আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১০৮৪৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا كَاتَبَ عَامَّةُ أَهْلِ تَفْلِيسَ الْكُرْجَ، فَجَاءُوا إِلَيْهِمْ فَدَخَلُوهَا، فَقَتَلُوا الْعَامَّةَ وَالْخَاصَّةَ، وَنَهَبُوا وَسَبَوْا وَخَرَّبُوا وَأَحْرَقُوا، وَخَرَجُوا عَلَى حَمِيَّةٍ، وَبَلَغَ ذَلِكَ جَلَالَ الدِّينِ فَسَارَ سَرِيعًا لِيُدْرِكَهُمْ، فَلَمْ يُدْرِكْهُمْ. وَفِيهَا قَتَلَتِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ أَمِيرًا كَبِيرًا مِنْ نُوَّابِ جَلَالِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْمَ شَاهْ، فَسَارَ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَخَرَّبَ مَدِينَتَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَنَهَبَ أَمْوَالَهُمْ، وَقَدْ كَانُوا - قَبَّحَهُمُ اللَّهُ - مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَمَّا قَدِمَ التَّتَارُ إِلَى النَّاسِ، وَكَانُوا أَضَرَّ عَلَى النَّاسِ مِنْهُمْ. وَفِيهَا تَوَاقَعَ جَلَالُ الدِّينِ وَطَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ التَّتَارِ، فَهَزَمَهُمْ وَأَوْسَعَهُمْ قَتْلًا وَأَسْرًا، وَسَاقَ وَرَاءَهُمْ أَيَّامًا، فَقَتَلَهُمْ حَتَّى وَصَلَ إِلَى الرَّيِّ، فَبَلَغَهُ أَنَّ طَائِفَةً قَدْ جَاءُوا لِقَصْدِهِ، فَأَقَامَ يَنْتَظِرُهُمْ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِهِمْ مَا سَيَأْتِي فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. وَفِيهَا دَخَلَتْ عَسَاكِرُ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، فَمَلَكُوا مِنْهَا مُدُنًا كَثِيرَةً، وَغَنِمُوا أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَخَرَجُوا مَعَهُمْ بِزَوْجَةِ جَلَالِ الدِّينِ بِنْتِ طُغْرُلَ، وَكَانَتْ تُبْغِضُهُ وَتُعَادِيهِ، فَأَنْزَلُوهَا مَدِينَةَ خِلَاطَ، وَسَيَأْتِي مَا كَانَ مِنْ خَبَرِهِمْ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ১০৮৪৭
وَفِيهَا قَدِمَ رَسُولُ الْأَنْبِرُورِ مَلِكِ الْفِرِنْجِ فِي الْبَحْرِ إِلَى الْمُعَظَّمِ يَطْلُبُ مِنْهُ مَا كَانَ فَتَحَهُ عَمُّهُ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ النَّاصِرُ صَلَاحُ الدِّينِ مِنْ بِلَادِ السَّوَاحِلِ، فَأَغْلَظَ لَهُمُ الْمُعَظَّمُ فِي الْجَوَابِ، وَقَالَ لَهُ: قُلْ لِصَاحِبِكَ مَا عِنْدِي إِلَّا السَّيْفُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. وَفِيهَا جَهَّزَ الْأَشْرَفُ أَخَاهُ شِهَابَ الدِّينِ غَازِيًّا إِلَى الْحَجِّ فِي مَحْمَلٍ عَظِيمٍ يَحْمِلُ ثِقَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَمَلٍ، وَمَعَهُ خَمْسُونَ هَجِينًا، عَلَى كُلِّ هَجِينٍ مَمْلُوكٌ، فَسَارَ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِرَاقِ، وَجَاءَتْهُ هَدَايَا الْخَلِيفَةِ إِلَى أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، وَعَادَ عَلَى طَرِيقِهِ الَّتِي حَجَّ مِنْهَا. وَفِيهَا وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ نَجْمُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُقْبِلٍ الْوَاسِطِيُّ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ كَمَا هِيَ عَادَةُ الْحُكَّامِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا. وَفِيهَا كَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِبِلَادِ الْجَزِيرَةِ، وَقَلَّ اللَّحْمُ، حَتَّى حَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّهُ لَمْ يُذْبَحْ بِمَدِينَةِ الْمَوْصِلِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ سِوَى خَرُوفٍ وَاحِدٍ فِي زَمَنِ الرَّبِيعِ. قَالَ: وَسَقَطَ فِيهَا عَاشِرَ آذَارَ ثَلْجٌ كَثِيرٌ بِالْجَزِيرَةِ وَالْعِرَاقِ مَرَّتَيْنِ، فَأَهْلَكَ الْأَزْهَارَ وَغَيْرَهَا. قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ، وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنَ الْعِرَاقِ مَعَ كَثْرَةِ حَرِّهِ كَيْفَ وَقَعَ فِيهِ مِثْلُ هَذَا؟! [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: جِنْكِزْخَانُ السُّلْطَانُ الْأَعْظَمُ عِنْدَ التَّتَارِ، وَالِدُ مُلُوكِهِمُ الْيَوْمَ، الَّذِي
পৃষ্ঠা - ১০৮৪৮
يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ، يَقُولُونَ: مَنْ عَظَّمَ الْقَانَ إِنَّمَا يُرِيدُ هَذَا الْمَلِكَ. وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ لَهُمُ الْيَاسَاقَ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا، وَيَحْكُمُونَ بِهَا، وَأَكْثَرُهَا مُخَالِفٌ لِشَرَائِعِ اللَّهِ تَعَالَى وَكُتُبِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ اقْتَرَحَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَتَبِعُوهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَزْعُمُ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ مِنْ شُعَاعِ الشَّمْسِ، فَلِهَذَا لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ. وَقَدْ رَأَيْتُ مُجَلَّدًا جَمَعَهُ الْوَزِيرُ بِبَغْدَادَ عَلَاءُ الدِّينِ الْجُوَيْنِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ، فَذَكَرَ فِيهِ سِيرَتَهُ، وَمَا كَانَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقْلِ السِّيَاسِيِّ وَالْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ وَالتَّدْبِيرِ الْجَيِّدِ لِلْمُلْكِ وَالرَّعَايَا وَالْحُرُوبِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ خَصِيصًا عِنْدَ الْمَلِكِ أُزْبَكْ خَانَ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ شَابًّا حَسَنًا، وَكَانَ اسْمُهُ أَوَّلًا تَمَرْجِي، ثُمَّ لَمَّا عَظُمَ سَمَّى نَفْسَهُ جِنْكِزْخَانَ، وَكَانَ هَذَا الْمَلِكُ قَدْ قَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ، فَحَسَدَهُ عُظَمَاءُ الْمَلِكِ، وَوَشَوْا بِهِ إِلَيْهِ حَتَّى أَخْرَجُوهُ عَلَيْهِ وَهَمَّ بِقَتْلِهِ، وَلَمْ يَجِدْ لَهُ طَرِيقًا فِي ذَنْبٍ يَتَسَلَّطُ بِهِ عَلَيْهِ، فَهُوَ فِي ذَلِكَ إِذْ تَغَضَّبَ الْمَلِكُ عَلَى مَمْلُوكَيْنِ صَغِيرَيْنِ فَهَرَبَا مِنْهُ وَلَجَآ إِلَى جِنْكِزْخَانَ فَأَكْرَمَهُمَا وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمَا، فَأَخْبَرَاهُ بِمَا يُضْمِرُهُ الْمَلِكُ أُزْبَكْ خَانَ مِنْ قَتْلِهِ وَالْهَمِّ بِهِ، فَأَخَذَ حِذْرَهُ وَتَحَيَّزَ بِدَوْلَةٍ، وَاتَّبَعَهُ طَوَائِفُ مِنَ التَّتَارِ، وَصَارَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ أُزْبَكْ خَانَ يَنْفِرُونَ إِلَيْهِ، وَيَفِدُونَ عَلَيْهِ، فَيُكْرِمُهُمْ وَيُعْطِيهِمْ حَتَّى قَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، وَكَثُرَتْ
