْ يَكُ مَالِقًا فَإِلَى ضَيَاعِ وَلَهُ أَيْضًا: إِلَيْكَ اعْتِذَارِي مِنْ صَلَاتِي قَاعِدًا ... وَعَجْزِي عَنْ سَعْيِي إِلَى الْجُمُعَاتِ وَتَرْكِي صَلَاةَ الْفَرْضِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ ... تَجَمَّعَ فِيهِ النَّاسُ لِلصَّلَوَاتِ فَيَا رَبُّ لَا تَمْقُتْ صَلَاتِي وَنَجِّنِي ... مِنَ النَّارِ وَاصْفَحْ لِي عَنِ الْهَفَوَاتِ تُوُفِّيَ ضُحَى نَهَارِ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَدُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سِبَاعِ بْنِ ضِيَاءٍ تَاجُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيُّ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الْعَلَمُ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، حَازَ قَصَبَ السَّبْقِ دُونَ أَقْرَانِهِ، وَهُوَ وَالِدُ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ بُرْهَانِ الدِّينِ. كَانَ مَوْلِدُ
পৃষ্ঠা - ১১৩৩০
الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ خَامِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ بِالْمَدْرَسَةِ الْبَاذَرَائِيَّةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الظُّهْرِ بِالْأُمَوِيِّ، تَقَدَّمَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاةِ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ الْخُوَيِّيِّ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ جَامِعِ جِرَاحٍ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْفَارِقِيُّ، وَدُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَكَانَ يَوْمًا شَدِيدَ الزِّحَامِ، وَقَدْ كَانَ مِمَّنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ فُنُونٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ، وَالْأَخْلَاقِ اللَّطِيفَةِ، وَفَصَاحَةِ الْمَنْطِقِ، وَحُسْنِ التَّصْنِيفِ، وَعُلُوِّ الْهِمَّةِ، وَفِقْهِ النَّفْسِ، وَكِتَابُهُ " الْإِقْلِيدُ " الَّذِي جَمَعَهُ عَلَى أَبْوَابِ " التَّنْبِيهِ " وَصَلَ فِيهِ إِلَى بَابِ الْغَصْبِ، دَلِيلٌ عَلَى فِقْهِ نَفْسِهِ، وَعُلُوِّ قَدْرِهِ، وَقُوَّةِ هِمَّتِهِ، وَنُفُوذِ نَظَرِهِ، وَاتِّصَافِهِ بِالِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ فِي غَالِبِ مَا سَطَرَهُ، وَقَدِ انْتَفَعَ بِهِ النَّاسُ، وَهُوَ شَيْخُ أَكَابِرِ مَشَايِخِنَا هُوَ وَالشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ، وَلَهُ " اخْتِصَارُ الْمَوْضُوعَاتِ " لِابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَهُوَ عِنْدِي بِخَطِّهِ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَحَضَرَ عِنْدَ ابْنِ الزَّبِيدِيِّ " صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ "، وَسَمِعَ مِنَ ابْنِ اللَّتِّيِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ، وَاشْتَغَلَ عَلَيْهِ وَعَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَانْتَفَعَ بِهِمَا، وَخَرَّجَ لَهُ الْحَافِظُ عَلَمُ الدِّينِ الْبِرْزَالِيُّ أَحَدُ تَلَامِيذهِ مَشْيَخَةً فِي عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ عَنْ مِائَةِ شَيْخٍ، فَسَمَّعَهَا عَلَيْهِ الْأَعْيَانُ، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ: لِلَّهِ أَيَّامُ جَمْعِ الشَّمْلِ مَا بَرِحَتْ ... بِهَا الْحَوَادِثُ حَتَّى أَصْبَحَتْ سَمَرَا وَمُبْتَدَا الْحُزْنِ مِنْ تَارِيخِ مَسْأَلَتِي ... عَنْكُمْ فَلَمْ أَلْقَ لَا عَيْنًا وَلَا أَثَرَا يَا رَاحِلِينَ قَدَرْتُمْ فَالنَّجَاةُ لَكُمْ ... وَنَحْنُ لِلْعَجْزِ لَا نَسْتَعْجِزُ الْقَدَرَا
পৃষ্ঠা - ১১৩৩১
