আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১০৭০৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] ذَكَرَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ فِي " الذَّيْلِ " أَنَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ تَمَالَأَتْ مُلُوكُ الْجَزِيرَةِ; صَاحِبُ الْمَوْصِلِ وَصَاحِبُ سِنْجَارَ، وَصَاحِبُ إِرْبِلَ، وَمَعَهُمُ ابْنُ أَخِيهِ الظَّاهِرُ صَاحِبُ حَلَبَ وَمَلِكُ الرُّومِ أَيْضًا، عَلَى مُخَالَفَةِ الْعَادِلِ وَمُنَابَذَتِهِ وَمُقَاتَلَتِهِ وَاصْطِلَامِ الْمُلْكِ مِنْ يَدِهِ، وَأَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ لِلْمَلِكِ كِيخُسْرُو بْنِ قِلِيجَ أَرْسَلَانَ صَاحِبِ الرُّومِ، وَأَرْسَلُوا إِلَى الْكُرْجِ لِيَقْدُمُوا لِحِصَارِ خِلَاطَ وَأَخْذِهَا مِنْ يَدِ الْمَلِكِ الْأَوْحَدِ بْنِ الْعَادِلِ، وَوَعَدَهُمُ النَّصْرَ وَالْمُعَاوَنَةَ عَلَيْهِ. قُلْتُ: وَهَذَا بَغْيٌ وَعُدْوَانٌ يَنْهَى اللَّهُ عَنْهُ، فَأَقْبَلَتِ الْكُرْجُ بِمَلِكِهِمْ إِيوَانِي، فَحَاصَرُوا خِلَاطَ، فَضَاقَ بِهِمُ الْأَوْحَدُ ذَرْعًا، وَقَالَ: هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ. فَقَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ تَاسِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ اشْتَدَّ حِصَارُهُمْ لِلْبَلَدِ، وَأَقْبَلَ مَلِكُهُمْ إِيوَانِي وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى جَوَادِهِ وَهُوَ سَكْرَانُ، فَسَقَطَ بِهِ جَوَادُهُ فِي بَعْضِ الْحُفَرِ الَّتِي قَدْ أُعِدَّتْ مَكِيدَةً حَوْلَ الْبَلَدِ، فَبَادَرَ إِلَيْهِ رِجَالُ الْبَلَدِ، فَأَخَذُوهُ أَسِيرًا حَقِيرًا، فَأُسْقِطَ فِي أَيْدِي الْكُرْجِ، فَلَمَّا أُوقِفَ بَيْنَ يَدِيِ الْأَوْحَدِ أَطْلَقَهُ وَمَنَّ عَلَيْهِ، وَأَكْرَمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَفَادَاهُ عَلَى مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ وَأَلْفَيْ
পৃষ্ঠা - ১০৭০৪
أَسِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَسْلِيمِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ قَلْعَةً مُتَاخِمَةً لِبِلَادِ الْأَوْحَدِ، وَأَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ مِنْ أَخِيهِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ مُوسَى، وَأَنْ يَكُونَ عَوْنًا لَهُ عَلَى مَنْ يُحَارِبُهُ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، فَأُخِذَتِ الْأَيْمَانُ مِنْهُ بِذَلِكَ، وَبَعَثَ الْأَوْحَدُ إِلَى أَبِيهِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَالْعَادِلُ نَازِلٌ بِظَاهِرِ حَرَّانَ فِي أَشَدِّ حَيْرَةٍ مِمَّا قَدْ دَهَمَهُ مِنَ الْأَمْرِ الْفَظِيعِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُ هَذَا الْأَمْرُ الْهَائِلُ وَالتَّدْبِيرُ مِنْ عَزِيزٍ حَكِيمٍ، لَمْ يَكُنْ فِي بَالِهِ وَلَا حِسَابِهِ، فَكَادَ يَذْهَلُ فَرَحًا وَسُرُورًا، وَأَجَازَ جَمِيعَ مَا فَعَلَهُ وَلَدُهُ، وَطَارَتِ الْأَخْبَارُ بِمَا وَقَعَ بَيْنَ الْمُلُوكِ، فَخَضَعُوا وَذَلُّوا عِنْدَ ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَعْتَذِرُ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ، وَيُحِيلُ عَلَى غَيْرِهِ، فَقَبِلَ مِنْهُمُ اعْتِذَارَاتِهِمْ، وَصَالَحَهُمْ صُلْحًا أَكِيدًا، وَاسْتَقْبَلَ الْمَلِكُ عَقْدًا جَدِيدًا. وَوَفَّى مَلِكُ الْكُرْجِ لِلْأَوْحَدِ بِجَمِيعِ مَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ، وَتَزَوَّجَ الْأَشْرَفُ ابْنَتَهُ. وَمِنْ غَرِيبِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ فِي هَذِهِ الْكَائِنَةِ أَنَّ قِسِّيسَ الْمَلِكِ كَانَ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ، فَقَالَ لِلْمَلِكِ قَبْلَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ: اعْلَمْ أَنَّكَ تَدْخُلُ غَدًا إِلَى قَلْعَةِ خِلَاطَ وَلَكِنْ بِزِيٍّ غَيْرِ زِيِّكَ أَذَانَ الْعَصْرِ. فَوَافَقَ دُخُولُهُ إِلَيْهَا أَسِيرًا وَقْتَ أَذَانِ الْعَصْرِ. [وَفَاةُ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ نُورِ الدِّينِ] ذِكْرُ وَفَاةِ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ نُورِ الدِّينِ أَرْسَلَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ شَاهِ بْنُ عِزِّ الدِّينِ مَسْعُودِ بْنِ قُطْبِ الدِّينِ مَوْدُودِ بْنِ
পৃষ্ঠা - ১০৭০৫
زَنْكِيِّ، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ يَخْطُبُ ابْنَةَ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ، وَأَرْسَلَ وَكِيلَهُ لِقَبُولِ الْعَقْدِ عَلَى ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. فَاتَّفَقَ مَوْتُ نُورِ الدِّينِ وَوَكِيلِهِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَعُقِدَ الْعَقْدُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي كَامِلِهِ كَثِيرًا وَشَكَرَ مِنْهُ وَمِنْ عَدْلِهِ وَشَهَامَتِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ، وَذَكَرَ أَنَّ مُدَّةَ مُلْكِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا. وَأَمَّا أَبُو الْمُظَفَّرِ السِّبْطُ فَإِنَّهُ قَالَ: كَانَ جَبَّارًا ظَالِمًا بَخِيلًا سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَامَ فِي الْمُلْكِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الْقَاهِرُ عِزُّ الدِّينِ مَسْعُودٌ، وَجَعَلَ تَدْبِيرَ مَمْلَكَتِهِ إِلَى غُلَامِهِ بَدْرِ الدِّينِ لُؤْلُؤٍ الَّذِي صَارَ الْمُلْكُ إِلَيْهِ فِيمَا بَعْدُ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَفِي سَابِعِ شَوَّالٍ شُرِعَ فِي عِمَارَةِ الْمُصَلَّى; بُنِيَ لَهُ أَرْبَعُ جُدُرٍ مُشْرِفَةٍ، وَجُعِلَ لَهُ أَبْوَابٌ صَوْنًا لِمَكَانِهِ مِنَ الْمَيْتَاتِ وَنُزُولِ الْقَوَافِلِ، وَجُعِلَ فِي قِبْلَتِهِ مِحْرَابٌ مِنْ حِجَارَةٍ وَمِنْبَرٌ مِنْ حِجَارَةٍ، وَعُقِدَتْ فَوْقَ ذَلِكَ قُبَّةٌ، ثُمَّ فِي سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ عُمِلَ فِي قِبْلَتِهِ رِوَاقَانِ، وَعُمِلَ لَهُ مِنْبَرٌ مِنْ خَشَبٍ، وَرُتِّبَ لَهُ خَطِيبٌ رَاتِبٌ وَإِمَامٌ رَاتِبٌ، وَمَاتَ الْعَادِلُ وَلَمْ يَتِمَّ الرِّوَاقُ الثَّانِي مِنْهُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى يَدِ الْوَزِيرِ صَفِيِّ الدِّينِ بْنِ شُكْرٍ. قَالَ: وَفِي حَادِي عَشَرَ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ جُدِّدَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ الْبَرِيدِ بِالنُّحَاسِ الْأَصْفَرِ، وَرُكِّبَتْ فِي أَمَاكِنِهَا. وَفِي شَوَّالٍ أَيْضًا شُرِعَ فِي إِصْلَاحِ الْفَوَّارَةِ وَالشَّاذِرْوَانِ وَالْبِرْكَةِ وَعُمِلَ عِنْدِهَا مَسْجِدٌ، وَجُعِلَ لَهُ إِمَامٌ رَاتِبٌ، وَأَوَّلُ مَنْ تَوَلَّاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: النَّفِيسُ الْمِصْرِيُّ.
পৃষ্ঠা - ১০৭০৬
وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: بُوقُ الْجَامِعِ، لِطِيبِ صَوْتِهِ إِذَا قَرَأَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي مَنْصُورٍ الضَّرِيرِ الْمُصَدَّرِ، فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ النَّاسُ الْكَثِيرُ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا تَوَجَّهَتْ مَرَاكِبُ مِنْ عَكَّا فِي الْبَحْرِ إِلَى ثَغْرِ دِمْيَاطَ وَفِيهَا مَلِكُ قُبْرُسَ الْمُسَمَّى الْبَالَ، لَعَنَهُ اللَّهُ، فَدَخَلَ الثَّغْرَ لَيْلًا، وَأَغَارَ عَلَى بَعْضِ الْبِلَادِ، فَقَتَلَ وَسَبَى وَغَنِمَ، وَكَرَّ رَاجِعًا، فَرَكِبَ مَرَاكِبَهُ، فَلَمْ يُدْرِكْهُ الطَّلَبُ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ سَابِقَةٌ بِمِثْلِهَا قَبْلَ هَذِهِ، وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَتَّفِقْ لِغَيْرِهِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عَاثَتِ الْفِرِنْجُ بِنَوَاحِي الْقُدْسِ الشَّرِيفِ فَبَرَزَ إِلَيْهِمُ الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ فِي عَسَاكِرِهِ، وَجَلَسَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ قِزُغْلِي الْحَنَفِيُّ، وَهُوَ سِبْطُ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ ابْنُ ابْنَتِهِ رَابِعَةَ، وَهُوَ صَاحِبُ " مِرْآةِ الزَّمَانِ "، وَكَانَ فَاضِلًا فِي فُنُونٍ كَثِيرَةٍ، حَسَنَ الشَّكْلِ، طَيِّبَ الصَّوْتِ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ فِي الْوَعْظِ جَيِّدًا، وَتُحِبُّهُ الْعَامَّةُ عَلَى صِيتِ جَدِّهِ، وَقَدْ رَحَلَ مِنْ بَغْدَادَ، فَنَزَلَ دِمَشْقَ وَأَكْرَمَهُ مُلُوكُهَا، وَوَلِيَ التَّدَارِيسَ الْكِبَارَ بِهَا، وَكَانَ يَجْلِسُ كُلَّ يَوْمِ سَبْتٍ عِنْدَ بَابِ مَشْهَدِ عَلِيٍّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ إِلَى السَّارِيَةِ الَّتِي يَجْلِسُ عِنْدَهَا الْوُعَّاظُ فِي زَمَانِنَا هَذَا، فَكَانَ يَكْثُرُ الْجَمْعُ عِنْدَهُ حَتَّى يَكُونُوا مِنْ بَابِ النَّاطِفَانِيِّينَ إِلَى بَابِ الْمَشْهَدِ وَإِلَى بَابِ السَّاعَاتِ غَيْرَ الْوُقُوفِ، فَحُزِرَ جَمْعُهُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ بِثَلَاثِينَ أَلْفًا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَكَانَ النَّاسُ يَبِيتُونَ لَيْلَةَ السَّبْتِ بِالْجَامِعِ فِي الصَّيْفِ وَيَتْرُكُونَ الْبَسَاتِينَ وَالْفَرَحَ فِي خَتَمَاتٍ وَأَذْكَارٍ لِتَحْصِيلِ الْأَمَاكِنِ بِمِيعَادِهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ
পৃষ্ঠা - ১০৭০৭
وَعْظِهِ خَرَجُوا إِلَى بَسَاتِينِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ كَلَامٌ إِلَّا فِيمَا قَالَ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ. وَيَحْضُرُ عِنْدَهُ الْأَكَابِرُ، حَتَّى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ كَانَ يَجْلِسُ فِي الْقُبَّةِ الَّتِي عِنْدَ بَابِ الْمَشْهَدِ هُوَ وَوَالِي الْبَلَدِ الْمُعْتَمِدُ وَوَالِي الْبَرِّ ابْنُ ثُمَيْرِكٍ وَغَيْرُهُمْ. فَلَمَّا جَلَسَ يَوْمَ السَّبْتِ خَامِسَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بِالْجَامِعِ - كَمَا ذَكَرْنَا - حَثَّ النَّاسَ عَلَى الْجِهَادِ، وَأَمَرَ بِإِحْضَارِ مَا كَانَ قَدْ تَحَصَّلَ عِنْدَهُ مِنْ شُعُورِ التَّائِبِينَ، وَقَدْ عَمِلَ مِنْهُ شِكَالَاتٍ يَحْمِلُهَا الرِّجَالُ، فَلَمَّا رَآهَا النَّاسُ ضَجُّوا ضَجَّةً وَاحِدَةً، وَتَبَاكَوْا بُكَاءً كَثِيرًا، وَقَطَّعُوا مِنْ شُعُورِهِمْ نَحْوَهَا، فَلَمَّا انْقَضَى الْمَجْلِسُ، وَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ، فَتَلَقَّاهُ الْوَالِي مُبَارِزُ الدِّينِ الْمُعْتَمِدُ إِبْرَاهِيمُ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، فَمَشَى بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى بَابِ النَّاطِفَانِيِّينَ يُعَضِّدُهُ حَتَّى رَكِبَ فَرَسَهُ، وَالنَّاسُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، فَخَرَجَ مِنْ بَابِ الْفَرَجِ وَبَابِ الْمُصَلَّى، ثُمَّ رَكِبَ مِنَ الْغَدِ فِي النَّاسِ إِلَى الْكُسْوَةِ، وَمَعَهُ خَلَائِقُ كَثِيرُونَ بِنِيَّةِ الْجِهَادِ إِلَى بِلَادِ الْقُدْسِ وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ مَعَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ مِنْ أَهْلِ زَمَلُكَا بِالْعُدَدِ التَّامَّةِ. قَالَ: فَجِئْنَا عَقَبَةَ أَفِيقَ، وَالطَّيْرُ لَا يَتَجَاسَرُ أَنْ يَطِيرَ مِنْ خَوْفِ الْفِرِنْجِ، فَلَمَّا وَصَلْنَا نَابُلُسَ تَلَقَّانَا الْمُعَظَّمُ. قَالَ: وَلَمْ أَكُنِ اجْتَمَعْتُ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَى الشِّكَالَاتِ مِنْ شُعُورِ التَّائِبِينَ جَعَلَ يُقَبِّلُهَا، وَيُمَرِّغُهَا عَلَى وَجْهِهِ وَيَبْكِي. وَعَمِلَ أَبُو الْمُظَفَّرِ مِيعَادًا بِنَابُلُسَ، وَحَثَّ عَلَى الْجِهَادِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، ثُمَّ سَارُوا صُحْبَةَ الْمُعَظَّمِ إِلَى نَاحِيَةِ بِلَادِ
পৃষ্ঠা - ১০৭০৮
الْفِرِنْجِ، فَقَتَلُوا خَلْقًا، وَخَرَّبُوا أَمَاكِنَ كَثِيرَةً، وَغَنِمُوا وَعَادُوا سَالِمِينَ، وَشَرَعَ الْمُعَظَّمُ فِي تَحْصِينِ جَبَلِ الطُّورِ وَبَنَى قَلْعَةً فِيهِ; لِيَكُونَ أَلْبًا عَلَى الْفِرِنْجِ، فَغَرِمَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فِي ذَلِكَ، فَبَعَثَ الْفِرِنْجُ إِلَى الْعَادِلِ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الْأَمَانَ وَالْمُصَالَحَةَ، فَهَادَنَهُمْ وَبَطَلَتْ تِلْكَ الْعِمَارَةُ، وَضَاعَ مَا كَانَ الْمُعَظَّمُ غَرِمَ عَلَيْهَا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ بَانِي الْمَدْرَسَةِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ لِلْقُرَّاءِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، الشَّيْخُ الصَّالِحُ أَبُو عُمَرَ الْمَقْدِسِيُّ، بَانِي الْمَدْرَسَةِ الَّتِي يُقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنُ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَهُوَ أَخُو الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، وَكَانَ أَبُو عُمَرَ أَسَنَّ مِنْهُ; لِأَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بَقَرْيَةِ السَّاوَيَا، وَقِيلَ: بِجَمَّاعِيلَ. وَهُوَ رَبَّى الشَّيْخَ مُوَفَّقَ الدِّينِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَزَوَّجَهُ، وَكَانَ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَدِمَ بِهِمْ مِنْ تِلْكَ الْبِلَادِ، فَنَزَلُوا بِمَسْجِدِ أَبِي صَالِحٍ، ثُمَّ انْتَقَلُوا مِنْهُ إِلَى السَّفْحِ، وَلَيْسَ بِهِ مِنَ الْعِمَارَةِ شَيْءٌ سِوَى دَيْرِ الْحَوْرَانِيِّ، قَالَ: فَقِيلَ لَنَا: الصَّالِحِيُّونَ. نِسْبَةً إِلَى مَسْجِدِ أَبِي صَالِحٍ، لَا أَنَّا صَالِحُونَ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْبُقْعَةُ مِنْ ذَلِكَ الْحِينِ بِالصَّالِحِيَّةِ نِسْبَةً إِلَيْنَا، فَقَرَأَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ الْقُرْآنَ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي عَمْرٍو، وَحَفِظَ " مُخْتَصَرَ الْخِرَقِيِّ " فِي الْفِقْهِ، وَهُوَ الَّذِي شَرَحَهُ أَخُوهُ، فَكَتَبَ شَرْحَهُ بِيَدِهِ، وَكَتَبَ " تَفْسِيرَ الْبَغَوِيِّ "،
পৃষ্ঠা - ১০৭০৯
وَ " الْحِلْيَةَ " لِأَبِي نُعَيْمٍ، وَ " الْإِبَانَةَ " لِابْنِ بَطَّةَ، وَكَتَبَ مَصَاحِفَ كَثِيرَةً لِلنَّاسِ وَلِأَهْلِهِ لَا بِأُجْرَةٍ، وَكَانَ كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، وَالتَّهَجُّدِ، يَصُومُ الدَّهْرَ، حَسَنَ الشَّكْلِ، نَحِيلَ الْجِسْمِ، عَلَيْهِ أَنْوَارُ الْعِبَادَةِ، لَا يَزَالُ مُتَبَسِّمًا، وَكَانَ يَقْرَأُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعًا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَيُصَلِّي الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِيهِنَّ أَلْفَ مَرَّةٍ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ، وَكَانَ يَزُورُ مَغَارَةَ الدَّمِ فِي كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ، وَيَجْمَعُ فِي طَرِيقِهِ الشِّيحَ، فَيُعْطِيهِ الْأَرَامِلَ وَالْمَسَاكِينَ، وَمَهْمَا تَهَيَّأَ لَهُ مِنْ فُتُوحٍ وَغَيْرِهِ يُؤْثِرُ بِهِ أَهْلَهُ وَالْمَسَاكِينَ، وَكَانَ مُتَقَلِّلًا فِي الْمَلْبَسِ، وَرُبَّمَا مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ لَا يَلْبَسُ فِيهَا سَرَاوِيلَ وَلَا قَمِيصًا. وَكَانَ يَقْطَعُ مِنْ عِمَامَتِهِ قِطَعًا يَتَصَدَّقُ بِهَا أَوْ فِي تَكْمِيلِ كَفَنِ مَنْ يَعُوزُ كَفَنُهُ، وَكَانَ هُوَ وَأَخُوهُ وَابْنُ خَالِهِمُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ وَأَخُوهُ الشَّيْخُ الْعِمَادُ لَا يَنْقَطِعُونَ عَنْ غَزَاةٍ يَخْرُجُ فِيهَا الْمَلِكُ صَلَاحُ الدِّينِ إِلَى بِلَادِ الْفِرِنْجِ، وَقَدْ حَضَرُوا مَعَهُ فَتْحَ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ وَغَيْرِهَا، وَجَاءَ الْمَلِكُ الْعَادِلُ أَبُو بَكْرٍ يَوْمًا إِلَى خَيْمَتِهِمْ لِزِيَارَةِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَمَا قَطَعَ صَلَاتَهُ وَلَا أَوْجَزَهَا، بَلِ اسْتَمَرَّ فِيهَا، وَهُوَ الَّذِي شَرَعَ فِي بِنَاءِ الْجَامِعِ أَوَّلًا بِمَالِ رَجُلٍ مِنَ النَّاسِ، فَنَفِدَ مَا كَانَ بِيَدِهِ، وَقَدِ ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ قَامَةً، فَبَعَثَ صَاحِبُ إِرْبِلَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ كُوكُبُرِي مَالًا فَكَمَلَ، وَوَلِيَ خَطَابَتَهُ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ، فَكَانَ يَخْطُبُ بِهِ وَعَلَيْهِ لِبَاسُهُ الضَّعِيفُ، وَعَلَيْهِ أَنْوَارُ الْخَشْيَةِ وَالتَّقْوَى، وَإِنَّمَا كَانَ الْمِنْبَرُ الَّذِي فِيهِ ثَلَاثُ مَرَاقٍ، وَالرَّابِعَةُ لِلْجُلُوسِ كَمَا كَانَ الْمِنْبَرُ النَّبَوِيُّ.
পৃষ্ঠা - ১০৭১০
وَقَدْ حَكَى أَبُو الْمُظَفَّرِ أَنَّهُ حَضَرَ يَوْمًا عِنْدَهُ الْجُمُعَةَ، وَكَانَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْيُونِينِيُّ حَاضِرًا هُنَاكَ، فَلَمَّا انْتَهَى الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ إِلَى الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ قَالَ: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ عَبْدَكَ الْمَلِكَ الْعَادِلَ سَيْفَ الدِّينِ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَيُّوبَ. فَنَهَضَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ، فَلَمَّا فَرَغْنَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَاذَا نَقَمْتَ؟ فَقَالَ: يَقُولُ لِهَذَا الظَّالِمِ: الْعَادِلَ؟ فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْحَدِيثِ إِذْ أَقْبَلَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ وَمَعَهُ رَغِيفٌ وَخِيَارَتَانِ، فَكَسَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: الصَّلَاةُ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ كِسْرَى» . فَتَبَسَّمَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ، وَمَدَّ يَدَهُ فَأَكَلَ، فَلَمَّا قَامَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ قَالَ لِي: يَا سَيِّدَنَا، مَاذَا إِلَّا رَجُلٌ صَالِحٌ. قَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ الصَّالِحِينَ الْكِبَارِ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بَعْدَ أَبِي عُمَرَ بِعَشْرِ سِنِينَ، فَلَمْ يُسَامِحِ الشَّيْخَ أَبَا عُمَرَ فِي تَسَاهُلِهِ مَعَ وَرَعِهِ، وَلَعَلَّهُ كَانَ مُسَافِرًا لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ، وَعُذْرُ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ أَنَّ هَذَا قَدْ جَرَى مَجْرَى الْأَعْلَامِ; الْعَادِلِ، الْكَامِلِ، الْأَشْرَفِ، وَنَحْوِهِ، كَمَا يُقَالُ: سَالِمٌ، وَغَانِمٌ، وَمَسْعُودٌ، وَمَحْمُودٌ. وَقَدْ يَكُونُ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ عَلَى الضِّدِّ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ،
পৃষ্ঠা - ১০৭১১
وَكَذَلِكَ إِطْلَاقُ الْعَادِلِ وَنَحْوِهِ قَدْ دَخَلَ إِطْلَاقُهُ عَلَى الْمُشْرِكِ، فَهَذَا أَوْلَى. قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَيْسَ هُوَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ، وَعَجَبًا لَهُ وَلِأَبِي الْمُظَفَّرِ، ثُمَّ لِأَبِي شَامَةَ فِي قَبُولِ هَذَا وَأَخْذِهِ عَنْهُ مُسَلَّمًا! وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ شَرَعَ أَبُو الْمُظَفَّرِ فِي ذِكْرِ فَضَائِلِ أَبِي عُمَرَ وَكَرَامَاتِهِ وَمَا رَآهُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَحْوَالِهِ الصَّالِحَةِ، قَالَ: وَكَانَ عَلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، حَسَنَ الْعَقِيدَةِ، مُتَمَسِّكًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ، يُمِرُّهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ طَعْنٍ عَلَى أَئِمَّةِ الدِّينِ وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَنْهَى عَنْ صُحْبَةِ الْمُبْتَدِعِينَ، وَيَأْمُرُ بِصُحْبَةِ الصَّالِحِينَ. قَالَ: رُبَّمَا أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي ذَلِكَ: أُوصِيكُمُ بِالْقَوْلِ فِي الْقُرْآنِ ... بِقَوْلِ أَهْلِ الْحَقِّ وَالْإِتْقَانِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلَا بِفَانِ ... لَكِنْ كَلَامُ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ آيَاتُهُ مُشْرِقَةُ الْمَعَانِي ... مَتْلُوَّةٌ لِلَّهِ بِاللِّسَانِ مَحْفُوظَةٌ فِي الصَّدْرِ وَالْجِنَانِ ... مَكْتُوبَةٌ فِي الصُّحْفِ بِالْبَنَانِ وَالْقَوْلُ فِي الصِّفَاتِ يَا إِخْوَانِي ... كَالذَّاتِ وَالْعِلْمِ مَعَ الْبَيَانِ إِمْرَارُهَا مِنْ غَيْرِ مَا كُفْرَانِ ... مِنْ غَيْرِ تَشْبِيهٍ وَلَا عُطْلَانِ قَالَ وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ: أَلَمْ يَكُ مَلْهَاةً عَنِ اللَّهْوِ أَنَّنِي ... بَدَا لِيَ شَيْبُ الرَّأْسِ وَالضَّعْفُ وَالْأَلَمْ
পৃষ্ঠা - ১০৭১২
أَلَمَّ بِيَ الْخَطْبُ الَّذِي لَوْ بَكَيْتُهُ ... حَيَاتِي حَتَّى يَذْهَبَ الدَّمْعُ لَمْ أُلَمْ قَالَ: وَمَرِضَ أَيَّامًا، فَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ يَعْمَلُهُ مِنَ الْأَوْرَادِ، حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ وَقْتَ السَّحَرِ فِي لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَغُسِّلَ بِالدَّيْرِ، وَحُمِلَ إِلَى مَقْبَرَتِهِ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الدَّوْلَةِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَّا حَضَرَ جَنَازَتَهُ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَكَانَ الْحَرُّ شَدِيدًا، فَأَظَلَّتِ النَّاسَ سَحَابَةٌ مِنَ الْحَرِّ كَانَ يُسْمَعُ مِنْهَا كَدَوِيِّ النَّحْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَنْتَهِبُونَ أَكْفَانَهُ، وَقَدْ رَثَاهُ الشُّعَرَاءُ بِمَرَاثٍ حَسَنَةٍ، وَرُئِيَتْ لَهُ مَنَامَاتٌ صَالِحَةٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَتَرَكَ مِنَ الْأَوْلَادِ ثَلَاثَةَ ذُكُورٍ; عُمْرَ، وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى، وَالشَّرَفَ عَبْدَ اللَّهِ، وَقَدْ وَلِيَ الْخَطَابَةَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَهُوَ وَالِدُ الْعِزِّ، وَأَحْمَدَ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ الشَّرَفُ عَبْدُ اللَّهِ صَارَتِ الْخَطَابَةُ لِأَخِيهِ شَمْسِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَرَ، وَكَانَ مِنْ أَوْلَادِ أَبِيهِ الذُّكُورِ، فَهَؤُلَاءِ أَوْلَادُ أَبِيهِ الذُّكُورُ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْإِنَاثِ بَنَاتٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم: 5] قَالَ: وَقَبْرُهُ فِي طَرِيقِ مَغَارَةِ الْجُوعِ فِي الزُّقَاقِ الْمُقَابِلِ لِدَيْرِ الْحَوْرَانِيِّ. رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِيَّانَا. ابْنُ طَبَرْزَدَ شَيْخُ الْحَدِيثِ: عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَمَّرِ بْنِ يَحْيَى الْمَعْرُوفُ بِأَبِي حَفْصِ بْنِ طَبَرْزَدَ الْبَغْدَادِيُّ الدَّارَقَزِّيُّ، وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِمِائَةٍ،
পৃষ্ঠা - ১০৭১৩
وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَأَسْمَعَ، وَكَانَ خَلِيعًا ظَرِيفًا مَاجِنًا، وَكَانَ يُؤَدِّبُ الصِّبْيَانَ بِدَارِ الْقَزِّ، قَدِمَ مَعَ حَنْبَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُكَبِّرِ إِلَى دِمَشْقَ، فَسَمِعَ أَهْلُهَا عَلَيْهِمَا، وَحَصَلَ لَهُمَا أَمْوَالٌ، وَعَادَا إِلَى بَغْدَادَ، فَمَاتَ حَنْبَلٌ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَتَأَخَّرَ هُوَ إِلَى هَذِهِ السَّنَةِ، فَمَاتَ فِيهَا وَلَهُ سَبْعٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً، وَتَرَكَ مَالًا جَيِّدًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ إِلَّا بَيْتُ الْمَالِ، وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْبٍ. السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ أَرْسَلَانُ شَاهْ نُورُ الدِّينِ أَبُو الْحَارِثِ أَرْسَلَانُ شَاهْ بْنُ عِزِّ الدِّينِ مَسْعُودِ بْنِ قُطْبِ الدِّينِ مَوْدُودِ بْنِ زَنْكِيٍّ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي نُورِ الدِّينِ الشَّهِيدِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ سِيرَتِهِ فِي الْحَوَادِثِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَكَانَ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ شَافِعِيٌّ سِوَاهُ، وَبَنَى لِلشَّافِعِيَّةِ مَدْرَسَةً عَظِيمَةً بِالْمَوْصِلِ، وَبِهَا تُرْبَتُهُ، قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْأَحَدِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. ابْنُ سُكَيْنَةَ: عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ سُكَيْنَةَ الصُّوفِيِّ، كَانَ يُعَدُّ مِنَ الْأَبْدَالِ، سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَأَسْمَعَ بِبِلَادٍ شَتَّى، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَ صَاحِبًا لِأَبِي الْفَرَجِ بْنِ
পৃষ্ঠা - ১০৭১৪
