আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১১০১৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] قَالَ السِّبْطُ: فِيهَا عَادَ النَّاصِرُ دَاوُدُ مِنَ الْأَنْبَارِ إِلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ عَادَ وَحَجَّ مِنَ الْعِرَاقِ، وَأَصْلَحَ بَيْنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَأَهْلِ مَكَّةَ، ثُمَّ عَادَ مَعَهُمْ إِلَى الْحَلَّةِ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَفِيهَا فِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَ صَفَرٍ، تُوفِّيَ بِحَلَبَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ. ضِيَاءُ الدِّينِ صَقْرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَالِمٍ وَكَانَ فَاضِلًا دَيِّنًا، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنِ ادَّعَى أَنَّ لَهُ حَالَةً ... تُخْرِجُهُ عَنْ مَنْهَجِ الشَّرْعِ فَلَا تَكُونَنَّ لَهُ صَاحِبًا ... فَإِنَّهُ ضُرٌّ بِلَا نَفْعِ وَاقِفُ الْقُوصِيَّةِ، أَبُو الْعَرَبِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَامِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ الْقُوصِيُّ وَاقِفُ دَارِهِ بِالْقُرْبِ مِنَ الرَّحْبَةِ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَبِهَا
পৃষ্ঠা - ১১০১৫
قَبْرُهُ، وَكَانَ مُدَرِّسًا بِحَلْقَةِ جَمَالِ الْإِسْلَامِ تُجَاهَ الْبُرَادَةِ، فَعُرِفَتْ بِهِ، وَكَانَ ظَرِيفًا مَطْبُوعًا، حَسَنَ الْمُحَاضَرَةِ، وَقَدْ جَمَعَ لَهُ مُعْجَمًا حَكَى فِيهِ عَنْ مَشَايِخِهِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مُفِيدَةً. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَقَدْ طَالَعْتُهُ بِخَطِّهِ، فَرَأَيْتُ فِيهِ أَغَالِيطَ وَأَوْهَامًا فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَغَيْرِهَا، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ انْتَسَبَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمٍ، فَقَالَ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ. وَقَالَ فِي مُسْنَدِ خِرْقَةِ التَّصَوُّفِ، فَغَلِطَ وَصَحَّفَ حَبِيبًا أَبَا مُحَمَّدٍ: حُسَيْنًا. قَالَ أَبُو شَامَةَ: رَأَيْتُ ذَلِكَ بِخَطِّهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ سَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَدْ تُوفِّيَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى نَقِيبُ الْأَشْرَافِ بِحَلَبَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِهَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ১১০১৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا كَانَ ظُهُورُ النَّارِ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ الَّتِي أَضَاءَتْ لَهَا أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى، كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ الْمُتَّفِقِ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَسَطَ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الْحَافِظُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ الْمَقَدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ " الذَّيْلِ " وَشَرَحَهُ وَاخْتَصَرَهُ، وَاسْتَحْضَرَهُ مِنْ كُتُبٍ كَثِيرَةٍ وَرَدَتْ مُتَوَاتِرَةً إِلَى دِمَشْقَ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ بِصِفَةِ أَمْرِ هَذِهِ النَّارِ الَّتِي شُوهِدَتْ مُعَايَنَةً، وَكَيْفِيَّةِ خُرُوجِهَا وَأَمْرِهَا، وَهَذَا مُحَرَّرٌ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنَ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، فِي أَوَائِلِ هَذَا الْكِتَابِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَمُلَخَّصُ مَا أَوْرَدَهُ أَبُو شَامَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: وَجَاءَ إِلَى دِمَشْقَ كُتُبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، بِخُرُوجِ نَارٍ عِنْدَهُمْ فِي خَامِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكُتِبَتِ الْكُتُبُ فِي خَامِسِ رَجَبٍ، وَالنَّارُ بِحَالِهَا، وَوَصَلَتِ الْكُتُبُ إِلَيْنَا فِي عَاشِرِ شَعْبَانَ. ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَرَدَ إِلَى مَدِينَةِ دِمَشْقَ، حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي أَوَائِلِ شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ كُتُبٌ مِنْ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيهَا شَرْحُ أَمْرٍ عَظِيمٍ حَدَثَ بِهَا، فِيهِ تَصْدِيقٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
পৃষ্ঠা - ১১০১৭