পৃষ্ঠা - ১০৮৪৯
جُنُودُهُ، ثُمَّ حَارَبَ بَعْدَ ذَلِكَ أُزْبَكْ خَانَ، فَظَفَرَ بِهِ وَقَتَلَهُ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى مَمْلَكَتِهِ وَمُلْكِهِ، وَانْضَافَ إِلَيْهِ عَدَدُهُ وَعُدَدُهُ، وَعَظُمَ أَمْرُهُ، وَبَعُدَ صِيتُهُ، وَخَضَعَتْ لَهُ قَبَائِلُ التُّرْكِ بِبِلَادِ طَمْغَاجَ كُلِّهَا، حَتَّى صَارَ يَرْكَبُ فِي نَحْوِ ثَمَانِمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَأَكْثَرُ الْقَبَائِلِ قَبِيلَتُهُ الَّتِي هُوَ مِنْ أَصْلِهَا يُقَالُ لَهَا: قِيَّاتُ. ثُمَّ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إِلَيْهِ بَعْدَهُمْ قَبِيلَتَانِ كَبِيرَتَا الْعَدَدِ، وَهُمَا أَوَيْرَاتُ وَقَنْقُورَاتُ. وَكَانَ يَصْطَادُ مِنَ السَّنَةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَالْبَاقِي لِلْحَرْبِ وَالْحُكْمِ. قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: وَكَانَ يَضْرِبُ الْحَلْقَةَ يَكُونُ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تَتَضَايَقُ فَيَجْتَمِعُ فِيهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانَاتِ شَيْءٌ كَثِيرٌ لَا يُحَدُّ كَثْرَةً. ثُمَّ نَشِبَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَلِكِ جَلَالِ الدِّينِ خُوَارَزْمَ شَاهْ صَاحِبِ بِلَادِ خُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ وَأَذْرَبِيجَانَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَقَالِيمِ وَالْمَمَالِكِ، فَقَهَرَهُ جِنْكِزْخَانُ وَكَسَرَهُ وَغَلَبَهُ، وَسَلَبَهُ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى سَائِرِ بِلَادِهِ هُوَ بِنَفْسِهِ وَبِأَوْلَادِهِ فِي أَيْسَرِ مُدَّةٍ كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي الْحَوَادِثِ. وَكَانَ ابْتِدَاءُ مُلْكِ جِنْكِزْخَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَ قِتَالُهُ لِخُوَارَزْمَ شَاهْ فِي حُدُودِ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَمَاتَ خُوَارَزْمُ شَاهْ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ كَمَا ذَكَرْنَا، فَاسْتَحْوَذَ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَمَالِكِ بِلَا مُنَازِعٍ وَلَا مُمَانِعٍ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَجَعَلُوهُ فِي تَابُوتٍ مِنْ حَدِيدٍ وَرَبَطُوهُ بِسَلَاسِلَ وَعَلَّقُوهُ بَيْنَ جَبَلَيْنِ هُنَالِكَ، وَأَمَّا كِتَابُهُ الْيَاسَاقُ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ فِي مُجَلَّدَيْنِ بِخَطٍّ غَلِيظٍ، وَيُحْمَلُ عَلَى بَعِيرٍ
পৃষ্ঠা - ১০৮৫০
مُعَظَّمٍ عِنْدَهُمْ. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ يَصْعَدُ جَبَلًا، ثُمَّ يَنْزِلُ، ثُمَّ يَصْعَدُ، ثُمَّ يَنْزِلُ حَتَّى يُعْيِيَ وَيَقَعَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، وَيَأْمُرُ مَنْ عِنْدَهُ أَنْ يَكْتُبَ مَا يُلْقَى عَلَى لِسَانِهِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَ هَذَا هَكَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِهِ بِمَا فِيهَا. وَذَكَرَ الْجُوَيْنِيُّ أَنَّ بَعْضَ عُبَّادِهِمْ كَانَ يَصْعَدُ الْجِبَالَ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ لِلْعِبَادَةِ، فَسَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ لَهُ: إِنَّا قَدْ مَلَّكْنَا جِنْكِزْخَانَ وَذُرِّيَّتَهُ وَجْهَ الْأَرْضِ. قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: فَمَشَايِخُ الْمَغُولِ يُصَدِّقُونَ بِهَذَا، وَيَأْخُذُونَهُ مُسَلَّمًا. ثُمَّ ذَكَرَ الْجُوَيْنِيُّ شَيْئًا مِنَ الْيَاسَاقِ مِنْ ذَلِكَ، أَنَّهُ مَنْ زَنَا قُتِلَ، مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَاطَ قُتِلَ، وَمَنْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ قُتِلَ، وَمَنْ سَحَرَ قُتِلَ، وَمَنْ تَجَسَّسَ قُتِلَ، وَمَنْ دَخَلَ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فَأَعَانَ أَحَدَهُمَا قُتِلَ، وَمَنْ بَالَ فِي الْمَاءِ الْوَاقِفِ قُتِلَ، وَمَنِ انْغَمَسَ فِيهِ قُتِلَ، وَمَنْ أَطْعَمَ أَسِيرًا أَوْ سَقَاهُ أَوْ كَسَاهُ بِغَيْرِ إِذَنْ أَهْلِهِ قُتِلَ، وَمَنْ وَجَدَ هَارِبًا وَلَمْ يَرُدَّهُ قُتِلَ، وَمَنْ رَمَى إِلَى أَحَدٍ شَيْئًا مِنَ الْمَأْكُولِ قُتِلَ، بَلْ يُنَاوِلُهُ مِنْ يَدِهِ إِلَى يَدِهِ، وَمَنْ أَطْعَمَ أَحَدًا شَيْئًا فَلْيَأْكُلْ مِنْهُ أَوَّلًا، وَلَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ أَمِيرًا لِأَسِيرٍ، وَمَنْ أَكَلَ وَلَمْ يُطْعِمْ مَنْ عِنْدَهُ قُتِلَ، وَمَنْ ذَبَحَ حَيَوَانًا ذُبِحَ مِثْلَهُ، بَلْ يَشُقُّ جَوْفَهُ، وَيَتَنَاوَلُ قَلْبَهُ بِيَدِهِ يَسْتَخْرِجُهُ مِنْ جَوْفِهِ أَوَّلًا. وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُخَالَفَةٌ لِشَرَائِعِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى عِبَادِهِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَمَنْ تَرَكَ الشَّرْعَ الْمُحْكَمَ الْمُنَزَّلَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ،
পৃষ্ঠা - ১০৮৫১
