আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১০৯৫৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا تَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَ الصَّالِحِ أَيُّوبَ صَاحِبِ مِصْرَ وَبَيْنَ عَمِّهِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ صَاحِبِ دِمَشْقَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِ وَلَدَهُ الْمُغِيثَ عُمَرَ بْنَ الصَّالِحِ أَيُّوبَ الْمُعْتَقَلَ فِي قَلْعَةِ دِمَشْقَ، وَتَسْتَقِرُّ دِمَشْقُ فِي يَدِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ، فَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى ذَلِكَ، وَخُطِبَ لِلصَّالِحِ أَيُّوبَ بِدِمَشْقَ، فَخَافَ الْوَزِيرُ أَمِينُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْحَسَنِ غَزَّالٌ الْمَسْلَمَانِيُّ، وَزِيرُ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ مِنْ غَائِلَةِ هَذَا الْأَمْرِ، فَقَالَ لِمَخْدُومِهِ: لَا تَرُدَّ هَذَا الْغُلَامَ إِلَى أَبِيهِ تَخْرُجُ الْبِلَادُ مِنْ يَدِكَ، هَذَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ فِي يَدِكَ لِلْبِلَادِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ أَبْطَلَ مَا كَانَ وَقَعَ مِنَ الصُّلْحِ، وَرَدَّ الْغُلَامَ إِلَى الْقَلْعَةِ، وَقُطِعَتِ الْخُطْبَةُ لِلصَّالِحِ أَيُّوبَ، وَوَقَعَتِ الْوَحْشَةُ بَيْنَ الْمَلِكَيْنِ، وَأَرْسَلَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ إِلَى الْخُوَارَزْمِيَّةِ يَسْتَحْضِرُهُمْ لِحِصَارِ دِمَشْقَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَكَانَتِ الْخُوَارَزْمِيَّةُ قَدْ فَتَحُوا فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِلَادَ الرُّومِ، وَأَخَذُوهَا مِنْ أَيْدِي مَلِكِهَا ابْنِ عَلَاءِ الدِّينِ، وَكَانَ قَلِيلَ الْعَقْلِ يَلْعَبُ بِالْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ، وَيُسَلِّطُهَا عَلَى النَّاسِ، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ عَضَّهُ سَبُعٌ فَمَاتَ، فَتَغَلَّبُوا عَلَى الْبِلَادِ حِينَئِذٍ. وَفِيهَا احْتِيطَ عَلَى أَعْوَانِ الْقَاضِي الرَّفِيعِ الْجِيلِيِّ، وَضُرِبَ بَعْضُهُمْ بِالْمَقَارِعِ وَصُودِرُوا، وَرُسِمَ عَلَى الْقَاضِي الرَّفِيعِ بِالْمَدْرَسَةِ الْمُقَدَّمِيَّةِ دَاخِلَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، ثُمَّ أُخْرِجَ لَيْلًا وَذُهِبَ بِهِ، فَسُجِنَ بِمَغَارَةِ أَفْقَهَ مِنْ نَوَاحِي الْبِقَاعِ، ثُمَّ انْقَطَعَ خَبَرُهُ.
পৃষ্ঠা - ১০৯৫৬
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: وَذَكَرُوا أَنَّهُ تُوُفِّيَ لَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ أُلْقِيَ مِنْ شَاهِقٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: خُنِقَ. وَذَلِكَ كُلُّهُ بِذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ قُرِئَ مَنْشُورُ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ بِدِمَشْقَ لِمُحْيِي الدِّينِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْقُرَشِيِّ، بِالشُّبَّاكِ الْكَمَالِيِّ بِالْجَامِعِ. كَذَا قَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ. وَزَعَمَ السِّبْطُ أَنَّ عَزْلَهُ إِنَّمَا كَانَ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ، وَذَكَرَ أَنَّ سَبَبَ هَلَاكِهِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى الْمَلِكِ الصَّالِحِ يَقُولُ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ أَوْرَدَ إِلَى خِزَانَتِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ. فَأَنْكَرَ الصَّالِحُ ذَلِكَ، وَرَدَّ عَلَيْهِ الْجَوَابَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ سِوَى أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَرْسَلَ الْقَاضِي يَقُولُ: فَأَنَا أُحَاقِقُ الْوَزِيرَ، وَكَانَ الصَّالِحُ لَا يُخَالِفُ الْوَزِيرَ، فَأَشَارَ حِينَئِذٍ عَلَى الصَّالِحِ بِعَزْلِهِ، لِتَبْرَأَ سَاحَةُ السُّلْطَانِ مِنْ شَنَاعَاتِ النَّاسِ، فَعَزَلَهُ وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ. وَفَوَّضَ أَمْرَ مَدَارِسِهِ إِلَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ الصَّلَاحِ، فَعَيَّنَ الْعَادِلِيَّةَ لِلْكَمَالِ التَفْلِيسِيِّ، وَالْعَذْرَاوِيَّةَ لِمُحْيِي الدِّينِ بْنِ الزَّكِيِّ الَّذِي وَلِيَ الْقَضَاءَ بَعْدَهُ، وَالْأَمِينِيَّةَ لِابْنِ عَبْدِ الْكَافِي، وَالشَّامِيَّةَ الْبَرَّانِيَّةَ لِلتَّقِيِّ الْحَمَوِيِّ، وَتَغَيَّبَ الْقَاضِي الرَّفِيعُ، وَأَسْقَطَ عَدَالَةَ شُهُودِهِ. قَالَ السِّبْطُ: أَرْسَلَهُ الْأَمِينُ مَعَ جَمَاعَةٍ عَلَى بَغْلٍ بِإِكَافٍ لِبَعْضِ النَّصَارَى
পৃষ্ঠা - ১০৯৫৭
إِلَى مَغَارَةِ أَفْقَهَ فِي جَبَلِ لُبْنَانَ مِنْ نَاحِيَةِ السَّاحِلِ، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ عَدْلَيْنِ مِنْ بَعْلَبَكَّ لِيَشْهَدَا عَلَيْهِ بِبَيْعِ أَمْلَاكِهِ مِنْ أَمِينِ الدَّوْلَةِ، فَذَكَرَا أَنَّهُمَا شَاهَدَاهُ، وَعَلَيْهِ تَخْفِيفَةٌ وَقَنْدُورَةٌ، وَأَنَّهُ اسْتَطْعَمَهُمَا شَيْئًا مِنِ الزَّادِ، وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا، فَأَطْعَمَاهُ مِنْ زُوَّادَتِهِمَا، وَشَهِدَا عَلَيْهِ وَانْصَرَفَا، ثُمَّ جَاءَهُ دَاوُدُ النَّصْرَانِيُّ فَقَالَ لَهُ: قُمْ، فَقَدْ أُمِرْنَا بِحَمْلِكَ إِلَى بَعْلَبَكَّ، فَأَيْقَنَ بِالْهَلَاكِ حِينَئِذٍ، فَقَالَ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ: قُمْ. فَقَامَ فَصَلَّى، فَأَطَالَ الصَّلَاةَ، فَرَفَسَهُ النَّصْرَانِيُّ، فَأَلْقَاهُ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ إِلَى أَسْفَلِ الْوَادِي الَّذِي هُنَاكَ، فَمَا وَصَلَ حَتَّى تَقَطَّعَ، وَحُكِيَ أَنَّهُ تَعَلَّقَ ذَيْلُهُ بِسِنِّ الْجَبَلِ، فَمَا زَالَ دَاوُدُ يَرْمِيهِ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى أَلْقَاهُ إِلَى أَسْفَلِ الْوَادِي، وَذَلِكَ عِنْدَ الشَّقِيفِ الْمُطِلِّ عَلَى