আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১২১৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمَلَكِ الظَّاهِرِ رُكْنِ الدِّينِ بَيْبَرْسَ، صَاحِبِ الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ وَالْحَلَبِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَقَامَ وَلَدَهُ نَاصِرَ الدِّينِ أَبَا الْمَعَالِي مُحَمَّدَ بَرَكَةَ خَانَ الْمُلَقَّبَ بِالْمَلَكِ السَّعِيدِ، مِنْ بَعْدِهِ، وَوَفَاةُ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيِّ إِمَامِ الشَّافِعِيَّةِ فِيهَا فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا. وَدَخَلَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، وَقَدْ كَسَرَ التَّتَارَ عَلَى الْبُلُسْتَيْنِ، وَرَجَعَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا، فَدَخَلَ دِمَشْقَ وَكَانَ يَوْمُ دُخُولِهِ يَوْمًا مَشْهُودًا، فَنَزَلَ بِالْقَصْرِ الْأَبْلَقِ الَّذِي بَنَاهُ غَرْبِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ الْمَيْدَانَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ، وَتَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ إِلَيْهِ بِأَنَّ أَبْغَا جَاءَ إِلَى الْمَعْرَكَةِ، وَنَظَرَ إِلَيْهَا، وَتَأَسَّفَ عَلَى مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمَغُولِ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْبَرْوَانَاهْ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ قَدْ عَزَمَ عَلَى قَصْدِ الشَّامِ، فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِجَمْعِ الْأُمَرَاءِ، وَضَرَبَ مَشُورَةً، فَاتَّفَقَ مَعَ الْأُمَرَاءِ عَلَى مُلَاقَاتِهِ حَيْثُ كَانَ، وَتَقَدَّمَ بِضَرْبِ الدِّهْلِيزِ عَلَى الْقَصْرِ، ثُمَّ جَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّ أَبْغَا قَدْ رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ، فَأَمَرَ بَرَدِّ الدِّهْلِيزِ، وَأَقَامَ بِالْقَصْرِ الْأَبْلَقِ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ الْأَعْيَانُ وَالْأُمَرَاءُ وَالدَّوْلَةُ فِي أَسَرِّ حَالٍ، وَأَنْعَمِ بَالٍ. وَأَمَّا أَبْغَا فَإِنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الْبَرْوَانَاهْ - وَكَانَ نَائِبَهُ عَلَى بِلَادِ الرُّومِ - وَكَانَ اسْمُهُ مُعِينَ الدِّينِ سُلَيْمَانَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنٍ، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ لِأَنَّهُ اتَّهَمَهُ بِمُمَالَأَتِهِ لِلْمَلِكِ الظَّاهِرِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَسَّنَ لَهُ دُخُولَ
পৃষ্ঠা - ১১২১৯
بِلَادِ الرُّومِ، وَكَانَ الْبَرْوَانَاهْ شُجَاعًا حَازِمًا كَرِيمًا جَوَادًا، وَلَهُ مَيْلٌ إِلَى الْمَلِكِ الظَّاهِرِ، وَكَانَ قَدْ جَاوَزَ الْخَمْسِينَ لَمَّا قُتِلَ. ثُمَّ لَمَّا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ خَامِسَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ تُوُفِّيَ الْمَلِكُ الْقَاهِرُ بَهَاءُ الدِّينِ عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ السُّلْطَانِ الْمُعَظَّمِ عِيسَى بْنِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَ رَجُلًا جَيِّدًا سَلِيمَ الصَّدْرِ، كَرِيمَ الْأَخْلَاقِ، لَيِّنَ الْكَلِمَةِ، كَثِيرَ التَّوَاضُعِ، يُعَانِي مَلَابِسَ الْعَرَبِ وَمَرَاكِبَهُمْ، وَكَانَ مُعَظَّمًا فِي الدَّوْلَةِ شُجَاعًا مِقْدَامًا، وَقَدْ رَوَى عَنِ ابْنِ اللَّتِّيِّ، وَأَجَازَ لِلْبِرْزَالِيِّ. قَالَ الْبِرْزَالِيُّ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ سُمَّ. وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ السُّلْطَانَ الْمَلِكَ الظَّاهِرَ سَمَّهُ فِي كَأْسٍ ثُمَّ نَاوَلَهُ إِيَّاهُ، فَشَرِبَهُ وَقَامَ السُّلْطَانُ إِلَى الْمُرْتَفَقِ، ثُمَّ عَادَ وَأَخَذَ السَّاقِي الْكَأْسَ مِنْ يَدِ الْقَاهِرِ، فَمَلَأَهُ وَنَاوَلَهُ السُّلْطَانَ الظَّاهِرَ وَالسَّاقِي لَا يَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِمَّا جَرَى، وَأَنْسَى اللَّهُ السُّلْطَانَ ذَلِكَ الْكَأْسَ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرُهُ لِأَمْرٍ يُرِيدُهُ اللَّهُ وَيَقْضِيهِ، وَكَانَ قَدْ بَقِيَ فِي الْكَأْسِ بَقِيَّةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ، فَشَرِبَ الظَّاهِرُ مَا فِي الْكَأْسِ، وَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى شَرِبَهُ، فَاشْتَكَى بَطْنَهُ مِنْ سَاعَتِهِ، وَوَجَدَ الْوَهَجَ وَالْحَرَّ وَالْكَرْبَ الشَّدِيدَ مِنْ فَوْرِهِ، وَأَمَّا الْقَاهِرُ فَإِنَّهُ حُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَهُوَ مَغْلُوبٌ، فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، وَتَمَرَّضَ الظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ أَيَّامًا حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ بَعْدَ الظُّهْرِ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ بِالْقَصْرِ الْأَبْلَقِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمًا عَظِيمًا عَلَى الْأُمَرَاءِ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ عِزُّ الدِّينِ أَيْدَمُرُ وَكِبَارُ الْأُمَرَاءِ وَالدَّوْلَةُ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ سِرًّا، وَجَعَلُوهُ فِي تَابُوتٍ، وَرَفَعُوهُ إِلَى الْقَلْعَةِ مِنَ السُّورِ، وَجَعَلُوهُ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الْبَحْرِيَّةِ إِلَى أَنْ نُقِلَ إِلَى تُرْبَتِهِ الَّتِي بَنَاهَا وَلَدُهُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَهِيَ دَارُ الْعَقِيقِيِّ تُجَاهَ الْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ، لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ خَامِسَ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكُتِمَ مَوْتُهُ، فَلَمْ يَعْلَمْ جُمْهُورُ