وَتَحَاكَمَ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الشَّرَائِعِ الْمَنْسُوخَةِ كَفَرَ، فَكَيْفَ بِمَنْ تَحَاكَمَ إِلَى " الْيَاسَاقِ " وَقَدَّمَهَا عَلَيْهِ؟ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَفَرَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50] " الْمَائِدَةِ: ". وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] . وَمِنْ آدَابِهِمُ الطَّاعَةُ لِسُلْطَانِهِمْ غَايَةَ الِاسْتِطَاعَةِ، وَأَنْ يَعْرِضُوا عَلَيْهِ أَبْكَارَهُمُ الْحِسَانَ لِيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ شَاءَ مِنْ حَاشِيَتِهِ مَا شَاءَ مِنْهُنَّ، وَمِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يُخَاطِبُوا الْمَلِكَ بِاسْمِهِ، وَمَنْ مَرَّ بِقَوْمٍ يَأْكُلُونَ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُمْ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، وَلَا يَتَخَطَّى مَوْقِدَ النَّارِ وَلَا طَبَقَ الطَّعَامِ، وَلَا يَقِفُ عَلَى أُسْكُفَّةِ الْخَرْكَاهْ، وَلَا يَغْسِلُونَ ثِيَابَهُمْ حَتَّى يَبْدُو وَسَخُهَا، وَلَا يُكَلِّفُونَ الْعُلَمَاءَ مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ شَيْئًا مِنَ الْجِنَايَاتِ، وَلَا يَتَعَرَّضُونَ لَمْالِ مَيِّتٍ. وَقَدْ ذَكَرَ عَلَاءُ الدِّينِ الْجُوَيْنِيُّ طَرَفًا كَبِيرًا مِنْ أَخْبَارِ جِنْكِزْخَانَ وَمَكَارِمَ كَانَ يَفْعَلُهَا لِسَجِيَّتِهِ وَمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا بِاللَّهِ يَعْبُدُ مَعَهُ غَيْرَهُ، وَقَدْ قَتَلَ مِنَ الْخَلَائِقِ مَا لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا الَّذِي خَلَقَهُمْ، وَلَكِنْ كَانَ الْبَدَاءَةُ مِنْ خُوَارَزْمَ شَاهْ; فَإِنَّهُ لَمَّا أَرْسَلَ جِنْكِزْخَانُ تُجَّارًا مِنْ جِهَتِهِ مَعَهُمْ بَضَائِعُ كَثِيرَةٌ مِنْ بِلَادِهِ، فَانْتَهَوْا إِلَى إِيرَانَ، فَقَتَلَهُمْ نَائِبُهَا مِنْ جِهَةِ خُوَارَزْمَ شَاهْ، وَهُوَ وَالِدُ زَوْجَتِهِ كَشْلِي خَانَ، وَأَخَذَ جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُمْ،
পৃষ্ঠা - ১০৮৫২
فَأَرْسَلَ جِنْكِزْخَانُ إِلَى خُوَارَزْمَ شَاهْ يَسْتَعْلِمُهُ هَلْ وَقَعَ هَذَا الْأَمْرُ عَنْ رِضَا مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ لَهُ فِيمَا أَرْسَلَ إِلَيْهِ: مِنَ الْمَعْهُودِ مِنَ الْمُلُوكِ أَنَّ التُّجَّارَ لَا يُقْتَلُونَ; لِأَنَّهُمْ عِمَارَةُ الْأَقَالِيمِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ إِلَى الْمُلُوكِ التُّحَفَ وَالْأَشْيَاءَ النَّفِيسَةَ، ثُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ التُّجَّارَ كَانُوا عَلَى دِينِكَ، فَقَتَلَهُمْ نَائِبُكَ، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا أَنْكَرْتَهُ، وَإِلَّا طَلَبْنَا بِدِمَائِهِمْ. فَلَمَّا سَمِعَ خُوَارَزْمُ شَاهْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ جِنْكِزْخَانَ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَوَابٌ سِوَى أَنَّهُ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَأَسَاءَ التَّدْبِيرَ. وَقَدْ كَانَ خَرِفَ وَكَبُرَتْ سِنُّهُ، وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ: اتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ جِنْكِزْخَانَ تَجَهَّزَ لِقِتَالِهِ وَأَخْذِ بِلَادِهِ، فَكَانَ بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى مَا كَانَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَمْ يُسْمَعْ بِأَغْرَبَ مِنْهَا وَلَا أَبْشَعَ. فَمِمَّا ذَكَرَهُ الْجُوَيْنِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَدَّمَ لَهُ بَعْضُ الْفَلَّاحِينَ بِالصَّيْدِ ثَلَاثَ بِطِّيخَاتٍ، فَلَمْ يَتَّفِقْ أَنَّ عِنْدَ جِنْكِزْخَانَ أَحَدًا مِنَ الْخَزَنْدَارِيَّةِ، فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ خَاتُونَ: أَعْطِيهِ هَذَيْنِ الْقُرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي أُذُنَيْكِ. وَكَانَ فِيهِمَا جَوْهَرَتَانِ نَفِيسَتَانِ جِدًّا، فَشَحَّتِ الْمَرْأَةُ بِهِمَا وَقَالَتِ: انْظُرْ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَدْرِي مَا هُمَا. فَقَالَ لَهَا ادْفَعِيهِمَا إِلَيْهِ فَإِنَّهُمَا لَا يُبَيِّتَانِ اللَّيْلَةَ إِلَّا عِنْدَكِ، وَهَذَا الرَّجُلُ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَدَعَهُ يَذْهَبُ عَنَّا مُقَلْقَلَ الْخَاطِرِ، وَرُبَّمَا لَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ هَذَا، وَإِنَّ هَذَيْنِ لَا يُمْكِنُ أَنَّ أَحَدًا إِذَا اشْتَرَاهُمَا إِلَّا جَاءَ بِهِمَا إِلَيْكِ; فَانْتَزَعَتْهُمَا فَدَفَعَتْهُمَا إِلَى الْفَلَّاحِ، فَطَارَ عَقْلُهُ بِهِمَا، وَذَهَبَ بِهِمَا، فَبَاعَهُمَا لِأَحَدِ التُّجَّارِ بِأَلْفِ دِينَارٍ،
পৃষ্ঠা - ১০৮৫৩
وَلَمْ يَعْرِفْ قِيمَتَهُمَا، فَحَمَلَهُمَا التَّاجِرُ إِلَى الْمَلِكِ، فَرَدَّهُمَا عَلَى زَوْجَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَدَ الْجُوَيْنِيُّ عِنْدَ ذَلِكَ: وَمَنْ قَالَ إِنَّ الْبَحْرَ وَالْقَطْرَ أَشْبَهَا ... نَدَاهُ فَقَدْ أَثْنَى عَلَى الْبَحْرِ وَالْقَطْرِ قَالَ: وَاجْتَازَ يَوْمًا فِي سُوقٍ، فَرَأَى عِنْدَ بَقَّالٍ عُنَّابًا، فَأَعْجَبَهُ لَوْنُهُ وَمَالَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ، فَأَمَرَ الْحَاجِبَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ بِبَالِسٍ، فَاشْتَرَى الْحَاجِبُ مِنْهُ بِرُبْعِ بَالِسٍ، فَلَمَّا وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَعْجَبَهُ وَقَالَ: هَذَا كُلُّهُ بِبَالِسٍ؟! فَقَالَ: وَبَقِيَ مِنْهُ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى مَا بَقِيَ مَعَهُ مِنَ الْمَالِ، فَغَضِبَ وَقَالَ: مَتَى يَجِدُ مَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ مِثْلِي؟ تَمِّمُوا لَهُ عَشَرَةَ بَوَالِسَ. قَالُوا: وَأَهْدَى لَهُ رَجُلٌ جَامَ زُجَاجٍ مِنْ مَعْمُولِ حَلَبَ، فَاسْتَحْسَنَهُ جِنْكِزْخَانُ، فَوَهَّنَ أَمَرَهُ عِنْدَهُ بَعْضُ خَوَاصِّهِ، وَقَالَ: خُوَنْدُ، هَذَا زُجَاجٌ لَا قِيمَةَ لَهُ. فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ حَمَلَهُ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ حَتَّى وَصَلَ إِلَيْنَا سَالِمًا؟ أَعْطُوهُ مِائَتَيْ بَالِسٍ. وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ كَنْزًا عَظِيمًا، فَلَوْ فَتَحْتَهُ أَخَذْتَ مِنْهُ مَالًا كَثِيرًا، فَقَالَ: الَّذِي فِي أَيْدِينَا يَكْفِينَا، وَدَعْ هَذَا يَفْتَحُهُ النَّاسُ وَيَأْكُلُونَهُ، فَهُمْ أَحَقُّ بِهِ مِنَّا. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ.