وَقَدْ وَلِيَ الدَّرْسَ بَعْدَهُ بِالْبَاذَرَائِيَّةِ وَالْحَلْقَةِ وَالْفَتَيَا بِالْجَامِعِ وَلَدُهُ شَيْخُنَا بُرْهَانُ الدِّينِ، فَمَشَى عَلَى طَرِيقَةِ وَالِدِهِ وَهَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي ثَالِثِ شَعْبَانَ تُوُفِّيَ: الطَّبِيبُ الْمَاهِرُ عِزُّ الدِّينِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طُرَخَانَ السُّوَيْدِيُّ الْأَنْصَارِيُّ وَدُفِنَ بِالسَّفْحِ عَنْ تِسْعِينَ سَنَةً، وَرَوَى شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ، وَفَاقَ أَهْلَ زَمَانِهِ فِي صِنَاعَةِ الطِّبِّ، وَصَنَّفَ كُتُبًا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ يُرْمَى بِقِلَّةِ الدِّينِ، وَتَرْكِ الصَّلَوَاتِ، وَانْحِلَالٍ فِي الْعَقِيدَةِ، وَإِنْكَارِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَاللَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ بِأَمْرِهِ الْعَدْلِ الَّذِي لَا يَجُورُ وَلَا يَظْلِمُ. وَفِي شِعْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ عَقْلِهِ وَدِينِهِ وَعَدَمِ إِيمَانِهِ، وَاعْتِرَاضِهِ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَأَنَّهُ قَدْ طَالَ رَمَضَانُ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ. الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ عَلَاءُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ كَمَالِ الدِّينِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ خَلَفٍ الْأَنْصَارِيُّ الزَّمَلْكَانِيُّ مُدَرِّسُ الْأَمِينِيَّةِ، وَهُوَ وَالِدُ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ أَبِي الْمَعَالِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّمَلْكَانِيِّ، وَقَدْ دَرَّسَ بَعْدَ أَبِيهِ الْمَذْكُورِ بِالْأَمِينِيَّةِ، وَكَانَتْ وَفَاةُ وَالِدِهِ هَذَا لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ بِالْأَمِينِيَّةِ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ عِنْدَ وَالِدِهِ.
পৃষ্ঠা - ১১৩৩২
الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ بَدْرُ الدِّينِ يَمَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّاصِرِيُّ نَاظِرُ الرِّبَاطِ بِالصَّالِحِيَّةِ عَنْ وَصِيَّةِ أُسْتَاذِهِ، وَهُوَ الَّذِي وَلَّى الشَّيْخَ شَرَفَ الدِّينِ الْفَزَارِيَّ مَشْيَخَةَ الرِّبَاطِ بَعْدَ ابْنِ الشَّرِيشِيِّ جَمَالِ الدِّينِ، وَقَدْ دُفِنَ بِالتُّرْبَةِ الْكَبِيرَةِ دَاخِلَ الرِّبَاطِ الْمَذْكُورِ. الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ الْكَرَجِيُّ صِهْرُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ الصَّلَاحِ وَأَحَدُ تَلَامِيذِهِ، وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَمَاتَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ ابْنِ الصَّلَاحِ الْمَلِكُ الْعَادِلُ بَدْرُ الدِّينِ سَلَامُشُ بْنُ الظَّاهِرِ الَّذِي كَانَ قَدْ بُويِعَ بِالْمُلْكِ بَعْدَ أَخِيهِ الْمَلِكِ السَّعِيدِ، وَجُعِلَ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ قَلَاوُونُ أَتَابِكَهُ، ثُمَّ اسْتَقَلَّ قَلَاوُونُ بِالْمُلْكِ وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى الْكَرَكِ، ثُمَّ أَعَادَهُمْ إِلَى الْقَاهِرَةِ، ثُمَّ سَفَّرَهُمُ الْأَشْرَفُ خَلِيلٌ فِي أَوَّلِ دَوْلَتِهِ إِلَى بِلَادِ الْأَشْكُرِيِّ مِنْ نَاحِيَةِ إِصْطَنْبُولَ، فَمَاتَ سَلَامُشُ هُنَاكَ، وَبَقِيَ أَخُوهُ نَجْمُ الدِّينِ خَضِرٌ وَأَهْلُوهُمْ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَقَدْ كَانَ سَلَامُشُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ شَكْلًا وَأَبْهَاهُمْ مَنْظَرًا، وَقَدِ افْتُتِنَ بِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَشَبَّبَ بِهِ الشُّعَرَاءُ، وَكَانَ عَاقِلًا رَئِيسًا مَهِيبًا وَقُورًا.
