আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১০০৭২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا وَرَدَ يُوسُفُ بْنُ أَبْقَ التُّرْكُمَانِيُّ مِنْ جِهَةِ تَاجِ الدَّوْلَةِ أَبِي سَعِيدٍ تُتُشَ بْنِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ صَاحِبُ دِمَشْقَ، إِلَى بَغْدَادَ لِأَجْلِ إِقَامَةِ الدَّعْوَةِ لَهُ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ تُتُشُ قَدْ تَوَجَّهَ لِقِتَالِ ابْنِ أَخِيهِ بِنَاحِيَةِ الرَّيِّ، فَلَّمَا دَخَلَ رَسُولُهُ بَغْدَادَ هَابُوهُ وَخَافُوهُ، وَاسْتَدْعَاهُ الْخَلِيفَةُ فَقَرَّبَهُ، وَقَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ، وَتَأَهَّبَ أَهْلُ بَغْدَادَ لَهُ وَخَافُوا أَنْ يَنْهَبَهُمْ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ قَدِمَ عَلَيْهِ أَخُوهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ تُتُشَ قُتِلَ فِي أَوَّلِ مَنْ قُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي سَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ بَرْكْيَارُوقَ وَاسْتَقَلَّ بِالْأُمُورِ، وَكَانَ دُقَاقُ بْنُ تُتُشَ مَعَ أَبِيهِ حِينَ قُتِلَ، فَسَارَ إِلَى دِمَشْقَ فَتَسَلَّمَهَا مِنَ الْأَمِيرِ سَاوْتِكِينَ الَّذِي اسْتَنَابَهُ أَبُوهُ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا الْقَاسِمِ الْخُوَارَزْمِيَّ، وَمَلَكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ تُتُشَ مَدِينَةَ حَلَبَ وَدَبَّرَ أَمْرَ مَمْلَكَتِهِ جَنَاحُ الدَّوْلَةِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَيْتِكِينَ وَرِضْوَانُ بْنُ تُتُشَ صَاحِبُ مَدِينَةِ حَلَبَ وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ بَنُو رِضْوَانَ بِهَا، وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ
পৃষ্ঠা - ১০০৭৩
رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا خُطِبَ لِوَلِيِّ الْعَهْدِ أَبِي الْمَنْصُورِ الْفَضْلِ بْنِ الْمُسْتَظْهِرِ وَلُقِّبَ بِذَخِيرَةِ الدِّينِ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ خَرَجَ الْوَزِيرُ ابْنُ جَهِيرٍ فَاخْتَطَّ سُورًا عَلَى الْحَرِيمِ وَأَذِنَ لِلْعَوَامِّ فِي الْعَمَلِ وَالتَّفَرُّجِ، فَأَظْهَرُوا مُنْكَرَاتٍ كَثِيرَةً وَسَخَافَاتِ عُقُولٍ ضَعِيفَةٍ وَعَمِلُوا أَشْيَاءَ مُنْكَرَةً، فَبَعَثَ إِلَيْهِ ابْنُ عَقِيلٍ رُقْعَةً فِيهَا كَلَامٌ غَلِيظٌ وَإِنْكَارٌ بَغِيضٌ وَفِي رَمَضَانَ خَرَجَ السُّلْطَانُ بَرْكْيَارُوقُ فَعَدَا عَلَيْهِ فِدَاوِيٌّ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ، فَمُسِكَ فَعُوقِبَ فَأَقَرَّ عَلَى آخَرَيْنِ فَلَمْ يُقِرَّا فَقُتِلَ الثَّلَاثَةُ، وَجَاءَ الطَّوَاشِيُّ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ مُهَنِّئًا لَهُ بِالسَّلَامَةِ وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا خَرَجَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَّالِيُّ مِنْ بَغْدَادَ مُتَوَجِّهًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ تَارِكًا لِتَدْرِيسِ النِّظَامِيَّةِ، زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا لَابِسًا خَشِنَ الثِّيَابِ بَعْدَ نَاعِمِهَا، وَنَابَ عَنْهُ أَخُوهُ فِي التَّدْرِيسِ، وَعَادَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ خُرُوجِهِ ثُمَّ حَجَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ، وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ الْإِحْيَاءِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَكَانَ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ كُلَّ يَوْمٍ فِي الرِّبَاطِ فَيَسْمَعُونَهُ. وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ خُلِعَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الْبُسْتِيِّ وَلُقِّبَ بِشَرَفِ الْقُضَاةِ، وَرُدَّ إِلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ بِالْحَرِيمِ وَغَيْرِهِ وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اصْطَلَحَ أَهْلُ الْكَرْخِ مِنَ السُّنَّةِ وَالرَّافِضَةِ مَعَ بَقِيَّةِ
পৃষ্ঠা - ১০০৭৪
الْمَحَالِّ وَتَزَاوَرُوا وَتَوَاكَلُوا وَتَشَارَبُوا، وَكَانَ هَذَا مِنَ الْعَجَائِبِ، وَفِيهَا قُتِلَ أَحْمَدُ خَانَ صَاحِبُ سَمَرْقَنْدَ، وَسَبَبُهُ أَنَّهُ شُهِدَ عَلَيْهِ بِالزَّنْدَقَةِ فَخُنِقَ وَوَلِيَ مَكَانَهُ ابْنُ عَمِّهِ مَسْعُودٌ وَفِيهَا دَخَلَ الْأَتْرَاكُ إِفْرِيقِيَّةَ وَغَدَرُوا بِيَحْيَى بْنِ تَمِيمِ بْنِ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ، وَقَبَضُوا عَلَيْهِ وَمَلَكُوا بِلَادَهُ وَقَتَلُوا خَلْقًا، بَعْدَمَا جَرَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ حُرُوبٌ شَدِيدَةٌ وَكَانَ مُقَدَّمَهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: شَاهْ مَلِكُ وَكَانَ مِنْ أَوْلَادِ بَعْضِ أُمَرَاءِ الْمَشْرِقِ، فَقَدِمَ مِصْرَ وَخَدَمَ بِهَا ثُمَّ هَرَبَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَفَعَلَ مَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ خَيْرُونَ، أَبُو الْفَضْلِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْبَاقِلَّانِيِّ سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَكَتَبَ عَنْهُ الْخَطِيبُ، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ جَيِّدَةٌ وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ، وَشَهِدَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيِّ، ثُمَّ صَارَ أَمِينًا لَهُ، ثُمَّ وَلِيَ إِشْرَافَ خِزَانَةِ الْغَلَّاتِ. تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ عَنْ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً. تُتُشُ أَبُو الْمُظَفَّرِ تَاجُ الدَّوْلَةِ بْنُ أَلْبِ أَرْسَلَانِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ، صَاحِبُ دِمَشْقَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَقَدْ كَانَ تَرَوَّجَ أَمْرُهُ عَلَى ابْنِ
পৃষ্ঠা - ১০০৭৫
أَخِيهِ بَرْكْيَارُوقَ بْنِ مَلِكْشَاهْ بْنِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ وَلَكِنْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، وَقَدْ قَالَ الْمُتَنَبِّي: وِلِلَّهِ سِرٌّ فِي عُلَاكَ وَإِنَّمَا ... كَلَامُ الْعِدَا ضَرْبٌ مِنَ الْهَذَيَانِ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ صَاحِبَ الْبِلَادِ الشَّرْقِيَّةِ فَاسْتَنْجَدَهُ أَتْسِزُ فِي مُحَارَبَةِ أَمِيرِ الْجُيُوشِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ مِصْرَ، فَلَمَّا قَدِمَ دِمَشْقَ لِنَجْدَتِهِ وَخَرَجَ إِلَيْهِ أَتْسِزُ أَمَرَ بِمَسْكِهِ وَقَتْلِهِ وَاسْتَحْوَذَ هُوَ عَلَى دِمَشْقَ وَأَعْمَالِهَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِينَ، ثُمَّ تَحَارَبَ هُوَ وَابْنُ أَخِيهِ بَرْكْيَارُوقَ بِبِلَادِ الرَّيِّ فَكَسَرَهُ ابْنُ أَخِيهِ، وَقُتِلَ هُوَ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَتَمَلَّكَ ابْنُهُ رِضْوَانُ حَلَبَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، سَمَّتْهُ أُمُّهُ فِي عُنْقُودِ عِنَبٍ. فَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ تَاجُ الْمُلْكِ بُورِي أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ ابْنُهُ الْآخَرُ شَمْسُ الْمُلُوكِ إِسْمَاعِيلُ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ قَتَلَتْهُ أُمُّهُ أَيْضًا وَهِيَ زُمُرُّدُ خَاتُونَ بِنْتُ جَاوْلِي، وَأَجْلَسَتْ أَخَاهُ شِهَابَ الدِّينِ مَحْمُودَ بْنَ بُورِي، فَمَكَثَ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ مَلَكَ أَخُوهُ سَنَةً، ثُمَّ مَلَكَ مُحْيِي الدِّينِ أَبَقُ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ إِلَى أَنِ انْتَزَعَ الْمُلْكَ مِنْهُ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ زَنْكِي كَمَا سَيَأْتِي. وَكَانَ أَتَابِكُ الْعَسَاكِرِ بِدِمَشْقَ أَيَّامَ أَبَقَ مُعِينُ الدِّينِ، الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْمُعِينِيَّةُ بِالْغَوْرِ، وَالْمَدْرَسَةُ الْمُعِينِيَّةُ بِدِمَشْقَ. رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، أَحَدُ
পৃষ্ঠা - ১০০৭৬
أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ وَالْفُقَهَاءِ - عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ - وَالْحَدِيثِ، وَكَانَ لَهُ مَجْلِسٌ لِلْوَعْظِ وَحَلْقَةٌ لِلْفَتْوَى بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ ثُمَّ بِجَامِعِ الْقَصْرِ، وَكَانَ حَسَنَ الشَّكْلِ مُحَبَّبًا إِلَى الْعَامَّةِ، لَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، وَكَانَ كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، فَصِيحَ الْعِبَارَةِ، حَسَنَ الْمُنَاظَرَةِ، وَقَدْ رَوَى عَنْ آبَائِهِ حَدِيثًا مُسَلْسَلًا إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَالَ: هَتَفَ الْعِلْمُ الْعَمَلَ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا رَحَلَ. وَقَدْ كَانَ ذَا وَجَاهَةٍ عِنْدَ الْخَلِيفَةِ بَعَثَهُ فِي مَهَامِّ الرُّسُلِ إِلَى السُّلْطَانِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ النِّصْفَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِدَارِهِ بِبَابِ الْمَرَاتِبِ بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ أَبُو الْفَضْلِ. أَبُو يُوسُفَ الْقَزْوِينِيُّ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ بُنْدَارٍ شَيْخُ الْمُعْتَزِلَةِ قَرَأَ عَلَى عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَمَذَانِيُّ وَرَحَلَ إِلَى مِصْرَ وَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَحَصَّلَ كُتُبًا كَثِيرَةً وَصَنَّفَ تَفْسِيرًا فِي سَبْعِمِائَةِ مُجَلَّدٍ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: جَمَعَ فِيهِ الْعَجَبَ. وَتَكَلَّمَ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102] فِي مُجَلَّدٍ كَامِلٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: كَانَ طَوِيلَ اللِّسَانِ بِالْعِلْمِ تَارَةً وَبِالشِّعْرِ أُخْرَى، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ مَهْدِيٍّ وَغَيْرِهِ، وَمَاتَ بِبَغْدَادَ عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَمَا تَزَوَّجَ إِلَّا فِي آخِرِ عُمْرِهِ.