পৃষ্ঠা - ১১২২০
النَّاسِ بِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَجَاءَتِ الْبَيْعَةُ لِوَلَدِهِ السَّعِيدِ مِنْ مِصْرَ، حَزِنَ النَّاسُ عَلَيْهِ حُزْنًا شَدِيدًا، وَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِ تَرَحُّمًا كَثِيرًا، وَجُدِّدَتِ الْبَيْعَةُ أَيْضًا بِدِمَشْقَ، وَجَاءَ تَقْلِيدُ النِّيَابَةِ بِالشَّامِ مُجَدَّدًا إِلَى عِزِّ الدِّينِ أَيْدَمُرَ نَائِبِهَا. وَقَدْ كَانَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ شَهْمًا شُجَاعًا، عَالِيَ الْهِمَّةِ، بَعِيدَ الْغَوْرِ، مِقْدَامًا جَسُورًا، مُعْتَنِيًا بِأَمْرِ السَّلْطَنَةِ، يُشْفِقُ عَلَى الْإِسْلَامِ، مُتَحَلِّيًا بِالْمُلْكِ، لَهُ قَصْدٌ صَالِحٌ فِي نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَإِقَامَةِ شِعَارِ الْمُلْكِ، وَاسْتَمَرَّتْ أَيَّامُهُ مِنْ يَوْمِ الْأَحَدِ سَابِعَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ إِلَى هَذَا الْحِينِ، فَفَتَحَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فُتُوحَاتٍ كَثِيرَةً: قَيْسَارِيَّةَ وَأَرْسُوفَ وَيَافَا وَالشَّقِيفَ وَأَنْطَاكِيَةَ وَبَغْرَاسَ وَطَبَرِيَّةَ وَالْقُصَيْرَ وَحِصْنَ الْأَكْرَادِ وَحِصْنَ عَكَّارٍ وَالْقُرَيْنَ وَصَافِيتَا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْحُصُونِ الْمَنِيعَةِ الَّتِي كَانَتْ بِأَيْدِي الْفِرِنْجِ، وَلَمْ يَدَعْ مَعَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ شَيْئًا مِنَ الْحُصُونِ، وَنَاصَفَ الْفِرِنْجَ عَلَى الْمَرْقَبِ وَبَانِيَاسَ وَبِلَادِ أَنْطَرْطُوسَ، وَسَائِرِ مَا بَقِيَ
পৃষ্ঠা - ১১২২১
بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْبِلَادِ وَالْحُصُونِ، وَوَلَّى فِي نَصِيبِهِ مِمَّا نَاصَفَهُمْ عَلَيْهِ النُّوَّابَ وَالْعُمَّالَ، وَفَتَحَ قَيْسَارِيَّةَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، وَأَوْقَعَ بِالرُّومِ وَالْمَغُولِ عَلَى الْبُلُسْتَيْنِ بَأْسًا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ مِنْ دُهُورٍ مُتَطَاوِلَةٍ، وَاسْتَعَادَ مِنْ صَاحِبِ سِيسَ بِلَادًا كَثِيرَةً، وَجَاسَ خِلَالَ دِيَارِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، وَاسْتَرَدَّ مِنْ أَيْدِي الْمُتَغَلِّبِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْلَبَكَّ وَبُصْرَى وَصَرْخَدَ وَحِمْصَ وَعَجْلُونَ وَالصَّلْتَ وَتَدْمُرَ وَالرَّحْبَةَ وَتَلَّ بَاشِرٍ وَغَيْرَهَا، وَالْكَرَكَ وَالشَّوْبَكَ، وَفَتَحَ بِلَادَ النُّوبَةِ بِكَمَالِهَا مِنْ بِلَادِ السُّودَانِ، وَانْتَزَعَ بِلَادًا مِنَ التَّتَارِ كَثِيرَةً مِنْهَا شِيزَرُ وَالْبِيرَةُ، وَاتَّسَعَتْ مَمْلَكَتُهُ مِنَ الْفُرَاتِ إِلَى أَقْصَى بِلَادِ النَّوْبَةِ، وَعَمَّرَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْحُصُونِ وَالْمَعَاقِلِ وَالْجُسُورِ عَلَى الْأَنْهَارِ الْكِبَارِ، وَبَنَى دَارَ الذَّهَبِ بِقَلْعَةِ الْجَبَلِ وَبَنَى قُبَّةً عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ عَمُودًا مُلَوَّنَةً مُذَهَّبَةً، وَصَوَّرَ فِيهَا صُوَرَ خَاصَّكِيَّتِهِ وَأَشْكَالَهُمْ، وَحَفَرَ أَنْهَارًا كَثِيرَةً وَخُلْجَانَاتٍ بِبِلَادِ مِصْرَ، مِنْهَا نَهْرُ السَّرْدُوسِ، وَبَنَى جَوَامِعَ كَثِيرَةً وَمَسَاجِدَ عَدِيدَةً، وَجَدَّدَ بِنَاءَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ احْتَرَقَ، وَوَضَعَ الدَّرَابِزِينَاتِ حَوْلَ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ، وَعَمِلَ فِيهِ مِنْبَرًا وَسَقَفَهُ بِالذَّهَبِ، وَجَدَّدَ الْمَارَسْتَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَجَدَّدَ قَبْرَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَزَادَ فِي زَاوِيَتِهِ وَمَا يُصْرَفُ إِلَى الْمُقِيمِينَ، وَبَنَى عَلَى الْمَكَانِ الْمَنْسُوبِ إِلَى قَبْرِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قُبَّةً قِبْلَيَّ أَرِيحَا، وَجَدَّدَ بِالْقُدْسِ أَشْيَاءَ حَسَنَةً، مِنْ ذَلِكَ قُبَّةُ السِّلْسِلَةِ، وَرَمَّمَ سَقْفَ الصَّخْرَةِ، وَغَيْرَهَا وَبَنَى بِالْقُدْسِ خَانًا هَائِلًا بِمَامَلَا، وَنَقَلَ إِلَيْهِ بَابَ قَصْرِ الْخُلَفَاءِ الْفَاطِمِيِّينَ مِنْ مِصْرَ، وَعَمِلَ فِيهِ طَاحُونًا
পৃষ্ঠা - ১১২২২
وَفُرْنًا وَبُسْتَانًا، وَجَعَلَ لِلْوَارِدِينَ إِلَيْهِ أَشْيَاءَ تُصْرَفُ إِلَيْهِمْ فِي نَفَقَةِ وَإِصْلَاحِ أَمْتِعَتِهِمْ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَبَنَى عَلَى قَبْرِ أَبِي عُبَيْدَةَ بِالْقُرْبِ مِنْ عَمْتَا مَشْهَدًا، وَوَقَفَ عَلَيْهِ أَشْيَاءَ لِلْوَارِدِينَ إِلَيْهِ، وَعَمَّرَ جِسْرَ دَامِيَةٍ، وَجَدَّدَ قَبْرَ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ بِنَاحِيَةِ الْكَرَكِ، وَوَقَفَ عَلَى الزَّائِرِينَ لَهُ شَيْئًا كَثِيرًا، وَجَدَّدَ قَلْعَةَ صَفَدَ وَجَامِعَهَا، وَجَدَّدَ جَامِعَ الرَّمْلَةِ، وَغَيْرَهَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي كَانَتِ الْفِرِنْجُ قَدْ أَخَذَتْهَا وَخَرَّبَتْ جَوَامِعَهَا وَمَسَاجِدَهَا، وَبَنَى بِحَلَبَ دَارًا هَائِلَةً، وَبِدِمَشْقَ الْقَصْرَ الْأَبْلَقَ وَالْمَدْرَسَةَ الظَّاهِرِيَّةَ وَغَيْرَهَا، وَضَرَبَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْجَيِّدَةَ الْخَالِصَةَ عَلَى النُّصْحِ وَالْمُعَامَلَةِ الْجَيِّدَةِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ. وَلَهُ مِنَ الْآثَارِ الْحَسَنَةِ وَالْأَمَاكِنِ مَا لَمْ يُبْنَ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ وَمُلُوكِ بَنِي أَيُّوبَ، مَعَ اشْتِغَالِهِ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاسْتَخْدَمَ مِنَ الْجُيُوشِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَرَدَ إِلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَغُولِ فَأَقْطَعَهُمْ وَأَمَّرَ كَثِيرًا مِنْهُمْ، وَكَانَ مُقْتَصِدًا فِي مَلْبَسِهِ وَمَطْعَمِهِ، وَكَذَلِكَ جَيْشُهُ، وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ الدَّوْلَةَ الْعَبَّاسِيَّةَ بَعْدَ دُثُورِهَا، وَبَقِيَ النَّاسُ بِلَا خَلِيفَةٍ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ، وَهُوَ الَّذِي أَقَامَ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ قَاضِيًا مُسْتَقِلًّا قَاضِيَ قُضَاةٍ. وَكَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُتَيَقِّظًا شَهْمًا شُجَاعًا، لَا يَفْتُرُ عَنِ الْأَعْدَاءِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، بَلْ هُوَ مُنَاجِزٌ لِأَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَلَمِّ شَعَثِهِ وَاجْتِمَاعِ شَمْلِهِ. وَبِالْجُمْلَةِ أَقَامَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْمُتَأَخِّرِ عَوْنًا وَنَصْرًا لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَشَجًا فِي حُلُوقِ الْمَارِقِينَ مِنَ الْفِرِنْجِ وَالتَّتَارِ وَالْمُشْرِكِينَ. وَأَبْطَلَ الْخُمُورَ، وَنَفَى
পৃষ্ঠা - ১১২২৩
الْفُسَّاقَ مِنَ الْبِلَادِ، وَكَانَ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الْفَسَادِ وَالْمَفَاسِدِ إِلَّا سَعَى فِي إِزَالَتِهِ بِجُهْدِهِ وَطَاقَتِهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي سِيرَتِهِ مَا أَرْشَدَ إِلَى حُسْنِ طَوِيَّتِهِ وَسَرِيرَتِهِ، وَقَدْ جَمَعَ لَهُ كَاتِبُهُ ابْنُ عَبْدِ الظَّاهِرِ سِيرَةً مُطَوَّلَةً، وَكَذَلِكَ ابْنُ شَدَّادٍ أَيْضًا. وَقَدْ تَرَكَ مِنَ الْأَوْلَادِ عَشَرَةً; ثَلَاثَةَ ذُكُورٍ وَسَبْعَةَ إِنَاثٍ، وَمَاتَ وَعُمْرُهُ مَا بَيْنَ الْخَمْسِينَ إِلَى السِّتِّينِ، وَلَهُ أَوْقَافٌ وَصِلَاتٌ وَصَدَقَاتٌ، تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ الْحَسَنَاتِ، وَتَجَاوَزَ لَهُ عَنِ السَّيِّئَاتِ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. وَقَامَ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ السَّعِيدُ بِمُبَايَعَةِ أَبِيهِ لَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَكَانَ عُمُرُ السَّعِيدِ يَوْمَئِذٍ دُونَ الْعِشْرِينَ سَنَةً، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْأَشْكَالِ وَأَتَمِّ الرِّجَالِ. وَفِي صَفَرٍ وَصَلَتِ الْهَدَايَا مِنَ الْفُنْشِ مَعَ رُسُلِهِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَوَجَدُوا السُّلْطَانَ قَدْ مَاتَ، وَقَدْ أُقِيمَ الْمَلِكُ السَّعِيدُ وَلَدُهُ مَكَانَهُ، وَالدَّوْلَةُ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَالْمَعْرِفَةُ بَعْدَهُ مَا تَنَكَّرَتْ، وَلَكِنِ الْبِلَادُ قَدْ فَقَدَتْ أَسَدَهَا بَلْ أَسَدَّهَا وَأَشَدَّهَا، بَلِ الَّذِي بَلَغَ أَشُدَّهَا، وَإِذَا انْفَتَحَتْ ثَغْرَةٌ مِنْ سُورِ الْإِسْلَامِ سَدَّهَا، وَكُلَّمَا انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ مِنْ عُرَى الْعَزَائِمِ شَدَّهَا، وَكُلَّمَا رَامَتْ فِرْقَةٌ مَارِقَةٌ مِنْ طَوَائِفِ الطَّغَامِ أَنْ تَلِجَ إِلَى حَوْمَةِ الْإِسْلَامِ صَدَّهَا وَرَدَّهَا، فَسَامَحَهُ اللَّهُ، وَبَلَّ بِالرَّحْمَةِ ثَرَاهُ، وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مُتَقَلَّبَهُ وَمَثْوَاهُ. وَكَانَتِ الْعَسَاكِرُ الشَّامِيَّةُ قَدْ سَارَتْ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَمَعَهُمْ مِحَفَّةٌ يُظْهِرُونَ أَنَّ السُّلْطَانَ فِيهَا مَرِيضٌ، حَتَّى وَصَلُوا إِلَى الْقَاهِرَةِ فَجَدَّدُوا الْبَيْعَةَ لِلسَّعِيدِ بَعْدَمَا أَظْهَرُوا مَوْتَ الْمَلِكِ السَّدِيدِ الَّذِي هُوَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ شَهِيدٌ.
পৃষ্ঠা - ১১২২৪
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ خُطِبَ فِي جَمِيعِ الْجَوَامِعِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِلْمَلِكِ السَّعِيدِ، وَصَلَّى عَلَى وَالِدِهِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ، وَاسْتَهَلَّتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ. وَفِي مُنْتَصَفِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ رَكِبَ الْمَلِكُ السَّعِيدُ بِالْعَصَائِبِ عَلَى عَادَةِ وَالِدِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْجَيْشُ بِكَمَالِهِ الْمِصْرِيُّ وَالشَّامِيُّ، حَتَّى وَصَلَ إِلَى الْجَبَلِ الْأَحْمَرِ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا، وَعُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةٍ، وَعَلَيْهِ أُبَّهَةُ الْمَلِكِ وَرِيَاسَةُ السَّلْطَنَةِ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ رَابِعِ جُمَادَى الْأُولَى فُتِحَتْ مَدْرَسَةُ الْأَمِيرِ شَمْسِ الدِّينِ آقْسُنْقُرَ الْفَارِقَانِيِّ بِالْقَاهِرَةِ، بَحَارَةِ الْوَزِيرِيَّةِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَمِلَ فِيهَا مَشْيَخَةَ حَدِيثٍ وَقَارِئٍ. وَبَعْدَهُ بِيَوْمٍ عُقِدَ عَقْدُ ابْنِ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَمْسِكِ بِاللَّهِ ابْنِ الْحَاكِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ عَلَى ابْنَةِ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَنْصِرِ بْنِ الظَّاهِرِ، وَحَضَرَ وَالِدُهُ وَالسُّلْطَانُ وَوُجُوهُ النَّاسِ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ تَاسِعِ جُمَادَى الْأُولَى شُرِعَ فِي بِنَاءِ الدَّارِ الَّتِي تُعْرَفُ بِدَارِ الْعَقِيقِيِّ تُجَاهَ الْعَادِلِيَّةِ، لِتُجْعَلَ مَدْرَسَةً وَتُرْبَةً لِلْمَلِكِ الظَّاهِرِ، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا دَارًا لِلْعَقِيقِيِّ، وَهِيَ الْمُجَاوِرَةُ لِحَمَّامِ الْعَقِيقِيِّ، وَأُسِّسَ أَسَاسُ التُّرْبَةِ فِي خَامِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَأُسِّسَتِ الْمَدْرَسَةُ أَيْضًا. وَفِي رَمَضَانَ طَلْعَتْ سَحَابَةٌ عَظِيمَةٌ بِمَدِينَةِ صَفَدَ لَمَعَ مِنْهَا بَرْقٌ شَدِيدٌ،