الْجَوْزِيِّ مُلَازِمًا لِمَجْلِسِهِ، وَكَانَ يَوْمُ جَنَازَتِهِ مَشْهُودًا; لِكَثْرَةِ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. مُظَفَّرُ بْنُ شَاشِيرَ الْوَاعِظُ الصُّوفِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ يَعِظُ فِي الْأَعْزِيَةِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْقُرَى، وَكَانَ ظَرِيفًا مَطْبُوعًا، قَامَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ وَهُوَ يَعِظُ، فَقَالَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ: أَنَا مَرِيضٌ جَائِعٌ. فَقَالَ: احْمَدْ رَبَّكَ فَقَدْ عُوفِيتَ. وَاجْتَازَ عَلَى قَصَّابٍ يَبِيعُ لَحْمًا ضَعِيفًا، وَهُوَ يَقُولُ: أَيْنَ مَنْ حَلَفَ لَا يُغْبَنُ؟ فَقَالَ لَهُ: حَتَّى تُحْنِثَهُ؟ قَالَ: وَعَمِلْتُ مَرَّةً مَجْلِسًا بِبَعْقُوبَا، فَجَعَلَ هَذَا يَقُولُ: عِنْدِي لِلشَّيْخِ نِصْفِيَّةٌ، وَهَذَا يَقُولُ مِثْلَهُ، حَتَّى عَدُّوا نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ نِصْفِيَّةً، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: اسْتَغْنَيْتُ اللَّيْلَةَ، فَأَرْجِعُ إِلَى الْبَلَدِ تَاجِرًا. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ إِذَا صُبْرَةٌ مِنْ شَعِيرٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ: هَذِهِ النِّصَافِي. وَإِذَا هِيَ مِكْيَلَةٌ يُسَمُّونَهَا النِّصَافِيَ. وَعَمِلْتُ مَرَّةً مَجْلِسًا بِبَاجِسْرَا، فَجَمَعُوا لِي شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا شَيْءٌ مِنْ صُوفِ الْجَوَامِيسِ وَقُرُونِهَا، فَقَامَ رَجُلٌ يُنَادِي عَلَيْهَا: كَمْ فِي صُوفِ الشَّيْخِ؟ فَقُلْتُ: لَا حَاجَةَ لِي بِهَذَا، وَأَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْهُ. ذَكَرَهُ أَبُو شَامَةَ.
পৃষ্ঠা - ১০৭১৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] اسْتَهَلَّتْ وَالْعَادِلُ مُقِيمٌ عَلَى الطُّورِ لِعِمَارَةِ حِصْنِهِ، وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ بِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَدْ كَسَرَ الْفِرِنْجَ بِطُلَيْطِلَةَ كَسْرَةً عَظِيمَةً، وَرُبَّمَا فَتَحَ الْبَلَدَ عَنْوَةً، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا عَظِيمًا. وَفِيهَا كَانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ هَدَمَتْ بِمِصْرَ وَالْقَاهِرَةِ دُورًا كَثِيرَةً، وَكَذَلِكَ بِمَدِينَةِ الْكَرَكِ وَالشَّوْبَكِ هَدَمَتْ مِنْ قَلْعَتِهَا أَبْرَاجًا، وَمَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسْوَانِ تَحْتَ الْهَدْمِ. وَرُئِيَ دُخَانٌ نَازِلٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ عِنْدَ قَبْرِ عَاتِكَةَ غَرْبِيَّ دِمَشْقَ. وَفِيهَا أَظْهَرَتِ الْبَاطِنِيَّةُ الْإِسْلَامَ، وَأَقَامَتِ الْحُدُودَ عَلَى مَنْ يَتَعَاطَى الْحَرَامَ، وَبَنَوُا الْجَوَامِعَ وَالْمَسَاجِدَ، وَكَتَبُوا إِلَى إِخْوَانِهِمْ بِالشَّامِ بِمِصْيَابَ وَأَمْثَالِهَا بِذَلِكَ، وَكَتَبَ زَعِيمُهُمْ جَلَالُ الدِّينِ إِلَى الْخَلِيفَةِ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ، وَقَدِمَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ إِلَى بَغْدَادَ لِأَجْلِ الْحَجِّ، فَأُكْرِمُوا وَعُظِّمُوا بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانُوا بِعَرَفَاتٍ ظَفِرَ
পৃষ্ঠা - ১০৭১৬
وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى قَرِيبٍ لِأَمِيرِ مَكَّةَ قَتَادَةَ الْحُسَيْنِيِّ فَقَتَلَهُ ظَانًّا أَنَّهُ قَتَادَةُ، فَثَارَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ سُودَانِ مَكَّةَ وَرَكْبِ الْعِرَاقِ، وَنُهِبَ الرَّكْبُ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَفِيهَا اشْتَرَى الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ جَوْسَقَ الرَّيْسِ مِنَ النَّيْرَبِ مِنِ ابْنِ عَمِّهِ الظَّافِرِ خَضِرِ بْنِ صَلَاحِ الدِّينِ، وَبَنَاهُ بِنَاءً حَسَنًا، وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالدَّهْشَةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيفِ وَالْفُنُونِ الْكَثِيرَةِ، كَانَ رَئِيسَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْمَوْصِلِ، وَبُعِثَ رَسُولًا إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَ مَوْتِ نُورِ الدِّينِ أَرْسَلَانَ، وَكَانَ عِنْدَهُ وَسْوَسَةٌ كَثِيرَةٌ فِي الطَّهَارَةِ، وَكَانَ يُعَامِلُ فِي الْأَمْوَالِ بِمَسْأَلَةِ الْعِينَةِ - وَلَوْ عَكَسَ الْأَمْرَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ - فَلَقِيَهُ يَوْمًا قَضِيبُ الْبَانِ الْمُوَلَّهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تَغْسِلُ الْعُضْوَ مِنْ
পৃষ্ঠা - ১০৭১৭
أَعْضَائِكَ بِأَبَارِيقَ مِنَ الْمَاءِ، فَلِمَ لَا تَسْتَنْظِفُ اللُّقْمَةَ الَّتِي تَأْكُلُهَا لِيَسْتَنْظِفَ قَلْبُكَ وَبَاطِنُكَ؟! فَفَهِمَ الشَّيْخُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ وَتَرَكَ الْمُعَامَلَةَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْمَوْصِلِ فِي رَجَبٍ عَنْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. ابْنُ حَمْدُونَ تَاجُ الدِّينِ أَبُو سَعْدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدُونَ، وَلَدُ صَاحِبِ التَّذْكِرَةِ الْحَمْدُونِيَّةِ، كَانَ فَاضِلًا بَارِعًا، اعْتَنَى بِجَمْعِ الْكُتُبِ الْمَنْسُوبَةِ وَغَيْرِهَا، وَوَلَّاهُ الْخَلِيفَةُ الْمَارَسْتَانَ الْعَضُدِيَّ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْمَدَائِنِ، وَحُمِلَ إِلَى مَقَابِرِ قُرَيْشٍ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ الرُّومِ خُسْرُوشَاهْ بْنُ قِلِيجَ أَرْسَلَانَ، وَقَامَ بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ كَيْكَاوُسُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَلَكَ أَخُوهُ كَيْقُبَاذُ. صَارِمُ الدِّينِ بُزُغُشُ الْعَادِلِيُّ، نَائِبُ الْقَلْعَةِ بِدِمَشْقَ، مَاتَ فِي صَفَرٍ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ غَرْبِيَّ الْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ، وَهُوَ الَّذِي نَفَى الْحَافِظَ عَبْدَ الْغَنِيِّ الْمُقَدِّسِيَّ إِلَى مِصْرَ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَانَ عَقْدُ الْمَجْلِسِ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ قَامَ عَلَيْهِ ابْنُ الزَّكِيِّ وَالْخَطِيبُ الدَّوْلَعِيُّ، وَقَدْ تُوُفُّوا أَرْبَعَتُهُمْ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ قَامَ عَلَيْهِ، وَاجْتَمَعُوا عِنْدَ رَبِّهِمُ الْحَكَمِ الْعَدْلِ سُبْحَانَهُ.
পৃষ্ঠা - ১০৭১৮
الْأَمِيرُ فَخْرُ الدِّينِ سَرْكَسُ، وَيُقَالُ لَهُ: جِهَارْكَسُ أَحَدُ أُمَرَاءِ الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ قِبَابُ سَرْكَسَ بِالسَّفْحِ تُجَاهَ تُرْبَةِ خَاتُونَ، وَبِهَا قَبْرُهُ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَهُوَ الَّذِي بَنَى الْقَيْسَارِيَّةَ الْكُبْرَى بِالْقَاهِرَةِ الْمَنْسُوبَةَ إِلَيْهِ، وَبَنَى فِي أَعْلَاهَا مَسْجِدًا مُعَلَّقًا وَرَبْعًا، وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ التُّجَّارِ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا لَهَا نَظِيرًا فِي الْبُلْدَانِ فِي حُسْنِهَا وَعِظَمِهَا وَإِحْكَامِ بِنَائِهَا. قَالَ: وَجِهَارْكَسُ بِمَعْنَى أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ. قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ نَائِبًا لِلْعَادِلِ عَلَى بَانِيَاسَ وَتِبْنِينَ وَهُونِينَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ تَرَكَ وَلَدًا صَغِيرًا، فَأَقَرَّهُ الْعَادِلُ عَلَى مَا كَانَ يَلِيهِ أَبُوهُ، وَجَعَلَ لَهُ مُدَبِّرًا وَهُوَ الْأَمِيرُ صَارِمُ الدِّينِ خَطْلَبَا التِّبْنِينِيُّ، ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهَا بَعْدَ مَوْتِ الصَّبِيِّ إِلَى سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ. الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الْمُعَمِّرُ الرِّحْلَةُ أَبُو الْقَاسِمِ أَبُو بَكْرٍ أَبُو الْفَتْحِ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْفُرَاوِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ، سَمِعَ أَبَاهُ وَجَدَّ أَبِيهِ وَغَيْرَهُمَا، وَعَنْهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِنَيْسَابُورَ فِي شَعْبَانَ هَذِهِ
পৃষ্ঠা - ১০৭১৯
السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً. قَاسِمُ الدِّينِ التُّرْكُمَانِيُّ الْعُقَيْبِيُّ، وَالِدُ وَالِي الْبَلَدِ، كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ১০৭২০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا اجْتَمَعَ الْعَادِلُ وَأَوْلَادُهُ; الْكَامِلُ وَالْمُعَظَّمُ وَالْفَائِزُ بِدِمْيَاطَ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ فِي مُقَاتَلَةِ الْفِرِنْجِ، فَاغْتَنَمَ غَيْبَتَهُمْ سَامَةُ الْجَبَلِيُّ أَحَدُ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، وَكَانَتْ بِيَدِهِ قَلْعَةُ عَجْلُونَ وَكَوْكَبٍ، فَسَارَ مُسْرِعًا إِلَى دِمَشْقَ لِيَسْتَلِمَ الْبَلَدَيْنِ، فَأَرْسَلَ الْعَادِلُ فِي إِثْرِهِ وَلَدَهُ الْمُعْظَّمَ صَاحِبَ الشَّامِ فَسَبَقَهُ إِلَى الْقُدْسِ الشَّرِيفِ وَحَمَلَ إِلَيْهِ، فَرَسَمَ عَلَيْهِ فِي كَنِيسَةِ صِهْيُونَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَصَابَهُ النِّقْرِسُ، فَشَرَعَ يَرُدُّهُ إِلَى الطَّاعَةِ بِالْمُلَاطَفَةِ، فَلَمْ يَنْفَعْ فِيهِ، فَاسْتَوْلَى عَلَى حَوَاصِلِهِ وَأَمْلَاكِهِ وَأَمْوَالِهِ، وَأَرْسَلَهُ فَاعْتَقَلَهُ بِقَلْعَةِ الْكَرَكِ، وَكَانَ قِيمَةُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ قَرِيبًا مِنْ أَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ، مِنْ ذَلِكَ دَارُهُ وَحَمَّامُهُ دَاخِلَ بَابِ السَّلَامَةِ، وَدَارُهُ هِيَ الَّتِي جَعَلَهَا الْبَادَرَائِيُّ مَدْرَسَةً لِلشَّافِعِيَّةِ، وَخَرَّبَ حِصْنَ كَوْكَبٍ، وَنُقِلَتْ حَوَاصِلُهُ إِلَى حِصْنِ الطُّورِ الَّذِي اسْتَجَدَّهُ الْعَادِلُ وَوَلَدُهُ الْمُعَظَّمُ. وَفِيهَا عُزِلَ الْوَزِيرُ صَفِيُّ الدِّينِ بْنُ شُكْرٍ، وَاحْتِيطَ عَلَى أَمْوَالِهِ وَنُفِيَ إِلَى الشَّرْقِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَدْ كَتَبَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِنَفْيِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ مِنْهَا إِلَى الْمَغْرِبِ، فَتُوُفِّيَ الْحَافِظُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ كِتَابُهُ، وَكَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِنَفْيِهِ إِلَى الشَّرْقِ.
