আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১১৬৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِي صَفَرٍ مِنْهَا جَدَّدَ السُّلْطَانُ الظَّاهِرُ الْبَيْعَةَ لِوَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ الْمَلِكِ السَّعِيدِ مُحَمَّدِ بَرَكَةَ خَانَ، وَأَحْضَرَ الْأُمَرَاءَ كُلَّهُمْ وَالْقُضَاةَ وَالْأَعْيَانَ، وَأَرْكَبَهُ وَمَشَى بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَتَبَ لَهُ ابْنُ لُقْمَانَ تَقْلِيدًا هَائِلًا بِالْمُلْكِ مِنْ بَعْدِ أَبِيهِ، وَأَنْ يَحْكُمَ عَنْهُ أَيْضًا فِي حَالِ حَيَاتِهِ، ثُمَّ رَكِبَ السُّلْطَانُ فِي عَسَاكِرِهِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ قَاصِدًا الشَّامَ فَلَمَّا دَخَلَ دِمَشْقَ جَاءَتْهُ رُسُلٌ مِنْ أَبْغَا مَلِكِ التَّتَارِ، مَعَهُمْ مُكَاتَبَاتٌ وَمُشَافَهَاتٌ، فَمِنْ جُمْلَةِ الْمُشَافَهَاتِ: أَنْتَ مَمْلُوكٌ أُبِعْتَ بِسِيوَاسَ، فَكَيْفَ يَصْلُحُ لَكَ أَنْ تُخَالِفَ مُلُوكَ الْأَرْضِ؟! وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَوْ صَعِدْتَ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ هَبَطْتَ إِلَى الْأَرْضِ مَا تَخَلَّصْتَ مِنِّي فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ عَلَى مُصَالَحَةِ السُّلْطَانِ أَبْغَا. فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى ذَلِكَ، وَلَا عَدَّهُ شَيْئًا، بَلْ أَجَابَ عَنْهُ أَتَمَّ جَوَابٍ، وَقَالَ لِرُسُلِهِ: أَعْلِمُوهُ أَنِّي مِنْ وَرَائِهِ بِالْمُطَالَبَةِ، وَلَا أَزَالُ حَتَّى أَنْتَزِعَ مِنْهُ جَمِيعَ الْبِلَادِ الَّتِي اسْتَحْوَذَ عَلَيْهَا مِنْ بِلَادِ الْخَلِيفَةِ، وَسَائِرِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ. وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ رَسَمَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ بِإِرَاقَةِ الْخُمُورِ وَتَبْطِيلِ الْمُفْسِدَاتِ وَالْخَوَاطِئِ بِالْبِلَادِ كُلِّهَا، فَنُهِبَتِ الْخَوَاطِئُ وَسُلِبْنَ جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُنَّ وَحُبِسْنَ حَتَّى يَتَزَوَّجْنَ، وَكُتِبَ إِلَى جَمِيعِ الْبِلَادِ بِذَلِكَ، وَأُسْقِطَتِ
পৃষ্ঠা - ১১১৭০
الْمُكُوسُ الَّتِي كَانَتْ مُرَتَّبَةً عَلَى ذَلِكَ، وَعَوَّضَ مَنْ كَانَ مُحَالًا عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِهَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. ثُمَّ عَادَ السُّلْطَانُ بِعَسَاكِرِهِ إِلَى مِصْرَ، فَلَمَّا كَانَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ عِنْدَ خَرِبَةِ اللُّصُوصِ تَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ، فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ وَلَدَهَا دَخَلَ مَدِينَةَ صُورَ وَأَنَّ صَاحِبَهَا الْفِرِنْجِيَّ غَدَرَ بِهِ وَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ مَالَهُ، فَرَكِبَ السُّلْطَانُ وَشَنَّ الْغَارَةَ عَلَى صُورَ فَأَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا كَثِيرًا وَقَتَلَ خَلْقًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَلِكُهَا: مَا سَبَبُ هَذَا؟ فَذَكَرَ لَهُ غَدْرَهُ وَمَكْرَهُ بِالتُّجَّارِ، ثُمَّ قَالَ السُّلْطَانُ لِمُقَدَّمِ الْجُيُوشِ: أَوْهِمِ النَّاسَ أَنِّي مَرِيضٌ وَأَنِّي بِالْمَحَفَّةِ، وَأَحْضِرِ الْأَطِبَّاءَ، وَاسْتَوْصِفْ لِي مِنْهُمْ مَا يَصْلُحُ لِمَرِيضٍ بِهِ كَذَا وَكَذَا، وَإِذَا وَصَفُوا لَكَ فَأَحْضِرِ الْأَشْرِبَةَ إِلَى الْمَحَفَّةِ، وَأَنْتُمْ سَائِرُونَ. ثُمَّ رَكِبَ السُّلْطَانُ عَلَى الْبَرِيدِ، وَسَاقَ مُسْرِعًا حَتَّى دَخَلَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ فَكَشَفَ أَحْوَالَ وَلَدِهِ، وَكَيْفَ الْأَمْرُ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بَعْدَهُ، ثُمَّ عَادَ مُسْرِعًا إِلَى الْجَيْشِ، فَجَلَسَ فِي الْمَحَفَّةِ وَأَظْهَرُوا عَافِيَتَهُ وَتَبَاشَرُوا بِذَلِكَ. وَهَذِهِ جُرْأَةٌ عَظِيمَةٌ، وَإِقْدَامٌ هَائِلٌ. وَفِيهَا حَجَّ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ، وَفِي صُحْبَتِهِ الْأَمِيرُ بَدْرُ الدِّينِ الْخَزَنْدَارُ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ صَدْرُ الدِّينِ سُلَيْمَانُ الْحَنَفِيُّ، وَفَخْرُ الدِّينِ بْنُ لُقْمَانَ وَتَاجُ الدِّينِ بْنُ الْأَثِيرِ، وَنَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ مَمْلُوكٍ، وَأَجْنَادٍ مِنَ الْحَلْقَةِ الْمَنْصُورَةِ فَسَارَ عَلَى طَرِيقِ الْكَرَكِ وَنَظَرَ فِي أَحْوَالِهَا، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ فَأَحْسَنَ إِلَى أَهْلِهَا، وَنَظَرَ فِي أَحْوَالِهَا، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى مَكَّةَ، فَتَصَدَّقَ عَلَى الْمُجَاوِرِينَ، ثُمَّ وَقَفَ بِعَرَفَةَ، وَطَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَفُتِحَتْ لَهُ الْكَعْبَةُ فَغَسَلَهَا بِمَاءِ الْوَرْدِ، وَطَيَّبَهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ
পৃষ্ঠা - ১১১৭১
وَقَفَ بِبَابِ الْكَعْبَةِ، فَتَنَاوَلَ أَيْدِي النَّاسِ لِيَدْخُلُوا الْكَعْبَةَ، وَهُوَ بَيْنَهُمْ كَأَحَدِهِمْ، ثُمَّ رَجَعَ فَرَمَى الْجَمَرَاتِ ثُمَّ تَعَجَّلَ النَّفْرَ، فَعَادَ عَلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَزَارَ الْقَبْرَ الشَّرِيفَ مَرَّةً ثَانِيَةً، عَلَى سَاكِنِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَصَحَابَتِهِ الْكِرَامِ أَجْمَعِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. ثُمَّ سَارَ إِلَى الْكَرَكِ فَدَخَلَهَا فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرْسَلَ الْبَشِيرَ إِلَى دِمَشْقَ بِقُدُومِهِ سَالِمًا، فَخَرَجَ الْأَمِيرُ جَمَالُ الدِّينِ آقُوشُ النَّجِيبِيُّ نَائِبُهَا لِيَتَلَقَّى الْبَشِيرَ فِي ثَانِي الْمُحَرَّمِ، فَإِذَا هُوَ السُّلْطَانُ نَفْسُهُ يَسِيرُ فِي الْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ، وَقَدْ سَبَقَ الْجَمِيعَ، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَةِ سَيْرِهِ وَصَبْرِهِ وَجَلَدِهِ، ثُمَّ سَاقَ مِنْ فَوْرِهِ حَتَّى دَخَلَ حَلَبَ فِي سَادِسِ الْمُحَرَّمِ لِيَتَفَقَّدَ أَحْوَالَهَا، ثُمَّ عَادَ إِلَى حَمَاةَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى مِصْرَ، فَدَخَلَهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ثَالِثَ صَفَرٍ مِنَ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي أَوَاخِرِ ذِي الْحِجَّةِ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ أَغْرَقَتْ مِائَتَيْ مَرْكَبٍ فِي النِّيلِ، وَهَلَكَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ وَوَقَعَ هُنَاكَ مَطَرٌ شَدِيدٌ جِدًّا، وَأَصَابَ الشَّامَ مِنْ ذَلِكَ صَقْعَةٌ أَهْلَكَتِ الثِّمَارَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِيهَا أَوْقَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْخُلْفَ بَيْنَ التَّتَارِ مِنْ أَصْحَابِ أَبْغَا وَأَصْحَابِ ابْنِ مَنْكُوتَمُرَ ابْنِ عَمِّهِ، وَتَفَرَّقُوا وَاشْتَغَلُوا بِبَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَفِيهَا خَرَجَ أَهْلُ حَرَّانَ مِنْهَا، وَقَدِمُوا الشَّامَ وَكَانَ فِيهِمْ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ صُحْبَةَ أَبِيهِ، وَعُمْرُهُ سِتُّ سِنِينَ، وَأَخُوهُ زَيْنُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَشَرَفُ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ، وَهُمَا أَصْغَرُ مِنْهُ.
পৃষ্ঠা - ১১১৭২
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ الْأَمِيرُ عِزُّ الدِّينِ أَيْدَمُرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِلِّيُّ الصَّالِحِيُّ كَانَ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ وَأَحْظَاهُمْ عِنْدَ الْمُلُوكِ، ثُمَّ عِنْدَ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ، كَانَ يَسْتَنِيبُهُ إِذَا غَابَ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ السِّنَةُ أَخَذَهُ مَعَهُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِقَلْعَةِ دِمَشْقَ وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِالْقُرْبِ مِنَ الْيَغْمُورِيَّةِ، وَخَلَّفَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَأَوْصَى إِلَى السُّلْطَانِ فِي أَوْلَادِهِ، وَحَضَرَ السُّلْطَانُ عَزَاءَهُ بِجَامِعِ دِمَشْقَ. شَرَفُ الدِّينِ أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَافِظِ أَبِي الْخَطَّابِ عُمَرَ بْنِ دِحْيَةَ الْمِصْرِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ أَبَاهُ وَجَمَاعَةً، وَتَوَلَّى مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ الْكَامِلِيَّةِ مُدَّةً، وَحَدَّثَ، وَكَانَ فَاضِلًا. الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ وَثَّابِ بْنِ رَافِعٍ الْبَجِيلِيُّ الْحَنَفِيُّ دَرَّسَ وَأَفْتَى عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ بِدِمَشْقَ، وَمَاتَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْحَمَّامِ عَلَى مَسَاطِبِ الْحَمَّامِ فَجْأَةً، وَدُفِنَ بقَاسِيُونَ. الطَّبِيبُ الْمَاهِرُ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ بْنِ حَيْدَرَةَ الرَّحَبِيُّ شَيْخُ الْأَطِبَّاءِ بِدِمَشْقَ، وَمُدَرِّسُ الدَّخْوَارِيَّةِ عَنْ وَصِيَّةِ وَاقِفِهَا بِذَلِكَ، وَلَهُ التَّقْدِمَةُ فِي هَذِهِ الصِّنَاعَةِ عَلَى أَقْرَانِهِ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ:
পৃষ্ঠা - ১১১৭৩
يُسَاقُ بَنُو الدُّنْيَا إِلَى الْحَتْفِ عَنْوَةً ... وَلَا يَشْعُرُ الْبَاقِي بِحَالَةِ مَنْ يَمْضِي كَأَنَّهُمُ الْأَنْعَامُ فِي جَهْلِ بَعْضِهَا ... بِمَا تَمَّ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ عَلَى بَعْضِ الشَّيْخُ نَصِيرُ الدِّينِ الْمُبَارَكُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَبُو الْبَرَكَاتِ بْنُ الطَّبَّاخِ الشَّافِعِيُّ الْعَلَّامَةُ فِي الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ، دَرَّسَ وَأَفْتَى وَصَنَّفَ وَانْتُفِعَ بِهِ، وَعُمِّرَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي حَادِي عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيُّ الْمَغْرِبِيُّ النَّحْوِيُّ الْمُلَقَّبُ بِسِيبَوَيْهِ، وَكَانَ فَاضِلًا بَارِعًا فِي صِنَاعَةِ النَّحْوِ، تُوُفِّيَ بِمَارَسْتَانِ الْقَاهِرَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ سَبْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَمِنْ شِعْرِهِ: عَذَّبْتَ قَلْبِي بِهَجْرٍ مِنْكَ مُتَّصِلٍ ... يَا مَنْ هَوَاهُ ضَمِيرٌ غَيْرُ مُنْفَصِلِ مَا زَادَنِي غَيْرَ تَأْكِيدٍ صَدُّكَ لِي ... فَمَا عَدُولُكَ مِنْ عَطْفٍ إِلَى بَدَلِ وَفِيهَا وُلِدَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ بْنُ الزَّمَلْكَانِيِّ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ.
পৃষ্ঠা - ১১১৭৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِي ثَانِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا دَخَلَ السُّلْطَانُ مِنَ الْحِجَازِ عَلَى الْهُجُنِ، فَلَمْ يَرُعِ النَّاسَ إِلَّا وَهُوَ فِي الْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ يَسِيرُ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ تَلَقِّيهِ بِالْهَدَايَا وَالتُّحَفِ، وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَتُهُ، وَقَدْ عَجِبَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَةِ مَسِيرِهِ وَعُلُوِّ هِمَّتِهِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى حَلَبَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى مِصْرَ، فَدَخَلَهَا فِي ثَالِثِ الشَّهْرِ مَعَ الرَّكْبِ الْمِصْرِيِّ، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ أُمُّ الْمَلِكِ السَّعِيدِ فِي الْحِجَازِ هَذِهِ السَّنَةَ، ثُمَّ خَرَجَ فِي ثَالِثَ عَشَرَ صَفَرٍ هُوَ وَوَلَدُهُ وَالْأُمَرَاءُ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَتَصَيَّدَ هُنَالِكَ، وَأَطْلَقَ لِلْأُمَرَاءِ الْأَمْوَالَ الْكَثِيرَةَ وَالْخُلَعَ، وَرَجَعَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا. وَفِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا قُتِلَ صَاحِبُ مَرَّاكُشَ أَبُو الْعَلَاءِ إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْمُلَقَّبُ بِالْوَاثِقِ، قَتَلَهُ بَنُو مَرِينٍ فِي حَرْبٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْ مَرَّاكُشَ. وَفِي ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْهَا وَصَلَ السُّلْطَانُ إِلَى دِمَشْقَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ جَيْشِهِ، وَقَدْ لَقُوا فِي الطَّرِيقِ مَشَقَّةً كَثِيرَةً مِنَ الْبَرْدِ وَالْوَحْلِ، فَخَيَّمَ عَلَى
পৃষ্ঠা - ১১১৭৫
الزَّنْبَقِيَّةِ، وَبَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ أُخْتِ زَيْتُونٍ خَرَجَ مِنْ عَكَّا يَقْصِدُ جَيْشَ الْمُسْلِمِينَ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ سَرِيعًا، فَوَجَدَهُ قَرِيبًا مِنْ عَكَّا فَدَخَلَهَا خَوْفًا مِنْهُ. وَفِي رَجَبٍ تَسَلَّمَ نُوَّابُ السُّلْطَانِ مِصْيَافَ مِنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، وَهَرَبَ مِنْهَا أَمِيرُهُمُ الصَّارِمُ مُبَارَكُ بْنُ الرَّضِيِّ، فَتَحَيَّلَ عَلَيْهِ صَاحِبُ حَمَاةَ حَتَّى أَسَرَهُ، وَأَرْسَلَهُ إِلَى السُّلْطَانِ، فَحَبَسَهُ فِي بَعْضِ الْأَبْرِجَةِ بِالْقَاهِرَةِ. وَفِيهَا أَرْسَلَ السُّلْطَانُ الدَّرَابِزِينَاتِ إِلَى الْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَمَرَ أَنْ تُقَامَ حَوْلَ الْقَبْرِ صِيَانَةً لَهُ، وَعَمِلَ لَهَا أَبْوَابًا تُفْتَحُ وَتُغْلَقُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَرَكَّبَ ذَلِكَ عَلَيْهَا. وَفِيهَا اسْتَفَاضَتِ الْأَخْبَارُ بِقَصْدِ الْفِرِنْجِ بِلَادَ الشَّامِ، فَجَهَّزَ السُّلْطَانُ الْعَسَاكِرَ لِقِتَالِهِمْ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُهْتَمٌّ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ خَوْفًا عَلَيْهَا، وَقَدْ حَصَّنَهَا وَعَمِلَ جَسُورَةً إِلَيْهَا إِنْ دَهَمَهَا الْعَدُوُّ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ مِنْهَا. وَفِيهَا انْقَرَضَتْ دَوْلَةُ بَنِي عَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ، وَكَانَ آخِرُهُمْ إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ صَاحِبُ مَرَّاكُشَ قَتَلَهُ بَنُو مَرِينٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ১১১৭৬