পৃষ্ঠা - ১১২২৫
وَسَطَعَ مِنْهَا لِسَانُ نَارٍ، وَسُمِعَ مِنْهَا صَوْتٌ شَدِيدٌ هَائِلٌ، وَوَقَعَ مِنْهَا عَلَى مَنَارَةِ صَفَدَ صَاعِقَةٌ شَقَّتْهَا مِنْ أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلِهَا شَقًّا يَدْخُلُ الْكَفُّ فِيهِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْبَرْوَانَاهْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ مِنَ الْمُحَرَّمِ. وَالْمَلِكُ الظَّاهِرُ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ تَرْجَمَتِهِمَا. الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ بَدْرُ الدِّينِ بِيلِيكَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَزِنْدَارُ نَائِبُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِلْمَلِكِ الظَّاهِرِ، كَانَ جَوَادًا مُمَدَّحًا، لَهُ إِلْمَامٌ وَمَعْرِفَةٌ بِأَيَّامِ النَّاسِ وَالتَّوَارِيخِ، وَقَدْ وَقَفَ دَرْسًا بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ سُمَّ فَمَاتَ. فَلَمَّا مَاتَ انْتَقَضَ بَعْدَهُ حَبْلُ الْمَلِكِ السَّعِيدِ، وَاضْطَرَبَتْ أُمُورُهُ. قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسُ الدِّينِ الْحَنْبَلِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الشَّيْخِ الْعِمَادِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُورٍ الْمَقْدِسِيُّ أَوَّلُ مَنْ وَلِيَ قَضَاءَ قُضَاةِ الْحَنَابِلَةِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ حُضُورًا عَلَى ابْنِ طَبَرْزَدَ وَغَيْرِهِ، وَرَحَلَ
পৃষ্ঠা - ১১২২৬
إِلَى بَغْدَادَ وَاشْتَغَلَ بِالْفِقْهِ، وَتَفَنَّنَ فِي عُلُومٍ كَثِيرَةٍ، وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ سَعِيدِ السُّعَدَاءِ، وَكَانَ شَيْخًا مَهِيبًا حَسَنَ الشَّيْبَةِ، كَثِيرَ التَّوَاضُعِ وَالْبِرِّ وَالصَّدَقَةِ، وَقَدِ اشْتَرَطَ فِي قَبُولِ الْوِلَايَةِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عَلَيْهَا جَامَكِيَّةٌ، لِيَقُومَ فِي النَّاسِ بِالْحَقِّ فِي حُكْمِهِ، وَقَدْ عَزَلَهُ الظَّاهِرُ عَنِ الْقَضَاءِ سَنَةَ سَبْعِينَ، وَاعْتَقَلَهُ بِسَبَبِ الْوَدَائِعِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ، فَلَزِمَ مَنْزِلَهُ، وَاسْتَقَرَّ بِتَدْرِيسِ الصَّالِحِيَّةِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي أَوَاخِرِ الْمُحَرَّمِ، وَدُفِنَ عِنْدَ عَمِّهِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ بِسَفْحِ جَبَلِ الْمُقَطَّمِ، وَقَدْ أَجَازَ لِلْبِرْزَالِيِّ. قَالَ الْحَافِظُ الْبِرْزَالِيُّ: وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَانِي عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَرَدَ الْخَبَرُ بِمَوْتِ سِتَّةِ أُمَرَاءَ مَنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ; سُنْقُرُ الْبَغْدَادِيُّ، وَبَسْطَا الْبَلَدِيُّ التَّتَرِيُّ، وَبَدْرُ الدِّينِ الْوَزِيرِيُّ، وَسُنْقُرُ الرُّومِيُّ، وَآقْسُنْقُرُ الْفَارِقَانِيُّ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ. الشَّيْخُ خَضِرٌ الْكُرْدِيُّ شَيْخُ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ: خَضِرُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُوسَى الْكُرْدِيُّ الْمِهْرَانِيُّ الْعَدَوِيُّ وَيُقَالُ: إِنَّ أَصْلَهُ مِنْ قَرْيَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ مِنْ جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ. كَانَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ أَحْوَالٌ وَمُكَاشَفَاتٌ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا خَالَطَ النَّاسَ افْتَتَنَ بِبَعْضِ بَنَاتِ الْأُمَرَاءِ، وَكَانَ يَقُولُ عَنِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ وَهُوَ أَمِيرٌ: إِنَّهُ سَيَلِي الْمُلْكَ. فَلِهَذَا كَانَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ يَعْتَقِدُهُ وَيُبَالِغُ فِي إِكْرَامِهِ بَعْدَ أَنْ وَلِيَ الْمَمْلَكَةَ، وَيُعَظِّمُهُ
পৃষ্ঠা - ১১২২৭
تَعْظِيمًا زَائِدًا، وَيَنْزِلُ إِلَى عِنْدِهِ إِلَى زَاوِيَتِهِ فِي الْأُسْبُوعِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَيَسْتَصْحِبُهُ مَعَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَسْفَارِهِ، وَيُكْرِمُهُ وَيَحْتَرِمُهُ وَيَسْتَشِيرُهُ، فَيُشِيرُ عَلَيْهِ بِرَأْيِهِ وَمُكَاشَفَاتٍ صَحِيحَةٍ مُطَابِقَةٍ; إِمَّا رَحْمَانِيَّةٍ أَوْ شَيْطَانِيَّةٍ، أَوْ حَالٍ أَوِ اسْتِفَادَةٍ، لَكِنَّهُ افْتَتَنَ لَمَّا خَالَطَ النَّاسَ بِبَعْضِ بَنَاتِ الْأُمَرَاءِ، وَكُنَّ لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْهُ، فَوَقَعَ فِي الْفِتْنَةِ. وَهَذَا فِي الْغَالِبِ وَاقِعٌ فِي مُخَالَطَةِ النَّاسِ، فَلَا يَسْلَمُ الْمَخَالِطُ لَهُمْ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَلَا سِيَّمَا مُخَالَطَةُ النِّسَاءِ مَعَ تَرْكِ الِاحْتِجَابِ، فَلَا يَسْلَمُ الْعَبْدُ الْبَتَّةَ مِنْهُنَّ. فَلَمَّا وَقَعَ مَا وَقَعَ فِيهِ حُوقِقَ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَبَيْسَرِي وَقَلَاوُونَ وَالْفَارِسِ أَقْطَايَ الْأَتَابِكِ، فَاعْتَرَفَ، فَهَمَّ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّامٌ قَلَائِلُ. فَأَمَرَ بِسَجْنِهِ، فَسُجِنَ سِنِينَ عَدِيدَةً مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِينَ إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ، وَقَدْ هَدَمَ بِالْقُدْسِ كَنِيسَةً، وَذَبَحَ قِسِّيسَهَا، وَعَمِلَهَا زَاوِيَةً، وَقَدْ قَدَّمْنَا تَرْجَمَتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ مَسْجُونًا حَتَّى مَاتَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَادِسِ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَأُخْرِجَ مِنَ الْقَلْعَةِ، وَسُلِّمَ إِلَى قَرَابَتِهِ، فَدُفِنَ فِي تُرْبَةٍ أَنْشَأَهَا فِي زَاوِيَتِهِ. مَاتَ وَهُوَ فِي عَشْرِ السِّتِّينَ، وَقَدْ كَانَ يُكَاشِفُ السُّلْطَانَ فِي أَشْيَاءَ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ قُبَّةُ الشَّيْخِ خَضِرٍ الَّتِي عَلَى الْجَبَلِ غَرْبِيَّ الرَّبْوَةِ، وَلَهُ زَاوِيَةٌ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ. الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ، يَحْيَى بْنُ شَرَفِ بْنِ مِرَى بْنِ حَسَنِ بْنِ