পৃষ্ঠা - ১০৭২১
وَفِيهَا اسْتَوْلَى صَاحِبُ قُبْرُسَ لَعَنَهُ اللَّهُ، عَلَى مَدِينَةِ أَنْطَاكِيَةَ، فَحَصَلَ بِسَبَبِهِ شَرٌّ عَظِيمٌ، وَتَمَكَّنَ مِنَ الْغَارَاتِ عَلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، لَاسِيَّمَا عَلَى التَّرَاكِمِينَ الَّذِينَ حَوْلَ بَلْدَةِ أَنْطَاكِيَةَ ; قَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَغَنِمَ مِنْ أَغْنَامِهِمْ شَيْئًا كَثِيرًا، فَقَدَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، أَنْ أَمْكَنَهُمْ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْأَوْدِيَةِ، فَقَتَلُوهُ وَطَافُوا بِرَأْسِهِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ كُلِّهَا، ثُمَّ أَرْسَلُوا رَأْسَهُ إِلَى الْمَلِكِ الْعَادِلِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَطَيْفَ بِهِ هُنَالِكَ، وَهُوَ الَّذِي أَغَارَ عَلَى بِلَادِ مِصْرَ مِنْ ثَغْرِ دِمْيَاطَ مَرَّتَيْنِ، فَقَتَلَ وَسَبَى. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا تُوُفِّيَ الْمَلِكُ الْأَوْحَدُ نَجْمُ الدِّينِ أَيُّوبُ بْنُ الْعَادِلِ صَاحِبُ خِلَاطَ، يُقَالُ: إِنَّهُ قَدْ سَفَكَ الدِّمَاءَ، وَأَسَاءَ السِّيرَةَ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَصَفَ اللَّهُ عُمْرَهُ، وَوَلِيَهَا بَعْدَهُ أَخُوهُ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْعَادِلِ، وَكَانَ مَحْمُودَ السِّيرَةِ، جَيِّدَ السَّرِيرَةِ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، فَأَحَبُّوهُ كَثِيرًا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ فَقِيهُ الْحَرَمِ الشَّرِيفِ بِمَكَّةَ، مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي الصَّيْفِ الْيَمَنِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْقَفْصِيُّ الْمُقْرِئُ الْمُحَدِّثُ، كَتَبَ كَثِيرًا وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১০৭২২
أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدِّيبَاجِيُّ، مِنْ أَهْلِ مَرْوَ، لَهُ كِتَابُ " الْمُحَصَّلِ " فِي شَرْحِ " الْمُفَصَّلِ " لِلزَّمَخْشَرِيِّ فِي النَّحْوِ، كَانَ ثِقَةً عَالِمًا، سَمِعَ الْحَدِيثَ، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ سَنَةً. الشَّيْخُ الصَّالِحُ الزَّاهِدُ الْعَابِدُ أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُودُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَكَارِمَ النَّعَّالُ الْحَنْبَلِيُّ، لَهُ عِبَادَاتٌ وَمُجَاهَدَاتٌ وَسِيَاحَاتٌ، وَبَنَى رِبَاطًا بِبَابِ الْأَزَجِ، يَأْوِي إِلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنَ الْمَقَادِسَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ يُؤْثِرُهُمْ وَيُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، وَكَانَ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ.
পৃষ্ঠা - ১০৭২৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عَشْرٍ وَسِتِّمِائَةٍ] [الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا] فِيهَا أَمَرَ الْعَادِلُ أَيَّامَ الْجُمَعِ بِوَضْعِ سَلَاسِلَ عَلَى أَفْوَاهِ الطُّرُقِ إِلَى الْجَامِعِ لِئَلَّا تَصِلَ الْخُيُولُ إِلَى قَرِيبِ الْجَامِعِ صِيَانَةً لِلْمُسْلِمِينَ عَنِ التَّأَذِّي بِهِمْ، وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ. وَفِيهَا وُلِدَ الْمَلِكُ الْعَزِيزُ بْنُ الظَّاهِرِ غَازِيٍّ صَاحِبُ حَلَبَ، وَهُوَ وَالِدُ الْمَلِكِ النَّاصِرِ صَاحِبِ دِمَشْقَ، وَاقِفِ النَّاصِرِيَّتَيْنِ الَّذِي أَسَرَهُ هَلَاوُونُ مَلِكُ التَّتَارِ. وَفِيهَا قَدِمَ بِالْفِيلِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَحَمَلَ هَدِيَّةً إِلَى صَاحِبِ الْكُرْجِ، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْهُ، وَمِنْ بَدِيعِ خِلْقَتِهِ. وَفِيهَا قَدِمَ الْمَلِكُ الظَّافِرُ خَضِرُ بْنُ السُّلْطَانِ صَلَاحِ الدِّينِ مِنْ حَلَبَ قَاصِدًا الْحَجَّ، فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ، وَأَكْرَمَهُ ابْنُ عَمِّهِ الْمُعْظَّمُ صَاحِبُ دِمَشْقَ، فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ إِلَّا مَرَاحِلُ يَسِيرَةٌ تَلَقَّتْهُ حَاشِيَةُ الْكَامِلِ صَاحِبِ مِصْرَ، وَصَدُّوهُ عَنِ الدُّخُولِ إِلَى مَكَّةَ، وَقَالُوا: إِنَّمَا جِئْتَ لِأَخْذِ الْيَمَنِ. فَقَالَ لَهُمْ: قَيِّدُونِي وَذَرُونِي