আল বিদায়া ওয়া আন্নিহায়া

পৃষ্ঠা - ১০০২৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] وَفِيهَا كَانَتِ الْوَقْعَةُ بَيْنَ تُتُشَ صَاحِبِ دِمَشْقَ وَبَيْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ قُتْلُمِشَ صَاحِبِ حَلَبَ وَأَنْطَاكِيَةَ وَتِلْكَ النَّاحِيَةِ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ سُلَيْمَانَ وَقَتَلَ هُوَ نَفْسَهُ بِخَنْجَرٍ كَانَتْ مَعَهُ فَسَارَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ مِنْ أَصْبَهَانَ إِلَى حَلَبَ فَمَلَكَهَا، وَمَلَكَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي مَرَّ بِهَا وَهِيَ حَرَّانُ وَالرُّهَا وَقَلْعَةُ جَعْبَرٍ، وَكَانَ جَعْبَرٌ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ وَلَهُ وَلَدَانِ، وَكَانَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ يَلْجَئُونَ إِلَيْهَا فَيَتَحَصَّنُونَ بِهَا فَرَاسَلَ السُّلْطَانُ جَعْبَرَ بْنَ سَابِقٍ فِي تَسْلِيمِهَا فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ، فَنَصَبَ عَلَيْهَا الْمَجَانِيقَ وَالْعَرَّادَاتِ فَفَتَحَهَا وَأَمَرَ بِقَتْلِ صَاحِبِهَا سَابِقٍ، فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ لَا تَقْتُلْهُ حَتَّى تَقْتُلَنِي مَعَهُ فَأَلْقَاهُ مِنْ وَرَائِهَا فَتَكَسَّرَ، ثُمَّ أَمَرَ بِتَوْسِيطِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَلْقَتِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا وَرَاءَهُ فَسَلِمَتْ، فَلَامَهَا بَعْضُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ: كَرِهْتُ أَنْ يَصِلَ إِلَيَّ التُّرْكِيُّ فَيَبْقَى ذَلِكَ عَارًا عَلَيَّ. فَاسْتَحْسَنَ مِنْهَا ذَلِكَ وَاسْتَنَابَ السُّلْطَانُ عَلَى حَلَبَ قَسِيمَ الدَّوْلَةِ آقْ سُنْقُرَ التُّرْكِيَّ وَهُوَ جَدُّ نُورِ الدِّينِ الشَّهِيدِ وَاسْتَنَابَ عَلَى الرَّحْبَةِ وَحَرَّانَ
পৃষ্ঠা - ১০০২৯
وَالرَّقَّةِ وَسَرُوجَ وَالْخَابُورِ مُحَمَّدَ بْنَ شَرَفِ الدَّوْلَةِ مُسْلِمٍ، وَزَوَّجَهُ بِأُخْتِهِ زُلَيْخَا خَاتُونَ. وَعَزَلَ فَخْرَ الدَّوْلَةِ بْنَ جَهِيرٍ عَنْ دِيَارِ بَكْرٍ وَسَلَّمَهَا إِلَى الْعَمِيدِ أَبِي عَلِيٍّ الْبَلْخِيِّ، وَخَلَعَ عَلَى سَيْفِ الدَّوْلَةِ صَدَقَةَ بْنِ مَنْصُورِ بِنِ دُبَيْسٍ الْأَسَدِيِّ وَأَقَرَّهُ عَلَى عَمَلِ أَبِيهِ. وَدَخَلَ بَغْدَادَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَهِيَ أَوَّلُ دَخْلَةٍ دَخَلَهَا، فَزَارَ الْمَشَاهِدَ وَالْقُبُورَ وَدَخَلَ عَلَى الْخَلِيفَةِ فَقَبَّلَ يَدَهُ وَوَضَعَهَا عَلَى عَيْنَيْهِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ خِلْعَةً سَنِيَّةً، وَفَوَّضَ إِلَيْهِ أُمُورَ النَّاسِ، وَاسْتَعْرَضَ الْخَلِيفَةُ أُمَرَاءَهُ، وَنِظَامُ الْمُلْكِ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ، يُعَرِّفُهُ بِالْأُمَرَاءِ وَاحِدًا وَاحِدًا بِاسْمِهِ، وَكَمْ جَيْشُهُ وَأَقْطَاعُهُ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ خِلْعَةً سَنِيَّةً، وَخَرَجَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَنَزَلَ بِمَدْرَسَتِهِ النِّظَامِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ رَآهَا قَبْلَ هَذِهِ السَّنَةِ، فَاسْتَحْسَنَهَا إِلَّا أَنَّهُ اسْتَصْغَرَهَا وَاسْتَحْسَنَ أَهْلَهَا وَمَنْ بِهَا مِنَ الْجَمَاعَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَنَزَلَ بِخِزَانَةِ كُتُبِهَا وَأَمْلَى جُزْءًا مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ فَسَمِعَهُ الْمُحَدِّثُونَ مِنْهُ. وَوَرَدَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي يَعْلَى الْحُسَيْنِيُّ الدَّبُّوسِيُّ إِلَى بَغْدَادَ فِي تَجَمُّلٍ عَظِيمٍ، فَرَتَّبَهُ مُدَرِّسًا بِالنِّظَامِيَّةِ بَعْدَ أَبِي سَعْدٍ الْمُتَوَلِّي. وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ فُرِغَتِ الْمَنَارَةُ بِجَامِعِ الْقَصْرِ وَأُذِّنَ فِيهَا، وَفِيهَا كَانَتْ زَلَازِلُ هَائِلَةٌ بِالْعِرَاقِ وَالْجَزِيرَةِ وَالشَّامِ، فَهَدَمَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْعُمْرَانِ، وَخَرَجَ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَى الصَّحْرَاءِ ثُمَّ عَادُوا.