পৃষ্ঠা - ১০০৭৭
أَبُو شُجَاعٍ الْوَزِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبُو شُجَاعٍ الْمُلَقَّبُ ظَهِيرَ الدِّينِ الرُّوْذَرَاوِرِيُّ الْأَصْلِ الْأَهْوَازِيُّ الْمَوْلِدِ، كَانَ مِنْ خِيَارِ الْوُزَرَاءِ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَغَيْرِهِ، وَصَنَّفَ كُتُبًا مِنْهَا كِتَابُهُ الَّذِي ذَيَّلَهُ عَلَى " تَجَارِبِ الْأُمَمِ " وَوَزَرَ لِلْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِي، وَكَانَ يَمْلِكُ سِتَّمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَأَنْفَقَهَا فِي سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ وَالصَّدَقَاتِ، وَوَقَفَ الْوُقُوفَ الْحَسَنَةَ، وَبَنَى الْمَشَاهِدَ، وَأَكْثَرَ الْإِنْعَامَ عَلَى الْأَرَامِلِ وَالْأَيْتَامِ. قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِلَى جَانِبِنَا أَرْمَلَةٌ لَهَا أَرْبَعَةُ أَوْلَادٍ وَهُمْ عُرَاةٌ وَجِيَاعٌ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَعَ رَجُلٍ مِنْ خَاصَّتِهِ نَفَقَةً وَكُسْوَةً وَطَعَامًا، وَنَزَعَ عَنْهُ ثِيَابَهُ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَلْبَسُهَا حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيَّ بِخَبَرِهِمْ فَذَهَبَ الرَّجُلُ مُسْرِعًا فَقَضَى حَاجَتَهُمْ، وَأَوْصَلَهُمْ ذَلِكَ الْإِحْسَانَ، ثُمَّ عَادَ وَالْوَزِيرُ يَرْكُضُ مِنَ الْبَرْدِ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ عَنْهُمْ بِمَا سَرَّهُ لَبِسَ ثِيَابَهُ. وَجِيءَ إِلَيْهِ مَرَّةً بِقَطَائِفَ سُكَّرٍ فَلَمَّا وُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ تَنَغَّصَ عَلَيْهِ بِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا، فَأَرْسَلَهَا كُلَّهَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَكَانَتْ كَثِيرَةً جِدًّا فَأَطْعَمَهَا الْفُقَرَاءَ وَالْعُمْيَانَ. وَكَانَ لَا يَجْلِسُ فِي الدِّيوَانِ إِلَّا وَعِنْدَهُ الْفُقَهَاءُ، فَإِذَا وَقَعَ لَهُ أَمْرٌ مُشْكِلٌ سَأَلَهُمْ عَنْهُ، فَحَكَمَ بِمَا يُفْتُونَهُ، وَكَانَ كَثِيرَ التَّوَاضُعِ مَعَ النَّاسِ خَاصَّتِهِمْ وَعَامَّتِهِمْ، ثُمَّ عُزِلَ عَنِ الْوَزَارَةِ فَسَارَ إِلَى الْحَجِّ وَجَاوَرَ بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ مَرِضَ، فَلَمَّا ثَقُلَ فِي الْمَرَضِ جَاءَ إِلَى الْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64]
পৃষ্ঠা - ১০০৭৮
وَهَا أَنَا قَدْ جِئْتُكَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ ذُنُوبِي وَأَرْجُو شَفَاعَتَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ؛ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَدُفِنَ فِي الْبَقِيعِ. الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الشَّامِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ بَكْرَانَ الْحَمَوِيُّ أَبُو بَكْرٍ الشَّامِيُّ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَتَفَقَّهَ بِبَلَدِهِ، ثُمَّ حَجَّ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ فَتَفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ وَسَمِعَ بِهَا الْحَدِيثَ، وَشَهِدَ عِنْدَ ابْنِ الدَّامَغَانِيِّ فَقَبِلَهُ وَلَازَمَ مَسْجِدَهُ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً يُقْرِئُ النَّاسَ وَيُفَقِّهُهُمْ، وَلَمَّا مَاتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيُّ أَشَارَ بِهِ أَبُو شُجَاعٍ الْوَزِيرُ فَوَلَّاهُ الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَدِي الْقَضَاءَ، وَكَانَ مِنْ أَنْزَهِ النَّاسِ وَأَعَفِّهِمْ ; لَمْ يَقْبَلْ مِنْ سُلْطَانٍ عَطِيَّةً وَلَا مِنْ صَاحِبٍ هَدِيَّةً، وَلَمْ يُغَيِّرْ مَلْبَسَهُ وَلَا مَأْكَلَهُ، وَلَمْ يَأْخُذْ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا، وَلَمْ يَسْتَنِبْ أَحَدًا بَلْ كَانَ يُبَاشِرُ الْقَضَاءَ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يُحَابِ مَخْلُوقًا، وَقَدْ كَانَ يَضْرِبُ بَعْضَ الْمُنْكِرِينَ؛ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ إِذَا قَامَتْ عِنْدَهُ قَرَائِنُ لِلتُّهْمَةِ حَتَّى يُقِرُّوا، وَيَذْكُرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا. وَقَدْ صَنَّفَ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ كِتَابًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَنَصَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِيمَا كَانَ يَتَعَاطَاهُ مِنَ الْحُكْمِ بِالْقَرَائِنِ، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} [يوسف: 26] الْآيَةَ [يُوسُفَ: 26] وَشَهِدَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ كِبَارِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُنَاظِرِينَ يُقَالُ لَهُ: الْمُشَطَّبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ الْفَرْغَانِيُّ فَلَمْ يَقْبَلْهُ لَمَّا رَأَى عَلَيْهِ مِنَ
পৃষ্ঠা - ১০০৭৯
الْحَرِيرِ وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعِي: إِنَّ السُّلْطَانَ وَوَزِيرَهُ نِظَامَ الْمُلْكِ يَلْبَسَانِ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ، فَقَالَ الْقَاضِي الشَّامِيُّ: وَاللَّهِ لَوْ شَهِدَا عِنْدِي عَلَى بَاقَةِ بَقْلٍ مَا قَبِلْتُ شَهَادَتَهُمَا. تُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ عَاشِرَ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِالْقُرْبِ مِنَ ابْنِ سُرَيْحٍ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ فَتُّوحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيْدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدٍ الْأَنْدَلُسِيُّ، مِنْ جَزِيرَةٍ؛ يُقَالُ لَهَا: مَيُورْقَةُ، قَرِيبَةٍ مِنَ الْأَنْدَلُسِ. قَدِمَ بَغْدَادَ فَسَمِعَ بِهَا الْحَدِيثَ، وَكَانَ حَافِظًا مُكْثِرًا دَيِّنًا بَاهِرًا عَفِيفًا نَزِهًا، وَهُوَ " صَاحِبُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ " وَلَهُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ، وَقَدْ كَتَبَ مِنْ مُصَنَّفَاتِ ابْنِ حَزْمٍ وَالْخَطِيبِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ، وَقَبْرُهُ قَرِيبٌ مِنْ قَبْرِ بِشْرٍ الْحَافِي بِبَغْدَادَ.
পৃষ্ঠা - ১০০৮০
هِبَةُ اللَّهِ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي الْوَفَاءِ بْنِ عَقِيلٍ كَانَ قَدْ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَتَفْقَّهَ وَظَهَرَ مِنْهُ نَجَابَةٌ، ثُمَّ مَرِضَ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ أَبُوهُ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، فَلَمْ يُفِدْ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا أَبَتِ إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ الْأَدْوِيَةَ وَالْأَدْعِيَةَ، وَلِلَّهِ فِيَّ اخْتِيَارٌ، فَدَعْنِي وَاخْتِيَارُ اللَّهِ. قَالَ أَبُوهُ: فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يُوَفَّقْ لِهَذَا الْكَلَامِ إِلَّا وَقَدِ اخْتِيرَ لِلْحُظْوَةِ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