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى» فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ مِمَّنْ شَاهَدَهَا أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَتَبَ بِتَيْمَاءَ عَلَى ضَوْئِهَا الْكُتُبَ. قَالَ: وَكُنَّا فِي بُيُوتِنَا تِلْكَ اللَّيَالِي، وَكَأَنَّ فِي دَارِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا سِرَاجًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا حَرٌّ وَلَفْحٌ عَلَى عِظَمِهَا، إِنَّمَا كَانَتْ آيَةً مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَهَذِهِ صُورَةُ مَا وَقَفَتُ عَلَيْهِ مِنَ الْكُتُبِ الْوَارِدَةِ فِيهَا: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثَ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ ظَهَرَ بِالْمَدِينَةِ - يَعْنِي النَّبَوِيَّةَ - دَوِيٌّ عَظِيمٌ، ثُمَّ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ رَجَفَتْ مِنْهَا الْأَرْضُ وَالْحِيطَانُ وَالسُّقُوفُ وَالْأَخْشَابُ وَالْأَبْوَابُ، سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْخَامِسِ مِنَ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ ظَهَرَتْ نَارٌ عَظِيمَةٌ فِي الْحَرَّةِ قَرِيبَةٌ مِنْ قُرَيْظَةَ نُبْصِرُهَا مِنْ دَورِنَا مِنْ دَاخِلِ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهَا عِنْدَنَا، وَهِيَ نَارٌ عَظِيمَةٌ، إِشْعَالُهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ مَنَائِرَ، وَقَدْ سَالَتْ أَوْدِيَةٌ مِنْهَا بِالنَّارِ إِلَى وَادِي شَظَا مَسِيلَ الْمَاءِ، وَقَدْ سَدَّتْ سَبِيلَ شَظَا وَمَا عَادَ بِسَبِيلٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ طَلَعْنَا جَمَاعَةً نُبْصِرُهَا، فَإِذَا الْجِبَالُ تَسِيلُ نِيرَانًا، وَقَدْ سَدَّتْ الْحَرَّةُ طَرِيقَ الْحَاجِّ الْعِرَاقِيِّ، فَسَارَتْ إِلَى أَنْ وَصَلَتْ إِلَى الْحَرَّةِ، فَوَقَفَتْ بَعْدَمَا أَشْفَقْنَا أَنْ تَجِيءَ إِلَيْنَا، وَرَجَعَتْ تَسِيرُ فِي الشَّرْقِ، وَيَخْرُجُ مِنْ وَسَطِهَا سُهُولٌ وَجِبَالُ نِيرَانٍ تَأْكُلُ الْحِجَارَةَ، فِيهَا أُنْمُوذَجٌ عَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} [المرسلات: 32] [الْمُرْسَلَاتُ: 32، 33]
পৃষ্ঠা - ১১০১৮
وَقَدْ أَكَلَتِ الْأَرْضَ. وَقَدْ كَتَبْتُ هَذَا الْكِتَابَ يَوْمَ خَامِسِ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَالنَّارُ فِي زِيَادَةٍ مَا تَغَيَّرَتْ، وَقَدْ عَادَتْ إِلَى الْحِرَارِ فِي قُرَيْظَةَ طَرِيقِ عِيرِ الْحَاجِّ الْعِرَاقِيِّ إِلَى الْحَرَّةِ، كُلِّهَا نِيرَانٌ تَشْتَعِلُ، نُبْصِرُهَا فِي اللَّيْلِ مِنَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهَا مَشَاعِلُ الْحَاجِّ. وَأَمَّا أَمُّ النَّارِ الْكَبِيرَةِ فَهِيَ جِبَالُ نِيرَانٍ حُمْرٌ، وَالْأُمُّ الْكَبِيرَةُ الَّتِي سَالَتِ النِّيرَانُ مِنْهَا مِنْ عِنْدِ قُرَيْظَةَ، وَقَدْ زَادَتْ وَمَا عَادَ النَّاسُ يَدْرُونَ أَيُّ شَيْءٍ يَتِمُّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاللَّهُ يَجْعَلُ الْعَاقِبَةَ إِلَى خَيْرٍ، وَمَا أَقْدِرُ أَصِفُ هَذِهِ النَّارَ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَفِي كِتَابٍ آخَرَ: ظَهَرَ فِي أَوَّلِ جُمُعَةِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَوَقَعَ فِي شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ، نَارٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ نِصْفُ يَوْمٍ، انْفَجَرَتْ مِنَ الْأَرْضِ، وَسَالَ مِنْهَا وَادٍ مِنْ نَارٍ حَتَّى حَاذَى جَبَلَ أُحُدٍ، ثُمَّ وَقَفَتْ وَعَادَتْ إِلَى السَّاعَةِ، وَلَا نَدْرِي مَاذَا نَفْعَلُ؟ وَوَقْتُ مَا ظَهَرَتْ دَخَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَى نَبِيِّهِمْ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، مُسْتَغْفِرِينَ تَائِبِينَ إِلَى رَبِّهِمْ تَعَالَى، وَهَذِهِ دَلَائِلُ الْقِيَامَةِ. قَالَ: وَفِي كِتَابٍ آخَرَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ مُسْتَهَلُّ جُمَادَى الْآخِرَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ صَوْتٌ يُشْبِهُ صَوْتَ الرَّعْدِ الْبَعِيدِ تَارَةً وَتَارَةً، أَقَامَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ يَوْمَيْنِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثَ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ تَعَقَّبَ
পৃষ্ঠা - ১১০১৯
الصَّوْتَ الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُهُ زَلَازِلُ، فَتُقِيمُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَقَعُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ زَلْزَلَةً، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ خَامِسَ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ انْبَجَسَتِ الْحَرَّةُ بِنَارٍ عَظِيمَةٍ يَكُونُ قَدْرُهَا مِثْلَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ بِرَأْيِ الْعَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ نُشَاهِدُهَا وَهِيَ تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهِيَ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: أُحَيْلِينَ. وَقَدْ سَالَ مِنْ هَذِهِ النَّارِ وَادٍ يَكُونُ مِقْدَارُهُ أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ، وَعَرْضُهُ أَرْبَعَةَ أَمْيَالٍ، وَعُمْقُهُ قَامَةً وَنِصْفًا، وَهِيَ تَجْرِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا أَمْهَادٌ وَجِبَالٌ صِغَارٌ، وَتَسِيرُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَهُوَ صَخْرٌ يَذُوبُ حَتَّى يَبْقَى مِثْلَ الْآنُكِ، فَإِذَا جَمَدَ صَارَ أَسْوَدَ، وَقَبْلَ الْجُمُودِ لَوْنُهُ أَحْمَرُ، وَقَدْ حَصَلَ بِسَبَبِ هَذِهِ النَّارِ إِقْلَاعٌ عَنِ الْمَعَاصِي، وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالطَّاعَاتِ، وَخَرَجَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ عَنْ مَظَالِمَ كَثِيرَةٍ إِلَى أَهْلِهَا. قَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ: وَمِنْ كِتَابِ شَمْسِ الدِّينِ سِنَانِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نُمَيْلَةَ الْحُسَيْنِيِّ قَاضِي الْمَدِينَةِ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ; لَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثَ جُمَادَى الْآخِرَةِ حَدَثَ بِالْمَدِينَةِ فِي الثُّلْثِ الْأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ أَشْفَقْنَا مِنْهَا، وَبَاتَتْ بَاقِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ تُزَلْزِلُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَدْرَ
পৃষ্ঠা - ১১০২০
عَشْرِ نَوْبَاتٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ زَلْزَلَتْ مَرَّةً وَنَحْنُ حَوْلَ حُجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضْطَرَبَ لَهَا الْمِنْبَرُ إِلَى أَنْ أَوْجَسْنَا مِنْهُ صَوْتًا لِلْحَدِيدِ الَّذِي فِيهِ، وَاضْطَرَبَتْ قَنَادِيلُ الْحَرَمِ الشَّرِيفِ، وَتَمَّتِ الزَّلْزَلَةُ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ ضُحًى، وَلَهَا دَوِيٌّ مِثْلُ دَوِيِّ الرَّعْدِ الْقَاصِفِ، ثُمَّ طَلَعَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِي طَرِيقِ الْحَرَّةِ فِي رَأْسِ جَبَلَيْنِ نَارٌ عَظِيمَةٌ مِثْلُ الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ، وَمَا بَانَتْ لَنَا إِلَّا لَيْلَةَ السَّبْتِ، وَأَشْفَقْنَا مِنْهَا، وَخِفْنَا خَوْفًا عَظِيمًا، وَطَلَعْتُ إِلَى الْأَمِيرِ وَكَلَّمْتُهُ، وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أَحَاطَ بِنَا الْعَذَابُ، ارْجِعْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَأَعْتَقَ كُلَّ مَمَالِيكِهِ، وَرَدَّ عَلَى جَمَاعَةٍ أَمْوَالَهُمْ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ، قُلْتُ: اهْبِطِ السَّاعَةَ مَعَنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَبَطَ وَبِتْنَا لَيْلَةَ السَّبْتِ، وَالنَّاسُ جَمِيعُهُمْ وَالنِّسْوَانُ وَأَوْلَادُهُمْ، وَمَا بَقِيَ أَحَدٌ لَا فِي النَّخِيلِ وَلَا فِي الْمَدِينَةِ إِلَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْفَقْنَا مِنْهَا، وَظَهَرَ ضَوْءُهَا إِلَى أَنْ أُبْصِرَتْ مِنْ مَكَّةَ وَمِنَ الْفَلَاةِ جَمِيعِهَا. ثُمَّ سَالَ مِنْهَا نَهَرٌ مِنْ نَارٍ، وَأَخَذَ فِي وَادِي أُجَيْلِينَ وَسَدَّ الطَّرِيقَ، ثُمَّ طَلَعَ إِلَى بَحْرَةِ الْحَاجِّ، وَهُوَ بَحْرُ نَارٍ يَجْرِي، وَفَوْقَهُ جَمْرٌ يَسِيرُ إِلَى أَنْ قَطَعَتِ الْوَادِيَ; وَادِي الشَّظَا، وَمَا عَادَ يَجْرِي فِي الْوَادِي سَيْلٌ قَطُّ; لِأَنَّهَا حَفَرَتْهُ نَحْوَ قَامَتَيْنِ
পৃষ্ঠা - ১১০২১
وَثُلْثٍ عُلُوُّهَا، وَبِاللَّهِ يَا أَخِي إِنَّ عِيشَتَنَا الْيَوْمَ مُكَدَّرَةٌ، وَالْمَدِينَةُ قَدْ تَابَ جَمِيعُ أَهْلِهَا، وَلَا بَقِيَ يُسْمَعُ فِيهَا رَبَابٌ، وَلَا دُفٌّ وَلَا شُرْبٌ، وَتَمَّتِ النَّارُ تَسِيرُ إِلَى أَنْ سَدَّتْ بَعْضَ طَرِيقِ الْحَاجِّ وَبَعْضَ بَحْرَةِ الْحَاجِّ، وَجَاءَ فِي الْوَادِي إِلَيْنَا مِنْهَا قَتِيرٌ، وَخِفْنَا أَنَّهُ يَجِيئُنَا، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَدَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَاتُوا عِنْدَهُ جَمِيعُهُمْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا قَتِيرُهَا الَّذِي مِمَّا يَلِينَا فَقَدْ طُفِئَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَنَّهَا إِلَى السَّاعَةِ وَمَا نَقَصَتْ إِلَّا تَرَى مِثْلَ الْجِمَالِ حِجَارَةً مِنْ نَارٍ، وَلَهَا دَوِيٌّ مَا يَدَعُنَا نَرْقُدُ وَلَا نَأْكُلُ وَلَا نَشْرَبُ، وَمَا أَقْدِرُ أَصِفُ لَكَ عِظَمَهَا، وَلَا مَا فِيهَا مِنَ الْأَهْوَالِ، وَأَبْصَرَهَا أَهْلُ يَنْبُعَ وَنَدَبُوا قَاضِيَهُمْ ابْنَ أَسْعَدَ، وَجَاءَ وَعَدَا إِلَيْهَا، وَمَا أَصْبَحَ يَقْدِرُ يَصِفُهَا مِنْ عِظَمِهَا، وَكَتَبَ الْكُتَّابُ يَوْمَ خَامِسِ رَجَبٍ، وَهِيَ عَلَى حَالِهَا، وَالنَّاسُ مِنْهَا خَائِفُونَ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مِنْ يَوْمِ مَا طَلَعَتْ مَا يَطْلُعَانِ إِلَّا كَاسِفَيْنِ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَبَانَ عِنْدَنَا بِدِمَشْقَ أَثَرُ الْكُسُوفِ مِنْ ضَعْفِ نُورِهَا عَلَى الْحِيطَانِ، وَكُنَّا حَيَارَى مِنْ ذَلِكَ أَيْشِ هُوَ؟ إِلَى أَنْ جَاءَنَا هَذَا الْخَبَرُ عَنْ هَذِهِ النَّارِ. قُلْتُ: وَكَانَ أَبُو شَامَةَ قَدْ أَرَّخَ قَبْلَ مَجِيءِ الْكُتُبِ بِأَمْرِ هَذِهِ النَّارِ، فَقَالَ: وَفِيهَا فِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ خَسَفَ الْقَمَرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ،
পৃষ্ঠা - ১১০২২
وَكَانَ شَدِيدَ الْحُمْرَةِ، ثُمَّ انْجَلَى، وَكَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَفِي غَدِهِ احْمَرَّتْ وَقْتَ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا وَبَقِيَتْ كَذَلِكَ أَيَّامًا مُتَغَيِّرَةَ اللَّوْنِ، ضَعِيفَةَ النُّورِ، وَاللَّهُ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثُمَّ قَالَ: وَاتَّضَحَ بِذَلِكَ مَا صَوَّرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنَ اجْتِمَاعِ الْكُسُوفِ وَالْعِيدِ وَاسْتَبْعَدَهُ أَهْلُ النِّجَامَةِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَمِنْ كِتَابٍ آخَرَ مِنْ بَعْضِ بَنِي الْفَاشَانِيِّ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ فِيهِ: وَصَلَ إِلَيْنَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ نَجَابَةٌ مِنَ الْعِرَاقِ، وَأَخْبَرُوا عَنْ بَغْدَادَ أَنَّهُ أَصَابَهَا غَرَقٌ عَظِيمٌ حَتَّى دَخَلَ الْمَاءُ مِنْ أَسْوَارِ بَغْدَادَ إِلَى الْبَلَدِ، وَغَرِقَ كَثِيرٌ مِنَ الْبَلَدِ، وَدَخَلَ الْمَاءُ دَارَ الْخِلَافَةِ وَسَطَ الْبَلَدِ، وَانْهَدَمَتْ دَارُ الْوَزِيرِ وَثَلَاثُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ دَارًا، وَانْهَدَمَ مَخْزَنُ الْخَلِيفَةِ، وَهَلَكَ مِنْ خِزَانَةِ السِّلَاحِ شَيْءٌ كَثِيرٌ بَلْ تَلِفَ كُلُّهُ، وَأَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى الْهَلَاكِ، وَعَادَتِ السُّفُنُ تَدْخُلُ إِلَى وَسَطِ الْبَلَدِ، وَتَخْتَرِقُ أَزِقَّةَ بَغْدَادَ. قَالَ: وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّهُ جَرَى عِنْدَنَا أَمْرٌ عَظِيمٌ; لَمَّا كَانَ بِتَارِيخِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ الثَّالِثَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةَ وَمِنْ قَبْلِهَا بِيَوْمَيْنِ، عَادَ النَّاسُ يَسْمَعُونَ صَوْتًا مِثْلَ صَوْتِ الرَّعْدِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ - وَمَا فِي السَّمَاءِ غَيْمٌ حَتَّى نَقُولَ إِنَّهُ مِنْهُ - يَوْمَيْنِ إِلَى لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ، ثُمَّ ظَهَرَ الصَّوْتُ حَتَّى سَمِعَهُ النَّاسُ وَتَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ وَرَجَفَتْ بِنَا رَجْفَةً لَهَا صَوْتٌ كَدَوِيِّ الرَّعْدِ، فَانْزَعَجَ لَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَانْتَبَهُوا مِنْ
পৃষ্ঠা - ১১০২৩
مَرَاقِدِهِمْ، وَضَجَّ النَّاسُ بِالِاسْتِغْفَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَفَزِعُوا إِلَى الْمَسْجِدِ، وَصَلَّوْا فِيهِ، وَتَمَّتْ تَرْجُفُ بِالنَّاسِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ إِلَى الصُّبْحِ; وَذَلِكَ الْيَوْمَ كُلَّهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَلَيْلَةَ الْخَمِيسِ كُلَّهَا وَيَوْمَ الْخَمِيسِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ. وَصُبْحَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ارْتَجَّتِ الْأَرْضُ رَجَّةً قَوِيَّةً إِلَى أَنِ اضْطَرَبَ مَنَارُ الْمَسْجِدِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَسُمِعَ لِسَقْفِ الْمَسْجِدِ صَرِيرٌ عَظِيمٌ، وَأَشْفَقَ النَّاسُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَسَكَنَتِ الزَّلْزَلَةُ بَعْدَ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَى قَبْلِ الظُّهْرِ، ثُمَّ ظَهَرَتْ عِنْدَنَا بِالْحَرَّةِ وَرَاءَ قُرَيْظَةَ عَلَى طَرِيقِ السُّوَارِقِيَّةِ بِالْمَقَاعِدِ مَسِيرَةً مِنَ الصُّبْحِ إِلَى الظَّهْرِ نَارٌ عَظِيمَةٌ تَنْفَجِرُ مِنَ الْأَرْضِ، فَارْتَاعَ لَهَا النَّاسُ رَوْعَةً عَظِيمَةً، ثُمَّ ظَهَرَ لَهَا دُخَانٌ عَظِيمٌ فِي السَّمَاءِ يَنْعَقِدُ حَتَّى يَبْقَى كَالسَّحَابِ الْأَبْيَضِ، إِلَى قَبْلِ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ ظَهَرَتِ النَّارُ، لَهَا أَلْسُنٌ تَصْعَدُ فِي الْهَوَاءِ إِلَى السَّمَاءِ حَمْرَاءَ كَأَنَّهَا الْعَلَقَةُ، وَعَظُمَتْ وَفَزِعَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ، وَإِلَى الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ، وَاسْتَجَارَ النَّاسُ بِهَا، وَأَحَاطُوا بِالْحُجْرَةِ وَكَشَفُوا رُءُوسَهُمْ، وَأَقَرُّوا بِذُنُوبِهِمْ، وَابْتَهَلُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَاسْتَجَارُوا بِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأَتَى النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ وَمِنَ النَّخْلِ وَخَرَجَ النِّسَاءُ مِنَ الْبُيُوتِ وَالصِّبْيَانُ وَاجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ، وَأَخْلَصُوا إِلَى اللَّهِ، وَغَطَّتْ حُمْرَةُ النَّارِ السَّمَاءَ كُلَّهَا حَتَّى بَقِيَ النَّاسُ فِي مِثْلِ ضَوْءِ الْقَمَرِ، وَبَقِيَتِ
পৃষ্ঠা - ১১০২৪
السَّمَاءُ كَالْعَلَقَةِ، وَأَيْقَنَ النَّاسُ بِالْهَلَاكِ أَوِ الْعَذَابِ. وَبَاتَ النَّاسُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بَيْنَ مُصَلٍّ وَتَالٍ لِلْقُرْآنِ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ، وَدَاعٍ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمُتَنَصِّلٍ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَمُسْتَغْفِرٍ وَتَائِبٍ، وَلَزِمَتِ النَّارُ مَكَانَهَا، وَتَنَاقَصَ تَضَاعُفُهَا ذَلِكَ وَلَهِيبُهَا، وَصَعِدَ الْفَقِيهُ وَالْقَاضِي إِلَى الْأَمِيرِ يَعِظُونَهُ، فَطَرَحَ الْمَكْسَ، وَأَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ كُلَّهُمْ وَعَبِيدَهُ، وَرَدَّ عَلَيْنَا كُلَّ مَا لَنَا تَحْتَ يَدِهِ، وَعَلَى غَيْرِنَا، وَبَقِيَتْ تِلْكَ النَّارُ عَلَى حَالِهَا تَلْتَهِبُ الْتِهَابًا، وَهِيَ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ وَكَالْمَدِينَةِ ارْتِفَاعًا وَعَرْضًا، يَخْرَجُ مِنْهَا حَصًى يَصْعَدُ فِي السَّمَاءِ، وَيَهْوِي فِيهَا وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ نَارٌ تَرْمِي كَالرَّعْدِ، وَبَقِيَتْ كَذَلِكَ أَيَّامًا ثُمَّ سَالَتْ سَيَلَانًا إِلَى وَادِي أُحَيْلِينَ، تَنْحَدِرُ مَعَ الْوَادِي إِلَى الشَّظَاةِ، حَتَّى لَحِقَ سَيَلَانُهَا بِالْبَحْرَةِ بَحْرَةِ الْحَاجِّ، وَالْحِجَارَةُ مَعَهَا تَتَحَرَّكُ وَتَسِيرُ حَتَّى كَادَتْ تُقَارِبُ حَرَّةَ الْعَرِيضِ، ثُمَّ سَكَنَتْ، وَوَقَفَتْ أَيَّامًا ثُمَّ عَادَتْ تَخْرُجُ وَتَرْمِي بِحِجَارَةٍ خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا، حَتَّى بَنَتْ لَهَا جَبَلَيْنِ وَمَا بَقِيَ يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ بَيْنِ الْجَبَلَيْنِ لِسَانٌ لَهَا أَيَّامًا، ثُمَّ إِنَّهَا عَظُمَتِ الْآنَ، وَسَنَاهَا إِلَى الْآنَ، وَهِيَ تَتَّقِدُ كَأَعْظَمِ مَا يَكُونُ، وَلَهَا كُلُّ يَوْمٍ صَوْتٌ عَظِيمٌ آخِرَ اللَّيْلِ إِلَى ضَحْوَةٍ، وَلَهَا عَجَائِبُ مَا أَقْدِرُ أَنْ أَشْرَحَهَا لَكَ عَلَى الْكَمَالِ، وَإِنَّمَا هَذَا طَرَفٌ مِنْهَا كَبِيرٌ يَكْفِي، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ كَأَنَّهُمَا مُنْكَسِفَانِ إِلَى الْآنَ، وَكَتَبْتُ هَذَا الْكِتَابَ، وَلَهَا شَهْرٌ، وَهِيَ فِي مَكَانِهَا مَا تَتَقَدَّمُ وَلَا تَتَأَخَّرُ، وَقَدْ قَالَ فِيهَا بَعْضُهُمْ أَبْيَاتًا:
পৃষ্ঠা - ১১০২৫
يَا كَاشِفَ الضُّرِّ صَفْحًا عَنْ جَرَائِمِنَا ... لَقَدْ أَحَاطَتْ بِنَا يَا رَبُّ بَأْسَاءُ نَشْكُو إِلَيْكَ خُطُوبًا لَا نُطِيقُ لَهَا ... حَمْلًا وَنَحْنُ بِهَا حَقًّا أَحِقَّاءُ زَلَازِلًا تَخْشَعُ الصُّمُّ الصِّلَابُ لَهَا ... وَكَيْفَ يَقْوَى عَلَى الزِّلْزَالِ شَمَّاءُ أَقَامَ سَبْعًا يَرُجُّ الْأَرْضَ فَانْصَدَعَتْ ... عَنْ مَنْظَرٍ مِنْهُ عَيْنُ الشَّمْسِ عَشْوَاءُ بَحْرٌ مِنَ النَّارِ تَجْرِي فَوْقَهُ سُفُنٌ ... مِنَ الْهِضَابِ لَهَا فِي الْأَرْضِ إِرْسَاءُ يُرَى لَهَا شَرَرٌ كَالْقَصْرِ طَائِشَةً ... كَأَنَّهَا دِيمَةٌ تَنْصَبُّ هَطْلَاءُ مِنْهَا تَكَاثَفَ فِي الْجَوِّ الدُّخَانُ إِلَى ... أَنْ عَادَتِ الشَّمْسُ مِنْهُ وَهْيَ دَهْمَاءُ قَدْ أَثَّرَتْ سُفْعَةً فِي الْبَدْرِ لَفْحَتُهَا ... فَلَيْلَةُ التِّمِّ بَعْدَ النُّورِ لَيْلَاءُ تُحَدِّثُ النَّيِّرَاتِ السَّبْعَ أَلْسُنُهَا ... بِمَا يُلَاقِي بِهَا تَحْتَ الثَّرَى الْمَاءُ وَقَدْ أَحَاطَ لَظَاهَا بِالْبُرُوجِ إِلَى ... أَنْ كَادَ يُلْحِقَهَا بِالْأَرْضِ إِهْوَاءُ فَيَا لَهَا آيَةً مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُو ... لِ اللَّهِ يَعْقِلُهَا الْقَوْمُ الْأَلِبَّاءُ فَبِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْمَكْنُونِ إِنْ عَظُمَتْ ... مِنَّا الذُّنُوبُ وَسَاءَ الْقَلْبُ أَسَوَاءُ فَاسْمَحْ وَهَبْ وَتَفَضَّلْ وَامْحُ وَاعْفُ وَجُدْ ... وَاصْفَحْ فَكُلٌّ لِفَرْطِ الْجَهْلِ خَطَّاءُ فَقَوْمُ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كُشِفَ الْ ... عَذَابُ عَنْهُمْ وَعَمَّ الْقَوْمَ نَعْمَاءُ
পৃষ্ঠা - ১১০২৬
وَنَحْنُ أُمَّةُ هَذَا الْمُصْطَفَى وَلَنَا ... مِنْهُ إِلَى عَفْوِكَ الْمَرْجُوِّ دَعَّاءُ هَذَا الرَّسُولُ الَّذِي لَوْلَاهُ مَا سُلِكَتْ ... مَحَجَّةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَيْضَاءُ فَارْحَمْ وَصَلِّ عَلَى الْمُخْتَارِ مَا خَطَبَتْ ... عَلَى عُلَا مِنْبَرِ الْأَوْرَاقِ وَرْقَاءُ قُلْتُ: وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِي أَمْرِ هَذِهِ النَّارِ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى» . وَهَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ. وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ - كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ أَخْبَرَنِي قَاضِي الْقُضَاةِ صَدْرُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ التَّمِيمِيُّ الْحَنَفِيُّ الْحَاكِمُ بِدِمَشْقَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ فِي الْمُذَاكَرَةِ، وَجَرَى ذِكْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ هَذِهِ النَّارِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ يُخْبِرُ وَالِدِي بِبُصْرَى فِي تِلْكَ اللَّيَالِي أَنَّهُمْ رَأَوْا أَعْنَاقَ الْإِبِلِ فِي ضَوْءِ هَذِهِ النَّارِ الَّتِي ظَهَرَتْ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ. قُلْتُ: وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَكَانَ وَالِدُهُ مُدَرِّسًا لِلْحَنَفِيَّةِ بِمَدِينَةِ بُصَرَى، وَكَذَلِكَ كَانَ جَدُّهُ وَهُوَ أَيْضًا، فَدَرَّسَ بِهَا، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى دِمَشْقَ، فَدَرَّسَ بِالصَّادِرِيَّةِ وَبِالْمُقَدَّمِيَّةِ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَكَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ فِي الْأَحْكَامِ، وَقَدْ كَانَ عُمُرُهُ حِينَ وَقَعَتْ هَذِهِ
পৃষ্ঠা - ১১০২৭
النَّارُ بِالْحِجَازِ ثنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمِثْلُهُ مِمَّنْ يَضْبِطُ مَا يَسْمَعُ مِنَ الْخَبَرِ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ أَخْبَرَ وَالِدَهُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي. وَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى نَبِيِّهِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحِبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. وَمِمَّا نَظَمَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي هَذِهِ النَّارِ الْحِجَازِيَّةِ وَغَرَقِ بَغْدَادَ قَوْلُهُ: سُبْحَانَ مَنْ أَصْبَحَتْ مَشِيئَتُهُ ... جَارِيَةً فِي الْوَرَى بِمِقْدَارِ أَغْرَقَ بَغْدَادَ بِالْمِيَاهِ كَمَا ... أَحْرَقَ أَرْضَ الْحِجَازِ بِالنَّارِ قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: فِي سَنَةٍ أَغْرَقَ الْعِرَاقَ وَقَدْ ... أَحْرَقَ أَرْضَ الْحِجَازِ بِالنَّارِ وَقَالَ ابْنُ السَّاعِي فِي تَارِيخِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ: وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثَامِنَ عَشَرَ رَجَبٍ - يَعْنِي مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - كُنْتُ جَالِسًا بَيْنَ يَدَيِ الْوَزِيرِ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُحْبَةَ قَاصِدٍ يُعْرَفُ بِقَيْمَازَ الْعَلَوِيِّ الْحَسَنِيِّ الْمَدَنِيِّ، فَنَاوَلَهُ الْكِتَابَ فَقَرَأَهُ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ أَنَّ مَدِينَةَ رَسُولِ اللِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زُلْزِلَتْ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ثَانِي جُمَادَى الْآخِرَةِ حَتَّى ارْتَجَّ الْمِنْبَرُ الشَّرِيفُ النَّبَوِيُّ، وَسُمِعَ صَرِيرُ الْحَدِيدِ، وَتَحَرَّكَتِ السَّلَاسِلُ، وَظَهَرَتْ نَارٌ عَلَى مَسِيرَةِ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ تَرْمِي بِشَرَرٍ كَأَنَّهُ رُءُوسُ الْجِبَالِ، وَدَامَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. قَالَ الْقَاصِدُ: وَجِئْتُ وَلَمْ تَنْقَطِعْ بَعْدُ، بَلْ كَانَتْ عَلَى حَالِهَا، وَسَأَلَهُ: إِلَى أَيِّ الْجِهَاتِ تَرْمِي؟ فَقَالَ: إِلَى جِهَةِ الشَّرْقِ. وَاجْتَزْتُ عَلَيْهَا أَنَا وَنَجَابَةُ الْيَمَنِ، وَرَمَيْنَا
পৃষ্ঠা - ১১০২৮
فِيهَا سَعَفَةً، فَلَمْ تُحْرِقْهَا، بَلْ كَانَتْ تُحْرِقُ الْحِجَارَةَ وَتُذِيبُهَا، وَأَخْرَجَ قَيْمَازُ الْمَذْكُورُ شَيْئًا مِنَ الصَّخْرِ الْمُحْتَرِقِ، وَهُوَ كَالْفَحْمِ لَوْنًا وَخِفَّةً. قَالَ: وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ وَكَانَ بِخَطِّ قَاضِي الْمَدِينَةِ، أَنَّهُمْ لَمَّا زُلْزِلُوا دَخَلُوا الْحَرَمَ، وَكَشَفُوا رُءُوسَهُمْ وَاسْتَغْفَرُوا، وَأَنَّ نَائِبَ الْمَدِينَةِ أَعْتَقَ جَمِيعَ مَمَالِيكِهِ، وَخَرَجَ مِنْ جَمِيعِ الْمَظَالِمِ، وَلَمْ يَزَالُوا مُسْتَغْفِرِينَ مُتَضَرِّعِينَ حَتَّى سَكَنَتِ الزَّلْزَلَةُ، إِلَّا أَنَّ النَّارَ الَّتِي ظَهَرَتْ لَمْ تَنْقَطِعْ، وَجَاءَ الْقَاصِدُ الْمَذْكُورُ، وَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَإِلَى الْآنَ. قَالَ ابْنُ السَّاعِي: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الْعَدْلِ مَحْمُودِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ الْأَمْعَانِيِّ شَيْخِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ النَّارَ الَّتِي ظَهَرَتْ بِالْحِجَازِ آيَةٌ عَظِيمَةٌ، وَإِشَارَةٌ صَحِيحَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ دَالَّةٌ عَلَى اقْتِرَابِ السَّاعَةِ، فَالسَّعِيدُ مَنِ انْتَهَزَ الْفُرْصَةَ قَبْلَ الْفَوْتِ، وَتَدَارَكَ أَمْرَهُ بِإِصْلَاحِ حَالِهِ مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَهَذِهِ النَّارُ فِي أَرْضٍ ذَاتِ حَجَرٍ، لَا شَجَرَ فِيهَا وَلَا نَبْتَ، وَهِيَ تَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضًا إِنْ لَمْ تَجِدْ مَا تَأْكُلُهُ، وَهِيَ تُحْرِقُ الْحِجَارَةَ وَتُذِيبُهَا حَتَّى تَعُودَ كَالطِّينِ الْمَبْلُولِ، ثُمَّ يَضْرِبُهُ الْهَوَاءُ حَتَّى يَعُودَ كَخَبَثِ الْحَدِيدِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْكِيرِ، فَاللَّهُ يَجْعَلُهَا عِبْرَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَرَحْمَةً لِلْعَالِمِينَ، بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَفِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلَّ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ احْتَرَقَ
পৃষ্ঠা - ১১০২৯
مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، ابْتَدَأَ حَرِيقُهُ مِنْ زَاوِيَتِهِ الْغَرْبِيَّةِ مِنَ الشَّمَالِ، وَكَانَ دَخَلَ أَحَدُ الْقَوْمَةِ إِلَى خِزَانَةٍ ثَمَّ، وَمَعَهُ نَارٌ فَعَلِقَتْ فِي الْآلَاتِ ثَمَّ، وَاتَّصَلَتْ بِالسَّقْفِ بِسُرْعَةٍ، ثُمَّ دَبَّتْ فِي السُّقُوفِ، وَأَخَذَتْ قِبْلَةً، فَأَعْجَلَتِ النَّاسَ عَنْ قَطْعِهَا، فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةٌ حَتَّى احْتَرَقَتْ سُقُوفُ الْمَسْجِدِ أَجْمَعَ، وَوَقَعَتْ بَعْضُ أَسَاطِينِهِ، وَذَابَ رَصَاصُهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ النَّاسُ، وَاحْتَرَقَ سَقْفُ الْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَوَقَعَ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الْحُجْرَةِ، وَبَقِيَ عَلَى حَالِهِ حَتَّى شُرِعَ فِي عِمَارَةِ سَقْفِهِ وَسَقْفِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ، عَلَى صَاحِبِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ، فَعَزَلُوا مَوْضِعًا لِلصَّلَاةِ، وَعُدَّ مَا وَقَعَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ الْخَارِجَةِ وَحَرِيقِ الْمَسْجِدِ مِنْ جُمْلَةِ الْآيَاتِ، وَكَأَنَّهَا كَانَتْ مُنْذِرَةً بِمَا يَعْقُبُهَا فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ مِنَ الْكَائِنَاتِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ أَبِي شَامَةَ. وَقَدْ قَالَ أَبُو شَامَةَ فِي الَّذِي وَقَعَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَمَا بَعْدَهَا شِعْرًا، وَهُوَ قَوْلُهُ: بَعْدَ سِتٍّ مِنَ الْمِئِينَ وَخَمْسِي ... نَ لَدَى أَرْبَعٍ جَرَى فِي الْعَامِ نَارُ أَرْضِ الْحِجَازِ مَعَ حَرْقِ الْمَسْ ... جِدِ مَعْهُ تَغْرِيقُ دَارِ السَّلَامِ ثُمَّ أَخْذُ التَّتَارِ بَغْدَادَ فِي أَوَّ ... لِ عَامٍ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ وَعَامِ لَمْ يُعْنَ أَهْلُهَا وَلِلْكُفْرِ أَعْوَا ... نٌ عَلَيْهِمْ يَا ضَيْعَةَ الْإِسْلَامِ وَانْقَضَتْ دَوْلَةُ الْخِلَافَةِ مِنْهَا ... صَارَ مُسْتَعْصِمٌ بِغَيْرِ اعْتِصَامِ
পৃষ্ঠা - ১১০৩০
فَحَنَانًا عَلَى الْحِجَازِ وَمِصْرَ ... وَسَلَامًا عَلَى بِلَادِ الشَّامِ رَبِّ سَلِّمْ وَصُنْ وَعَافِ بَقَايَا الْ ... مُدُنِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَمَلَتْ عِمَارَةُ الْمَدْرَسَةِ النَّاصِرِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ دَاخِلَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، وَحَضَرَ فِيهَا الدَّرْسَ وَاقِفُهَا الْمَلِكُ النَّاصِرُ صَلَاحُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ غِيَاثِ الدِّينِ غَازِيِّ بْنِ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ شَادِي فَاتِحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَدَرَّسَ فِيهَا قَاضِي الْبَلَدِ صَدْرُ الدِّينِ بْنُ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْأُمَرَاءُ وَالدَّوْلَةُ وَالْعُلَمَاءُ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ بِدِمَشْقَ. وَفِيهَا أُمِرَ بِعِمَارَةِ الرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ النَّحَّاسِ تَرَكَ الْخَدَمَ، وَأَقْبَلَ عَلَى الزَّهَادَةِ وَالتِّلَاوَةِ، وَالْعِبَادَةِ وَالصِّيَامِ الْمُتَتَابَعِ، وَالِانْقِطَاعِ بِمَسْجِدِهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ دُفِنَ عِنْدَ مَسْجِدِهِ بِتُرْبَةٍ مَشْهُورَةٍ بِهِ، وَحَمَّامٍ يَنْسُبُ إِلَيْهِ فِي مَسَارِيقِ الصَّالِحِيَّةِ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ السِّبْطُ، وَأَرَّخُوا وَفَاتَهُ كَمَا ذَكَرْنَا.
পৃষ্ঠা - ১১০৩১
يُوسُفُ بْنُ الْأَمِيرِ حُسَامِ الدِّينِ قِزُغْلِي بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَتِيقِ الْوَزِيرِ عَوْنِ الدِّينِ يَحْيَى بْنِ هُبَيْرَةَ الْحَنْبَلِيُّ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ، أَبُو الْمُظَفَّرِ الْحَنَفِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، سِبْطُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، أُمُّهُ رَابِعَةُ بِنْتُ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ الْوَاعِظِ، وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الصُّورَةِ، طَيِّبَ الصَّوْتِ، حَسَنَ الْوَعْظِ، كَثِيرَ الْفَضَائِلِ وَالْمُصَنَّفَاتِ، وَلَهُ " مِرْآةُ الزَّمَانِ " فِي عِشْرِينَ مُجَلَّدًا مِنْ أَحْسَنِ التَّوَارِيخِ، انْتَظَمَ فِيهِ " الْمُنْتَظَمَ " لِجَدِّهِ، وَزَادَ عَلَيْهِ، وَذَيَّلَ إِلَى زَمَانِهِ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ التَّوَارِيخِ وَأَبْهَجِهَا، قَدِمَ دِمَشْقَ فِي حُدُودِ السِّتِّمِائَةِ، وَحَظِيَ عِنْدَ مُلُوكِ بَنِي أَيُّوبَ، وَقَدَّمُوهُ وَأَحْسَنُوا إِلَيْهِ، وَكَانَ لَهُ مَجْلِسُ وَعْظٍ كُلَّ يَوْمِ سَبْتٍ بُكْرَةَ النَّهَارِ عِنْدَ السَّارِيَةِ الَّتِي يَقُومُ عِنْدَهَا الْوُعَّاظُ الْيَوْمَ عِنْدَ بَابِ مَشْهِدِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، وَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَبِيتُونَ لَيْلَةَ السَّبْتِ بِالْجَامِعِ، وَيَتْرُكُونَ الْبَسَاتِينَ فِي الصَّيْفِ حَتَّى يَسْمَعُوا مِيعَادَهُ، ثُمَّ يُسْرِعُونَ إِلَى بَسَاتِينِهِمْ، فَيَتَذَاكَرُونَ مَا قَالَهُ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْكَلَامِ الْحَسَنِ، عَلَى طَرِيقَةِ جَدِّهِ. وَقَدْ كَانَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْكِنْدِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْمَشَايِخِ يَحْضُرُونَ عِنْدَهُ تَحْتَ قُبَّةِ يَزِيدَ، الَّتِي عِنْدَ بَابِ الْمَشْهَدِ، وَيَسْتَحْسِنُونَ مَا يَقُولُ، وَدَرَّسَ بِالْعِزِّيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ الَّتِي بَنَاهَا الْأَمِيرُ عِزُّ الدِّينِ أَيْبَكُ الْمُعَظَّمِيُّ، أُسْتَاذُ دَارِ الْمُعَظَّمِ، وَهُوَ وَاقِفُ الْعِزِّيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ الَّتِي بِالْكُشْكِ أَيْضًا، وَكَانَتْ قَدِيمًا تُعْرَفُ بِدُورِ ابْنِ مُنْقِذٍ، وَدَرَّسَ السِّبْطُ أَيْضًا بِالشِّبْلِيَّةِ الَّتِي بِالْجَبَلِ عِنْدَ جِسْرِ كُحَيْلٍ، وَفُوِّضَ إِلَيْهِ الْبَدْرِيَّةُ
পৃষ্ঠা - ১১০৩২