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ الصَّاحِبُ زَيْنُ الدِّينِ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّفِيعِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكٍ الْمِصْرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الزُّبَيْرِيِّ كَانَ فَاضِلًا رَئِيسًا، وَزَرَ لِلْمَلِكِ الْمُظَفَّرِ قُطُزٍ ثُمَّ لِلظَّاهِرِ بَيْبَرْسَ فِي أَوَّلِ دَوْلَتِهِ، ثُمَّ عَزَلَهُ وَوَلَّى بَهَاءَ الدِّينِ بْنَ الْحِنَّا، فَلَزِمَ مَنْزِلَهُ حَتَّى أَدْرَكَتْهُ مَنِيَّتُهُ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ. الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنُ خَلِيفَةَ الْخَزْرَجِيُّ الطَّبِيبُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي أُصَيْبِعَةَ لَهُ " تَارِيخُ الْأَطِبَّاءِ " فِي عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ لِطَافٍ وَهُوَ وَقْفٌ بِمَشْهَدِ ابْنِ عُرْوَةَ بِالْأُمَوِيِّ، تُوُفِّيَ بِصَرْخَدَ، وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ. الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ بْنِ نِعْمَةَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بُكَيْرٍ، أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَقْدِسِيُّ النَّابُلُسِيُّ تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَشَايِخِ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَقَدْ سَمِعَ وَرَحَلَ إِلَى بُلْدَانٍ شَتَّى، وَكَانَ فَاضِلًا يَكْتُبُ سَرِيعًا، حَكَى الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ أَنَّهُ كَتَبَ " مُخْتَصَرَ الْخِرَقِيِّ " فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَخَطُّهُ حَسَنٌ قَوِيٌّ حُلْوٌ، وَقَدْ كَتَبَ " تَارِيخَ ابْنِ عَسَاكِرَ " مَرَّتَيْنِ، وَاخْتَصَرَهُ لِنَفْسِهِ أَيْضًا، وَأُضِرَّ فِي آخِرِ عُمْرِهِ أَرْبَعَ سِنِينَ،
পৃষ্ঠা - ১১১৭৭
وَلَهُ شِعْرٌ أَوْرَدَ مِنْهُ قُطْبُ الدِّينِ فِي " تَذْيِيلِهِ "، تُوُفِّيَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَبِهِ دُفِنَ فِي بُكْرَةِ الثُّلَاثَاءِ عَاشِرِ رَجَبٍ، وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ أَبُو الْفَضْلِ يَحْيَى بْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ مُحْيِي الدِّينِ أَبِي الْمَعَالِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ ابْنُ الزَّكِيِّ تَوَلَّى قَضَاءَ دِمَشْقَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَكَذَلِكَ آبَاؤُهُ مِنْ قَبْلِهِ، كُلٌّ قَدْ وَلِيَهَا، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ حَنْبَلٍ وَابْنِ طَبَرْزَدَ وَالْكِنْدِيِّ وَابْنِ الْحَرَسْتَانِيِّ وَجَمَاعَةٍ، وَحَدَّثَ وَدَرَّسَ فِي مَدَارِسَ كَثِيرَةٍ، وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ الشَّامِ فِي الدَّوْلَةِ الْهَلَاوُونِيَّةِ، فَلَمْ يُحْمَدْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو شَامَةَ، تُوُفِّيَ بِمِصْرَ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَجَبٍ، وَدُفِنَ بِالْمُقَطَّمِ، وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ. وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ، وَحَكَى الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ فِي ذَيْلِهِ - بَعْدَمَا نَسَبَهُ كَمَا ذَكَرْنَا - عَنْ وَلَدِهِ الْقَاضِي بَهَاءِ الدِّينِ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى تَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ مُوَافَقَةً لِشَيْخِهِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَرَبِيٍّ
পৃষ্ঠা - ১১১৭৮
وَلِمَنَامٍ رَآهُ بِجَامِعِ دِمَشْقَ مُعْرِضًا عَنْهُ بِسَبَبِ مَا كَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَيْهِ فِي أَيَّامِ صِفِّينَ، فَأَصْبَحَ فَنَظَمَ فِي ذَلِكَ قَصِيدَةً يَذْكُرُ فِيهَا مَيْلَهُ إِلَى عَلِيٍّ، وَإِنْ كَانَ هُوَ أُمَوِيًّا: أَدِينُ بِمَا دَانَ الْوَصِيُّ وَلَا أَرَى ... سِوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ أُمَيَّةُ مَحْتِدِي وَلَوْ شَهِدَتْ صِفِّينَ خَيْلِي لَأَعْذَرَتْ ... وَسَاءَ بَنِي حَرْبٍ هُنَالِكَ مَشْهَدِي لَكُنْتُ أَسُنُّ الْبِيضَ عَنْهُمْ مَوَاضِيَا ... وَأَرْوِي أَرْمَاحِي وَلَمَّا تَقَصَّدِ وَأَجْلِبُهَا خَيْلًا وَرَجْلًا عَلَيْهِمُ ... وَأَمْنَعُهُمْ نَيْلَ الْخِلَافَةِ بِالْيَدِ وَمِنْ شِعْرِهِ: قَالُوا مَا فِي جِلَّقٍ نُزْهَةٌ ... تُسْلِيكَ عَمَّنْ أَنْتَ بِهِ مُغْرَى يَا عَاذِلِي دُونَكَ فِي لَحْظِهِ ... سَهْمًا وَقَدْ عَارَضَهُ سَطْرَا الصَّاحِبُ فَخْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّاحِبِ بَهَاءِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ الْحِنَّا الْمِصْرِيُّ كَانَ وَزِيرَ الصُّحْبَةِ، وَقَدْ كَانَ فَاضِلًا، بَنَى رِبَاطًا بِالْقَرَافَةِ الْكُبْرَى، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ وَالِدِهِ بِمِصْرَ، وَبِالشَّافِعِيِّ بَعْدَ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ،
পৃষ্ঠা - ১১১৭৯
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ وَدُفِنَ بِسَفْحِ الْمُقَطَّمِ، وَفَوَّضَ السُّلْطَانُ وِزَارَةَ الصُّحْبَةِ إِلَى وَلَدِهِ تَاجِ الدِّينِ. الشَّيْخُ أَبُو نَصْرِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْخَرَّازِ الصُّوفِيُّ الْبَغْدَادِيُّ الشَّاعِرُ لَهُ دِيوَانٌ حَسَنٌ، وَكَانَ جَمِيلَ الْمُعَاشَرَةِ، حَسَنَ الْمُذَاكَرَةِ، دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَلَمْ يَقُمْ لَهُ، وَأَنْشَدَهُ قَوْلَهُ: نَهَضَ الْقَلْبُ حِينَ أَقْبَلْتَ إِجْلَالًا ... لِمَا فِيهِ مِنْ صَحِيحِ الْوِدَادِ وَنُهُوضُ الْقُلُوبِ بِالْوُدِّ أَوْلَى ... مِنْ نُهُوضِ الْأَجْسَادِ لِلْأَجْسَادِ
পৃষ্ঠা - ১১১৮০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ مِنْهَا رَكِبَ السُّلْطَانُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ إِلَى عَسْقَلَانَ، فَهَدَمَ مَا بَقِيَ مِنْ سُورِهَا مِمَّا كَانَ أُهْمِلَ فِي الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ، وَوَجَدَ فِيمَا هَدَمَ كُوزَيْنِ، فِيهِمَا أَلْفَا دِينَارٍ فَفَرَّقَهُمَا عَلَى الْأُمَرَاءِ، وَجَاءَتْهُ الْبِشَارَةُ وَهُوَ هُنَالِكَ بِأَنَّ مَنْكُوتَمُرَ كَسَرَ جَيْشَ أَبْغَا، فَفَرِحَ بِذَلِكَ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْقَاهِرَةِ. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بَلَغَ السُّلْطَانَ أَنَّ أَهْلَ عَكَّا ضَرَبُوا رِقَابَ مَنْ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ صَبْرًا بِظَاهِرِ عَكَّا فَأَمَرَ بِمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ أَسْرَى أَهْلِ عَكَّا فَضُرِبَتْ رِقَابُهُمْ فِي صَبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ مِائَةِ أَسِيرٍ. وَفِيهَا كَمَلَ جَامِعُ الْمَنْشِيَّةِ، وَأُقِيمَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ فِي الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ. وَفِيهَا جَرَتْ حُرُوبٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا بَيْنَ أَهْلِ تُونِسَ وَالْفِرِنْجِ، ثُمَّ تَصَالَحُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْهُدْنَةِ وَوَضْعِ الْحَرْبِ، بَعْدَمَا قُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَامِنِ رَجَبٍ دَخَلَ الظَّاهِرُ إِلَى دِمَشْقَ وَفِي صُحْبَتِهِ وَلَدُهُ
পৃষ্ঠা - ১১১৮১
الْمَلِكُ السَّعِيدُ وَابْنُ الْحِنَّا الْوَزِيرُ وَجُمْهُورُ الْجَيْشِ، ثُمَّ خَرَجُوا مُتَفَرِّقِينَ وَتَوَاعَدُوا أَنْ يَلْتَقُوا بِالسَّاحِلِ; لِيَشُنُّوا الْغَارَةَ عَلَى جَبَلَةَ وَاللَّاذِقِيَّةِ وَمَرْقَبَ وَعِرْقَةَ وَمَا هُنَالِكَ مِنَ الْبِلَادِ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا فَتَحُوا صَافِيتَا وَالْمِجْدَلَ، ثُمَّ سَارُوا فَنَزَلُوا عَلَى حِصْنِ الْأَكْرَادِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعَ عَشَرَ رَجَبٍ، وَلَهُ ثَلَاثُ أَسْوَارٍ، فَنَصَبُوا عَلَيْهَا الْمَنْجَنِيقَاتِ، فَفَتَحَهَا قَهْرًا يَوْمَ نِصْفِ شَعْبَانَ، فَدَخَلَ الْجَيْشُ، وَكَانَ الَّذِي يُحَاصِرُهُ وَلَدُ السُّلْطَانِ الْمَلِكُ السَّعِيدُ، فَأَطْلَقَ السُّلْطَانُ أَهْلَهُ، وَمَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَجْلَاهُمْ إِلَى طَرَابُلُسَ، وَتَسَلَّمَ الْقَلْعَةَ بَعْدَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ مِنَ الْفَتْحِ فَأَجْلَى أَهْلَهَا أَيْضًا، وَجَعَلَ كَنِيسَةَ الْبَلَدِ جَامِعًا، وَأَقَامَ فِيهِ الْجُمُعَةَ، وَوَلَّى فِيهَا نَائِبًا وَقَاضِيًا، وَأَمَرَ بِعِمَارَةِ الْبَلَدِ، وَبَعَثَ صَاحِبُ أَنْطَرْطُوسَ بِمَفَاتِيحِ بَلَدِهِ يَطْلُبُ مِنْهُ الصُّلْحَ عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُ مُغَلِّ بِلَادِهِ لِلسُّلْطَانِ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ بِهَا نَائِبًا، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ صَاحِبُ الْمَرْقَبِ، فَصَالَحَهُ أَيْضًا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ وَوَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ، وَبَلَغَ السُّلْطَانَ وَهُوَ مُخَيِّمٌ عَلَى حِصْنِ الْأَكْرَادِ أَنَّ صَاحِبَ جَزِيرَةِ قُبْرُسَ قَدْ رَكِبَ بِجَيْشِهِ إِلَى عَكَّا لِيَنْصُرَ أَهْلَهَا خَوْفًا مِنَ السُّلْطَانِ، فَأَرَادَ
পৃষ্ঠা - ১১১৮২