পৃষ্ঠা - ১০০৮১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي " الْمُنْتَظَمِ " فِي هَذِهِ السَّنَةِ حَكَمَ جَهَلَةُ الْمُنَجِّمِينَ بِأَنْ سَيَكُونَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ طُوفَانٌ قَرِيبٌ مِنْ طُوفَانِ نُوحٍ، وَشَاعَ الْكَلَامُ بِذَلِكَ بَيْنَ الْعَوَامِّ وَخَافُوا، فَاسْتَدْعَى الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَظْهِرُ ابْنَ عَيْشُونَ الْمُنَجِّمَ، فَسَأَلَهُ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ، فَقَالَ: إِنَّ طُوفَانَ نُوحٍ كَانَ فِي زَمَنٍ اجْتَمَعَ فِي بُرْجِ الْحُوتِ الطَّوَالِعُ السَّبْعَةُ، وَالْآنَ فَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ سِتَّةٌ وَلَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهَا زُحَلُ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ طُوفَانٍ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا بَغْدَادُ، فَتَقَدَّمَ الْخَلِيفَةُ إِلَى وَزِيرِهِ بِإِصْلَاحِ الْمُسَنِّيَاتِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي يُخْشَى انْفِجَارُ الْمَاءِ مِنْهَا، وَجَعَلَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ، فَجَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّ الْحَاجَّ حَصَلُوا بِوَادِي الْمَيَاقِتِ بَعْدَ نَخْلَةَ، فَأَتَاهُمْ سَيْلٌ عَظِيمٌ، فَمَا نَجَا
পৃষ্ঠা - ১০০৮২
مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ تَعَلَّقَ بِرُءُوسِ الْجِبَالِ، وَأَخَذَ الْمَاءُ الْجِمَالَ وَالرِّجَالَ وَالرِّحَالَ، فَخَلَعَ الْخَلِيفَةُ عَلَى ذَلِكَ الْمُنَجِّمِ وَأَجْرَى لَهُ جِرَايَةً. وَفِيهَا مَلَكَ الْأَمِيرُ قِوَامُ الدَّوْلَةِ أَبُو سَعِيدٍ كَرْبُوقَا مَدِينَةَ الْمَوْصِلِ وَقَتَلَ مُحَمَّدَ بْنَ شَرَفِ الدَّوْلَةِ مُسْلِمِ بْنِ قُرَيْشٍ وَغَرَّقَهُ بَعْدَ حِصَارِ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ. وَفِيهَا مَلَكَ تَمِيمُ بْنُ الْمُعِزِّ الْمَغْرِبِيُّ مَدِينَةَ قَابِسَ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا أَخَاهُ عُمَرَ فَقَالَ خَطِيبُ سُوسَةَ فِي ذَلِكَ أَبْيَاتًا: ضَحِكَ الزَّمَانُ وَكَانَ يُلْفَى عَابِسًا ... لَمَّا فَتَحْتَ بِحَدِّ سَيْفِكَ قَابِسَا وَأَتَيْتَهَا بِكْرًا وَمَا أَمْهَرْتَهَا ... إِلَّا قَنًا وَصَوَارِمًا وَفَوَرِاسَا اللَّهُ يَعْلَمُ مَا جَنَيْتَ ثِمَارَهَا ... إِلَّا وَكَانَ أَبُوكَ قَبْلُ الْغَارِسَا مَنْ كَانَ فِي زُرْقِ الْأَسِنَّةِ خَاطِبًا ... كَانَتْ لَهُ قُلَلُ الْبِلَادِ عَرَائِسَا وَفِي صَفَرٍ مِنْهَا دَرَّسَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَلَّاهُ إِيَّاهَا فَخْرُ الْمُلْكِ بْنُ نِظَامِ الْمُلْكِ وَزِيرُ بَرْكْيَارُوقَ.
পৃষ্ঠা - ১০০৮৩
وَفِيهَا أَغَارَتْ خَفَاجَةُ عَلَى بِلَادِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ صَدَقَةَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ دُبَيْسٍ وَقَصَدُوا مَشْهَدَ الْحُسَيْنِ بِالْحَائِرِ، فَتَظَاهَرُوا فِيهِ بِالْمُنْكَرَاتِ وَالْفَسَادِ، فَكَبَسَهُمْ فِيهِ الْأَمِيرُ صَدَقَةُ الْمَذْكُورُ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا حَتَّى عِنْدَ الضَّرِيحِ، وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنَّ أَحَدَهُمْ أَلْقَى نَفْسَهُ وَفَرَسَهُ مِنْ فَوْقِ السُّورِ فَسَلِمَ وَسَلِمَتْ فَرَسُهُ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْأَمِيرُ خُمَارْتِكِينُ الْحَسَنَانِيُّ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو حَكِيمٍ الْخَبْرِيُّ: وَخَبْرُ إِحْدَى بِلَادِ فَارِسَ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْفَرَائِضِ وَالْأَدَبِ وَاللُّغَةِ وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ، وَكَانَ مَرْضِيَّ الطَّرِيقَةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ بِالْأُجْرَةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ يَكْتُبُ وَضَعَ
পৃষ্ঠা - ১০০৮৪