نَهْرِ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ السِّبْطُ: وَقَدْ كَانَ فَاسِدَ الْعَقِيدَةِ، دَهْرِيًّا مُسْتَهْزِئًا بِأُمُورِ الشَّرْعِ، يَخْرُجُ إِلَى الْمَجْلِسِ سَكْرَانَ، وَيَحْضُرُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَذَلِكَ، وَكَانَتْ دَارُهُ كَالْحَانَاتِ. فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. قَالَ: وَأَخَذَ الْمُوَفَّقُ الْوَاسِطِيُّ أَحَدُ أُمَنَائِهِ - وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ الْبَلَايَا - أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ سِتَّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَعُوقِبَ عُقُوبَةً عَظِيمَةً حَتَّى أُخِذَتْ مِنْهُ، وَقَدْ كُسِرَتْ سَاقَاهُ، وَمَاتَ تَحْتَ الضَّرْبِ، فَأُلْقِيَ فِي مَقَابِرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَأَكَلَتْهُ الْكِلَابُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو الْفَتُوحِ، عُمَرُ بْنُ أَسْعَدَ بْنِ الْمُنَجِّي التَّنُوخِيُّ
পৃষ্ঠা - ১০৯৫৮
الْمَعَرِّيُّ الْحَنْبَلِيُّ، قَاضِي حَرَّانَ قَدِيمًا، ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ، وَدَرَّسَ بِالْمِسْمَارِيَّةِ، وَتَوَلَّى خِدَمًا فِي الدَّوْلَةِ الْمُعَظَّمِيَّةِ، وَكَانَتْ لَهُ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ صَابِرٍ وَالْقَاضِيَيْنِ الشَّهْرَزُورِيِّ وَابْنِ أَبِي عَصْرُونَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي سَابِعِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتُوُفِّيَ أَخُوهُ الْعِزُّ بَعْدَهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَدُفِنَ بِمَدْرَسَتِهِ الَّتِي بِالْجَبَلِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الشَّيْخُ الْحَافِظُ الصَّالِحُ، تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَزْهَرِ الصَّرِيفِينِيُّ، كَانَ يَدْرِي الْحَدِيثَ، وَلَهُ بِهِ مَعْرِفَةٌ جَيِّدَةٌ، أَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو شَامَةَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَاقِفُ الْكَرَوَّسِيَّةِ مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ كَرَوَّسَ، جَمَالُ الدِّينِ مُحْتَسِبُ دِمَشْقَ، كَانَ كَيِّسًا مُتَوَاضِعًا، تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ فِي شَوَّالٍ، وَدُفِنَ بِدَارِهِ الَّتِي جَعَلَهَا مَدْرَسَةً، وَلَهُ دَارُ حَدِيثٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَفَا عَنْهُ. الْمَلِكُ الْجَوَادُ يُونُسُ بْنُ مَمْدُودِ، بْنِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ الْمَلِكُ الْجَوَادُ، وَكَانَ أَبُوهُ أَكْبَرَ أَوْلَادِ الْعَادِلِ، تَقَلَّبَتْ بِهِ الْأَحْوَالُ، وَمَلَكَ دِمَشْقَ بَعْدَ عَمِّهِ الْكَامِلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَادِلِ، وَكَانَ فِي نَفْسِهِ جَيِّدًا مُحِبًّا لِلصَّالِحِينَ، وَلَكِنْ
পৃষ্ঠা - ১০৯৫৯
كَانَ فِي بَابِهِ مَنْ يَظْلِمُ النَّاسَ، وَيُنْسَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَأَبْغَضَتْهُ الْعَامَّةُ، وَسَبُّوهُ، وَأَلْجَئُوهُ إِلَى أَنْ قَايَضَ بِدِمَشْقَ الْمَلِكَ الصَّالِحَ أَيُّوبَ بْنَ الْكَامِلِ إِلَى سِنْجَارَ وَحِصْنِ كَيْفَا، ثُمَّ لَمْ يَحْفَظْهُمَا بَلْ خَرَجَتَا عَنْ يَدِهِ، ثُمَّ آلَ بِهِ الْحَالُ إِلَى أَنْ سَجَنَهُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ بِحِصْنِ عَزَّتَا، حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَنُقِلَ فِي شَوَّالٍ إِلَى تُرْبَةِ الْمُعَظَّمِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَكَانَ عِنْدَهُ ابْنُ يَغْمُورٍ مُعْتَقَلًا، فَحَوَّلَهُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ إِلَى قَلْعَةِ دِمَشْقَ، فَلَمَّا مَلَكَهَا الصَّالِحُ أَيُّوبُ نَقَلَهُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَشَنَقَهُ مَعَ الْأَمِينِ غَزَّالٍ وَزِيرِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ، عَلَى قَلْعَةِ الْقَاهِرَةِ، جَزَاءً عَلَى صُنْعِهِمَا فِي حَقِّ الصَّالِحِ أَيُّوبَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى; أَمَّا ابْنُ يَغْمُورٍ فَإِنَّهُ عَمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى حَوَّلَ مُلْكَ دِمَشْقَ إِلَى الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَمَّا أَمِينُ الدَّوْلَةِ، فَإِنَّهُ مَنَعَ الصَّالِحَ مِنْ تَسْلِيمِ وَلَدِهِ عُمْرَ إِلَيْهِ، فَانْتَقَمَ مِنْهُمَا بِهَذَا، وَهُوَ مَعْذُورٌ فِي ذَلِكَ. مَسْعُودُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَسْعُودِ، بْنِ مَازَهِ الْبُخَارِيُّ، أَحَدُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ الْفُضَلَاءِ، وَلَهُ عِلْمٌ بِالتَّفْسِيرِ وَعِلْمِ الْحَدِيثِ، وَلَدَيْهِ فَضْلٌ غَزِيرٌ، قَدِمَ بَغْدَادَ صُحْبَةَ رَسُولِ التَّتَارِ لِلْحَجِّ، فَحُبِسَ عِنْدَهُ سِنِينَ، ثُمَّ أُفْرِجَ عَنْهُ، فَحَجَّ ثُمَّ عَادَ، فَمَاتَ بِبَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ، بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبِطْرِيقِ بْنِ نَصْرِ بْنِ حَمْدُونَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَسَدِيُّ الْحِلِّيُّ، ثُمَّ الْوَاسِطِيُّ، ثُمَّ
পৃষ্ঠা - ১০৯৬০
الْبَغْدَادِيُّ، الْكَاتِبُ الشَّاعِرُ الشِّيعِيُّ، فَقِيهُ الشِّيعَةِ، أَقَامَ بِدِمَشْقَ مُدَّةً، وَامْتَدَحَ كَثِيرًا مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْمُلُوكِ، مِنْهُمُ الْكَامِلُ صَاحِبُ مِصْرَ وَغَيْرُهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ، فَكَانَ يَشْغَلُ الشِّيعَةَ فِي مَذْهَبِهِمْ، وَكَانَ فَاضِلًا ذَكِيًّا، جَيِّدَ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ، وَلَكِنَّهُ مَخْذُولٌ مَحْجُوبٌ عَنِ الْحَقِّ. وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ السَّاعِي قِطْعَةً جَيِّدَةً مِنْ أَشْعَارِهِ فِي الْكَامِلِ وَغَيْرِهِ.