পৃষ্ঠা - ১০৮৫৪
قَالَ: وَاشْتُهِرَ عَنْ رَجُلٍ فِي بِلَادِهِ أَنَّهُ يَقُولُ: أَنَا أَعْرِفُ مَوْضِعَ كَنْزٍ، وَلَا أَقُولُهُ إِلَّا لِلْقَانِ. وَأَلَحَّ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءُ أَنْ يُعْلِمَهُمْ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلْقَانِ، فَأَحْضَرَهُ عَلَى خَيْلِ الْأَوْلَاقِ - يَعْنِي الْبَرِيدَ - سَرِيعًا، فَلَمَّا حَضَرَ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ سَأَلَهُ عَنِ الْكَنْزِ، فَقَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ أَقُولُ ذَلِكَ حِيلَةً لِأَرَى وَجْهَكَ. فَلَمَّا رَأَى تَغَيُّرَ كَلَامِهِ غَضِبَ، وَقَالَ لَهُ: قَدْ حَصَلَ لَكَ مَا طَلَبْتَ فَارْجِعْ إِلَى مَوْضِعِكَ، وَأَمَرَ بِرَدِّهِ سَالِمًا، وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا. قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: وَهَذَا غَرِيبٌ. قَالَ: وَأَهْدَى لَهُ إِنْسَانٌ رُمَّانَةً، فَكَسَرَهَا وَفَرَّقَ حَبَّهَا عَلَى الْحَاضِرِينَ، وَأَمَرَ لَهُ بِعَدَدِ حَبِّهَا بِوَالِسَ، ثُمَّ أَنْشَدَ عِنْدَ ذَلِكَ: فَلِذَاكَ تَزْدَحِمُ الْوُفُودُ بِبَابِهِ ... مِثْلَ ازْدِحَامِ الْحَبِّ فِي الرُّمَّانِ قَالَ: وَقَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ كَافِرٌ يَقُولُ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ جِنْكِزْخَانَ يَقُولُ: قُلْ لِأَبِي يَقْتُلُ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ لَهُ: هَذَا كَذِبٌ. وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ. قَالَ: وَأَمَرَ بِقَتْلِ ثَلَاثَةٍ قَدْ قَضَتِ الْيَاسَقُ بِقَتْلِهِمْ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَبْكِي وَتَلْطِمُ. فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ أَحْضِرُوهَا. فَقَالَتْ: هَذَا ابْنِي، وَهَذَا أَخِي، وَهَذَا زَوْجِي. فَقَالَ: اخْتَارِي وَاحِدًا مِنْهُمْ حَتَّى أُطْلِقَهُ لَكِ. فَقَالَتِ: الزَّوْجُ يَجِيءُ مِثْلُهُ، وَالِابْنُ كَذَلِكَ، وَالْأَخُ لَا عِوَضَ لَهُ. فَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ مِنْهَا، وَأَطْلَقَ الثَّلَاثَةَ لَهَا. قَالَ: وَكَانَ يُحِبُّ الْمُصَارِعِينَ وَأَهْلَ الشَّطَارَةِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ، فَذُكِرَ لَهُ إِنْسَانٌ بِخُرَاسَانَ، فَأَحْضَرَهُ، فَصَرَعَ جَمِيعَ مَنْ عِنْدَهُ، فَأَكْرَمَهُ وَأَعْطَاهُ، وَأَطْلَقَ لَهُ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِ الْمَغُولِ حَسْنَاءَ، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً لَا يَتَعَرَّضُ
পৃষ্ঠা - ১০৮৫৫
لَهَا، فَاتَّفَقَ مَجِيئُهَا زَائِرَةً بَيْتَ الْقَانِ، فَجَعَلَ السُّلْطَانُ يُمَازِحُهَا وَيَقُولُ: كَيْفَ رَأَيْتِ الْمُسْتَعْرِبَ؟ فَذَكَرَتْ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَبْهَا، فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ وَأَحْضَرَهُ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا خُوَنْدُ، أَنَا إِنَّمَا حَظِيتُ عِنْدَكَ بِالشَّطَارَةِ، وَمَتَى قَرِبْتُهَا نَقَصَتْ مَنْزِلَتِي عِنْدَكَ. قَالَ: وَلَمَّا احْتُضِرَ أَوْصَى أَوْلَادَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَعَدَمِ الِافْتِرَاقِ، وَضَرَبَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْأَمْثَالَ، وَأَحْضَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ نُشَّابًا، وَيَأْخُذُ السَّهْمَ فَيُعْطِيهِ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ، فَيَكْسِرُهُ، ثُمَّ أَحْضَرَ حُزْمَةً أُخْرَى وَدَفَعَهَا مَجْمُوعَةً إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يُطِيقُوا كَسْرَهَا. فَقَالَ: هَذَا مَثَلُكُمْ إِذَا اجْتَمَعْتُمْ وَاتَّفَقْتُمْ، وَذَلِكَ مَثَلُكُمْ إِذَا انْفَرَدْتُمْ وَاخْتَلَفْتُمْ. قَالَ: وَكَانَ لَهُ عِدَّةُ أَوْلَادٍ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ هُمْ عُظَمَاءُ أَوْلَادِهِ; وَأَكْبَرُهُمْ تُولِي، وَهُمْ: تُولِي، وَبَاتُو، وَبَرَكَةُ، وَتُرْكِجَارُ، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ لَهُ وَظِيفَةٌ عِنْدَهُ. ثُمَّ تَكَلَّمَ الْجُوَيْنِيُّ عَلَى مُلْكِ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى زَمَانِ هُولَاكُو خَانَ، وَهُوَ يَقُولُ فِي اسْمِهِ بَاذْشَاهْ زَادَهْ هُولَاكُو وَذَكَرَ مَا وَقَعَ فِي زَمَانِهِ مِنَ الْأَوَابِدِ وَالْأُمُورِ الْمُزْعِجَةِ، كَمَا بَسَطْنَا فِي الْحَوَادِثِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ، عِيسَى بْنُ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، مَلِكُ
পৃষ্ঠা - ১০৮৫৬
