পৃষ্ঠা - ১০০০২
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا اسْتَوْلَى تُكَشُ أَخُو السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ عَلَى بَعْضِ خُرَاسَانَ. وَفِيهَا أُذِنَ لِلْوُعَّاظِ فِي الْجُلُوسِ لِلْوَعْظِ ; وَكَانُوا قَدْ مُنِعُوا مِنْ وَقْتِ فِتْنَةِ ابْنِ الْقُشَيْرِيِّ، وَفِيهَا قُبِضَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْفِتْيَانِ ; كَانُوا قَدْ جَعَلُوا عَلَيْهِمْ رَئِيسًا يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْهَاشِمِيُّ، وَقَدْ كَاتَبُوهُ مِنَ الْأَقْطَارِ وَكَانَ السَّاعِي لَهُ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: ابْنُ رَسُولٍ، وَكَانُوا يَجْتَمِعُونَ عِنْدَ جَامِعِ بَرَاثَا فَخِيفَ مِنْ أَمْرِهِمْ أَنْ يَكُونُوا مُمَالِئِينَ لِلْمِصْرِيِّينَ فَأُمِرَ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِمْ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ خُتْلُغُ التُّرْكِيُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْأَخْضَرِ الْمُحَدِّثُ، سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ شَاذَانَ وَكَانَ عَلَى مَذْهَبِ الظَّاهِرِيَّةِ، وَكَانَ كَثِيرَ التِّلَاوَةِ حَسَنَ السِّيرَةِ مُتَقَلِّلًا مِنَ الدُّنْيَا قَنُوعًا، رَحِمَهُ اللَّهُ.
الصُّلَيْحِيُّ الْمُتَغَلِّبُ عَلَى الْيَمَنِ، أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُلَقَّبُ
পৃষ্ঠা - ১০০০৩
بِالصُّلَيْحِيِّ، كَانَ أَبُوهُ قَاضِيًا بِالْيَمَنِ وَكَانَ سُنِّيًّا، وَنَشَأَ هَذَا فَتَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَبَرَعَ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنَ الْعُلُومِ، وَكَانَ شِيعِيًّا عَلَى مَذْهَبِ الْقَرَامِطَةِ، ثُمَّ كَانَ يَدُلُّ بِالْحَجِيجِ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ قَدِ اشْتَهَرَ أَمْرُهُ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُ سَيَمْلِكُ الْيَمَنَ، فَنَجَمَ بِبِلَادِ الْيَمَنِ بَعْدَ قَتْلِهِ نَجَاحًا صَاحِبَ تِهَامَةَ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى بِلَادِ الْيَمَنِ بِكَمَالِهَا، فِي أَقْصَرِ مُدَّةٍ وَاسْتَوْثَقَ لَهُ الْمُلْكُ بِهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَخَطَبَ لِلْمُسْتَنْصِرِ الْعُبَيْدِيِّ صَاحِبِ مِصْرَ فَلَمَّا كَانَ فِي هَذَا الْعَامِ خَرَجَ إِلَى الْحَجِّ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ فَاعْتَرَضَهُ سَعِيدُ بْنُ نَجَاحٍ بِالْمَوْسِمِ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ فَقَاتَلَهُمْ فَقُتِلَ هُوَ وَأَخُوهُ وَاسْتَحْوَذَ سَعِيدُ بْنُ نَجَاحٍ عَلَى مَمْلَكَتِهِ وَحَوَاصِلِهِ، وَمِنْ شِعْرِ الصُّلَيْحِيِّ هَذَا قَوْلُهُ:
أَنْكَحْتُ بِيضَ الْهِنْدِ سُمْرَ رِمَاحِهِمْ ... فَرُءُوسُهُمْ عِوَضُ النِّثَارِ نِثَارُ
وَكَذَا الْعُلَا لَا يُسْتَبَاحُ نِكَاحُهَا ... إِلَّا بِحَيْثُ تُطَلَّقُ الْأَعْمَارُ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ الشِّبْلِ، أَبُو عَلِيٍّ الشَّاعِرُ الْبَغْدَادِيُّ، أَسْنَدَ الْحَدِيثَ وَلَهُ الشِّعْرُ الرَّائِقُ فَمِنْهُ قَوْلُهُ:
لَا تُظْهِرَنَّ لِعَاذِلٍ أَوْ عَاذِرٍ ... حَالَيْكَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ
فَلِرَحْمَةِ الْمُتَوَجِّعِينَ مَرَارَةٌ ... فِي الْقَلْبِ مِثْلُ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ
পৃষ্ঠা - ১০০০৪
وَلَهُ أَيْضًا:
يُفنِي الْبَخِيلُ بِجَمْعِ الْمَالِ مُدَّتَهُ ... وَلِلْحَوَادِثِ وَالْوُرَّاثِ مَا يَدَعُ
كَدُودَةِ الْقَزِّ مَا تَبْنِيهِ يَخْنُقُهَا ... وَغَيْرُهَا بِالَّذِي تَبْنِيهِ يَنْتَفِعُ
يُوسُفُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، أَبُو الْقَاسِمِ التَّفَكُّرِيُّ، مِنْ أَهْلِ زَنْجَانَ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَتَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَدَرَسَ الْفِقْهَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ تَلَامِذَتِهِ، وَكَانَ عَابِدًا وَرِعًا خَاشِعًا، كَثِيرَ الْبُكَاءِ عِنْدَ الذِّكْرِ مُقْبِلًا عَلَى الْعِبَادَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ.