السُّلْطَانُ أَنْ يَغْتَنِمَ هَذِهِ الْفُرْصَةَ، فَبَعَثَ جَيْشًا كَثِيفًا فِي سَبْعَةَ عَشَرَ شِينِيًّا لِيَأْخُذُوا جَزِيرَةَ قُبْرُسَ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهَا عَنْهَا، فَسَارَتِ الْمَرَاكِبُ مُسْرِعَةً، فَلَمَّا قَارَبَتِ الْمَدِينَةَ جَاءَتْهَا رِيحٌ قَاصِفٌ، فَصَدَمَ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَانْكَسَرَ مِنْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَرْكَبًا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَغَرِقَ خَلْقٌ، وَأَسَرَ الْفِرِنْجُ مِنَ الصُّنَّاعِ وَالرِّجَالِ قَرِيبًا مِنْ أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ إِنْسَانٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. ثُمَّ سَارَ السُّلْطَانُ، فَنَصَبَ الْمَجَانِيقَ عَلَى حِصْنِ عَكَّا، فَسَأَلَهُ أَهْلُهَا الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يُجْلِيَهُمْ فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَدَخَلَ الْبَلَدَ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ فَتَسَلَّمَهُ، وَكَانَ الْحِصْنُ شَدِيدَ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، ثُمَّ سَارَ السُّلْطَانُ نَحْوَ طَرَابُلُسَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ صَاحِبُهَا يَقُولُ: مَا مُرَادُ السُّلْطَانِ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ؟ فَقَالَ: جِئْتُ لِأَرْعَى زُرُوعَكُمْ، وَأُخَرِّبَ بِلَادَكُمْ، ثُمَّ أَعُودَ إِلَى حِصَارِكُمْ فِي الْعَامِ الْآتِي. فَأَرْسَلَ يَسْتَعْطِفُهُ وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْمُصَالَحَةَ وَوَضْعَ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ يَسْتَعْطِفُونَهُ عَلَى وَالِدِهِمْ وَكَانَ مَسْجُونًا بِالْقَاهِرَةِ، فَقَالَ: سَلِّمُوا إِلَيَّ الْعُلَّيْقَةَ، وَانْزِلُوا فَخُذُوا إِقْطَاعَاتٍ بِالْقَاهِرَةِ، وَتَسَلَّمُوا أَبَاكُمْ. فَلَمَّا نَزَلُوا أَمَرَ بِحَبْسِهِمْ بِالْقَاهِرَةِ، وَاسْتَنَابَ بِحِصْنِ الْعُلَّيْقَةِ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ شَوَّالٍ جَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ إِلَى دِمَشْقَ، فَأَتْلَفَ شَيْئًا كَثِيرًا، وَغَرِقَ بِسَبَبِهِ نَاسٌ كَثِيرٌ، لَا سِيَّمَا الْحُجَّاجُ مِنَ الرُّومِ الَّذِينَ كَانُوا نُزُولًا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، أَخَذَهُمُ السَّيْلُ وَجِمَالَهُمْ وَأَحْمَالَهُمْ، فَهَلَكُوا وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ الْبَلَدِ، وَدَخَلَ الْمَاءُ إِلَى الْبَلَدِ مِنْ مَرَامِي السُّورِ، وَمِنْ بَابِ الْفَرَادِيسِ، فَغَرَّقَ خَانَ ابْنِ
পৃষ্ঠা - ১১১৮৩
الْمُقَدَّمِ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَثِيرًا، وَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ أَيَّامَ الْمِشْمِشِ. وَدَخَلَ السُّلْطَانُ إِلَى دِمَشْقَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ خَامِسَ عَشَرَ شَوَّالٍ، فَعَزَلَ الْقَاضِي ابْنَ خَلِّكَانَ، وَكَانَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ عَشْرُ سِنِينَ، وَوَلَّى الْقَاضِي عِزَّ الدِّينِ بْنَ الصَّائِغِ وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَكَانَ تَقْلِيدُهُ قَدْ كُتِبَ بِظَاهِرِ طَرَابُلُسَ بِسِفَارَةِ الْوَزِيرِ ابْنِ الْحِنَّا، فَسَارَ ابْنُ خَلِّكَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَى مِصْرَ. وَفِي حَادِي عَشَرَ شَوَّالٍ دَخَلَ خَضِرٌ الْكُرْدِيُّ شَيْخُ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ وَأَصْحَابُهُ إِلَى كَنِيسَةِ الْيَهُودِ، فَصَلَّوْا فِيهَا، وَأَزَالُوا مَا فِيهَا مِنْ شَعَائِرِ الْيَهُودِ، وَمَدُّوا فِيهَا سِمَاطًا، وَعَمِلُوا سَمَاعًا وَبَقَوْا عَلَى ذَلِكَ أَيَّامًا، ثُمَّ أُعِيدَتْ إِلَى الْيَهُودِ. ثُمَّ خَرَجَ السُّلْطَانُ إِلَى السَّوَاحِلِ، فَافْتَتَحَ بَعْضَهَا، وَأَشْرَفَ عَلَى عَكَّا وَتَأَمَّلَهَا، ثُمَّ سَارَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَكَانَ مِقْدَارُ مَا غَرِمَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَفِي الْغَزَوَاتِ قَرِيبًا مِنْ ثَمَانِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَخْلَفَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ وُصُولُهُ إِلَى الْقَاهِرَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَالِثَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ وُصُولِهِ أَمْسَكَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ مِنْهُمُ، الْحَلَبِيُّ وَغَيْرُهُ، بَلَغَهُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا مَسْكَهُ عَلَى الشَّقِيفِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَمَرَ بِإِرَاقَةِ الْخُمُورِ مِنْ سَائِرِ بِلَادِهِ، وَتَهَدَّدَ مَنْ يَعْصِرُهَا أَوْ يَعْتَصِرُهَا بِالْقَتْلِ، وَأَسْقَطَ ضَمَانَ ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ بِالْقَاهِرَةِ وَحْدَهَا، كُلُّ يَوْمٍ ضَمَانُهُ أَلْفُ دِينَارٍ، ثُمَّ سَارَتِ الْبُرُدُ بِذَلِكَ إِلَى الْآفَاقِ.