دِمَشْقَ وَالشَّامِ، كَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَلْخَ ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ اسْتِقْلَالُهُ بِمُلْكِ دِمَشْقَ لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ. وَكَانَ شُجَاعًا بَاسِلًا عَالِمًا فَاضِلًا اشْتَغَلَ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى الْحَصِيرِيِّ مُدَرِّسِ النُّورِيَّةِ، وَفِي اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ عَلَى تَاجِ الدِّينِ الْكِنْدِيِّ، وَكَانَ مَحْفُوظُهُ " مُفَصَّلَ الزَّمَخْشَرِيِّ "، وَكَانَ يُجِيزُ مَنْ حَفِظَهُ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا، وَكَانَ قَدْ أَمَرَ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ كِتَابٌ فِي اللُّغَةِ يَشْمَلُ " صِحَاحَ الْجَوْهَرِيِّ "، وَ " الْجَمْهَرَةَ " لِابْنِ دُرَيْدٍ، وَ " التَّهْذِيبَ " لِلْأَزْهَرِيِّ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَأَمَرَ أَنْ يُرَتَّبَ لَهُ مُسْنَدُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَكَانَ يُحِبُّ الْعُلَمَاءَ وَيُكْرِمُهُمْ، وَيَجْتَهِدُ فِي مُتَابَعَةِ الْخَيْرِ، وَيَقُولُ: أَنَا عَلَى عَقِيدَةِ الطَّحَاوِيِّ. وَأَوْصَى عِنْدَ وَفَاتِهِ أَنْ لَا يُكَفَّنَ إِلَّا فِي الْبَيَاضِ، وَأَنْ يُلْحَدَ لَهُ، وَيُدْفَنَ فِي الصَّحْرَاءِ، وَلَا يُبْنَيَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَقُولُ: وَاقِعَةُ دِمْيَاطَ أَدَّخِرُهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَرْجُو أَنْ يَرْحَمَنِي بِهَا. يَعْنِي أَنَّهُ أَبْلَى فِيهَا بَلَاءً حَسَنًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ جُمِعَ لَهُ مِنَ الشَّجَاعَةِ وَالسَّمَاحَةِ وَالْبَرَاعَةِ وَالْعِلْمِ وَمَحَبَّةِ أَهْلِهِ، وَكَانَ يَجِيءُ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ إِلَى تُرْبَةِ وَالِدِهِ، فَيَجْلِسُ قَلِيلًا، ثُمَّ إِذَا ذَكَرَ الْمُؤَذِّنُونَ يَنْطَلِقُ إِلَى تُرْبَةِ عَمِّهِ صَلَاحِ الدِّينِ، فَيُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَةَ. وَكَانَ قَلِيلَ التَّعَاظُمِ يَرْكَبُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَحْدَهُ، ثُمَّ يَلْحَقُهُ بَعْضُ غِلْمَانِهِ سَوْقًا، وَقَالَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ أَبِي السُّعُودِ الْبَغْدَادِيُّ: لَئِنْ غُودِرَتْ تِلْكَ الْمَحَاسِنُ فِي الثَّرَى ... بَوَالٍ فَمَا وَجْدِي عَلَيْكَ بِبَالِ وَمُذْ غِبْتَ عَنِّي مَا ظَفِرْتُ بِصَاحِبٍ ... أَخِي ثِقَةٍ إِلَّا خَطَرْتَ بِبَالِي وَمَلَكَ دِمَشْقَ بَعْدَهُ وَلَدُهُ النَّاصِرُ دَاوُدُ بْنُ الْمُعَظَّمِ، وَبَايَعَهُ الْأُمَرَاءُ:
পৃষ্ঠা - ১০৮৫৭
أَبُو الْمَعَالِي أَسْعَدُ بْنُ يَحْيَى، بْنِ مُوسَى بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ وَهْبٍ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ السِّنْجَارِيُّ، شَيْخٌ أَدِيبٌ فَاضِلٌ خَيِّرٌ، لَهُ نَظْمٌ وَنَثْرٌ ظَرِيفٌ، وَلَهُ نَوَادِرُ حَسَنَةٌ، وَجَاوَزَ التِّسْعِينَ، قَدِ اسْتَوْزَرَهُ صَاحِبُ حَمَاةَ فِي وَقْتٍ، وَلَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ أَوْرَدَ مِنْهُ ابْنُ السَّاعِي قِطْعَةً جَيِّدَةً فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَهَوَاكَ مَا خَطَرَ السُّلُوُّ بِبَالِهِ ... وَلَأَنْتَ أَعْلَمُ فِي الْغَرَامِ بِحَالِهِ فَمَتَى وَشَى وَاشٍ إِلَيْكَ بِأَنَّهُ ... سَالٍ هَوَاكَ فَذَاكَ مِنْ عُذَّالِهِ أَوَلَيَسَ لِلْكَلِفِ الْمُعَنَّى شَاهِدٌ ... مِنْ حَالِهِ يُغْنِيكَ عَنْ تَسْآلِهِ جَدَّدْتَ ثَوْبَ سِقَامِهِ وَهَتَكْتَ سَتْ ... رَ غَرَامِهِ وَصَرَمْتَ حَبْلَ وِصَالِهِ يَا لَلْعَجَائِبِ مِنْ أَسِيرٍ دَأْبُهُ ... يَفْدِي الطَّلِيقَ بِنَفْسِهِ وَبِمَالِهِ وَلَهُ أَيْضًا: لَامَ الْعَوَاذِلُ فِي هَوَاكِ فَأَكْثَرُوا ... هَيْهَاتَ مِيعَادُ السُّلُوِّ الْمَحْشَرُ جَهِلُوا مَكَانَكِ فِي الْقُلُوبِ فَطَوَّلُوا ... لَوْ أَنَّهُمْ وَجَدُوا كَوَجْدِي أَقْصَرُوا صَبْرًا عَلَى عَذْبِ الْهَوَى وَعَذَابِهِ ... وَأَخُو الْهَوَى أَبَدًا يُلَامُ وَيُعْذَرُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ، بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ الطِّيبِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالصَّائِنِ، أَحَدُ الْمُعِيدِينَ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَدَرَسَ بِالثِّقَتِيَّةِ، وَكَانَ عَارِفًا
পৃষ্ঠা - ১০৮৫৮
بِالْمَذْهَبِ وَالْفَرَائِضِ وَالْحِسَابِ، صَنَّفَ شَرْحًا لِلتَّنْبِيهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ السَّاعِي. أَبُو النَّجْمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ التَّكْرِيتِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ فَضْلَانَ، ثُمَّ أَعَادَ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَدَرَسَ فِي غَيْرِهَا، وَكَانَ يَشْتَغِلُ كُلَّ يَوْمٍ عِشْرِينَ دَرْسًا، وَلَيْسَ لَهُ دَأْبٌ إِلَّا الِاشْتِغَالُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَكَانَ بَارِعًا، كَثِيرَ الْعُلُومِ، قَدْ أَتْقَنَ الْمَذْهَبَ وَالْخِلَافَ، وَكَانَ يُفْتِي فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِوَاحِدَةٍ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الدَّامَغَانِيُّ، فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَى تَكْرِيتَ، فَأَقَامَ بِهَا ثُمَّ اسْتُدْعِيَ إِلَى بَغْدَادَ، فَعَادَ إِلَى الِاشْتِغَالِ، وَأَعَادَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إِلَى إِعَادَتِهِ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَعَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الِاشْتِغَالِ وَالْفَتْوَى وَالْوَجَاهَةِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ السَّاعِي.
পৃষ্ঠা - ১০৮৫৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] فِيهَا كَانَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ بَيْنَ جَلَالِ الدِّينِ وَالتَّتَارِ، كَسَرُوهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ كَسَرَهُمْ كَسْرَةً عَظِيمَةً، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا وَأُمَمًا لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً، وَكَانَ هَؤُلَاءِ التَّتَارُ قَدِ انْفَرَدُوا وَعَصَوْا عَلَى جِنْكِزْخَانَ، فَكَتَبَ ابْنُ جِنْكِزْخَانَ إِلَى جَلَالِ الدِّينِ يَقُولُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنَّا وَنَحْنُ أَبْعَدْنَاهُمْ، وَلَكِنْ سَتَرَى مِنَّا مَا لَا قِبَلَ لَكَ بِهِ. وَفِيهَا قَدِمَتْ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْفِرِنْجِ مِنْ نَاحِيَةِ صِقِلِّيَّةَ، فَنَزَلُوا عَكَّا وَصُورَ، وَحَمَلُوا عَلَى مَدِينَةِ صَيْدَا، فَانْتَزَعُوهَا مِنْ أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، وَغَزَوْهَا وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُمْ، وَجَاءَ الْأَنْبِرُورُ مَلِكُ جَزِيرَةِ قُبْرُسَ، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ عَكَّا فَخَافَ الْمُسْلِمُونَ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ. وَرَكِبَ الْمَلِكُ الْكَامِلُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَادِلِ صَاحِبُ مِصْرَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَدَخَلَهُ، ثُمَّ سَارَ إِلَى نَابُلُسَ، فَخَافَ النَّاصِرُ دَاوُدُ بْنُ الْمُعَظَّمِ مِنْ عَمِّهِ الْكَامِلِ، فَكَتَبَ إِلَى عَمِّهِ الْأَشْرَفِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ جَرِيدَةً، وَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ الْكَامِلِ يَسْتَعْطِفُهُ، وَيَكُفُّهُ عَنِ ابْنِ أَخِيهِ، فَأَجَابَهُ الْكَامِلُ بِأَنِّي إِنَّمَا جِئْتُ لِحِفْظِ بَيْتِ
পৃষ্ঠা - ১০৮৬০
الْمَقْدِسِ وَصَوْنِهِ عَنِ الْفِرِنْجِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَخْذَهُ، وَحَاشَى لِلَّهِ أَنْ أُحَاصِرَ أَخِي أَوِ ابْنَ أَخِي، وَبَعْدَ أَنْ جِئْتَ أَنْتَ إِلَى الشَّامِ، فَأَنْتَ تَحْفَظُهَا، وَأَنَا رَاجِعٌ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. فَخَشِيَ الْأَشْرَفُ وَأَهْلُ الشَّامِ إِنْ رَجَعَ الْكَامِلُ أَنْ تَمْتَدَّ أَطْمَاعُ الْفِرِنْجِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَرَكِبَ الْأَشْرَفُ إِلَى أَخِيهِ الْكَامِلِ، فَثَبَّطَهُ عَنِ الرُّجُوعِ. وَأَقَامَا جَمِيعًا هُنَالِكَ، جَزَاهُمَا اللَّهُ خَيْرًا، يَحْفَظَانِ جَنَابَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَنِ الْفِرِنْجِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَاجْتَمَعَ إِلَى الْمَلِكِ جَمَاعَةٌ مِنْ مُلُوكِهِمْ، كَأَخِيهِ الْأَشْرَفِ وَأَخِيهِمَا الشِّهَابِ غَازِيِّ بْنِ الْعَادِلِ، وَأَخِيهِمُ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْعَادِلِ، وَصَاحِبِ حِمْصَ أَسَدِ الدِّينِ شِيرْكُوهْ بْنِ نَاصِرِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ شِيرْكُوهْ، وَغَيْرِهِمْ. وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى نَزْعِ النَّاصِرِ دَاوُدَ عَنْ مُلْكِ دِمَشْقَ وَتَسْلِيمِهَا إِلَى الْأَشْرَفِ مُوسَى; لِأَجْلِ حِفْظِ الشَّامِ مِنَ الْفِرِنْجِ، وَسَيَأْتِي تَنْفِيذُ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الْمُسْتَقْبِلَةِ، إِنَّ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِيهَا عُزِلَ الصَّدْرُ الْبَكْرِيُّ عَنْ حِسْبَةِ دِمَشْقَ وَمَشْيَخَةِ الشُّيُوخِ، وَوَلِيَ فِيهِمَا اثْنَانِ غَيْرُهُ. قَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ: وَفِي أَوَائِلِ رَجَبٍ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الصَّالِحُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمَرَّاكُشِيُّ الْمُقِيمُ بِالْمَدْرَسَةِ الْمَالِكِيَّةِ، وَدُفِنَ بِالْمَقْبَرَةِ الَّتِي وَقَفَهَا الرَّئِيسُ خَلِيلُ بْنُ زُوَيْزَانَ قِبْلِيَّ مَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دُفِنَ بِهَا.
পৃষ্ঠা - ১০৮৬১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَمُلُوكُ بَنِي أَيُّوبَ مُفْتَرِقُونَ مُخْتَلِفُونَ، قَدْ صَارُوا أَحْزَابًا وَفِرَقًا، وَقَدِ اجْتَمَعَ مُلُوكُهُمْ إِلَى الْكَامِلِ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ مِصْرَ، وَهُوَ مُقِيمٌ بِنَوَاحِي الْقُدْسِ الشَّرِيفِ، فَقَوِيَتْ نُفُوسُ الْفِرِنْجِ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - بِكَثْرَتِهِمْ بِمَنْ وَفَدَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْبَحْرِ، وَبِمَوْتِ الْمُعَظَّمِ وَاخْتِلَافِ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْمُلُوكِ، فَطَلَبُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرُدُّوا إِلَيْهِمْ مَا كَانَ النَّاصِرُ صَلَاحُ الدِّينِ أَخَذَهُ مِنْهُمْ، فَوَقَعَتِ الْمُصَالَحَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُلُوكِ أَنْ يَرُدُّوا لَهُمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَحْدَهُ، وَتَبْقَى بِأَيْدِيهِمْ بَقِيَّةٌ، فَتَسَلَّمُوا الْقُدْسَ الشَّرِيفَ، وَكَانَ الْمُعَظَّمُ قَدْ هَدَمَ أَسْوَارَهُ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جِدًّا، وَحَصَلَ وَهْنٌ شَدِيدٌ وَإِرْجَافٌ عَظِيمٌ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. ثُمَّ قَدِمَ الْمَلِكُ الْكَامِلُ، فَحَاصَرَ دِمَشْقَ، وَضَيَّقَ عَلَى أَهْلِهَا، فَقَطَعَ الْأَنْهَارَ، وَنُهِبَتِ الْحَوَاضِرُ، وَغَلَتِ الْأَسْعَارُ، وَلَمْ يَزَلِ الْجُنُودُ حَوْلَهَا حَتَّى أَخْرَجَ مِنْهَا ابْنَ أَخِيهِ صَلَاحِ الدِّينِ الْمَلِكَ النَّاصِرَ دَاوُدَ بْنَ الْمُعَظَّمِ، عَلَى أَنْ يُقِيمَ مَلِكًا بِمَدِينَةِ الْكَرَكِ وَالشَّوْبَكِ وَنَابُلُسَ وَقَرَايَا مِنَ الْغَوْرِ وَالْبَلْقَاءِ، وَيَكُونُ الْأَمِيرُ عِزُّ الدِّينِ أَيْبَكُ أُسْتَاذُ دَارِ الْمُعَظَّمِ صَاحِبَ صَرْخَدَ، ثُمَّ تَقَايَضَ الْأَشْرَفُ وَأَخُوهُ الْكَامِلُ، فَأَخَذَ الْأَشْرَفُ دِمَشْقَ وَأَعْطَى أَخَاهُ حَرَّانَ وَالرُّهَا وَرَأْسَ الْعَيْنِ وَالرَّقَّةَ
পৃষ্ঠা - ১০৮৬২
وَسَرُوجَ، ثُمَّ سَارَ الْكَامِلُ فَحَاصَرَ حَمَاةَ، وَكَانَ صَاحِبُهَا الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ بْنُ تَقِيِّ الدِّينِ عَمَرَ قَدْ تُوُفِّيَ، وَعَهِدَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى أَكْبَرِ وَلَدِهِ الْمُظَفَّرِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ زَوْجُ بِنْتِ الْكَامِلِ، فَاسْتَحْوَذَ عَلَى حَمَاةَ أَخُوهُ صَلَاحُ الدِّينِ قِلِيجُ أَرْسَلَانَ، فَحَاصَرَهُ الْكَامِلُ حَتَّى أَنْزَلَهُ مِنْ قَلْعَتِهَا، وَسَلَّمَهَا إِلَى أَخِيهِ الْمُظَفَّرِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ سَارَ فَتَسَلَّمَ الْبِلَادَ الَّتِي قَايَضَ بِهَا عَنْ دِمَشْقَ مِنْ أَخِيهِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ النَّاسُ بِدِمَشْقَ قَدِ اشْتَغَلُوا بِعِلْمِ الْأَوَائِلِ فِي أَيَّامِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ دَاوُدَ، وَكَانَ يُعَانِي ذَلِكَ، وَرُبَّمَا نَسَبَهُ بَعْضُهُمْ إِلَى نَوْعٍ مِنَ الِانْحِلَالِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَنَادَى الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ بِالْبُلْدَانِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَأَنْ يَشْتَغِلُوا بِعِلْمِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، وَكَانَ سَيْفُ الدِّينِ الْآمِدِيُّ مُدَرِّسًا بِالْعَزِيزِيَّةِ، فَعَزَلَهُ عَنْهَا، وَبَقِيَ مُلَازِمًا مَنْزِلَهُ حَتَّى مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ كَمَا سَيَأْتِي. وَفِيهَا كَانَ النَّاصِرُ دَاوُدُ قَدْ أَضَافَ إِلَى قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الْخُوَيِّيِّ الْقَاضِيَ مُحْيِي الدِّينِ أَبَا الْفَضَائِلِ يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الزَّكِيِّ، فَحَكَمَ أَيَّامًا بِالشُّبَّاكِ، شَرْقِيَّ بَابِ الْكَلَّاسَةِ، ثُمَّ صَارَ يَحْكُمُ بِدَارِهِ، مُشَارِكًا لِابْنِ الْخُوَيِّيِّ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
পৃষ্ঠা - ১০৮৬৩
أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ صَابِرٍ الْحَرَّانِيُّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ الْمَنْجَنِيقِيُّ، كَانَ فَاضِلًا فِي فَنِّهِ، وَشَاعِرًا مُطَبِّقًا، لَطِيفَ الشِّعْرِ، حَسَنَ الْمَعَانِي، قَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ السَّاعِي قِطْعَةً صَالِحَةً، وَمِنْ أَحْسَنِ مَا أَوْرَدَ لَهُ قَصِيدَةٌ فِيهَا تَعْزِيَةٌ عَظِيمَةٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: هَلْ لِمَنْ يَرْتَجِي الْبَقَاءَ خُلُودُ ... وَسِوَى اللَّهِ كُلُّ شَيْءٍ يَبِيدُ وَالَّذِي كَانَ مِنْ تُرَابٍ وَإِنْ عَا ... شَ طَوِيلًا لِلتُّرَابِ يَعُودُ فَمَصِيرُ الْأَنَامِ طُرًّا إِلَى مَا ... صَارَ فِيهِ آبَاؤُهُمْ وَالْجُدُودُ أَيْنَ حَوَّاءُ أَيْنَ آدَمُ إِذْ فَا ... تَهُمُ الْخُلْدُ وَالثَّوَى وَالْخُلُودُ أَيْنَ هَابِيلُ أَيْنَ قَابِيلُ إِذْ هَ ذَا لِهَذَا مُعَانِدٌ وَحَسُودُ ... أَيْنَ نُوحٌ وَمَنْ نَجَا مَعَهُ بِالْ فُلْكِ وَالْعَالَمُونَ طُرًّا فَقِيدُ ... أَسْلَمَتْهُ الْأَيَّامُ كَالطِّفْلِ لِلْمَوْ تِ وَلَمْ يُغْنِ عُمْرُهُ الْمَمْدُودُ ... أَيْنَ عَادٌ بَلْ أَيْنَ جَنَّةُ عَادٍ أَمْ تُرَى أَيْنَ صَالِحٌ وَثَمُودُ أَيْنَ إِبْرَاهِيمُ الَّذِي شَادَ بَيْتَ اللَّهِ فَهْوُ الْمُعَظَّمُ الْمَقْصُودُ ... حَسَدُوا يُوسُفًا أَخَاهُمْ فَكَادُو هُ وَمَاتَ الْحَسُودُ وَالْمَحْسُودُ ... وَسُلَيْمَانُ فِي النُّبُوَّةِ وَالْمُلْ كِ قَضَى مِثْلَ مَا قَضَى دَاوُدُ ... فَغَدَوْا بَعْدَ مَا أُطِيعَ لِذَا الْخَلْ قُ وَهَذَا لَهُ أُلِينَ الْحَدِيدُ ... وَابْنُ عِمْرَانَ بَعْدَ آيَاتِهِ التِّسْ عِ وَشَقِّ الْخِضَمِّ فَهْوُ صَعِيدُ
পৃষ্ঠা - ১০৮৬৪
وَالْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَهْوَ رُوحُ اللَّهِ ... كَادَتْ تَقْضِي عَلَيْهِ الْيَهُودُ وَقَضَى سَيِّدُ النَّبِيِّينَ وَالْهَا دِي إِلَى الْحَقِّ أَحْمَدُ الْمَحْمُودُ ... وَبَنُوهُ وَآلُهُ الطَّاهِرُونَ الزُّ هْرُ صَلَّى عَلَيْهِمُ الْمَعْبُودُ ... وَنُجُومُ السَّمَاءِ مُنْتَثِرَاتٌ بَعْدَ حِينٍ وَلِلْهَوَاءِ رُكُودُ ... وَلِنَارِ الدُّنْيَا الَّتِي تُوقِدُ الصَّخْ رَ خُمُودٌ وَلِلْمِيَاهِ جُمُودُ ... وَكَذَا لِلثَّرَى غَدَاةَ يَؤُمُّ النَّ اسَ مِنْهَا تَزَلْزُلٌ وَهُمُودُ ... هَذِهِ الْأُمَّهَاتُ نَارٌ وَتُرْبٌ وَهَوَاءٌ رَطْبٌ وَمَاءٌ بَرُودُ ... سَوْفَ يَفْنَى كَمَا فَنَيْنَا فَلَا يَبْ قَى مِنَ الْخَلْقِ وَالِدٌ وَوَلِيدُ ... لَا الشَّقِيُّ الْغَوِيُّ مِنْ نُوَبِ الْأَيَّ امِ يَنْجُو وَلَا السَّعِيدُ الرَّشِيدُ ... وَمَتَى سَلَّتِ الْمَنَايَا سُيُوفًا فَالْمَوَالِي حَصِيدُهَا وَالْعَبِيدُ الْمَلِكُ الْمَسْعُودُ أَقْسِيسُ بْنُ الْكَامِلِ، صَاحِبُ الْيَمَنِ، وَقَدْ مَلَكَ مَكَّةَ مِنْ سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ، فَأَحْسَنَ بِهَا الْمَعْدَلَةَ، وَنَفَى الزَّيْدِيَّةَ مِنْهَا، وَأَمِنَتِ الطُّرُقَاتُ وَالْحُجَّاجُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ، فِيهِ عَسْفٌ وَظُلْمٌ أَيْضًا. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِمَكَّةَ، وَدُفِنَ بِبَابِ الْمُعَلَّى. مُحَمَّدٌ السَّبْتِيُّ النَّجَّارُ كَانَ يَعُدُّهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْأَبْدَالِ، قَالَ أَبُو شَامَةَ:
পৃষ্ঠা - ১০৮৬৫
وَهُوَ الَّذِي بَنَى الْمَسْجِدَ غَرْبِيَّ دَارِ الْوَكَالَةِ عَنْ يَسَارِ الْمَارِّ فِي الشَّارِعِ، مِنْ مَالِهِ، وَدُفِنَ بِالْجَبَلِ. وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ مَشْهُودَةً - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. الْعَبَّادِيُّ الشَّاعِرُ، أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سَالِمِ بْنِ يَزْبِكَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَلَّدٍ، الْعَبَّادِيُّ الشَّاعِرُ، مِنَ الْحَدِيثَةِ، قَدِمَ بَغْدَادَ مِرَارًا، وَامْتَدَحَ الْمُسْتَنْصِرَ وَغَيْرَهُ، وَكَانَ فَاضِلًا كَثِيرَ التَّغَزُّلِ. أَبُو الْفُتُوحِ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، وَيُلَقَّبُ بِثَعْلَبٍ، اشْتَغَلَ فِي الْمَذْهَبِ وَالْخِلَافِ، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: جِسْمِي مَعِي غَيْرَ أَنَّ الرُّوحَ عِنْدَكُمُ ... فَالْجِسْمُ فِي غُرْبَةٍ وَالرُّوحُ فِي وَطَنِ فَلْيَعْجَبِ النَّاسُ مِنِّي أَنَّ لِي بَدَنًا ... لَا رُوحَ فِيهِ وَلِي رُوحٌ بِلَا بَدَنِ أَبُو الْفَضْلِ جِبْرِيلُ بْنُ مَنْصُورِ، بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ جِبْرِيلَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ غَالِبِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مُوسَى بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ غَالِبِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ زُطِينَا الْبَغْدَادِيُّ، كَاتِبُ الدِّيوَانِ بِهَا، أَسْلَمَ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ مِنْ أَفْصَحِ النَّاسِ وَأَبْلَغِهِمْ مَوْعِظَةً، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: خَيْرُ أَوْقَاتِكَ سَاعَةٌ صَفَتْ لِلَّهِ، وَخَلَصَتْ مِنَ الْفِكْرَةِ لِغَيْرِهِ وَالرَّجَاءِ لِسِوَاهُ، وَمَا دُمْتَ فِي خِدْمَةِ السُّلْطَانِ، فَلَا تَغْتَرَّ بِالزَّمَانِ، اكْفُفْ كَفَّكَ، وَاصْرِفْ طَرْفَكَ، وَأَكْثِرْ صَوْمَكَ، وَأَقْلِلْ نَوْمَكَ،
পৃষ্ঠা - ১০৮৬৬
وَاشْكُرْ رَبَّكَ، يُحْمَدْ أَمْرُكَ. وَقَالَ: زَادُ الْمُسَافِرِ مُقَدَّمٌ عَلَى رَحِيلِهِ، فَأَعِدَّ الزَّادَ تَبْلُغُ الْمُرَادَ. وَقَالَ: إِلَى مَتَى تَتَمَادَى فِي الْغَفْلَةِ؟ كَأَنَّكَ قَدْ أَمِنْتَ عَوَاقِبَ الْمُهْلَةِ، عُمْرُ اللَّهْوِ مَضَى، وَعُمْرُ الشَّبِيبَةِ انْقَضَى، وَمَا حَصَلْتَ مِنْ رَبِّكَ عَلَى ثِقَةٍ بِالرِّضَا، وَقَدِ انْتَهَى بِكَ الْأَمْرُ إِلَى سِنِّ التَّخَاذُلِ، وَزَمَنِ التَّكَاسُلِ، وَمَا حَظِيتَ بِطَائِلٍ. وَقَالَ: رُوحُكَ تَخْضَعُ، وَعَيْنُكَ لَا تَدْمَعُ، وَقَلْبُكَ لَا يَخْشَعُ، وَنَفْسُكَ لَا تَشْبَعُ، وَتَظْلِمُ نَفْسَكَ وَأَنْتَ لَهَا تَتَوَجَّعُ، وَتُظْهِرُ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْمَالِ تَطْمَعُ، وَتَطْلُبُ مَا لَيْسَ لَكَ بِحَقٍّ وَمَا وَجَبَ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ لَا تَدْفَعُ، وَتَرُومُ فَضْلَ رَبِّكَ وَلِلْمَاعُونِ تَمْنَعُ، وَتَعِيبُ نَفْسَكَ الْأَمَّارَةَ وَهِيَ عَنِ اللَّهْوِ لَا تَرْجِعُ، وَتُوقِظُ الْغَافِلِينَ بِإِنْذَارِكَ وَتَتَنَاوَمُ عَنْ سَهْمِكَ وَتَهْجَعُ، وَتَخُصُّ غَيْرَكَ بِخَيْرِكَ وَنَفْسَكَ الْفَقِيرَةَ لَا تَنْفَعُ، وَتَحُومُ عَلَى الْحَقِّ وَأَنْتَ بِالْبَاطِلِ مُولَعٌ، وَتَتَعَثَّرُ فِي الْمَضَايِقِ وَطَرِيقُ النَّجَاةِ مَهْيَعٌ، وَتَتَهَجَّمُ عَلَى الذُّنُوبِ وَفِي الْمُجْرِمِينَ تَشْفَعُ، وَتَرْكَنُ إِلَى دَارِ السَّلَامَةِ وَأَنْتَ بِالْعَطْبِ مُرَوَّعٌ، وَتَحْرِصُ عَلَى زِيَادَةِ الِاكْتِسَابِ وَحِسَابُكَ فِي كِفْلِ غَيْرِكَ يُوضَعُ، وَتُظْهِرُ الْقَنَاعَةَ بِالْقَلِيلِ وَبِالْكَثِيرِ لَا تَشْبَعُ، وَتُعَمِّرُ الدَّارَ الْفَانِيَةَ وَدَارُكَ الْبَاقِيَةُ خَرَابٌ بِلَقْعٌ، وَتَسْتَوْطِنُ فِي مَنْزِلِ رَحِيلٍ كَأَنَّكَ إِلَى رَبِّكَ لَا تَرْجِعُ، وَتَظُنُّ أَنَّكَ بِلَا رَقِيبٍ وَأَعْمَالُكَ إِلَى الْمُرَاقِبِ تُرْفَعُ، وَتُقْدِمُ عَلَى الْكَبَائِرِ وَعَنِ الصَّغَائِرِ تَتَوَرَّعُ، وَتُؤَمِّلُ الْغُفْرَانَ وَأَنْتَ عَنِ الذُّنُوبِ لَا تُقْلِعُ، وَتَرَى