পৃষ্ঠা - ১০০০৫
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا وَلِيَ أَبُو كَامِلٍ مَنْصُورُ بْنُ نُورِ الدَّوْلَةِ دُبَيْسٍ مَا كَانَ يَلِيهِ أَبُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ وَالْخَلِيفَةُ. وَفِيهَا مَلَكَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ مُسْلِمُ بْنُ قُرَيْشٍ حَرَّانَ وَصَالَحَ صَاحِبَ الرُّهَا 72.
وَفِيهَا فَتَحَ تُتُشُ بْنُ أَلْبِ أَرْسَلَانَ صَاحِبُ دِمَشْقَ مَدِينَةَ أَنْطَرْطُوسَ.
وَفِيهَا أَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ ابْنَ جَهِيرٍ إِلَى السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ يَخْطُبُ ابْنَتَهُ عَنْهُ، فَأَجَابَتْ أُمُّهَا إِلَى ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَا سُرِّيَّةٌ سِوَاهَا، وَأَنْ يَكُونَ مَبِيتُهُ عِنْدَهَا فَوَقَعَ الشَّرْطُ عَلَى ذَلِكَ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
دَاوُدُ بْنُ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ أَبُوهُ وَجْدًا عَظِيمًا، بِحَيْثُ إِنَّهُ كَادَ - أَوْ هَمَّ - أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ فَمَنَعَهُ الْأُمَرَاءُ مِنْ ذَلِكَ، وَانْتَقَلَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَأَمَرَ النِّسَاءَ بِالنَّوْحِ عَلَيْهِ وَلَمَّا وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى بَغْدَادَ جَلَسَ وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ لِلْعَزَاءِ.
الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ، سُلَيْمَانُ بْنُ خَلَفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَيُّوبَ التُّجِيبِيُّ
পৃষ্ঠা - ১০০০৬
الْأَنْدَلُسِيُّ الْبَاجِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْمُكْثِرِينَ فِي الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ، سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَرَحَلَ فِيهِ إِلَى بِلَادِ الْمَشْرِقِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَسَمِعَ هُنَاكَ الْكَثِيرَ، وَاجْتَمَعَ بِأَئِمَّةِ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَالْقَاضِي أَبِي الطِّيِّبِ الطَّبَرِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ سِنِينَ مَعَ الشَّيْخِ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ، وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ ثَلَاثَ سِنِينَ أَيْضًا وَبِالْمَوْصِلِ سَنَةً عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ السِّمْنَانِيُّ قَاضِيهَا فَأَخَذَ عَنْهُ الْفِقْهَ وَالْأُصُولَ وَسَمِعَ الْخَطِيبَ الْبَغْدَادِيَّ وَسَمِعَ مِنْهُ الْخَطِيبُ أَيْضًا وَرَوَى عَنْهُ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ الْحَسَنَيْنِ:
إِذَا كُنْتُ أَعْلَمُ عِلْمًا يِقِينًا ... بِأَنَّ جَمِيعَ حَيَاتِي كَسَاعَهْ
فَلِمْ لَا أَكُونُ ضَنِينًا بِهَا ... وَأَجْعَلُهَا فِي صَلَاحٍ وَطَاعَهْ
ثُمَّ عَادَ إِلَى بَلَدِهِ بَعْدَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَتَوَلَّى الْقَضَاءَ هُنَاكَ وَيُقَالُ: إِنَّهُ تَوَلَّى قَضَاءَ حَلَبَ أَيْضًا، قَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ قَالَ: وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ عَدِيدَةٌ مِنْهَا " الْمُنْتَقَى فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ " وَ " إِحْكَامُ الْفُصُولِ فِي أَحْكَامِ الْأُصُولِ " وَ " الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ " وَغَيْرُ ذَلِكَ وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِالْمَرِيَّةِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ بَيْنَ العِشَاءَيْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
পৃষ্ঠা - ১০০০৭
أَبُو الْأَغَرِّ دُبَيْسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ، الْمُلَقَّبُ نُورَ الدَّوْلَةِ، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانِينَ سَنَةً، مَكَثَ فِيهَا أَمِيرًا نَيِّفًا وَسِتِّينَ سَنَةً، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ أَبُو كَامِلٍ وَلُقِّبَ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِضْوَانَ، أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغْدَادِيُّ، كَانَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ وَمَرِضَ بِالشَّقِيقَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَمَكَثَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ لَا يَرَى ضَوْءًا وَلَا يَسْمَعُ صَوْتًا.
পৃষ্ঠা - ১০০০৮
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا قَدِمَ مُؤَيِّدُ الْمُلْكِ بْنُ نِظَامِ الْمُلْكِ فَنَزَلَ فِي مَدْرَسَةِ أَبِيهِ، وَضُرِبَتِ الطُّبُولُ عَلَى بَابِهِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الثَّلَاثِ.
وَفِيهَا نَفَذَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ رَسُولًا إِلَى السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ وَالْوَزِيرِ نِظَامِ الْمُلْكِ، وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ كُلَّمَا مَرَّ عَلَى بَلْدَةٍ خَرَجَ أَهْلُهَا يَتَلَقَّوْنَهُ بِأَوْلَادِهِمْ وَنِسَائِهِمْ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ وَيَتَمَسَّحُونَ بِرِكَابِهِ ; وَرُبَّمَا أَخَذُوا مِنْ تُرَابِ حَافِرِ بَغْلَتِهِ، وَلَمَّا وَصَلَ إِلَى سَاوَةَ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهَا، وَمَا مَرَّ بِسُوقٍ مِنْهَا إِلَّا نَثَرُوا عَلَيْهِ مِنْ لَطِيفِ مَا عِنْدَهُمْ حَتَّى اجْتَازَ بِسُوقِ الْأَسَاكِفَةِ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ إِلَّا مَدَاسَاتُ الصِّغَارِ فَنَثَرُوهَا عَلَيْهِ، فَجَعَلَ الشَّيْخُ يَتَعَجَّبُ مِنْ ذَلِكَ.
وَفِيهَا جُدِّدَتِ الْخِطْبَةُ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ لِبِنْتِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ ; فَطَلَبَتْ أُمُّهَا أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ ثُمَّ اتَّفَقَ الْحَالُ عَلَى خَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ لِلرَّضَاعِ وَأَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ.
وَفِيهَا حَارَبَ السُّلْطَانُ أَخَاهُ تُتُشَ فَأَسَرَهُ ثُمَّ أَطْلَقَهُ وَاسْتَقَرَّتْ يَدُهُ عَلَى دِمَشْقَ وَأَعْمَالِهَا وَحَجَّ بِالنَّاسِ خُتْلُغُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
পৃষ্ঠা - ১০০০৯
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ أَبُو عَمْرٍو الْحَافِظُ، مِنْ بَيْتِ الْحَدِيثِ، رَحَلَ إِلَى الْآفَاقِ وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَتُوُفِّيَ بِأَصْبَهَانَ، فِي هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
ابْنُ مَاكُولَا الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرٍ، عَلِيُّ بْنُ الْوَزِيرِ أَبِي الْقَاسِمِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَلِّكَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دُلَفَ بْنِ أَبِي دُلَفَ التَّمِيمِيُّ، الْأَمِيرُ سَعْدُ الْمُلْكِ، أَبُو نَصْرِ بْنُ مَاكُولَا، أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَسَادَاتِ الْأُمَرَاءِ، رَحَلَ وَطَافَ وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَصَنَّفَ " الْإِكْمَالَ " فِي الْمُشْتَبَهِ مِنْ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَهُوَ كِتَابٌ جَلِيلٌ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ وَلَا يُلْحَقُ فِيهِ، إِلَّا مَا اسْتَدْرَكَهُ عَلَيْهِ ابْنُ نُقْطَةَ فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ " الِاسْتِدْرَاكَ "،
قَتَلَهُ مَمَالِيكُهُ فِي كَرْمَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَعَاشَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ وَقِيلَ: إِنَّهُ قُتِلَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَقِيلَ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ قَالَ: وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ
পৃষ্ঠা - ১০০১০
وَزِيرَ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَعَمُّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَلِيَ قَضَاءَ بَغْدَادَ، قَالَ: وَلَمْ أَدْرِ لِمَ سُمِّيَ الْأَمِيرَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوبًا إِلَى جَدِّهِ الْأَمِيرِ أَبِي دُلَفَ، وَأَصْلُهُ مِنْ جَرْبَاذَقَانَ وَوُلِدَ فِي عُكْبَرَا فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ صَنَّفَ كِتَابَ " الْمُؤْتَنِفِ "، جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ كِتَابَيِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَعَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ فِي " الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ " فَجَاءَ ابْنُ مَاكُولَا وَزَادَ عَلَى الْخَطِيبِ وَسَمَّاهُ " الْإِكْمَالَ " وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِفَادَةِ وَرَفْعِ الِالْتِبَاسِ وَالضَّبْطِ، وَلَمْ يُوضَعْ مِثْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ هَذَا الْأَمِيرُ بَعْدَهُ إِلَى فَضِيلَةٍ أُخْرَى، فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى كَثْرَةِ اطِّلَاعِهِ وَضَبْطِهِ وَتَحْرِيرِهِ وَإِتْقَانِهِ، وَمِنْ شِعْرِهِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ قَوْلُهُ:
قَوِّضْ خِيَامَكَ عَنْ أَرْضٍ تُهَانُ بِهَا ... وَجَانِبِ الذُّلَّ إِنَّ الذُّلَّ يُجْتَنَبُ
وَارْحَلْ إِذَا كَانَ فِي الْأَوْطَانِ مَنْقَصَةٌ ... فَالْمَنْدَلُ الرَّطْبُ فِي أَوْطَانِهِ حَطَبُ
পৃষ্ঠা - ১০০১১
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا عُزِلَ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ ابْنُ جَهِيرٍ عَنْ وَزَارَةِ الْخِلَافَةِ فَسَارَ بِأَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ إِلَى السُّلْطَانِ وَقَصَدُوا نِظَامَ الْمُلْكِ وَزِيرَ السُّلْطَانِ فَعَقَدَ لِوَلَدِهِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ عَلَى بِلَادِ بَكْرٍ فَسَارَ إِلَيْهَا بِالْخِلَعِ وَالْكُوسَاتِ وَالْعَسَاكِرِ وَأَمَرَ أَنْ يَنْتَزِعَهَا مِنِ ابْنِ مَرْوَانَ وَأَنْ يُخْطَبَ لِنَفْسِهِ، وَأَنْ يُكْتَبَ اسْمُهُ عَلَى السِّكَّةِ فَمَا زَالَ حَتَّى انْتَزَعَهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَبَادَ مُلْكُهُمْ عَلَى يَدَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَسَدَّ وَزَارَةَ الْخِلَافَةِ أَبُو الْفَتْحِ مُظَفَّرٌ ابْنُ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ، ثُمَّ عُزِلَ فِي شَعْبَانَ وَاسْتُوْزِرَ أَبُو شُجَاعٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَلُقِّبَ ظَهِيرَ الدِّينِ
وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ وَلَّى مُؤَيِّدُ الْمُلْكِ أَبَا سَعِدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْمَأْمُونِ الْمُتَوَلِّي تَدْرِيسَ النِّظَامِيَّةِ بَعْدَ وَفَاةِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَفِيهَا عَصَى أَهْلُ حَرَّانَ عَلَى شَرَفِ الدَّوْلَةِ مُسْلِمِ بْنِ قُرَيْشٍ، فَجَاءَ فَحَاصَرَهَا فَفَتَحَهَا وَهَدَمَ سُورَهَا وَصَلَبَ قَاضِيَهَا ابْنَ جَلَبَةَ وَابْنَيْهِ عَلَىالسُّورِ.
পৃষ্ঠা - ১০০১২
وَفِي شَوَّالٍ مِنْهَا قُتِلَ أَبُو الْمَحَاسِنِ ابْنُ أَبِي الرِّضَا ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَشَى إِلَى السُّلْطَانِ فِي نِظَامِ الْمُلْكِ وَقَالَ لَهُ: سَلِّمْهُمْ إِلَيَّ حَتَّى أَسْتَخْلِصَ لَكَ مِنْهُمْ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ، فَعَمِلَ نِظَامُ الْمُلْكِ سِمَاطًا هَائِلًا وَاسْتَحْضَرَ غِلْمَانَهُ - وَكَانُوا أُلُوفًا - مِنَ الْأَتْرَاكِ وَشَرَعَ يَقُولُ لِلسُّلْطَانِ: هَذَا كُلُّهُ مِنْ أَمْوَالِكَ، وَمَا وَقَفْتُهُ مِنَ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ، فَكُلُّهُ شُكْرُهُ لَكَ فِي الدُّنْيَا وَأَجْرُهُ لَكَ فِي الْآخِرَةِ وَأَمْوَالِي وَجَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَأَنَا أَقْنَعُ بِمُرَقَّعَةٍ وَزَاوِيَةٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِقَتْلِ أَبِي الْمَحَاسِنِ - وَقَدْ كَانَ حَظِيٍّا عِنْدَهُ، وَخِصِّيصًا بِهِ، وَجِيهًا لَدَيْهِ - وَعَزَلَ أَبَاهُ عَنْ كِتَابَةِ الطُّغْرَاءِ وَوَلَّاهَا مُؤَيِّدَ الْمُلْكِ بْنَ نِظَامِ الْمُلْكِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْأَمِيرُ خُتْلُغُ التُّرْكِيُّ مُقْطَعُ الْكُوفَةِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ الْفِيرُوزَابَاذِيُّ - وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى فَارِسَ وَقِيلَ: هِيَ مَدِينَةُ جُورَ - شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ وَمُدَرِّسُ النِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَقِيلَ: خَمْسٍ وَقِيلَ:
পৃষ্ঠা - ১০০১৩
سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَتَفَقَّهَ بِفَارِسَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَيْضَاوِيِّ ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَتَفَقَّهَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنِ ابْنِ شَاذَانَ وَالْبَرْقَانِيِّ، وَكَانَ زَاهِدًا عَابِدًا وَرِعًا كَبِيرَ الْقَدْرِ مُعَظَّمًا مُحْتَرَمًا إِمَامًا فِي الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَالْحَدِيثِ وَفُنُونٍ كَثِيرَةٍ وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْكَثِيرَةُ النَّافِعَةُ، كَ " الْمُهَذَّبِ " فِي الْمَذْهَبِ وَ " التَّنْبِيهِ " وَ " النُّكَتِ " فِي الْخِلَافِ و " اللُّمَعِ " فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَ " التَّبْصِرَةِ " وَ " الْمَعُونَةِ " وَ " طَبَقَاتِ الْفُقَهَاءِ " وَغَيْرِ ذَلِكَ، قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرْتُ تَرْجَمَتُهُ مُسْتَقْصَاةً وَمُطَوَّلَةً فِي أَوَّلِ شَرْحِ " التَّنْبِيهِ ".
تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ فِي دَارِ أَبِي الْمُظَفَّرِ ابْنِ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ وَغَسَّلَهُ أَبُو الْوَفَا بْنُ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيُّ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِبَابِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ وَشَهِدَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ وَتَقَدَّمَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَبُو الْفَتْحِ الْمُظَفَّرُ ابْنُ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ وَكَانَ نَائِبَ الْوَزَارَةِ ثُمَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ مَرَّةً ثَانِيَةً بِجَامِعِ الْقَصْرِ وَدُفِنَ بِبَابِ أَبْرَزَ فِي تُرْبَةٍ مُجَاوِرَةٍ لِلنَّاحِيَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدِ امْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، وَكَانَ هُوَ نَفْسُهُ لَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ فَمِمَّا أَنْشَدَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ مِنْ شَعْرِهِ قَوْلُهُ:
سَأَلْتُ النَّاسَ عَنْ خِلٍّ وَفِيٍّ ... فَقَالُوا مَا إِلَى هَذَا سَبِيلُ
تَمَسَّكْ إِنْ ظَفِرْتَ بِذَيْلِ حُرٍّ ... فَإِنَّ الْحُرَّ فِي الدُّنْيَا قَلِيلُ
পৃষ্ঠা - ১০০১৪
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ وَلَمَّا تُوُفِّيَ عَمِلَ الْفُقَهَاءُ عَزَاءَهُ بِالْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ وَعَيَّنَ مُؤَيِّدُ الْمُلْكِ أَبَا سَعْدٍ الْمُتَوَلِّيَ مَكَانَهُ فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى نِظَامِ الْمُلْكِ كَتَبَ يَقُولُ: كَانَ مِنَ الْوَاجِبِ أَنْ تُغْلَقَ الْمَدْرَسَةُ سَنَةً لِأَجْلِهِ، وَأَمَرَ أَنْ يُدَرِّسَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ فِي مَكَانِهِ.
طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَوَّاسُ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ وَأَفْتَى وَدَرَّسَ وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ لِلْمُنَاظَرَةِ وَالْفَتْوَى وَكَانَ ثِقَةً وَرِعًا زَاهِدًا مُلَازِمًا لِمَسْجِدِهِ خَمْسِينَ سَنَةً. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَدُفِنَ قَرِيبًا مِنَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِيَّانَا.
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَبُو طَاهِرٍ الْأَنْبَارِيُّ الْخَطِيبُ وَيُعْرَفُ بِابْنِ أَبِي الصَّقْرِ، طَافَ الْبِلَادَ وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَكَانَ ثِقَةً صَالِحًا فَاضِلًا عَابِدًا وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ وَرَوَى عَنْهُ مُصَنَّفَاتِهِ تُوُفِّيَ بِالْأَنْبَارِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ عَنْ نَحْوٍ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ جَرْدَةَ، أَحَدُ كُبَرَاءِ الرُّؤَسَاءِ
পৃষ্ঠা - ১০০১৫
بِبَغْدَادَ وَهُوَ مِنْ ذَوِي الثَّرْوَةِ وَالْمُرُوءَةِ كَانَ يُحْزَرُ مَالُهُ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَكَانَ أَصْلُهُ مِنْ عُكْبَرَا فَسَكَنَ بَغْدَادَ وَكَانَتْ لَهُ بِهَا دَارٌ عَظِيمَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثِينَ مَسْكَنًا مُسْتَقِلًّا وَفِيهَا حَمَّامٌ وَبُسْتَانٌ وَلَهَا بَابَانِ عَلَى كُلِّ بَابٍ مَسْجِدٌ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فِي أَحَدِهِمَا لَا يُسْمَعُ الْآخَرُ مِنِ اتِّسَاعِهَا. وَقَدْ كَانَتْ زَوْجَةُ الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ - حِينَ وَقَعَتْ فِتْنَةُ الْبَسَاسِيرِيِّ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ - نَزَلَتْ عِنْدَهُ فِي جِوَارِهِ، فَبَعَثَ إِلَى الْأَمِيرِ قُرَيْشِ بْنِ بَدْرَانَ أَمِيرِ الْعَرَبِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِينَارٍ لِيَحْمِيَ لَهُ دَارَهُ وَهُوَ الَّذِي بَنَى الْمَسْجِدَ الْمَعْرُوفَ بِهِ بِبَغْدَادَ وَقَدْ خَتَمَ فِيهِ الْقُرْآنَ أُلُوفٌ مِنَ النَّاسِ وَكَانَ لَا يُفَارِقُ زِيَّ التُّجَّارِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي عَاشِرِ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ فِي التُّرْبَةِ الْمُجَاوِرَةِ لِتُرْبَةِ الْقَزْوِينِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِيَّانَا، آمِينَ.
পৃষ্ঠা - ১০০১৬
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ فَخْرِ الدَّوْلَةِ ابْنِ جَهِيرٍ وَبَيْنَ ابْنِ مَرْوَانَ صَاحِبِ دِيَارِ بِكْرٍ فَاسْتَوْلَى ابْنُ جَهِيرٍ عَلَى مُلْكِ الْعَرَبِ وَسَبَى حَرِيمَهُمْ وَأَخَذَ الْبِلَادَ وَمَعَهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ صَدَقَةُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ دُبَيْسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيُّ، فَافْتَدَى خَلْقًا مِنَ الْعَرَبِ فَشَكَرَهُ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ وَمَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ عَلَيْهِ.
وَفِيهَا بَعَثَ السُّلْطَانُ عَمِيدَ الدَّوْلَةِ ابْنَ جَهِيرٍ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ وَمَعَهُ قَسِيمُ الدَّوْلَةِ آقْ سَنْقُرُ جَدُّ بَنِي أَتَابِكَ مُلُوكِ الشَّامِ وَالْمَوْصِلِ فَسَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ فَمَلَكُوهَا.
وَفِي شَعْبَانَ مَلَكَ سُلَيْمَانُ بْنُ قُتْلُمُشَ أَنْطَاكِيَةَ فَأَرَادَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ مُسْلِمُ بْنُ قُرَيْشٍ أَنْ يَسْتَنْقِذَهَا مِنْهُ، فَهَزَمَهُ سُلَيْمَانُ وَقَتَلَهُ، وَكَانَ مُسْلِمٌ هَذَا مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ سِيرَةً، لَهُ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ وَالٍ وَقَاضٍ وَصَاحِبُ خَبَرٍ، وَكَانَ يَمْلِكُ مِنَ السِّنْدِيَّةِ إِلَى مَنْبِجَ وَوَلِيَ بَعْدَهُ أَخُوهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ قُرَيْشٍ، وَكَانَ مَسْجُونًا مِنْ سِنِينَ فَأُطْلِقَ وَمُلِّكَ.
وَفِيهَا وُلِدَ السُّلْطَانُ سَنْجَرُ بْنُ مَلِكْشَاهْ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ بِسِنْجَارَ.
পৃষ্ঠা - ১০০১৭
وَفِيهَا عَصَى تُكَشُ أَخُو السُّلْطَانِ، فَأَخَذَهُ السُّلْطَانُ فَسَمَلَهُ وَسَجَنَهُ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْأَمِيرُ خُمَارْتِكِينُ الْحَسَنَانِيُّ وَذَلِكَ لِشَكْوَى النَّاسِ مِنْ شِدَّةِ سَيْرِ خُتْلُغَ بِهِمْ، وَأَخْذِهِ الْمُكُوسَاتِ مِنْهُمْ. سَارَ مَرَّةً مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى مَكَّةَ فِي تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دُوسْتَ أَبُو سَعْدٍ النَّيْسَابُورِيُّ شَيْخُ الصُّوفِيَّةِ لَهُ رِبَاطٌ بِمَدِينَةِ نَيْسَابُورَ يَدْخُلُ مِنْ بَابِهِ الْجَمَلُ بِرَاكِبِهِ، وَحَجَّ مَرَّاتٍ عَلَى التَّجْرِيدِ، حِينَ انْقَطَعَتْ طَرِيقُ مَكَّةَ فَكَانَ يَأْخُذُ جَمَاعَةً مِنَ الْفُقَرَاءِ وَيَتَوَصَّلُ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ حَتَّى يَصِلَ مَكَّةَ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَوْصَى أَنْ يَخْلُفَهُ وَلَدُهُ إِسْمَاعِيلُ فَأُجْلِسَ فِي مَشْيَخَةِ الرِّبَاطِ وَلَهُ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَهُوَ الَّذِي وَقَفَ الْأَوْقَافَ عَلَى الرِّبَاطِ.