পৃষ্ঠা - ১১১৮৪
وَفِيهَا قَبَضَ السُّلْطَانُ عَلَى الْعَزِيزِ بْنِ الْمُغِيثِ صَاحِبِ الْكَرَكِ، وَعَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ كَانُوا عَزَمُوا عَلَى سَلْطَنَتِهِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْمَلِكُ تَقِيُّ الدِّينِ عَبَّاسُ بْنُ الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ شَادِي وَهُوَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَادِلِ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْكِنْدِيِّ وَابْنِ الْحَرَسْتَانِيِّ، وَكَانَ مُحْتَرَمًا عِنْدَ الْمُلُوكِ، لَا يُرْفَعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي الْمَجَالِسِ وَالْمَوَاكِبِ، وَكَانَ لَيِّنَ الْأَخْلَاقِ، حَسَنَ الْعِشْرَةِ، لَا تَمَلُّ مُجَالَسَتَهُ. تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ بِدَرْبِ الرَّيْحَانِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ. قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحِ بْنِ عِيسَى السُّبْكِيُّ الْمَالِكِيُّ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ وَأَفْتَى بِالصَّالِحِيَّةِ، وَوَلِيَ حِسْبَةَ الْقَاهِرَةِ، ثُمَّ وَلِيَ الْقَضَاءَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ، لَمَّا وَلَّوْا مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ قَاضِيًا، وَقَدِ امْتَنَعَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، ثُمَّ أَجَابَ بَعْدَ إِكْرَاهٍ، وَشَرَطَ أَنْ لَا يَأْخُذَ عَلَى الْقَضَاءِ جَامَكِيَّةَ، وَكَانَ مَشْهُورًا بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ، رَوَى عَنْهُ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ.
পৃষ্ঠা - ১১১৮৫
الطَّوَاشِيُّ شُجَاعُ الدِّينِ مُرْشِدٌ الْمُظَفَّرِيُّ الْحَمَوِيُّ كَانَ شُجَاعًا بَطَلًا مِنَ الْأَبْطَالِ الشُّجْعَانِ، وَكَانَ لَهُ رَأْيٌ سَدِيدٌ، وَكَانَ أُسْتَاذُهُ لَا يُخَالِفُهُ، وَكَذَلِكَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ، تُوُفِّيَ بِحَمَاةَ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِالْقُرْبِ مِنْ مَدْرَسَتِهِ بِحَمَاةَ. ابْنُ سَبْعِينَ: عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَبْعِينَ، قُطْبُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ الرُّقُوطِيُّ نِسْبَةً إِلَى رُقُوطَةَ بَلْدَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ مُرْسِيَةَ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَاشْتَغَلَ بِعِلْمِ الْأَوَائِلِ وَالْفَلْسَفَةِ، فَتَوَلَّدَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ نَوْعٌ مِنَ الْإِلْحَادِ، وَصَنَّفَ فِيهِ وَكَانَ يَعْرِفُ السِّيمِيَا، فَكَانَ يُلَبِّسُ بِذَلِكَ عَلَى الْأَغْبِيَاءِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ أَحْوَالِ الْقَوْمِ وَلَهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ كِتَابُ " الْبُدِّ "، وَكِتَابُ " الْهُوَ " وَقَدْ أَقَامَ بِمَكَّةَ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى عَقْلِ صَاحِبِهَا أَبُو نُمَيٍّ، وَجَاوَرَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بِغَارِ حِرَاءَ يَرْتَجِي - فِيمَا يُنْقَلُ عَنْهُ - أَنْ يَأْتِيَهُ فِيهِ وَحْيٌ كَمَا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَاءً عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ مِنَ الْعَقِيدَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ أَنَّ النُّبُوَّةَ مُكْتَسَبَةٌ، وَأَنَّهَا فَيْضٌ يَفِيضُ عَلَى الْعَقْلِ إِذَا صَفَا، فَمَا حَصَلَ لَهُ إِلَّا الْخِزْيُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِنْ كَانَ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ إِذَا رَأَى الطَّائِفِينَ حَوْلَ الْبَيْتِ يَقُولُ عَنْهُمْ: كَأَنَّهُمُ الْحَمِيرُ حَوْلَ
পৃষ্ঠা - ১১১৮৬
الْمَدَارِ، وَإِنَّهُمْ لَوْ طَافُوا بِهِ كَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ. فَاللَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ، وَقَدْ نُقِلَتْ عَنْهُ عَظَائِمُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، تُوُفِّيَ فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ بِمَكَّةَ.