পৃষ্ঠা - ১০৯৬১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا اسْتَوْزَرَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَعْصِمُ بِاللَّهِ مُؤَيِّدَ الدِّينِ أَبَا طَالِبٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلْقَمِيِّ; الْمَشْئُومَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَهْلِ بَغْدَادَ، وَالَّذِي لَمْ يَعْصِمِ الْمُسْتَعْصِمَ فِي وِزَارَتِهِ; فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَزِيرَ صِدْقٍ وَلَا مَرْضِيَّ الطَّرِيقَةِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي أَعَانَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي قَضِيَّةِ هُولُاوُو وَجُنُودِهِ - قَبَّحَهُ اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ - وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْعَلْقَمِيِّ قَبْلَ هَذِهِ الْوِزَارَةِ أُسْتَاذَ دَارِ الْخِلَافَةِ، فَلَمَّا مَاتَ نَصْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ النَّاقِدِ اسْتُوْزِرَ ابْنُ الْعَلْقَمِيِّ، وَجُعِلَ مَكَانَهُ فِي الْأُسْتَاذِ دَارِيَةِ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ وَاقِفُ الْجَوْزِيِّةِ الَّتِي بِالنَّشَّابِينَ بِدِمَشْقَ، تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ. وَفِيهَا جُعِلَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ النَّيَّارِ مُؤَدِّبُ الْخَلِيفَةِ شَيْخَ الشُّيُوخِ بِبَغْدَادَ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ، وَوَكَّلَ الْخَلِيفَةُ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ الْمُطَهَّرِ وَكَالَةً مُطْلَقَةً، وَخَلَعَ عَلَيْهِ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقَعَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ الَّذِينَ كَانَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ صَاحِبُ مِصْرَ اسْتَقْدَمَهُمْ لِيَسْتَنْجِدَ بِهِمْ عَلَى الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ أَبِي الْحَسَنِ صَاحِبِ
পৃষ্ঠা - ১০৯৬২
دِمَشْقَ، فَنَزَلُوا عَلَى غَزَّةَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الصَّالِحُ أَيُّوبُ الْأَمْوَالَ وَالْخِلَعَ وَالْخَيْلَ وَالْأَقْمِشَةَ وَالْعَسَاكِرَ، فَاتَّفَقَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ وَالنَّاصِرُ دَاوُدُ صَاحِبُ الْكَرَكِ، وَالْمَنْصُورُ صَاحِبُ حِمْصَ مَعَ الْفِرِنْجِ، وَاقْتَتَلُوا مَعَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ قِتَالًا شَدِيدًا، فَهَزَمَتْهُمُ الْخُوَارَزْمِيَّةُ كَسْرَةً مُنْكَرَةً فَظِيعَةً، هَزَمَتِ الْفِرِنْجَ بِصُلْبَانِهَا وَرَايَاتِهَا الْعَالِيَةِ عَلَى رُءُوسِ أَطْلَابِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ كُئُوسُ الْخَمْرِ دَائِرَةً بَيْنَ الْجُيُوشِ، فَنَابَتْ كُئُوسُ الْمَنُونِ عَنْ تِلْكَ الْخُمُورِ، فَقُتِلَ مِنَ الْفِرِنْجِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ زِيَادَةٌ عَنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَأَسَرُوا جَمَاعَةً مِنْ مُلُوكِهِمْ وَقُسُوسِهِمْ وَأَسَاقِفَتِهِمْ، وَخَلْقًا مِنْ أُمَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَبَعَثُوا بِالْأُسَارَى إِلَى الصَّالِحِ أَيُّوبَ بِمِصْرَ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ يَوْمًا مَشْهُودًا وَأَمْرًا مَحْمُودًا. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أُمَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّا لَمَّا وَقَفْنَا تَحْتَ صُلْبَانِ الْفِرِنْجِ أَنَّا لَا نُفْلِحُ. وَغَنِمَتِ الْخُوَارَزْمِيَّةُ مِنَ الْفِرِنْجِ، وَمِمَّنْ كَانَ مَعَهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَأَرْسَلَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ إِلَى دِمَشْقَ لِيُحَاصِرَهَا، فَحَصَّنَهَا الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ، وَخَرَّبَ مِنْ حَوْلِهَا رِبَاعًا كَثِيرَةً، وَكَسَرَ جِسْرَ بَابِ تُومَا، فَكَسَرَ النَّهْرَ فَتَرَاجَعَ الْمَاءُ حَتَّى صَارَ بُحَيْرَةً مِنْ بَابِ تُومَا وَبَابِ السَلَامَةِ، فَغَرِقَ جَمِيعُ مَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْعُمْرَانِ، وَافْتَقَرَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْمَلِكُ الْمُغِيثُ عُمَرُ بْنُ الصَّالِحِ أَيُّوبَ كَانَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ قَدْ أَسَرَهُ وَسَجَنَهُ فِي بُرْجِ قَلْعَةِ دِمَشْقَ، حِينَ أَخَذَهَا فِي غَيْبَةِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ، فَاجْتَهَدَ أَبُوهُ بِكُلِّ مُمْكِنٍ فِي خَلَاصِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ، وَعَارَضَهُ فِيهِ أَمِينُ الدَّوْلَةِ غَزَّالٌ الْمَسْلَمَانِيُّ، وَاقِفُ الْمَدْرَسَةِ الْأَمِينِيَّةِ بِبَعْلَبَكَّ، فَلَمْ يَزَلِ الشَّابُّ مَحْبُوسًا فِي الْقَلْعَةِ
পৃষ্ঠা - ১০৯৬৩
مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ إِلَى لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ ثَانِي عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَأَصْبَحَ مَيِّتًا فِي مَحْبِسِهِ غَمًّا وَحُزْنًا، وَيُقَالُ: إِنَّهُ قُتِلَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَانَ مِنْ خِيَارِ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، وَأَحْسَنِهِمْ شَكْلًا، وَأَكْمَلِهِمْ عَقْلًا، وَدُفِنَ عِنْدَ جَدِّهِ الْكَامِلِ فِي تُرْبَتِهِ شَمَالِيَّ الْجَامِعِ، فَاشْتَدَّ حَنَقُ أَبِيهِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ عَلَى صَاحِبِ دِمَشْقَ. شَيْخُ الشُّيُوخِ بِدِمَشْقَ تَاجُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمُّوَيْهِ أَحَدُ الْفُضَلَاءِ الْمُؤَرِّخِينَ الْمُصَنِّفِينَ، لَهُ كِتَابٌ فِي ثَمَانِي مُجَلَّدَاتٍ، ذَكَرَ فِيهِ أُصُولَ الْأَشْيَاءِ، وَلَهُ السِّيَاسَةُ الْمُلُوكِيَّةُ صَنَّفَهَا لِلْكَامِلِ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَحَفِظَ الْقُرْآنَ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَ الثَّمَانِينَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهَا، وَقَدْ سَافَرَ إِلَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ، وَاتَّصَلَ بِمَرَّاكُشَ عِنْدَ مَلِكِهَا الْمَنْصُورِ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، فَأَقَامَ هُنَاكَ إِلَى سَنَةِ سِتِّمِائَةٍ، فَقَدِمَ إِلَى بِلَادِ مِصْرَ، وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ الشُّيُوخِ بَعْدَ أَخِيهِ صَدْرِ الدِّينِ بْنِ حَمُّوَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. الْوَزِيرُ نَصِيرُ الدِّينِ أَبُو الْأَزْهَرِ، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ
পৃষ্ঠা - ১০৯৬৪
النَّاقِدِ الْبَغْدَادِيُّ، وَزِيرُ الْمُسْتَنْصِرِ، ثُمَّ ابْنِهِ الْمُسْتَعْصِمِ، كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التُّجَّارِ، ثُمَّ تَوَصَّلَ إِلَى أَنْ وَزَرَ لِهَذَيْنِ الْخَلِيفَتَيْنِ، وَكَانَ فَاضِلًا بَارِعًا حَافِظًا لِلْقُرْآنِ، كَثِيرَ التِّلَاوَةِ، نَشَأَ فِي حِشْمَةٍ بَاذِخَةٍ، ثُمَّ كَانَ فِي وَجَاهَةٍ هَائِلَةٍ، وَقَدْ أُقْعِدَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ، وَهُوَ مَعَ هَذَا فِي غَايَةِ الِاحْتِرَامِ وَالْإِكْرَامِ، وَلَهُ أَشْعَارٌ حَسَنَةٌ، أَوْرَدَ مِنْهَا ابْنُ السَّاعِي قِطْعَةً صَالِحَةً، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ الْخَمْسِينَ. نَقِيبُ النُّقَبَاءِ وَخَطِيبُ الْخُطَبَاءِ وَكِيلُ الْخُلَفَاءِ، أَبُو طَالِبٍ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْخَلِيفَةِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ الْعَبَّاسِيِّ. كَانَ مِنْ سَادَاتِ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَخُطَبَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، اسْتَمَرَّتْ أَحْوَالُهُ عَلَى السَّدَادِ وَالصَّلَاحِ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ قَطُّ عَنِ الْخَطَابَةِ، وَلَمْ يَمْرَضْ قَطُّ حَتَّى كَانَتْ لَيْلَةُ السَّبْتِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ; قَامَ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ لِبَعْضِ حَاجَاتِهِ، فَسَقَطَ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ، فَسَقَطَ مِنْ فَمِهِ دَمٌ كَثِيرٌ، وَسَكَتَ فَلَمْ يَنْطِقْ كَلِمَةً وَاحِدَةً يَوْمَهُ ذَلِكَ إِلَى اللَّيْلِ، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانَتْ لَهُ جَنَازَةٌ حَافِلَةٌ.
পৃষ্ঠা - ১০৯৬৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] وَهِيَ سَنَةُ الْخُوَارَزْمِيَّةِ; وَذَلِكَ أَنَّ الصَّالِحَ أَيُّوبَ بْنَ الْكَامِلِ صَاحِبَ مِصْرَ بَعَثَ الْخُوَارَزْمِيَّةَ، وَمَعَهُمْ مَلِكُهُمْ بَرَكَاتُ خَانَ فِي صُحْبَةِ مُعِينِ الدِّينِ بْنِ الشَّيْخِ، فَأَحَاطُوا بِدِمَشْقَ يُحَاصِرُونَ عَمَّهُ الصَّالِحَ أَبَا الْخَيْشِ صَاحِبَ دِمَشْقَ، وَأُحْرِقَ قَصْرُ حَجَّاجٍ، وَحِكْرُ السُّمَّاقِ، وَجَامِعُ جَرَّاحٍ خَارِجَ بَابِ الصَّغِيرِ، وَمَسَاجِدُ كَثِيرَةٌ، وَنُصِبَتِ الْمَنْجَنِيقُ عِنْدَ بَابِ الصَّغِيرِ وَعِنْدَ بَابِ الْجَابِيَةِ، وَنُصِبَ مِنْ دَاخِلِ الْبَلَدِ مَنْجَنِيقَاتٌ أَيْضًا، وَتَرَامَى الْفَرِيقَانِ، وَأَرْسَلَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ إِلَى الْأَمِيرِ مُعِينِ الدِّينِ بْنِ الشَّيْخِ بِسَجَّادَةٍ وَعُكَّازٍ وَإِبْرِيقٍ، وَأَرْسَلَ يَقُولُ: اشْتِغَالُكَ بِهَذَا أَوْلَى مِنَ اشْتِغَالِكَ بِمُحَاصَرَةِ الْمُلُوكِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُعِينُ بِزَمْرٍ وَجَنْكٍ وَغُلَالَةِ حَرِيرٍ أَحْمَرَ وَأَصْفَرَ، وَأَرْسَلَ يَقُولُ: أَمَّا السَّجَّادَةُ، فَإِنَّهَا تَصْلُحُ لِي، وَأَمَّا أَنْتَ فَهَذَا أَوْلَى بِكَ. ثُمَّ أَصْبَحَ ابْنُ الشَّيْخِ، فَاشْتَدَّ الْحِصَارُ بِدِمَشْقَ، وَأَرْسَلَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ، فَأَحْرَقَ جَوْسَقَ وَالِدِهِ الْعَادِلِ، وَامْتَدَّ الْحَرِيقُ فِي زُقَاقِ الرُّمَّانِ إِلَى الْعُقَيْبَةِ، فَاحْتَرَقَتْ بِأَسْرِهَا وَقُطِعَتِ الْأَنْهَارُ، وَغَلَتِ الْأَسْعَارُ، وَأُخِيفَتِ الطُّرُقُ، وَجَرَى بِدِمَشْقَ أُمُورٌ بَشِعَةٌ جِدًّا، لَمْ تَتِمَّ عَلَيْهَا
পৃষ্ঠা - ১০৯৬৬
قَطُّ، وَامْتَدَّ الْحِصَارُ شُهُورًا مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى جُمَادَى الْأُولَى، فَأَرْسَلَ أَمِينُ الدَّوْلَةِ يَطْلُبُ مِنِ ابْنِ الشَّيْخِ شَيْئًا مِنْ مَلَابِسِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِفَرَجِيَّةٍ وَعِمَامَةٍ وَقَمِيصٍ وَمِنْدِيلٍ، فَلَبِسَ ذَلِكَ الْأَمِينُ، وَخَرَجَ إِلَى مُعِينِ الدِّينِ، فَاجْتَمَعَ بِهِ بَعْدَ الْعَشَاءِ طَوِيلًا، ثُمَّ عَادَ، ثُمَّ خَرَجَ مَرَّةً أُخْرَى، فَاتَّفَقَ الْحَالُ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ إِلَى بَعْلَبَكَّ، وَيُسَلِّمُ دِمَشْقَ إِلَى الصَّالِحِ أَيُّوبَ، وَدَخَلَ مُعِينُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِ، فَنَزَلَ فِي دَارِ أُسَامَةَ، فَوَلَّى وَعَزَلَ، وَقَطَعَ وَوَصَلَ، وَفَوَّضَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ إِلَى صَدْرِ الدِّينِ بْنِ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ، وَعَزَلَ الْقَاضِيَ مُحْيِي الدِّينِ بْنَ الزَّكِيِّ، وَاسْتَنَابَ ابْنَ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ التَّفْلِيسِيَّ الَّذِي نَابَ لِابْنِ الزَّكِيِّ، وَالْعَزِيزَ السِّنْجَارِيَّ، وَأَرْسَلَ مُعِينُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِ أَمِينِ الدَّوْلَةِ غَزَّالَ بْنَ الْمَسْلَمَانِيِّ وَزِيرَ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ تَحْتَ الْحَوْطَةِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. وَأَمَّا الْخُوَارَزْمِيَّةُ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا حَاضِرِينَ وَقْتَ الصُّلْحِ، فَلَمَّا عَلِمُوا بِوُقُوعِ الصُّلْحِ غَضِبُوا وَسَارُوا نَحْوَ دَارَيَّا، فَنَهَبُوهَا وَسَاقُوا نَحْوَ بِلَادِ الشَّرْقِ، وَكَاتَبُوا الصَّالِحَ إِسْمَاعِيلَ فَحَالَفُوهُ عَلَى الصَّالِحِ أَيُّوبَ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ، وَنَقَضَ الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ وَقَعَ مِنْهُ، وَعَادَتِ الْخُوَارَزْمِيَّةُ فَحَاصَرُوا دِمَشْقَ، وَجَاءَ إِلَيْهِمُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ مِنْ بَعْلَبَكَّ، فَضَاقَ الْحَالُ عَلَى الدَّمَاشِقَةِ، فَعُدِمَتِ الْأَقْوَاتُ، وَغَلَتِ الْأَسْعَارُ جِدًّا، حَتَّى إِنَّهُ بَلَغَ ثَمَنُ الْغِرَارَةِ أَلْفًا وَسِتَّمِائَةٍ، وَقِنْطَارُ الدَّقِيقِ بِسَبْعِمِائَةٍ، وَالْخُبْزُ كُلُّ وُقِيَّتَيْنِ إِلَّا رُبْعًا بِدِرْهَمٍ، وَرَطْلُ اللَّحْمِ بِسَبْعَةٍ، وَأُبِيعَتِ
পৃষ্ঠা - ১০৯৬৭
الْأَمْلَاكُ بِالدَّقِيقِ، وَأُكِلَتِ الْقِطَاطُ وَالْكِلَابُ وَالْمَيْتَاتُ وَالْجِيَفُ، وَتَمَاوَتَ النَّاسُ فِي الطُّرُقَاتِ، وَعَجَزُوا عَنِ التَّغْسِيلِ وَالتَّكْفِينِ وَالْإِقْبَارِ، فَكَانُوا يُلْقُونَ مَوْتَاهُمْ فِي الْآبَارِ، حَتَّى أَنْتَنَتِ الْمَدِينَةُ وَضَجِرَ النَّاسُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِي هَذِهِ الْأَيَّامِ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الصَّلَاحِ شَيْخُ دَارِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَدَارِسِ، فَمَا أُخْرِجَ مِنْ بَابِ الْفَرَجِ إِلَّا بِالْجُهْدِ الْجَهِيدِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ ابْنُ السِّبْطِ: وَمَعَ هَذَا كَانَتِ الْخُمُورُ دَائِرَةً وَالْفِسْقُ ظَاهِرًا، وَالْمُكُوسُ بِحَالِهَا. وَذَكَرَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَنَّ الْأَسْعَارَ غَلَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ جِدًّا، وَهَلَكَ الصَّعَالِيكُ بِالطُّرُقَاتِ; كَانُوا يَسْأَلُونَ لُقْمَةً، ثُمَّ صَارُوا يَسْأَلُونَ لُبَابَةً، ثُمَّ تَنَازَلُوا إِلَى فَلْسٍ يَشْتَرُونَ بِهِ نُخَالَةً يَبُلُّونَهَا وَيَأْكُلُونَهَا كَالدَّجَاجِ. قَالَ: وَأَنَا شَاهَدْتُ ذَلِكَ. وَذَكَرَ تَفَاصِيلَ الْأَسْعَارِ وَغَلَاءَهَا فِي الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ زَالَ هَذَا كُلُّهُ فِي آخِرِ السَّنَةِ بَعْدَ عِيدِ الْأَضْحَى، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَلَمَّا بَلَغَ الصَّالِحَ أَيُّوبَ أَنَّ الْخُوَارَزْمِيَّةَ قَدْ مَالَئُوا عَلَيْهِ، وَصَالَحُوا عَمَّهُ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيلَ، كَاتَبَ الْمَلِكَ الْمَنْصُورَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَسَدِ الدِّينِ شِيرْكُوهْ صَاحِبَ حِمْصَ، فَاسْتَمَالَهُ إِلَيْهِ، وَقَوِيَ جَانِبُ نَائِبِ دِمَشْقَ مُعِينِ الدِّينِ حَسَنِ بْنِ الشَّيْخِ، وَلَكِنَّهُ
পৃষ্ঠা - ১০৯৬৮
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْوَفَيَاتِ. وَلَمَّا رَجَعَ الْمَنْصُورُ صَاحِبُ حِمْصَ عَنْ مُوَالَاةِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ، شَرَعَ فِي جَمْعِ الْجُيُوشِ مِنَ الْحَلَبِيِّينَ وَالتُّرْكُمَانِ وَالْأَعْرَابِ لِاسْتِنْقَاذِ دِمَشْقَ مِنَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ، وَحِصَارِهِمْ إِيَّاهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْخُوَارَزْمِيَّةَ فَخَافُوا مِنْ ذَلِكَ وَغَائِلَتِهِ، وَقَالُوا: دِمَشْقُ مَا تَفُوتُ، وَالْمَصْلَحَةُ قِتَالُهُ عِنْدَ بَلَدِهِ. فَسَارُوا إِلَيْهِ عِنْدَ بُحَيْرَةِ حِمْصَ، وَأَرْسَلَ النَّاصِرُ دَاوُدُ جَيْشَهُ إِلَى الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ مَعَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ، وَسَاقَ جَيْشَ دِمَشْقَ فَانْضَافُوا إِلَى صَاحِبِ حِمْصَ، وَالْتَقَوْا مَعَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ عِنْدَ بُحَيْرَةِ حِمْصَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، قُتِلَ فِيهِ عَامَّةُ الْخُوَارَزْمِيَّةِ، وَقُتِلَ مَلِكُهُمْ بَرَكَاتُ خَانَ، وَجِيءَ بِرَأْسِهِ عَلَى رُمْحٍ، فَتَفَرَّقَ شَمْلُهُمْ، وَتَمَزَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ، وَسَاقَ الْمَنْصُورُ صَاحِبُ حِمْصَ إِلَى بَعْلَبَكَّ، فَتَسَلَّمَهَا الصَّالِحُ أَيُّوبُ، وَجَاءَ إِلَى دِمَشْقَ، فَنَزَلَ بِبُسْتَانِ سَامَةَ، خِدْمَةً لِلصَّالِحِ أَيُّوبَ، ثُمَّ حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِأَخْذِهَا، فَاتَّفَقَ مَرَضُهُ، فَمَاتَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ، وَنُقِلَ إِلَى حِمْصَ فَكَانَتْ مُدَّةُ مُلْكِهِ بَعْدَ أَبِيهِ عَشْرَ سِنِينَ، وَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ فِيهَا ابْنُهُ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ أُخِذَتْ مِنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَتَسَلَّمَ نُوَّابُ الصَّالِحِ أَيُّوبَ بَعْلَبَكَّ وَبُصْرَى، وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ بَلَدٌ يَأْوِي إِلَيْهِ وَلَا أَهْلٌ وَلَا وَلَدٌ وَلَا مَالٌ، بَلْ أُخِذَتْ جَمِيعُ أَمْوَالِهِ، وَنُقِلَتْ عِيَالُهُ تَحْتَ الْحَوْطَةِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَسَارَ هُوَ فَاسْتَجَارَ بِالْمَلِكِ النَّاصِرِ بْنِ الْعَزِيزِ بْنِ الظَّاهِرِ غَازِيٍّ صَاحِبِ حَلَبَ، فَآوَاهُ وَأَكْرَمَهُ وَاحْتَرَمَهُ، وَقَالَ الْأَتَابَكُ لُؤْلُؤٌ الْحَلَبِيُّ لِابْنِ أُسْتَاذِهِ النَّاصِرِ، وَكَانَ شَابًّا صَغِيرًا: انْظُرْ إِلَى عَاقِبَةِ الظُّلْمِ. وَأَمَّا الْخُوَارَزْمِيَّةُ فَإِنَّهُمْ
পৃষ্ঠা - ১০৯৬৯
سَارُوا إِلَى نَاحِيَةِ الْكَرَكِ، فَأَكْرَمَهُمُ النَّاصِرُ دَاوُدُ صَاحِبُهَا، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَصَاهَرَهُمْ وَأَنْزَلَهُمْ بِالصَّلْتِ، فَأَخَذُوا مَعَهَا نَابُلُسَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الصَّالِحُ أَيُّوبُ جَيْشًا مَعَ فَخْرِ الدِّينِ بْنِ الشَّيْخِ، فَكَسَرَهُمْ عَلَى الصَّلْتِ وَأَجْلَاهُمْ عَنْ تِلْكَ الْبِلَادِ، وَحَاصَرَ النَّاصِرَ بِالْكَرَكِ، وَأَهَانَهُ غَايَةَ الْإِهَانَةِ، وَقَدِمَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ نَجْمُ الدِّينِ أَيُّوبُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَدَخَلَ دِمَشْقَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ، وَأَحْسَنَ إِلَى أَهْلِهَا، وَتَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَسَارَ إِلَى بَعْلَبَكَّ وَإِلَى بُصْرَى، وَإِلَى صَرْخَدَ فَتَسَلَّمَهَا مِنْ صَاحِبِهَا عِزِّ الدِّينِ أَيْبَكَ الْمُعَظَّمِيِّ، وَعَوَّضَهُ عَنْهَا، ثُمَّ عَادَ إِلَى مِصْرَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا. وَهَذَا كُلُّهُ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ وَقَعَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ جَيْشِ الْخَلِيفَةِ وَبَيْنَ التَّتَارِ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ، فَكَسَرَهُمُ الْمُسْلِمُونَ كَسْرَةً عَظِيمَةً، وَفَرَّقُوا شَمْلَهُمْ، وَهَرَبُوا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، فَلَمْ يَلْحَقُوهُمْ، وَلَمْ يَتْبَعُوهُمْ خَوْفًا مِنْ غَائِلَةِ مَكْرِهِمْ، وَعَمَلًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ» . وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ بِبِلَادِ خُوزِسْتَانَ، عَلَى شِقِّ جَبَلٍ دَاخِلِهِ، مِنَ الْأَبْنِيَةِ الْغَرِيبَةِ الْعَجِيبَةِ مَا يَحَارُ فِيهِ النَّاظِرُ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ مِنْ بِنَاءِ الْجِنِّ، وَأَوْرَدَ صِفَتَهُ ابْنُ السَّاعِي فِي " تَارِيخِهِ ". [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الصَّلَاحِ، عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ، الشَّيْخُ
পৃষ্ঠা - ১০৯৭০
الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ، مُفْتِي الشَّامِ وَمُحَدِّثُهُ، تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ، الشَّهْرَزُورِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، سَمِعَ الْحَدِيثَ بِبِلَادِ الشَّرْقِ، وَتَفَقَّهَ هُنَالِكَ بِالْمَوْصِلِ وَحَلَبَ وَغَيْرِهَا، وَكَانَ أَبُوهُ مُدَرِّسًا بِالْأَسَدِيَّةِ الَّتِي بِحَلَبَ، وَوَاقِفُهَا أَسَدُ الدِّينِ شِيرْكُوهْ بْنُ شَاذِيٍّ، وَقَدِمَ الشَّامَ، وَهُوَ فِي عِدَادِ الْفُضَلَاءِ الْكِبَارِ، وَأَقَامَ بِالْقُدْسِ مُدَّةً، وَدَرَّسَ بِالصَّلَاحِيَّةِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْهُ إِلَى دِمَشْقَ، وَدَرَّسَ بِالرَّوَاحِيَّةِ ثُمَّ بِالشَّامِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ، ثُمَّ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَلِيَهَا مِنْ شُيُوخِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ الَّذِي صَنَّفَ كِتَابَ وَقْفِهَا، وَقَدْ صَنَّفَ كُتُبًا كَثِيرَةً مُفِيدَةً فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ وَفِي الْفِقْهِ، وَتَعَالِيقَ حَسَنَةً عَلَى " الْوَسِيطِ " وَغَيْرِهِ مِنَ الْفَوَائِدِ الَّتِي يَرْحَلُ إِلَيْهَا. وَكَانَ دَيِّنًا زَاهِدًا وَرِعًا نَاسِكًا، عَلَى طَرِيقِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، كَمَا هِيَ طَرِيقَةُ مُتَأَخِّرِي أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ، مَعَ الْفَضِيلَةِ التَّامَّةِ فِي فُنُونٍ كَثِيرَةٍ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى طَرِيقَةٍ جَيِّدَةٍ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ بِمَنْزِلِهِ فِي دَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ، فِي لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ الْخَامِسَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَشَيَّعَهُ النَّاسُ إِلَى دَاخِلِ بَابِ الْفَرَجِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْبُرُوزُ لِظَاهِرِهِ لِحِصَارِ الْخُوَارَزْمِيَّةِ، وَمَا صَحِبَهُ إِلَى جَبَّانَةِ الصُّوفِيَّةِ إِلَّا نَحْوُ الْعَشَرَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَغَمَّدَهُ بِرَحْمَتِهِ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ خَلِّكَانَ، وَكَانَ مِنْ شُيُوخِهِ. قَالَ السِّبْطُ: أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مِنْ لَفْظِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: احْذَرْ مِنَ الْوَاوَاتِ أَرَ ... بَعَةً فَهُنَّ مِنَ الْحُتُوفْ وَاوَ الْوَصِيَّةِ وَالْوَدِي ... عَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْوُقُوفْ
পৃষ্ঠা - ১০৯৭১