পৃষ্ঠা - ১১৩৩৩
الْعَفِيفُ التِّلْمِسَانِيُّ، أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَاسِينَ الْعَابِدِيُّ الْكُوفِيُّ ثُمَّ التِّلْمِسَانِيُّ، الشَّاعِرُ الْمُتْقِنُ فِي عُلُومٍ ; مِنْهَا النَّحْوُ وَالْأَدَبُ وَالْفِقْهُ وَالْأُصُولُ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٌ، وَلَهُ شَرْحُ " مَوَاقِفِ النِّفَّرِيِّ "، وَشَرَحَ أَسْمَاءَ اللَّهِ الْحُسْنَى "، وَلَهُ دِيوَانٌ مَشْهُورٌ، وَلِوَلَدِهِ مُحَمَّدٌ دِيوَانٌ آخَرُ، وَقَدْ نُسِبَ هَذَا الرَّجُلُ إِلَى عَظَائِمَ فِي الْأَقْوَالِ وَالِاعْتِقَادِ فِي الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ وَالزَّنْدَقَةِ وَالْكُفْرِ الْمَحْضِ، وَشُهْرَتُهُ تُغْنِي عَنِ الْإِطْنَابِ فِي تَرْجَمَتِهِ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ خَامِسِ رَجَبٍ، وَدُفِنَ بِالصُّوفِيَّةِ، وَيُذْكَرُ عَنْهُ أَنَّهُ عَمِلَ أَرْبَعِينَ خَلْوَةً، كُلُّ خَلْوَةٍ أَرْبَعُونَ يَوْمًا مُتَتَابِعَةٌ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ১১৩৩৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا فُتِحَتْ قَلْعَةُ الرُّومِ، وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ مِنْ دُنْقُلَةَ إِلَى مِصْرَ إِلَى أَقْصَى بِلَادِ الشَّامِ بِكَمَالِهِ وَسَوَاحِلِهِ وَبِلَادِ حَلَبَ وَغَيْرِ ذَلِكَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ خَلِيلٌ، وَوَزِيرُهُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ السَّلْعُوسِ، وَقُضَاتُهُ بِالشَّامِ وَمِصْرَ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَنَائِبُ مِصْرَ بَدْرُ الدِّينِ بَيْدَارُ، وَنَائِبُ الشَّامِ عَلَمُ الدِّينِ سَنْجَرُ الشُّجَاعِيُّ، وَسُلْطَانُ التَّتَرِ بَيْدُو بْنُ أَرْغُونَ بْنِ أَبغَا، وَالْعِمَارَةُ فِي الطَّارِمَةِ وَفِي الدُّورِ السُّلْطَانِيَّةِ بِالْقَلْعَةِ. وَفِي رَابِعِ وَعِشْرِينَ الْمُحَرَّمِ وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ بِقَلْعَةِ الْجَبَلِ بِبَعْضِ الْخَزَائِنِ، أَتْلَفَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الذَّخَائِرِ وَالنَّفَائِسِ وَالْكُتُبِ. وَفِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ خَطَبَ الْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ، وَحَثَّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الْجِهَادِ وَالنَّفِيرِ، وَصَلَّى بِهِمُ الْجُمُعَةَ، وَجَهَرَ بِالْبَسْمَلَةِ. وَفِي لَيْلَةِ السَّبْتِ ثَالِثَ عَشَرَ صَفَرٍ جِيءَ بِهَذَا الْجُرْزِ الْأَحْمَرِ الَّذِي بِبَابِ الْبِرَادَةِ مِنْ عَكَّا، فَوُضِعَ فِي مَكَانِهِ.
পৃষ্ঠা - ১১৩৩৫
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ كَمَلَ بِنَاءُ الطَّارِمَةِ وَمَا عِنْدَهَا مِنَ الْآدُرِ وَالْقُبَّةِ الزَّرْقَاءِ، وَجَاءَتْ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالْكَمَالِ وَالِارْتِفَاعِ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَانِي جُمَادَى الْأُولَى ذَكَرَ الدَّرْسَ بِالظَّاهِرِيَّةِ الشَّيْخُ صَفِيُّ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْأُرْمَوِيُّ، عِوَضًا عَنْ عَلَاءِ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ، وَفِي هَذَا الْيَوْمِ دَرَّسَ بِالدَّوْلَعِيَّةِ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَابِعِ جُمَادَى الْآخِرَةِ دَرَّسَ بِالنَّجِيبِيَّةِ الشَّيْخُ ضِيَاءُ الدِّينِ عَبْدُ الْعَزِيزِ الطُّوسِيُّ، بِمُقْتَضَى نُزُولِ الْفَارُوثِيُّ لَهُ عَنْهَا. [فَتْحُ قَلْعَةِ الرُّومِ] وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ تَوَجَّهَ السُّلْطَانُ الْأَشْرَفُ بِالْعَسَاكِرِ نَحْوَ الشَّامِ، فَقَدِمَ دِمَشْقَ، وَمَعَهُ وَزِيرُهُ ابْنُ السَّلْعُوسِ، فَاسْتَعْرَضَ الْجُيُوشَ، وَأَنْفَقَ فِيهِمْ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، ثُمَّ سَارَ بِهِمْ نَحْوَ بِلَادِ حَلَبَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى قَلْعَةِ الرُّومِ، فَافْتَتَحَهَا بِالسَّيْفِ قَهْرًا فِي يَوْمِ السَّبْتِ حَادِي عَشَرَ رَجَبٍ، وَجَاءَتِ الْبِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى دِمَشْقَ وَزُيِّنَتِ الْبَلَدُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَبَارَكَ اللَّهُ لِخَمِيسِ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبْتِهِمْ، وَكَانَ يَوْمُ السَّبْتِ أَلْبًا عَلَى أَهْلِ يَوْمِ الْأَحَدِ، وَكَانَ الْفَتْحُ بَعْدَ حِصَارٍ عَظِيمٍ جِدًّا، مُدَّةَ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَكَانَتِ الْمَنْجَنِيقَاتُ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ مَنْجَنِيقًا،
পৃষ্ঠা - ১১৩৩৬
وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْأُمَرَاءِ شَرَفُ الدِّينِ بْنُ الْخَطِيرِ، وَقَدْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهَا شَيْئًا كَثِيرًا، ثُمَّ عَادَ السُّلْطَانُ إِلَى دِمَشْقَ، وَتَرَكَ الشُّجَاعِيَّ بِقَلْعَةِ الرُّومِ يُعَمِّرُونَ مَا وَهَى مِنْ قَلْعَتِهَا; بِسَبَبِ رَمْيِ الْمَنْجَنِيقَاتِ عَلَيْهَا وَقْتَ الْحِصَارِ، وَكَانَ دُخُولُهُ إِلَى دِمَشْقَ بِكُرَةَ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعَ عَشَرَ شَعْبَانَ، فَاحْتَفَلَ النَّاسُ لِدُخُولِهِ وَدَعَوْا لَهُ وَأَحَبُّوهُ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا بُسِطَ لَهُ كَمَا يُبْسَطُ لَهُ إِذَا قَدِمَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِإِشَارَةِ ابْنِ السَّلْعُوسِ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَسَطَ لَهُ، وَقَدْ كَسَرَ أَبُوهُ التَّتَرَ عَلَى حِمْصَ وَلَمْ يُبْسَطْ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ كَسَرَ التَّتَرَ وَالرُّومَ عَلَى الْبُلُسْتَيْنِ وَفِي غَيْرِ مَوْطِنٍ وَلَمْ يُبْسَطْ لَهُ، وَهَذِهِ بِدْعَةٌ شَنْعَاءُ قَدْ أَحْدَثَهَا هَذَا الْوَزِيرُ لِلْمُلُوكِ، وَفِيهَا إِسْرَافٌ وَضَيَاعُ مَالٍ وَأَشَرٌ وَبَطَرٌ وَرِيَاءٌ وَتَكْلِيفٌ لِلنَّاسِ، وَأَخْذُ أَمْوَالٍ وَوَضْعُهَا فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهَا، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ سَائِلُهُ عَنْهَا، وَقَدْ ذَهَبَ وَتَرَكَهَا يَتَوَارَثُهَا الْمُلُوكُ وَالنَّاسُ عَنْهُ، وَقَدْ حَصَلَ لِلنَّاسِ بِسَبَبِ ذَلِكَ ظُلْمٌ عَظِيمٌ، فَلْيَتَّقِ الْعَبْدُ رَبَّهُ، وَلَا يُحْدِثْ فِي الْإِسْلَامِ بِسَبَبِ هَوَاهُ وَمُرَادِ نَفْسِهِ مَا يَكُونُ سَبَبَ مَقْتِ اللَّهِ لَهُ، وَإِعْرَاضِهِ عَنْهُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا لَا تَدُومُ لِأَحَدٍ، وَلَا يَدُومُ أَحَدٌ فِيهَا. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. وَكَانَ مَلِكُ قَلْعَةِ الرُّومِ مَعَ السُّلْطَانِ أَسِيرًا، وَكَذَلِكَ رُءُوسُ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلَ بِهِمْ دِمَشْقَ وَهُمْ يَحْمِلُونَ رُءُوسَ أَصْحَابِهِمْ عَلَى رُءُوسِ الرِّمَاحِ، وَجَهَّزَ السُّلْطَانُ طَائِفَةً مِنَ الْجَيْشِ نَحْوَ جَبَلِ كَسْرَوَانَ وَالْجُرْدِ بِسَبَبِ مُمَالَأَتِهِمْ لِلْفِرِنْجِ قَدِيمًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مُقَدَّمُ الْعَسَاكِرِ بَيْدَرَا، وَفِي صُحْبَتِهِ سُنْقُرُ الْأَشْقَرُ وَقَرَاسُنْقُرُ
পৃষ্ঠা - ১১৩৩৭
الْمَنْصُورِيُّ الَّذِي كَانَ نَائِبَ حَلَبَ، فَعَزَلَهُ عَنْهَا السُّلْطَانُ وَوَلَّى مَكَانَهُ سَيْفَ الدِّينِ بَلَبَانَ الطَّبَّاخِيَّ الْمَنْصُورِيَّ - وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ مِنَ الْأُمَرَاءِ الْكِبَارِ، فَلَمَّا أَحَاطُوا بِالْجَبَلِ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا دَمَارُ أَهْلِهِ حَمَلُوا فِي اللَّيْلِ إِلَى بَيْدَرَا حَمْلًا كَثِيرًا، فَفَتَرَ فِي قَضِيَّتِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ بِالْجُيُوشِ عَنْهُمْ، وَعَادُوا إِلَى السُّلْطَانِ، فَتَلَقَّاهُمُ السُّلْطَانُ، وَتَرَجَّلَ السُّلْطَانُ لِلْأَمِيرِ بَيْدَرَا، وَهُوَ نَائِبُهُ عَلَى مِصْرَ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ السَّلْعُوسِ نَبَّهَ السُّلْطَانَ عَلَى فِعْلِ بَيْدَرَا، فَلَامَهُ وَعَنَّفَهُ، فَمَرِضَ مِنْ خَوْفِهِ مِنْ ذَلِكَ مَرَضًا شَدِيدًا أَشَفَى بِهِ عَلَى الْمَوْتِ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ مَاتَ. ثُمَّ عُوفِيَ فَعَمِلَ خَتْمَةً عَظِيمَةً بِجَامِعِ دِمَشْقَ حَضَرهَا الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ، وَأَشْعَلَ الْجَامِعَ نَظِيرَ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلَةَ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَطْلَقَ السُّلْطَانُ أَهْلَ الْحُبُوسِ، وَتَرَكَ بَقِيَّةَ الضَّمَانِ عَنْ أَرْبَابِ الْجِهَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ، وَنَزَلَ هُوَ عَنْ ضَمَانَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَكَانَ قَدْ حَافَ فِيهَا عَلَى أَرْبَابِهَا. وَقَدِ امْتَدَحَ الشِّهَابُ مَحْمُودٌ الْمَلِكَ الْأَشْرَفَ خَلِيلًا عَلَى فَتْحِهِ قَلْعَةَ الرُّومِ بِقَصِيدَةٍ هَائِلَةٍ فَاضِلَةٍ، أَوَّلُهَا: لَكَ الرَّايَةُ الصَّفْرَاءُ يَقْدُمُهَا النَّصْرُ ... فَمَنْ كَيْقُباذُ إِنْ رَآهَا وَكَيْخُسْرُو إِذَا خَفَقَتْ فِي الْأَرْضِ هَدَّتْ بُنُودُهَا ... هَوَى الشِّرْكِ وَاسْتَعْلَى الْهُدَى وَانْجَلَى الثَّغْرُ وَإِنْ نُشِرَتْ مِثْلَ الْأَصَائِلِ فِي وَغًى ... جَلَا النَّقْعَ مِنْ لَألَاءِ طَلْعَتِهَا الْبَدْرُ وَإِنَّ يَمَّمَتْ زُرْقَ الْعِدَى سَارَ تَحْتَهَا ... كَتَائِبُ خُضْرٌ دَوْحُهَا الْبِيضُ وَالسُّمْرُ
পৃষ্ঠা - ১১৩৩৮
كَأَنَّ مَثَارَ النَّقْعِ لَيْلٌ وَخَفْقَهَا ... بُرُوقٌ وَأَنْتَ الْبَدْرُ وَالْفَلَكُ الْجَثْرُ وَفَتْحٌ أَتَى فِي إِثْرِ فَتْحٍ كَأَنَّمَا ... سَمَاءٌ بَدَتْ تَتْرَى كَوَاكِبُهَا الزُّهْرُ فَكَمْ قَطَمَتْ طَوْعًا وَكَرْهًا مَعَاقِلًا ... مَضَى الدَّهْرُ عَنْهَا وَهْيَ عَانِسَةٌ بِكْرُ بَذَلْتَ لَهَا عَزْمًا فَلَوْلَا مَهَابَةٌ ... كَسَاهَا الْحَيَا جَاءَتْكَ تَسْعَى وَلَا مَهْرُ قَصَدْتَ حِمًى مِنْ قَلْعَةِ الرُّومِ لَمْ يُبَحْ ... لِغَيْرِكَ إِذْ غَرَّتْهُمُ الْمُغْلُ فَاغْتَرُّوا وَوَالُوهُمْ سِرًّا لِيُخْفُوا أَذَاهُمُ ... وَفِي آخِرِ الْأَمْرِ اسْتَوَى السِّرُّ وَالْجَهْرُ صَرَفْتَ إِلَيهِمْ هِمَّةً لَوْ صَرَفَتْهَا ... إِلَى الْبَحْرَ لَاسْتَوْلَى عَلَى مَدِّهِ الْجَزْرُ وَمَا قَلْعَةُ الرُّومِ الَّتِي حُزْتَ فَتْحَهَا ... وَإِنْ عَظُمَتْ إِلَّا إِلَى غَيْرِهَا جِسْرُ طَلِيعَةُ مَا يَأْتِي مِنَ الْفَتْحِ بَعْدَهَا ... كَمَا لَاحَ قَبْلَ الشَّمْسِ فِي الْأُفُقِ الْفَجْرُ فَصَبَّحْتَهَا