পৃষ্ঠা - ১১২২৮
حُسَيْنِ بْنِ جُمُعَةَ بْنِ حِزَامٍ الْحِزَامِيِّ الْعَالِمِ، مُحْيِي الدِّينِ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْمَذْهَبِ، وَكَبِيرُ الْفُقَهَاءِ فِي زَمَانِهِ، وُلِدَ بِنَوَى سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَوَى قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى حَوْرَانَ، وَقَدْ قَدِمَ دِمَشْقَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَقَدْ حَفِظَ الْقُرْآنَ فَشَرَعَ فِي قِرَاءَةِ " التَّنْبِيهِ " فَيُقَالُ: إِنَّهُ قَرَأَهُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ، وَقَرَأَ رُبْعَ الْعِبَادَاتِ مِنَ " الْمُهَذَّبِ " فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ، ثُمَّ لَزِمَ الْمَشَايِخَ تَصْحِيحًا وَشَرْحًا، فَكَانَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ يَوْمٍ اثْنَيْ عَشَرَ دَرْسًا عَلَى الْمَشَايِخِ، ثُمَّ اعْتَنَى بِالتَّصْنِيفِ فَجَمَعَ شَيْئًا كَثِيرًا، مِنْهَا مَا أَكْمَلَهُ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يُكْمِلْهُ، فَمِمَّا كَمَّلَ " شَرْحُ مُسْلِمٍ " وَ " الرَّوْضَةُ " وَ " الْمِنْهَاجُ " وَ " الرِّيَاضُ " وَ " الْأَذْكَارُ " وَ " التِّبْيَانُ " وَ " تَحْرِيرُ التَّنْبِيهِ وَتَصْحِيحُهُ " وَ " تَهْذِيبُ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ " وَ " طَبَقَاتُ الْفُقَهَاءِ " وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَمِمَّا لَمْ يُتَمِّمْهُ - وَلَوْ كَمَلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ فِي بَابِهِ - " شَرْحُ الْمُهَذَّبِ " الَّذِي سَمَّاهُ " الْمَجْمُوعَ " وَصَلَ فِيهِ إِلَى كِتَابِ الرِّبَا، فَأَبْدَعَ فِيهِ وَأَجَادَ وَأَفَادَ وَأَحْسَنَ الِانْتِقَادَ، وَحَرَّرَ الْفِقْهَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ، وَحَرَّرَ فِيهِ الْحَدِيثَ عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَالْغَرِيبَ وَاللُّغَةَ وَأَشْيَاءَ مُهِمَّةً لَا تُوجَدُ إِلَّا فِيهِ، وَقَدْ جَعَلَهُ نُخْبَةً عَلَى مَا عَنَّ لَهُ، وَلَا أَعْرِفُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَحْسَنَ مِنْهُ، عَلَى أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ تُزَادُ فِيهِ وَتُضَافُ إِلَيْهِ. وَقَدْ كَانَ مِنَ الزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالْوَرَعِ وَالتَّحَرِّي وَالِانْجِمَاعِ عَنِ النَّاسِ عَلَى جَانِبٍ كَبِيرٍ، لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُهُ، وَكَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ،
পৃষ্ঠা - ১১২২৯
وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ إِدَامَيْنِ، وَكَانَ غَالِبُ قُوتِهِ مِمَّا يَحْمِلُهُ إِلَيْهِ أَبُوهُ مِنْ نَوَى، وَقَدْ بَاشَرَ تَدْرِيسَ الْإِقْبَالِيَّةِ نِيَابَةً عَنِ ابْنِ خَلِّكَانَ وَكَذَلِكَ نَابَ فِي الْفَلَكِيَّةِ وَالرُّكْنِيَّةِ، وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ، وَكَانَ لَا يُضَيِّعُ شَيْئًا مِنْ أَوْقَاتِهِ، وَحَجَّ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ لِلْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ، تُوُفِّيَ فِي لَيْلَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِنَوَى، وَدُفِنَ هُنَاكَ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَفَا عَنَّا وَعَنْهُ. عَلِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَسْفَنْدِيَارَ نَجْمُ الدِّينِ الْوَاعِظُ بِجَامِعِ دِمَشْقَ أَيَّامَ السُّبُوتِ فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ، وَكَانَ شَيْخَ الْخَانْقَاهِ الْمُجَاهِدِيَّةِ، وَبِهَا تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ فَاضِلًا بَارِعًا، وَكَانَ جَدُّهُ يَكْتُبُ الْإِنْشَاءَ لِلْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ، وَأَصْلُهُمْ مِنْ بُوشَنْجَ. وَمِنْ شِعْرِ نَجْمِ الدِّينِ هَذَا قَوْلُهُ: إِذَا زَارَ بِالْجُثْمَانِ غَيْرِي فَإِنَّنِي ... أَزُورُ مَعَ السَّاعَاتِ رَبْعَكَ بِالْقَلْبِ وَمَا كُلُّ نَاءٍ عَنْ دِيَارٍ بِنَازِحٍ ... وَلَا كُلُّ دَانٍ فِي الْحَقِيقَةِ ذُو قُرْبِ
পৃষ্ঠা - ১১২৩০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] كَانَ أَوَّلُهَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَكَانَ الْخَلِيفَةُ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ الْعَبَّاسِيُّ، وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ شَامًا وَمِصْرًا وَحَلَبًا الْمَلِكَ السَّعِيدَ. وَفِي أَوَائِلِ الْمُحَرَّمِ اشْتَهَرَ بِدِمَشْقَ وِلَايَةُ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ قَضَاءَ دِمَشْقَ عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ فِي أَوَاخِرِ ذِي الْحِجَّةِ، بَعْدَ عَزْلٍ سَبْعَ سِنِينَ، فَامْتَنَعَ الْقَاضِي عِزُّ الدِّينِ ابْنُ الصَّائِغِ مِنَ الْحُكْمِ فِي سَادِسِ الْمُحَرَّمِ، وَخَرَجَ النَّاسُ لِتَلَقِّي ابْنِ خَلِّكَانَ، فَمِنْهُمْ مَنْ وَصَلَ إِلَى الرَّمْلَةِ، وَكَانَ دُخُولُهُ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَخَرَجَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ عِزُّ الدِّينِ أَيْدَمُرُ بِجَمِيعِ الْأُمَرَاءِ وَالْمَوَاكِبِ لِتَلَقِّيِهِ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ وَمَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ، وَأَنْشَدَ الْفَقِيهُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْوَانَ: لَمَّا تَوَلَّى قَضَاءَ الشَّامِ حَاكِمُهُ ... قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو الْعَبَّاسِ ذُو الْكَرَمِ مِنْ بَعْدِ سَبْعٍ شِدَادٍ قَالَ خَادِمُهُ ... ذَا الْعَامُ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ بِالنِّعَمِ وَقَالَ سَعْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ الْفَارِقِيُّ: أَذَقْتَ الشَّامَ سَبْعَ سِنِينَ جَدْبًا ... غَدَاةَ هَجَرْتَهُ هَجْرًا جَمِيلًا
পৃষ্ঠা - ১১২৩১
فَلَمَّا زُرْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ... مَدَدْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّيْكَ نِيلَا وَقَالَ آخَرُ: رَأَيْتُ أَهْلَ الشَّامِ طُرًّا ... مَا فِيهِمُ قَطُّ غَيْرُ رَاضِ نَالَهُمُ الْخَيْرُ بَعْدَ شَرٍّ ... فَالْوَقْتُ بَسْطٌ بِلَا انْقِبَاضِ وَعُوِّضُوا فَرْحَةً بِحُزْنٍ ... قَدْ أَنْصَفَ الدَّهْرُ فِي التَّقَاضِي وَسَّرَّهُمْ بَعْدَ طُولِ غَمٍّ ... بُدُورُ قَاضٍ وَعَزْلُ قَاضِي وَكُلُّهُمْ شَاكِرٌ وَشَاكٍ ... بِحَالِ مُسْتَقْبَلٍ وَمَاضِي قَالَ الْيُونِينِيُّ: وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثَ عَشَرَ صَفَرٍ ذَكَرَ الدَّرْسَ بِالظَّاهِرِيَّةِ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ أَيْدَمُرُ الظَّاهِرِيُّ، وَكَانَ دَرْسًا حَافِلًا حَضَرَهُ الْقُضَاةُ، وَكَانَ مُدَرِّسَ الشَّافِعِيَّةِ الشَّيْخُ رَشِيدُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَارِقِيُّ، وَمُدَرِّسَ الْحَنَفِيَّةِ الشَّيْخُ صَدَرُ الدِّينِ سُلَيْمَانُ الْحَنَفِيُّ، وَلَمْ يَكُنْ بِنَاءُ الْمَدْرَسَةِ كَمَلَ. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى بَاشَرَ قَضَاءَ الْحَنَفِيَّةِ صَدْرُ الدِّينِ سُلَيْمَانُ الْمَذْكُورُ عِوَضًا عَنْ مَجْدِ الدِّينِ بْنِ الْعَدِيمِ، بِحُكْمِ وَفَاتِهِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ صَدْرُ الدِّينِ سُلَيْمَانُ الْمَذْكُورُ فِي رَمَضَانَ، وَتَوَلَّى بَعْدَهُ الْقَضَاءَ حُسَامُ الدِّينِ أَبُو الْفَضَائِلِ الْحَسَنُ بْنُ أَنُوشِرْوَانَ الرَّازِيُّ الْحَنَفِيُّ، الَّذِي كَانَ قَاضِيًا بِمَلَطْيَةَ قَبْلَ ذَلِكَ. وَفِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ فُتِحَتِ الْمَدْرَسَةُ النَّجِيبِيَّةُ، وَحَضَرَ تَدْرِيسَهَا ابْنُ خَلِّكَانَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا لِوَلَدِهِ كَمَالِ الدِّينِ مُوسَى، وَفُتِحَتِ الْخَانْقَاهُ النَّجِيبِيَّةُ، وَقَدْ كَانَتَا
পৃষ্ঠা - ১১২৩২
وَأَوْقَافُهُمَا تَحْتَ الْحَوْطَةِ إِلَى الْآنِ. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ خَامِسِ ذِي الْحِجَّةِ دَخَلَ السُّلْطَانُ السَّعِيدُ إِلَى دِمَشْقَ وَقَدْ زُيِّنَتْ لَهُ، وَعُمِلَتْ لَهُ قِبَابٌ ظَاهِرَةٌ، وَخَرَجَ أَهْلُ الْبَلَدِ لِتَلَقِّيهِ وَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا عَظِيمًا لِمَحَبَّتِهِمْ وَالِدَهُ، وَصَلَّى عِيدَ النَّحْرِ بِالْمَيْدَانِ، وَعَمِلَ الْعِيدَ بِالْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ، وَاسْتَوْزَرَ بِدِمَشْقَ الصَّاحِبَ فَتْحَ الدِّينِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْقَيْسَرَانِيِّ، وَبِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِ بَهَاءِ الدِّينِ بْنِ الْحِنَّا الصَّاحِبَ بُرْهَانَ الدِّينِ بْنَ الْخَضِرِ بْنِ الْحَسَنِ السِّنْجَارِيَّ، وَفِي الْعَشْرِ الْآخِرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ جَهَّزَ السُّلْطَانُ الْعَسَاكِرَ إِلَى بِلَادِ سِيسَ صُحْبَةَ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ قَلَاوُونَ الصَّالِحِيِّ، وَأَقَامَ السُّلْطَانُ بِدِمَشْقَ فِي طَائِفَةٍ يَسِيرَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْخَاصِّكِيَّةِ وَالْخَوَاصِّ، وَجَعَلَ يُكْثِرُ التَّرَدُّدَ إِلَى الزَّنْبَقِيَّةِ. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ جَلَسَ السُّلْطَانُ بِدَارِ الْعَدْلِ دَاخِلَ بَابِ النَّصْرِ، وَأَسْقَطَ مَا كَانَ حَدَّدَهُ وَالِدُهُ عَلَى بَسَاتِينِ أَهْلِ دِمَشْقَ فَتَضَاعَفَتْ لَهُ مِنْهُمُ الْأَدْعِيَةُ، وَأَحَبُّوهُ لِذَلِكَ حُبًّا شَدِيدًا، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَجْحَفَ بِكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الْأَمْلَاكِ، وَوَدَّ كَثِيرٌ مِنْهُمْ لَوْ تَخَلَّصَ مِنْ مُلْكِهِ جُمْلَةً بِسَبَبِ مَا عَلَيْهِ. وَفِيهَا طَلَبَ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، ضُرِبَتْ أُجْرَةً عَلَى أَمْلَاكِهِمْ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ، وَجُبِيَتْ مِنْهُمْ عَلَى الْقَهْرِ وَالْعَسْفِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
পৃষ্ঠা - ১১২৩৩
آقُوشُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ جَمَالُ الدِّينِ النَّجِيبِيُّ أَبُو سَعِيدٍ الصَّالِحِيُّ أَعْتَقَهُ الْمَلِكُ الصَّالِحُ نَجْمُ الدِّينِ أَيُّوبُ بْنُ الْكَامِلِ، وَجَعَلَهُ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، وَوَلَّاهُ أُسْتَاذَدَارِيَّتِهِ، وَكَانَ يَثِقُ إِلَيْهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَوَلَّاهُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ أَيْضًا أُسْتَاذَدَارِيَّتِهِ، ثُمَّ اسْتَنَابَهُ بِالشَّامِ تِسْعَ سِنِينَ، فَاتَّخَذَ فِيهَا الْمَدْرَسَةَ النَّجِيبِيَّةَ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا أَوْقَافًا دَارَّةً وَاسِعَةً، لَكِنْ لَمْ يُقَرِّرْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ قَدْرًا يُنَاسِبُ مَا وَقَفَهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ عَزَلَهُ السُّلْطَانُ وَاسْتَدْعَاهُ لِمِصْرَ، فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً بَطَّالًا، ثُمَّ مَرِضَ بِالْفَالِجِ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَقَدْ عَادَهُ فِي بَعْضِهَا الْمَلِكُ الظَّاهِرُ، وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ خَامِسَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ بِالْقَاهِرَةِ بِدَارِهِ بِدَرْبِ مُلُوخِيَّا، وَدُفِنَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ بِتُرْبَتِهِ الَّتِي أَنْشَأَهَا بِالْقَرَافَةِ الصُّغْرَى، وَقَدْ كَانَ بَنَى لِنَفْسِهِ تُرْبَةً بِالنَّجِيبِيَّةِ وَفَتَحَ لَهَا شُبَّاكَيْنِ إِلَى الطَّرِيقِ، فَلَمْ يُقَدَّرْ دَفْنُهُ بِهَا. وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ، مُحِبًّا لِلْعُلَمَاءِ، مُحْسِنًا إِلَيْهِمْ، حَسَنَ الِاعْتِقَادِ، شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ، مُتَغَالِيًا فِي السُّنَّةِ، وَمَحَبَّةِ الصَّحَابَةِ، وَبُغْضِ الرَّوَافِضِ، وَمِنْ جُمْلَةِ أَوْقَافِهِ الْحِسَانِ الْبُسْتَانُ وَالْأَرَاضِي الَّتِي أَوْقَفَهَا عَلَى الْجُسُورَةِ الَّتِي قِبْلِيَّ جَامِعِ كَرِيمِ الدِّينِ الْيَوْمَ، وَعَلَى ذَلِكَ أَوْقَافٌ كَثِيرَةٌ، وَجَعَلَ النَّظَرَ فِي أَوْقَافِهِ لِابْنِ خَلِّكَانَ. أَيْدِكِينُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ الشِّهَابِيُّ وَاقِفُ الْخَانْقَاهِ الشِّهَابِيَّةِ دَاخِلَ بَابِ الْفَرَجِ، كَانَ مِنْ كِبَارِ الْأُمَرَاءِ بِدِمَشْقَ، وَقَدْ وَلَّاهُ الظَّاهِرُ بِحَلَبَ مُدَّةً، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ وَشُجْعَانِهِمْ، وَلَهُ حُسْنُ ظَنٍّ بِالْفُقَرَاءِ
পৃষ্ঠা - ১১২৩৪
وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَدُفِنَ بِتُرْبَةِ الشَّيْخِ عُثْمَانَ الرُّومِيِّ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، فِي خَامِسَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَهُوَ فِي عَشْرِ الْخَمْسِينَ، وَخَانَقَاتُهُ دَاخِلَ بَابِ الْفَرَجِ، وَكَانَ لَهَا شُبَّاكٌ إِلَى الطَّرِيقِ. وَالشِّهَابِيُّ نِسْبَةٌ إِلَى الطَّوَاشِيِّ شِهَابِ الدِّينِ رَشِيدٍ الْكَبِيرِ الصَّالِحِيِّ. قَاضِي الْقُضَاةِ صَدْرُ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي الْعِزِّ وُهَيْبٍ أَبُو الرَّبِيعِ الْحَنَفِيُّ شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، وَعَالِمُهُمْ شَرْقًا وَغَرْبًا، أَقَامَ بِدِمَشْقَ مُدَّةً يُفْتِي وَيُدَرِّسُ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يُدَرِّسُ بِالصَّالِحِيَّةِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْقَ، فَدَرَّسَ بِالظَّاهِرِيَّةِ وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بَعْدَ مَجْدِ الدِّينِ بْنِ الْعَدِيمِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ سَادِسَ شَعْبَانَ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِدَارِهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَلَهُ ثَلَاثٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَمِنْ لَطِيفِ شِعْرِهِ فِي مَمْلُوكٍ تَزَوَّجَ جَارِيَةً لِلْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ: يَا صَاحِبَيَّ قِفَا لِي وَانْظُرَا عَجَبًا ... أَتَى بِهِ الدَّهْرُ فِينَا مِنْ عَجَائِبِهِ الْبَدْرُ أَصْبَحَ فَوْقَ الشَّمْسِ مَنْزِلَةً ... وَمَا الْعُلُوُّ عَلَيْهَا مِنْ مَرَاتِبِهِ أَضْحَى يُمَاثِلُهَا حُسْنًا وَصَارَ لَهَا ... كُفُوًا وَسَارَ إِلَيْهَا فِي مَوَاكِبِهِ فَأَشْكَلَ الْفَرْقُ لَوْلَا وَشْيُ نَمْنَمَةٍ ... بِصُدْغِهِ وَاخْضِرَارٌ فَوْقَ شَارِبِهِ طَهَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ كَمَالُ الدِّينِ الْهَذْبَانِيُّ الْإِرْبِلِيُّ كَانَ أَدِيبًا
পৃষ্ঠা - ১১২৩৫
فَاضِلًا شَاعِرًا، لَهُ قُدْرَةٌ فِي تَصْنِيفِ دُوبَيْتٍ، وَقَدْ أَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ حَتَّى تُوُفِّيَ بِهَا فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ مَرَّةً بِالْمَلِكِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ، فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ فِي عِلْمِ النُّجُومِ، فَأَنْشَدَهُ عَلَى الْبَدِيهَةِ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ: دَعِ النُّجُومَ لِطُرْقِيٍّ يَعِيشُ بِهَا ... وَبِالْعَزِيمَةِ فَانْهَضْ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ النَّبِيَّ وَأَصْحَابَ النَّبِيِّ نَهَوْا ... عَنِ النُّجُومِ وَقَدْ أَبْصَرْتَ مَا مَلَكُوا وَكَتَبَ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ اسْمُهُ شَمْسُ الدِّينِ يَسْتَزِيرُهُ بَعْدَ رَمَدٍ أَصَابَهُ فَبَرَأَ مِنْهُ: يَقُولُ لِيَ الْكَحَّالُ عَيْنُكَ قَدْ هُدَتْ ... فَلَا تَشْغَلَنْ قَلْبًا عَلَيْهَا وَطِبْ نَفْسَا وِلِي مُدَّةٌ يَا شَمْسُ لَمْ أَرَكُمْ بِهَا ... وَآيَةُ بُرْءِ الْعَيْنِ أَنْ تُبْصِرَ الشَّمْسَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ الْبَاذَرَائِيُّ الْبَغْدَادِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ دَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ حَتَّى حِينَ وَفَاتِهِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسَ رَجَبٍ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَكَانَ رَئِيسًا حَسَنَ الْأَخْلَاقِ، جَاوَزَ خَمْسِينَ سَنَةً. قَاضِي الْقُضَاةِ مَجْدُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَمَالِ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ
পৃষ্ঠা - ১১২৩৬