وَحَكَى ابْنُ خَلِّكَانَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أُلْهِمْتُ فِي الْمَنَامِ هَؤُلَاءِ الْكَلَمْاتِ; ادْفَعِ الْمَسْأَلَةَ مَا وَجَدْتَ التَّحَمُّلَ يُمْكِنُكَ، فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ رِزْقًا جَدِيدًا، وَالْإِلْحَاحُ فِي الطَّلَبِ يُذْهِبُ الْبَهَاءَ، وَمَا أَقْرَبَ الصَّنِيعَ مِنَ الْمَلْهُوفِ، وَرُبَّمَا كَانَتِ الْغِيَرُ نَوْعًا مِنْ آدَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْحُظُوظُ مَرَاتِبُ فَلَا تَعْجَلْ عَلَى ثَمَرَةٍ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ، فَإِنَّكَ سَتَنَالُهَا فِي أَوَانِهَا، وَلَا تَعْجَلْ فِي حَوَائِجِكَ فَتَضِيقُ بِهَا ذَرْعًا، وَيَغْشَاكَ الْقُنُوطُ. ابْنُ النَّجَّارِ الْحَافِظُ صَاحِبُ التَّارِيخِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مَحَاسِنَ بْنِ النَّجَّارِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ، الْحَافِظُ الْكَبِيرُ، سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَرَحَلَ شَرْقًا وَغَرْبًا، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَشَرَعَ فِي كِتَابَةِ التَّارِيخِ وَعُمْرُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَرَأَ الْأَدَبَ وَالنَّحْوَ وَالْقِرَاءَاتِ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ عَلَى الْمَشَايِخِ كَثِيرًا، حَتَّى حَصَّلَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ شَيْخٍ، مِنْ ذَلِكَ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ امْرَأَةٍ، وَتَغَرَّبَ ثَمَانِيًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ وَقَدْ جَمَعَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، مِنْ ذَلِكَ " الْقَمَرُ الْمُنِيرُ فِي الْمُسْنَدِ الْكَبِيرِ "، يَذْكُرُ لِكُلِّ صَحَابِيٍّ مَا رَوَى، وَ " كَنْزُ الْأَيَّامِ فِي مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالْأَحْكَامِ "، وَ " الْمُخْتَلِفُ وَالْمُؤْتَلِفُ "، وَ " السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ "، وَ " الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ "، وَكِتَابُ " الْأَلْقَابِ "، وَ " نَهْجُ
পৃষ্ঠা - ১০৯৭২
الْإِصَابَةِ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ "، وَ " الْكَمَالُ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ "، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُتِمَّ أَكْثَرُهُ. وَلَهُ كِتَابُ " الذَّيْلِ عَلَى تَارِيخِ مَدِينَةِ السَّلَامِ "، فِي سِتَّةَ عَشَرَ مُجَلَّدًا كَامِلًا، وَلَهُ فِي أَخْبَارِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَ " غُرَرُ الْفَوَائِدِ " فِي خَمْسِ مُجَلَّدَاتٍ، وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ جِدًّا، سَرَدَهَا ابْنُ السَّاعِي فِي تَرْجَمَتِهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا عَادَ إِلَى بَغْدَادَ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِقَامَةُ فِي الْمَدَارِسِ، فَقَالَ: مَعِي مَا أَسْتَغْنِي بِهِ. فَاشْتَرَى جَارِيَةً، وَأَوْلَدَهَا وَلَدًا، وَأَقَامَ بُرْهَةً يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ كَسْبِهِ، ثُمَّ احْتَاجَ إِلَى أَنْ نَزَلَ مُحَدِّثًا فِي جَمَاعَةِ الْمُحَدِّثِينَ بِالْمَدْرَسَةِ الْمُسْتَنْصِرِيَّةِ حِينَ وُضِعَتْ، ثُمَّ مَرِضَ شَهْرَيْنِ، وَأَوْصَى إِلَى ابْنِ السَّاعِي فِي أَمْرِ تَرِكَتِهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ الْخَامِسَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ، وَشَهِدَ جَنَازَتَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ يُنَادَى حَوْلَ جَنَازَتِهِ: هَذَا حَافَظُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الَّذِي يَنْفِي الْكَذِبَ عَنْهُ. وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا، وَكَانَتْ تَرِكَتُهُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَثِيَابَ بَدَنِهِ، وَأَوْصَى أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهَا، وَوَقَفَ خِزَانَتَيْنِ مِنَ الْكُتُبِ بِالنِّظَامِيَّةِ تُسَاوِي أَلْفَ دِينَارٍ، فَأَمْضَى ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَعْصِمُ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ النَّاسُ، وَرَثَوْهُ بِمَرَاثٍ كَثِيرَةٍ، سَرَدَهَا ابْنُ السَّاعِي فِي آخِرِ تَرْجَمَتِهِ. الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ، صَاحِبُ " الْأَحْكَامِ "، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْدِسِيُّ، سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَكَتَبَ
পৃষ্ঠা - ১০৯৭৩
كَثِيرًا، وَرَحَلَ وَطَافَ وَجَمَعَ وَصَنَّفَ وَأَلَّفَ كُتُبًا مُفِيدَةً حَسَنَةً كَثِيرَةَ الْفَوَائِدِ، مِنْ ذَلِكَ كِتَابُ " الْأَحْكَامِ " وَلَمْ يُتِمَّهُ، وَكِتَابُ " الْمُخْتَارَةِ " وَفِيهِ عُلُومٌ حَسَنَةٌ حَدِيثِيَّةٌ، وَهِيَ أَجْوَدُ مِنْ " مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ " لَوْ كَمَلَ، وَلَهُ " فَضَائِلُ الْأَعْمَالِ "، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْكُتُبِ الْحَسَنَةِ الدَّالَّةِ عَلَى حِفْظِهِ وَاطِّلَاعِهِ وَتَضَلُّعِهِ مِنْ عِلْمِ الْحَدِيثِ مَتْنًا وَإِسْنَادًا. وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي غَايَةِ الْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ وَالْوَرَعِ وَالْخَيْرِ، وَقَدْ وَقَفَ كُتُبًا كَثِيرَةً عَظِيمَةً بِخَطِّهِ لِخِزَانَةِ الْمَدْرَسَةِ الضِّيَائِيَّةِ الَّتِي وَقَفَهَا عَلَى أَصْحَابِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ، وَقَدْ وُقِفَتْ عَلَيْهَا