পৃষ্ঠা - ১১১৮৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَخَلِيفَةُ الْوَقْتِ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ الْعَبَّاسِيُّ، وَسُلْطَانُ الْإِسْلَامِ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ. وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الْمُحَرَّمِ رَكِبَ السُّلْطَانُ إِلَى الْبَحْرِ لِإِلْقَاءِ الشَّوَانِي الَّتِي عُمِلَتْ عِوَضًا عَمَّا غَرِقَ بِجَزِيرَةِ قُبْرُسَ، فَرَكِبَ فِي شِينِيٍّ مِنْهَا، وَمَعَهُ الْأَمِيرُ بَدْرُ الدِّينِ الْخَزَنْدَارُ، فَمَالَتْ بِهِمْ فَسَقَطَ الْخَزَنْدَارُ فِي الْبَحْرِ، فَغَاصَ فِي الْمَاءِ، فَأَلْقَى إِنْسَانٌ نَفْسَهُ وَرَاءَهُ، فَأَخَذَ بِشَعْرِهِ وَأَنْقَذَهُ مِنَ الْغَرَقِ، فَخَلَعَ السُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ. وَفِي أَوَاخِرِ الْمُحَرَّمِ رَكِبَ السُّلْطَانُ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ مِنَ الْخَاصِّكِيَّةِ، وَالْأُمَرَاءِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ حَتَّى قَدِمَ الْكَرَكَ، وَاسْتَصْحَبَ نَائِبَهَا مَعَهُ إِلَى دِمَشْقَ، فَدَخَلَهَا فِي ثَانِي عَشَرَ صَفَرٍ، وَمَعَهُ الْأَمِيرُ عِزُّ الدِّينِ أَيْدَمُرُ نَائِبُ الْكَرَكِ، فَوَلَّاهُ نِيَابَةَ دِمَشْقَ، وَعَزَلَ عَنْهَا جَمَالَ الدِّينِ آقُوشَ النَّجِيبِيَّ فِي رَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حَمَاةَ،
পৃষ্ঠা - ১১১৮৮
وَعَادَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَصَلَتِ الْجُفَالَةُ مِنْ حَلَبَ وَحَمَاةَ وَحِمْصَ إِلَى دِمَشْقَ بِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ التَّتَارِ، وَجَفَلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ وَصَلَتِ الْعَسَاكِرُ الْمِصْرِيَّةُ إِلَى حَضْرَةِ السُّلْطَانِ إِلَى دِمَشْقَ، فَسَارَ بِهِمْ مِنْهَا فِي سَابِعِ الشَّهْرِ فَاجْتَازَ بِحَمَاةَ، وَاسْتَصْحَبَ مَلِكَهَا الْمَنْصُورَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى حَلَبَ، فَخَيَّمَ بِالْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ بِهَا، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عَسَاكِرَ الرُّومِ جَمَعُوا نَحْوًا مِنْ عَشْرَةِ آلَافِ فَارِسٍ، وَبَعَثُوا طَائِفَةً مِنْهُمْ، فَأَغَارُوا عَلَى عَيْنِ تَابٍ، وَوَصَلُوا إِلَى قَسْطُونَ، وَوَقَعُوا عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ التُّرْكُمَانِ بَيْنَ حَارِمٍ وَأَنْطَاكِيَّةَ، فَاسْتَأْصَلُوهُمْ، فَلَمَّا سَمِعَ التَّتَارُ بِوُصُولِ السُّلْطَانِ، رَجَعُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَكَانَ بَلَغَهُ أَنَّ الْفِرِنْجَ أَغَارُوا عَلَى بِلَادِ قَاقُونَ، وَنَهَبُوا طَائِفَةً مِنَ التُّرْكُمَانِ، فَقَبَضَ عَلَى الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ هُنَاكَ; حَيْثُ لَمْ يَهْتَمُّوا بِحِفْظِ الْبِلَادِ، وَعَادَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. وَفِي ثَالِثِ شَعْبَانَ أَمْسَكَ السُّلْطَانُ قَاضِي الْحَنَابِلَةِ بِمِصْرَ شَمْسَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ الْعِمَادِ الْمَقْدِسِيَّ، وَأَخَذَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْوَدَائِعِ، فَأَخَذَ زَكَاتَهَا، وَرَدَّ
পৃষ্ঠা - ১১১৮৯
بَعْضَهَا إِلَى أَرْبَابِهَا، وَاعْتَقَلَهُ إِلَى شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَكَانَ الَّذِي وَشَى بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ يُقَالُ لَهُ: شَبِيبٌ. ثُمَّ تَبَيَّنَ لِلسُّلْطَانِ نَزَاهَةُ الْقَاضِي وَبَرَاءَتُهُ، فَأَعَادَهُ إِلَى مَنْصِبِهِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَجَاءَ السُّلْطَانُ فِي شَعْبَانَ إِلَى أَرَاضِي عَكَّا، فَأَغَارَ عَلَيْهَا، فَسَأَلَهُ صَاحِبُهَا الْمُهَادَنَةَ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، فَهَادَنَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَعَشْرَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةَ أَيَّامٍ وَعَشْرَةَ سَاعَاتٍ، وَعَادَ إِلَى دِمَشْقَ، فَقُرِئَ بِدَارِ السَّعَادَةِ كِتَابُ الصُّلْحِ، وَاسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ عَادَ السُّلْطَانُ إِلَى بِلَادِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَأَخَذَ عَامَّتَهَا. قَالَ قُطْبُ الدِّينِ: وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ وُلِدَتْ زَرَافَةٌ بِقَلْعَةِ الْجَبَلِ، وَأُرْضِعَتْ مِنْ بَقَرَةٍ. قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ: الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ سَلَّارُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ الْإِرْبِلِيُّ الشَّافِعِيُّ أَحَدُ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ، وَقَدِ اشْتَغَلَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ، وَقَدِ اخْتَصَرَ " الْبَحْرَ " لِلرُّويَانِيِّ فِي مُجَلَّدَاتٍ عَدِيدَةٍ هِيَ عِنْدِي بِخَطِّ يَدِهِ، وَكَانَتِ الْفُتْيَا تَدُورُ عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ، تُوُفِّيَ فِي عَشْرِ السَّبْعِينَ وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَكَانَ مُعِيدًا بِالْبَاذَرَائِيَّةِ مِنْ أَيَّامِ الْوَاقِفِ، لَمْ يَطْلُبْ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَجِيهُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ سُوَيْدٍ التِّكْرِيتِيُّ التَّاجِرُ