ابْنُ الصَّبَّاغِ صَاحِبُ " الشَّامِلِ " عَبْدُ السَّيِّدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَتَفَقَّّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ حَتَّى فَاقَ الشَّافِعِيَّةَ بِالْعِرَاقِ وَصَنَّفَ الْمُصَنَّفَاتِ الْمُفِيدَةَ ;
পৃষ্ঠা - ১০০১৮
مِنْهَا كِتَابُ " الشَّامِلِ " فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ دَرَّسَ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَدُفِنَ بِدَارِهِ فِي الْكَرْخِ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى بَابِ حَرْبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ فَقِيهَ الْعِرَاقَيْنِ، وَكَانَ يُضَاهَى بِالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَكَانَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَعْلَمَ مِنْهُ بِالْمَذْهَبِ، وَإِلَيْهِ الرِّحْلَةُ فِيهِ، وَقَدْ صَنَّفَ الشَّامِلَ فِي الْفِقْهِ وَالْعُمْدَةَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَتَوَلَّى تَدْرِيسَ النِّظَامِيَّةِ أَوَّلًا، ثُمَّ عُزِلَ بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا بِالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ، فَلَمَّا مَاتَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ تَوَلَّاهَا أَبُو سَعْدٍ الْمُتَوَلِّي، ثُمَّ عُزِلَ بِابْنِ الصَّبَّاغِ ثُمَّ عُزِلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِابْنِ الْمُتَوَلِّي، وَكَانَ ثِقَةً حُجَّةً صَالِحًا وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَأُضَرَّ فِي آخِرِ عُمْرِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
مَسْعُودُ بْنُ نَاصِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَعِيدٍ السِّجْزِيُّ الْحَافِظُ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَجَمَعَ الْكُتُبَ النَّفِيسَةَ وَكَانَ حَسَنَ الْخَطِّ صَحِيحَ النَّقْلِ حَافِظًا ضَابِطًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
পৃষ্ঠা - ১০০১৯
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا زُلْزِلَتْ أَرَّجَانُ فَهَلَكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الرُّومِ وَمَوَاشِيهِمْ، وَفِيهَا كَثُرَتِ الْأَمْرَاضُ بِالْحُمَّى وَالطَّاعُونِ بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ، وَأَعْقَبَ ذَلِكَ مَوْتُ الْفَجْأَةِ، ثُمَّ مَاتَتِ الْوُحُوشُ فِي الْبَرِيَّةِ، ثُمَّ تَلَاهُ مَوْتُ الْبَهَائِمِ حَتَّى عَزَّتِ الْأَلْبَانُ وَاللُّحْمَانُ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الرَّوَافِضِ وَالسُّنَّةِ فَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ.
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ هَاجَتْ رِيحٌ سَوْدَاءُ وَسَفَتْ رَمْلًا وَتَسَاقَطَتْ أَشْجَارٌ كَثِيرَةٌ مِنَ النَّخِيلِ وَغَيْرِهَا، وَوَقَعَتْ صَوَاعِقُ فِي الْبِلَادِ حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ ثُمَّ انْجَلَى ذَلِكَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَفِيهَا وُلِدَ لِلْخَلِيفَةِ وَلَدُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ وَزُيِّنَتْ بَغْدَادُ وَضُرِبَتِ الطُّبُولُ وَالْبُوقَاتُ وَكَثُرَتِ الصَّدَقَاتُ
وَفِيهَا اسْتَوْلَى فَخْرُ الدَّوْلَةِ ابْنُ جَهِيرٍ عَلَى بِلَادٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا آمِدُ وَمَيَّافَارِقِينُ وَجَزِيرَةُ ابْنِ عُمَرَ وَانْقَرَضَتْ دَوْلَةُ بَنِي مَرْوَانَ عَلَى يَدِهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَفِي ثَانِي عَشَرَ شَعْبَانَ مِنْهَا قُلِّدَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُظَفَّرٍ الشَّامِيُّ قَضَاءَ
পৃষ্ঠা - ১০০২০
الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ، بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيِّ وَخُلِعَ عَلَيْهِ فِي الدِّيوَانِ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْأَمِيرُ خُتْلُغُ التُّرْكِيُّ، وَزَارَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاهِبًا وَآيِبًا قَالَ أَظُنُّ أَنَّهَا آخِرُ حِجَجِي فَكَانَ كَذَلِكَ
وَفِيهَا خَرَجَ تَوْقِيعُ الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ بِتَجْدِيدِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي كُلِّ مَحَلَّةٍ وَالْأَمْرُ بِإِلْزَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالْغِيَارِ وَكَسْرِ الْمَلَاهِي وَإِرَاقَةِ الْخُمُورِ وَإِخْرَاجِ أَهْلِ الْفَسَادِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، أَبُو بَكْرٍ الْفُورَكِيُّ، سِبْطُ الْأُسْتَاذِ أَبِي بَكْرِ بْنِ فُورَكَ اسْتَوْطَنَ بَغْدَادَ، وَكَانَ مُتَكَلِّمًا يَعِظُ النَّاسَ فِي النِّظَامِيَّةِ فَوَقَعَتْ بِسَبَبِهِ فِتْنَةٌ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ مُؤْثِرًا لِلدُّنْيَا لَا يَتَحَاشَى مِنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مَكْسَ الْفَحْمِ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَهُ نَيِّفٌ وَسِتُّونَ سَنَةً وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ قَبْرِ الْأَشْعَرِيِّ بِمَشْرَعَةِ الرَّوَايَا.