بِالْجَيْشِ كَالرَّوْضِ بَهْجَةً ... صَوَارِمُهُ أَنْهَارُهُ وَالْقنَا الزُّهْرُ وَأَبْعَدْتَ بَلْ كَالْبَحْرِ وَالْبَيْضُ مَوْجُهُ ... وَجُرْدُ الْمَذَاكِي السُّفْنُ وَالْخُوَذُ الدُّرُ وَأَغْرَبْتَ بَلْ كَاللَّيْلِ عُوجُ سُيُوفِهِ ... أَهِلَّتُهُ وَالنَّبْلُ أَنْجُمُهُ الزَّهْرُ وَأَخْطَأْتَ لَا بَلْ كَالنَّهَارِ شُمُوسُهُ ... مُحَيَّاكَ وَالْآصَالُ رَايَاتُكَ الصُّفْرُ لُيُوثٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ آجَامُهَا الْقَنَا ... لَهَا كُلَّ يَوْمٍ فِي ذَوِي ظُفُرٍ ظُفْرُ فَلَا الرِّيحُ تَجْرِي بَيْنَهُمْ لِاشْتِبَاكِهَا ... عَلَيْهِمْ وَلَا يَنْهَلُّ مِنْ فَوْقِهِمْ قَطْرُ عُيُونٌ إِذَا الْحَرْبُ الْعَوَانُ تَعَرَّضَتْ ... لِخُطَّابِهَا بِالنَّفْسِ لَمْ يَغْلُهَا مَهْرُ
পৃষ্ঠা - ১১৩৩৯
تَرَى الْمَوْتَ مَعْقُودًا بِهُدْبِ نِبَالِهِمْ ... إِذَا مَا رَمَاهَا الْقَوْسُ وَالنَّظَرُ الشَّزْرُ فَفِي كُلِّ سَرْجٍ غُصْنُ بَانٍ مُهَفْهَفٌ ... وَفِي كُلِّ قَوْسٍ مَدَّهُ سَاعِدٌ بَدْرُ إِذَا صَدَمُوا شُمَّ الْجِبَالِ تَزَلْزَلَتْ ... وَأَصْبَحَ سَهْلًا تَحْتَ خَيْلِهِمُ الْوَعِرُ وَلَوْ وَرَدَتْ مَاءَ الْفُرَاتِ خُيُولُهُمْ ... لَقِيلَ هُنَا قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى نَهْرُ أَدَارُوا بِهَا سُورًا فَأَضْحَتْ كَخِنْصَرٍ ... لَدَى خَاتَمٍ أَوْ تَحْتَ مِنْطَقَةٍ خَصْرُ وَأَرْخُوا إِلَيْهَا مِنْ بِحَارٍ أَكُفِّهِمْ ... سَحَابَ رَدًى لَمْ يَخْلُ مِنْ قَطْرِهِ قُطْرُ كَأَنَّ الْمَجَانِيقَ الَّتِي قُمْنَ حَوْلَهَا ... رَوَاعِدُ سُخْطٍ وَبْلُهَا النَّارُ وَالصَّخْرُ أَقَامَتْ صَلَاةَ الْحَرْبِ لَيْلًا صُخُورُهَا ... فَأَكْثَرُهَا شَفْعٌ وَأَكْثَرُهَا وِتْرُ وَدَارَتْ بِهَا تِلْكَ النُّقُوبُ فَأَشْرَفَتْ ... وَلَيْسَ عَلَيْهَا فِي الَّذيِ فَعَلَتْ حَجْرُ فَأَضْحَتْ بِهَا كَالصَّبِّ يُخْفِي غَرَامَهُ ... حَذَارِ أَعَادِيهِ وَفِي قَلْبِهِ جَمْرُ وَشَبَّتْ بِهَا النِّيرَانُ حَتَّى تَمَزَّقَتْ ... وَبَاحَتْ بِمَا أَخْفَتْهُ وَانْهَتَكَ السِّتْرُ فَلَاذُوا بِذَيْلِ الْعَفْوِ مِنْكَ فَلَمْ يَخِبْ ... رَجَاهُمْ وَلَوْ لَمْ يَشُبْ قَصْدَهُمْ مَكْرُ وَمَا كَرِهَ الْمُغْلُ اشْتِغَالَكَ عَنْهُمُ ... بِهَا عِنْدَمَا فَرُّوا وَلَكِنَّهُمُ سُرُّوا فَأَحْرَزْتَهَا بِالسَّيْفِ قَسْرًا وَهَكَذَا ... فُتُوحُكُ فِيمَا قَدْ مَضَى كُلُّهُ قَسْرُ وَأَضْحَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ ثَغْرًا مُمَنَّعًا ... تَبِيدُ اللَّيَالِي وَالْعِدَى وَهو مُفْتَرُّ فَيَا أَشْرَفَ الْأَمْلَاكِ فُزْتَ بِغَزْوَةٍ ... تَحَصَّلَ مِنْهَا الْفَتْحُ وَالذِّكْرُ وَالْأَجْرُ