الْقَلَمَ مِنْ يَدِهِ وَاسْتَنَدَ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ هَذَا مَوْتًا إِنَّهُ لَطَيِّبٌ، ثُمَّ مَاتَ. عَبْدُ الْمُحْسِنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنَ أَحْمَدَ الشِّيحِيُّ، التَّاجِرُ وَيُعْرَفُ بِابْنِ شُهْدَانْكَهْ، بَغْدَادِيٌّ سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَرَحَلَ وَأَكْثَرَ عَنِ الْخَطِيبِ وَهُوَ بِصُورَ، وَهُوَ الَّذِي حَمَلَهُ إِلَى الْعِرَاقِ فَلِهَذَا أَهْدَى إِلَيْهِ الْخَطِيبُ " تَارِيخَ بَغْدَادَ " بِخَطِّهِ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ فِي مُصَنَّفَاتِهِ، وَكَانَ يُسَمِّيهِ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ ثِقَةً. عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، أَبُو الْفَضْلِ الْمَعْرُوفُ بِالْهَمَذَانِيِّ تَفَقَّهَ عَلَى الْمَاوَرْدِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ طُولَى فِي الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْحِسَابِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ يَحْفَظُ " غَرِيبَ الْحَدِيثِ " لِأَبِي عُبَيْدٍ وَ " الْمُجْمَلَ " لِابْنِ فَارِسَ، وَكَانَ عَفِيفًا زَاهِدًا، طَلَبَهُ الْمُقْتَدِي لِيُوَلِّيَهُ قَاضِيَ الْقُضَاةِ، فَأَبَى أَشَدَّ الْإِبَاءِ وَاعْتَذَرَ لَهُ بِالْعَجْزِ وَعُلُوِّ السِّنِّ، وَكَانَ ظَرِيفًا لَطِيفًا، كَانَ يَقُولُ: كَانَ أَبِي إِذَا أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّبَنِي أَخَذَ الْعَصَا بِيَدِهِ ثُمَّ يَقُولُ: نَوَيْتُ أَنْ أَضْرِبَ وَلَدِي تَأْدِيبًا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ ثُمَّ يَضْرِبُنِي، قَالَ: وَإِلَى أَنْ يَنْوِيَ وَيُتَمِّمَ النِّيَّةَ كُنْتُ أَهْرُبُ. تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ مِنْهَا، وَدُفِنَ عِنْدَ قَبْرِ ابْنِ سُرَيْجٍ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ مَنْصُورٍ أَبُو بَكْرٍ الدَّقَّاقُ وَيُعْرَفُ
পৃষ্ঠা - ১০০৮৫
بِابْنِ الْخَاضِبَةِ، كَانَ مَعْرُوفًا بِالْإِفَادَةِ، وَجَوْدَةِ الْقِرَاءَةِ، وَحُسْنِ الْخَطِّ، وَصِحَّةِ النَّقْلِ، جَمَعَ بَيْنَ عِلْمِ الْقِرَاءَاتِ وَالْحَدِيثِ، وَأَكْثَرَ عَنِ الْخَطِيبِ وَأَصْحَابِ الْمُخَلِّصِ، قَالَ: لَمَّا غَرِقَتْ بَغْدَادُ غَرِقَتْ دَارِي وَكُتُبِي فَلَمْ يَبْقَ لِي شَيْءٌ فَاحْتَجْتُ إِلَى النَّسْخِ فَكَتَبْتُ " صَحِيحَ مُسْلِمٍ " فِي تِلْكَ السَّنَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ كَأَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ وَقَائِلٌ يَقُولُ: أَيْنَ ابْنُ الْخَاضِبَةِ فَجِئْتُ فَأُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَلَمَّا دَخَلْتُهَا اسْتَلْقَيْتُ عَلَى قَفَايَ وَوَضَعْتُ إِحْدَى رِجْلَيَّ عَلَى الْأُخْرَى، وَقُلْتُ اسْتَرَحْتُ مِنَ النَّسْخِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ وَالْقَلَمُ فِي يَدِي وَالنَّسْخُ بَيْنَ يَدَيَّ. أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ مَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ الْحَافِظُ، مِنْ أَهْلِ مَرْوَ تَفَقَّهَ أَوَّلًا عَلَى أَبِيهِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ حِينَ أَخَذَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ طُولَى فِي فُنُونٍ كَثِيرَةٍ، وَصَنَّفَ " التَّفْسِيرَ " وَكِتَابَ " الِانْتِصَارِ " فِي الْحَدِيثِ، وَ " الْبُرْهَانَ " وَ " الْقَوَاطِعَ " فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَالِاصْطِلَامَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَوَعَظَ فِي مَدِينَةِ نَيْسَابُورَ، وَكَانَ يَقُولُ مَا حَفِظْتُ شَيْئًا فَنَسِيتُهُ، وَسُئِلَ عَنْ أَخْبَارِ الصِّفَاتِ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِدِينِ الْعَجَائِزِ، وَسُئِلَ عَنِ الِاسْتِوَاءِ، فَقَالَ:
পৃষ্ঠা - ১০০৮৬
جِئْتُمَانِي لِتَعْلَمَا سِرَّ سُعْدَى ... تَجِدَانِي بِسِرِّ سُعْدَى شَحِيحَا إِنَّ سُعْدَى لَمُنْيَةُ الْمُتَمَنِّي ... جَمَعَتْ عِفَّةً وَوَجْهًا صَبِيحَا تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ مَرْوَ؛ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّانَا، آمِينَ.