পৃষ্ঠা - ১০০২১
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْدُوسِيُّ كَانَ رَئِيسَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَأَكْمَلَهُمْ مُرُوءَةً، كَانَ قَدْ خَدَمَ فِي أَيَّامِ بَنِي بُوَيْهِ وَتَأَخَّرَ إِلَى هَذَا الْحِينِ وَكَانَتِ الْمُلُوكُ تُعَظِّمُهُ وَتُكَاتِبُهُ بِعَبْدِهِ وَخَادِمِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَالْبِرِّ، وَبَلَغَ مِنَ الْعُمْرِ خَمْسًا وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَأَعَدَّ لِنَفْسِهِ قَبْرًا وَكَفَنًا قَبْلَ مَوْتِهِ بِخَمْسِ سِنِينَ.
أَبُو سَعْدٍ الْمُتَوَلِّي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمَأْمُونِ بْنِ عَلِيٍّ أَبُو سَعْدٍ الْمُتَوَلِّي مُصَنِّفُ " التَّتِمَّةِ " وَمُدَرِّسُ النِّظَامِيَّةِ بَعْدَ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَكَانَ فَصِيحًا بَلِيغًا مَاهِرًا بِعُلُومٍ كَثِيرَةٍ، كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الشَّامِيُّ. وَدُفِنَ بِبَابِ أَبْرَزَ.
إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَيُّوَيَهِ، أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ، وَجُوَيْنُ مِنْ قُرَى نَيْسَابُورَ، الْمُلَقَّبُ بِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ لِمُجَاوَرَتِهِ بِمَكَّةَ أَرْبَعَ سِنِينَ، كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ عَلَى وَالِدِهِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ، وَدَرَّسَ
পৃষ্ঠা - ১০০২২
بَعْدَهُ فِي حَلْقَتِهِ وَتَفَقَّهَ عَلَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَدَخَلَ بَغْدَادَ وَتَفَقَّهَ بِهَا وَرَوَى بِهَا الْحَدِيثَ، وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَجَاوَرَ فِيهَا أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى نَيْسَابُورَ فَسُلِّمَ إِلَيْهِ التَّدْرِيسُ وَالْخَطَابَةُ وَالْوَعْظُ، وَصَنَّفَ " نِهَايَةَ الْمَطْلَبِ فِي دِرَايَةِ الْمَذْهَبِ "، وَالْبُرْهَانَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ عُلُومٍ شَتَّى، وَاشْتَغَلَ عَلَيْهِ الطَّلَبَةُ وَرَحَلُوا إِلَيْهِ مِنَ الْأَقْطَارِ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ ثَلَاثُمِائَةِ مُتَفَقِّهٍ وَقَدِ اسْتَقْصَيْتُ تَرْجَمَتَهُ فِي " الطَّبَقَاتِ ".
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِدَارِهِ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى جَانِبِ وَالِدِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ كَانَتْ أُمُّهُ جَارِيَةً اشْتَرَاهَا وَالِدُهُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ مِنَ النَّسْخِ وَأَمَرَهَا أَلَّا يُرْضِعَهُ غَيْرُهَا فَاتَّفَقَ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَأَرْضَعَتْهُ مَرَّةً فَأَخَذَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فَنَكَسَهُ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ وَوَضَعَ أُصْبُعَهُ فِي حَلْقِهِ وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى اسْتَقَاءَ كُلَّ مَا كَانَ فِي بَطْنِهِ مِنْ لَبَنِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، قَالَ: فَرُبَّمَا حَصَلَ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي بَعْضِ مَجَالِسِ الْمُنَاظَرَةِ فُتُورٌ فَيَقُولُ: هَذَا مِنْ آثَارِ تِلْكَ الرَّضْعَةِ، قَالَ: وَلَمَّا عَادَ مِنَ الْحِجَازِ إِلَى بَلَدِهِ نَيْسَابُورَ سُلِّمَ إِلَيْهِ الْمِحْرَابُ وَالْمِنْبَرُ وَالْخَطَابَةُ وَالتَّدْرِيسُ وَمَجْلِسُ التَّذْكِيرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبَقِيَ ثَلَاثِينَ سَنَةً غَيْرَ مُزَاحَمٍ وَلَا مُدَافَعٍ وَصَنَّفَ فِي كُلِّ فَنٍّ، مِنْ ذَلِكَ " النِّهَايَةُ " الَّذِي مَا صُنِّفَ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلُهُ