আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১১৮০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ مِنْهَا رَكِبَ السُّلْطَانُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ إِلَى عَسْقَلَانَ، فَهَدَمَ مَا بَقِيَ مِنْ سُورِهَا مِمَّا كَانَ أُهْمِلَ فِي الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ، وَوَجَدَ فِيمَا هَدَمَ كُوزَيْنِ، فِيهِمَا أَلْفَا دِينَارٍ فَفَرَّقَهُمَا عَلَى الْأُمَرَاءِ، وَجَاءَتْهُ الْبِشَارَةُ وَهُوَ هُنَالِكَ بِأَنَّ مَنْكُوتَمُرَ كَسَرَ جَيْشَ أَبْغَا، فَفَرِحَ بِذَلِكَ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْقَاهِرَةِ. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بَلَغَ السُّلْطَانَ أَنَّ أَهْلَ عَكَّا ضَرَبُوا رِقَابَ مَنْ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ صَبْرًا بِظَاهِرِ عَكَّا فَأَمَرَ بِمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ أَسْرَى أَهْلِ عَكَّا فَضُرِبَتْ رِقَابُهُمْ فِي صَبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ مِائَةِ أَسِيرٍ. وَفِيهَا كَمَلَ جَامِعُ الْمَنْشِيَّةِ، وَأُقِيمَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ فِي الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ. وَفِيهَا جَرَتْ حُرُوبٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا بَيْنَ أَهْلِ تُونِسَ وَالْفِرِنْجِ، ثُمَّ تَصَالَحُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْهُدْنَةِ وَوَضْعِ الْحَرْبِ، بَعْدَمَا قُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَامِنِ رَجَبٍ دَخَلَ الظَّاهِرُ إِلَى دِمَشْقَ وَفِي صُحْبَتِهِ وَلَدُهُ
পৃষ্ঠা - ১১১৮১
الْمَلِكُ السَّعِيدُ وَابْنُ الْحِنَّا الْوَزِيرُ وَجُمْهُورُ الْجَيْشِ، ثُمَّ خَرَجُوا مُتَفَرِّقِينَ وَتَوَاعَدُوا أَنْ يَلْتَقُوا بِالسَّاحِلِ; لِيَشُنُّوا الْغَارَةَ عَلَى جَبَلَةَ وَاللَّاذِقِيَّةِ وَمَرْقَبَ وَعِرْقَةَ وَمَا هُنَالِكَ مِنَ الْبِلَادِ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا فَتَحُوا صَافِيتَا وَالْمِجْدَلَ، ثُمَّ سَارُوا فَنَزَلُوا عَلَى حِصْنِ الْأَكْرَادِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعَ عَشَرَ رَجَبٍ، وَلَهُ ثَلَاثُ أَسْوَارٍ، فَنَصَبُوا عَلَيْهَا الْمَنْجَنِيقَاتِ، فَفَتَحَهَا قَهْرًا يَوْمَ نِصْفِ شَعْبَانَ، فَدَخَلَ الْجَيْشُ، وَكَانَ الَّذِي يُحَاصِرُهُ وَلَدُ السُّلْطَانِ الْمَلِكُ السَّعِيدُ، فَأَطْلَقَ السُّلْطَانُ أَهْلَهُ، وَمَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَجْلَاهُمْ إِلَى طَرَابُلُسَ، وَتَسَلَّمَ الْقَلْعَةَ بَعْدَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ مِنَ الْفَتْحِ فَأَجْلَى أَهْلَهَا أَيْضًا، وَجَعَلَ كَنِيسَةَ الْبَلَدِ جَامِعًا، وَأَقَامَ فِيهِ الْجُمُعَةَ، وَوَلَّى فِيهَا نَائِبًا وَقَاضِيًا، وَأَمَرَ بِعِمَارَةِ الْبَلَدِ، وَبَعَثَ صَاحِبُ أَنْطَرْطُوسَ بِمَفَاتِيحِ بَلَدِهِ يَطْلُبُ مِنْهُ الصُّلْحَ عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُ مُغَلِّ بِلَادِهِ لِلسُّلْطَانِ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ بِهَا نَائِبًا، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ صَاحِبُ الْمَرْقَبِ، فَصَالَحَهُ أَيْضًا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ وَوَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ، وَبَلَغَ السُّلْطَانَ وَهُوَ مُخَيِّمٌ عَلَى حِصْنِ الْأَكْرَادِ أَنَّ صَاحِبَ جَزِيرَةِ قُبْرُسَ قَدْ رَكِبَ بِجَيْشِهِ إِلَى عَكَّا لِيَنْصُرَ أَهْلَهَا خَوْفًا مِنَ السُّلْطَانِ، فَأَرَادَ
পৃষ্ঠা - ১১১৮২
السُّلْطَانُ أَنْ يَغْتَنِمَ هَذِهِ الْفُرْصَةَ، فَبَعَثَ جَيْشًا كَثِيفًا فِي سَبْعَةَ عَشَرَ شِينِيًّا لِيَأْخُذُوا جَزِيرَةَ قُبْرُسَ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهَا عَنْهَا، فَسَارَتِ الْمَرَاكِبُ مُسْرِعَةً، فَلَمَّا قَارَبَتِ الْمَدِينَةَ جَاءَتْهَا رِيحٌ قَاصِفٌ، فَصَدَمَ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَانْكَسَرَ مِنْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَرْكَبًا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَغَرِقَ خَلْقٌ، وَأَسَرَ الْفِرِنْجُ مِنَ الصُّنَّاعِ وَالرِّجَالِ قَرِيبًا مِنْ أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ إِنْسَانٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. ثُمَّ سَارَ السُّلْطَانُ، فَنَصَبَ الْمَجَانِيقَ عَلَى حِصْنِ عَكَّا، فَسَأَلَهُ أَهْلُهَا الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يُجْلِيَهُمْ فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَدَخَلَ الْبَلَدَ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ فَتَسَلَّمَهُ، وَكَانَ الْحِصْنُ شَدِيدَ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، ثُمَّ سَارَ السُّلْطَانُ نَحْوَ طَرَابُلُسَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ صَاحِبُهَا يَقُولُ: مَا مُرَادُ السُّلْطَانِ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ؟ فَقَالَ: جِئْتُ لِأَرْعَى زُرُوعَكُمْ، وَأُخَرِّبَ بِلَادَكُمْ، ثُمَّ أَعُودَ إِلَى حِصَارِكُمْ فِي الْعَامِ الْآتِي. فَأَرْسَلَ يَسْتَعْطِفُهُ وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْمُصَالَحَةَ وَوَضْعَ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ يَسْتَعْطِفُونَهُ عَلَى وَالِدِهِمْ وَكَانَ مَسْجُونًا بِالْقَاهِرَةِ، فَقَالَ: سَلِّمُوا إِلَيَّ الْعُلَّيْقَةَ، وَانْزِلُوا فَخُذُوا إِقْطَاعَاتٍ بِالْقَاهِرَةِ، وَتَسَلَّمُوا أَبَاكُمْ. فَلَمَّا نَزَلُوا أَمَرَ بِحَبْسِهِمْ بِالْقَاهِرَةِ، وَاسْتَنَابَ بِحِصْنِ الْعُلَّيْقَةِ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ شَوَّالٍ جَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ إِلَى دِمَشْقَ، فَأَتْلَفَ شَيْئًا كَثِيرًا، وَغَرِقَ بِسَبَبِهِ نَاسٌ كَثِيرٌ، لَا سِيَّمَا الْحُجَّاجُ مِنَ الرُّومِ الَّذِينَ كَانُوا نُزُولًا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، أَخَذَهُمُ السَّيْلُ وَجِمَالَهُمْ وَأَحْمَالَهُمْ، فَهَلَكُوا وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ الْبَلَدِ، وَدَخَلَ الْمَاءُ إِلَى الْبَلَدِ مِنْ مَرَامِي السُّورِ، وَمِنْ بَابِ الْفَرَادِيسِ، فَغَرَّقَ خَانَ ابْنِ
পৃষ্ঠা - ১১১৮৩
الْمُقَدَّمِ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَثِيرًا، وَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ أَيَّامَ الْمِشْمِشِ. وَدَخَلَ السُّلْطَانُ إِلَى دِمَشْقَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ خَامِسَ عَشَرَ شَوَّالٍ، فَعَزَلَ الْقَاضِي ابْنَ خَلِّكَانَ، وَكَانَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ عَشْرُ سِنِينَ، وَوَلَّى الْقَاضِي عِزَّ الدِّينِ بْنَ الصَّائِغِ وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَكَانَ تَقْلِيدُهُ قَدْ كُتِبَ بِظَاهِرِ طَرَابُلُسَ بِسِفَارَةِ الْوَزِيرِ ابْنِ الْحِنَّا، فَسَارَ ابْنُ خَلِّكَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَى مِصْرَ. وَفِي حَادِي عَشَرَ شَوَّالٍ دَخَلَ خَضِرٌ الْكُرْدِيُّ شَيْخُ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ وَأَصْحَابُهُ إِلَى كَنِيسَةِ الْيَهُودِ، فَصَلَّوْا فِيهَا، وَأَزَالُوا مَا فِيهَا مِنْ شَعَائِرِ الْيَهُودِ، وَمَدُّوا فِيهَا سِمَاطًا، وَعَمِلُوا سَمَاعًا وَبَقَوْا عَلَى ذَلِكَ أَيَّامًا، ثُمَّ أُعِيدَتْ إِلَى الْيَهُودِ. ثُمَّ خَرَجَ السُّلْطَانُ إِلَى السَّوَاحِلِ، فَافْتَتَحَ بَعْضَهَا، وَأَشْرَفَ عَلَى عَكَّا وَتَأَمَّلَهَا، ثُمَّ سَارَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَكَانَ مِقْدَارُ مَا غَرِمَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَفِي الْغَزَوَاتِ قَرِيبًا مِنْ ثَمَانِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَخْلَفَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ وُصُولُهُ إِلَى الْقَاهِرَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَالِثَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ وُصُولِهِ أَمْسَكَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ مِنْهُمُ، الْحَلَبِيُّ وَغَيْرُهُ، بَلَغَهُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا مَسْكَهُ عَلَى الشَّقِيفِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَمَرَ بِإِرَاقَةِ الْخُمُورِ مِنْ سَائِرِ بِلَادِهِ، وَتَهَدَّدَ مَنْ يَعْصِرُهَا أَوْ يَعْتَصِرُهَا بِالْقَتْلِ، وَأَسْقَطَ ضَمَانَ ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ بِالْقَاهِرَةِ وَحْدَهَا، كُلُّ يَوْمٍ ضَمَانُهُ أَلْفُ دِينَارٍ، ثُمَّ سَارَتِ الْبُرُدُ بِذَلِكَ إِلَى الْآفَاقِ.
পৃষ্ঠা - ১১১৮৪
وَفِيهَا قَبَضَ السُّلْطَانُ عَلَى الْعَزِيزِ بْنِ الْمُغِيثِ صَاحِبِ الْكَرَكِ، وَعَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ كَانُوا عَزَمُوا عَلَى سَلْطَنَتِهِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْمَلِكُ تَقِيُّ الدِّينِ عَبَّاسُ بْنُ الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ شَادِي وَهُوَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَادِلِ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْكِنْدِيِّ وَابْنِ الْحَرَسْتَانِيِّ، وَكَانَ مُحْتَرَمًا عِنْدَ الْمُلُوكِ، لَا يُرْفَعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي الْمَجَالِسِ وَالْمَوَاكِبِ، وَكَانَ لَيِّنَ الْأَخْلَاقِ، حَسَنَ الْعِشْرَةِ، لَا تَمَلُّ مُجَالَسَتَهُ. تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ بِدَرْبِ الرَّيْحَانِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ. قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحِ بْنِ عِيسَى السُّبْكِيُّ الْمَالِكِيُّ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ وَأَفْتَى بِالصَّالِحِيَّةِ، وَوَلِيَ حِسْبَةَ الْقَاهِرَةِ، ثُمَّ وَلِيَ الْقَضَاءَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ، لَمَّا وَلَّوْا مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ قَاضِيًا، وَقَدِ امْتَنَعَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، ثُمَّ أَجَابَ بَعْدَ إِكْرَاهٍ، وَشَرَطَ أَنْ لَا يَأْخُذَ عَلَى الْقَضَاءِ جَامَكِيَّةَ، وَكَانَ مَشْهُورًا بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ، رَوَى عَنْهُ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ.
পৃষ্ঠা - ১১১৮৫
الطَّوَاشِيُّ شُجَاعُ الدِّينِ مُرْشِدٌ الْمُظَفَّرِيُّ الْحَمَوِيُّ كَانَ شُجَاعًا بَطَلًا مِنَ الْأَبْطَالِ الشُّجْعَانِ، وَكَانَ لَهُ رَأْيٌ سَدِيدٌ، وَكَانَ أُسْتَاذُهُ لَا يُخَالِفُهُ، وَكَذَلِكَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ، تُوُفِّيَ بِحَمَاةَ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِالْقُرْبِ مِنْ مَدْرَسَتِهِ بِحَمَاةَ. ابْنُ سَبْعِينَ: عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَبْعِينَ، قُطْبُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ الرُّقُوطِيُّ نِسْبَةً إِلَى رُقُوطَةَ بَلْدَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ مُرْسِيَةَ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَاشْتَغَلَ بِعِلْمِ الْأَوَائِلِ وَالْفَلْسَفَةِ، فَتَوَلَّدَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ نَوْعٌ مِنَ الْإِلْحَادِ، وَصَنَّفَ فِيهِ وَكَانَ يَعْرِفُ السِّيمِيَا، فَكَانَ يُلَبِّسُ بِذَلِكَ عَلَى الْأَغْبِيَاءِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ أَحْوَالِ الْقَوْمِ وَلَهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ كِتَابُ " الْبُدِّ "، وَكِتَابُ " الْهُوَ " وَقَدْ أَقَامَ بِمَكَّةَ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى عَقْلِ صَاحِبِهَا أَبُو نُمَيٍّ، وَجَاوَرَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بِغَارِ حِرَاءَ يَرْتَجِي - فِيمَا يُنْقَلُ عَنْهُ - أَنْ يَأْتِيَهُ فِيهِ وَحْيٌ كَمَا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَاءً عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ مِنَ الْعَقِيدَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ أَنَّ النُّبُوَّةَ مُكْتَسَبَةٌ، وَأَنَّهَا فَيْضٌ يَفِيضُ عَلَى الْعَقْلِ إِذَا صَفَا، فَمَا حَصَلَ لَهُ إِلَّا الْخِزْيُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِنْ كَانَ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ إِذَا رَأَى الطَّائِفِينَ حَوْلَ الْبَيْتِ يَقُولُ عَنْهُمْ: كَأَنَّهُمُ الْحَمِيرُ حَوْلَ
পৃষ্ঠা - ১১১৮৬
الْمَدَارِ، وَإِنَّهُمْ لَوْ طَافُوا بِهِ كَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ. فَاللَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ، وَقَدْ نُقِلَتْ عَنْهُ عَظَائِمُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، تُوُفِّيَ فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ بِمَكَّةَ.
পৃষ্ঠা - ১১১৮৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَخَلِيفَةُ الْوَقْتِ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ الْعَبَّاسِيُّ، وَسُلْطَانُ الْإِسْلَامِ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الْمُحَرَّمِ رَكِبَ السُّلْطَانُ إِلَى الْبَحْرِ لِإِلْقَاءِ الشَّوَانِي الَّتِي عُمِلَتْ عِوَضًا عَمَّا غَرِقَ بِجَزِيرَةِ قُبْرُسَ، فَرَكِبَ فِي شِينِيٍّ مِنْهَا، وَمَعَهُ الْأَمِيرُ بَدْرُ الدِّينِ الْخَزَنْدَارُ، فَمَالَتْ بِهِمْ فَسَقَطَ الْخَزَنْدَارُ فِي الْبَحْرِ، فَغَاصَ فِي الْمَاءِ، فَأَلْقَى إِنْسَانٌ نَفْسَهُ وَرَاءَهُ، فَأَخَذَ بِشَعْرِهِ وَأَنْقَذَهُ مِنَ الْغَرَقِ، فَخَلَعَ السُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ. وَفِي أَوَاخِرِ الْمُحَرَّمِ رَكِبَ السُّلْطَانُ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ مِنَ الْخَاصِّكِيَّةِ، وَالْأُمَرَاءِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ حَتَّى قَدِمَ الْكَرَكَ، وَاسْتَصْحَبَ نَائِبَهَا مَعَهُ إِلَى دِمَشْقَ، فَدَخَلَهَا فِي ثَانِي عَشَرَ صَفَرٍ، وَمَعَهُ الْأَمِيرُ عِزُّ الدِّينِ أَيْدَمُرُ نَائِبُ الْكَرَكِ، فَوَلَّاهُ نِيَابَةَ دِمَشْقَ، وَعَزَلَ عَنْهَا جَمَالَ الدِّينِ آقُوشَ النَّجِيبِيَّ فِي رَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حَمَاةَ،
পৃষ্ঠা - ১১১৮৮
وَعَادَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَصَلَتِ الْجُفَالَةُ مِنْ حَلَبَ وَحَمَاةَ وَحِمْصَ إِلَى دِمَشْقَ بِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ التَّتَارِ، وَجَفَلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ وَصَلَتِ الْعَسَاكِرُ الْمِصْرِيَّةُ إِلَى حَضْرَةِ السُّلْطَانِ إِلَى دِمَشْقَ، فَسَارَ بِهِمْ مِنْهَا فِي سَابِعِ الشَّهْرِ فَاجْتَازَ بِحَمَاةَ، وَاسْتَصْحَبَ مَلِكَهَا الْمَنْصُورَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى حَلَبَ، فَخَيَّمَ بِالْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ بِهَا، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَسَاكِرَ الرُّومِ جَمَعُوا نَحْوًا مِنْ عَشْرَةِ آلَافِ فَارِسٍ، وَبَعَثُوا طَائِفَةً مِنْهُمْ، فَأَغَارُوا عَلَى عَيْنِ تَابٍ، وَوَصَلُوا إِلَى قَسْطُونَ، وَوَقَعُوا عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ التُّرْكُمَانِ بَيْنَ حَارِمٍ وَأَنْطَاكِيَّةَ، فَاسْتَأْصَلُوهُمْ، فَلَمَّا سَمِعَ التَّتَارُ بِوُصُولِ السُّلْطَانِ، رَجَعُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَكَانَ بَلَغَهُ أَنَّ الْفِرِنْجَ أَغَارُوا عَلَى بِلَادِ قَاقُونَ، وَنَهَبُوا طَائِفَةً مِنَ التُّرْكُمَانِ، فَقَبَضَ عَلَى الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ هُنَاكَ; حَيْثُ لَمْ يَهْتَمُّوا بِحِفْظِ الْبِلَادِ، وَعَادَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. وَفِي ثَالِثِ شَعْبَانَ أَمْسَكَ السُّلْطَانُ قَاضِي الْحَنَابِلَةِ بِمِصْرَ شَمْسَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ الْعِمَادِ الْمَقْدِسِيَّ، وَأَخَذَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْوَدَائِعِ، فَأَخَذَ زَكَاتَهَا، وَرَدَّ
পৃষ্ঠা - ১১১৮৯
بَعْضَهَا إِلَى أَرْبَابِهَا، وَاعْتَقَلَهُ إِلَى شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَكَانَ الَّذِي وَشَى بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ يُقَالُ لَهُ: شَبِيبٌ. ثُمَّ تَبَيَّنَ لِلسُّلْطَانِ نَزَاهَةُ الْقَاضِي وَبَرَاءَتُهُ، فَأَعَادَهُ إِلَى مَنْصِبِهِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَجَاءَ السُّلْطَانُ فِي شَعْبَانَ إِلَى أَرَاضِي عَكَّا، فَأَغَارَ عَلَيْهَا، فَسَأَلَهُ صَاحِبُهَا الْمُهَادَنَةَ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، فَهَادَنَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَعَشْرَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةَ أَيَّامٍ وَعَشْرَةَ سَاعَاتٍ، وَعَادَ إِلَى دِمَشْقَ، فَقُرِئَ بِدَارِ السَّعَادَةِ كِتَابُ الصُّلْحِ، وَاسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ عَادَ السُّلْطَانُ إِلَى بِلَادِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَأَخَذَ عَامَّتَهَا. قَالَ قُطْبُ الدِّينِ: وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ وُلِدَتْ زَرَافَةٌ بِقَلْعَةِ الْجَبَلِ، وَأُرْضِعَتْ مِنْ بَقَرَةٍ. قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ: الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ سَلَّارُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ الْإِرْبِلِيُّ الشَّافِعِيُّ أَحَدُ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ، وَقَدِ اشْتَغَلَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ، وَقَدِ اخْتَصَرَ " الْبَحْرَ " لِلرُّويَانِيِّ فِي مُجَلَّدَاتٍ عَدِيدَةٍ هِيَ عِنْدِي بِخَطِّ يَدِهِ، وَكَانَتِ الْفُتْيَا تَدُورُ عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ، تُوُفِّيَ فِي عَشْرِ السَّبْعِينَ وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَكَانَ مُعِيدًا بِالْبَاذَرَائِيَّةِ مِنْ أَيَّامِ الْوَاقِفِ، لَمْ يَطْلُبْ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَجِيهُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ سُوَيْدٍ التِّكْرِيتِيُّ التَّاجِرُ
পৃষ্ঠা - ১১১৯০
الْكَبِيرُ ذُو الْأَمْوَالِ الْكَثِيرَةِ، وَكَانَ مُعَظَّمًا عِنْدَ الدَّوْلَةِ، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ، كَانَ يُجِلُّهُ وَيُكْرِمُهُ; لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْدَى إِلَيْهِ جَمِيلًا فِي حَالِ إِمْرَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ السَّلْطَنَةَ، وَدُفِنَ بِرِبَاطِهِ وَتُرْبَتِهِ بِالْقُرْبِ مِنَ الرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ بِقَاسِيُونَ، وَكَانَتْ كُتُبُ الْخَلِيفَةِ تَرِدُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَكَانَتْ مُكَاتَبَاتُهُ مَقْبُولَةً عِنْدَ جَمِيعِ الْمُلُوكِ، حَتَّى مُلُوكِ الْفِرِنْجِ فِي السَّوَاحِلِ وَفِي أَيَّامِ التَّتَارِ فِي أَيَّامِ هُولَاوُونَ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ وَالْبِرِّ. نَجْمُ الدِّينِ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ اللُّبُودِيِّ وَاقِفُ اللُّبُودِيَّةِ الَّتِي عِنْدَ حَمَّامِ الْفَلَكِ الْمُسِيرِيِّ عَلَى الْأَطِبَّاءِ، وَلَدَيْهِ فَضِيلَةٌ بِمَعْرِفَةِ الطِّبِّ، وَقَدْ وَلِيَ نَظَرَ الدَّوَاوِينِ بِدِمَشْقَ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ عِنْدَ اللُّبُودِيَّةِ. الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْبَكَّاءُ صَاحِبُ الزَّاوِيَةِ بِالْقُرْبِ مِنْ بَلَدِ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ مَشْهُورًا بِالصَّلَاحِ وَالْعِبَادَةِ وَالْإِطْعَامِ لِمَنِ اجْتَازَ بِهِ مِنَ الْمَارَّةِ وَالزُّوَّارِ، وَكَانَ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ قَلَاوُونُ يُثْنِي عَلَيْهِ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِهِ وَهُوَ أَمِيرٌ، وَأَنَّهُ كَاشَفَهُ فِي أَشْيَاءَ وَقَعَتْ جَمِيعُهَا، وَمِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُ سَيَمْلِكُ. نَقَلَ ذَلِكَ قُطْبُ الدِّينِ الْيُونِينِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّ سَبَبَ بُكَائِهِ الْكَثِيرِ أَنَّهُ صَحِبَ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ أَحْوَالٌ وَكَرَامَاتٌ، وَأَنَّهُ خَرَجَ مَعَهُ مِنْ بَغْدَادَ، فَانْتَهَوْا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَى بَلْدَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَغْدَادَ مَسِيرَةُ سَنَةٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ قَالَ لَهُ: إِنِّي سَأَمُوتُ فِي الْوَقْتِ
পৃষ্ঠা - ১১১৯১
الْفُلَانِيِّ، فَاشْهَدْنِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ حَضَرْتُ عِنْدَهُ وَهُوَ فِي السِّيَاقِ، وَقَدِ اسْتَدَارَ إِلَى جِهَةِ الشَّرْقِ، فَحَوَّلْتُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَاسْتَدَارَ إِلَى الشَّرْقِ فَحَوَّلْتُهُ أَيْضًا، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ: لَا تَتْعَبْ فَإِنِّي لَا أَمُوتُ إِلَّا عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ. وَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الرُّهْبَانِ حَتَّى مَاتَ، فَحَمَلْنَاهُ فَجِئْنَا بِهِ إِلَى دَيْرٍ هُنَاكَ فَوَجَدْنَاهُمْ فِي حُزْنٍ عَظِيمٍ، فَقُلْنَا لَهُمْ: مَا شَأْنُكُمْ؟ فَقَالُوا: كَانَ عِنْدَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمَ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ. فَقُلْنَا لَهُمْ: خُذُوا هَذَا بَدَلَهُ وَسَلِّمُوا إِلَيْنَا صَاحِبَنَا. قَالَ: فَوَلَّيْنَاهُ فَغَسَّلْنَاهُ وَكَفَّنَّاهُ وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ وَدَفَنَّاهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَوَلُوا هُمْ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَدَفَنُوهُ فِي مَقْبَرَةِ النَّصَارَى، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى حُسْنَ الْخَاتِمَةِ. مَاتَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ১১১৯২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِي خَامِسِ الْمُحَرَّمِ وَصَلَ الظَّاهِرُ دِمَشْقَ مِنْ بِلَادِ السَّوَاحِلِ الَّتِي فَتَحَهَا وَقَدْ مَهَّدَهَا، وَرَكِبَ فِي أَوَاخِرِ الْمُحَرَّمِ إِلَى الْقَاهِرَةِ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً، ثُمَّ عَادَ فَدَخَلَ دِمَشْقَ فِي رَابِعِ صَفَرٍ. وَفِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا وَصَلَ صَاحِبُ النُّوبَةِ إِلَى عَيْذَابَ، فَنَهَبَ تُجَّارَهَا، وَقَتَلَ خَلْقًا مِنْ أَهْلِهَا، مِنْهُمُ الْوَالِي وَالْقَاضِي، فَسَارَ إِلَيْهِ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ أَيْدُغْدِي الْخَزَنْدَارُ، فَقَتَلَ خَلْقًا مِنْ بِلَادِهِ، وَنَهَبَ وَحَرَّقَ وَهَدَمَ وَدَوَّخَ الْبِلَادَ، وَأَخَذَ بِالثَّأْرِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ تُوُفِّيَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مُظَفَّرِ الدِّينِ عُثْمَانَ بْنِ نَاصِرِ الدِّينِ مَنْكُورَسُ صَاحِبُ صِهْيَوْنَ، وَدُفِنَ فِي تُرْبَةِ وَالِدِهِ فِي عَشْرِ السَّبْعِينَ، وَكَانَ لَهُ فِي مُلْكِ صِهْيَوْنَ وَبَرْزَيَهْ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَتَسَلَّمَهَا بَعْدَهُ وَلَدُهُ سَابِقُ الدِّينِ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْمَلِكِ الظَّاهِرِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْحُضُورِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا
পৃষ্ঠা - ১১১৯৩
حَضَرَ أَقْطَعُهُ خُبْزًا، وَبَعَثَ إِلَى الْبَلَدَيْنِ نُوَّابًا مِنْ جِهَتِهِ. وَفِي خَامِسِ جُمَادَى الْأُولَى وَصَلَ السُّلْطَانُ بِعَسْكَرِهِ إِلَى الْفُرَاتِ; لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ طَائِفَةً مِنَ التَّتَارِ هُنَالِكَ، فَخَاضَ إِلَيْهِمُ الْفُرَاتَ بِنَفْسِهِ وَجُنْدِهِ، وَقَتَلَ مِنْ أُولَئِكَ مَقْتَلَةً كَبِيرَةً وَخَلْقًا كَثِيرًا، وَكَانَ أَوَّلُ مَنِ اقْتَحَمَ الْفُرَاتَ يَوْمَئِذٍ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ قَلَاوُونُ وَبَدْرُ الدِّينِ بَيْسَرِيُّ، وَتَبِعَهُمَا السُّلْطَانُ، ثُمَّ فَعَلَ بِالتَّتَارِ مَا فَعَلَ، ثُمَّ سَاقَ إِلَى نَاحِيَةِ الْبِيرَةِ، وَقَدْ كَانَتْ مُحَاصَرَةً بِطَائِفَةٍ مِنَ التَّتَارِ أُخْرَى، فَلَمَّا سَمِعُوا بِقُدُومِهِ هَرَبُوا وَتَرَكُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَثْقَالَهُمْ، وَدَخَلَ السُّلْطَانُ إِلَى الْبِيرَةِ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ، وَفَرَّقَ فِي أَهْلِهَا أَمْوَالًا كَثِيرَةً، ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْقَ فِي ثَالِثِ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَمَعَهُ الْأَسْرَى. وَخَرَجَ مِنْهَا فِي سَابِعِهِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَخَرَجَ وَلَدُهُ الْمَلِكُ السَّعِيدُ لِتَلَقِّيهِ، وَدَخَلَا إِلَى الْقَاهِرَةِ وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. وَمِمَّا قَالَهُ الْقَاضِي شِهَابُ الدِّينِ مَحْمُودٌ الْكَاتِبُ - وَأَوْلَادُهُ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو الشِّهَابِ مَحْمُودٍ - فِي خَوْضِ السُّلْطَانِ الْفُرَاتَ بِالْجَيْشِ: سِرْ حَيْثُ شِئْتَ لَكَ الْمُهَيْمِنُ جَارُ ... وَاحْكُمْ فَطَوْعُ مُرَادِكَ الْأَقْدَارُ لَمْ يَبْقَ لِلدِّينِ الَّذِي أَظْهَرْتَهُ ... يَا رُكْنَهُ عِنْدَ الْأَعَادِي ثَارُ لَمَّا تَرَاقَصَتِ الرُّءُوسُ تَحَرَّكَتْ ... مِنْ مُطْرِبَاتِ قِسِيِّكَ الْأَوْتَارُ خُضْتَ الْفُرَاتَ بِسَابِحٍ أَفْضَى بِهِ ... مَوْجُ الصِّبَا مِنْ فِعْلِهِ الْآثَارُ
পৃষ্ঠা - ১১১৯৪
حَمَلَتْكَ أَمْوَاجُ الْفُرَاتِ وَمَنْ رَأَى ... بَحْرًا سِوَاكَ تُقِلُّهُ الْأَنْهَارُ وَتَقَطَّعَتْ فَرَقًا وَلَمْ يَكُ طَوْدَهَا ... إِذْ ذَاكَ إِلَّا جَيْشُكَ الْجَرَّارُ وَقَالَ بَعْضُ مَنْ شَاهَدَ ذَلِكَ: وَلَمَّا تَرَاءَيْنَا الْفُرَاتَ بِخَيْلِنَا ... سَكَرْنَاهُ مِنَّا بِالْقَنَا وَالصَّوَارِمِ فَأَوْقَفَتِ التَّيَّارَ عَنْ جَرَيَانِهِ ... إِلَى حِيِنِ عُدْنَا بِالْغِنَى وَالْغَنَائِمِ وَقَالَ آخَرٌ وَلَا بَأْسَ بِهِ: الْمَلِكُ الظَّاهِرُ سُلْطَانُنَا ... نَفْدِيهِ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَهْلِ اقْتَحَمَ الْمَاءَ لِيُطْفِي بِهِ ... حَرَارَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْمُغْلِ وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ثَالِثِ رَجَبٍ خَلَعَ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَرَاءِ مِنْ حَاشِيَتِهِ وَمُقَدَّمِي الْحَلْقَةِ وَأَرْبَابِ الدَّوْلَةِ، وَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الْخَيْلِ وَالذَّهَبِ وَالْحَوَائِصِ، وَكَانَ مَبْلَغُ مَا أَنْفَقَ بِذَلِكَ نَحْوَ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ. وَفِي شَعْبَانَ أَرْسَلَ السُّلْطَانُ إِلَى مَنْكُوتَمُرَ هَدَايَا عَظِيمَةً. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَانِي عَشَرَ شَوَّالٍ اسْتَدْعَى السُّلْطَانُ شَيْخَهُ الشَّيْخَ خَضِرًا الْكُرْدِيَّ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ إِلَى الْقَلْعَةِ، وَحُوقِقَ عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ رُمِيَ بِهَا، وَعَلَى مُنْكَرَاتٍ كَثِيرَةٍ ارْتَكَبَهَا، فَأَمَرَ السُّلْطَانُ عِنْدَ ذَلِكَ بِاعْتِقَالِهِ وَحَبْسِهِ ثُمَّ بِاغْتِيَالِهِ، وَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ.
পৃষ্ঠা - ১১১৯৫
وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ سَلَّمَتِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ مَا كَانَ بَقِيَ بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْحُصُونِ، وَهِيَ الْكَهْفُ وَالْقَدَمُوسُ وَالْمَيْنَقَةُ، وَعُوِّضُوا عَنْ ذَلِكَ بِإِقْطَاعَاتٍ، وَلَمْ يَبْقَ بِالشَّامِ شَيْءٌ لَهُمْ مِنَ الْقِلَاعِ، وَاسْتَنَابَ السُّلْطَانُ فِيهَا. وَفِيهَا أَمَرَ السُّلْطَانُ بِعِمَارَةِ جُسُورَةٍ فِي السَّوَاحِلِ، وَغَرِمَ عَلَيْهَا مَالًا كَثِيرًا، وَحَصَلَ لِلنَّاسِ بِذَلِكَ رِفْقٌ كَبِيرٌ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ أَبُو الْفَضْلِ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الْحُبُوبِيِّ الثَّعْلَبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ كَانَ مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ دِمَشْقَ وَلِيَ نَظَرَ الْأَيْتَامِ وَالْحِسْبَةَ، ثُمَّ وِكَالَةَ بَيْتِ الْمَالِ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَخَرَّجَ لَهُ ابْنُ بَلَبَانَ مَشْيَخَةً قَرَأَهَا عَلَيْهِ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الْفَزَارِيُّ بِالْجَامِعِ، فَسَمِعَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْفُضَلَاءِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. الْخَطِيبُ فَخْرُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ، الْخَطِيبُ بِهَا، وَبَيْتُهُ مَعْرُوفٌ بِالْعِلْمِ وَالْخَطَابَةِ وَالرِّيَاسَةِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الصُّوفِيَّةِ، وَقَدْ قَارَبَ السِّتِّينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى،
পৃষ্ঠা - ১১১৯৬
وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ جَدِّهِ فَخْرِ الدِّينِ صَاحِبِ دِيوَانِ الْخُطَبِ الْمَشْهُورَةِ، تُوُفِّيَ بِخَانْقَاهِ الْقَصْرِ ظَاهِرِ دِمَشْقَ. الشَّيْخُ خَضِرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمِهْرَانِيُّ الْعَدَوِيُّ شَيْخُ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ بَيْبَرْسَ كَانَ حَظِيًّا عِنْدَهُ مُكْرَمًا لَدَيْهِ، لَهُ عِنْدَهُ الْمَكَانَةُ الرَّفِيعَةُ، كَانَ السُّلْطَانُ يَنْزِلُ بِنَفْسِهِ إِلَى زَاوِيَتِهِ الَّتِي بَنَاهَا لَهُ فِي الْحُسَيْنِيَّةِ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَبَنَى لَهُ عِنْدَهَا جَامِعًا يَخْطُبُ فِيهِ لِلْجُمُعَةِ، وَكَانَ يُعْطِيهِ مَالًا كَثِيرًا وَيُطْلِقُ لَهُ مَا أَرَادَ، وَوَقَفَ عَلَى زَاوِيَتِهِ شَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا، وَكَانَ مُعَظَّمًا عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ بِسَبَبِ حُبِّ السُّلْطَانِ وَتَعْظِيمِهِ لَهُ، وَكَانَ يُمَازِحُهُ إِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ، وَكَانَ فِيهِ خَيْرٌ وَدِينٌ وَصَلَاحٌ، وَقَدْ كَاشَفَ السُّلْطَانَ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، وَقَدْ دَخَلَ مَرَّةً كَنِيسَةَ الْقُمَامَةِ بِالْمَقْدِسِ، فَذَبَحَ قِسِّيسَهَا بِيَدِهِ، وَوَهَبَ مَا فِيهَا لِأَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِالْكَنِيسَةِ الَّتِي بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَهِيَ مَنْ أَعْظَمِ كَنَائِسِهِمْ، نَهَبَهَا وَحَوَّلَهَا مَسْجِدًا وَمَدْرَسَةً أَنْفَقَ عَلَيْهَا أَمْوَالًا كَثِيرَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَسَمَّاهَا الْمَدْرَسَةَ الْخَضْرَاءَ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِكَنِيسَةِ الْيَهُودِ بِدِمَشْقَ، دَخَلَهَا وَنَهَبَ مَا فِيهَا مِنَ الْآلَاتِ وَالْأَمْتِعَةِ وَمَدَّ فِيهَا سِمَاطًا، وَاتَّخَذَهَا مَسْجِدًا مُدَّةً، ثُمَّ سَعَوْا إِلَيْهِ فِي رَدِّهَا إِلَيْهِمْ وَإِبْقَائِهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ اتَّفَقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَنَّهُ وَقَعَتْ مِنْهُ أَشْيَاءُ أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ، وَحُوقِقَ عَلَيْهَا عِنْدَ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ، فَظَهَرَ لَهُ مِنْهُ مَا أَوْجَبَ سِجْنَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِإِعْدَامِهِ وَهَلَاكِهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِزَاوِيَتِهِ، سَامَحَهُ اللَّهُ، وَقَدْ كَانَ السُّلْطَانُ يُحِبُّهُ مَحَبَّةً عَظِيمَةً حَتَّى إِنَّهُ سَمَّى بَعْضَ أَوْلَادِهِ خَضِرًا مُوَافَقَةً لِاسْمِهِ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الْقُبَّةُ الَّتِي عَلَى الْجَبَلِ غَرْبِيَّ الرَّبْوَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: قُبَّةُ الشَّيْخِ خَضِرٍ.
পৃষ্ঠা - ১১১৯৭
مُصَنِّفُ " التَّعْجِيزِ " الْعَلَّامَةُ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، أَبُو الْقَاسِمِ الْمَوْصِلِيُّ، مِنْ بَيْتِ الْفِقْهِ وَالرِّيَاسَةِ وَالتَّدْرِيسِ، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ وَاشْتَغَلَ وَحَصَّلَ وَصَنَّفَ، وَاخْتَصَرَ " الْوَجِيزَ " فِي كِتَابِهِ " التَّعْجِيزِ "، وَاخْتَصَرَ " الْمَحْصُولَ "، وَلَهُ طَرِيقَةٌ فِي الْخِلَافِ أَخَذَهَا عَنْ رُكْنِ الدِّينِ الطَّاوُسِيِّ، وَكَانَ جَدُّهُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ يُونُسَ شَيْخَ الْمَذْهَبِ فِي وَقْتِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
পৃষ্ঠা - ১১১৯৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِي صَفَرٍ مِنْهَا قَدِمَ الظَّاهِرُ إِلَى دِمَشْقَ، وَقَدْ بَلَغَهُ أَنَّ أَبْغَا وَصَلَ إِلَى بَغْدَادَ، فَتَصَيَّدَ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْعَسَاكِرِ الْمِصْرِيَّةِ أَنْ يَتَأَهَّبُوا لِلْحُضُورِ، وَاسْتَعَدَّ السُّلْطَانُ لِذَلِكَ. وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ أَحْضَرَ مَلِكَ الْكُرْجِ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ قَدْ جَاءَ مُتَنَكِّرًا لِزِيَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ، فَحُمِلَ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ، فَسَجَنَهُ بِالْقَلْعَةِ. وَفِيهَا كَمَلَ بِنَاءُ جَامِعِ دَيْرِ الطِّينِ ظَاهِرَ الْقَاهِرَةِ وَصُلِّيَ فِيهِ الْجُمُعَةُ. وَفِيهَا سَارَ السُّلْطَانُ إِلَى الْقَاهِرَةِ، فَدَخَلَهَا فِي سَابِعِ رَجَبٍ. وَفِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ دَخَلَ الْمَلِكُ السَّعِيدُ بْنُ الظَّاهِرِ إِلَى دِمَشْقَ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْجَيْشِ، فَأَقَامَ بِهَا شَهْرًا ثُمَّ عَادَ. وَفِي يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ خَتَنَ السُّلْطَانُ وَلَدَهُ خَضِرًا الَّذِي سَمَّاهُ بِاسْمِ شَيْخِهِ، وَخُتِنَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأُمَرَاءِ، وَكَانَ وَقْتًا هَائِلًا. وَفِيهَا فَوَّضَ مَلِكُ التَّتَارِ إِلَى عَلَاءِ الدِّينِ صَاحِبِ الدِّيوَانِ بِبَغْدَادَ النَّظَرَ فِي أَمْرِ تُسْتَرَ وَأَعْمَالِهَا، فَسَارَ إِلَيْهَا لِيَتَصَفَّحَ أَحْوَالَهَا، فَوَجَدَ بِهَا شَابًّا مِنْ أَوْلَادِ التُّجَّارِ يُقَالُ لَهُ: لِي. قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَشَيْئًا مِنَ الْفِقْهِ وَ " الْإِشَارَاتِ " لِابْنِ سِينَا، وَنَظَرَ فِي