الَّتِي قُبَالَتَهَا، فَكَانَتْ سَكَنَهُ، وَبِهَا تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ سُلْطَانُ الْبَلَدِ النَّاصِرُ بْنُ الْعَزِيزِ فَمَنْ دُونَهُ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ فِي عُلُومِهِ وَفَضَائِلِهِ وَرِيَاسَتِهِ وَحُسْنِ وَعْظِهِ وَطِيبِ صَوْتِهِ وَنَضَارَةِ وَجْهِهِ، وَتَوَاضُعِهِ وَزُهْدِهِ وَتَوَدُّدِهِ، لَكِنَّهُ قَالَ: وَقَدْ كُنْتُ مَرِيضًا لَيْلَةَ وَفَاتِهِ، فَرَأَيْتُ وَفَاتَهُ فِي الْمَنَامِ قَبْلَ الْيَقَظَةِ، وَرَأَيْتُهُ فِي حَالَةٍ مُنْكَرَةٍ، وَرَآهُ غَيْرِي أَيْضًا كَذَلِكَ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ، وَلَمْ أَقَدِرْ عَلَى حُضُورِ جِنَازَتِهِ وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ حَافِلَةً حَضَرَهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، السُّلْطَانُ فَمَنْ دُونَهُ، وَدُفِنَ هُنَاكَ، وَقَدْ كَانَ فَاضِلًا عَالِمًا ظَرِيفًا، مُنْقَطِعًا مُنْكِرًا عَلَى أَرْبَابِ الدُّوَلِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ، وَقَدْ كَانَ مُقْتَصِدًا فِي لِبَاسِهِ مُوَاظِبًا عَلَى الْمُطَالَعَةِ وَالِاشْتِغَالِ وَالْجَمْعِ وَالتَّصْنِيفِ، مُنْصِفًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ، مُبَايِنًا لِأَهْلِ الْجَبْرِيَّةِ وَالْجَهْلِ وَتَأْتِي الْمُلُوكُ وَأَرْبَابُ الدُّوَلِ إِلَيْهِ زَائِرِينَ وَقَاصِدِينَ، وَرُبِّيَ فِي طُولِ زَمَانِهِ فِي جَاهٍ عَرِيضٍ عِنْدَ الْمُلُوكِ وَالْعَوَامِّ نَحْوَ خَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ مَجْلِسُ وَعْظِهِ مُطْرِبًا، وَصَوْتُهُ فِيمَا يُورِدُهُ حَسَنًا طَيِّبًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ. قُلْتُ: وَهُوَ مِمَّنْ يُنْشَدُ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ: مَازِلْتَ تَدْأَبُ فِي التَّارِيخِ مُجْتَهِدًا ... حَتَّى رَأَيْتُكَ فِي التَّارِيخِ مَكْتُوبَا وَقَدْ سُئِلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ زَمَنَ الْمَلِكِ النَّاصِرِ صَاحِبِ حَلَبَ أَنْ يَذْكُرَ لِلنَّاسِ شَيْئًا مِنْ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَجَلَسَ طَوِيلًا لَا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ وَضَعَ الْمِنْدِيلَ عَلَى
পৃষ্ঠা - ১১০৩৩
وَجْهِهِ، وَبَكَى ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: وَهُوَ يَبْكِي شَدِيدًا: وَيْلٌ لِمَنْ شُفَعَاؤُهُ خُصَمَاؤُهُ ... وَالصُّورُ فِي نَشْرِ الْخَلَائِقِ يُنْفَخُ لَا بُدَّ أَنْ تَرِدَ الْقِيَامَةَ فَاطِمٌ ... وَقَمِيصُهَا بِدَمِ الْحُسَيْنِ مُلَطَّخُ ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَبْكِي، وَصَعِدَ إِلَى الصَّالِحِيَّةِ وَهُوَ يَبْكِي كَذَلِكَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَاقِفُ مارَسْتَانِ الصَّالِحِيَّةِ: الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ يُوسُفُ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ بْنِ مُوسَكَ الْقَيْمَرِيُّ الْكُرْدِيُّ أَكْبَرُ أُمَرَاءِ الْقَيْمَرِيَّةِ، كَانُوا يَقِفُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا تُعَامَلُ الْمُلُوكُ، وَمِنْ أَكْبَرِ حَسَنَاتِهِ وَقْفُهُ الْمَارَسْتَانَ الَّذِي بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ وَدَفْنُهُ بِالسَّفْحِ فِي الْقُبَّةِ الَّتِي تُجَاهَ الْمَارَسْتَانِ الْمَذْكُورِ، وَكَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ وَثَرْوَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. مُجِيرُ الدِّينِ يَعْقُوبُ بْنُ الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ دُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ بِتُرْبَةِ الْعَادِلِيَّةِ. الْأَمِيرُ مُظَفَّرُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَاحِبِ صَرْخَدَ عِزِّ الدِّينِ أَيْبَكَ أُسْتَاذِ دَارِ الْمُعَظَّمِ وَاقِفِ الْعِزِّيَّتَيْنِ; الْبَرَّانِيَّةِ وَالْجَوَّانِيَّةِ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ، وَدُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ بِالتُّرْبَةِ تَحْتَ الْقُبَّةِ عِنْدَ الْوَرَّاقَةِ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ১১০৩৪
الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نُوحٍ الْمَقْدِسِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ مُدَرِّسُ الرَّوَاحِيَّةِ بَعْدَ شَيْخِهِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ الصَّلَاحِ، وَدُفِنَ بِالصُّوفِيَّةِ، وَكَانَتْ لَهُ جِنَازَةٌ حَافِلَةٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَكَثُرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَوْتُ الْفَجْأَةِ، فَمَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا: زَكِيُّ بْنُ الْفُوَيْرَةِ، أَحَدُ الْمُعَدِّلِينَ بِدِمَشْقَ، وَبَدْرُ الدِّينِ بْنُ التِّبْنِينِيِّ أَحَدُ رُؤَسَائِهَا، وَعِزُّ الدِّينِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ التَّغَلِبِيُّ ابْنُ الْحَنَوِيِّ، وَهُوَ سِبْطُ الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ بْنِ الْحَرَسْتَانِيِّ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَفَا عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.