পৃষ্ঠা - ১০০৮৭
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَ ابْتِدَاءُ مُلْكِ الْخُوَارَزْمِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَانَ بَرْكْيَارُوقَ مَلَكَ فِيهَا بِلَادَ خُرَاسَانَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَمِّهِ أَرْسَلَانَ أَرْغُونَ بْنِ أَلْبِ أَرْسَلَانَ وَسَلَّمَهَا إِلَى أَخِيهِ أَحْمَدَ الْمَعْرُوفِ بِالْمَلِكِ سَنْجَرَ، وَجَعَلَ أَتَابِكَهُ الْأَمِيرَ قُمَاجَ وَوَزِيرَهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الطُّغْرَائِيَّ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى خُرَاسَانَ الْأَمِيرَ حَبَشِيَّ بْنَ التُّونْتَاقِ، فَوَلَّى مَدِينَةَ خُوَارِزْمَ شَابًّا يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ أَنُوشْتِكِينَ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أُمَرَاءِ السَّلْجُوقِيَّةِ، وَنَشَأَ هُوَ فِي أَدَبٍ وَفَضِيلَةٍ وَحُسْنِ سِيرَةٍ، وَلَمَّا وَلِيَ مَدِينَةَ خُوَارِزْمَ لُقِّبَ خُوَارِزْمَ شَاهْ، وَكَانَ أَوَّلَ مُلُوكِهِمْ فَأَحْسَنَ السِّيرَةَ، وَعَامَلَ النَّاسَ بِالْجَمِيلِ، وَحِينَ مَاتَ قَامَ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى خُوَارِزْمَ وَلَدُهُ أَتْسِزُ، فَجَرَى عَلَى سُنَنِ أَبِيهِ وَأَظْهَرَ الْعَدْلَ، فَحَظِيَ عِنْدَ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ، وَأَحَبَّهُ النَّاسُ، وَارْتَفَعَتْ مَنْزِلَتُهُ. وَفِيهَا خَطَبَ الْمَلِكُ رِضْوَانُ بْنُ تَاجِ الْمُلْكِ تُتُشَ لِلْخَلِيفَةِ الْفَاطِمِيِّ الْمُسْتَعْلِي، وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا قُتِلَ بُرْسُقُ أَحَدُ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تُوَلَّى شِحْنِكِيَّةَ بَغْدَادَ. وَفِي شَوَّالٍ قُتِلَ رَجُلٌ بَاطِنِيٌّ عِنْدَ بَابِ النُّوبِيِّ كَانَ قَدْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلَانِ ; أَحَدُهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ دَعَاهُمَا إِلَى مَذْهَبِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ أَتَقْتُلُونَنِي وَأَنَا أَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
পৃষ্ঠা - ১০০৮৮
{فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ - فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 84 - 85] الْآيَةَ [غَافِرٍ: 84، 85] وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا خُمَارْتِكِينُ الْحَسْنَانِيُّ. وَفِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ كُبِسَتْ دَارُ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ أَبِي نَصْرِ بْنِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ أَبِي طَاهِرِ بْنِ بُوَيْهِ؛ لِأُمُورٍ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي فَأُرِيقَ دَمُهُ، وَنُقِضَتْ دَارُهُ وَعُمِلَ مَكَانَهَا مَسْجِدَانِ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ قَدْ أَقْطَعُهُ الْمَدَائِنَ وَدَيْرَ عَاقُولَ وَغَيْرَهُمَا. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ أَبُو يَعْلَى، الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الصَّوَّافِ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ زَاهِدًا مُتَصَوِّفًا، وَفَقِيهًا مُدَرِّسًا، ذَا سَمْتٍ وَوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ وَدِينٍ، وَكَانَ عَلَّامَةً فِي عَشَرَةِ عُلُومٍ، تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ مِنْهَا عَنْ تِسْعِينَ سَنَةً؛ رَحِمَهُ اللَّهُ. الْمُعَمَّرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبُو الْغَنَائِمِ الْحُسَيْنِيُّ النَّقِيبُ لِلطَّالِبِيِّينَ، سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ حَسَنَ الصُّورَةِ، كَرِيمَ الْأَخْلَاقِ، كَثِيرَ التَّعَبُّدِ، لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ آذَى مُسْلِمًا وَلَا شَتَمَ صَاحِبًا، تُوُفِّيَ عَنْ نَيِّفٍ وَسِتِّينَ
পৃষ্ঠা - ১০০৮৯
سَنَةً وَكَانَ مِنْهَا نَقِيبًا ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ قُرَيْشٍ، وَتَوَلَّى بَعْدَهُ وَلَدُهُ أَبُو الْفُتُوحِ حَيْدَرَةُ وَلُقِّبَ بِالرَّضِيِّ ذِي الْفَخْرَيْنِ، وَرَثَاهُ الشُّعَرَاءُ بِأَبْيَاتٍ ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ. يَحْيَى بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ السِّيبِيُّ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَرَحَلَ إِلَيْهِ الطَّلَبَةُ، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحًا صَدُوقًا دَيِّنًا، عُمِّرَ مِائَةَ سَنَةٍ وَاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ صَحِيحُ الْحَوَاسِّ يُقْرَأُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ؛ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ১০০৯০