পৃষ্ঠা - ১০০৩০
وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْأَمِيرُ خُمَارْتِكِينُ الْحَسَنَانِيُّ، وَقُطِعَتْ خُطْبَةُ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَقُلِعَتِ الصَّفَائِحُ الَّتِي عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ الَّتِي عَلَيْهَا ذِكْرُ الْمِصْرِيِّ وَجُدِّدَ غَيْرُهَا عَلَيْهَا اسْمُ الْمُقْتَدِي. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَظَهَرَ رَجُلٌ بَيْنَ السِّنْدِيَّةِ وَوَاسِطٍ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَهُوَ مَقْطُوعُ الْيَدِ الْيُسْرَى يَفْتَحُ الْقُفْلَ فِي أَسْرَعِ مُدَّةٍ وَيَغُوصُ دِجْلَةَ فِي غَوْصَتَيْنِ وَيَقْفِزُ الْقَفْزَةَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا وَيَتَسَلَّقُ الْحِيطَانَ الْمُلْسَ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَخَرَجَ مِنَ الْعِرَاقِ سَالِمًا. قَالَ وَفِيهَا تُوُفِّيَ فَقِيرٌ يَسْأَلُ النَّاسَ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ فَوُجِدَ فِي مُرَقَّعَتِهِ سِتُّمِائَةِ دِينَارٍ مَغْرِبِيَّةٍ. قَالَ وَفِيهَا عَمِلَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ صَدَقَةَ سِمَاطًا لِلسُّلْطَانِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ أَبِي الْفَتْحِ مَلِكْشَاهْ اشْتَمَلَ عَلَى أَلْفِ رَأْسٍ مِنَ الْغَنَمِ وَمِائَةٍ مِنَ الْجِمَالِ، وَغَيْرِهَا، وَدَخَلَهُ عِشْرُونَ أَلْفًا مَنًّا مِنَ السُّكَّرِ، وَقَدْ عَلَّقَ عَلَيْهِ مِنْ أَصْنَافِ الطُّيُورِ وَالْوُحُوشِ الْمَنْفُوخَةِ مِنَ السُّكَّرِ شَيْءٌ كَثِيرٌ فَتَنَاوَلَ السُّلْطَانُ مِنْهُ شَيْئًا يَسِيرًا، ثُمَّ أَشَارَ فَانْتُهِبَ عَنْ آخِرِهِ، ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَى سُرَادِقٍ عَظِيمٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ مِنَ الْحَرِيرِ، وَفِيهِ خَمْسُمِائَةِ قِطْعَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ وَأَلْوَانٌ مِنْ تَمَاثِيلِ النَّدِّ وَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَمَدَّ فِيهِ سِمَاطًا خَاصًّا فَأَكَلَ السُّلْطَانُ حِينَئِذٍ وَحَمَلَ إِلَيْهِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَقَدَّمَ لَهُ ذَلِكَ السُّرَادِقَ بِكَمَالِهِ، وَانْصَرَفَ.
পৃষ্ঠা - ১০০৩১
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ الْأَمِيرُ جَعْبَرُ بْنُ سَابِقٍ الْقُشَيْرِيُّ الْمُلَقَّبُ سَابِقَ الدِّينِ، كَانَ قَدْ تَمَلَّكَ قَلْعَةَ جَعْبَرٍ مُدَّةً طَوِيلَةً فَنُسِبَتْ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُقَالُ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ الدَّوْسَرِيَّةُ، نِسْبَةً إِلَى غُلَامِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْأَمِيرَ كَبِرَ وَعَمِيَ، وَكَانَ لَهُ وَلَدَانِ يَقْطَعَانِ الطَّرِيقَ، فَاجْتَازَ بِهِ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ بْنُ أَلْبِ أَرْسَلَانَ السَّلْجُوقِيُّ وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَى حَلَبَ لِيَأْخُذَهَا فَاسْتَنْزَلَهُ مِنْهَا وَقَتَلَهُ، وَأَخَذَهَا مِنْهُمْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. الْأَمِيرُ خُتْلُعُ أَمِيرُ الْحَاجِّ، كَانَ مُقْطَعًا لِلْكُوفَةِ وَلَهُ وَقَعَاتٌ مَعَ الْعَرَبِ أَعْرَبَتْ عَنْ شَجَاعَتِهِ وَأَرْعَبَتْ قُلُوبَهُمْ وَشَرَّدَتْهُمْ فِي الْبِلَادِ شَذَرَ مَذَرَ، وَقَدْ كَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ مُحَافِظًا عَلَى الصَّلَوَاتِ كَثِيرَ التِّلَاوَةِ، وَلَهُ آثَارٌ حَسَنَةٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فِي إِصْلَاحِ الْمَصَانِعِ وَالْأَمَاكِنِ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَلَهُ مَدْرَسَةٌ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ بِمَشْهَدِ يُونُسَ بِالْكُوفَةِ، وَبَنَى مَسْجِدًا بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ عَلَى دِجْلَةَ بِمَشْرَعَةِ الْكَرْخِ. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَمَّا بَلَغَ نِظَامَ الْمُلْكِ وَفَاتُهُ قَالَ مَاتَ أَلْفُ رَجُلٍ. عَلِيُّ بْنُ فَضَّالٍ الْمُجَاشِعِيُّ أَبُو الْحَسَنِ النَّحْوِيُّ الْمَغْرِبِيُّ لَهُ الْمُصَنَّفَاتُ
পৃষ্ঠা - ১০০৩২
الدَّالَّةُ عَلَى عِلْمِهِ وَغَزَارَةِ فَهْمِهِ، وَأَسْنَدَ الْحَدِيثَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِبَابِ أَبْرَزَ. عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ التُّسْتَرِيُّ كَانَ مُقَدَّمَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي الْمَالِ وَالْجِدَةِ، وَلَهُ مَرَاكِبُ تَعْمَلُ فِي الْبَحْرِ، قَرَأَ الْقُرْآنَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَرَّدَ بِرِوَايَةِ " سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. يَحْيَى بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْحُسَيْنِيُّ كَانَ فَقِيهًا عَلَى مَذْهَبِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعِنْدَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْأُصُولِ وَالْحَدِيثِ.