পৃষ্ঠা - ১১১৯৯
النُّجُومِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ جَهَلَةِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَقَدْ أَسْقَطَ لَهُمْ مِنَ الْفَرَائِضِ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَعِشَاءَ الْآخِرَةِ، فَاسْتَحْضَرَهُ وَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَرَآهُ ذَكِيًّا، إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ عَنْ قَصْدٍ، فَأَمَرَ بِهِ، فَقُتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، وَأَمَرَ الْعَوَامَّ فَنَهَبُوا أَتْبَاعَهُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: مُؤَيِّدُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي الصَّدْرُ الرَّئِيسُ أَسْعَدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ الْمُظَفَّرِ الْوَزِيرِ مُؤَيِّدِ الدِّينِ أَسْعَدَ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ جَاوَزَ التِّسْعِينَ، وَكَانَ رَئِيسًا كَبِيرًا وَاسِعَ النِّعْمَةِ، لَا يُبَاشِرُ شَيْئًا مِنَ الْوَظَائِفِ، وَقَدْ أَلْزَمُوهُ بَعْدَ ابْنِ سُوَيْدٍ بِمُبَاشَرَةِ مَصَالِحِ السُّلْطَانِ، فَبَاشَرَهَا بِلَا جَامَكِيَّةٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبُسْتَانِهِ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ثَالِثَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ. وَالِدُ الصَّدْرِ عِزِّ الدِّينِ حَمْزَةَ رَئِيسُ الْبَلَدَيْنِ دِمَشْقَ وَالْقَاهِرَةِ، وَجَدُّهُمْ مُؤَيِّدُ الدِّينِ أَسْعَدُ بْنُ حَمْزَةَ الْكَبِيرُ، كَانَ وَزِيرًا لِلْمَلِكِ الْأَفْضَلِ عَلِيِّ بْنِ النَّاصِرِ فَاتِحِ الْقُدْسِ كَانَ رَئِيسًا فَاضِلًا، لَهُ كِتَابُ " الْوَصِيَّةِ فِي الْأَخْلَاقِ الْمَرْضِيَّةِ " وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ جَيِّدَةٌ فِي النَّظْمِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: يَا رَبِّ جُدْ لِي إِذَا مَا ضَمَّنِي جَدَثِي ... بِرَحْمَةٍ مِنْكَ تُنْجِينِي مِنَ النَّارِ أَحْسِنْ جِوَارِي إِذَا أَمْسَيْتُ جَارَكَ فِي ... لَحْدِي فَإِنَّكَ قَدْ أَوْصَيْتَ بِالْجَارِ
পৃষ্ঠা - ১১২০০
وَأَمَّا وَالِدُهُ حَمْزَةُ بْنُ أَسْعَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ فَهُوَ الْعَمِيدُ، وَكَانَ يَكْتُبُ جَيِّدًا، وَصَنَّفَ تَارِيخًا فِيمَا بَعْدَ سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ إِلَى سَنَةِ وَفَاتِهِ فِي خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ فَارِسُ الدِّينِ أَقَطَايُ الْمُسْتَعْرِبُ أَتَابِكُ الْعَسَاكِرِ الْمِصْرِيَّةِ، كَانَ أَوَّلًا مَمْلُوكًا لِابْنِ يُمْنٍ، ثُمَّ صَارَ مَمْلُوكًا لِلصَّالِحِ أَيُّوبَ فَأَمَّرَهُ، ثُمَّ عَظُمَ شَأْنُهُ فِي دَوْلَةِ الْمُظَفَّرِ، وَصَارَ أَتَابِكَ الْعَسَاكِرِ، فَلَمَّا قُتِلَ امْتَدَّتْ أَطْمَاعُ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ إِلَى الْمَمْلَكَةِ، فَبَايَعَ أَقَطَايُ الْمَلِكَ الظَّاهِرَ، فَتَبِعَهُ الْجَيْشُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ الظَّاهِرُ يَعْرِفُهَا لَهُ وَلَا يَنْسَاهَا، ثُمَّ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِقَلِيلٍ انْهَضَمَ عِنْدَ الظَّاهِرِ، وَمَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِالْقَاهِرَةِ. الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَانِمِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَسَاكِرَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَقْدِسِيُّ لَهُ زَاوِيَةٌ بِنَابُلُسَ، وَلَهُ أَشْعَارٌ رَائِقَةٌ، وَكَلَامٌ قَوِيٌّ فِي عِلْمِ التَّصَوُّفِ، وَقَدْ طَوَّلَ الْيُونِينِيُّ تَرْجَمَتَهُ، وَأَوْرَدَ مِنْ أَشْعَارِهِ شَيْئًا كَثِيرًا. قَاضِي الْقُضَاةِ كَمَالُ الدِّينِ أَبُو الْفَتْحِ عُمَرُ بْنُ بُنْدَارِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ التَّفْلِيسِيُّ الشَّافِعِيُّ وُلِدَ بِتَفْلِيسَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّمِائَةٍ، وَكَانَ فَاضِلًا أُصُولِيًّا مُنَاظِرًا، وَلِيَ نِيَابَةَ الْحُكْمِ مُدَّةً ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِالْقَضَاءِ فِي دَوْلَةِ هَلَاوُونَ، وَكَانَ عَفِيفًا نَزِهًا، لَمْ يَزْدَدْ مَنْصِبًا وَلَا تَدْرِيسًا مَعَ كَثْرَةِ عِيَالِهِ وَقِلَّةِ مَالِهِ، وَلَمَّا انْقَضَتْ أَيَّامُهُمْ