أَوْقَافٌ أُخَرُ كَثِيرَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ. الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ، عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبَدَ الْأَحَدِ بْنِ عَبْدِ الْغَالِبِ الْهَمْدَانِيُّ الْمِصْرِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، شَيْخُ الْقُرَّاءِ بِدِمَشْقَ، خَتَمَ عَلَيْهِ أُلُوفٌ مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ قَدْ قَرَأَ عَلَى الشَّاطِبِيِّ، وَشَرَحَ قَصِيدَتَهُ، وَلَهُ " شَرْحُ الْمُفَصَّلِ "، وَلَهُ تَفَاسِيرُ وَتَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ، وَمَدَائِحُ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ الْإِقْرَاءِ بِتُرْبَةِ أُمِّ الصَّالِحِ، وَبِهَا كَانَ مَسْكَنُهُ، وَبِهِ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ ثَانِيَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ. وَذَكَرَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّ مَوْلِدَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَذَكَرَ مِنْ شِعْرِهِ قَوْلَهُ: قَالُوا غَدًا نَأْتِي دِيَارَ الْحِمَى ... وَيَنْزِلُ الرَّكْبُ بِمَغْنَاهُمُ وَكُلُّ مَنْ كَانَ مُطِيعًا لَهُمْ ... أَصْبَحَ مَسْرُورًا بِلُقْيَاهُمُ
পৃষ্ঠা - ১০৯৭৪
قُلْتُ فَلِي ذَنْبٌ فَمَا حِيلَتِي بِأَيِّ وَجْهٍ أَتَلَقَّاهُمُ ... قَالُوا أَلَيْسَ الْعَفْوُ مِنْ شَأْنِهِمْ لَاسِيَّمَا عَمَّنْ تَرَجَّاهُمُ رَبِيعَةُ خَاتُونَ وَاقِفَةُ الصَّاحِبَةِ بِقَاسِيُونَ: رَبِيعَةُ خَاتُونَ بِنْتُ أَيُّوبَ أُخْتُ السُّلْطَانِ صَلَاحِ الدِّينِ، زَوَّجَهَا أَخُوهَا أَوَّلًا بِالْأَمِيرِ سَعْدِ الدِّينِ مَسْعُودِ بْنِ مُعِينِ الدِّينِ أَنُرَ، وَتَزَوَّجَ هُوَ بِأُخْتِهِ عِصْمَةَ الدِّينِ خَاتُونَ، الَّتِي كَانَتْ زَوْجَةَ الْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ، وَاقِفَةَ الْخَاتُونِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ وَالْخَانْقَاهْ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ الْأَمِيرُ سَعْدُ الدِّينِ زَوَّجَهَا مِنَ الْمَلِكِ مُظَفَّرِ الدِّينِ صَاحِبِ إِرْبِلَ، فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ بِإِرْبِلَ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ قَدِمَتْ دِمَشْقَ، فَسَكَنَتْ فِي دَارِ الْعَقِيقِيِّ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُا فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَتِ الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَتْ بِقَاسِيُونَ، وَكَانَتْ فِي خِدْمَتِهَا الشَّيْخَةُ الصَّالِحَةُ الْعَالِمَةُ أَمَةُ اللَّطِيفِ بِنْتُ النَّاصِحِ الْحَنْبَلِيِّ، وَكَانَتْ فَاضِلَةً، وَلَهَا تَصَانِيفُ، وَهِيَ الَّتِي أَرْشَدَتْهَا إِلَى وَقْفِ الْمَدْرَسَةِ الصَّاحِبَةِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ عَلَى الْحَنَابِلَةِ، وَأَوْقَفَتْ أَمَةُ اللَّطِيفِ عَلَى الْحَنَابِلَةِ مَدْرَسَةً أُخْرَى، وَهِيَ الْآنَ شَرْقِيَّ الرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَتِ الْخَاتُونُ وَقَعَتِ الْعَالِمَةُ فِي الْمُصَادَرَاتِ، وَحُبِسَتْ مُدَّةً ثُمَّ أُفْرِجَ عَنْهَا، وَتَزَوَّجَهَا الْأَشْرَفُ صَاحِبُ حِمْصَ، وَسَافَرَتْ مَعَهُ إِلَى الرَّحْبَةِ، وَتَلِّ بَاشِرٍ، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ، وَوُجِدَ لَهَا بِدِمَشْقَ ذَخَائِرُ كَثِيرَةٌ وَجَوَاهِرُ ثَمِينَةٌ، تُقَارِبُ سِتَّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، غَيْرَ الْأَمْلَاكِ وَالْأَوْقَافِ. مُعِينُ الدِّينِ الْحَسَنُ بْنُ شَيْخِ الشُّيُوخِ وَزِيرُ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّينِ أَيُّوبَ،
পৃষ্ঠা - ১০৯৭৫
أَرْسَلَهُ إِلَى دِمَشْقَ، فَحَاصَرَهَا مَعَ الْخُوَارَزْمِيَّةِ أَوَّلَ مَرَّةٍ حَتَّى أَخَذَهَا مِنْ يَدِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَقَامَ بِهَا نَائِبًا مِنْ جِهَةِ الصَّالِحِ أَيُّوبَ، ثُمَّ تَمَالَأَ الْخُوَارَزْمِيَّةُ مَعَ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ، فَحَصَرُوهُ بِدِمَشْقَ، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ سِتٍّ وَخَمْسِينَ سَنَةً، فَكَانَتْ مُدَّةُ وِلَايَتِهِ بِدِمَشْقَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفًا، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَدُفِنَ بِقَاسِيُونَ إِلَى جَانِبِ أَخِيهِ عِمَادِ الدِّينِ. وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ وَاقِفِ الْقِلِيجِيَّةِ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بْنُ قِلِيجَ وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ الَّتِي بِمَدْرَسَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، الَّتِي كَانَتْ سَكَنَهُ بِدَارِ فُلُوسٍ، تَقَبَّلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ. وَخَطِيبُ الْجَبَلِ شَرَفُ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَالسَّيْفُ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْإِمَامِ مُوَفَّقِ الدِّينِ بْنِ قُدَامَةَ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ إِمَامُ الْكَلَّاسَةِ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، مُسْنِدُ وَقْتِهِ، وَشَيْخُ الْحَدِيثِ فِي زَمَانِهِ رِوَايَةً وَصَلَاحًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُحَدِّثَانِ الْكَبِيرَانِ الْحَافِظَانِ الْمُفِيدَانِ شَرَفُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ الْجَوْهَرِيِّ، وَتَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الْجَلِيلِ الْأَبْهَرِيُّ.