পৃষ্ঠা - ১০০৩৩
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا نُقِلَ جَهَازُ ابْنَةِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ عَلَى مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ جَمَلًا مُجَلَّلَةً بِالدِّيبَاجِ الرُّومِيِّ غَالِبُهَا أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعَلَى أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ بَغْلَةً مُجَلَّلَةً بِأَنْوَاعِ الدِّيبَاجِ الْمَلَكِيِّ وَكَانَ عَلَى سِتَّةٍ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ صُنْدُوقًا مِنْ فِضَّةٍ فِيهَا جَوَاهِرُ وَحُلِيٌّ، وَبَيْنَ يَدَيِ الْبِغَالِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ فَرَسًا عَلَيْهَا مَرَاكِبُ الذَّهَبِ مُرَصَّعَةٌ بِأَنْوَاعِ الْجَوَاهِرِ وَمَهْدٌ عَظِيمٌ مُجَلَّلٌ بِالدِّيبَاجِ الْمَلَكِيِّ عَلَيْهِ صَفَائِحُ الذَّهَبِ مُرَصَّعٌ بِالْجَوْهَرِ، وَبَعَثَ الْخَلِيفَةُ لِتَلَقِّيهِمْ الْوَزِيرَ أَبَا شُجَاعٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ مَوْكَبِيَّةٍ غَيْرَ الْمَشَاعِلِ لِخِدْمَةِ السِّتِّ خَاتُونَ امْرَأَةِ السُّلْطَانِ تُرْكَانَ خَاتُونَ حَمَاةِ الْخَلِيفَةِ، وَسَأَلَهَا أَنْ تَحْمِلَ الْوَدِيعَةَ الشَّرِيفَةَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ فَأَجَابَتْ إِلَى ذَلِكَ، فَحَضَرَ الْوَزِيرُ نِظَامُ الْمُلْكِ وَأَعْيَانُ الْأُمَرَاءِ وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الشُّمُوعِ وَالْمَشَاعِلِ مَا لَا يُحْصَى، وَجَاءَتِ نِسَاءُ الْأُمَرَاءِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي جَمَاعَتِهَا وَجَوَارِيهَا وَبَيْنَ أَيْدِيهِنَّ الشُّمُوعُ وَالْمَشَاعِلُ، ثُمَّ جَاءَتِ الْخَاتُونَ ابْنَةُ السُّلْطَانِ زَوْجَةُ الْخَلِيفَةِ - بَعْدَ الْجَمِيعِ - فِي مِحَفَّةٍ مُجَلَّلَةٍ، وَعَلَيْهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْجَوَاهِرِ مَا لَا تُحْصَى قِيمَتُهُ، وَقَدْ أَحَاطَ بِالْمِحَفَّةِ مِائَتَا جَارِيَةٍ تُرْكِيَّةٍ بِالْمَرَاكِبِ الْمُزَيَّنَةِ يَبْهَرْنَ الْأَبْصَارَ، فَدَخَلَتْ دَارَ الْخِلَافَةِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَقَدْ زُيِّنَ الْحَرِيمُ الطَّاهِرُ، وَأُشْعِلَتْ فِيهِ الشُّمُوعُ، وَكَانَتْ لَيْلَةً مَشْهُودَةً لِلْخَلِيفَةِ، هَائِلَةً جِدًّا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَحْضَرَ الْخَلِيفَةُ أُمَرَاءَ السُّلْطَانِ، وَمَدَّ سِمَاطًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ عَمَّ الْحَاضِرِينَ
পৃষ্ঠা - ১০০৩৪
وَالْغَائِبِينَ، وَخَلَعَ عَلَى الْخَاتُونَ زَوْجَةِ السُّلْطَانِ وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَكَانَ السُّلْطَانُ مُتَغَيِّبًا فِي الصَّيْدِ، ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ أَيَّامٍ، وَكَانَ الدُّخُولُ بِهَا فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، فَوَلَدَتْ مِنَ الْخَلِيفَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَلَدًا ذَكَرًا زُيِّنَتْ لَهُ بَغْدَادُ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وُلِدَ لِلسُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ وَلَدٌ سَمَّاهُ مَحْمُودًا، وَهُوَ الَّذِي مَلَكَ بَعْدَهُ، وَفِيهَا جَعَلَ السُّلْطَانُ وَلَدَهُ أَبَا شُجَاعٍ أَحْمَدَ وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَقَّبُهُ مَلِكَ الْمُلُوكِ عَضُدَ الدَّوْلَةِ وَتَاجَ الْمِلَّةِ عُدَّةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَخُطِبَ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى مَنَابِرِ بَغْدَادَ وَغَيْرِهَا، وَنُثِرَ الذَّهَبُ عَلَى الْخُطَبَاءِ عِنْدَ ذِكْرِ اسْمِهِ. وَفِيهَا شُرِعَ فِي بِنَاءِ التَّاجِيَّةِ بِبَابِ أَبْرَزَ، وَعُمِلَتْ مُسَنَّاةٌ، وَغُرِسَتِ النَّخِيلُ وَالْفَوَاكِهُ هُنَالِكَ، وَعُمِلَ سُورٌ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ نَجْمُ الدَّوْلَةِ خُمَارْتِكِينُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بْنِ سَعِيدٍ أَبُو الْقَاسِمِ السَّاوِيُّ، رَحَلَ فِي الْحَدِيثِ إِلَى الْآفَاقِ حَتَّى جَاوَزَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَكَانَ لَهُ حَظٌّ وَافِرٌ فِي الْأَدَبِ وَمَعْرِفَةِ الْعَرَبِيَّةِ تُوُفِّيَ بِنَيْسَابُورَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ১০০৩৫
طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَنْدَنِيجِيُّ أَبُو الْوَفَا الشَّاعِرُ الْمُبَرَّزُ، لَهُ قَصِيدَتَانِ فِي مَدْحِ نِظَامِ الْمُلْكِ إِحْدَاهُمَا مُعْجَمَةٌ وَالْأُخْرَى غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ، أَوَّلُهَا: لَامُوا وَلَوْ عَلِمُوا مَا اللَّوْمُ مَا لَامُوا ... وَرَدَّ لَوْمَهُمُ هَمٌّ وَآلَامُ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبَلَدِهِ فِي رَمَضَانَ عَنْ نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. مُحَمَّدُ بْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ عَرَضَ لَهُ جُدَرِيٌّ فَمَاتَ فِيهَا، وَلَهُ تِسْعُ سِنِينَ فَحَزِنَ عَلَيْهِ وَالِدُهُ وَالنَّاسُ وَجَلَسُوا لِلْعَزَاءِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَقُولُ: إِنَّ لَنَا فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةً حَسَنَةً حِينَ تُوُفِّيَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] ثُمَّ عَزَمَ عَلَى النَّاسِ فَانْصَرَفُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ. مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيُّ الْمُلَقَّبُ بِالْمُرْتَضَى ذِي الشَّرَفَيْنِ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ عَلَى الشُّيُوخِ وَصَحِبَ الْحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ الْخَطِيبَ فَصَارَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ جَيِّدَةٌ بِالْحَدِيثِ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ الْخَطِيبُ شَيْئًا مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ وَأَمْلَى الْحَدِيثَ بِأَصْبَهَانَ، وَغَيْرِهَا، وَكَانَ يَرْجِعُ إِلَى عَقْلٍ كَامِلٍ وَفَضْلٍ وَمُرُوءَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ وَأَمْلَاكٌ مُتَّسِعَةٌ وَنِعْمَةٌ وَافِرَةٌ، يُقَالُ: إِنَّهُ مَلَكَ
পৃষ্ঠা - ১০০৩৬
أَرْبَعِينَ قَرْيَةً، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالْبِرِّ وَالصِّلَةِ لِلْعُلَمَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، وَبَلَغَتْ زَكَاةُ مَالِهِ الصَّامِتِ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ غَيْرَ زَكَاةِ الْعُشُورِ وَكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ لَيْسَ لِمَلِكٍ مِثْلُهُ، فَطَلَبَهُ مِنْهُ مَلِكُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، - وَاسْمُهُ الْخَضِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - عَارِيَةً لِيَتَنَزَّهَ فِيهِ فَأَبَى عَلَيْهِ، وَقَالَ أُعِيرُهُ إِيَّاهُ لِيَشْرَبَ فِيهِ الْخَمْرَ بَعْدَ مَا كَانَ مَأْوَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَالدِّينِ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَحَقَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَدْعَاهُ إِلَيْهِ لِيَسْتَشِيرَهُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ عَلَى الْعَادَةِ، فَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَهُ قَبَضَ عَلَيْهِ وَسَجَنَهُ فِي قَلْعَتِهِ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى جَمِيعِ أَمْلَاكِهِ وَحَوَاصِلِهِ وَأَمْوَالِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: مَا تَحَقَّقْتُ صِحَّةَ نَسَبِي إِلَّا بِهَذِهِ الْمُصَادَرَةِ، فَإِنِّي رُبِّيتُ فِي النَّعِيمِ فَكُنْتُ أَقُولُ: إِنَّ مِثْلِي لَا بُدَّ أَنْ يُبْتَلَى، ثُمَّ مَنَعُوهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ حَتَّى مَاتَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقَلْعَةِ، فَأَخْرَجُوهُ وَدَفَنُوهُ هُنَاكَ فَقَبْرُهُ يُزَارُ، أَكْرَمَ اللَّهُ مَثْوَاهُ. مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالِ بْنِ الْمُحَسِّنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الصَّابِئِ الْمُلَقَّبُ بِغَرْسِ النِّعْمَةِ سَمِعَ أَبَاهُ وَأَبَا عَلِيِّ بْنَ شَاذَانَ، وَكَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ كَثِيرَةٌ وَمَعْرُوفٌ، وَقَدْ ذَيَّلَ عَلَى تَارِيخِ أَبِيهِ الَّذِي ذَيَّلَهُ عَلَى تَارِيخِ أَبِيهِ الَّذِي ذَيَّلَهُ عَلَى تَارِيخِ ثَابِتِ بْنِ سِنَانٍ الَّذِي ذَيَّلَهُ عَلَى تَارِيخِ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَقَدْ أَنْشَأَ دَارًا بِبَغْدَادَ وَوَقَفَ فِيهَا أَرْبَعَةَ آلَافِ مُجَلَّدٍ فِي فُنُونٍ مِنَ الْعُلُومِ وَتَرَكَ حِينَ مَاتَ سَبْعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَدُفِنَ بِمَشْهَدِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَحِمَهُ.
পৃষ্ঠা - ১০০৩৭
هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُحَلَّى أَبُو نَصْرٍ، جَمَعَ خُطَبًا وَوَعْظًا وَسَمِعَ الْحَدِيثَ عَلَى مَشَايِخَ عَدِيدَةٍ، وَتُوُفِّيَ شَابًّا قَبْلَ أَوَانِ الرِّوَايَةِ. أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ أَمِيرُ الْمُلَثَّمِينَ كَانَ فِي أَرْضِ فَرْغَانَةَ اتَّفَقَ لَهُ مِنَ النَّامُوسِ مَا لَمْ يَتَّفِقْ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُلُوكِ، كَانَ يَرْكَبُ مَعَهُ إِذَا سَارَ لِقِتَالِ عَدُوٍّ خَمْسُمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، كَلٌّ يَعْتَقِدُ طَاعَتَهُ، وَكَانَ يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيَحْفَظُ مَحَارِمَ الْإِسْلَامِ، وَيَسِيرُ فِي النَّاسِ سِيرَةً شَرْعِيَّةً مَعَ صِحَّةِ مُعْتَقَدِهِ وَمُوَالَاةِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ، أَصَابَتْهُ نُشَّابَةٌ فِي بَعْضِ حُرُوبِهِ، فَجَاءَتْهُ فِي حَلْقِهِ فَقَتَلَتْهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ الْمُؤَدِّبَةُ الْكَاتِبَةُ، وَتُعْرَفُ بِبِنْتِ الْأَقْرَعِ، سَمِعَتِ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ مَهْدِيٍّ وَغَيْرِهِ، وَكَانَتْ تَكْتُبُ الْمَنْسُوبَ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ الْبَوَّابِ، وَيَكْتُبُ النَّاسُ عَلَيْهَا، وَبِخَطِّهَا كَانَتِ الْهُدْنَةُ مِنَ الدِّيوَانِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَكَتَبَتْ مَرَّةً إِلَى عَمِيدِ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيِّ رُقْعَةً فَأَعْطَاهَا أَلْفَ دِينَارٍ. تُوُفِّيَتْ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِبَغْدَادَ وَدُفِنَتْ بِبَابِ أَبْرَزَ.