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا مَلَكَ الْفِرِنْجُ مَدِينَةَ أَنْطَاكِيَةَ بَعْدَ حِصَارٍ شَدِيدٍ بِمُوَاطَأَةٍ مِنْ بَعْضِ الْمُسْتَحْفِظِينَ عَلَى بَعْضِ الْأَبْرَاجِ، وَهَرَبَ صَاحِبُهَا يَاغِي سِيَانٍ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ، وَتَرَكَ بِهَا أَهْلَهُ وَمَالَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ نَدَمٌ شَدِيدٌ عَلَى مَا فَعَلَ ; بِحَيْثُ إِنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ وَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَذَهَبَ أَصْحَابُهُ وَتَرَكُوهُ، فَجَاءَ رَاعِي غَنَمٍ فَقَطَعَ رَأْسَهُ وَذَهَبَ بِهِ إِلَى مَلِكِ الْفِرِنْجِ، وَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى الْأَمِيرِ كَرْبُوقَا صَاحِبِ الْمَوْصِلِ جَمَعَ عَسَاكِرَ كَثِيرَةً وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ دُقَاقُ بْنُ تُتُشَ صَاحِبُ دِمَشْقَ وَجَنَاحُ الدَّوْلَةِ صَاحِبُ حِمْصَ وَغَيْرُهُمَا وَسَارَ إِلَى الْفِرِنْجِ فَالْتَقَوْا مَعَهُمْ بِأَرْضِ أَنْطَاكِيَةَ، فَهَزَمَهُمُ الْفِرِنْجُ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا وَأَخَذُوا مِنْهُمْ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ سَارَتِ الْفِرِنْجُ إِلَى مَعَرَّةِ النُّعْمَانِ فَأَخَذُوهَا بَعْدَ حِصَارٍ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الْحَالُ إِلَى الْمَلِكِ بَرْكْيَارُوقَ شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَكَتَبَ إِلَى الْأُمَرَاءِ بِبَغْدَادَ أَنْ يَتَجَهَّزُوا هُمْ وَالْوَزِيرُ ابْنُ جَهِيرٍ لِقِتَالِ الْفِرِنْجِ، فَبَرَزَ بَعْضُ الْجَيْشِ إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ بِالْجَانِبِ
পৃষ্ঠা - ১০০৯১
الْغَرْبِيِّ ثُمَّ انْفَسَخَتْ هَذِهِ الْعَزِيمَةُ ; لِأَنَّهُمْ بَلَغَهُمْ أَنَّ الْفِرِنْجَ فِي أَلْفِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا خُمَارْتِكِينُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْإِمَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَبُو الْفَوَارِسِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي تَمَّامٍ، مِنْ وَلَدِ زَيْنَبَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَهِيَ أَمُّ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْإِمَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ وَالْكُتُبَ الْكِبَارَ، وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَشَايِخِ، وَرُحِلَ إِلَيْهِ مِنَ الْآفَاقِ، وَأَمْلَى الْحَدِيثَ فِي بُلْدَانٍ شَتَّى، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ الْعُلَمَاءُ وَالسَّادَةُ، وَحَضَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيُّ مَجْلِسَهُ، وَبَاشَرَ نِقَابَةَ الْعَبَّاسِيِّينَ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَتُوُفِّيَ عَنْ نَيِّفٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الشُّهَدَاءِ؛ رَحِمَهُ اللَّهُ. الْمُظَفَّرُ أَبُو الْفَتْحِ ابْنُ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ أَبِي الْقَاسِمِ ابْنِ الْمُسْلِمَةِ كَانَتْ دَارُهُ مَجْمَعًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْأَدَبِ، وَبِهَا تُوُفِّيَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو الْفَتْحِ دُفِنَ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي تُرْبَتِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ১০০৯২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ فِيهَا أَخَذَتِ الْفِرِنْجُ - خَذَلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْتَ الْمَقْدِسِ ; لَمَّا كَانَ ضُحَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، اسْتَحْوَذَ الْفِرِنْجُ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - بَيْتَ الْمَقْدِسِ - شَرَّفَهُ اللَّهُ - وَهُمْ فِي نَحْوِ أَلْفِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، فَقَتَلُوا فِي وَسَطِهِ أَزْيَدَ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفَ قَتِيلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ، وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَأَخَذُوا مِنْ حَوْلِ الصَّخْرَةِ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ قِنْدِيلًا مِنْ فِضَّةٍ، زِنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَخَذُوا تَنُّورًا مِنْ فِضَّةٍ، زِنَتَهُ أَرْبَعُونَ رِطْلًا بِالشَّامِيِّ وَثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ قِنْدِيلًا مِنْ ذَهَبٍ، وَذَهَبَ النَّاسُ عَلَى وُجُوهِهِمْ هَازِعِينَ مِنَ الشَّامِ إِلَى الْعِرَاقِ مُسْتَغِيثِينَ عَلَى الْفِرِنْجِ إِلَى الْخَلِيفَةِ وَالسُّلْطَانِ، مِنْهُمُ الْقَاضِي بِدِمَشْقَ أَبُو سَعْدٍ الْهَرَوِيُّ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ بِبَغْدَادَ هَذَا الْأَمْرَ الْفَظِيعَ هَالَهُمْ ذَلِكَ وَتَبَاكَوْا، وَقَدْ نَظَمَ أَبُو سَعْدٍ الْهَرَوِيُّ كَلَامًا قُرِئَ فِي الدِّيوَانِ وَعَلَى الْمَنَابِرِ، فَجَهَشَ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ، وَنَدَبَ الْخَلِيفَةُ الْفُقَهَاءَ إِلَى الْخُرُوجِ