بْنِ الْعَدِيمِ الْحَلَبِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ الْحَنَفِيُّ وَلِيَ قَضَاءَ الْحَنَفِيَّةِ بَعْدَ ابْنِ عَطَاءٍ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ رَئِيسًا ابْنَ رَئِيسٍ، لَهُ إِحْسَانٌ وَكَرَمُ أَخْلَاقٍ، وَقَدْ وَلِيَ الْخَطَابَةَ بِجَامِعِ الْقَاهِرَةِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ أَوَّلُ حَنَفِيٍّ وَلِيَهُ، تُوُفِّيَ بِجَوْسَقِهِ بِدِمَشْقَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِالتُّرْبَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا عِنْدَ زَاوِيَةِ الْحَرِيرِيِّ عَلَى الشَّرَفِ الْقِبْلِيِّ غَرْبِيَّ الزَّيْتُونِ. الْوَزِيرُ ابْنُ الْحِنَّا: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّاحِبُ بَهَاءُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْحِنَّا الْوَزِيرُ الْمِصْرِيُّ وَزِيرُ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ وَوَلَدِهِ السَّعِيدِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَهُوَ جَدُّ جَدٍّ، وَكَانَ ذَا رَأْيٍ وَعَزْمٍ وَتَدْبِيرٍ، ذَا تَمَكُّنٍ فِي الدَّوْلَةِ الظَّاهِرِيَّةِ لَا تَمْضِي الْأُمُورُ إِلَّا عَنْ رَأْيِهِ وَأَمْرِهِ، وَلَهُ مَكَارِمُ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدِ امْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ، وَكَانَ ابْنُهُ تَاجُ الدِّينِ وَزِيرَ الصُّحْبَةِ، وَقَدْ صُودِرَ فِي الدَّوْلَةِ السَّعِيدِيَّةِ. الشَّيْخُ مُحَمَّدُ ابْنُ الظَّهِيرِ اللُّغَوِيُّ: مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شَاكِرٍ مَجْدُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْإِرْبِلِيُّ الْحَنَفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الظَّهِيرِ وُلِدَ بِإِرْبِلَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ، ثُمَّ أَقَامَ بِدِمَشْقَ وَدَرَّسَ بِالْقَيْمَازِيَّةِ، وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ بِهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثَانِي عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ، وَكَانَ بَارِعًا فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ طُولَى فِي النَّظْمِ، وَلَهُ دِيوَانٌ مَشْهُورٌ وَشِعْرٌ
পৃষ্ঠা - ১১২৩৭
رَائِقٌ، فَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: كُلُّ حَيٍّ إِلَى الْمَمَاتِ مَآبُهُ ... وَمَدَى عُمْرِهِ سَرِيعٌ ذَهَابُهْ ثُمَّ مِنْ قَبْرِهِ سَيُحْشَرُ فَرْدًا ... وَاقِفًا وَحْدَهُ يُوَفَّى حِسَابَهْ مَعَهُ سَائِقٌ لَهُ وَشَهِيدٌ ... وَعَلَى الْحِرْصِ وَيْحَهُ إِكْبَابُهْ يُخْرِبُ الدَّارَ وَهْيَ دَارُ بَقَاءٍ ... ثُمَّ يَبْنِي مَا عَمَّا قَرِيبٍ خَرَابُهْ عَجَبًا وَهْوَ فِي التُّرَابِ غَرِيقٌ ... كَيْفَ يُلْهِيهِ طِيبُهُ وَعِلَابُهْ كُلُّ يَوْمٍ يَزِيدُ نَقْصًا وَإِنْ عُمِّ ... رَ حَلَّتْ أَوْصَالَهُ أَوْصَابُهْ وَالْوَرَى فِي مَرَاحِلِ الدَّهْرِ رَكْبٌ ... دَائِمُ السَّيْرِ لَا يُرْجَى إِيَابُهْ فَتَزَوَّدْ إِنَّ التُّقَى خَيْرُ زَادٍ ... وَنَصِيبُ اللَّبِيبِ مِنْهُ لُبَابُهْ وَأَخُو الْعَقْلِ مَنْ يَقْضِي بِصِدْقٍ ... شَيْبَهُ فِي صَلَاحِهِ وَشَبَابَهْ وَأَخُو الْجَهْلِ يَسْتَلِذُّ هَوَى النَّفْ ... سِ فَيَغْدُو شَهْدًا لَدَيْهِ مُصَابُهْ وَهِيَ طَوِيلَةٌ جِدًّا قَرِيبَةٌ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ بَيْتًا، وَقَدْ أَوْرَدَ الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ شِعْرِهِ الْحَسَنِ الْفَائِقِ الرَّائِقِ. ابْنُ إِسْرَائِيلَ الْحَرِيرِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ سَوَّارِ بْنِ إِسْرَائِيلَ بْنِ الْخَضِرِ بْنِ إِسْرَائِيلَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ نَجْمُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي الشَّيْبَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ وُلِدَ فِي يَوْمِ ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَانِي عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ
পৃষ্ঠা - ১১২৩৮
وَسِتِّمِائَةٍ، وَصَحِبَ الشَّيْخَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ مَنْصُورٍ الْبُسْرِيَّ الْحَرِيرِيَّ، فِي سَنَةِ ثَمَانَ عَشْرَةَ، وَكَانَ قَدْ لَبِسَ الْخِرْقَةَ قَبْلَهُ مِنَ الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ السُّهْرَوَرْدِيِّ، وَزَعَمَ أَنَّهُ أَجْلَسَهُ فِي ثَلَاثِ خَلَوَاتٍ، وَكَانَ ابْنُ إِسْرَائِيلَ يَزْعُمُ أَنَّ أَهْلَهُ قَدِمُوا الشَّامَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَاسْتَوْطَنُوا دِمَشْقَ، وَكَانَ أَدِيبًا فَاضِلًا فِي صِنَاعَةِ الشِّعْرِ بَارِعًا فِي النَّظْمِ، وَلَكِنْ فِي كَلَامِهِ وَنَظْمِهِ مَا يُشِيرُ بِهِ إِلَى نَوْعٍ مِنَ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ عَرَبِيٍّ وَابْنِ الْفَارِضِ وَشَيْخِهِ الْحَرِيرِيِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ وَحَقِيقَةِ أَمْرِهِ. تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِتُرْبَةِ الشَّيْخِ رِسْلَانَ مَعَهُ دَاخِلَ الْقُبَّةِ، وَكَانَ الشَّيْخُ رِسْلَانُ شَيْخَ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمُغَرْبِلِ الَّذِي تَخَرَّجَ عَلَى يَدَيْهِ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْحَرِيرِيُّ شَيْخُ ابْنِ إِسْرَائِيلَ، فَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: لَقَدْ عَادَنِي مِنْ لَاعِجِ الشَّوْقِ عَائِدُ ... فَهَلْ عَهْدُ ذَاتِ الْخَالِ بِالسَّفْحِ عَائِدُ وَهَلْ نَارُهَا بِالْأَجْرَعِ الْفَرْدِ تَعْتَلِي ... لِمُنْفَرِدٍ شَابَ الدُّجَى وَهْوَ شَاهِدُ نَدِيمَيَّ مِنْ سُعْدَى أَدِيرَا حَدِيثَهَا ... فَذِكْرَى هَوَاهَا وَالْمُدَامَةُ وَاحِدُ مُنَعَّمَةُ الْأَطْرَافِ رَقَّتْ مَحَاسِنًا ... كَمَا جَلَّ فِي حُبِّي لَهَا مَا أُكَابِدُ فَلِلْبَدْرِ مَا لَاثَتْ عَلَيْهِ خِمَارُهَا ... وَلِلشَّمْسِ مَا جَالَتْ عَلَيْهِ الْقَلَائِدُ