পৃষ্ঠা - ১০০৩৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا كَانَتْ فِتَنٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الرَّوَافِضِ وَالسُّنَّةِ بِبَغْدَادَ، وَجَرَتْ خُطُوبٌ كَثِيرَةٌ. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أُخْرِجَتِ الْأَتْرَاكُ مِنْ حَرِيمِ الْخِلَافَةِ، وَهَذَا فِيهِ قُوَّةٌ لِلْخِلَافَةِ، وَفِيهَا مَلَكَ مَسْعُودُ بْنُ الْمَلِكِ الْمُؤَيَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ غَزْنَةَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَفِيهَا فَتَحَ مَلِكْشَاهْ مَدِينَةَ سَمَرْقَنْدَ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْأَمِيرُ خُمَارْتِكِينُ، وَمِمَّنْ حَجَّ فِيهَا الْوَزِيرُ أَبُو شُجَاعٍ وَاسْتَنَابَ وَلَدَهُ أَبَا مَنْصُورٍ وَطِرَادَ بْنَ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيَّ. [مَنْ تُوُفِّىَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ وَكَانَ وَلِيَّ عَهْدِ أَبِيهِ تُوُفِّيَ وَعُمْرُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً فَمَكَثَ النَّاسُ فِي الْعَزَاءِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَرْكَبْ أَحَدٌ فَرَسًا، وَالنِّسَاءُ يَنُحْنَ عَلَيْهِ فِي الْأَسْوَاقِ، وَسَوَّدَ أَهْلُ الْبِلَادِ الَّتِي لِأَبِيهِ أَبْوَابَهُمْ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْأَنْصَارِيُّ الْهَرَوِيُّ، رَوَى الْحَدِيثَ وَصَنَّفَ وَكَانَ كَثِيرَ السَّهَرِ بِاللَّيْلِ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِهَرَاةَ فِي ذِي الْحِجَّةِ عَنْ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
পৃষ্ঠা - ১০০৩৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ دَرَّسَ أَبُو بَكْرٍ الشَّامِيُّ بِالْمَدْرَسَةِ التَّاجِيَّةِ بِبَابِ أَبْرَزَ، وَكَانَ قَدْ أَنْشَأَهَا الصَّاحِبُ تَاجُ الْمُلْكِ أَبُو الْغَنَائِمِ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ. وَفِيهَا كَانَتْ فِتَنٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الرَّوَافِضِ وَالسُّنَّةِ، وَرَفَعُوا الْمَصَاحِفَ وَجَرَتْ حُرُوبٌ طَوِيلَةٌ، وَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، نَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ " مِنْ خَطِّ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ قُتِلَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَرِيبٌ مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ، قَالَ: وَسَبَّ أَهْلُ الْكَرْخِ الصَّحَابَةَ وَأَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَارْتَفَعُوا إِلَى سَبِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ الْكَرْخِ الَّذِينَ فَعَلُوا ذَلِكَ. وَإِنَّمَا حَكَيْتُ هَذَا لِيَعْلَمَ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ مَا فِي طَوَايَا الرَّوَافِضِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْبُغْضِ لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ وَالْعَدَاوَةِ الْبَاطِنَةِ الْكَامِنَةِ فِي قُلُوبِهِمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَشَرِيعَتِهِ. وَفِيهَا مَلَكَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَطَائِفَةً كَثِيرَةً مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ بَعْدَ حُرُوبٍ عَظِيمَةٍ وَوَقَعَاتٍ هَائِلَةٍ وَفِيهَا اسْتَوْلَى جَيْشُ الْمِصْرِيِّينَ عَلَى عِدَّةٍ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ وَفِيهَا عُمِّرَتْ مَنَارَةُ جَامِعِ حَلَبَ وَفِيهَا أَرْسَلَتِ الْخَاتُونُ بِنْتُ السُّلْطَانِ تَشْكُو إِلَى أَبِيهَا إِعْرَاضَ الْخَلِيفَةِ عَنْهَا فَبَعَثَ إِلَيْهَا أَبُوهَا الطَّوَاشِيَّ صَوَابًا وَالْأَمِيرَ بَزَّانَ لِيُرْجِعَهَا إِلَيْهِ فَأَجَابَ الْخَلِيفَةُ إِلَى ذَلِكَ وَبَعَثَ
পৃষ্ঠা - ১০০৪০
مَعَهَا بِالنَّقِيبِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْأُمَرَاءِ وَخَرَجَ ابْنُ الْخَلِيفَةِ أَبُو الْفَضْلِ وَالْوَزِيرُ فَشَيَّعَاهَا إِلَى النَّهْرَوَانِ وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَى عِنْدِ أَبِيهَا تُوُفِّيَتْ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِأَصْبَهَانَ فَعُمِلَ عَزَاؤُهَا بِبَغْدَادَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَى السُّلْطَانِ أَمِيرَيْنِ لِتَعْزِيَتِهِ فِيهَا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ خُمَارْتِكِينُ. [مَنْ تُوُفِّىَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، الْمَعْرُوفُ بِظَاهِرٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْحَافِظُ رَحَلَ وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَخَرَجَ وَعَاجَلَهُ الْمَوْتُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِهَمَذَانَ وَهُوَ شَابٌّ. عَلِيُّ بْنُ أَبِي يَعْلَى بْنِ زَيْدٍ أَبُو الْقَاسِمِ الدَّبُوسِىُّ مُدَرِّسُ النِّظَامِيَّةِ بَعْدَ الْمُتَوَلِّي سَمِعَ شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ وَكَانَ فَقِيهًا مَاهِرًا وَجَدَلِيًّا بَاهِرًا. عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمِ بْنِ مِهْرَانَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْعَاصِمِيُّ مِنْ أَهْلِ الْكَرْخِ سَكَنَ بَابَ الشَّعِيرِ وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْأَدَبِ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا،
পৃষ্ঠা - ১০০৪১
وَمِنْ شِعْرِهِ الْجَيِّدِ قَوْلُهُ: لَهَفِي عَلَى قَوْمٍ بِكَاظِمَةٍ ... وَدَّعْتُهُمْ وَالرَّكْبُ مُعْتَرِضُ لَمْ تَتْرُكِ الْعَبَرَاتُ مُذْ بَعُدُوا ... لِي مُقْلَةً تَرْنُو وَتَغْتَمِضُ رَحَلُوا فَدَمْعِي وَاكِفٌ هَطِلٌ ... جَارٍ وَقَلْبِي حَشْوُهُ مَرَضُ وَتَعَوَّضُوا لَا ذُقْتُ فَقْدَهُمُ ... عَنِّي وَمَالِي عَنْهُمُ عِوَضُ أَقْرَضْتُهُمْ قَلْبِي عَلَى ثِقَةٍ ... مِنْهُمْ فَمَا رَدُّوا الَّذِي اقْتَرَضُوا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدِ بْنِ عُبَيْدٍ أَبُو جَعْفَرٍ الْبُخَارِيُّ الْمُتَكَلِّمُ الْمُعْتَزِلِيُّ أَقَامَ بِبَغْدَادَ وَيُعْرَفُ بِقَاضِي حَلَبَ وَكَانَ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ فِي الْفُرُوعِ مُعْتَزِلِيًّا فِي الْأُصُولِ مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْبٍ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْأَصْبَهَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِسَمْكُويَهِ أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْجَوَّالِينَ الرَّحَّالِينَ سَمِعَ الْكَثِيرَ وَجَمَعَ الْكُتُبَ وَأَقَامَ بِهَرَاةَ وَكَانَ صَالِحًا كَثِيرَ الْعِبَادَةِ تُوُفِّيَ بِنَيْسَابُورَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ১০০৪২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ وَرَدَ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ بِمَنْشُورِ نِظَامِ الْمُلْكِ بِالتَّدْرِيسِ بِالنِّظَامِيَّةِ فَدَرَّسَ بِهَا ثُمَّ قَدِمَ الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ الشِّيرَازِيُّ بِمَنْشُورٍ آخَرَ مِنْهُ بِالتَّدْرِيسِ بِهَا. فَاتَّفَقَ الْحَالُ عَلَى أَنْ يُدَرِّسَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى دَهَمَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ تِلْيَا كَانَ يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ فَاسْتَغْوَى خَلْقًا مِنْ أَهْلِهَا وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ وَأَحْرَقَ مِنَ الْبَصْرَةِ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ دَارُ كُتُبٍ كَانَتْ أَوَّلَ دَارِ كُتُبٍ وُقِفَتْ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الدَّوَالِيبِ وَالْمَصَانِعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِيهَا خُلِعَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ طِرَادٍ الزَّيْنَبِيِّ بِنِقَابَةِ الْعَبَّاسِيِّينَ بَعْدَ أَبِيهِ. وَفِيهَا اسْتُفْتِيَ عَلَى مُعَلِّمِي الصِّبْيَانِ أَنْ يُمْنَعُوا مِنَ الْمَسَاجِدِ صِيَانَةً لَهَا، وَلَمْ يُسْتَثْنَ مِنْهُمْ سِوَى رَجُلٍ كَانَ فَقِيهًا شَافِعِيًّا يَدْرِي كَيْفَ تُصَانُ الْمَسَاجِدُ، وَاسْتَدَلَّ الْمُفْتِي بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «سُدُّوا كُلَّ خَوْخَةٍ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ» وَحَجَّ بِالنَّاسِ خُمَارْتِكِينُ عَلَى الْعَادَةِ.
পৃষ্ঠা - ১০০৪৩
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْوَزِيرُ أَبُو نَصْرِ بْنُ جَهِيرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَهِيرٍ فَخْرُ الدَّوْلَةِ أَحَدُ مَشَاهِيرِ الْوُزَرَاءِ، وَزَرَ لِلْقَائِمِ ثُمَّ لِوَلَدِهِ الْمُقْتَدِي ثُمَّ عَزَلَهُ مَلِكْشَاهْ السُّلْطَانُ وَوَلَّاهُ دِيَارَ بَكْرٍ وَغَيْرَهَا، فَمَاتَ بِالْمَوْصِلِ وَهِيَ الْبَلَدُ الَّتِي وُلِدَ بِهَا.
পৃষ্ঠা - ১০০৪৪
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا كَتَبَ الْمُنَجِّمُ الَّذِي أَحْرَقَ الْبَصْرَةَ إِلَى أَهْلِ وَاسِطٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى طَاعَتِهِ وَيَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ صَاحِبُ الزَّمَانِ الَّذِي يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَهْدِي الْخَلْقَ إِلَى الْحَقِّ فَإِنْ أَطَعْتُمْ أَمِنْتُمْ مِنَ الْعَذَابِ وَإِنْ عَدَلْتُمْ عَنِ الْحَقِّ خُسِفَ بِكُمْ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَبِالْإِمَامِ الْمَهْدِيِّ. وَفِيهَا أُلْزِمَ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِلُبْسِ الْغِيَارِ وَشَدِّ الزُّنَّارِ وَكَذَلِكَ نِسَاؤُهُمْ فِي الْحَمَّامَاتِ وَغَيْرِهَا وَفِي جُمَادَى الْأُولَى قَدِمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَزَّالِيُّ الطُّوسِيُّ مِنْ أَصْبَهَانَ إِلَى بَغْدَادَ عَلَى تَدْرِيسِ النِّظَامِيَّةِ بِهَا، وَلَقَّبَهُ نِظَامُ الْمُلْكِ زَيْنَ الدِّينِ شَرَفَ الْأَئِمَّةِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ كَلَامُهُ مَعْسُولًا وَذَكَاؤُهُ شَدِيدًا وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا عُزِلَ الْوَزِيرُ أَبُو شُجَاعٍ عَنْ وَزَارَةِ الْخِلَافَةِ، فَأَنْشَدَ عِنْدَ عَزْلِهِ: تَوَلَّاهَا وَلَيْسَ لَهُ عَدُوٌّ ... وَفَارَقَهَا وَلَيْسَ لَهُ صَدِيقُ ثُمَّ جَاءَهُ كِتَابُ نِظَامِ الْمُلْكِ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَغْدَادَ فَخَرَجَ مِنْهَا إِلَى عِدَّةِ أَمَاكِنَ فَلَمْ تَطِبْ لَهُ فَعَزَمَ عَلَى الْحَجِّ ثُمَّ طَابَتْ نَفْسُ النِّظَامِ عَلَيْهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ
পৃষ্ঠা - ১০০৪৫
يَسْأَلُهُ أَنْ يَكُونَ عَدِيلَهُ فِي ذَلِكَ وَنَابَ ابْنُ الْمُوصَلَايَا فِي الْوَزَارَةِ، وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ قَبْلَ هَذِهِ الْمُبَاشَرَةِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ. وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا دَخَلَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ بَغْدَادَ وَمَعَهُ الْوَزِيرُ نِظَامُ الْمُلْكِ وَقَدْ خَرَجَ لِتَلَقِّيهِ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو بَكْرٍ الشَّامِيُّ وَابْنُ الْمُوصَلَايَا الْمُسْلِمَانِيُّ وَجَاءَتْ مُلُوكُ الْأَطْرَافِ إِلَيْهِ ; لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ، مِنْهُمْ أَخُوهُ تَاجُ الدَّوْلَةِ تُتُشُ صَاحِبُ دِمَشْقَ وَأَتَابِكُهُ قَسِيمُ الدَّوْلَةِ آقَ سُنْقُرُ صَاحِبُ حَلَبَ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ خَرَجَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ وَابْنُهُ وَابْنُ ابْنَتِهِ مِنَ الْخَلِيفَةِ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ إِلَى الْكُوفَةِ وَفِيهَا اسْتُوْزِرَ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ جَهِيرٍ وَهِيَ النَّوْبَةُ الثَّانِيَةُ لِوَزَارَتِهِ لِلْمُقْتَدِي، وَخُلِعَ عَلَيْهِ وَرَكِبَ إِلَيْهِ نِظَامُ الْمُلْكِ فَهَنَّأَهُ فِي دَارِهِ بِبَابِ الْعَامَّةِ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ عَمِلَ السُّلْطَانُ الْمِيلَادَ فِي دِجْلَةَ، وَأُشْعِلَتْ نِيرَانٌ عَظِيمَةٌ، وَأُوْقِدَتْ شُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، وَكَانَتْ لَيْلَةً مَشْهُودَةً عَجِيبَةً جِدًّا، وَقَدْ نَظَمَ فِيهَا الشُّعَرَاءُ الشِّعْرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّهَارُ مِنْ هَذِهِ اللَّيْلَةِ طِيفَ بِالْخَبِيثِ الدَّاعِيَةِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ تِلْيَا الْمُنَجِّمُ، عَلَى جَمَلٍ بِبَغْدَادَ وَهُوَ يَسُبُّ النَّاسَ وَالنَّاسُ يَلْعَنُونَهُ وَعَلَى رَأْسِهِ طُرْطُورٌ بِوَدَعٍ وَالدِّرَّةُ تَأْخُذُهُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ثُمَّ صُلِبَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَفِيهَا أَمَرَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ جَلَالُ الدَّوْلَةِ بِعِمَارَةِ جَامِعِهِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ بِظَاهِرِ السُّورِ وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ أَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ يُوسُفُ بْنُ تَاشُفِينَ صَاحِبُ بِلَادِ الْمَغْرِبِ كَثِيرًا مِنْ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ، وَأَسَرَ صَاحِبَهَا الْمُعْتَمِدَ بْنَ عَبَّادٍ، وَسَجَنَهُ وَأَهْلَهُ بِأَغْمَاتَ، وَقَدْ كَانَ الْمُعْتَمِدُ هَذَا مَوْصُوفًا بِالْكَرَمِ وَالْأَدَبِ وَالْحِلْمِ وَحُسْنِ
পৃষ্ঠা - ১০০৪৬
السِّيرَةِ وَالْعِشْرَةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الرَّعِيَّةِ وَالرِّفْقِ بِهِمْ فَحَزِنَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي مُصَابِهِ الشُّعَرَاءُ فَأَكْثَرُوا. وَفِيهَا مَلَكَتِ الْفِرَنْجُ مَدِينَةَ صِقِلِّيَةَ مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ وَمَاتَ مَلِكُهُمْ فَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ، فَسَارَ فِي النَّاسِ سِيرَةَ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ كَأَنَّهُ مِنْهُمْ. وَفِيهَا كَانَتْ زَلَازِلُ كَثِيرَةٌ بِالشَّامِ وَغَيْرِهَا فَهَدَّمَتْ بُنْيَانًا كَثِيرًا وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ تِسْعُونَ بُرْجًا مِنْ سُورِ أَنْطَاكِيَةَ وَهَلَكَ تَحْتَ الْهَدْمِ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَحَجَّ بِالنَّاسِ خُمَارْتِكِينُ. [مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ] وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلَّكَ، أَبُو طَاهِرٍ وُلِدَ بِأَصْبَهَانَ وَتَفَقَّهَ بِسَمَرْقَنْدَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ سَبَبَ فَتْحِهَا عَلَى يَدِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ وَكَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ. قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مَنْدَهْ: لَمْ نَرَ فَقِيهًا فِي وَقْتِنَا أَنْصَفَ مِنْهُ وَلَا أَعْلَمَ، وَكَانَ فَصِيحَ اللَّهْجَةِ، كَثِيرَ الْمُرُوءَةِ غَزِيرَ النِّعْمَةِ، تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ وَمَشَى الْوُزَرَاءُ وَالْكُبَرَاءُ فِي جِنَازَتِهِ غَيْرَ أَنَّ نِظَامَ الْمُلْكِ رَكِبَ وَاعْتَذَرَ بِكِبَرِ السِّنِّ وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَجَاءَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ إِلَى التُّرْبَةِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: جَلَسْتُ بُكْرَةَ الْعَزَاءِ إِلَى جَانِبِ نِظَامِ الْمُلْكِ وَالْمُلُوكُ قِيَامٌ بَيْنَ يَدَيْهِ
পৃষ্ঠা - ১০০৪৭
اجْتَرَأْتُ عَلَى ذَلِكَ بِالْعِلْمِ. حَكَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَامِدٍ أَبُو نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ، كَانَ إِمَامًا فِي الْقِرَاءَاتِ وَلَهُ فِيهَا الْمُصَنَّفَاتُ، وَسَافَرَ فِي ذَلِكَ كَثِيرًا، وَاتَّفَقَ لَهُ أَنَّهُ غَرِقَ فِي الْبَحْرِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ; فَبَيْنَمَا الْمَوْجُ يَرْفَعُهُ وَيَضَعُهُ إِذْ نَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ قَدْ زَالَتْ فَنَوَى الْوُضُوءَ وَانْغَمَسَ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ صَعِدَ فَإِذَا خَشَبَةٌ فَرَكِبَهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا وَرَزَقَهُ اللَّهُ السَّلَامَةَ بِبَرَكَةِ الصَّلَاةِ وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ دَهْرًا وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَهُ نَيِّفٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ أَبُو بَكْرٍ النَّاصِحُ، الْفَقِيهُ الْحَنَفِيُّ الْمُنَاظِرُ الْمُتَكَلِّمُ الْمُعْتَزِلِيُّ، وَقَدْ وَلِيَ الْقَضَاءَ بِنَيْسَابُورَ ثُمَّ عُزِلَ مِنْهَا بِخِيَانَةِ وُكَلَائِهِ وَأَخْذِهِمُ الرُّشَا، وَوَلِيَ قَضَاءَ الرَّيِّ وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ مِنْهَا. أَرْتُقُ بْنُ أَكْسَبَ التُّرْكُمَانِيُّ جَدُّ الْمُلُوكِ الْأَرْتُقِيَّةِ الَّذِينَ هُمُ الْيَوْمَ مُلُوكُ مَارْدِينَ، كَانَ شَهْمًا شُجَاعًا عَالِيَ الْهِمَّةَ، تَغَلَّبَ عَلَى بِلَادٍ كَثِيرَةٍ وَقَدْ تَرْجَمَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ وَأَرَّخَ وَفَاتَهُ بِهَذِهِ السَّنَةِ.
পৃষ্ঠা - ১০০৪৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ] [مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ] فِيهَا أَمَرَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ بِبِنَاءِ سُوقِ الْمَدِينَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِطُغْرُلْبَكَ إِلَى جَانِبِ دَارِ الْمُلْكِ وَجَدَّدَ خَانَاتِهَا وَأَسْوَاقَهَا وَدُورَهَا وَأَمَرَ بِتَجْدِيدِ الْجَامِعِ الَّذِي تَمَّ عَلَى يَدِ هَارُونَ الْخَادِمِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَوَقَفَ عَلَى نَصْبِ قِبْلَتِهِ بِنَفْسِهِ، وَمُنَجِّمُهُ إِبْرَاهِيمُ حَاضِرٌ وَنُقِلَتْ إِلَيْهِ أَخْشَابُ جَامِعِ سَامَرَّا وَشَرَعَ نِظَامُ الْمُلْكِ فِي بِنَاءِ دَارٍ هَائِلَةٍ لَهُ، وَكَذَلِكَ تَاجُ الْمُلُوكِ أَبُو الْغَنَائِمِ، شَرَعَ فِي بِنَاءِ دَارٍ هَائِلَةٍ أَيْضًا وَاسْتَوْطَنُوا الْبَلَدَ وَطَابَتْ لَهُمْ بَغْدَادُ. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ بِبَغْدَادَ فِي أَمَاكِنَ شَتَّى، فَمَا أُطْفِئَ حَتَّى هَلَكَ لِلنَّاسِ شَيْءٌ كَثِيرٌ فَمَا عَمَّرُوا بِقَدْرِ مَا حُرِقَ وَمَا غَرِمُوا. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ خَرَجَ السُّلْطَانُ إِلَى أَصْبَهَانَ وَفِي صُحْبَتِهِ وَلَدُ الْخَلِيفَةِ أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرٌ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ فِي رَمَضَانَ، فَبَيْنَمَا هُوَ فِي الطَّرِيقِ يَوْمَ عَاشِرِهِ عَدَا صَبِيٌّ مِنَ الدَّيْلَمِ عَلَى الْوَزِيرِ نِظَامِ الْمُلْكِ، بَعْدَ أَنْ أَفْطَرَ فَضَرَبَهُ بِسِكِّينٍ فَقَضَى عَلَيْهِ، وَأُخِذَ الصَّبِيُّ الدَّيْلَمِيُّ فَقُتِلَ، وَقَدْ كَانَ مِنْ كِبَارِ الْوُزَرَاءِ وَخِيَارِ الْأُمَرَاءِ، وَسَنَذْكُرُ شَيْئًا مِنْ سِيرَتِهِ عِنْدَ ذِكْرِ تَرْجَمَتِهِ. وَقَدِمَ السُّلْطَانُ بَغْدَادَ فِي رَمَضَانَ بِنِيَّةٍ غَيْرِ صَالِحَةٍ فَلَقَّاهُ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